المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محتال في قديم الزمان


صفوان عدرة
16/03/2009, 18h47
كنا في ربيع العمر...لقد نجحنا تواً وانتقلنا الى الصف الثاني عشر(( البكالوريا))وككل ابناء ريفنا الحبيب في بداية الصيف حيث لا حدائق ولا خدمات ولا مسارح ولا سينما ولا اي مخططات للصيف وليس هناك من يهتم اصلا بتنظيم صيف الشباب كان مسرحنا وملتقانا (( الشارع))....كانت لعبتنا المفضلة (( تفوير الكازوزة))فزجاجات المياه الغازية من ماركات سينالكو- كراش- ستيمكانت متعتنا وكانت الخطوة الأولى في طريق القمارفي تمام الثانية ظهرا من يوم 8 حزيران جاءني رفيقي عريب بصحبة رجل خمسيني تبدو عليه الهيبة والوقار....كان الجو حارا جدا وكأن السماء تنفث لهبا وحمم جحيم كنت العب بتفوير زجاجات السينالكو والستيم والكراش بألوانها المختلفة التي تلطخ ثيابنا غافلين ومتغافلين عن كل شيء من حولنا قال عريب: بتروح عالشام نشتغل قالها مزهواً وبلهجه تشبه الرجاءشو عالشام شو القصة أجبته وعيناي على الرجل المهيب الذي يلبس بدله رغم كل هذا الحر ولن انسى كرشه المتدلي بوقاحة ما حييت أجابني مشيرا للرجل: العم صاحب معمل سيراميك وبلاط وموزاييك في سرغايا بدمشق وقد جاء يبحث عن عمال مؤقتين من طلبة المدارس والراتب 300 ليره شهريا ...طبعا المبلغ ضخم في تلك الايام وافقت على الفور وتركت ما كنت قد كسبته من الكازوز وذهبت مسرعا ابلغ والدي بقراري...... قال والدي مذهولا: لا مانع ولكن اريد ان ارى الرجلفي هذه الاثناء كان عريب قد توجه مع الرجل الى دار قاسم ...والد البحري ليقنع البحري بالذهاب معنا للعمل ويبدو انه اقتنع بسرعه وتوجهوا بعدها الى دار كريم .......والد هاني الذي بدوره وافق بسرعة البرق وكأن كل والد يريد ان يرتاح من ابنه على اهون سبب .... التقيتهم مجددا بالساحه وطلبت من الرجل بمنتهى التهذيب ان يصحبني الى بيتنا حسب رغبة والدي برؤيته وافق الرجل وهرعنا مسرعين غير عابئين بحرارة الشمس والعرق المتصبب منا جميعا ....رحب والدي بالرجل واستفسر منه عن مكان وطبيعة العمل والراتب والمنامه ووووو الخ واقتنع والدي سريعا حيث له معرفة سابقة بمنطقة سرغايا وماذكره الرجل عن معامل الموزاييك هناك،،،قال لي والدي: خود معك ( يطق ) والدي كان يقول عن السفنجه يطق لأجل النوم يطق كلمه تركيه تعني الفرشه إسفنج للمنامه... واعطي اخوتك ( كان اخي واختي طلاب بجامعه دمشق) 200 ليره كل شهر حيث شعر والدي بالارتياح من مصاريف اخوتي وان كان لم يرتح للرجل حيث قال لي فيما بعد انه لم يرتح للرجل لأن عيونهما لم تلتق ابدا....قال الرجل نريد تكسي (سكارسه) للشام (طلب خصوصي)ذهبنا الى كل من ابو منير و الشيخ فهيم وممدوح الدبيات فرفضوا لعدم صلاحية سياراتهم لهكذا مشوار وبهذا الوقت تذكرنا سيارة إبراهيم المير أبو الأمير فذهبنا إليهوافق ان يوصلنا الى حماه فقط وهناك يمكننا ايجاد سيارة بسهوله للشام ..... ركبنا مع أمير المير الى حماه بعدنا ان اخذنا بعض الكتب (البكالوريا) لندرس بها خلال أوقات الفراغ بعد انتهاء العمل، ولم انس( اليطق) .