المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : امل دنقل


samirazek
03/07/2006, 19h29
فقيد الشباب الشاعر أمل دنقـل
ولد في عام 1940 بقرية "القلعة", مركز "قفط" على مسافة قريبة من مدينة "قنا" في صعيد مصر
كان والده عالماً من علماء الأزهر, حصل على "إجازة العالمية" عام 1940, فأطلق اسم "أمل" على مولوده الأول تيمناً بالنجاحالذي أدركه في ذلك العام. وكان يكتب الشعر العمودي, ويملك مكتبةضخمة تضم كتب الفقه والشريعة والتفسير وذخائر التراث العربي, التيكانت المصدر الأول لثقافة الشاعر.
فقد أمل دنقل والده وهو في العاشرة, فأصبح, وهو في هذا السن, مسؤولاًعن أمه وشقيقيه.
أنهى دراسته الثانوية بمدينة قنا, والتحق بكلية الآداب في القاهرةلكنه انقطع عن متابعة الدراسة منذ العام الأول ليعمل موظفاً بمحكمة "قنا" وجمارك السويس والإسكندرية ثم موظفاً بمنظمة التضامنالأفرو آسيوي, لكنه كان دائم "الفرار" من الوظيفة لينصرفإلى "الشعر".
عرف بالتزامه القومي وقصيدته السياسية الرافضة ولكن أهمية شعر دنقلتكمن في خروجها على الميثولوجيا اليونانية والغربية السائدة في شعرالخمسينات, وفي استيحاء رموز التراث العربي تأكيداً لهويته القوميةوسعياً إلى تثوير القصيدة وتحديثها.
هاجمه مرض السرطان بضراوه وتوفي في القاهرة حيث توفي يوم السبت 21/4/1983
عرف لقارىء العربي شعره من خلال ديوانه الأول "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" (1969) الذي جسد فيه إحساس الإنسان العربي بنكسة 1967 وأكد ارتباطه العميق بوعي القارىء ووجدانه.وقد صدرت له ست مجموعات شعرية هي


البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" - بيروت 1969,
تعليق على ما حدث" - بيروت 1971,
مقتل القمر" - بيروت 1974,
العهد الآتي" - بيروت 1975,
أقوال جديدة عن حرب البسوس" - القاهرة 1983,
أوراق الغرفة 8" - القاهرة 1983. وهى مجموعة شعرية كتبها خلال فترة مرضه

وهاهى نمادج من شعره الدى لا ينسى
(المصادر :موقع صخر وموقع :جهات كوم وموقع آفاق عربيه..بتصرف)

البكاء بين يدى زرقاء اليمامه

العرافه المقدسه
أيتها العرافة المقدَّسةْ ..

جئتُ إليك .. مثخناً بالطعنات والدماءْ
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدّسة

منكسر السيف، مغبَّر الجبين والأعضاءْ.
أسأل يا زرقاءْ ..
عن فمكِ الياقوتِ عن، نبوءة العذراء
عن ساعدي المقطوع.. وهو ما يزال ممسكاً بالراية المنكَّسة
عن صور الأطفال في الخوذات.. ملقاةً على الصحراء
عن جاريَ الذي يَهُمُّ بارتشاف الماء..
فيثقب الرصاصُ رأسَه .. في لحظة الملامسة
عن الفم المحشوِّ بالرمال والدماء
أسأل يا زرقاء ..
عن وقفتي العزلاء بين السيف .. والجدارْ


عن صرخة المرأة بين السَّبي. والفرارْ ؟


كيف حملتُ العار..


ثم مشيتُ ؟ دون أن أقتل نفسي ؟ ! دون أن أنهار ؟

ودون أن يسقط لحمي .. من غبار التربة المدنسة ؟

تكلَّمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. باللهِ .. باللعنةِ .. بالشيطانْ
لا تغمضي عينيكِ، فالجرذان ..
تلعقَ من دمي حساءَها .. ولا أردُّها
تكلمي ... لشدَّ ما أنا مُهان
لا اللَّيل يُخفي عورتي .. ولا الجدران
ولا اختبائي في الصحيفة التي أشدُّها ..
ولا احتمائي في سحائب الدخان
.. تقفز حولي طفلةٌ واسعةُ العينين .. عذبةُ المشاكسة
( - كان يَقُصُّ عنك يا صغيرتي .. ونحن في الخنادْق
فنفتح الأزرار في ستراتنا .. ونسند البنادقْ
وحين مات عَطَشاً في الصحراء المشمسة ..
رطَّب باسمك الشفاه اليابسة ..
وارتخت العينان )
فأين أخفي وجهيَ المتَّهمَ المدان ؟
والضحكةُ الطروب : ضحكته..
والوجهُ .. والغمازتانْ ! ؟
* * *
أيتها النبية المقدسة ..
لا تسكتي .. فقد سَكَتُّ سَنَةً فَسَنَةً ..
لكي أنال فضلة الأمانْ
قيل ليَ "اخرسْ .."
فخرستُ .. وعميت .. وائتممتُ بالخصيان !
ظللتُ في عبيد ( عبسِ ) أحرس القطعان
أجتزُّ صوفَها ..
أردُّ نوقها ..
أنام في حظائر النسيان
طعاميَ : الكسرةُ .. والماءُ .. وبعض الثمرات اليابسة .
وها أنا في ساعة الطعانْ
ساعةَ أن تخاذل الكماةُ .. والرماةُ .. والفرسانْ
دُعيت للميدان !
أنا الذي ما ذقتُ لحمَ الضأن ..
أنا الذي لا حولَ لي أو شأن ..
أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان ،
أدعى إلى الموت .. ولم أدع إلى المجالسة
تكلمي أيتها النبية المقدسة
تكلمي .. تكلمي ..
فها أنا على التراب سائلً دمي
وهو ظمئً .. يطلب المزيدا .
أسائل الصمتَ الذي يخنقني :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟! "
أجندلاً يحملن أم حديدا .. ؟ "
فمن تُرى يصدُقْني ؟
أسائل الركَّع والسجودا
أسائل القيودا :
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟ "
" ما للجمال مشيُها وئيدا .. ؟ "
أيتها العَّرافة المقدسة ..
ماذا تفيد الكلمات البائسة ؟
قلتِ لهم ما قلتِ عن قوافل الغبارْ ..
فاتهموا عينيكِ، يا زرقاء، بالبوار
قلتِ لهم ما قلتِ عن مسيرة الأشجار ..
فاستضحكوا من وهمكِ الثرثار
وحين فُوجئوا بحدِّ السيف : قايضوا بنا ..
والتمسوا النجاةَ والفرار
ونحن جرحى القلبِ ،
جرحى الروحِ والفم .
لم يبق إلا الموتُ ..
والحطامُ ..
والدمارْ ..
وصبيةٌ مشرّدون يعبرون آخرَ الأنهارْ
ونسوةٌ يسقن في سلاسل الأسرِ،
وفي ثياب العارْ
مطأطئات الرأس.. لا يملكن إلا الصرخات الناعسة
ها أنت يا زرقاءْ
وحيدةٌ ... عمياءْ
وما تزال أغنياتُ الحبِّ .. والأضواءْ
والعرباتُ الفارهاتُ .. والأزياءْ
فأين أخفي وجهيَ المُشَوَّها
كي لا أعكِّر الصفاء .. الأبله.. المموَّها
في أعين الرجال والنساءْ !؟
وأنت يا زرقاء ..
وحيدة .. عمياء
وحيدة .. عمياء


تعليق على ما حدث في مخيم الوحدات

-1-

قلت لكم مرارا
إن الطوابير التي تمر..

في استعراض عيد الفطر والجلاء

(فتهتف النساء في النوافذ انبهارا)
لا تصنع انتصارا.
إن المدافع التي تصطف على الحدود، في الصحارى
لا تطلق النيران.. إلا حين تستدير للوراء.
إن الرصاصة التي ندفع فيها.. ثمن الكسرة والدواء
لا تقتل الأعداء
لكنها تقتلنا.. إذا رفعنا صوتنا جهارا
تقتلنا، وتقتل الصغارا
-2-

قلت لكم في السنة البعيدة
عن خطر الجندي
عن قلبه الأعمى، وعن همته القعيدة

يحرس من يمنحه راتبه الشهري
وزيه الرسمي
ليرهب الخصوم بالجعجعة الجوفاء
والقعقعة الشديدة
لكنه.. إن يحن الموت..
فداء الوطن المقهور والعقيدة
فر من الميدان
وحاصر السلطان
واغتصب الكرسي
وأعلن "الثورة" في المذياع والجريدة
-3-

قلت لكم كثيراً
إن كان لابد من هذه الذرية اللعينة
فليسكنوا الخنادقَ الحصينة

(متخذين من مخافر الحدود.. دوُرا)
لو دخل الواحدُ منهم هذه المدينة
يدخلها.. حسيرا
يلقى سلاحه.. على أبوابها الأمينة
لأنه.. لا يستقيم مَرَحُ الطفل..
وحكمة الأب الرزينة..
مع المُسَدسّ المدلّى من حزام الخصر..
في السوق..
وفى مجالس الشورى
قلت لكم..

لكنكم..
لم تسمعوا هذا العبث
ففاضت النار على المخيمات
وفاضت.. الجثث
وفاضت الخوذات والمدرعات


خطاب غير تاريخي على قبر صلاح الدين ها أنت تسترخي أخيراً

فوداعاً

يا صلاح الدين

يا أيها الطبل البدائي الذي تراقص الموتى

على إيقاعه المجنون
يا قارب الفلين
للعرب الغرقى الذين شتتتهم سفن القراصنة
وأدركتهم لعنة الفراعنة
وسنة .. بعد سنة
صارت لهم " حطين"
تميمة الطفل، وأكسير الغد العنين




(جبال التوباد حياك الحيا)


(وسقا الله ثرانا الأجنبي)

مرت خيول الترك

مرت خيول الشرك
مرت خيول الملك - النسر

مرت خيول التتر الباقين

ونحن - جيلاً بعد جيل - في ميادين المراهنة
نموت تحت الأحصنة
و أنت في المذياع، في جرائد التهوين
تستوقف الفارين
تخطب فيهم صائحاً : " حطين"
وترتدي العقال تارة
وترتدي ملابس الفدائئين
وتشرب الشاي مع الجنود
في المعسكرات الخشنة


وترفع الراية،


حتى تسترد المدن المرتهنة
وتطلق النار على جوادك المسكين

حتى سقطت - أيها الزعيم

واغتالتك أيدي الكهنة.


