المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القدس في ذاكرة الأغنية العربية


MUNIR MUNIRG
21/01/2009, 23h57
القدس في ذاكرة الأغنية العربية (2 من 1)
محمد منصور القدس العربي 21/01/2009
الأغنية الرحبانية تمردت على البكائية باكراً.. و'زهرة المدائن' هزمت عبد الوهاب!
أطلقت الفنانة السورية أصالة نصري مؤخراً، أغنية جديدة عن مدينة (القدس) قالت إنها مهداة للقدس عاصمة للثقافة العربية عام 2009... وأضافت تقول في تصريحات صحافية حول معنى غنائها للقدس:
(أن أغني للقدس فهي مهمة على الصعيدين الإنساني والشخصي، وأن أغني للقدس المكان الحلم الذي أحبه، والمهم بالنسبة لنا كعرب، والذي نتمنى زيارته والصلاة فيه، فأنا اليوم أغني للحلم).
وقد سبق للعديد من كبار الفنانين على امتداد الوطن العربي، أن غنوا للقدس لا كحلم فقط، وإنما كرمز لتعانق الأديان السماوية حيناً، ورمز لمرارة الصراع الطويل الذي طبع تاريخ هذه المدينة منذ الفصول الأولى للنكبة.
واليوم... والقدس تحتفل برمزية اختيارها عاصمة للثقافة العربية عام 2009، وهي تحت الاحتلال والتهويد والاستيطان... تستعيد الذاكرة صورة القدس في الأغنية العربية، حيث تبدو وكأنها المدينة التي جمعت حناجر المطربين العرب... ولونت آذان وأفئدة سامعيهم بالمراثي والألم والحنين.
تشكل التجربة الرحبانية، حجر الزاوية في أغاني القدس والقضية الفلسطينية... ولئن تقدمت بعض المساهمات الفنية المحدودة على هذه التجربة من حيث التسلسل الزمني، فإن ما قدمه الرحابنة مع السيدة فيروز، شكل حالة ريادية على مستوى النوع... ونقطة علام في مسار الذاكرة الطويل منذ قدموا أولى أعمالهم في هذا السياق، مغناة 'راجعون' ولذلك لا بد أن تكون البداية من حالة الإلهام الرحباني، نظراً لتنوع وغزارة الأعمال التي قدمتها في هذا السياق، من جهة، ولقدرتها على البقاء في الوجدان بعد مرور عقود على ظهورها من جهة أخرى!

راجعون.. فن استنهاض الهمم!

