مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد
محمد العمر
10/03/2009, 10h05
عبدالرزاق عبدالواحد شاعر عراقي معروف لُقب بشاعر أم المعارك أو شاعر القادسية ولد في بغداد عام 1930 تخرج من دار المعلمين (كلية التربية) عام 1952 وعمل مدرساً للغه العربيه في المدارس الثانوية ،شارك في معظم جلسات المربد الشعري العراقي.
وهو أيضاً معتنق للديانة الصابئية وكان عضواً في لجنة تعريب الكتاب المقدس الصابئي كنز ربا .
وشغل مناصب مرموقة في وزارة التقافه والاعلام العراقيه. كتب عنه صباح نجم عبد الله رسالة ماجستير في عمان. وعبد الواحد هو قريب للشاعرة العراقية لميعه عباس عماره.
خصائص شعره
يذكر ان عبد الرزاق عبد الواحد زامل رواد الشعر الحر امثال بدر شاكر السياب و نازك الملائكه وشاذل طاقه عندما كانو طلاباً في دار المعلمين (كلية التربية) نهاية الاربعينات ، فهو ايظاً كتب الشعر الحر و لكنه يميل الى كتابة القصيدة العمودية العربية بضوابطها.
شعره قبل الغزو
لقب عبد الرزاق عبد الواحد بشاعر القادسية تارة وشاعر ام المعارك تارة اخرى ومن أشهر قصائده الحماسية اثناء الحرب العراقية الايرانيه روعتم الموت ومنها:
وهؤلاء الذين استنفروا دمهم
كأنما هم الى اعراسهم نفروا
السابقون هبوب النار ما عصفت
والراكضون اليها حيثُ تنفجرُ
الواقفون عماليقا تحيط بهم
خيل المنايا ولا ورد ولا صدرُ
وكان صدام يسعى بينهم اسداً
عن عارضيه مهب النار ينحسرُ
شعره بعد الغزو
لم يتغير شعر عبد الرزاق عبد الواحد عكس زميله شاعر البعث علي الحلي فقد بقي قومي النزعة و موالي للحكومة العراقية السابقة ايظاً وقد قال في صدام حسين بعد اعدامه:
لست ارثيك لا يجوز الرثاءُ
كيف يرثى الجلال والكبرياءُ
لست ارثيك يا كبير المعالي
هكذ وقفة المعالي تشاءُ
وقد هجا الحكومة العراقية الحاية بقصيدة بعنوان لنا البلاد:
لـكـمْ سُـجـون ٌ، وَلـنــا أجــسَــاد ُ لـكــمْ سـِـيــاط ٌ، ولـنــا عِـــنـــاد ُ
لـكــمْ جــيــوش ٌ، وَلـنــا دِمـــاء ٌ هــذي تـُـبَـــادُ ، تِـلـكَ لا تـُـبَـــاد ُ
لـكــمْ سِــلاح ٌمــا بـهِ عـــتــاد ٌ لــنــا أيــــــادٍ كــلـهــا عـــتــاد ُ
لكـمْ مِـن َالغـرْبِ عِـصـيّ ٌوَلـنـا ظــهــورُنـا قــشـَّــرَهـا الجـــلاّد ُ
لكم ْمِنَ الشَـرْق ِ(نـجَــادٌ) وَلـنـا بـصَـاقـُـنـا ، عَـاشَ لكمْ (نـجَــادُ)
وَنِـفـطـنــا لـكـمْ ، لـكـمْ آبَـــــارُه ُ وَكـــلـّكـــمْ مـِن حَــولِــهِ انــــدَاد ُ
لأنـكـمْ أشـــرَف ُمَـنْ يَـحْـرسُــه ُ لــنــا ، فـقـدْ تــوقــَّـفَ العَـــــدَّاد ُ!!
وعِـندكم ْ(سِــيَـادَة ٌ) مـتى وهـلْ دُمَــىً عـلى صَـانِـعِـهـا تـُـسَـــاد ُ
يـشــمّـكــمْ كــلــبٌ إذا دخـلـتـمـو خضرَاءَكـمْ .. يـا أيـهـا الصِـلاد ُ
وتـدخـلـونَ تـسـتـحـثـونَ الخطى خـيِّــرُكــمْ يــبــول ُأوْ يَـــكــــــاد ُ
خـمـسُ سِـنـيـن ٍوالعِــرَاقُ كـلــه ُ قـــبْــرٌ وَكـــلّ ُأهـــلِـــهِ حِـــــدَاد ُ
خـمسُ سـنـيـن ٍدَجـلة ٌتـبـكي دماً وتــرتــدي سَــوادَهَــا بـغـــــدَاد ُ
بـغــــدَاد ُألـــفُ لــيـــلـةٍ ولـيــلــةٍ وشـهـرَزادَات ُالهَـوَى اتـــقـــاد ُ
والآن َألــف ُظـــلـمـةٍ وظـــلـمــةٍ وكــلّ ُكــــائِــن ٍبـهــا جَــــمَــــاد ُ
خـمسُ سـنين ٍ يَـافِـطـات ُمـوتِـنـا تــمــلــؤهـا الدمـــوع ُوالســـوَاد ُ
وابـن ُالزنى يقول ُ: أنجزنا وهلْ مِـن عَــجَــبٍ !! ولـلزنـــى أولاد
ذرّ ُالـرمـــادِ والـعــيــون ُرُمَّــــــد ٌ مَـلّـتْ عـيـون ُالنــاس ِوالرمـــاد ُ
وتـرفـعــونَ لـلـمــدَى يــاقــاتِـكــمْ والعــنــتــريــــاتُ لــكـــمْ مِــــدَاد ُ
وتـعــلـمـونَ أنــكــمْ جَــعــجَــعَــة ٌ لـيـسَ لـهَـا صَـــدَىً ولا أبــعَــــاد ُ
خـمـسُ سـنـيـن ٍوالعـراقُ مثـلمـا بُــــول ِالبـعــيــر ِلـلـوَرَا يُــعـــــاد ُ
تـطــبـيـرُكـمْ ، بـنى لـنـا بـيـوتـنـا ولـطــمُـكـمْ ، مـشــــربُـنـا والزاد ُ
لـكـمْ فـضـائِــيَــاتـكـمْ ، أم ّ ٌ لـهَــا عَــــاهِــــرَة ٌ، أبٌ لــهَــا قــــــوَّاد ُ
عَــمَــائِــم ٌلـكـــمْ تــُـزاد ُكــــلـمــا قـــبُــــورُنــا في أرضــنِــا تــُـزاد ُ
وَعِـنــدكمْ أحْـزابُــكـمْ حيـنَ أتــتْ بـــلادَنــا ... قــدْ فــُـتِــح َالمَـــزاد ُ
وَعِـنـدكـمْ مُـنـاضِلـونَ نــاضـلـوا حتى تـُــبَــاحَ الأرض ُوَالعِــبَــــاد ُ
مـناضلون َ! إسْـتـهُـمْ قد خـتـمَتْ عـليـهِ (إطـلاعاتُ) و (المـوسَـادُ)
وَبَـرلـمَـان ٌعِـنـدَكـمْ مُطـأطِــئِـي ٌ مِـثـلَ الخِـرَافِ بـالعَــصَــا يُــقـــاد ُ
وَعِـنـدَكـمْ دســتــورُكـمْ وَقـَّـعـه ُ ( بــول ٌ) ! فكيفَ تـنظـفُ المَـواد ُ*
وَعِـندَكـم (مَرَاجـِعٌ) دَامـوا لكـمْ أبـغــضُ مَــا لـدَيِّـهـمــو الجـِهَـــاد ُ
في (مَـشهَـدٍ) يُكـدِّسُـونَ مَـالهمْ وفـي العِــــرَاق ِكـــلــهـمْ زُهَّـــــاد ُ
وَعِـنـدَكمْ مُحَـافِـظِـونَ ، إنـهــمْ مــنــاجـِــل ٌودمــعُــنــا الحَــصَـــاد ُ
وَعِـنـدكـمْ معـمَّمـونَ كالحصى نـعـــدّهــمْ ومــــا لـهــمْ تِـعــــــدَاد ُ
هـمْ أولِـيَـاءُ أمرنِـا ! تـف ٍعلى أمــورنــا !!!! وَلِـيّـُـهَــا أوغـــــاد ُ
والوزراء ُعِـنـدكـمْ يخجـل ُمن فــســــادِهـمْ وَمـنـهـم ُالـفـسَـــــاد ُ
وعِـنـدَكـمْ جــرَائِــد ٌأحـبَــارُهـا دِمــــاؤنــــا والوَرَقُ الضَـــمــــاد ُ
كُـتـَّـابُـهـا صِنـفـان ِقـد تقاسَـما الـقـيءَ بـهـا : الدِيْـدَان ُوَالجَـرَاد ُ
وَعِـنـدكـمْ (مواقِــعٌ) نفـتـحُـهـا يـخـنـقـنـا ضِــرَاطــهـا المُــعَــــاد ُ
وعَـلـقـمـيـونَ لـكـمْ تــوارثـــو البــغــاءَ وَالـعُـهْـرَ وقـدْ أجَـــادوا
نعجَبُ لا ، لا عَجَبٌ وقد مشـى عـلى خـطـى أجــدَادِهـمْ أحـفـــاد ُ
لكـمْ رُعَـاعٌ لاطِمـونَ ، جـوقـة ٌ مـطـبِّـلـونَ ، مُـلـِّكُــوا فـسَــــادُوا
لكمْ (فـتـاوى) أطـلقتْ أنـيابَـكمْ بـلـحـمِـنـا ... فـابــتــدَأ َالطِــــرَاد ُ
لكمْ حـليـف ٌ، حُـلفـاء ٌ، حُـلـَّـفٌ أحــذيــة ٌ.. تـنـاقـصـوا أوْ زادوا
كـلّ ُالذي مَــرَّ لكـمْ ، أجَـلْ لكـمْ مــاذا لـنـا ؟؟ نحن ُلـنـا البـــــلاد ُ
محمد العمر
10/03/2009, 21h33
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
قصيدة
كبيرٌ على بغداد
كبيرٌ على بغداد أني أعافُها وأني على أمني لدَيها أخافُها
كبيرٌ عليها بعدَ ما شابَ َمفرقي وَجفّتْ عروقُ القلب حتى شغافُها
تَتَبّعتُ للسَّبعين شطآنَ نهرِها وأمواجَهُ في الليل كيف ارتجافُها
وآخَيتُ فيها النَّخلَ طَلْعاً، فَمُبْسراً إلى التمر، والأعذاقُ زاهٍ قطافُها
تتبَّعتُ أولادي وهم يَملأونَها صغاراً إلى أن شيَّبَتهم ضفافُها!
