المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسألة للنقاش: لماذا غاب مصطلح "الموسيقى العربية" في الكتابات القديمة


lassaad8
19/06/2009, 18h15
مساء الخير أعضاء المنتدى الكرام
أود أن أطرح في هذه المداخلة وفي هذا القسم من المنتدى،
موضوعا للنقاش أرجو أن يساهم فيه الجميع لإثراء الحوار الجاد،
ولمزيد تعميق البحث حول موسيقانا العربية.
إن المتصفح بين دفّات المصادر العربية القديمة، التي عنيت بالموسيقى، يلاحظ غياب مصطلح "الموسيقى العربية" في كلّ الكتابات، ونلاحظ هذا منذ بلورة النظرية الموسيقية مع المدرسة العودية في القرن التاسع ميلادي، والتي تزعمها اسحاق الموصلي والكندي، وبعد ذلك مع المدرسة الإبداعية الطنبورية، والتي من روادها الفارابي وابن سينا وابن زيلة، وامتدت هذه المدرسة إلى ما بعد سقوط بغداد أي النصف الثاني من القرن الثالث عشر ميلادي. كذلك الشأن بالنسبة للمدرسة النظامية المنهجية ومن زعمائها صفي الدين الأرموي والصفدي والجرجاني وعبد الحميد اللاذقي، والتي تواصلت إلى حدود القرن السابع عشر ميلادي. ثم تأتي المدرسة العربية الحديثة مع بداية القرن التاسع عشر ميلادي مع محمود السيالة القادري الصفاقسي، والحائك التطواني وإبراهيم التادلي بالنسبة للغرب الإسلامي، وميخائيل مشاقة وكامل الخلعي في المشرق الإسلامي. وقد جاءت كتابات كل هؤلاء النظريين في شكل رسائل مثل رسالة الكندي في خبر صناعة التأليف أو رسائل ابن سينا في الموسيقى، أو كتب تشير إلى صناعة الموسيقى كما كانت تسمى من قبل، مثل كتاب الموسيقى الكبير للفارابي، أو كتاب الأدوار في الموسيقى، أو جوامع علم الموسيقى لابن سينا وكتاب الكافي في الموسيقى لابن زيلة، والأمثلة على ذلك كثيرة ولا يتسع المجال هنا لحصرها بالكامل. إذن من خلال العناوين التي أتيت على ذكرها، نتبين أنّها تشمل علم الموسيقى بدون أي تحديد لا جغرافي ولا إثني. بعد ذلك ومنذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهر مصطلح جديد في الكتابات التي تعنى بالموسيقى ألا وهو "الموسيقى الشرقية" ونتبين هذا من خلال بعض الكتابات مثل كتاب الموسيقى الشرقي لكامل الخلعي في بداية القرن الماضي أو كتاب فلسفة الموسيقى الشرقية في أسرار الفن العربي لميخائيل الله ويردي وغيرها من البحوث وبدأ الحديث حينئذ عن موسيقى شرقية أو بالتحديد مشرقية وهو تحديد جغرافي، ولم يظهر مصطلح "موسيقى عربية" إلا من خلال كتاب البارون ديرلانجي الذي ساهم في التحضير لمؤتمر الموسيقى العربية الذي انعقد بالقاهرة سنة 1932، ولم يسعفه الحظ لحضوره وذلك لمرض ألمّ به، والذي سماه الموسيقى العربية وهو مؤلف ضخم من ستة أجزاء. من الملاحظ بعد هذا المسار التاريخي للنظرية الموسيقية العربية أن النظريين العرب القدامى لم يستعملوا هذا المصطلح لعدة اعتبارات أولها في تقديري هو اعتقادهم الجازم أن العلوم والنظريات العلمية لا وطن لها وبالتالي فهي ملك للإنسانية بأكملها، والدليل على ذلك هو أن بلورة النظرية الموسيقية العربية -وهنا أتحفظ بدوري على المصطلح- جاء نتيجة ازدهار حركة الترجمة من الإغريقية إلى العربية وما تبع ذلك من تفتح على علوم ومعارف إغريقية قديمة من ضمنها علم الموسيقى، كذلك نتيجة تلاقح ثقافي بين الحضارات المتاخمة للحضارة العربية الإسلامية مثل الفرس و الأتراك وغيرها من الحضارات الأخرى. إضافة إلى أن العديد من النظريين القدامى ليسوا من العرب، بل دخلو الإسلام وحذقوا اللغة العربية التي صارت لغة العلم في تلك الفترة، ومن بينهم الفارابي وابن سينا والأرموي . غيرأنّ مصطلح موسيقى عربية لم يظهر إلا بعد تفكك السلطنة العثمانية أو الرجل المريض كما يحلو للغرب أن ينعتوه وجاءت التقسيمات الجغرافية الإستعمارية، التي قسمت الكيان الإسلامي إلى "دويلات" صغيرة، وظهرت النزعات الإقليمية الضيقة وبدأنا نسمع عن موسيقى عربية، لا بل أكثر من ذلك، حيث نجد موسيقى مصرية وأخرى لبنانية وأخرى تونسية وجزائرية ومغربية، ولك أن تحصي عدد البلدان العربية. بعد ذلك بدأنا نسمع عن نزعات إثنية عرقية هي في الحقيقة نتيجة صراعات أججها الغرب في صلب الكيان العربي الإسلامي مثل الموسيقى البربرية الأمازيغية أو موسيقى الأقليىة السوداء في بعض البلدان، أو الموسيقى الأندلسية هذا المصطلح الذي يستعمل في غير محلّه وهي مسألة أخرى تحتاج مزيدا من الشرح والتمحيص في غير هذا الموضع. إذن كل هذه التسميات لا تخلو من إيديولوجيات سياسية، وما على الباحث الموسيقى إلاّ أن ينأى عنها فمثلا الموسيقى العربية يجب وضعا في إطار أشمل كقولنا مثلا الموسيقى العربية الإسلامية، حيث أنّ الفنون عموما لا تخضع للبعد الجغرافي، الذي يبقى من مشمولات أهل السياسة، بل على العكس تماما فهي تتواصل ويمكن أن تجد لها أثرا في مساحة جغرافية تتجاوز التقسيمات السياسية، والأمثلة على ذلك كثيرة مثل الموسيقى في منطقىة الشام أو الموسيقى في شبه الجزيرة العربية أو الموسيقى في المنطقة المغاربية، وهذا لا ينفي بطبيعة الحال الخصوصيات المحلية لكل منطقة. كانت هذه بعض الخواطر أردت أن أثيرها، في سبيل فتح باب النقاش حولها، والتي قد تضفي إلى مسائل أخرى، فعالم الثقافة كما يحلو للبعض أن يراه هو "عالم تبادل الفكار أو لا تكون".