أوصلنا أمير الى مكاتب التاكسي بجوار الساعة وطلب 25 ليرة اجرة الطلب قال الرجل : مين معه فراطه يا شباب معي كلو خمسميات دفع عريب المبلغ بكل سرور وكان ذلك هو كل ما يملكه عريب... هذه ال 25 ليره استدانها من عمه ابو فرزات.بحث الرجل في مكاتب التاكسي وأخيرا وجد ضالته: تكسي حديثه صفراء ماركة دودج تفاوض مع السائق واتفقوا سريعا على مبلغ 300 ليره اجره المشوار لدمشق فوافق الرجل بلا تردد .كانت اول مره اذهب بحياتي الى الشام كنت فرحا جدا ومتلهفا للوصول اليها..... كنا جميعا بحالة فرح هستيري ركب الرجل ذو الكرش الكبير والذقن المشذبة إلى جوار السائق وركبنا نحن الاربعه في المقعد الخلفي نرسم أحلاما ونضرب أخماسا بأسداس لم ننسى طبعا ان نأخذ الشدة (ورق اللعب ) لنتسلى بها أوقات الفراغ ، وصلنا سريعا الى حمص .كانت الساعة قد قاربت الثامنة مساء قال الرجل؛ نريد ان نتناول العشاء قبل ان نتابع لدمشق وخاطب السائق هل تعرف مطعم محترم؟؟؟قال السائق طبعا لا يوجد افخر من مطعم الروضة وتوجه إليه ففتح الرجل طاولتين واحده لنا والاخرى للسائق،كانت وليمه ولا في الأحلام طلب الرجل كميات هائلة من المشاوي والمقبلات والسلطات والمشروباتوطلب لنا بيرة وكانت أول مره نتذوق هذا المشروب ذو الطعم القابض ..بيره الشرق يا ولد كان يصرخ بين الفينة والاخره ويشرب بلذة واستمتاع أثارت بنا رغبة تجريب هذا السائل البارد وتوجه الى السائق على طاولته المستقله : (علمنا فيما بعد انه قد طلب من السائق مبلغ خمسمائة ليره لشراء الحلويات) وقال له سأشتري حلويات ريثما ينتهي أولادي من العشاء وان جزداني في الجاكيت التي تركتها بالسياره فناوله السائق المبلغ ثم عاد الينا..شو معكون فراطه يا شباب فناوله هاني 25 ليره وناوله البحري 25 ليره وكانت يداي مزفره من الاكل وقد ذهبت للمغاسل مسرعا فلم ينتظرني ..... اخذ معه عريب وغادر المطعم مسرعا....انتهينا من العشاء وانتظرنا وبدأ الوقت يمر بطيئا نصف ساعة... ساعه... ساعتان لا حس ولا خبر تهامس السائق مع صاحب المطعم بأشياء غير مسموعه ناظرين اليناواخذ القلق يحل محل الفرح جاءنا السائق وصاحب المطعم وسألنا بلطف: تأخر والدكم أليس كذلك؟؟؟اجبنا نعم ولكنه ليس والدنا قال والى اين انتم ذاهبين فحكينا له الحكايه قال ما اسمه قلنا لا ندري لا نعرفه ضرب الرجل كفا بكف وقال:ولك كيف بتطلعوا مع زلمه ما بتعرفوه وين اخوكن الرابع : قلنا لا ندري ....