تتبَّعتُ أوجاعي، وَمَسرى قصائدي وأيامَ يُغني كلَّ نَفسٍ كَفافها
وأيامَ أهلي يَملأ ُ الغَيثُ دارَهم حياءً، ويَرويهم حياءً جَفافُها!
فلم أرَ في بغـداد، مهما تَلَبَّـدَتْ مَواجعُها، عيناً يَهـونُ انذِرافُها
ولم أرَ فيها فَضْلَ نفسٍ وإن قَسَتْ يُنازعُها في الضّائقـاتِ انحرافُها
وكنا إذا أخنَتْ على الناس ِغُـمَّة ٌ نقولُ بعَـون اللهِ يأتي انكشافُهـا
ونَغفو، وتَغفـو دورُنا مُطمئنـَّة وَسـائدُها طُهْرٌ، وطُهـرٌ لحافُها
فَمـاذا جرى للأرضِ حتى تَبَدّلتْ بحيثُ استَوَتْ وديانُها وشِعافُهـا؟
ومـاذا جرى للأرض حتى تلَوّثَتْ إلى حَدِّ في الأرحام ضَجَّتْ نِطافُها؟
وماذا جرى للأرض.. كانت عزيزةً فهانَتْ غَواليها، ودانَتْ طِرافُهـا؟
سلامٌ على بغداد شـاخَتْ من الأسي شناشيلُها.. أبـلامُها.. وقفافُهـا
وشاخَتْ شَواطيها، وشاختْ قِبابُها وشاختْ لِفَرْطِ الهَمّ حتى سُلافُها
فَلا اكتُنِفَتْ بالخمر شطآنُ نهرِها ولا عادَ في وسْع ِ الندامى اكتنافُها!
سلامٌ على بغداد.. لستُ بعاتبٍ عليها، وأنّي لي، وروحي غلافُها
فَلو نَسمةٌ طافَتْ عليها بغيرِ ما تراحُ بهِ، أدمى فؤادي طوافُها
وها أنا في السبعين أُزمِعُ عَوفَها كبيرٌ على بغداد أني أعافُها!
لاحظوا بكاء الشاعر الفذ بسبب احاسيسه ومشاعره الفياضه لحب بغداد
محمد العمر
10/03/2009, 23h58
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
الاستاذ بشير عياد
تحيه واحترام
شكراً على كلامك الجميل وان شاء الله سأواصل برفع المزيد من اعمال الشاعر الفذ.
هذه القصيده كتبها وهو واقف على نهر الفرات في سوريا وهو يناجي ماء الفرات.
وقفتُ على نهرِ الفُــراتِ بأرضِكُمْ ... وعينايَ فرطَ الوجدِ تنهملانِ
فقلتُ لهُ يا ماءُ أبلغْ تحيَّتي ... إلى كلِّ نفسٍ في العــراقِ تُعاني
وخُذْ دمعةً منِّي إلى كلِّ نخـــلةٍ ... تمرُّ بها وانحبْ بألفِ لسانِ
على كلِّ غصـنٍ في العــراقِ مُهَدَّدٍ... وكلِّ عزيزٍ في العراقِ مهانِ
ومُرَّ بأحفادي وقُلْ قلــبُ جدِّكم ... يظـلُّ عليكم دامــيَ الخفقانِ
وســلِّمْ على أهلي ونثِّرْ مدامعي ... على دورِهم يا مسرِعَ الجريانِ
ولا تتـــعجَّلْ بعدَ يومٍ ولـــيلةٍ ... ستشتاقُ حدَّ الــــموتِ للفيضانِ
محمد العمر
11/03/2009, 01h12
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
قصيدة
وَحـــدَكَ الصَّوتُ والصَّدى يا عـــراقُ
كلُّ قـَول ٍبـِلا رِضاكَ نـِفـاقُ
وَحدَكَ الصَّوتُ والصَّدى يا عراقُ
وَحدَكَ الصَّوتُ لـِلمَظاليم ِطـُرّا ً
فيكَ عرسُ الـدِّما ، ومنكَ الصَّداقُ
والشـُّعوبُ التي استـُفِزَّتْ جَميعا ً
أنـتَ أزكى دَم ٍ لـَدَيـهـا يـُراقُ
إن تـُقـَصِّرْ فـَكُلُّ طفل ٍعلى أرضي
يـَتـيمٌ ، وكـُلُّ عـرس ٍ طـَلاقُ !
لـِتـَقِـفْ كلُّ نـَجمـَة ٍفي مَداهــا
وَحـدَكَ الآنَ كـَوكـَبٌ بـَرّاقُ
وَحـدَكَ الآنَ تـَملأ ُالكـَونَ رُعبا ً
والمـَنايا لـَهـا عليكَ انطـِبـــاقُ
هـَمَراتُ الجـَحيم ِ، والسُّرَفُ الهُوجُ
وَقـَتـلاكَ ، والـوجـوهُ الـصِّفــاقُ
واشتِعالُ النـِّيران ِفي جُثـَثِ
الأطفــال ِ.. والخاطِفونَ ، والسُّرّاقُ
وعـَويلُ النـِّساءِ ، والذ َّبحُ حتى
تـَقشـَعِرَّ الـنـِّصـالُ والأريــــاقُ
سوفَ تـَغـدو جَميعـُها ذاتَ يوم ٍ
أيَّ مـَوتٍ لأيِّ مـَوتٍ يـُســــاقُ !
يا كـَراماتِ كلِّ شـَعبي التي دِيسَتْ
ويا كلَّ مـا أثـــارَ الـشـِّقــــــــاقُ
بينَ أهـلي فـَحـَكـَّموا المَوتَ فيهـِم
فالـمَنـايـا لـَهـا إلـَيهـِم سـِــباقُ
لـَنْ تـَقـَرِّي فإنَّ في دَم ِ أهــلي
فـَزعــَة ً كبريــاؤهـا لا تـُطــاقُ !
الـرُّؤوسُ المـُلقــاة ُ قي كلِّ فـَجِّ
سـَوفَ تـَبقى تـَسـعى لـَها الأعنـاقُ
وسـَيأتي اليـَومُ الذي فيـــهِ ِيـَلـقى
كلُّ رأس ٍ أكـتـــافــَهُ يا عـراقُ !
والـنـُّفوسُ التي تـَشـَظـَّتْ سَتـَشفى
وَيـَعـودُ الحـَـنـيـنُ والإشــفـــــاقُ
يـَومـَهـا كلُّ فـِلـْقـَةٍ مِن رَصـاص ٍ
سـوفَ يَجري لـِكـَعـبـِها استـِنطاقُ
يَومَها كلُّ قــَطـرَة ٍ مِن دِمــانــــا
سـَوفَ تـَغـدو عـَينـا ًلـَها حِملاقُ
سـَـيُخـَط ُّ الـتـَّاريخُ بالــدَّم ِحـَتـى
تـَقـشـَعـِرَّ الأقــــلامُ والأوراقُ
محمد العمر
11/03/2009, 02h03
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
قصيدة
يا نائي الدار
لا هُم يلوحون.. لا أصواتهم تصلُ
لا الدار، لا الجار، لا السّمّار، لا الأهل
وأنت تنأى، وتبكي حولك السّبل
ضاقت عليك فجاج الأرض يا رجلُ!
سبعين عاما ملأت الكون أجنحة
خفق الشّرار تلاشت وهي تشتعلُ
لا دفّاتك، ولا ضاء الظّلام بها
طارت بعمرك بينا أنت منذهلُ
ترنو إليهن مبهورا.. معلّقة
بهنّ روحك، والأوجاعُ، والأمَلُ
وكلّما انطفأت منهنّ واحدة
أشاح طرفك عنها وهو ينهملُ!
