المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النوبة


الأندلسية
02/04/2009, 14h56
http://upload.algeriatoday.net/files/126_kzlkt/oudstrumento__a.jpg


للعرب تراث غنائي متميز استخدموا فيه أشكالا وقوالب موسيقية متنوعة للتعبير عن مشاعرهم وعواطفهم التي ورثوها على مر الأزمنة والأجيال.
ومن هذه الأشكال الموسيقية ما يؤدى على آلة عزفية دون غناء,ومنها ما يستعين بالأصوات اليسرية لأدائها في مناسبات عامة وخاصة, كما أن كثيرا من هذه القوالب ما يزال متداولا إلى وقتنا هذا في أغلبية الأقطار العربية.
ومن هذه الصيغ الغنائية والمعروفة حاليا في أقطار المغرب العربي هي {النوبة}.
إن التراث الموسيقي للمغرب العربي يتبوأ بفضل تنوعه وثرائه مكانة مرموقة في مختلف مراحل الحياة الخاصة والعامة لسكان هذه المناطق, فهو يشكل ثروة ضخمة تزخر بأغنى التراكيب اللحنية والإيقاعية, وهذا الثراء وهذا التنوع يتماشيان في الواقع مع طبيعة الأرض وتنوع مظاهرها من بين جبال شامخة وهضاب ناتئة ووديان عميقة وأنهر جارية وسهول فيحاء ورمال مترامية الأطراف, فهي صورة موسيقية نبتت منذ وجود الإنسان العربي في هذه المناطق.
النوبة في اللغة هي الدور. وقد استعمل هذا اللفظ في صدر الدولة العباسية للدلالة على المدة الزمنية التي تخصص لمجموعة من المغنين للغناء أمام الخليفة وضمن الحفلة الواحدة. وكانت الغاية من ذلك استعراض ما عندها من عزف وغناء.
والنوبة في الاصطلاح الموسيقي, هي مجموعة من القطع الغنائية والآلية التي تتوالى حسب نظام مخصوص ومعروض, وكل نوبة تحمل اسم مقام موسيقي عربي معين وأساسي والذي بنيت عليه ألحان النوبة. إذن هي سلسة من الألحان والجمل الموسيقية تصاحبها الآلات في أسلوب متصل تؤدي في مقام واحد لا يتبدل مع إدراج إيقاعات متنوعة تربط ألحان النوبة الواحدة.
لقد حرص سكان المغرب العربي, في الجزائر وتونس والمغرب على عد النوبات الأندلسية من أروع وأغنى نماذج الموسيقى العربية كونها ثمرة من ثمار الفن العربي القديم في قرطبة اشبيلية وغرناطة في الأندلس.
قديما كان لكل نوبة وقت معين من الليل والنهار يعتقد أنه هو أنسب الأوقات لتغنى فيه وذلك طبقا لمعتقدات تنجيمية وروحانية تعزو أن لكل مقام في الموسيقى العربية مفعولا خاصا في نفس المستمع وفي وقت معين من دون سواه فتمدد له ذلك الوقت للعزف والغناء. وقد اختيرت القطع الشعرية لنوبات كل مقام بحيث تتلاءم مواضيعها مع التأثيرات النفسية التي تحدثها المقامات من جهة, ومع الأوقات المحددة للعزف والغناء على تلك المقامات من جهة أخرى.


النوبة الأندلسية

عدة صنائع لحنية تتألف من خمسة أقسام. كل منها تسمى باسم دور الإيقاع الذي يلازم الغناء فيه: فالأول يسمى البسيط, وهو إيقاع بميزان (6 من 8) توقع عليه موشحات الاستفتاح والتوشية. والثاني, يسمى القائم ونصف. والثالث, يسمى البطايحي, وهو إيقاع بميزان (8 من 8) توقع عليه موشحات التصديرة الثانية. والرابع, يسمى القدام وهو إيقاع بميزان (6 من 8) توقع عليه موشحات توشية الانصراف. والخامس يسمى الدارج وهو إيقاع بميزان (3 من 8) توقع عليه موشحات المخلص. وكل قسم من هذه يبدأ فيه بمقدمة, ثم نوبات غنائية مشهورة مأخوذة بتصرف في توزيع فصولها وأجزائها.