***

(وطني لو شغلت بالخلد عنه ..)
(نازعتني - لمجلس الأمن- نفسي)

***
نم يا صلاح الدين
نم ... تتدلى فوق قبرك الورود
كالمظليين

ونحن ساهرون في نافذة الحنين

نقشر التفاح بالسكين
ونسأل الله "القروض الحسن"
فاتحة


آمين

الجنوبي
صورة

هل أنا كنت طفلاً
أم أن الذي كان طفلاً سواي


هذه الصورة العائلية

كان أبي جالساً، وأنا واقفُ .. تتدلى يداي

رفسة من فرس
تركت في جبيني شجاً، وعلَّمت القلب أن يحترس
أتذكر
سال دمي
أتذكر
مات أبي نازفاً
أتذكر
هذا الطريق إلى قبره
أتذكر
أختي الصغيرة ذات الربيعين
لا أتذكر حتى الطريق إلى قبرها
المنطمس


أو كان الصبي الصغير أنا ؟


أن ترى كان غيري ؟
أحدق

لكن تلك الملامح ذات العذوبة

لا تنتمي الآن لي


و العيون التي تترقرق بالطيبة

الآن لا تنتمي لي
صرتُ عني غريباً
ولم يتبق من السنوات الغربية
الا صدى اسمي
وأسماء من أتذكرهم – فجأة
بين أعمدة النعي
أولئك الغامضون : رفاق صباي
يقبلون من الصمت وجها فوجها فيجتمع الشمل كل صباح
لكي نأتنس.


وجه

كان يسكن قلبي
وأسكن غرفته
نتقاسم نصف السرير
ونصف الرغيف
ونصف اللفافة
والكتب المستعارة
هجرته حبيبته في الصباح فمزق شريانه في المساء
ولكنه يعد يومين مزق صورتها
واندهش.
خاض حربين بين جنود المظلات
لم ينخدش
واستراح من الحرب
عاد ليسكن بيتاً جديداً
ويكسب قوتاً جديدا
يدخن علبة تبغ بكاملها
ويجادل أصحابه حول أبخرة الشاي
لكنه لا يطيل الزيارة
عندما احتقنت لوزتاه، استشار الطبيب
وفي غرفة العمليات
لم يصطحب أحداً غير خف
وأنبوبة لقياس الحرارة.


فجأة مات !

لم يحتمل قلبه سريان المخدر
وانسحبت من على وجهه سنوات العذابات

عاد كما كان طفلاً

سيشاركني في سريري
وفي كسرة الخبز، والتبغ
لكنه لا يشاركني .. في المرارة.


وجه

ومن أقاصي الجنوب أتى،
عاملاً للبناء
كان يصعد "سقالة" ويغني لهذا الفضاء

كنت أجلس خارج مقهى قريب

وبالأعين الشاردة
كنت أقرأ نصف الصحيفة
والنص أخفي به وسخ المائدة
لم أجد غير عينين لا تبصران
وخيط الدماء.


وانحنيت عليه أجس يده




قال آخر : لا فائدة
صار نصف الصحيفة كل الغطاء

و أنا ... في العراء

وجه
ليس أسماء تعرف أن أباها صعد
لم يمت
هل يموت الذي كان يحيا

كأن الحياة أبد

وكأن الشراب نفد
و كأن البنات الجميلات يمشين فوق الزبد
عاش منتصباً، بينما
ينحني القلب يبحث عما فقد.


ليت "أسماء"




تعرف أن أباها الذي
حفظ الحب والأصدقاء تصاويره

وهو يضحك

وهو يفكر
وهو يفتش عما يقيم الأود .
ليت "أسماء" تعرف أن البنات الجميلات
خبأنه بين أوراقهن
وعلمنه أن يسير
ولا يلتقي بأحد .


مرآة


-هل تريد قليلاً من البحر ؟
-إن الجنوبي لا يطمئن إلى اثنين يا سيدي
البحر و المرأة الكاذبة.-سوف آتيك بالرمل منه

وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً

فلم أستبنه.


-هل تريد قليلاً من الخمر؟




-إن الجنوبي يا سيدي يتهيب شيئين :
قنينة الخمر و الآلة الحاسبة.
-سوف آتيك بالثلج منه

وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً
فلم أستبنه

بعدما لم أجد صاحبي

لم يعد واحد منهما لي بشيئ


-هل نريد قليلاً من الصبر ؟




-لا ..
فالجنوبي يا سيدي يشتهي أن يكون الذي لم يكنه

يشتهي أن يلاقي اثنتين:

الحقيقة و الأوجه الغائبة.




زهور


وسلالٌ منَ الورِد,
ألمحُها بينَ إغفاءةٍ وإفاقه
وعلى كلِّ باقةٍ
اسمُ حامِلِها في بِطاقه
***
تَتَحدثُ لي الزَهراتُ الجميلهْ
أن أَعيُنَها اتَّسَعَتْ - دهشةً -
َلحظةَ القَطْف,
َلحظةَ القَصْف,
لحظة إعدامها في الخميلهْ!
تَتَحدثُ لي..
أَنها سَقَطتْ منْ على عرشِها في البسَاتين
ثم أَفَاقَتْ على عَرْضِها في زُجاجِ الدكاكينِ, أو بينَ أيدي المُنادين,
حتى اشترَتْها اليدُ المتَفضِّلةُ العابِرهْ
تَتَحدثُ لي..
كيف جاءتْ إليّ..
(وأحزانُها الملَكيةُ ترفع أعناقَها الخضْرَ)
كي تَتَمني ليَ العُمرَ!
وهي تجودُ بأنفاسِها الآخرهْ!!
***
كلُّ باقهْ..
بينَ إغماءة وإفاقهْ
تتنفسُ مِثلِىَ - بالكادِ - ثانيةً.. ثانيهْ
وعلى صدرِها حمَلتْ - راضيهْ...
اسمَ قاتِلها في بطاقهْ!



"ديسمبر "

(1)

تتساقط اوراق "ديسمبر " الباهتة

...............................

هو عمر من الريح
(هذا الذى بين ان تترك الورقة الغصن
حتى تلامس اطرافها حافة الارض )
عمر من الاضطراب
فافترشن جوارى - ايتها الباحثات عن الذات
وجه التراب
و تعالين ...نرو الاقاصيص
عن راحة الروح
عن لذة الاغتراب
و عبودية الاغصن الثابتة

(2)

اخذوا اصدقائى للسجن
لكنهم فى ليالى الحنين
يقبلون ، لنشرب كأسين
فى البار ذى الردهة الخالية
فاذا دقت الساعة الثانية
صفق الخدم المتعبون
فاختفى اصدقائى و هم يضحكون
- نلتقى ثانية
نلتقى الليلة التالية -

........................

بعدها خرجوا : انقطع الخيط من بيننا
و استطال السكون
كان ما بينهم : ذكريات .. و خبز مرير
و مسحة حزن
قلت : ها أصبحوا ورقآ ثابتآ فى شجيرة سجن
فمتى يفلتون
من الزمن المتوقف فى ردهات الجنون ؟؟

(3)

هاهو الرخ ذو المخلبين يحوم
ليحمل جثة ديسمبر الساخنة
هاهو الرخ يهبط
و السحب تلقى على الشمس طرحتها الداكنة


***

قالت الراهبات سلام على الارض
يا ايها الرخ : كم جثة حملتها مخالبك الابدية خلف الجبل ؟؟
ما الذى نحن نعطيك - يا ايها الرخ - منذ الازل؟
ما الذى نعطيك ؟
لا شئ الا توابيت لا شئ
الا المبادلة الخائبة
جثث تتراكم فى الضفة الساكنة
بينما نحن - نمتلك النور - عشب البحيرات - صوت الكناريا
-مجالسة الورد - انشودة المهد
رقص البنات الصغيرات فى العرس - تمتمة القط فى الصلوات- خرير الينابيع
هذا التساؤل عن لون عينين عاشقتين
كنافذتين على البحر - طعم القبل
بينما انت من ظلمة العدم الآسنة
تتلقى النفايات تلو النفايات دون كلل
عاجزآ عن ملامسة الفرح العذب
عن ان تبل جناحك فى مطر القلب
ان تتطهر بالرقة الفاتنة

(4)

قلت للورق المتساقط من ذكريات الشجر
اننى اترك الآن - مثلك - بيتى القديم
حيث تلقى بى الريح أرسو
و ليس معى غير
حزنى المقيم
و جواز السفر

لحرية والانتماء العربى
رأى ارمله الشاعر الراحل
الناقدة عبلة الروينى كشفت عن كون الحرية هى جوهر ما يبحث عنه امل دنقل طوال تجربته الشعرية، فهى صاحبة السيادة والاولوية المطلقة حتى على الاقانيم المقدسة، حيث الحق بتحقيقها والجمال نتيجة لتحققها، بل هى شرط التحقق العينى والتاريخى للحضور الانسانى، قال لى وقد سألته كيف تعيش كشاعر فى جو من الرفض ؟ انا اعتبر ان الشعر يجب ان يكون فى موقف المعارضة حتى لو تحققت القيم التى يحلم بها الشاعر، لان الشعر هو حلم بمستقبل اجمل، والواقع لا يكون جميلا الا فى عيون السذج.