سبعون عاما.. وهذا أنت مرتحل
ولست تدري لأيّ الأرض ترتحلُ!
يا نائي الدّار.. كلّ الأرض موحشة
إن جئتها لاجئا ضاقت به الحيلُ!
وكنت تملك في بغداد مملكة
ودار عزّ عليها تلتقي المقلُ
واليوم ها أنت.. لا زهو، ولا رفلُ
ولا طموح، ولا شعر، ولا زجلُ
لكن همومُ كسير صار أكبرها
أن أين يمضي غدا.. أو كيف ينتقلُ!
يا ليلَ بغداد.. هل نجم فيتبعهُ
من ليل باريس سكرانُ الخطى ثملُ
الحزن والدّمع ساقيه وخمرتهُ
وخيلُهُ شوقهُ.. لو أنها تصلُ
إذن وقفت على الشّطآن أسألها
يا دجلة الخير، أهل الخير ما فعلوا؟
أما يزالون في عالي مرابضهم
أم من ذراها إلى قيعانها نزلوا؟
هل استفزّوا فهيضوا فاستهين بهم
عهدت واحد أهلي صبرُهُ جملُ!
فأيّ صائح موت صاح في وطني
بحيث زلزل فيه السّهلُ والجبلُ؟
وأيّ غائلة غالت محارمهُ
وما لديه على إقصائها قبلُ؟
يا دجلة الخير بعضُ الشرّ محتمل
وبعضه ليس يُدرى كيف يحتملُ!
خيرُ الأنام العراقيون يا وطني
وخيرهم أنّ أقسى مرّهم عسلُ!
وخيرهم أنّهم سيف.. مروءتهم
غمد له.. والتّقى، والحلمُ، والخجلُ
وهم كبار.. مهيبات بيارقُهُم
شُمّ خلائقهم.. خيّالهم بطلُ
لا يخفضون لغير اللّه أرؤسهم
ولا ينامون لو أطفالهم جفلُوا
فكيف أعراضهم صارت مهتّكة
وحولهنّ ستورُ اللّه تنسدلُ؟
وكيف أبوابهم صارت مشرّعة
لكلّ واغل سوء بينها يغلُ؟
وكيف يا وطن الثّوّار داس على
كلّ المحارم فيك الدّون والسّفلُ؟
أهؤلاء الذين الكونُ ضاء بهم
وعلّموا الأرض طرّا كيف تعتدلُ
ومن أعانوا، ومن صانوا، ومن بذلوا
ومن جميع الورى من مائهم نهلوا
دماؤهم هذه التّجري؟.. هياكلُهُم
هذي؟؟.. أقتلى بأيدي أهلهم قتلوا؟
تعاون الكفر والكفّار يا وطني
عليهمو.. ثم جاء الأهلُ فاكتملُوا!
يا ضوء رروحي العراقيّون.. يا وجعي
وكبريائي.. ويا عيني التي سملُوا
أنتم أضالع صدري.. كلّما كسروا
ضلعا أحسّ شغافي وهو ينبزلُ
فكيف تجرؤ يا أهلي بنادقكُم
على بنيكُم ولا تندى لكم مقلُ؟
وكيف تسفح يا أهلي خناجرُكُم
دما بنيكم ولا ينتابُها شللُ؟
وكيف يا أهلنا نالُوا مروءتكُم
فأوقعوا بينكم من بعد ما انخذلُوا؟
يا أهلنا.. ليس في حرب العدا خلل
بل قتلكم بعضكم بعضا هو الخللُ
لا تكسروا ضلعكم أهلي فما عرفتْ
أضلاعُ صدر لكي تحميه تقتتلُ
فديتكم أنتم الباقُون.. راحلة
هذي الـمُسوخُ كما آباؤهم رحلُوا
فلا تعينُوا عليكم سافحي دمكُم
كي لا يقال أهاليهم بهم ثُكلُوا
صونوا دماكم، فيوما من قذارتهم
كلّ العراق بهذا الدّمّ يغتسلُ!
محمد العمر
12/03/2009, 11h51
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
قصيدة
عـــثـرة الـــعـمـر
أنتِ فـَوقَ الـرِّضا ، وَفـَوقَ السـُّؤال ِ
عـَثـرَة َالعـُمرِ، أكـبـِري أن تـُقــالي !
هكـذا نـَحـنُ .. نـَغــتـَـلـي كـِبـرياءا ً
قـَد عـََثـَرنا ، فـَسَجِّـلي يا لـَيـــالي !
لـَم تـَسَــلـْـنا مَواقِـفُ الـعِــزِّ يـَومـا ً
أنـُبـالي بالـمَـوتِ ، أم لا نـُبــالي
نـَحـنُ قــََومٌ إذا سـَـرَيـنـا حَـمـَلـنــا
مَوتـَنـا قـَبـْـلَ زادِنـا في الـرِّحــال ِ!
وَعـَلا الصـَّوتُ..كانَ صَوتَ أذان ٍ
يـَشعـَبُ الـرُّوحَ مثـلَ صَوتِ بـِلال ِ
فانـتـَفـَضْنـا.. كانَ العـراقُ يـُنـادي
هائِـلَ الجـُرح ِ، مُسـتـَـفـَزَّ الجـَلال ِ
لم نـَنـَمْ في الجُحورِ مثـلَ السـَّحالي
بـَلْ مَشـَـيْـنـا علي رؤوس ِالجـِبـال ِ!
وَهـوَ يَعـلـو.. يا جـَولـَة َالحـَقِّ نـَذرٌ
لـِمـآقي أطـفــالـِنــا أنْ تـُجـــالـي !
وَعَـثـَرْنـا.. لـِفـَرْطِ نـَخـوَةِ حـاديـنـا
وَغــَدْ ر ِ الأعـمـــام ِ والأخــــوال ِ
قــَد عـَثـَرنـا .. فـَسـَجِّـلي يا لـَيــالي
قـَد عـَثـَرنا في الغـَدرِ لا في الـقـتـال ِ!ِ
ثـُمَّ هـا نـَحـنُ ، والـعـراقُ يـُعـاصي
وَدِمــاءُ الـمـُقـــاوِمـيــنَ تـُـلالـــي
فـَلـْيـَقـُـلْ خــائِـنـُـوكَ صَحـوَة ُمَـوتٍ
و َلـْـيـُـجـَـنـُّـوا مِـن كـَثـرَة ِالـتــَّســآل ِ!
حـَولَ أعـنـاقـِنـا، وَيـَنـبـِضُ كـِبـْـرا ً
لـَمْ يـَطِحْ في الـتـُّرابِ زَهْـوُ الـعـِقـال ِ
قـُلْ لـِمـَن يـَلـبـَســونـَهُ وَهـوَ يـَبـكـي
ثـَكـِلـَتـْكـُم نـِسـاؤكـُم مِن رِجـــال ِ!
عـَثـْرَة َالـعـُمر.. أكـبـِري أنْ تـُقـالي
أنتِ فـَوقَ الـرِّضا، وَفـَوقَ السـُّؤال ِ
قـَد عـَثـَرنـا.. أجـَلْ.. ولـكـنْ بـِمـاذا
يـا أدِلاّءَ جـَحْـفــَل ِ الإحـتـــلال ِ؟
كـانَ يـَوما ً أبو رُغـــال ٍ، فـَقـُولـُوا
أفـْقـَسـَتْ بـَيْضَـتـاهُ عن كـَم رُغـال ِ؟!
بـِكـُمُـو أنـتـُمُـو عـَثــَرنـا، وَلـكـنْ
سَوفَ يَبقي رأسُ الـفـُراتـَين ِعالي
بـِدِمـاءِ الأشــاوِس ِ الأبـطــــــال ِ
بالـضـَّحـايـا .. بـِأدمُـع ِ الأطـفـــال ِ
بـِبـَقـايا " اللهُ أكـبـَرُ " في الـرَّاياتِ
بــالأنــْجــُم ِ الــثــَّـلاثِ الـغـَـــوالي
عـائـِداتٌ إلـَيـكِ يا رايـَة َالـرَّحمـن ِ
تـِـلــكَ الــنــُّجـومُ فـي كـلِّ حـــال ِ
سـَـيـَظـَلُّ الـعـراقُ يـَنـزِفُ حـَـتـي
يـُؤذِنَ الـلــَّيــلُ كـُلــُّهُ بـالـزَّوال ِ
وَيـْـلَ آبــائـِكـُم ، وَوَيـْـلَ بـَنـيـكـُم
مِن حـِســابِ الآتـي مـِن الأجـيــال
محمد العمر
13/03/2009, 17h48
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
يا صبر أيوب
قالوا وظلَّ.. ولم تشعر به الإبلُ
يمشي، وحاديهِ يحدو.. وهو يحتملُ..
ومخرزُ الموتِ في جنبيه ينشتلُ
حتى أناخ َ ببابِ الدار إذ وصلوا
وعندما أبصروا فيضَ الدما جَفلوا
صبرَ العراق صبورٌ أنت يا جملُ!