النوبة التونسية

وتتصل بالأبيات قطعة موسيقية أخرى تسمى دخول البطايحية وهي شبيهة في تركيبها بدخول الأبيات السابقة الذكر.يأتي بعدها دور المجموعة في غناء بطايحي أو أكثر وتقوم الفرقة بعزف ما يسمى {ردان الجواب} ثم فارغة البطايحية وهي قطعة صغيرة تعزف بين البطايحي والآخر.
وعند الفراغ من آخر تلكم البطايحية تعزف الفرقة التوشية وهي قطعة موسيقية تبدأ على وزن البرول ثم يرتجل أحد العازفين جملا موسيقية على نفس الوزن ثم تعود الفرقة إلى البداية وتدخل بعد ذلك في الجزء المؤلف على وزن البطايحي وعند الانتهاء منه يرتجل عازف العود {اسختبار} يتجول به في عدة مقامات يخرج منها أحيانا إلى {السواكت} وهي موسيقى بعض الأغاني الشعبية ويرتجل المطرب أحيانا أبياتا من الشعر الفصيح يخرج منها إلى موشح.
ثم تعود المجموعة الصوتية إلى بقية عناصر النوبة لتغني البراول وهي مجموعة من الموشحات أو الأزجال الأندلسية على وزن البرول المعروف بسرعته وبعدها تدخل الفرقة في موسيقى {لازمة الدرج} يأتي بعدها غناء أحد الأدراج ففارغة الخفيف يعقبها أحد الخفائف وأخيرا الختم وهو يشترك مع الخلاص أو المخلص بالجزائر أو القدام بالمغرب وكلماته تتناول في الغالب توحيد الله سبحانه وتعالى.
هذا وترتب النوبات في تونس بطريقة مخوصة بحيث يلتزم الموسيقيون تقديم نوبة الذيل أولا وفي اليوم الموالي يأتي دور نوبة العراق وفي الذي يليه نوبة السيكاه ثم الحسين فالرصد فرمل الماية ثم النوا فالإصبعين فرست الذيل فالإصبهان فالمزموم وأخيرا الماية وقد جمع ترتيب هذه النوبات في زجل تابع النوبة النوا(دخول البراول) فيما يلي نظمه:
يجر الربــــــــــــــاب رهــــــاوي بالذيــــــل قلبـــــي كــاوي
أمــــــا العـــــــــراق يســــــــاوي سيكــــــــه مع الحســــــين
الرصـــــــد ورمـــــل المــــــــايه أمــــــا النـــــــوا في غـايه
الأصبـــــــــــعيـن دوايـــــــــــــــا رســــت الذيــــل يحييــني
الرمــــــــــــل حـــين تنغـــــــــــم عــلى اصبهـــان يسلــــــم
مزمــــــــــوم بــــــه نتمــــــــــــم مـايــــــه في اـــــــلفصلين
وقد جرت العادة بجعل توشية النوبة خارجة عن مقامها وتابعة لمقام النوبة التي تليها إشارة للجمهور إلى نوبة الحفلة القادمة. تبدأ بالاستفتاح وهو قطعة يعزفها كافة أفراد الفرقة وقد كانت في القديم عبارة عن هيكل موسيقي يرتجل عليه أحد العازفين وتتبعه بقية أفراد الفرقة وقد اضمحلت هذه الطريقة ولم يبقى سوى ما ضبط عند تأسيس الجمعية الرشيدية سنة 1934. تدخل بعد ذلك كل فرقة في معزوفة أخرى تعرف بالمصدر وهي ذات ثلاثة أوزان تسير من البطء إلى السرعة والجزء الثاني من المصدر يسمى الطوق والثالث السلسلة وهو بقفلة حادة وعنيفة. ثم بعد استراحة قليلة ترجع الفرقة إلى عزف قطعة موسيقية تسمى دخول الأبيات وهي ذات وزنين (برول وبطايحي) يدخل بعدها المطرب الأول أو شيخ الجماعة في ارتجال غناء بيتين من الشعر العربي الفصيح يعيد البيت الأول منهما وتعزف الفرقة بين البيت الأول وإعادته والبيت الثاني قطعتين موسيقيتين صغيرتين مختلفتين في تأليفهما تسمى كل منهما {الفارغة}.


منقول