واوضحت عبلة الروينى ان امل دنقل كان يعرف تماما الاشياء التى كسرتها قصيدته، ومنها الاحتقار الذى يكنه الشعراء الجدد للثقافية كقيمة موسيقية، فضلا عن كسره الانتماء للميثولوجيا اليونانية التى سادت فى رموز الشعر بالخمسينيات، وكسره احتقار الشعر السياسى الذى ساد فى اوائل الستينيات نتيجة للانحطاط اللغوى والفنى الذى ساد الشعر الوطنى بالخمسينيات، اضافة الى كسره ما يسمى بالمصرية والشعبية فى الشعر بالانتماء للحضارة العربية وتقاليد الشعر العربى، وعن اهم ملامح شخصيته التى لمستها كزوجة للشاعر تقول الروينى: انه فوضوى يحكمه المنطق، بسيط فى تركيبة شديدة، صريح وخفى فى آن واحد، كما انه انفعالى ومتطرف فى جرأة ووضوح، وكتوم لا تدرك ما بداخله ابدا، يملأ الاماكن ضجيجا وسخرية وضحكا وافراحا، صامت الى حد الشرود، يفكر مرتين وثلاثا فى ردود افعاله وافعال الاخرين، حزين حزنا لا ينتهى، صخرى شديد الصلابة، لا يخشى شيئا ولا يعرف الخوف ابدا، لكن من السهل ايلام قلبه، صعيدى محافظ، عنيد لا يتزحزح عما فى رأسه، عاشق للحياة، يحلم بالمستقبل والغد الاجمل مع قدر كبير من العدمية، يزدرى فيه كل شئ، ويدمر كل شئ، ويؤمن بحتمية موته.

عن "الشرق"27/5/2006






الفارس..
لا تنتظري ان يبتسم العابس
فالفارس ليس الفارس
مدي بانائك
عبر السلك الشائك
واسقيه من مائك
مدي طرف ردائك
حتى يصنع منه للقلب ضمادا
ويسد شقوق البرد القارس

تتوالي كل فصول العام على القلب الباكي
لم يستروح عبر الاشواك سوى رؤياكي
فعيناك,الفردوسان:هما الفصل الخامس
عيناك هما اخر نهر يسقيه
اخر بيت يؤيه
اخر زاد في التيه
اخر عراف يستفتيه




ضِدُّ منْ..?


في غُرَفِ العمليات,


كان نِقابُ الأطباءِ أبيضَ,


لونُ المعاطفِ أبيض,


تاجُ الحكيماتِ أبيضَ, أرديةُ الراهبات,


الملاءاتُ,


لونُ الأسرّةِ, أربطةُ الشاشِ والقُطْن,


قرصُ المنوِّمِ, أُنبوبةُ المَصْلِ,


كوبُ اللَّبن,


كلُّ هذا يُشيعُ بِقَلْبي الوَهَنْ.


كلُّ هذا البياضِ يذكِّرني بالكَفَنْ!


فلماذا إذا متُّ..


يأتي المعزونَ مُتَّشِحينَ..


بشاراتِ لونِ الحِدادْ?


هل لأنَّ السوادْ..


هو لونُ النجاة من الموتِ,


لونُ التميمةِ ضدّ.. الزمنْ,


***

ضِدُّ منْ..?


ومتى القلبُ - في الخَفَقَانِ - اطْمأَنْ?!


***

بين لونين: أستقبِلُ الأَصدِقاء..


الذينَ يرون سريريَ قبرا


وحياتيَ.. دهرا


وأرى في العيونِ العَميقةِ


لونَ الحقيقةِ


لونَ تُرابِ الوطنْ!


الطيور

(1)

الطيورُ مُشردةٌ في السَّموات,


ليسَ لها أن تحطَّ على الأرضِ,


ليسَ لها غيرَ أن تتقاذفَها فلواتُ الرّياح!


ربما تتنزلُ..


كي تَستريحَ دقائقَ..


فوق النخيلِ - النجيلِ - التماثيلِ -


أعمِدةِ الكهرباء -


حوافِ الشبابيكِ والمشربيَّاتِ


والأَسْطحِ الخرَسانية.


(اهدأ, ليلتقطَ القلبُ تنهيدةً,


والفمُ العذبُ تغريدةً


والقطِ الرزق..)


سُرعانَ ما تتفزّعُ..


من نقلةِ الرِّجْل,


من نبلةِ الطّفلِ,


من ميلةِ الظلُّ عبرَ الحوائط,


من حَصوات الصَّياح!)


***

الطيورُ معلّقةٌ في السموات


ما بين أنسجةِ العَنكبوتِ الفَضائيِّ: للريح


مرشوقةٌ في امتدادِ السِّهام المُضيئةِ


للشمس,


(رفرفْ..


فليسَ أمامَك -


والبشرُ المستبيحونَ والمستباحونَ: صاحون -


ليس أمامك غيرُ الفرارْ..


الفرارُ الذي يتجدّد. كُلَّ صباح!)


(2)

والطيورُ التي أقعدتْها مخالَطةُ الناس,


مرتْ طمأنينةُ العَيشِ فَوقَ مناسِرِها..


فانتخَتْ,


وبأعينِها.. فارتخَتْ,


وارتضتْ أن تُقأقَىَء حولَ الطَّعامِ المتاحْ


ما الذي يَتَبقي لهَا.. غيرُ سَكينةِ الذَّبح,


غيرُ انتظارِ النهايه.


إن اليدَ الآدميةَ.. واهبةَ القمح


تعرفُ كيفَ تَسنُّ السِّلاح!


(3)

الطيورُ.. الطيورْ


تحتوي الأرضُ جُثمانَها.. في السُّقوطِ الأخيرْ!


والطُّيُورُ التي لا تَطيرْ..


طوتِ الريشَ, واستَسلَمتْ


هل تُرى علِمتْ


أن عُمرَ الجنَاحِ قصيرٌ.. قصيرْ?!


الجناحُ حَياة


والجناحُ رَدى.


والجناحُ نجاة.


والجناحُ.. سُدى!


مقابلة خاصة مع ابن نوح

جاء طوفانُ نوحْ!


المدينةُ تغْرقُ شيئاً.. فشيئاً


تفرُّ العصافيرُ,


والماءُ يعلو.


على دَرَجاتِ البيوتِ


- الحوانيتِ -


- مَبْنى البريدِ -


- البنوكِ -


- التماثيلِ (أجدادِنا الخالدين) -


- المعابدِ -


- أجْوِلةِ القَمْح -


- مستشفياتِ الولادةِ -


- بوابةِ السِّجنِ -


- دارِ الولايةِ -


أروقةِ الثّكناتِ الحَصينهْ.


العصافيرُ تجلو..


رويداً..


رويدا..


ويطفو الإوز على الماء,


يطفو الأثاثُ..


ولُعبةُ طفل..


وشَهقةُ أمٍ حَزينه


الصَّبايا يُلوّحن فوقَ السُطوحْ!


جاءَ طوفانُ نوحْ.


هاهمُ "الحكماءُ" يفرّونَ نحوَ السَّفينهْ


المغنونَ- سائس خيل الأمير- المرابونَ- قاضى القضاةِ


(.. ومملوكُهُ!) -


حاملُ السيفُ - راقصةُ المعبدِ


(ابتهجَت عندما انتشلتْ شعرَها المُسْتعارْ)


- جباةُ الضرائبِ - مستوردو شَحناتِ السّلاحِ -


عشيقُ الأميرةِ في سمْتِه الأنثوي الصَّبوحْ!


جاءَ طوفان نوحْ.


ها همُ الجُبناءُ يفرّون نحو السَّفينهْ.


بينما كُنتُ..


كانَ شبابُ المدينةْ


يلجمونَ جوادَ المياه الجَمُوحْ


ينقلونَ المِياهَ على الكَتفين.


ويستبقونَ الزمنْ


يبتنونَ سُدود الحجارةِ


عَلَّهم يُنقذونَ مِهادَ الصِّبا والحضاره


علَّهم يُنقذونَ.. الوطنْ!


.. صاحَ بي سيدُ الفُلكِ - قبل حُلولِ


السَّكينهْ:


"انجِ من بلدٍ.. لمْ تعدْ فيهِ روحْ!"


قلتُ:


طوبى لمن طعِموا خُبزه..


في الزمانِ الحسنْ


وأداروا له الظَّهرَ


يوم المِحَن!


ولنا المجدُ - نحنُ الذينَ وقَفْنا


(وقد طَمسَ اللهُ أسماءنا!)


نتحدى الدَّمارَ..


ونأوي الى جبلٍِ لا يموت


(يسمونَه الشَّعب!)


نأبي الفرارَ..


ونأبي النُزوحْ!


كان قلبي الذي نَسجتْه الجروحْ


كان قَلبي الذي لَعنتْه الشُروحْ


يرقدُ - الآن - فوقَ بقايا المدينه


وردةً من عَطنْ


هادئاً..


بعد أن قالَ "لا" للسفينهْ


.. وأحب الوطن!


أوراق الغرفة 8

شجوية

لماذا يُتابِعُني أينما سِرتُ صوتُ الكَمانْ?


أسافرُ في القَاطراتِ العتيقه,


(كي أتحدَّث للغُرباء المُسِنِّينَ)


أرفعُ صوتي ليُغطي على ضجَّةِ العَجلاتِ


وأغفو على نَبَضاتِ القِطارِ الحديديَّةِ القلبِ


(تهدُرُ مثل الطَّواحين)


لكنَّها بغتةً..


تَتباعدُ شيئاً فشيئا..


ويصحو نِداءُ الكَمان!


***

أسيرُ مع الناسِ, في المَهرجانات:


أُُصغى لبوقِ الجُنودِ النُّحاسيّ..


يملأُُ حَلقي غُبارُ النَّشيدِ الحماسيّ..


لكنّني فَجأةً.. لا أرى!


تَتَلاشى الصُفوفُ أمامي!


وينسرِبُ الصَّوتُ مُبْتعِدا..


ورويداً..


رويداً يعودُ الى القلبِ صوتُ الكَمانْ!


***

لماذا إذا ما تهيَّأت للنوم.. يأتي الكَمان?..


فأصغي له.. آتياً من مَكانٍ بعيد..


فتصمتُ: هَمْهمةُ الريحُ خلفَ الشَّبابيكِ,


نبضُ الوِسادةِ في أُذنُي,


تَتراجعُ دقاتُ قَلْبي,..


وأرحلُ.. في مُدنٍ لم أزُرها!


شوارعُها: فِضّةٌ!


وبناياتُها: من خُيوطِ الأَشعَّةِ..


ألْقى التي واعَدَتْني على ضَفَّةِ النهرِ.. واقفةً!


وعلى كَتفيها يحطُّ اليمامُ الغريبُ


ومن راحتيها يغطُّ الحنانْ!


أُحبُّكِ,


صارَ الكمانُ.. كعوبَ بنادقْ!