وصبرَ كل العراقيين يا جملُ
صبرَ العراق وفي جَنبيهِ مِخرزهُ
يغوصُ حتى شغاف القلب ينسملُ
ما هدموا.. ما استفزوا من مَحارمهِ
ما أجرموا.. ما أبادوا فيه.. ما قتلوا
وطوقـُهم حولهُ.. يمشي مكابرةً
ومخرزُ الطوق في أحشائه يَغـِلُ
وصوتُ حاديه يحدوهُ على مَضضٍ
وجُرحُهُ هو أيضاً نازِفٌ خضلُ
يا صبر أيوب.. حتى صبرُه يصلُ
إلى حُدودٍ، وهذا الصبرُ لا يصلُ!
يا صبر أيوب، لا ثوبٌ فنخلعُهُ
إن ضاق عنا.. ولا دارٌ فننتقلُ
لكنه وطنٌ، أدنى مكارمه
يا صبر أيوب، أنا فيه نكتملُ
وأنه غُرَّةُ الأوطان أجمعِها
فأين عن غرة الأوطان نرتحلُ؟!
أم أنهم أزمعوا ألا يُظلّلنا
في أرضنا نحن لا سفحٌ، ولا جبلُ
إلا بيارق أمريكا وجحفلـُها
وهل لحرٍ على أمثالها قَبـَلُ؟
واضيعة الأرض إن ظلت شوامخُها
تهوي، ويعلو عليها الدونُ والسفلُ!
كانوا ثلاثين جيشاً، حولهم مددٌ
من معظم الأرض، حتى الجارُ والأهلُ
جميعهم حول أرضٍ حجمُ أصغرهِم
إلا مروءتُها.. تندى لها المُقلُ!
وكان ما كان يا أيوبُ.. ما فعلتْ
مسعورة ً في ديار الناس ما فعلوا
ما خربت يد أقسى المجرمين يداً
ما خرّبت واستباحت هذه الدولُ
هذي التي المثل العليا على فمها
وعند كل امتحان تبصقُ المُثُلُ!
يا صبر أيوب، ماذا أنت فاعلهُ
إن كان خصمُكَ لا خوفٌ، ولا خجلُ؟
ولا حياءٌ، ولا ماءٌ، ولا سِمةٌ
في وجهه.. وهو لا يقضي، ولا يكِلُ
أبعد هذا الذي قد خلفوه لنا
هذا الفناءُ.. وهذا الشاخصُ الجـَلـَلُ
هذا الخرابُ.. وهذا الضيقُ.. لقمتُنا
صارت زُعافاً، وحتى ماؤنا وشِلُ
هل بعده غير أن نبري أظافرنا
بريَ السكاكينِ إن ضاقت بنا الحيَلُ؟!
يا صبر أيوب.. إنا معشرٌ صُبًُرُ
نُغضي إلى حد ثوب الصبر ينبزلُ
لكننا حين يُستعدى على دمنا
وحين تُقطعُ عن أطفالنا السبلُ
نضجُّ، لا حي إلا اللهَ يعلمُ ما
قد يفعل الغيض فينا حين يشتعلُ!
يا سيدي.. يا عراق الأرض.. يا وطناً
تبقى بمرآهُ عينُ اللهِ تكتحلُ
لم تُشرق الشمسُ إلا من مشارقه
ولم تَغِب عنه إلا وهي تبتهلُ
يا أجملَ الأرضِ.. يا من في شواطئه
تغفو وتستيقظ الآبادُ والأزلُ
يا حافظاً لمسار الأرضِ دورته
وآمراً كفةَ الميزان تعتدلُ
مُذ كوّرت شعشعت فيها مسلّته
ودار دولابه، والأحرُفُ الرسلُ
حملن للكون مسرى أبجديّته
وعنه كل الذين استكبروا نقلوا!
يا سيدي.. أنت من يلوون شِعفتَه
ويخسأون، فلا والله، لن يصلوا
يضاعفون أسانا قدر ما قدِروا
وصبرُنا، والأسى، كل له أجلُ
والعالمُ اليومُ، هذا فوق خيبته
غافٍ، وهذا إلى أطماعه عَجِلُ
لكنهم، ما تمادوا في دنائتهم
وما لهم جوقةُ الأقزامِ تمتثل
لن يجرحوا منكِ يا بغداد أنمُلةً
ما دام ثديُك رضاعوه ما نَذلوا!
بغدادُ.. أهلُك رغم الجُرحِ، صبرهمو
صبرُ الكريم، وإن جاعوا، وإن ثـَكِلوا
قد يأكلون لفرط الجوع أنفسهم
لكنهم من قدور الغير ما أكلوا!
شكراً لكل الذين استبدلوا دمنا
بلقمة الخبز.. شكراً للذي بذلوا
شكراً لإحسانهم.. شكراً لنخوتهم
شكراً لما تعبوا.. شكراً لما انشغلوا
شكراً لهم أنهم بالزاد ما بَخَلوا
لو كان للزاد أكّالون يا جملُ!
لكن أهلي العراقيين مغلقةٌ
أفواههم بدماهم فرط ما خُذِلوا
دماً يمجّون إمّا استنطقوا، ودماً
إذ يسكتون، بجوف الروح، ينهملُ!
يا سيدي.. أين أنت الآن؟ خذ بيدي
إني إلى صبرك الجبارِ أبتهلُ
يا أيهذا العراقي الخصيبُ دما
وما يزال يلالي ملأه الأملُ
قل لي، ومعذرةً، من أي مبهمةٍ
أعصابُك الصمُ قُدت أيها الرجلُ؟!
ما زلت تؤمن أن الأرض دائرةٌ
وأن فيها كراماً بعدُ ما رحلوا
لقد نظرت إلى الدنيا، وكان دمي
يجري.. وبغدادُ ملءَ العين تشتعلُ
ما كان إلا دمي يجري.. وأكبرُ ما
سمعتُهُ صيحة ً باسمي.. وما وصلوا!
وأنت يا سيدي ما زلت تومئ لي
أن الطريق بهذا الجبِّ يتصلُ
إذن فباسمك أنت الآن أسألُهم
إلى متى هذه الأرحام تقتتل؟
إلى متى تترعُ الأثداء في وطني
قيحاً من الأهل للأطفال ينتقلُ؟
إلى متى يا بني عمي؟.. وثابتةٌ
هذي الديارُ.. وما عن أهلها بَدَلُ؟
بلى... لقد وجد الأعرابُ منتـَسَباً
وملةً ملةً في دينها دخلوا!
وقايضوا أصلهم.. واستبدلوا دمهم
وسُوّي الأمر.. لا عتبٌ، ولا زعلُ!
الحمد لله.. نحن الآن في شُغـُلٍ
وعندهم وبني أخوالهم شُغـُلُ!
أنا لنسأل هل كانت مصادفةً
أن أشرعت بين بيتي أهلنا الأسَـلُ؟
أم أن بيتاً تناهى في خيانته
لحدِّ أن صار حتى الخوفُ يفتعلُ؟
وها هو الآن يستعدي شريكته
بألفِ عذرٍ بلمح العين ترتجلُ!
أما هنا يا بني عمي، فقد تعبت
مما تحن إلى أعشاشها الحَـجَـلُ!
لقد غدا كُلُ صوت في منازلنا
يبكي إذا لم يجد أهلاً لهم يصلُ!
يا أيها العالم المسعورُ.. ألفُ دمٍ
وألفُ طفل ٍ لنا في اليوم ينجدل
وأنت تُحكِمُ طوقَ الموت مبتهجاً
من حول أعناقهم.. والموت منذهلُ!
أليس فيك أبٌ؟.. أمّ ٌ يصيح بها
رضيعُها؟؟ طفلةٌ تبكي؟ أخٌ وجِلُ؟
يصيح رعباً، فينزو من توجّعه
هذا الضميرُ الذي أزرى به الشلل؟
يا أيها العالم المسعورُ.. نحن هنا
بجُرحنا، وعلى اسم الله نحتفل
لكي نعيد لهذي الأرض بهجَتها
وأمنَها بعدما ألوى به هُبلُ!
وأنت يا مرفأ الأوجاع أجمعها
ومعقلَ الصبر حين الصبرُ يُعتقلُ
لأنك القلب مما نحن، والمُقـَلُ
لأن بغيرك لا زهوٌ، ولا أمل
لأنهم ما رأوا إلاّك مسبعة
على الطريق إلينا حيثما دخلوا!
لأنك الفارع العملاقُ يا رجلُ
لأن أصدق قول فيك: يا رجلُ!
يقودني ألفُ حب.. لا مناسبةٌ
ولا احتفالٌ.. فهذي كلها عللُ!
لكي أناجيك يا أعلى شوامخها
ولن أرددَ ما قالوا، وما سألوا
لكن سأستغفر التاريخَ إن جرحت
أوجاعُـنا فيه جرحاً ليس يندمل
وسوف أطوي لمن يأتون صفحته
هذي، لينشرها مستنفرٌ بطلُ
إذا تلاها تلاها غيرَ ناقصة
حرفاً... وإذ ذاك يبدو وجهك الجـَذِلُ!
يا سيدي؟؟ يا عراقَ الأرض.. يا وطني
وكلما قلتُها تغرورقُ المقل!
حتى أغصّّ بصوتي، ثم تطلقه
هذي الأبوة في عينيك والنـُبـُلُ!