تعود علاقة الرحابنة بالقضية الفلسطينية إلى سنوات نشاطهم الاحترافي الأول، ففي العام نفسه الذي شهد زواج عاصي الرحباني بفيروز بعد سنوات قليلة على بداية تعاونهما الفني، كانت أولى الأعمال الغنائية التي لامست قضية فلسطين، تخرج إلى النور بعنوان 'راجعون'.
ويروي الفنان الراحل منصور الرحباني قصة هذا العمل الفني الكبير، فيقول:
(بعد الزواج، جاءت دعوة من إذاعة 'صوت العرب' من القاهرة، فذهبنا.. عاصي وفيروز وأنا، حيث التقينا أحمد سعيد، ووقعنا على عقد لتنفيذ أغان وأناشيد وبرامج خلال مدة ستة أشهر. في تلك الفترة وضعنا 'النهر العظيم' وأعمالا أخرى. وذات يوم قال لي أحمد سعيد: إذا وفرنا لكما طائرة عسكرية إلى غزة هل تذهبان لتسمعا الأغاني الفلسطينية هناك؟! وكنا نخاف الطائرات كثيرا فطلبنا استحضار التسجيلات إلى القاهرة وهكذا كان. استمعنا إليها فإذا فيها نواح واستجداء وشكوى. قلنا له: 'قضية فلسطين لا تعالج هكذا. لا يسترد فلسطين إلا الفلسطينيون لا ابن القاهرة يموت عن القدس، ولا ابن بيروت ولا ابن دمشق' ولتثبيت مقولتنا وضعنا 'راجعون' وما فيها من استنهاض همم الفلسطينيين المشردين وسجلناها بأصوات فيروز وكارم محمود والكورس).
سجل الأخوان رحباني 'راجعون' في إذاعة صوت العرب في القاهرة عام 1955، ويبدو أن التوزيع الذي قدماه، والذي تحتفظ به الإذاعة المصرية لم يكونا راضيين عنه، فأعادا إصدار 'راجعون' عام 1956 على أسطوانة وأطلقا عليها اسم مغناة كما تقول الأسطوانة. لكن الصفحة الأولى من كتاب التوزيع الموسيقي تسميها (عملاً موسيقياً كورالياً) وقد قاد الأوركسترا فيها الموسيقي الشاب آنذاك توفيق الباشا، وأدت فيروز دور الغناء المنفرد، مع مشاركة لميشال بريدي عوضا عن كارم محمود.
والحق أن 'راجعون' تتجاوز الشكل المألوف للأغنية الوطنية، أو حتى البناء الموسيقي الميال للفخامة بالنسبة لفن القصيدة، لتتحول إلى عمل غنائي يقوم على حوار بين الفرد والمجموعة، وبين الصوت والصدى، وبين الأمل وبؤس واقع التشرد وقسوته على اللاجئين الفلسطينيين في تلك الفترة. لكن هذا الحوار المشبع بالأصوات والنبرات التي تصارع واقعها، لا يعمد إلى عرض أفكاره، أو قول معانيه الوطنية في سياق شعري سردي وكفى، بل هو ينطوي على حبكة درامية تكاد تُطوِّع هذا الموضوع الشائك، لتجعل منه نسيجاً رحباني الأسلوب، حيث محاكاة الطبيعة في نبرة رومانسية تضج بالحنين، الذي تعبر عنه أصوات المجموعة، وهي تناجي نسيماً من ربى تلك الديار السليبة:
أنتَ من بلادنا يا نسيمُ
يا عبيراً يقطع المدى
حاملاً همومَ أرضٍ يهيمُ
أهلها في الأرض شُرَّدا
إلا أن هذا المطلع الذي يحاكي طقوس الحنين في الشعر العربي، سرعان ما يتبدل في لحظة انقلاب درامي وموسيقي في آن معا.. ليطرح سؤالا استنكاريا، ينطوي على موقف ثوري أصيل:
هل ننام وشراع الخير حطام
هل ننام ودروب الحق ظلام
ثم تستكمل تلك الحالة الثورية الجنينية التي تحمل الجواب في طيات السؤال الاستنكاري، في مقطع آخر من هذه (المغناة) ذات البناء الموسيقي البديع، الذي يعلي من دراميتها، ويرفع من مكنونات نهوضها:
وقوفاً.. وقوفاً أيها المشردون
وقوفا يا ترى هل تسمعون
ديارُنا من يفتديها؟
من غيرنا يموت فيها؟!
وبين تنويع على نبرة أسى مشوبة بالحنين في مقطع تال: (بلادي زمانا طويلا أذلك الغاصبون) وبين تواصل أكثر اقترابا وتجذرا: (بلادي أطلي قليلا فإننا راجعون) يصل الرحابنة في النهاية إلى جوهر الحقيقة التي يفرضها التشرد، وإلى معنى الأمل الذي يؤسس لفعل المقاومة والأمل بالتحرير:
في الأمطار راجعـون
في الإعصار راجعون
في الشموس في الرياح
في الحقول في البطاح
راجعون.. راجعون.. راجعون
بالإيمـان راجعـون
للأوطان راجعـون
في الرمال والظلال
في الشعاب والتلال
راجعون.. راجعون.. راجعون
وإذا أخذنا بالاعتبار زمن ولادة هذا العمل في منتصف خمسينيات القرن العشرين، وبعد سنوات قليلة على نكبة فلسطين الأولى التي هزمت فيها الجيوش العربية، لأمكن لنا أن نتصور قيمة تلك الرؤية الإبداعية المتحررة من أجواء وشعارات تلك الفترة، والمترفعة موسيقيا وفكريا ودراميا عن كل ما قدم وسيقدم لاحقا لسنوات طويلة.. فهاهنا يولد الموقف الثوري من رحم الحنين الرومانسي، ليعطي للحس الثوري معنى الارتباط بالأرض والبيت والذكرى، لا بالشعار والحماس الأجوف.. ومن هنا فليس غريبا أن تكون 'راجعون' كما رآها الناقد اللبناني نزار مروة، بعد ثلاثين عاما على صدورها، محتفظة بتلك الريادية، حيث وصفها في ندوة عقدت عام 1986 عقب رحيل عاصي الرحباني بأنها كانت (على درجة الفكر الموسيقي الأرقى، يرتفع بالسامع إلى مستوى التجربة) ثم يمضي إلى تقييمها بالقول: (مغناة 'راجعون' من الأعمال القليلة التي انجلت عن معالجة ناجحة لمسألة التعامل مع العناصر الثلاثة: الأوركسترا والصوت، الفرد والمجموعة، بالمعنيين الوظيفي والجمالي. وعلى المستوى الغنائي بخاصة، ينهض حوار مؤثر بين جموع الشعب الممثلة بالكورال، وبين ضميرها في الصوت المفرد فيروز)