ذهب مع الرجل لشراء الحلويات... قال صاحب المطعم انا عوضي على الله دبّر حالك مع هالولاد الكلب ..... وابتدأت رحلة البحث عن عريب..... ذهبنا الى عدة محلات للحلويات الى ان وجدنا عريب يقف ذاهلاًامام محل حلويات الناطور كان الرجل قد اخذ كميه رهيبة من الحلويات واودع (ابنه عريب) عند صاحب المحل قال للحلواني هذا ابني عندك سأحضر لك الثمن حالا من السيارة وذاك وجه الضيف غادر بلا رجعه تمتم السائق مع صاحب محل الحلويات.......................................كنا مذعورين بدأت تتبدد احلامنا التي رسمناها للتو ....وقد شارفت الساعه 10 مساء قال يا ولاد الكلب رح أخدكم عالشرطه انتم شركاء معه هاتو هوياتكم صرخ جازما أعطيناه الهويات التي كنا قد استخرجناها حديثا وبدأت رحلة الذهاب الى أقسام الشرطه ...... قسم شرطه المدينه لم يفتحو لنا قال الشرطي جيبهم بكرا او اذهب الى مخفر باب السباع في مناوبمخفر باب السباع اشار الى قسم شرطة عكرمه النزهه ..... السائق احبط وكمن اسقط في يده قال راح نرجع على حماه لخلى الشرطه بحماه تعوفكن الله او بتحكو الحقيقة ....قفلنا عائدين لحماه وهناك بحماه رجال الشرطه كانو عميلعبو شده امام باب المخفر مافتحولنا ثم دخل بحواري حما الضيقه المرصوفه بالحجر الاسود ودق على احد الابواب واصطحب احد الرجال و معه باروده روسيه و اعطى السائق ايضا باروده روسيه وهنا بدأ الذعر والهلع يدب في قلوبنا .ورجعونا عالضيعه كانت صارت الساعه 2 ونصف صباحا ...كانت عيوننا مسمره على فوهة الباروده الروسيه وقد تجمعنا على بعضنا كالطيور التي ترى النسرطرقنا باب ابو محمد ورده حيث كان عريب قد اخبرنا ان ابو محمد يعرف الرجلبو محمد طلع بهالشنتيان الأبيض وشعرو ابيض ( منظره بيخوف ع ضو القمر) قال بو محمد انا ما بعرف الزلمه بس بعتو لعندي بو سليمان رحنا فيقنا بو سليمان قال انا ما بعرفو بس بعتو لعندي ابو أيمن القصير البلاط اشترا من عندي دخان رحنا فيقنا ابن القصير كانت صارت الساعه 3 ونص قال انا ما بعرفه بس بعتو لعندي ابن عمي بو احمد القصير من سلميه هدول بيشتغلو بالبلاط رحنا ع سلميه وبدأت الاسئله عن آل القصير دون الوصول لأي انسان يعرف اي شيءتشاور السائق والمسلح وقرروا العودة بنا الى حماه وهذا ما حصل حيث انزلونا في فندق الكرامه فوق مطعم علي بابا بالحاضر الصغير حيث سلم السائق هوياتنا لصاحب الفندق وتركنا وذهبلم ننم ولم تغفل عيوننا حيث سرعان ما اشرقت الشمس وتوجهنا الى صاحب الفندق الذي طلب عشر ليرات عن كل رأس قلنا له كل ما نملك هو 25 ليره فطلب عشرين عن رأسين ( ويبقي رأسين عنده )على ان نذهب لتلدره لاحضار المبلغ المتبقي وبالفعل ذهبت مع عريب بعد ان اعاد لنا هوياتنا واستبقى عنده هاني والبحري ذهبنا الى الكراج وفورا الى القريه التي كانت تغلي وتفور بعد ان علموا بعودتنا ليلا مع السائق والمسلح....لم اعد اذكر كم استوقفونا وهنأنونا بالسلامهاحضرنا عشرين ليره من والدي الراسين المحتجزين بالفندق وعدنا فحررناهم وقفلنا راجعين..قال والدي : لم اشعر بالارتياح لهذا الرجل حاولت كثيرا النظر في عيونه ولكن لم اتمكن من ذلك كانت ليله ولا الف ليله وليله