يا منجمَ العمر.. يا بدئي وخاتمتي
وخيرُ ما في أني فيك أكتهلُ!
أقول: ها شيبُ رأسي.. هل تكرمُني
فأنتهي وهو في شطيك منسدلُ؟!
ويغتدي كلّ شعري فيك أجنحة
مرفرفاتٍ على الأنهار تغتسلُ!
وتغتدي أحرفي فوق النخيل لها
صوتُ الحمائم إن دمع ٌ، وإن غـَزََلُ
وحين أغفو... وهذي الأرض تغمرُني
بطينها... وعظامي كلُها بلل
ستورق الأرضُ من فوقي، وأسمعُها
لها غناءٌ على أشجارها ثملُ
يصيح بي: أيها الغافي هنا أبداً
إن العراق معافى أيها الجملُ!
محمد العمر
13/03/2009, 18h26
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
رائعه من روائع شاعرنا الكبير
من لي ببغداد
دَمعٌ لـِبـَغـــداد .. دَمعٌ بالـمَـلايـيــن ِ
مَن لي بـِبـَغــداد أبـكـيـها وتـَبـكيـني ؟
مَن لي ببغداد ؟..روحي بَعدَها يَبـِسَـتْ
وَصَوَّحـَتْ بَعـدَها أبـْهـى سـَـناديـني
عـُدْ بي إلـَيهـا.. فـَقـيرٌ بَعـدَها وَجـَعي
فـَقـيـرَة ٌأحـرُفي .. خـُرْسٌ دَواويـني
قد عَرَّشَ الصَّمتُ في بابي وَنافِـذ َتي
وَعـَشـَّشَ الحُزنُ حتى في رَوازيـني
والشـِّعرُ بغـداد ، والأوجاعُ أجمَعـُها
فانظـُرْ بأيِّ سـِهـام ِالمَوتِ تـَرميني ؟!
عـُدْ بي لـِبغــداد أبكـيهـا وتـَبكـيـني
دَمعٌ لـِبـَغـــداد .. دَمعٌ بالـمَلايـيـن ِ
عُدْ بي إلى الكـَرخ..أهلي كلـُّهُم ذ ُبحُوا
فـيها..سـَأزحَفُ مَقطوع َالـشـَّرايين ِ
حتى أمُرَّ على الجسرَين..أركضُ في
صَوبِ الرَّصافـَةِ ما بـَينَ الـدَّرابـيـن ِ
أصيحُ : أهـلـي...وأهلي كلـُّهُم جُثـَثٌ
مُـبـَعـثـَرٌ لَـَحـمُهـا بـيـنَ السَّـكاكـيـن ِ
خـُذني إليهـِم .. إلى أدمى مَقـابرِهـِم
لـِلأعـظـَمـيـَّةِ.. يا مَوتَ الـرَّياحـيـن ِ
وَقِفْ على سورِها،واصرَخْ بألفِ فـَم ٍ
يـا رَبـَّة َالسـُّور.. يا أ ُمَّ المَسـاجـيـن ِ
كـَم فـيـكِ مِن قـَمَـرٍ غـالـُوا أهـِلــَّتـَهُ ؟
كـَم نـَجمَةٍ فيكِ تـَبكي الآنَ في الطـِّين ِ؟
وَجُزْ إلى الـفـَضل ِ..لِلصَّدريَّةِ النـُّحِرَتْ
لـِحارَةِ الـعـَدل ِ ..يـا بـُؤسَ الـمَيـاديــن ِ
كـَم مَسـجـِدٍ فـيـكِ .. كـَم دارٍ مُهـَدَّمَةٍ
وَكـَم ذ َبـيح ٍ علـَيهـا غـَيـرِ مَدفـُون ِ؟
تـَناهَشـَتْ لحمَهُ الغـربانُ ، واحتـَرَبَتْ
غـَرثى الـكِلابِ عـلـيـهِ والـجـَراذيـن ِ
يا أ ُمَّ هـارون ما مَرَّتْ مصيـبـَتـُنـا
بـِأ ُمـَّةٍ قـَبـلـَنـا يـا أ ُمَّ هـــــــــارون ِ!
أجري دموعا ًوَكـِبـْري لا يُجاريني
كيفَ الـبـُكا يا أخـا سـَبْـع ٍوَسـَبعـيـن ِ؟!
وأنـتَ تـَعـرفُ أنَّ الـدَّمعَ تـَذرفــُـهُ
دَمعُ الـمُروءَةِ لا دَمعَ الـمَسـاكـيـن ِ!
دَمعٌ لـِفـَلـُّوجـَةِ الأبطال..ما حَمَلـَتْ
مَديـنـَة ٌمِن صِفـاتٍ ، أو عـَنـاويـن ِ
لـِلـكِبريـاءِ..لأفعـال ِالـرِّجـال ِبـِهـا
إلا الـرَّمادي .. هـَنـيـئـا ًلـِلـمَيامين ِ!
وَمـَرحـَبـا ًبـِجـِبـاه ٍ لا تـُفـارِقـُهــا
مـَطـالـِعُ الـشـَّمس ِفي أيِّ الأحـايين ِ
لم تـَألُ تـَجـأرُ دَبـَّابـاتـُهـُم هـَلـَعـا ً
في أرضِها وهيَ وَطـْفاءُ الـدَّواوين ِ
ما حَرَّكوا شَعرَة ًمِن شـَيبِ نـَخوَتِها
إلا وَدارَتْ عـَلـَيهـِم كـالـطـَّواحـيـن ِ!
يا دَمعُ واهمـِلْ بـِسـامَرَّاء نـَسـألـُها
عن أهـل ِأطـوار..عن شـُمِّ العَرانين ِ
لأربـَع ٍ أتـخـَمُوا الغـازينَ مِن دَمِهـِم
يا مَن رأى طاعـِنا ًيُسقى بـِمَطعون ِ!
يا أ ُخـتَ تـَلـَّعـفـَرَ القـامَتْ قـيامَتـُها
وأ ُوقـِدَتْ حـَولـَهـا كلُّ الـكـَوانـيـن ِ
تـَقـولُ بـَرلـيـن في أيـَّام ِسـَطوَتِهـا
دارُوا عَلـَيهـا كـَما دارُوا بـِبـَرلـيـن ِ
تـَنـاهـَبُوها وكانـَتْ قـَريـَة ًفـَغـَدَتْ
غـُولا ًيـُقـاتـِلُ في أنـيـابِ تـِنـِّيـن ِ!
وَقِفْ على نـَينـَوى..أ ُسطورَة ٌبـِفـَمي
تـَبقى حُـروفـُكِ يا أ ٌمَّ الـبـَراكـيـن ِ
يا أ ُخـتَ آشـور..تـَبقى مِن مَجَرَّتـِهِ
مَهـابَة ٌمنـكِ حـتى الـيـَوم تـَسـبـيـني
تـَبـقى بـَوارِقــُه ُ، تـَبـقى فـَيـالـِـقــُه ُ
تـَبـقى بـَيـارِقــُهُ زُهـْرَ الـتـَّلاويـن ِ
خـَفـَّاقـَة ًفي حـَنـايـا وارِثي دَمـِه ِ
يـُحـَلـِّقـُونَ بـِهـا مثـلَ الـشـَّواهـيـن ِ
بـِها ، وَكِبـْرُ العراقيـِّين في دَمِهـِم
تـَداوَلـُوا أربـَعـا ًجَيشَ الشـَّياطـين ِ
فـَرَكـَّعُـوه ُعلى أعـتـابِ بَلـدَتـِهـِم
وَرَكـَّعُـوا مَعـَهُ كلَّ الـصَّهـايـيـن ِ!
يا باسـِقـاتِ ديـالى..أيُّ مَجـزَرَة ٍ
جَذ َّتْ عروقـَكِ يا زُهـْرَ البَساتين ِ؟
في كلِّ يَوم ٍ لـَهُم في أرضِكِ الطـُّعِنـَتْ
بالـغـَدرِ خِطـَّة ُ أمْن ٍ غـَيـرِ مأمون ِ
تـَجيشُ أرتالـُهُم فوقَ الدّروع ِبـِهـا
فـَتـَتـرُكُ الـسـُّـوحَ مَلأى بالـقـَرابين ِ
وأنتِ صامِدَة ٌتـَسـتـَصرِخـينَ لـَهُم
مَوجَ الـدِّمـاءِ على مَوج ِالثــَّعـابين ِ
وكـلـَّمـا غـَرِقـوا قـامَتْ قـيامَتـُهـُم
فـَأعلـَنـُوا خطـَّة ً أ ُخرى بـِقـانون ِ!