الرؤية الرحبانية: محاور ومفردات!

قدم الرحابنة، أحد عشر عملاً غنائياً عن القضية الفلسطينية، عبروا من خلالها عن مفردات شتى، واختزلوا فيها صورا ووقائع وأحداث، بطرق مختلفة ومجددة، ويمكن لنا في ضوء التحليل النقدي، أن نقسم هذه الأعمال ضمن محاور أربعة:
1 ـ التشرد واللجوء: ضمن هذا المحور استحضر الرحابنة معاناة التشرد واللجوء، وركزوا على مأساة الانتظار، باعتبارها جوهر المشكلة الإنسانية التي يواجهها اللاجئون.
الانتظار في أغنيتي: 'غاب نهار آخر' و'احترف الحزن والانتظار' يبدو أشبه بموت بطيء.. فهو يغتال أعمار المنتظرين، ويبدد إحساسهم بالزمن رغم ما يمتلئ به من ترقب، إنه يمارس عنفا خفيا على آمال الناس وأحلامهم في كل آن:
أحترف الحزن والانتظار
أنتظر الآتي ولا يأتي
تبددت زنابق الوقت
عشرون عاما وأنا..
يأكلني الحنين والرجوع.
2 ـ ذاكرة المكان: خص الرحابنة معالم ومدن فلسطين بالعديد من الأغنيات، وبدا الحنين إلى المكان بما يختزنه من ذاكرة وذكريات، محورا هاما سواء في أغنيات مستقلة، أو في أغنيات وجدت في ذاكرة المكان اتكاء شاعرياً، نحو الانطلاق للحديث عن حلم العودة، أو الإيمان بالمقاومة.
في هذا المحور تندرج أغنيات: 'يا ربوع بلادي'و'يافا' و'بيسان' التي صدرت ضمن ألبوم القدس في البال، وتعلو النبرة الشعرية كلمات ولحناً نحو آفاق يرتقي بها صوت فيروز، وخصوصا في 'بيسان' التي يقول مطلعها.
كانت لنا من زمان
بيارةٌ جميلة وضيعةٌ ظليلة
ينام في أفيائها نيسان
ضيعتنا كان اسمها بيسان
خذوني إلى بيسان إلى ضيعتي الشتائية
هناك يشيعُ الحنان على الحفافي الرمادية
3 ـ أغنيات القدس: نظرا للمكانة الخاصة التي تمتعت بها القدس في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي، حظيت القدس باهتمام مميز في سجل الأغنية الرحبانية، وتشكل 'القدس العتيقة' و'زهرة المدائن' إضافة مميزة للأغنية العربية التي استلهمت القدس موضوعا ولحنا. حيث الارتقاء نحو الرمز في صياغة الملامح الجغرافية والتاريخية والدينية لهذه المدينة، وضمن بوتقة فنية ملحمية كما سنبين لاحقا.
4 ـ حلم العودة: لم تخل أغنية رحبانية من الأغنيات التي تحدثت عن فلسطين من مفردات 'العودة' و(الرجوع' وربما أمكن لنا أن نتلمس ملامح هذا الحلم في معظم ما قدمه الرحابنة، إلا أن أغنيات: ('راجعون' و'سنرجع يوما' و'أجراس العودة' (سيف فليشهر) و'جسر العودة' تبقى هي الأكثر تعبيرا عن هذا الحلم، وتأكيدا وإصرارا على إذكائه.