وصارَ يمامُ الحدائقْ.


قنابلَ تَسقطُ في كلِّ آنْ


وغَابَ الكَمانْ!


المزامير - "العهد الآتي

سفر الخروج

(أغنية الكعكة الحجرية)

(الإصحاح الأول)

أيها الواقِفونَ على حافةِ المذبحهْ


أَشهِروا الأَسلِحهْ!


سَقطَ الموتُ; وانفرطَ القلبُ كالمسبحَهْ.


والدمُ انسابَ فوقَ الوِشاحْ!


المنَازلُ أضرحَةٌ,


والزنازن أضرحَةٌ,


والمدَى.. أضرِحهْ


فارفَعوا الأسلِحهْ


واتبَعُوني!


أنا نَدَمُ الغَدِ والبارحهْ


رايتي: عظمتان.. وجُمْجُمهْ,


وشِعاري: الصَّباحْ!


(الإصحاح الثاني)

دَقت الساعةُ المُتعبهْ


رَفعت أمُّه الطيبهْ


عينَها..!


(دفعتهُ كُعُوبُ البنادقِ في المركَبه!)


دقتِ السَّاعةُ المتْعبه


نَهَضتْ; نَسَّقتْ مكتبه..


صَفعته يَدٌ..


- أَدخلتْهُ يدُ اللهِ في التجرُبه!


دقَّت السَّاعةُ المُتعبه


جَلسَت أمهُ; رَتَقَتْ جوربهْ...


وخزنةُ عُيونُ المُحقَّقِ..


حتى تفجّر من جلدِه الدَّمُ والأجوبه!


دقَّتِ السَّاعةُ المتعبهْ!


دقَّتِ السَّاعة المتعبهْ!


(الإصحاح الثالث)

عِندما تهبطينَ على سَاحةِ القَومِ, لا تَبْدئيبالسَّلامْ.


فهمُ الآن يقتَسِمون صغارَك فوقَ صِحَافِ الطعام


بعد أن أشعَلوا النارَ في العشِّ..


والقشِّ..


والسُّنبلهْ.!


وغداً يذبحونكِ..


بحثاً عن الكَنزِ في الحوصله!


وغداً تَغْتَدي مُدُنُ الألفِ عامْ.!


مدناً.. للخِيام!


مدناً ترتقي دَرَجَ المقصلهْ!


(الإصحاح الرابع)

دقّتِ الساعةُ القاسيهْ


وقفوا في ميادينها الجهْمةِ الخَاويهْ


واستداروا على دَرَجاتِ النُّصُبْ


شجراً من لَهَبْ


تعصفُ الريحُ بين وُريقاتِه الغضَّةِ الدانيه


فَيئِنُّ: "بلادي.. بلادي"


بلادي البعيدهْ!


دقت الساعةُ القاسيهْ


"انظروا.."; هتفتْ غانيهْ


تتلوى بسيارة الرقَمِ الجُمركيِّ;


كلمات سبارتكوس الأخيرة

(مزج ثان):

مُعَلَّقٌ أنا على مشانقِ الصَّباحْ


وجبهتي - بالموتِ - مَحنيَّهْ


لأنني لم أَحْنِها.. حَيَّهْ!


***

يا إخوتي الذينَ يعبُرون في المِيدان مُطرِقينْ


مُنحدرين في نهايةِ المساءْ


في شارِع الإسكندرِ الأكبرْ


لا تخجلوا.. ولترْفعوا عيونَكم اليّ


لأنكم مُعلَّقونَ جانبي.. على مشانِق القيصَرْ.


فلترفعوا عيونَكم اليّ


لربما.. إذا التقتْ عيونُكم بالموتِ في عَينَيّ:


يبتسمُ الفناءُ داخلي.. لأنكمْ رفعتم رأسَكمْ.. مرَّهْ!


"سيزيفُ" لم تعدْ على أَكتافهِ الصَّخرهْ


يحملُها الذين يُولدونَ في مخادِع الرقيقْ.


والبحرُ.. كالصّحراءِ.. لا يروي العطَشْ


لأنَّ من يقولُ "لا" لا يرتوي إلاّ مَن الدُّموعْ!


.. فلترفعوا عيونَكم للثائرِ المشنوقْ


فسوف تنتهونَ مثلَه.. غدا


وقبّلوا زوجاتِكم.. هنا.. على قارعةِ الطريقْ


فسوف تنتهون ها هنا.. غدا


فالانحناءُ مُرّ..


والعنكبوتُ فوق أعناقِ الرّجالِ ينسجُ الردى


فقبِّلوا زوجاتِكم.. إني تركتُ زوجتي بلا وداعْ


وإن رأيتم طفليَ الذي تركتُه على ذراعِها بلا ذراعْ


فعلّموهُ الإنحناءْ!


علّموهُ الانحناءْ!


اللهُ. لم يغفر خطيئةَ الشيطانِ حين قال لا!


والودعاءُ الطيبونْ..


هم الذين يرِثون الأرضَ في نهايةِ المدى


لأنهم.. لا يُشنقون!


فعلّموهُ الإنحناءْ!


وليس ثَمَّ من مَفَرّ.


لا تحلُموا بعالمٍ سعيدْ


صفحات من كتاب الصيف والشتاء

1 - حمامة

حين سَرَتْ في الشارعِ الضَّوضاءْ


واندفَعَتْ سيارةٌ مَجنونةُ السَّائقْ


تطلقُ صوتَ بُوقِها الزاعقْ


في كبدِ الأَشياءْ:


تَفَزَّعَتْ حمامةٌ بيضاءْ


كانت على تمثالِ نهضةِ مصرْ..


تَحْلُمُ في استِرخاءْ


طارتْ, وحطَّتْ فوقَ قُبَّةِ الجامعةِ النُّحاسْ


لاهثةً, تلتقط الأَنفاسْ


وفجأةً: دندنتِ الساعه


ودقتِ الأجراسْ


فحلَّقتْ في الأُفْقِ.. مُرتاعهْ!


أيتُها الحمامةُ التي استقرَّتْ


فوقَ رأسِ الجسرْ


وعندما أدارَ شُرطيُّ المرورِ يَدَهُ..


ظنتُه ناطوراً.. يصدُّ الطَّيرْ


فامتَلأتْ رعباً!


أيتها الحمامةُ التَّعبى:


دُوري على قِبابِ هذه المدينةِ الحزينهْ


وأنشِدي للموتِ فيها.. والأسى.. والذُّعرْ


حتى نرى عندَ قُدومِ الفجرْ


جناحَكِ المُلقى..


على قاعدةِ التّمثالِ في المدينهْ


.. وتعرفين راحةَ السَّكينهْ!

غازي الضبع
30/04/2007, 08h24
خمس أغنيات إلى حبيبتي
علي جناح طائر
مسافر..
مسافر..
تأتيك خمس أغنيات حب
تأتيك كالمشاعر الضريرة
من غربة المصب
إليك: يا حبيبتي الاميره
الأغنية الأولى
مازلت أنت.....أنت
تأتلقين يا وسام الليل في ابتهال صمت
لكن أنا ،
أنا هنـــــــا:
بلا (( أنا ))
سألت أمس طفلة عن اسم شارع
فأجفلت..........ولم ترد
بلا هدى أسير في شوارع تمتد
وينتهي الطريق إذا بآخـر يطل
تقاطعُ
تقاطع
مدينتي طريقها بلا مصير
فأين أنت يا حبيبتي
لكي نسير
معا.....
فلا نعود،
لانصل.
الأغنية الثانية
تشاجرت امرأتان عند باب بيتنا
قولهما علي الجدران صفرة انفعال
لكن لفظا واحدا حيرني مدلوله
قالته إحداهن للأخرى
قالته فارتعشت كابتسامة الأسرى
تري حبيبتي تخونني
أنا الذي ارش الدموع ..نجم شوقنا
ولتغفري حبيبتي
فأنت تعرفين أن زمرة النساء حولنا
قد انهد لت في مزلق اللهيب المزمنة
وانت يا حبيبتي بشر
في قرننا العشرين تعشقين أمسيا ته الملونة
قد دار حبيبتي بخاطري هذا الكدر
لكني بلا بصر:
أبصرت في حقيبتي تذكارك العريق
يضمنا هناك في بحيرة القمر
عيناك فيهما يصل ألف رب
وجبهة ماسية تفنى في بشرتها سماحة المحب
أحسست أني فوق فوق أن اشك
وأنت فوق كل شك
وإني أثمت حينما قرأت اسم ذلك الطريق
لذا كتبت لك
لتغفري
الأغنية الثالثة
ماذا لديك يا هوى
اكثر مما سقيتني
اقمت بها بلا ارتحال
حبيبتي: قد جاءني هذا الهوى
بكلمة من فمك لذا تركته يقيم
وظل ياحبيبتي يشب
حتى يفع
حتى غدا في عنفوان رب
ولم يعد في غرفتي مكان
ما عادت الجدران تتسع
حطمت يا حبيبتي الجدران
حملته ، يحملني
الى مدائن هناك خلف الزمن
اسكرته ، اسكرني
من خمرة أكوابها قليلة التوازن
لم افلت
من قبضة تطير بي الى مدى الحقيقة
بأنني أصبت....اشتاق يا حبيبتي


الآخرون دائماً


لا تنظروا لي هكذا ،


إني أخاف..


لست أنا الذي سحقت الخصب في أطفالكم ،


جعلتهم خصيان


لست أن الذي نبشت القبر ،


كي أضاجع الجثمان


لست أنا الذي اختلست ليلة


لدى عشيقة الملك


فلتبحثوا عمن سيدلي باعتراف


الآخــــــــريــــــــن


( 1 )


هذا الصبي في فراشه اضطجع


وفي كتاب أحمر الغلاف


تجمدت عيناه في سطور :


***


((...وفجأة....ساد الظلام ...))


(( غالب لوبين نفسه......))


(( أشهر روجر مسدسة:


هل أطلق الرصاص بوبين ...))


(( ..ومزق الرصاص هدأة السكون ..))


(( صوت ارتطام جسم في الظلام ..))


(( صوت محرك يدور في نهاية الطري ..))


.....وهب من فراشه يطارد الشبح


فشبح رأسه في قائم السرير..