يوسف قاسمي جمال
25/06/2009, 23h10
هذا موضوع خطير و أدعو جميع الاخوان للنقاش

عثمان دلباني
27/06/2009, 00h41
الاخ الأسعد تحية

اهنئك اخي الكريم عن جدية و جودة اختيارك للطرح و الشجاعة في تناول موضوع بهذه الحساسية ، فبالرغم من مشروعية التساؤل عن تاريخانية المصطلح و السؤال عن الاطار الابستيمولوجي ( المعرفي ) لظهوره الا ان الاجابة عنه غير ممكنة دون السقوط في السياسة و التسييس ... و لقد اشرت في موضوعك الى بعض الامور المهمة منها النأي عن السقوط في المحمولات السياسية لهذه المصطلحات ، و اظن ان هذه التسمية فيها شيء من السياسة و سببه اعادة تقسيم العالم الاسلامي بعد سقوط الامبراطورية العثماني .....

و غياب هذا المصطلح في الكتب القديمة هو عدم وجود مشكل هوية او اثبات ذات في تفكير المنظرين الأول للموسيقى عند المسلمين لان هذه التسميات هي من وسائل اثبات الوجود
و اكتساب الأحقية في الكلام عن بعض المسائل دون الغير ...

ارجو ان رأيي فيه اقتراب من الحقيقة و الموضوعية ، اتمنى ان الموضوع يأخذ متسعا من النقاش للفائدة .... تحياتي

بشيرالأنس
27/06/2009, 13h48
موضوع في منتهى الروعة. إنني أستغرب لعدم تجاوب أعضاء سماعي وأخص منهم أهل الدراية في علوم وتاريخ الموسيقى عامة والعربية والشرقية خاصة.