يا أطهـَرَالأرض..يا قدِّيسـَة َالطـِّين ِ
يا كـَربـَلا..يا رياضَ الحُورِ والعِين ِ
يا مَرقـَدَ الـسـَّيـِّدِ المَعصوم..يا ألـَقا ً
مِن الـشـَّهادَةِ يَحـمي كلَّ مِسـكـيـن ِ
مُدِّي ظِلالـَكِ لـِلإنسـان ِفي وَطـَني
وَحَيثـُما ارتـَعـَشـَتْ أقـدامُهُ كـُوني
كـُوني ثـَباتـَا ً لهُ في لـَيـل ِمِحـنـَتـِهِ
حتى يوَحـِّدَ بيـنَ الـعـَقـل ِوالـدِّيـن ِ
حتى يَكونَ ضَميرا ًناصِعا ً ، وَيَدا ً
تـَمـتـَدُّ لـِلخـَيـرِ لا تـَمـتـَدُّ لـِلـدُّون ِ
مَحروسـَة ٌبالحُسَين ِالأرضُ في وَطني
وأهـلـُهـا في مَلاذٍ مـنـهُ مـَيـمون ِ
ما دامَ في كـَربَلا صَوتٌ يَصيحُ بـِها
إنَّ الـحُـســَيـنَ وَلـِيٌّ لـِلـمَسـاكـيـن ِ
يا جـُرحَ بَغـداد .. تـَدري أنـَّني تـَعِبٌ
وأ نتَ نـَصلٌ بـِقـلـبي جـِدُّ مَســنـُون ِ
عـُدْ بي إليها ، وَحَدِّثْ عن مروءَتـِها
ولا تـُحـاولْ على الأوجاع ِتـَطميـني
خـُذ ْني إلى كلِّ دارٍ هـُدِّمَتْ ، وَدَم ٍ
فيهـا جـَرى ، وَفـَم ٍحـُرٍّ يـُنـاديـني
يَصيحُ بي أيـُّهـا الـبـاكي على دَمِنا
أوصِلْ صَداكَ إلى هـذي الـمَلايين ِ
وقـُلْ لـَهـا لـَمْلـِمي قـَتلاكِ واتـَّحِدي
على دِماكِ اتـِّحـادَ السـِّين ِوالشـِّين ِ
مِن يـَوم ِكانَ العـِراقُ الحُرُّ يَغمُرُهُم
حـُبـَّا ً إلى أن أتى مَوجُ الشـَّعـانين ِ!
دَمعٌ لـِبـَغــداد .. دَمعٌ بالـمَلايـيـن ِ
دَمعٌ على البُعـدِ يَشجيها وَيَشجيني ..
محمد العمر
13/03/2009, 18h41
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
في حوار صحفي مع شاعرنا قال :
أسجل هنا للتاريخ أنني حين كنت طفلاً في الابتدائية ، كنت ألثغ بحرف " الراء " بصورة مؤلمة .. وأن خالتي كانت تحتجزني ساعات كل يوم ، واضعة حصاة صغيرة تحت لساني ، وهي تحرضني ، بالأغراء تارة ، وبالوعيد تارة أخرى ، على أن ألفظ " الراء " .. إلى أن تعلمت النطق بها !
مـذ كان صوتي كصوت قـبرةٍ
وكـان لي لثغـةٌ أحاولها
عـراق .. والراء حين ألـفظها
أسـمع أمي تعلو هلاهلها
لليوم والراء يا عـراق هـويً
ودوحـةٌ في دمي بلابلها !
محمد العمر
13/03/2009, 19h14
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
هبها دعاءك
هَـبـْهـا دَعـاءَ كَ ، فـَهيَ لا تـَتـَذكــََّرُ
مِن فـَرْطِ ما اشتـَبَكـَتْ عليها الأعْصُرُ
وَأعـِدْ نـِداءَ كَ مَـرَّة ً أ ُخـرى لـَهـا
فـَلـَعـَـلَّ عـَبـْرَتـَهـا بـِهِ تـَـتـَـكـَسـَّـرُ
وَلـَعـَلـَّهـا ،وَهيَ الـذ َّبـيحـَة ُ،سـَيـَّدي
بـِمـَهـيبِ صـَوتـِكَ عـُريـُهـا يـَتـَدَ ثــَّرُ!
وَلـَعـَلَّ مَن وَثـَبُـوا عـلى حـُرُماتـِهـا
نـَزَواتـُهـُم بـِجــَلالــِهِ تـَتـَعـَـثــَّرُ
هـَبْهـا جَمالَ الـدِّيـن ِصَوتـَكَ حـانـيا ً
يَعـلو ، فـَيـَخـشـَعُ مِن تـُقـاهُ المِنـبَـرُ!
فـَعَسى مَسامِعُُهُم ،وَبَعضُ قـلوبـِهـِم
تـَنـدَى بـِهِ مِن قــَبْـلـِما تـَتـَحَجـَّرُ
وَعَسـاكَ تـُدرِكُ قـَطـرَة ًمِن مائـِهـا
أو نـَخـلـَة ًيـَبـِسـَتْ تـَعـودُ ، فـَتـُثـمِـرُ!
وَلـَعـَلَّ طـاعـِنـَهـا ، وأنـتَ تـَهـُزُّه ُ
يَصحُو، فـَيَسـقـُط ُمِن يَدَيـهِ الخِنجـَرُ!
*
بغـدادُ أ ُختـُكَ مُصطفى ، فـَأقـِمْ لـَها
أنـتَ الـصَّـلاة َ ، لـَعَـلــَّهـا تـَـتـَأثَــَّرُ
بـِعَميق ِوَجْـدِكَ..عَلَّ في شـُطـآنـِهـا
جـُرْفـا ً تـُلامِـسـُه ُ فـَلا يـَتـَفـَطــَّرُ!
فـَلـَقـَد عـَهـِدتـُكَ والـمُروءَة ُغـَيْمـَة ٌ
في صَوتـِكَ الحاني تـَهـِلُّ وَتـُمطـِرُ!
تـَسقي الهَوى..يا رُبَّ عَوْسـَجَةٍ بـِهِ
بـَقـيَتْ طِوالَ حـَياتـِها تـَخضَوضِرُ!
صِفـَة ُ" الجَميل ِ"كأنَّ كلَّ حُروفـِها
تـُنـْمى إلـَيـكَ ، وكـُلــَّها بـِكَ تـُزْهـِرُ!
وَجْهـا ً، وأخلاقـا ً، وَعـُمْـقَ مُروءَةٍ
وَتـُقىً .. وأعـْظـَمُهـُنَّ أنـَّكَ تـَأسـِـرُ
بـِوَديع ِ طـَبْعـِكَ ، حـَـدَّ أنَّ مَحـَبـَّة ً
تـَنسـابُ مِلْءَ الـرُّوح ِحَيـْثُ تؤَشـِّـرُ!
*
عـُذرا ًأبا حَـسـَن ٍ.. هـُموميَ جـَمـَّة ٌ
وَوَريفُ غُصْنِكَ رغمَ نـَأيـِكَ أخضَرُ
وأخافُ مِن وَجَعي عليهِ فـَقد مَضَتْ
عـشـرونَ عـامـا ًبـَيـنـَنـا تـَتـَحَـسـَّـرُ
أنـَّا أضـَعْـنـا في الأسـى أعـمـارَنـا
والـحُـزنُ في أعـمـاقـِـنـا يـَتـَجَـذ َّرُ
لـَم نـَلـتـَفـِتْ لـِلـمُحْـدِقـاتِ بـِبـَيْـتـِنـا
والـمُحْـدِقـيـنَ بـِهِ ، وأينَ تـَسَـتـَّروا
لـَم نـَسـأل الأبـوابَ عـَن أقـفـالـِهـا
لـَم نـَدْرِ مـاذا خـَلـفـَهـُنَّ يـُدَ بـَّـرُ
وَإذا بـِنا ، فـي لـَيـلـَتـَين ِ، مُبـاحَـة ٌ
حَـتـَّى مَحـارِمُـنـا لـِمـَن يـَتـَسـَـوَّرُ!
أمـَّا الدِّماءُ ، فـَلـَو وَصَفـْتُ أقـَلـَّهـا
لـَجَرَتْ دُموعُكَ في ضَريحِكَ تـَزخَرُ!
هذا دَمُ الـفـُقـَراءِ يـَنزِفُ مُصطفى
وَفـَقـيرُهُم يـَبكي عـلـيهِ الأفـقـَـرُ!
هذا دَمُ الـعـُلـَمـاءِ .. مَن أحْـبـَبْـتـَهُم
ذ ُبـِحُوا على مَرأى الأنام ِوَسـُفـِّروا!
وَدَمُ الــَّذيـنَ كـَتـَبْـتَ عـنـهُـم أنـَّهُـم
بَنـَوا الحَضارَة َفي العراق ِ،وَعَمَّرُوا
دَمُ هؤلاءِ يـَسـيـلُ ، لا دَمُ مَن غـَزا
وَحـِـذاؤه ُ بـِرِقــابـِنــا يـَتـَـأمـَّرُ!
يـا سـَيـِّدي ، بغـدادُ حتى شـَمسـُهـا
سـَـوداءُ مـِمـّا وَجـْهـُهـا يـَتـَعـَفـَّرُ!
لا مـاؤهـا يـَنسـابُ ، لا ظـَلـْماؤهـا
تـَنـجـابُ .. لا إعسـارُهـا يـَتـَيَسـَّـرُ
أمـّا مـَواســِمُ شـِعـرِهـا فـَجَميعـُهـا
مِن بَعْـدِ صَوتـِكَ عارِضٌ لا يـُذكـَرُ!