تحسس الدماء في جبهته،


ثم انبطح


ليطلق الرصاص خلف المجرمين..


( 2 )


صديقتي .. شدت على يدي ،


وقالت: لن أجىء غرفتك


لا بد أن نبقى معا إلى الأبد..


ولم أرد


لأن ثوب العرس في معارض الأزياء


نجمة تدور في سراب


لم أزل أدق بابا بعد باب..


وخطوتي تنهيدة،


وأعيني ضباب..


حتى وصلت غرفتي في آخر المطاف


وهرتي تلد..


مواؤها عذاب أثنى ليلة المخاض


أنثى وحيدة تلد..


وأخلد الجيران للسكون


وقطهم جاف على نافذة بين


يعلق في فروته الناصعة البياض


يعلق عن فروته عذاب هرتى المتحد


.. سعت إليه ذات ليلة،


ولم تسله ثوباً للزفاف


لأن ثوب العرس في معارض الأزياء


نجمة تدور في سراب


(3)


بلقيس ألهبت سليمان الحكيم


أنثى رمت بساطها المضباف للنجوم


لكن سليمان الحكيم..


يقتل غيلة أمير الجند


لأنه يريد أن يبنى بزوجة الأمير


وزوجة الأمير تغتال ابن بلقيس الصغير


لأنها تريد أن يكون طفلها ولى العهد


لكن ولى العهد قال لي


بأنه حين يفع


بلقيس راودته ذات ليلة عن نفسها


لم يستطع


أن يمتنع


..كانت غلالة من الحرير


تهتز فوق مشجب المساء


سألته:


هل تستطيع يا صديقي الإفشاء


عن ابن بلقيس ..أبوه من يكون؟


قال: أنا ما قلت شيئا،


ما فعلت شى


الآخرون....


***


لأنني أخاف

لا تنظروا لى هكذا،..فالآخرون

هم الذين يفعلون

عصفور طاير
06/08/2007, 17h20
رحم الله أمل دنقل.. صوت الأنين في قلوب البائسين.. شاعر النبوءة والاستشراف.. عندما تقرأه، لا تعرف من أين يأتيك الشجن، ولا تمتلك أن تتفاداه.. إنه سهم المشاعر الذي لا يخطئ، وقنينة الشعر التي لا تفرغ، ولكنها تعتصرك حتى الثمالة.. هو السهل الممتنع والممتع، الذي لم يكن ليستدعي الكلمات أو يجلبها ليصنع شعرا مدهشا، ولكن كانت الكلمات تتداعى عليه طواعية لتطرز عبر وجدانه الشفيف مشاعر خالصة.. وقد ترك هو لمتذوقيه المجال دون أن يلتفت، ليحتفوا بما يقول، وليسموه شعرا، أو يسموه نبوءة.

هاكم بعضا مما قال، ولنبحث معا عن مصدر الشجن الذي يتلبس من يقرأ الكلمات، رغم أنها – من عجب - تبدو عادية.. فلنقرأها:

شقيقتي " رجاء "
ماتت وهي دون الثالثة
ماتت وما يزال في دولاب أمي السرّي
صندلها الفضي
صديرها المشغول
قرطها
غطاء رأسها الصوفي
أرنبها القطني
وعندما أدخل بهو بيتنا الصامت
فلا أراها تمسك الحائط علّها تقف
أنسى بأنها ماتت
أقول: ربما نامت
أدور في الغرف
وعندما تسألني أمي بصوتها الخافت
أرى الأسى في وجهها الممتقع الباهت
وأستبين الكارثة***

وهاكم كلمات أخرى:

البسمة حلم
والشمس هي الدينار الزائف
في طبق اليوم
(من يمسح عنى عرقي.. في هذا اليوم الصائف؟)
والظل الخائف..
يتمدد من تحتي؛
يفصل بين الأرض.. وبيني!
وتضاءلتُ كحرف مات بأرض الخوف
(حاء.. باء)
(حاء.. راء.. ياء.. هاء)
الحرف: السيف
مازلت أرود بلاد اللون الداكن
أبحث عنه بين الأحياء الموتى والموتى الأحياء
حتى يرتد النبض إلى القلب الساكن
لكن..!!

وثالثة:

قلتُ: فليكن الحبُ في الأرض، لكنه لم يكن!
قلتُ: فليذهب النهرُ في البحرُ، والبحر في السحبِ،
والسحب في الجدبِ، والجدبُ في الخصبِ، ينبت
خبزاً ليسندَ قلب الجياع، وعشباً لماشية
الأرض، ظلا لمن يتغربُ في صحراء الشجنْ.
ورأيتُ ابن آدم - ينصب أسواره حول مزرعة
الله، يبتاع من حوله حرسا، ويبيع لإخوته
الخبز والماء، يحتلبُ البقراتِ العجاف لتعطى اللبن

قلتُ فليكن الحب في الأرض، لكنه لم يكن.
أصبح الحب ملكاً لمن يملكون الثمن!

ورأى الربُّ ذلك غير حسنْ

وهو أيضا من قال:

من يملك العملة
يمسك بالوجهين
والفقراءُ : بين .. بين
***

رحم الله الرجل





_______________
كتم الغنا هو اللي هايموتك

حارس الفنار
13/05/2008, 21h00
لكي نستطيع التواصل مع هذه القصيدة لا بد من إدراك الطريقة التي اعتمدها الشاعر المصري أمل دنقل في بناء هذه القصيدة ، حيث وظف الشاعرُ قصة كليب والزير سالم ـ القصة المعروفة ـ كرمز تاريخي أسقطه على حال العرب أيام الرئيس السادات ومعاهدة الصلح التي وقعاها مع إسرائيل ؛ والشاعر في هذه القصيدة يسجل موقفه الرافض لهذا السلام ، الذي ينتقص في رأيه من كرامة العرب وحقهم ؛ من خلال قصة الزير سالم وكليب ؛ فيرمز إلى حق العرب في قضية فلسطين والأراضي المحتلة [ بثأر كليب المغدور ] ؛ وإلى الرئيس السادات برمز [ الزير سالم ] باعتباره هو من أخذ على عاتقه الثأر لأخيه كليب ؛ ويطلب من السادات إلاَّ يقبل بالصلح أسوةً بما فعله الزير مع [ بني مرّة قتلة أخيه كليب ] الذين رمز بصورتهم في القصيدة إلى إسرائيل ، وقد مثلت شخصية [ اليمامة ] رمزًا لصورة من اصطلوا بسعير الحرب ـ بين مصر وإسرائيل ـ وفجعوا فيها بفقد أحبّتهم وذويهم ، أما كليب فقد أخذ الشاعر مكانه في القصيدة ؛ فَصِيغَتْ القصيدة على لسان كليب موجّهةً إلى أخيه الزير سالم ؛ بينما المقصود الحقيقي بالنص هو الرئيس السادات ؛ وهذا ما يُسمَّى في الأدب بـ ( الإسقاط من خلال الرمز التاريخي ) أي أنَّ الشاعر أسقط شخوص حكاية الزير وكليب وهي مأخوذة من واقعة تاريخية قديمة على حدث عاشه الشاعر في زمانه ؛ فأعاد توظيف الحكاية القديمة بأشخاصها ، من خلال صياغة جديدة لصالح الحدث الحاضر ، وليخاطب بهذه الرمزية أشخاصا عاصرهم ؛ ورأى فيهم صورةً لأبطال قصة الزير وكليب .



أبطال حكاية الزير وكليب الذين استخدمهم الشاعر كرموز في قصيدته

[ كليب ] الملك المقتول وقد صِيغت القصيدة على لسانه .
[ الزير سالم ] ؛ أخو كليب الذي تكفل بأخذ ثأركليب .
[ الجليلة ] أرملة كليب وهي من بني مرّة قتلة كليب .
[ اليمامة ] ابنة كليب . [ أبناء عم كليب والزير ] بنو مرّة .





مقتل كليب و ( الوصايا العشر )


.. فنظر "كليب" حواليه وتحسَّر، وذرف دمعة وتعبَّر، ورأى عبدًا واقفًا فقال له: أريد منك يا عبد الخير ، قبل أن تسلبني ، أن تسحبني إلى هذه البلاطة القريبة من هذا الغدير ، لأكتب وصيتي إلى أخي الأمير سالم الزير، فأوصيه بأولادي وفلذة كبدي .. فسحبه العبد إلى قرب البلاطة ، والرمح غارسٌ في ظهره ، والدم يقطر من جنبه .. فغمس "كليب" إصبعه في الدم ، وخطَّ على البلاطة وأنشأ يقول ..





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قصة الأمير سالم الزيرhttp://www.ewef.net/images/misc/progress.gif

mohammad yousri
04/09/2008, 06h52
عجبت لمنتدي الكنوز هذا ان لايوجد به موضوع عن الشاعر المصري الاصيل امل دنقل
و لذلك قررت ان اضيف احدي قصائده العاطفيه بل تعتبر هي اقرب القصائد الي قلبي
بعنوان طفلتها
و القصيده من ديوان مقتل القمر 1974

مرت خمس سنوات على الوداع وفجأة.. رأى طفلتها!)