اسماعيل غزراف
27/06/2009, 15h31
موضوع نقاشي متميز و غني بمعلومات تاريخية مهمة ترصد مسار الموسيقى في العالم الاسلامي الذي قادها من الوحدة و التكامل الى الشتات و التفرقة و هنا نستطيع ان نبرز بعدا سياسيا غربيا تدخل في هذه المسألة كسلاح سري لتفريق العرب و ادخال الموسيقى الغربية للعالم الاسلامي تدريجيا ليتجه نحو نمط تفكير غربي و ينقاد مستسلم القوى امامه فبالرجوع مثلا الى اشكال الاستعمار الثلاثة التي تتحدد في الاستيطان المباشر و نظام الحماية ثم الاخير و الاخطر و هو ما يسمى "الدومينيون" اي ان المستعمر لا يستهدف الارض المنشودة بالقوة بل بالتدخل في نمط التفكير نجده الانسب لما تتعرض له الموسيقى في العالم العربي فلما نجد الانسان العربي يرتدي ازياء غربية و يأكل اطباق الوجبات السريعة و يعيش في بيت خال من الثقافة المعمارية الاسلامية و يستمع بالاضافة لكل هذا الى موسيقى غربية فان هذا الشخص عربي تسمية لا حقيقة و هو ما قد نطلق عليه الاستقلال الاسمي و لا تنسو ان ما يلزم العالم العربي هو قوة روحية تجمعه و لعل الموسيقى اقرب الروحانيات الى النفس بعد الدين الاسلامي فتذكروا كيف كان كل العرب يتجمعون حول الراديو اول خميس من كل شهر من المحيط الاطلسي الى الخليج لسماع كوكب الشرق فهنا قد نتحدث عن موسيقى عربية يجتمع كل الناس عليها و فعلا لم يخطئ القائلون اذ قالو انه صباح الثالت من فبراير سنة 1975 تبددت احدى اخر اواصر الوحدة العربية بموت سيدة الغناء ام كلثوم.
..............كان هذا رأيي البسيط و ما كان يجول في خاطري اعيد شكري لك اخي العزيز على فتح الموضوع وفي انتظار تفاعل اكثر من طرف الاعضاء.....تحياتي

lassaad8
27/06/2009, 17h52
الاخ الأسعد تحية

اهنئك اخي الكريم عن جدية و جودة اختيارك للطرح و الشجاعة في تناول موضوع بهذه الحساسية ، فبالرغم من مشروعية التساؤل عن تاريخانية المصطلح و السؤال عن الاطار الابستيمولوجي ( المعرفي ) لظهوره الا ان الاجابة عنه غير ممكنة دون السقوط في السياسة و التسييس ... و لقد اشرت في موضوعك الى بعض الامور المهمة منها النأي عن السقوط في المحمولات السياسية لهذه المصطلحات ، و اظن ان هذه التسمية فيها شيء من السياسة و سببه اعادة تقسيم العالم الاسلامي بعد سقوط الامبراطورية العثماني .....

و غياب هذا المصطلح في الكتب القديمة هو عدم وجود مشكل هوية او اثبات ذات في تفكير المنظرين الأول للموسيقى عند المسلمين لان هذه التسميات هي من وسائل اثبات الوجود
و اكتساب الأحقية في الكلام عن بعض المسائل دون الغير ...

ارجو ان رأيي فيه اقتراب من الحقيقة و الموضوعية ، اتمنى ان الموضوع يأخذ متسعا من النقاش للفائدة .... تحياتي


مساء الخير أخي الفاضل عثمان دلباني، شكرا على التفاعل مع الموضوع
والمشاركة فيه، ومداخلتك جد مهمة، وأنا أدعم ما ذهبت إليه من أنّه
لا مناص من "تسييس" العملية الفنية فهي بالأخير ظاهرة اجتماعية
تخضع لمقتضيات التحولات الإجتماعية بكل أبعادها لكل تركيبة بشرية،
وما على الدارس للعلوم الموسيقية إلا أن يخضع الظاهرة لعدة مقارابات
حتى يتمكن من الفهم الصحيح للأثر الفني والعملية الفنية إجمالا. تقبل
شكري وتقديري.

lassaad8
27/06/2009, 17h58
موضوع في منتهى الروعة. إنني أستغرب لعدم تجاوب أعضاء سماعي وأخص منهم أهل الدراية في علوم وتاريخ الموسيقى عامة والعربية والشرقية خاصة.