صراع الألم والأمل!

لقد ظل حلم العودة، واحدا من المفردات الأساسية التي صاغت رؤية الرحابنة للقضية الفلسطينية، وقد اقترن هذا الحلم على الدوام بثلاثة عناصر رئيسة:
الأول: النبرة الرومانسية التي تعبر عن الحنين إلى المكان السليب، والذكرى التي تضطرم نيرانها في النفوس كلما أوغل المكان الذي احتضنها في الغياب.
الثاني: البعد التراجيدي الذي يستحضر آلام الغربة ولوعة الانتظار، والذي يعبر عن عمق المأساة بشاعرية راقية، وجلال بعيدا عن البكائية والميلودرامية الفجة.
الثالث: الأمل الراسخ بإمكانية العودة وحتميتها، مهما طال زمن الانتظار.
واللافت أن الرحابنة استطاعوا أن يحققوا في هذا الأعمال فتحا جديدا في مجال (الأغنية الوطنية) فإذا كانت قصيدة 'أجراس العودة' أو 'سيف فليشهر' التي كتبها سعيد عقل، تمثل في بنائها الموسيقي الشكل الشائع للأغنية الوطنية بطابعها الحماسي المليء بالحيوية، والتي استخدمت فيه المارشات العسكرية والأبواق النحاسية في حالة منسجمة مع الطابع العام للقصيدة؛ فإن أغنية 'سنرجع يوما' تمثل في هذا السياق، حالة شديدة الخصوصية في سياق التعبير الغنائي عن مفهوم الأغنية الوطنية، تعبيرا رومانسيا خالصا في الكلمة واللحن والبناء الموسيقي العام، فالحنين هو العنصر المسيطر على الحالة الشعورية للعمل، والتغني بالوطن باعتباره الحي والناس والحب والذكريات.. هو الحجر الأساس الذي يشكل أساس الانتماء لهذا الوطن، خارج الشعارات والأيديولوجيات، لكن الوطن - إلى جانب ذلك كله- هو اليقين الراسخ بالعودة مهما طال الزمن وامتدت المسافات:
سنرجعُ يوماً إلى حينا
ونغرق في دافئات المنى
سنرجع مهما يمر الزمان
وتنأى المسافات ما بيننا.
إن ميزة أي فن عظيم هو بث الأمل وزرع الإيمان في نفوس أصحاب الحقوق، ولقد وعى الرحابنة هذه المسألة فتعاملوا معها باعتبارها يقيناً ثابتاً، يرقى إلى مستوى الحقيقة المطلقة، وغالبا ما تبقى الحقائق المطلقة خارج نطاق التحولات والمتغيرات، وفوق انقلاب موازين القوى.. ولذلك يأتي التعبير عنها راسخاً، وخارج النطاق الزمني المحدود الذي قد يحكم بعض الأعمال والرؤى الفنية.

القدس العتيقة.. ما تبقى من الصورة!