لا تفّري من يدي مختبئة
.. خبت النار بجوف المدفأة
أنا..
(لو تدرين)
من كنتِ له طفله
لولا زمان فجأة
كان في كفي ما ضيعته
في وعود الكلمات المرجأة
كان في جنبي لم أدر به
.. أو يدري البحر قدر اللؤلؤة؟
إنما عمرك عمر ضائع من شبابي
في الدروب المخطئة
كلما فزت بعام
خسرت مهجتي عاماً
.. وأبقت صدأه
ثم لم نحمل من الماضي
سوى ذكريات في الأسى مهترئة
نتعزى بالدجى
إن الدجى للذي ضلّ مناه..
تكئه!! ***
العيون الواسعات الهادئة
والشفاه الحلوة الممتلئة:
فتنة طفلية
أذكرها
وهي عن سبعة عشر منبئة
إنني أعرفها
فاقتربي
فكلانا في طريق أخطأه
ساقني حمقي
وفي حلقي مرارة شوق
وأمان صدئه
فابسمي يا طفلتي
(منذ مضت... وابتسامات الضحى منطفئة)
ثرثري
(صوتك موسيقى حكت صوتها ذا النبرات المدفئة)
_((احكِ لي أحجيّة))
-لم يبق في جعبتي
غير الحكايا السيئة
فاسمعيها يا ابنتي مسرعةً
عبرت فيها الليالي.. مبطئة
.......................
((كان يا ما كان))
أنه كان فتى
لم يكن يملك إلا .. مبدأه
وفتاة ذات ثغر يشتهي قبلة الشمس
ليروي ظمأه
خفق الحب بها، فاستسلمت
وسرى الحب به، فاستمرأه
بهما قد صعدت مركبه للضحى
في قصة مبتدئة
وهو في شرفته مرتقب وهي في شباكها.. متكئة
نغمٌ منقسمٌ
لا ينتهي حلمٌ
إلا وحلم بدأه
صعدا
سلمة..ً
سلمةً..
في قصور الأمنيات المنشأة
لم تكن تملك إلا طهرها
لم يكن يملك إلا مبدأه

***
ذات يوم
كان أن شاهدها
من له أن يشتري نصف امرأة
حينما أوما لها مبتسماً
فأشاحت عنه
كالمستهزئة
اشتراها في الدجى
صاغرة
زفت السبعة عشر.. للمئة
لم يكن شاعرها فارسها
لم يكن يملك إلا ..
التهنئة
لم يكن يملك إلا مبدأه
ليس إلا..
كلمات مطفأة

***
أترى تدرين من كان الفتى؟
فهو يدري الآن يدري خطأهَ!
والتي بيعت وفي معصمها الوشم
فاعتاد الفؤاد الطأطأة؟!
ومن النخاس؟
هل تدرينه؟
وهو ملاح تناسى مرفأه
انني أكرهه
يكرهه ضوء مصباح نبيل أطفأه
غير أن الحقد..
(يا طفلتها)
كان في صوتك شيء.. رقأه
والمسيح المرتجى: قاتله
كان في عينيك عذر برّأه!
والذي ضاع من العمر سدى
جسدت فيك الليالي نبأه

***
من لتنهيد عذاب محرق
كلما داويت جرحاً، نكأه
فابسمي يا طفلتي
منذ مضت..
وابتسامات الضحى منطفئة
إنما العمر هباء
من سوى طفلة مثلك
تجلو صدأه!

ايهاب عامر
19/01/2009, 14h09
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

الاخوه الكرام اعدت قراءه هذه القصيده الرائعه للمبدع
امل دنقل التى قالها عند بدايه مباحثات السلام فى نهايات السبعينات
ادعوكم لتطالعوها

لاتصالح
أمل دنقل
(1)
لا تصالحْ!
ولو منحوك الذهبْ
أترى حين أفقأ عينيكَ
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،
هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،
الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..
وكأنكما
ما تزالان طفلين!
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..
تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!

(2)
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أعيناه عينا أخيك؟!
وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك
بيدٍ سيفها أثْكَلك؟
سيقولون:
جئناك كي تحقن الدم..
جئناك. كن -يا أمير- الحكم
سيقولون:
ها نحن أبناء عم.
قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيفَ في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك
فارسًا،
وأخًا،
وأبًا،
ومَلِك!

(3)
لا تصالح ..
ولو حرمتك الرقاد
صرخاتُ الندامة
وتذكَّر..
(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
أن بنتَ أخيك "اليمامة"
زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا-
بثياب الحداد
كنتُ، إن عدتُ:
تعدو على دَرَجِ القصر،
تمسك ساقيَّ عند نزولي..
فأرفعها -وهي ضاحكةٌ-
فوق ظهر الجواد
ها هي الآن.. صامتةٌ
حرمتها يدُ الغدر:
من كلمات أبيها،
ارتداءِ الثياب الجديدةِ
من أن يكون لها -ذات يوم- أخٌ!
من أبٍ يتبسَّم في عرسها..
وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..
وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،
لينالوا الهدايا..
ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)
ويشدُّوا العمامة..
لا تصالح!
فما ذنب تلك اليمامة
لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،
وهي تجلس فوق الرماد؟!


(4)
لا تصالح
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟
وكيف تصير المليكَ..
على أوجهِ البهجة المستعارة؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف؟
إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم -الآن- صار وسامًا وشارة
لا تصالح،
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
إن عرشَك: سيفٌ
وسيفك: زيفٌ
إذا لم تزنْ -بذؤابته- لحظاتِ الشرف
واستطبت- الترف

(5)
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدامْ
".. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام.."
عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار إن تتنفَّسْ
ولسانُ الخيانة يخرس
لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
كيف تنظر في عيني امرأة..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟
كيف تصبح فارسها في الغرام؟
كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام
-كيف تحلم أو تتغنى بمست??بلٍ لغلام
وهو يكبر -بين يديك- بقلب مُنكَّس؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
وارْوِ قلبك بالدم..
واروِ التراب المقدَّس..
واروِ أسلافَكَ الراقدين..
إلى أن تردَّ عليك العظام!

(6)
لا تصالح
ولو ناشدتك القبيلة
باسم حزن "الجليلة"
أن تسوق الدهاءَ
وتُبدي -لمن قصدوك- القبول
سيقولون:
ها أنت تطلب ثأرًا يطول
فخذ -الآن- ما تستطيع:
قليلاً من الحق..
في هذه السنوات القليلة
إنه ليس ثأرك وحدك،
لكنه ثأر جيلٍ فجيل
وغدًا..
سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،
يوقد النار شاملةً،
يطلب الثأرَ،
يستولد الحقَّ،
من أَضْلُع المستحيل
لا تصالح
ولو قيل إن التصالح حيلة
إنه الثأرُ
تبهتُ شعلته في الضلوع..
إذا ما توالت عليها الفصول..
ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)
فوق الجباهِ الذليلة!

(7)
لا تصالحْ، ولو حذَّرتْك النجوم
ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..
كنت أغفر لو أنني متُّ..
ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.
لم أكن غازيًا،
لم أكن أتسلل قرب مضاربهم
أو أحوم وراء التخوم
لم أمد يدًا لثمار الكروم
أرض بستانِهم لم أطأ
لم يصح قاتلي بي: "انتبه"!
كان يمشي معي..
ثم صافحني..
ثم سار قليلاً
ولكنه في الغصون اختبأ!
فجأةً:
ثقبتني قشعريرة بين ضعلين..
واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!
وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ
فرأيتُ: ابن عمي الزنيم
واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم
لم يكن في يدي حربةٌ
أو سلاح قديم،
لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ

(8)
لا تصالحُ..
إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:
النجوم.. لميقاتها
والطيور.. لأصواتها
والرمال.. لذراتها
والقتيل لطفلته الناظرة
كل شيء تحطم في لحظة عابرة:
الصبا - بهجةُ الأهل - صوتُ الحصان - التعرفُ بالضيف - همهمةُ القلب حين يرى برعماً في الحديقة يذوي - الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ - مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ
وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة
كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة
والذي اغتالني: ليس ربًا..
ليقتلني بمشيئته
ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته
ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة
لا تصالحْ
فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..
(في شرف القلب)
لا تُنتقَصْ
والذي اغتالني مَحضُ لصْ
سرق الأرض من بين عينيَّ
والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!

(9)
لا تصالحْ
ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخْ
والرجال التي ملأتها الشروخْ
هؤلاء الذين يحبون طعم الثريدْ
وامتطاء العبيدْ
هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم
وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخْ
لا تصالحْ
فليس سوى أن تريدْ
أنت فارسُ هذا الزمان الوحيدْ
وسواك.. المسوخْ!

(10)
لا تصالحْ
لا تصالحْ

رزق المصرى
22/01/2009, 09h37
تذكرت ايام زمان والاعمال الكاملة للعظيم امل دنقل
وكان الواحد ينام وفى حضنة الديوان
جلبت علينا المواجع

واليك من اوراق ابو نواس
من روائع امل دنقل ( اللة يرحمة )


( الورقة الأولى )



خارجين من الدرس كنا..
وحبر الطفولة فوق الرداء..
والعصــافــــير تمرق عبر البيوت..
وتهبط فوق النخيل البعيد..

"ملكٌ أم كتابة؟"، صاح بي..
فانتبهتُ..
ورفَّتْ ذُبابة حول عينين لامعتين..
فقلتْ : الكتابه..

فَتَحَ اليدَ مُبتَسماً:
كانَ وجهُ المليكِ السَّعيدْ بَاسِماً في مهابه !

"ملكٌ أم كتابة؟"، صحتُ فيه بدوري..
فرفرف في مُقلتيهِ الصِبَّا والنِجابه..
وأجابَ : الملكْ..
(دون أن يتلَعَثَمَ أو يرتَبِكْ !)

وفَتحتْ يدي..
كانَ نقشُ الكتابه..
بارزاً في صلابه !


دارت الأرضْ دوراتهَا..
حَمَلَتْنَاَ الشَّواديفُ من هدأة النهرِ..
ألقتْ بنا في جداول أرض الغَرَابه..
نتفرَّق بينَ حقول الأسى.. وحقول الصبابه..

والتقينا..
قطرتْين إلتقينا على سُلَّم القَصرِ..
ذاتَ مسَاء وحيدْ..
كُنتُ فيه : نديمَ الرشيد !
بينما صاَحِبي.. يتولى الحجابه!




( الورقة الثانية )

مَنْ يَمْلِكُ العُملهَ يُمسكُ بالوجهيْن !
والفقراءُ : بَيْنَ بيْنْ !




( الورقة الثالثة )

نائماً كنتُ جانبه : وسمعتُ الحرسْ يُوقِظُون أبي..

- خَارِجيُّ !
- أنا.. ؟!
- مَاَرِقٌ !!
- مَنْ ؟! أنا ؟!!!!

صَرَخَ الطِفلُ في صدرِ أمّي..
(وأمي َ محلولةُ الشَّعر.. واقفةُ في ملابسها المنزلية)

- إخرَسوا !

وإختبأنا وراءَ الجِدار..

- إخرَسوا !!

وتسللَ في الحلق خيطٌ من الدم..
كان أبي يُمسِكُ الجُرحَ..
يُمسكُ قامته.. ومَهَابَتَه العائليه !