*
عـُذرا ًأبا حَسـَن ٍ، وَمِثـْلـُكَ عـاذِ رٌ
لـُغـَتي على وَجَعي ، وَمِثليَ يُعذ َرُ
إنـَّا تـَقـاسـَمْـنـا الـتـَّشـَرُّدَ ..عِـشـتـَه ُ
قـَبْـلي ، وَهـا أنـَذا بـِه ِ أتـَعـَـثــَّرُ
لـَنْ أدَّعـي أنـِّي صَبـورٌ في الأذى
بَعضُ الأذى مِن كـُلِّ صَبْرٍ أكـبـَرُ!
لـكـنـَّه ُ وَطـَني يـُهَـيـَّـأ ُ نـَعْـشـُـه ُ
لـِيـَصيرَ أوطـانا ًتـَضيعُ وَتـُطـْمَرُ
مِن أجْل ِمَن ذ ُبـِحَ العِراقُ ،وأهلـُه ُ
في كلِّ أرجـاءِ الـبـَريـَّة ِبـُعـثـِروا؟
مِن أجْل ِمَن مليونُ طِفـل ٍشـُرِّدوا
وَحَدائقُ السـَّرَطان ِفـيهـِم تـُزهـِرُ؟!
مِن أجْـل ِمَن يا سـَـيـِّدي آبـاؤنــا
وَصـِغـارُنـا مِن كلِّ بَيـتٍ هُجـِّروا؟
كـُلٌّ بـأرض ٍ ..لا أبـا لأبـيـهـِمُـو
اليـابـِسـاتُ نـَأتْ بـِهـِم والأبحـُرُ
وَلـِمَن بـَنـادِقُ أهـلـِنـا وَنـِصا لـُهُم
بَعضٌ عـلى أعـنـاق ِبَعض ٍتـُشـهَرُ؟
أفـَهـذِه ِلـُغـَة ُ الـعـَدالـَة ِمُصطـَفى
جاءوا بـِهـا لـِيـُقـَوِّموا ، وَيُحَرِّروا؟
لـِتـَنـامَ إسـرائيـلُ مِلْءَ جـفـونـِهـا؟
وَكـلابـُهـا في أرضِـنـا تـَتـَبـَخـتـَرُ؟
لـِتـُقـيـمَ أمريـكـا بـِعـُقـْر ِبـيـوتـِنـا
وَنـَظـَلَّ نـحـنُ لـَهـا خِرافـا ًتـُنـحـَرُ ؟
أفـَلـَم يـَكـُنْ إلا نـَزيفُ دِمائـِنــا
سـُقـيا لـِكي يـَنمو الخـَرابُ الأكـبـَرُ؟!
*
عـَفـْوَ ابتـِسـامَتـِكَ التي أدري بـِهـا
حَـتـَّى بـِأقسى الـمُوجـِعـاتِ تـُنـَوِّرُ
أنتَ الإمامُ السـَّمْحُ ، والـعَـلـَمُ الذي
أبـَدا ً مـَعـالـِمُ وَجْهـِه ِ تـَسـتـَبشـِـرُ
ما راءَ هُ مَن راء ٍ ، في أوجـاعـِه ِ
إلا ، عـَلـى أوجــاعـِه ِ ، يـَتـَنـَـدَّرُ!
يا صاحِـبَ الـقـَلـَم ِالأ ُحِـسُّ كـأنـَّه ُ
تـَبكي السـُّطورُ عَلـَيهِ وَهوَ يُسـَطـِّرُ
مِن فـَرْطِ ما يـَبْري حُشـاشـَتـَه ُبـِها
أرأيـتـُمو قـَلـَمــا ً بـِحـَرفٍ يؤسـَـرُ؟!
لـِلــَّهِ دَ رُّكَ مُصطـَفى ، وَمُبـــارَكٌ
قـَبـرٌ حـَواكَ ، وإنْ تـَكـُن لا تـُقـبـَرُ!
محمد العمر
16/03/2009, 19h26
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
أنا عبدُ كلِّ عبيدِ مجتمعِ الصعاليكِ!
مِمَّن سأحميكِ؟
إن كنتُ سكّيني أنا مزروعةٌ فيكِ؟!
يا مَنْ غَدَوتِ فريسةً حتى لأهليكِ!
ممَّن سأحميكِ؟
..
أدري سأُبكيكِ
رجلٌ أنا.. مَلِكٌ، ولكنْ..
مَنْ مَماليكي؟
أنا عبدُ كلِّ عبيدِ مجتمعِ الصَّعاليكِ!
عبدٌ لأولادي
عبدٌ لأحفادي
..
عبدٌ لِعشرَةِ نصفِ قرنٍ..
جِدُّ مملوكِ!
..
نفسي تُعاتبُني
إرثي يُحاسبُني
بيتي تُراقبُني به حتى شَبابيكي!
وأنا أرى سُفُني تهيمُ على شواطيكِ
تبكي، وتُبكيكِ!
..
ممَّن سأحميكِ؟
من ظُلمِ حبّي؟..
ليتَ حبّي كان يؤويكِ!
يا ليتَني بأضالِعي يوماً أُغطّيكِ!
يا ليتني أرسَيتُ عمري في مَراسيكِ!
وأنا أرى حَشدَ الذّئابِ على مَوانيك
وأرى الكلابَ تكادُ تنهشُ كلَّ ما فيكِ
وأظلُّ أبكي..
كالجبانِ أظلُّ أبكيكِ!
ويدي..
مدَدّتِ لها يَدَيكِ،
ولا تُلَبّيكِ!
..
الآن لا..
بجميعِ أجنِحَتي سأطويكِ
سأُضيءُ كلَّ نجومِ عمري في لياليكِ
سيكونُ مَهرُكِ من دمي،
إن كانَ يَكفيكِ
أحميكِ.. حتى من غيومي سوفَ أحميكِ
لكِ أن أُضيءَ الآن بيتَكِ،
لا أواسيكِ!
محمد العمر
16/03/2009, 19h34
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
لمَ هكذا تتصرّفين؟
تتَصرَّفينْ
وكأنَّ غداً ستودّعينْ
وكأنَّما لم يبقَ شيءٌ ههنا به تأبَهينْ
تُحصين أياماً متى Good Buy موعدُها يحينْ!
وتَزهَدينْ
للمرةِ الأولى أراكِ بكلِّ شيءٍ تَزهدَينْ
حتى بعطرِكِ تزهَدينْ
حتى بغُرفتكِ الأنيقةِ لم تعودي تَحفَلينْ
ونذرتِ نفسكِ تَعتَنينْ
بمكتبي..
إكمالِ أرشيفي.. بشِعري
تَطبَعينْ
وتؤرشِفينْ
وكأنّما مع ما بقيْ من عمرنا تتسَابقينْ!
تضَعين آخرَ لَمسةٍ قبلَ الوداع..
وتذهبينْ!
..
لم هكذا تتّصرَّفينْ؟
قرَّرتِ فعلاً عن حياتكِ كلِّها تتغَّربينْ؟؟
عن ذكرياتكِ ترحلينْ؟
عن أمنياتكِ ترحلينْ؟
حتى عن الأحلامِ.. أحلام الطفولةِ ترحلينْ؟!
***
عن كلِّ آلام السنين،
وكلِّ أفراحِ السّنينْ؟
وإذن.. فما جدوى الحياة؟
لأيِّ شيءٍ تَركضينْ؟
وخُطاكِ تائهةٌ،
وليس بدَربها شيءٌ يبَينْ
لِم تذهبينْ؟
ولأيْ شيءٍ تذهبينْ؟؟
ستضيعُ كلُّ حياتِنا،
ويظلُّ يقتلُنا الحَنينْ..؟
محمد العمر
16/03/2009, 22h14
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
ومباركةً أنتِ يا أمَّ بيتي
سبعةٌ وثلاثون عامْ
مثلما نجمةٌ
تركتْ جرحَها
عالقاً في الظلام
مثلما يُعبر الآن هذا الغمام
عبرَتْ أمَّ خالد
..
كم ربيعاً مضى؟
كم شتاءاً وصيفْ؟
كم خريفاً بأعمارنا حلّ ضيفْ؟
..
كم ضحكنا معا؟
كم ذرَفنا على دربنا أدمُعا؟
كم تسرَّبَ من عمرنا من يَدَينا؟
كم عزيزاً علينا
أصبح الآن طيفْ؟
كيف لم ننتَبهْ أمَّ خالد.. كيف؟!
..
سبعةٌ وثلاثون عام
أصبحت كلُّ أصدائها
مثلَ رجعٍ بعيد
رغم أني أحاولُ،
واليوم عيد..
..
لَيُخَيَّلُ لي أمَّ خالد
فرطَ ما شمسُ عمري تميلْ
أنَّ ظلّي وظلَّك صارا بطولِ ظلال النَّخيلْ!
..
ومباركةٌ أنتِ يا أمَّ بيتي
عَدَّ كلِّ الأماني
وكلّ الأغاني
عدَّ كلّ الدموعْ
عدَّ كلِّ الدعاء الذي دونَ صوتِ
كان يلهجُ بين الضلوعْ..
..
عدَّ كلِّ السَّهَرْ
مباركةٌ عدَّ نَقرِ المطَرْ
فوق شبّاكِ غرفةِ نومكِ
بينا صغيرُكِ يبكي،
يُناغي..