مساء الخير أخي بشير الأنس، شكرا على مرورك وردك الذي وددت، وإن لم تكن من أهل الإختصاص-على ما أعتقد- أن أقرأه مباشرة منك، حيث أن الحديث عن الموسيقى من غير الموسيقيين يبقى شيء مهم قد يفيد، بل ينير الجميع من زوايا أخرى. محبتي وتقديري لك.

lassaad8
27/06/2009, 18h22
موضوع نقاشي متميز و غني بمعلومات تاريخية مهمة ترصد مسار الموسيقى في العالم الاسلامي الذي قادها من الوحدة و التكامل الى الشتات و التفرقة و هنا نستطيع ان نبرز بعدا سياسيا غربيا تدخل في هذه المسألة كسلاح سري لتفريق العرب و ادخال الموسيقى الغربية للعالم الاسلامي تدريجيا ليتجه نحو نمط تفكير غربي و ينقاد مستسلم القوى امامه فبالرجوع مثلا الى اشكال الاستعمار الثلاثة التي تتحدد في الاستيطان المباشر و نظام الحماية ثم الاخير و الاخطر و هو ما يسمى "الدومينيون" اي ان المستعمر لا يستهدف الارض المنشودة بالقوة بل بالتدخل في نمط التفكير نجده الانسب لما تتعرض له الموسيقى في العالم العربي فلما نجد الانسان العربي يرتدي ازياء غربية و يأكل اطباق الوجبات السريعة و يعيش في بيت خال من الثقافة المعمارية الاسلامية و يستمع بالاضافة لكل هذا الى موسيقى غربية فان هذا الشخص عربي تسمية لا حقيقة و هو ما قد نطلق عليه الاستقلال الاسمي و لا تنسو ان ما يلزم العالم العربي هو قوة روحية تجمعه و لعل الموسيقى اقرب الروحانيات الى النفس بعد الدين الاسلامي فتذكروا كيف كان كل العرب يتجمعون حول الراديو اول خميس من كل شهر من المحيط الاطلسي الى الخليج لسماع كوكب الشرق فهنا قد نتحدث عن موسيقى عربية يجتمع كل الناس عليها و فعلا لم يخطئ القائلون اذ قالو انه صباح الثالت من فبراير سنة 1975 تبددت احدى اخر اواصر الوحدة العربية بموت سيدة الغناء ام كلثوم.
..............كان هذا رأيي البسيط و ما كان يجول في خاطري اعيد شكري لك اخي العزيز على فتح الموضوع وفي انتظار تفاعل اكثر من طرف الاعضاء.....تحياتي


مساء الخير أخي محمد غزراف، مشاركتك محورية وفي صلب الموضوع، غير أني أتحفظ على بعض النقاط التي وردت فيها، وهذا بطبيعة الحال لا يفسد للود قضية، فالعملية الفنية الإبداعية عموما ليست كالأكل والملبس، فالتبعية الذي يشهدها العالم العربي في جوانبه الإقتصادية تبقى من الأمور التي يجب معالجتها والتحكم فيها قدر الإمكان أما التفتح عن المعارف والعلوم الأخرى مثل الموسيقى فهذا شيء محبذ، لا بل ضروري، فالإبداع الفني في كل أشكاله عبر العصور المختلفة والمتلاحقة هو تراكم مع إضافة، والموسيقى لا يمكن لها أن تبقى بمنأى عن هذه التغيرات التي قد تجمدها وتجعلها "محنّطة" بعض الشيء، حيث يجب أن نبتعد عن النظرة "التراثية" لتراثنا ونفكر بالتالي في التفاعل معه بما يخدم عصرنا الحالي، فلكل زمن جيّده وقبيحه.
تقبل محبتي وتقديري.