- يا أبي..
- إخرسوا !

وتواريتُ في ثوب أمِّيَ..
والطِّفلُ في صدرها ما نَبَسْ..
ومَضوا بأبي..
تاركين لنا اليُتم.. مُتَّشِحاً بالخَرَس !!!




( الورقة الرابعة )

أيُهَا الشِعرُ..
يا أيُها الفَرَحُ المُخْتَلَسْ..
كُلُّ ما كُنتُ أكتُبُ في هذه الصفحة الورقيه..
صادرتهُ العَسسْ !




( الورقة الخامسة )

وأمي خادمةٌ فارسيَّة..
يَتَنَاقَلُ سَادتُها قهوةَ الحب وهي تدير الحَطبُ..
يتبادلُ سادتُها النظرات لأردَافِهِا بينما تنْحني لِتُضئ اللَّهب..
يتندَّر سادتُها الطيِّبون بلهجتها الأعجميَّه..

نائماً كُنتُ جانِبَها..
ولمحت ملاكَ القُدُسْ..
ينحني.. ويُرَبِّتَ وجنَتَها..
وتراخى الذراعانِ عني.. قليلاً.. قليلاً..
وسارتْ بقلبي قشعريرة الصمت:

- أمِّي !

وعَادَ لي الصوتُ..

- أمَّي !!!

وجاوبني الموتُ..

- أمَّي !!


وعانقتها.. وبكيتُ..
وغَامَ بي الدَّمعُ.. حتى إحتَبَسْ..




( الورقة السادسة )

لا تسألني إن كانَ القرآنْ مَخلوقاً.. أو أَزَليّ..
بل سَلْنِي إن كان السُّلطانْ لِصاً.. أو نِصفَّ نبيّ !!




( الورقة السابعة )

كنتُ في كَرْبلاْْء،
عندما قال لي الشيخُ إن الحُسينْ ماتَ من أجلِ جرعةِ ماءْ !

وتساءلتُ : كيف السيوفُ إستباحتْ بني الأكرمين ؟!
فأجاب الذي بصَّرتْه السَّماء :
إنه الذَّهب المتلألئُ في كلَّ عينْ..

إن تكُن كلماتُ الحسينْ..
وسُيوفُ الحُسينْ..
وجَلالُ الحُسينْ..
سَقَطَتْ.. دون أن تنقذ الحقَّ مِن ذَهب الأمراءْ..
أفتقدرُ أن تنقذ الحقَّ: ثرثرةُ الشُّعراء؟

والفُراتُ لسانٌ مِن الدم لا يجدُ الشَّفَتينْ!

ماتَ مِنْ أجلِ جرعة ماءْ !
فإسقني يا غُلام.. صباحَ مساء..
إسقني يا غُلام..
ربما بالمُدام.. أتناسى الدماءْ !!

..

آهٍ..
من يوقف في رأسي الطواحين..
ومن ينزع من قلبي السكاكين..
ومن يقتل أطفالي المساكين لئلا يكبروا في الشقق المفروشة الحمراء خدّامين..
من يقتل أطفالي المساكين لكيلا يصبحوا في الغد شحاذين..
يستجدون أصحاب الدكاكين وأبواب المرابين..
يبيعون لسيارات أصحاب الملايين الرياحين..
وفي المترو يبيعون الدبابيس وياسين..
وينسلون في الليل يبيعون الجعارين لأفواج الغزاة السائحين..

..

هذه الأرض التي ما وعد الله بها..
من خرجوا من صلبها..
وانغرسوا في تربها..
وانطرحوا في حبها مستشهدين..

فادخلوها بسلام آمنين..

ادخلوها بسلام آمنين..

يحيى زكي
26/03/2009, 07h16
أمل دنقل ـ الأعمال الكامله

مى باهر
15/05/2009, 20h20
أمل دنقل
( شاعر تجليات الموت )

براءة

أحس حيال عينيك
نشئ داخلي يبكى
أحس خطيئة الماضي تعرت بين كفيك
وعنقودا من التفاح في عينين خضرواين
أأنسى رحلة الآثام في عينين فردوسين ؟
وحتى أين ؟
تعذبني خطيئاتى .. بعيدا عن مواعيدك
وتحرقني اشتهاءاتى قريبا من عناقيدك !
وفى صدري
صبى أحمر الأظفار والماضي
يخطط في تراب الروح ،
في أنقاض أنقاضى !
وأنظر نحو عينيك
فترعشني طهارة حب
وتغرقني اختلاجة هدب
وألمح من خلال الموج وجه الرب
يؤنبني على نيران أنفاسي يقلبني
وأطرق ...
والصراع المر في جوفي يعذبني !!
أحدق في خطوط الصيف في شفتيك
ينمو داخلي الحرمان
( لهيب أدمى الشوق ، مصباحان يرتعشان )
وأهرب نحو عينيك
يطال عنى الندى والله والغفران !
وأسقط بين نهديك
وأبدل جلدي الثعبان
لتحترق الرؤى
وأغرق فيهما بالنار والشك
فتشوى رغبتي شيا
وأغمض عنك عينيا
واسند رأسي الملفوح في صدرك
فقد تترمد الأفكار في جمرك
وأحرق جنة المأوى

فيا ذات العيون الخضر
دعي عينيك مغمضتين فوق السر
... لأصبح حر !!

عصفور طاير
16/05/2009, 02h17
الأخت مي..
قصيدة "براءة" للشاعر أمل دنقل من ديوانه الأول "مقتل القمر"
ما أجمل اختياراتك.. وما أروع شاعرك
فلا يمكن أن يذكر اسم أمل دنقل دون أن نتوقف أمامه خاشعين مطرقين.. إنه شاعر بجينات نبي، استطاع – وحده – أن يصيغ من طين الواقع أيقونات شعرية ترقى إلى جوهر النبوءة، توقف عندها زمن الشعر، كما توقف عند امرؤ القيس وجرير وأبي تمام والمتنبي وأحمد شوقي، فقد أتى أيضا بما لم يستطعه الأوائل.. فروحه أبدية الألم، لم تترك حرفا مما خطت يداه إلا ونفخت فيه سحرها الخاص، فكما كان فريدا متفردا حين ظهر، وضع كل الشعراء اللاحقين في مأزق، فلا أحد يمكنه تقليده لأنه معجز، ولا أحد يمكنه أن يتجاوز أغراضه لأنه جامع مانع، فلم يعد أمام لاحقيه من الشعراء إلا أن يأتوا بجديد يتجاوزه، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
فأمل دنقل صنع من مفردات الحياة وتفاصيلها الصغيرة شعرا، واعتصر وجدانه فأصبح أنين المهمشين وصوت البائسين، وتسامت روحه فانكشف عليه الماضي واستشرف المستقبل.
رحم الله أمل دنقل، فأراه بين الشعراء كمثل أبي ذر الغفاري بين الصحابة.. يمشي وحده، ويموت وحده، ويُبعث يوم القيامة وحده.


وإليك من الشاعر هذه الشجوية


لماذا يُتابِعُني أينما سِرتُ صوتُ الكَمانْ?
أسافرُ في القَاطراتِ العتيقه,
(كي أتحدَّث للغُرباء المُسِنِّينَ)
أرفعُ صوتي ليطغي على ضجَّةِ العَجلاتِ
وأغفو على نَبَضاتِ القِطارِ الحديديَّةِ القلبِ
(تهدُرُ مثل الطَّواحين)
لكنَّها بغتةً..
تَتباعدُ شيئاً فشيئا..
ويصحو نِداءُ الكَمان!
***
أسيرُ مع الناسِ, في المَهرجانات:
أُُصغى لبوقِ الجُنودِ النُّحاسيّ..
يملأُُ حَلقي غُبارُ النَّشيدِ الحماسيّ..
لكنّني فَجأةً.. لا أرى!
تَتَلاشى الصُفوفُ أمامي!
وينسرِبُ الصَّوتُ مُبْتعِدا..
ورويداً..
رويداً يعودُ الى القلبِ صوتُ الكَمانْ!
***
لماذا إذا ما تهيَّأت للنوم.. يأتي الكَمان?..
فأصغي له.. آتياً من مَكانٍ بعيد..
فتصمتُ: هَمْهمةُ الريحُ خلفَ الشَّبابيكِ,
نبضُ الوِسادةِ في أُذنُي,
تَتراجعُ دقاتُ قَلْبي,..
وأرحلُ.. في مُدنٍ لم أزُرها!
شوارعُها: فِضّةٌ!
وبناياتُها: من خُيوطِ الأَشعَّةِ..
ألْقى التي واعَدَتْني على ضَفَّةِ النهرِ.. واقفةً!
وعلى كَتفيها يحطُّ اليمامُ الغريبُ
ومن راحتيها يغطُّ الحنانْ!
أُحبُّكِ,
صارَ الكمانُ.. كعوبَ بنادقْ!
وصارَ يمامُ الحدائقْ
قنابلَ تَسقطُ في كلِّ آنْ
وغَابَ الكَمانْ!

بوعاليا
22/09/2009, 18h08
غريب امر هذا الشاعر الكبير رحمه الله ، فكل مره أقرأ أو اسمع قصيدة له فاحسها بطريقة مختلفه عن المره السابقه0
والى حضراتكم احدى قصائد الشاعر امل دنقل من ديــــــــوان (العهد الاتى)
صلاه
ابانا الذى فى المباحث
نحن رعاياك0باق لك الجبروت
وباقى لنا الملكوت
وباقى لمن تحرس الرهبوت
***
تفردت وحدك باليسر
ان اليمين لفى الخسر
اما اليسار لفى العسر
الا0 الذين يماشون
الا الذين يعيشون يحشون بالصحف المشتراه العيون
فيعيشون
الا الذين يوشون
والا الذين يوشن ياقات قمصانهم برباط السكوت!
تعاليت
ماذا يهمك ممن يذمك؟
اليوم يومك
يرقى السجين الى سده العرش00
العرش يصبح سجنا جديدا00
وانت مكانك
قد يتبدل رسمك واسمك
لكن جوهرك الفرد
لا يتحول
الصمت وشمك0 و الصمت وسمك
والصمت -حيث التفت-يرين ويسمك
و الصمت بين خيوط يديك المشبكتين يلف الفراشه و العنكبوت
***
ابانا الذى فى المباحث
كيف تموت
واغنيه الثورة الابديه
ليست تموت!؟
المرجع (امل دنقل- الاعمال الشعريه)

ليلى ابو مدين
02/09/2010, 20h55
صفحات من كتاب الصيف والشتاء
أمل دنقل


1 - حمامة


حين سَرَتْ في الشارعِ الضَّوضاءْ

واندفَعَتْ سيارةٌ مَجنونةُ السَّائقْ

تطلقُ صوتَ بُوقِها الزاعقْ

في كبدِ الأَشياءْ:

تَفَزَّعَتْ حمامةٌ بيضاءْ

(كانت على تمثالِ نهضةِ مصرْ..