ويلعبُ حتى الصباحْ
وأنتِ،
على رهَقِ اليوم،
عيناكِ شاخصتانِ لهُ
وذراعُكِ تطويهِ طيَّ الجناحْ
..
مباركةٌ أمَّ خالدْ
بشموع ثلاثين عاماً ونَيفْ
ودموعِ ثلاثين عاماً ونيفْ
وكونُكِ جدَّةَ بارقْ
وجدَّةَ سلسلْ وسَيفْ
وأمَّ بَنيَّ وبنتي
فأنتِ العراقُ بأبهى معانيه
طيبتِهِ،
وخصوبِتِهِ
وليَالٍ غَفَونا بها كالحمامْ
ثم صرنا معاً أمَّ خالدْ
على كِبَرٍ لا ننام...
ملاحظه:ام خالد هي زوجة شاعرنا الكبير
محمد العمر
16/03/2009, 22h31
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
حزن في 10/3/1999
أيُّها النَّازِفُ دمعاً ودَما
ما الذي يَنفعُ والدَّهرُ رمى
أغلِقْ البيتَ، وأطفيءْ شَمعَهُ
كانَ ميلاداً وأمسى مأتما
ربَّما يوماً إذا صادَفتَها
تَذكرُ الأعيُنُ بعضاً.. ربّما!
ملاحظه: 10\3 هو تأريخ ميلاد شاعرنا
محمد العمر
16/03/2009, 22h46
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
قمرٌ في شواطي العمارة
أراهنُ أنَّ الذي أسمعُ الآن ليس الصدى
أراهن أنَّ الذي يُقلقُ الضجَّةَ الآن
شيءٌ سوى، الصَّمت
هل قلتُ شيئاً عن الذاكره؟
..
ربَّما كان لي قمرٌ
ربَّما أورَقَتْ سدرةٌ ذات يومٍ
بزاويةٍ في العمارة أعرفُها
ولجأت إليها صغيراً
يعذّبني الشكُّ في حيَّةٍ قيل تسكنُها
ولجأتُ إليها كبيراً
فلم نتعرَّف على بعضنا
آهِ.. مَن لي بخوف الطفوله؟!
..
وأقسمُ أنَّ الذي أسمع الآن ليس الصَّدى
أنَّ ما يتسلَّلُ بين المفاصلِ
شيءٌ سوى الصمت..
يا قمراً في شواطي العمارةِ
مِن أين نأتي بحَدس الطفولةِ
من أين..؟!
ملاحظه: العمارة هي محافظة (ميسان) تقع في جنوب العراق وهي مسقط رأس شاعرنا
محمد العمر
16/03/2009, 22h54
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
يا وجع النسيان!
عامان يا شواطيء المرجان
عامان منذ أول ريشة لنا
رفتْ على الشطآن
عامان مُذ أول فانوس أضاء في سفينة
ظلت بنا تسري بلا سفان
عامان مذ أولى حكايا الجان
حَكتْ بها حورية كانت تسمى يان
تُرى أما زالتْ تناجي الليل حتى الآنْ؟..
يا وجعَ النسيانْ..!
محمد العمر
16/03/2009, 23h02
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
لا استجابة
مع كلِّ نَفَسْ
لو فمي دون وعيٍ هَمَسْ
لو يدي جفلَتْ..
إصبعي لو لَمَسْ
دون قصدٍ،
أو أنّي تحرَّكتُ
حتى ولو دون مَسّْ
لتهيَّأتِ محفوفةً بالحَرَسْ
لتصدّي اعتدائي..!
تَتيبَّسُ بين عروقي دمائي
وأظلُّ أحدقُ فيكِ..
أفِعلاً هي المرأةُ الهِمْتُ فيها..؟
أفأدنو لها الآن،
أم أتَّقيها؟
وتقولين أنكِ لا تفهمينْ
لماذا أموتُ إذا كان ثغرُكِ بين شفاهي
..
هكذا؟؟
فلماذا أُعذبُ فيكِ مياهي
إذا كنتِ لا تَشْعرين
بأيَّةِ ردّةِ فعلٍ
سوى الحزنِ،
والاكتئابِ الدَّفين..؟
وبالنَّدمِ اللايَبينْ..؟
..
ألفَ معذرةٍ لدمي
ألفَ معذرةٍ لفمي
أنه لم يقبِّلْ حبيباً
ولكنه مَسَّ ثغراً غريباً
فجفَّلَ أصحابه..!
ألفَ عذرٍ لهم أنَّنا
رغم قَطْعِ شراييننا
لم نُوفَّقْ لإيقاظِ فرحتهم
بل تركنا لديهم فناراً كئيباً
ونهاراً رتيباً
وتركنا غداً،
ربما لن يجيء
وإذا جاء
يبقى مُريبا..!
محمد العمر
16/03/2009, 23h08
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
وطن
مرَّة قيلَ لي
لمَ مِن دونِ كلِّ الشَّجَرْ
تحتفي بالنخيلْ؟
..
لم أجد ما أقول
غيرَ أنيّ تَذكَّرتُ كيف الفصول
تتعاقبُ كانت على بيتنا في العماره..
..
وتذكرتُ كيفْ
في شتاءٍ وصيفْ
تتغيَّرُ أشكالُ كلِّ الشجَرُ
تتناثرُ أوراقُهُ في المطرْ
وحدَها كانت المطمئنَّةَ في بيتنا
بين بردٍ وحَرّ..
وتذكرتُ..
يا ما رأيتُ بها تَمَرةً نصفَ مأكولةٍ
كان جَدّي يقول
لم أجدْ كالبلابلِ شيئاً أكولْ
إنها تعشق التمرَ،
تأكلُهُ وتغنّي
ووجدتُ مع الوقتِ أنّي
أعشقُ النخلَ والتَّمرَ
أعشقُ فيه البَلابلَ والطَّلعَ
والسَّعَفَ اللايحولْ
رغمَ كلِّ اختلاف الفصول
..
حين أصبحتُ في سنِّ جدّي
ونظرتُ لمجدِ العراقْ
صرتُ أدري لماذا
دمُ ألفِ شهيدٍ
لسعفةِ نخلٍ يُراقْ..
محمد العمر
16/03/2009, 23h12
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
القبلةُ الأولى
كنتُ أعلمُ كيف سترتجفينْ
كيف كلُّ مساماتِ جلدكِ تشهقُ مذعورةً
ثم تَسكنُ مبتلَّةً بالحنينْ..!
..
كنتُ أعلمُ كيف سيصفرُّ وجهُكِ
يَحمرُّ وجهُكِ
كيف أصابُعكِ الثَّلجُ
ينبضْنَ
تنهضُ فيهنَّ أشرعةٌ لا تَبينْ
ثم يُبحرنَ ملءَ دمي،
وفمي
..
مُطبَِقٌ في جنونٍ على شفتيكِ
وشيئاً فشيئاً
صَهيلُكِ مُهرَتُهُ تَستكينْ..!
كنتُ أعلمُ كيف ستنخلعينْ
من جذوركِ يا زهرةَ الياسمينْ
وأعلمُ أنَّكِ
عند انخلاعِكِ
في كلِّ أوردتي تَنبُتينْ..!
محمد العمر
16/03/2009, 23h22
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
الغيرة القاتلة
أنتِ حاشا أن تُصبحي دزدمونهْ....وعطيلٌ بضَعفِهِ لن أكونَهُ!
أنا فيَّ اشتعالُهُ، غيرَ أنّي....غيرَتي قطُّ لم تكنْ مجنونَه!
ربّما تُبصرين قلبي ذبيحاً....ربَّما تُبصرين روحي طَعينَه
ربَما تُبصرين كلَّ ضلوعي....بدوامي هواجسي مَسكونَه
لا تخافي منها، فقلبيَ أوفى....لهواكِ الجميلِ مِن أن يخونَه!
لا تخافي.. حتى ولو صِرتُ ذئباً....ستكونينَ من نيوبي مَصونه!
أنتِ روحي، ولو أكون جباناً....حدَّ أن تَفقدي لديَّ السَّكينه!
محمد العمر
16/03/2009, 23h25
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
منذُ متى بدأتِ تكذُبين؟!
تُرى،
منذُ متى بَدأتِ تَخدعينَني؟
من أوَّلِ الطريق؟
أم في آخرِ الطريقْ..؟
..
منذُ متى بدأتِ تَكذبينْ؟
منذُ متى صرتِ تُراوغينْ؟
من أوَّلِ ابتسامَه؟؟
من أوَّلِ الخُطى إلى مكتبِهِ،
وظنَّ كالحمامه
جئتِ تُرَفرفينْ؟!
من يومِها كنتِ تُمثِّلينْ؟؟!
وكُنتِ تَسمعينَني
حتى ولو في صمتيَ العميقْ
وكنتِ تَجمَعينني
إذا تبعثَرتُ وعَزَّ الأهلُ والصَّديقْ
فصِرتِ تَدفعينني
دفعاً إلى الحريقْ..!
..
منذُ متى بدأتِ تَخدعينني
من أوَّلِ الطريق،
أم في آخرِ الطريقْ؟!
Powered by vBulletin Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd