المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الموسيقار صالح الكويتي أب الموسيقى العراقية المعاصرة وقصة حبه وعشقه للمطربة زكية


reza_neikrav
24/04/2009, 08h22
جرى في قاعة بروناي بلندن قبل ايام الاحتفال بالذكرى المئوية للموسيقار صالح الكويتي، ابي الموسيقى العراقية المعاصرة. اشتهر بأغانيه العاطفية التي غنتها سليمة مراد، ام كلثوم العراق في الثلاثينات و الاربعينات. " قلبك صخر جلمود ما حن علي" و " يا نبعة الريحان حني على الولهان..." و سواهما من الاغاني التي اصبحت اناشيد على السن الصغار و الكبار، الرجال والنساء.

كانت اغانيا تتدفق بالعواطف و الشجون ، ولا عجب. فالفنانون لا يبدعون كما يفعلون عندما يمسهم الموضوع شخصيا و يصبح قناة يعبرون بها عما يختلج في قلوبهم و تفكيرهم. و صالح الكويتي وضع اغانيه في غمرة حبه للمغنية زكية جورج. كانت هذه النجمة من نجوم الطرب العراقي امرأة مسلمة من حلب و بإسم فاطمة. و عندما جاءت لتكسب عيشها في بغداد وجدت ان من الصعب عليها ان تصعد على الشانو ( خشبة المسرح) في الكباريه و تغني بين السكارى و هي مسلمة و تحمل اسم فاطمة الزهراء. فغيرت اسمها الى زكية جورج و ادعت بأنها مسيحية. ماكو مانع! زادت الطين بلة بأن وقعت في حب يهودي كان يعلمها اغانيها و يدرسها الموسيقى ، صالح الكويتي نفسه. هام بها و هامت به. و لكن قلوب الغواني حول.

جاء شهر رمضان و اغلقت كباريهات بغداد ابوابها احتراما للشهر المجيد. لم تعرف زكية كيف تكسب قوت يومها. سمعت بأن البصرة كانت اكثر تحررا من بغداد و لم يعبأ اهلها كثيرا بالمناسبات الدينية. يا سبحان الله، مغير الاحوال! رحلت زكية جورج للبصرة و استأنفت سابق عيشها. وهناك وقعت في حب طبيب اسنان، اخطر من في الرجال على عفة الحسان.

لم تعد لبغداد فراح صالح الكويتي يعاني وجدا و شجنا. تدفقت عواطف الفنان. " يا ولفي ما كان الأمل ويانا ثالث يشترك!" و توالت الاغاني العاطفية الشهيرة التي بث فيها الكويتي لواعج الهجران ، يئن فيها و يتوسل:

مليان كل قلبي حكي.

المن اقولن و اشتكي؟

ما ينفع قليبي الندم ،

ما ينفع عيوني البكي.

وبها وضع هذا الموسيقار اسس الطرب العراقي المعاصر. فقد كان العراقيون لا يعرفون من الموسيقى غير اغاني المقام الرجالية و الكلاسيكية المحصورة بين النخبة الصغيرة، و الاغاني الريفية الفلاحية، العتابات والعبوديات والنايل ونحوها مما يغنيه الفلاحون و بائعات اللبن. لم يكن اي من ذلك يفي بحاجة الطبقة المتوسطة الناشئة حديثا في العراق، اهل النفط و التجار وضباط الجيش و اصحاب المهن و كل الفئات الصاعدة في المجتمع العربي المعاصر. جاء صالح الكويتي و ملأ هذا الفراغ بأغانيه و موسيقاه الجديدة النكهة و المعبرة عن مشاعر فتيان و فتيات الطبقة البتي برجوازية الجديدة.

لقد توفي هذا الموسيقار المبدع قبل سنوات في اسرائيل بعد رحيله عن وطنه الذي اغناه بموسيقاه و اغانيه مثلما اوحى له بألحانه و كلماته. و كان رحيله خسارة كبرى للفن الموسيقي في العراق. لقد رحل و انتقل الى دنيا الآخرة و لكن اغانيه بقيت و ستبقى معنا نغنيها كلما اهتزت مشاعرنا و تولانا الحنين الى بغداد ايام الخير، ايام صالح الكويتي و اخيه العواد داود الكويتي سليمة مراد وزكية جورج و محمد القبانجي و سواهم من اهل الطرب و الفن ، اهل الخير و المحبة.