تَحْلُمُ في استِرخاءْ)

طارتْ, وحطَّتْ فوقَ قُبَّةِ الجامعةِ النُّحاسْ

لاهثةً, تلتقط الأَنفاسْ

وفجأةً: دندنتِ الساعه

ودقتِ الأجراسْ

فحلَّقتْ في الأُفْقِ.. مُرتاعهْ!

أيتُها الحمامةُ التي استقرَّتْ

فوقَ رأسِ الجسرْ

(وعندما أدارَ شُرطيُّ المرورِ يَدَهُ..

ظنتُه ناطوراً.. يصدُّ الطَّيرْ

فامتَلأتْ رعباً!)

أيتها الحمامةُ التَّعبى:

دُوري على قِبابِ هذه المدينةِ الحزينهْ

وأنشِدي للموتِ فيها.. والأسى.. والذُّعرْ

حتى نرى عندَ قُدومِ الفجرْ

جناحَكِ المُلقى..

على قاعدةِ التّمثالِ في المدينهْ

.. وتعرفين راحةَ السَّكينهْ!
***

ليلى ابو مدين
02/09/2010, 21h05
العينان الخضراوان
أمل دنقل


العينان الخضراوان


مروّحتان

في أروقة الصيف الحرّان

أغنيتان مسافرتان

أبحرتا من نايات الرعيان

بعبير حنان

بعزاء من آلهة النور إلى مدن الأحزان

سنتان

و أنا أبني زورق حبّ

يمتد عليه من الشوق شراعان

كي أبحر في العينين الصافيتين

إلى جزر المرجان

ما أحلى أن يضطرب الموج فينسدل الجفنان

و أنا أبحث عن مجداف

عن إيمان !

***

في صمت " الكاتدرائيات " الوسنان

صور " للعذراء " المسبّلة الأجفان

يا من أرضعت الحبّ صلاة الغفران

و تمطي في عينيك المسبّلتين

شباب الحرمان

ردّي جفنيك

لأبصر في عينيك الألوان

أهما خضراوان

كعيون حبيبي ؟

كعيون يبحر فيها البحر بلا شطآن

يسأل عن الحبّ

عن ذكرى

عن نسيان !

و العينان الخضراوان

مروّحتان !
***

ليلى ابو مدين
12/09/2010, 15h57
استريحي !
أمل دنقل

http://www.w6w.net/album/45/w6w_w6w_2005050301423130962432fc2e.jpg

استريحي


ليس للدور بقيّة

انتهت كلّ فصول المسرحيّة

فامسحي زيف المساحيق

و لا ترتدي تلك المسوح المرميّة

و اكشفي البسمة عمّا تحتها

من حنين .. و اشتهاء .. و خطيّة

كنت يوما فتنة قدسّتها

كنت يوما

ظمأ القلب .. وريّه

***

لم تكوني أبدا لي

إنّما كنت للحبّ الذي من سنتين

قطف التفاحتين

ثمّ ألقى

ببقايا القشرتين

و بكى قلبك حزنا

فغدا دمعة حمراء

بين الرئتين

و أنا ؛ قلبي منديل هوى

جففت عيناك فيه دمعتين

و محت فيه طلاء الشّفتين

و لوته ..

في ارتعاشات اليدين

كان ماضيك جدار فاصلا بيننا

كان ضلالا شبحيّه

فاستريحي

ليس للدور بقيّة

أينما نحن جلسنا

ارتسمت صورة الآخر في الركن القصيّ

كنت تخشين من اللّمسة

أن تمحي لمسته في راحتي

و أحاديثك في الهمس معي

إنّما كانت إليه ..

لا إليّ

فاستريحي

لم يبق سوى حيرة السير على المفترق

كيف أقصيك عن النار

و في صدرك الرغبة أن تحتلاقي ؟

كيف أدنيك من النهر

و في قلبك الخوف و ذكرى الغارق ؟

أنا أحببتك حقّا

إنّما لست أدري

أنا .. أم أنت الضحيّة ؟

فاستريحي ، ليس للدور بقيّة
*****

ليلى ابو مدين
12/09/2010, 16h06
أوتوجراف

أمل دنقل

http://roro44.com/card/piccard/msha3r/9rt-brq.jpg


لن أكتب حرفا فيه


فالكلمة – إن تكتب – لا تكتب

من أجل الترفيه

( و الأوتوجراف الصامت تنهدل الكلمات عليه ،

تحيّيه

و تطرّز كلّ مثانيه !

ماضيك

و ماضي الأوتوجراف –

بقايا شوق مشبوه

بصمات الذكرى فيك ، وفيه

و خطى العشّاق المحمومه أدمت كلّ دواليه

لكنّي أطرد كلّ ذباب الماضي عن بابي

فدعيه

غيري قد يصبح سطرا من ورق

يقلّبه من يجهله أو من يدريه

غيري قد ينبش تابوتا برّاق اللّون

تعفّن خافيه

لكنّي أطرد كلّ ذباب الذكرى

عن غدي المشدوه

عن ثوبي ، و طعامي ، و فراشي

عن خطوة تيهى

.................

يا أصغر من كلماتي

لن أكتب فيه

فخطى العشّاق المحمومة أدمت كلّ دواليه !
*****

بشير عياد
12/09/2010, 17h30
نرجو من كلِّ الأصدقاءِ الذين يقومونَ بإضافةِ أعمالٍ لكبارِ الشعراء ، أن يحرصوا على سلامةِ اللغةِ ونقاءِ القصائدِ من الأخطاءِ النحويّةِ أو الإملائيّةِ ، حتى لا نشوّهَ أعمالَ الكبارِ وننقلها إلى الآخرين بشكلٍ مسيءٍ لهم ، وللشعرِ ، هذا الفنِّ الذي يشكّلُ جزءًا مهمًّا من حضارةِ الأمّة .
مع خالصِ التقديرِ لكلِّ مجهودٍ مخلصٍ ، ولكلِّ نيَّةٍ صادقة .

ليلى ابو مدين
12/09/2010, 18h03
الشاعر الكبير الاستاذ
بشير عياد
سلام الله عليك ورحمته وبركاته

عفواً أستاذي الجليل أذا كان هناك أخطاء لغويه في القصائد التي أضيفها
الى المنتدى فأنا لست متخصصه في اللغة العربيه ولكني أحاول بقدر الامكان
أن أصحح الاخطاء الاملائيه المكتوب بها هذه القصائد في المواقع المختلفه
على الانترنت.
أرجوك أذا كان هناك خطأ لغوي فأنا أتمنى عليك أن تمر سيادتك على هذه
القصائد وتصححها حتى لا نشوه أعمال الكبار كما ذكرت
سيادتك سابقاً
وأرجوك تقبل خالص إعتذاري..فالنيه صادقه فعلاً فيما أكتب وحباً
في الشعر.
ولك مني جزيل الشكر
مع خالص تحياتي واحتراماتي
ليلى ابو مدين
***

صالح الحرباوي
12/09/2010, 18h13
الشاعر الكبير الاستاذ

بشير عياد
سلام الله عليك ورحمته وبركاته

عفواً أستاذي الجليل أذا كان هناك أخطاء لغويه في القصائد التي أضيفها
الى المنتدى فأنا لست متخصصه في اللغة العربيه ولكني أحاول بقدر الامكان
أن أصحح الاخطاء الاملائيه المكتوب بها هذه القصائد في المواقع المختلفه
على الانترنت.
أرجوك أذا كان هناك خطأ لغوي فأنا أتمنى عليك أن تمر سيادتك على هذه
القصائد وتصححها حتى لا نشوه أعمال الكبار كما ذكرت
سيادتك سابقاً
وأرجوك تقبل خالص إعتذاري..فالنيه صادقه فعلاً فيما أكتب وحباً
في الشعر.
ولك مني جزيل الشكر
مع خالص تحياتي واحتراماتي
ليلى ابو مدين

***

الأخت الفاضلة ليلى أبو مدين
لهذا السبب ولأسباب أخرى .. فإن إدارة منتدى سماعي تهيب بأعضائها الكرام
(الإعلان على رأس الصفحة) للإمتناع عن النقل من المواقع الخارجية والتركيز على ما هو نادر
وغير متاح بغزارة على الشبكة ..
وشكرا

ليلى ابو مدين
12/09/2010, 18h44
الأخت الفاضلة ليلى أبو مدين
لهذا السبب ولأسباب أخرى .. فإن إدارة منتدى سماعي تهيب بأعضائها الكرام
(الإعلان على رأس الصفحة) للإمتناع عن النقل من المواقع الخارجية والتركيز على ما هو نادر
وغير متاح بغزارة على الشبكة ..
وشكرا

الاخ الكريم الاستاذ
صالح الحرباوي
أسعدك الله بكل خير

عفواً أستاذي الفاضل وأستميحك عذراً فقد كانت النيه صادقه في تجميع
وإضافة أكبر عدد ممكن من القصائد لكبار الشعراء في منتدانا الرائع
وحباً في شعر هؤلاء الشعراء الكبار,ولم أكن أعلم بمنع الاستعانه
بالانترنت ..وعلى ذلك سأتوقف عن إضافة اي قصائد أخرى حتى أعثر
على دواويين هؤلاء الشعراء المنشوره في كتب بالمكتبات والتي تم طبعها
بمعرفة الشاعر نفسه
ثم أضيف بعد ذلك النادر والغير موجود هنا
لك مني جزيل الشكر
مع خالص تحياتي واحتراماتي
ليلى ابو مدين