Islam Eidrisha
27/06/2009, 18h25
يتوجب بادئ ذي بدء توجيه الشكر للأخ الأسعد الذي يسعدنا دائما بمشاركاته
أعتقد أن تلك الفترة التي لم يذكر فيها مصطلح الموسيقى العربية أو الشرقية هي تلك الحقبة من الزمن والتي كانت فيها كل أمة منغلفة على ما فيها بكل ما فيها من مأكل ومشرب وملبس ومسمع ربما عاشوا دهرا وماتوا ولم يعرفوا سواه أو يسمعوا عن غيره ولنأخذ الموسيقى كمثال على هذا هل كان للعربي أن يستمع في ذلك الزمن إلى موسيقى غربية حتي يميز موسيقاه عنها ويسميها بالعربية أو الشرقية؟ بالطبع لا, ومع بدايات القرن العشرين بدأت معها تباشير الانفتاح واستطاعة معرفة الغير فعرفت وقتها الموسيقى بالشرقية تمييزا لها عما سواها كما في عنوان كتاب الخلعي.
هذا ما أرجحه ولعل أحد الأساتذة ممن هم أعلم مني وأعلى يحضرنا فيزجي لنا ما أفاء الله عليه به من علم في هذا الشأن.

lassaad8
29/06/2009, 19h11
يتوجب بادئ ذي بدء توجيه الشكر للأخ الأسعد الذي يسعدنا دائما بمشاركاته






أعتقد أن تلك الفترة التي لم يذكر فيها مصطلح الموسيقى العربية أو الشرقية هي تلك الحقبة من الزمن والتي كانت فيها كل أمة منغلفة على ما فيها بكل ما فيها من مأكل ومشرب وملبس ومسمع ربما عاشوا دهرا وماتوا ولم يعرفوا سواه أو يسمعوا عن غيره ولنأخذ الموسيقى كمثال على هذا هل كان للعربي أن يستمع في ذلك الزمن إلى موسيقى غربية حتي يميز موسيقاه عنها ويسميها بالعربية أو الشرقية؟ بالطبع لا, ومع بدايات القرن العشرين بدأت معها تباشير الانفتاح واستطاعة معرفة الغير فعرفت وقتها الموسيقى بالشرقية تمييزا لها عما سواها كما في عنوان كتاب الخلعي.
هذا ما أرجحه ولعل أحد الأساتذة ممن هم أعلم مني وأعلى يحضرنا فيزجي لنا ما أفاء الله عليه به من علم في هذا الشأن.


مساء الخير الصديق العزيز إسلام، سعدت كثيرا بطلتك في هذه المشاركة
واهتمامك بالموضوع، غير أني أتحفظ على نقطة هامة وردت في تعقيبك، وهي أن الأمة العربية الإسلامية كانت تعيش انغلاقا ولا تعرف ما يدور حولها من الفنون والأمور الأخرى، فعلى العكس تماما ففي ذلك الوقت كانت الأمم
متفتحة على بعضها البعض، بما في الكلمة من معنى، حتى أني أستطيع القول
أن عصر "العولمة والإنفتاح" هو ذلك العصر التي لم تكن فيه حواجز بين
الدول ولا تأشيرات، وكان السعي والنهل من العلوم متيسرا للجميع، فمثلا لو سمع أحدهم أن شيخا ما نبغ في بعض العلوم وتفقه فيه إلى حد العبقرية، سارع له ناهلو العلم من الطلاب من البلدان المجاورة أو حتى البعيدة، قاطعين المسافات الكبيرة للإستفادة منه. وحال الموسيقى لايشذ عن هذه الوضعية، فالموسيقى في المنطقة العربية الإسلامية استطاعت أن تتعرف على الموسيقات الأخرى المجاورة لها مثل الفارسية والتركية، وهنا الموسيقى الغربية لم يكن لها موقعا ولم تتبلور بعد، خاصة في العصر الوسيط، التي بلغت فيه الموسيقى العربية الإسلامية أوجه سموها، من خلال الكتابات التي وصلتنا، حتى أن أغلب الجواري المغنيات المسميات "القينات" هن من غير العربيات ويقمن بدور الغناء في بلاطات الأمراء والخلفاء، إضافة إلى استعمال بعض الآلات الغير العربية مثل الطنبور الخرساني وتوظيفه في بلورة درجات السلم الموسيقى، أضف إلى ذلك أن المصطلحات المستعملة في الموسيقى العربية الإسلامية أغلبها ليست من العربية، وهذا لا ينقص من أهمية هذه الموسيقى بل على العكس تماما فتاريخ العلوم هو تاريخ تراكمات.
أعذرني على الإطالة فالفكرة "استفزتني"، لك كل المحبة والتقدير:emrose:

Islam Eidrisha
30/06/2009, 11h30
رويدك يا أخ أسعد
لم أقصر كلامي على الأمة العربية والإسلامية بما ذكرت ولكني ذكرت كل الأمم على وجه البسيطة ولم أحدد بكلامي أمة دون سواها مع الأخذ في الإعتبار أن المسلمين هم من أوائل الناس ترحالا وسفرا وتعبا بحثا عن العلم ولكن لم يكن ذلك متاحا لكل الناس وأنا أقصد بكلامي الوضع العام قبل عصر الإذاعات والمرئيات والجدير أن عدم الإنفتاح هذا لم يكن بعيب فيهم ولا يعيبهم في شئ فلم تكن هناك وسائل تقنية تساعدهم كما في عصرنا أنت تستطيع الآن بمكتبك أن تطلع على كل ما يدور في العالم من حركات فنية وغيرها عن طريق الانترنت والتليفزيون وغيره وكذا الحال بالنسبة لمعظم الناس الآن أود فقط التركيز على نقطة مهمة وهي أن عدم الإتصال العام والجدي قديما بين الأمم لم يكن بعيب فيهم أو لتقصير منهم ولكن لضعف الإمكانيات وقتها وخاصة وسائل الإتصال والمواصلات وكان السفر قديما لطلاب العلم المجدين والباحثين والعلماء وكم عانوا في سبيل ذلك ولكن لم يكن ذلك ممكنا للعامة وللجميع أجورهم عند ربهم
على سبيل المثال في بدايات القرن العشرين في مصر لم يكن السماع متوفرا إلا للأغنياء وعلية القوم لإمتلاكهم أجهزة جرامفون دون غيرهم من العامة مما دعي البعض إلى شراء جرامفون والسير به على عربة متجولة ليستمع الناس للأدوار والموشحات والمواويل نظير مبلغ معين.
مثال آخر قبيل سفر الشيخ سيد الصفتي إلى سوريا كانت شهرته قد ملأت الآفاق ولم يكن الأخوة السوريون قد رأوه من قبل فلما حل بهم ورأوه رأي العين انصرفوا عنه في بادئ الأمر لنحالة جسمه وضآلة حجمه وقد كان الصفتي في مخيلتهم جسيما عملاقا ولم يصدقوا أنه هو إلا عندما غني أماهم أعينهم ثم تركهم وانصرف بعد وقت قليل من الوصلة استردادا لكرامته ولم يعد للغناء إلا بعد إتذار وتهافت والحاح منهم.
ربما بعد كل هذا وذاك لا يكون رأيي هو الصواب فكل ما تقدم هو مجرد اجتهاد مني لا أكثر ولم أقصد بفكرتي - المستفزة على حد قولك - فرضا أو تسلطا أو حجرا على رأي غيري فالمقام مفتوح للجميع للنقاش ليدلوا بآرائهم العلماء والمتخصصين والهاوين والمبتدئين من أمثالي.

lassaad8
30/06/2009, 16h55
تحية للأخ إسلام، وشكرا مرة أخرى على التفاعل،
وأرجو أن لا تفهمني على وجه الخطأ،
فالمقصود ب"الإستفزاز" هو ذلك الإستفزاز العلمي الذي
يفتح شهية النقاش عل مصراعيه،
ولا عيب أن تقاربت أفكارنا أوتباعدت،
فالكل يصب في خانة المحاصة العلمية
والجدلية التي تبقى من الأمور النسبية.
أرجو أني وفقت في تقريب وجهة نظري وتصحيح الأمر،
مع خالص التحية والتقدير.