توالى التعبير الغنائي عن فصول القضية الفلسطينية في تجربة الرحابنة والسيدة فيروز، واستمر ذلك البناء الدرامي الذي ميّز اللقطة الشعرية في أغنياتهم، ليعطي لكل أغنية بنية مستقلة، في إطار استلهامها للموضوع، وتعبيرها عن الفكرة التي تنطلق منها، وخصوصا عندما تكون وراء هذه الفكرة، مواقف مؤثرة قد تشكل حالة تحريض ترسم الإطار العام للعمل الغنائي ككل.
ففي عام 1964، زار الأخوان رحباني والسيدة فيروز القدس، وكانت هذه الزيارة محرضاً أساسياً لمجموعة أغنيات سيصدرها الرحابنة لاحقا، ضمن ألبوم 'القدس في البال' وفي أثناء تجوال فيروز في شوارع القدس، استوقفتها سيدة وحكت لها مأساتها وروت فصول معاناتها، فتأثرت فيروز وبكت، فأحبت السيدة الفلسطينية أن تخفف عنها فأعطتها مزهرية ورجعت فيروز وحكت لعاصي الرحباني، فولدت الأغنية التي حملت عنوان 'القدس العتيقة' والتي تقول كلماتها:
مريت بالشوارع
شوارع القدس العتيقة
قدام الدكاكين
اللي بقيت من فلسطين
حكينا سـوا الخبرية.. عطيوني مزهرية
قالو لي هيدي هدية من الناس الناطرين
في هذه الأغنية التي صورتها السيدة فيروز للتلفزيون اللبناني عام 1966، يتجاوز الرحابنة حالة الحنين الرومانسي الذي يمهد للنهوض الثوري، والذي عبروا عنه في مغناة 'راجعون' نحو رؤية تستشرف حالة الارتباك العربي في المواقف، والتحالفات والخيبات التي كانت تصنع مأساة وطن، كاد يتحول لدى بعضهم إلى بضعة دكاكين تباع وتشترى.. كما يشير المقطع: 'قدام الدكاكين اللي بقيت من فلسطين' في تعبير شعري عميق، رغم بساطته الظاهرية.
أغنية 'القدس العتيقة' تمثل برمتها معاينة لواقع هذه المدينة التي كانت تقف على حافة المأساة، معاينة تصور مشاعر الناس وأحزانهم، وتستعيد نبض الحياة التي ترفد نهر الألفة بين البشر والحجر لتصنع معنى الارتباط بالمكان، ومعنى الوطن في سيرورته التاريخية والإنسانية:
كان في أرض وكان في إيدين عم بتعمر
عم بتعمر تحت الشمس وتحت الريح
وصار في بيوت وصار في شبابيك عم بتزهر
صار في ولاد وبإيديهم في كتاب
ومن هذه الاستعادة الشعرية المكثفة للماضي، تعود بنا أغنية 'القدس العتيقة' للحديث عن مشاهدات الواقع بكل ما يحمله من نذر الخطر والضياع، وكل ما يكتنفه من ألفة مع مشاهدات ترصدها عين تدرك عمق المأساة خلف المشهد الساكن، والأبواب المغلقة.. لكن الأغنية لا تكتفي بالوصف المشهدي، رغم شاعريته الجلية.. بل هي تطلق صيحة ألم، وصفارة إنذار.. وهي ترى في الأغنية فعلاً تحريضياً، خليقاً بأن يوقظ الضمائر النائمة:
عم صرّخ بالشوارع
شوارع القدس العتيقة
خلي الغنيّة تطير عواصف وهدير
يا صوتي ضلك طاير زوبع بهالضماير
خبرهن عاللي صاير بلكي بيوعى الضمير
وهكذا يستشرف الرحابنة في أغنية 'القدس العتيقة' المأساة التي لمسوا علائمها على أرض الواقع، فيرسمون بذلك (بورتريه) للقدس ماضياً وحاضراً، حجراً وبشراً، ألفة وحياة..
ويعبرون في كل هذه التفاصيل عن زمنين، أحدهما يمضى في طريقه إلى الغياب.. والثاني يحمل لوعة الألم والانتظار والخوف من المجهول.. ولهذا فليس غريباً أن يكتسي لحن الأغنية طابعاً درامياً متوتراً وخصوصاً في مطلعه، الذي يؤكد المناخ العام للأغنية ككل.

زنابق لمزهرية فيروز: أغنية تلهم شاعراً!

وقد أثارت الأغنية 'القدس العتيقة' التي تغلغلت في الوجدان الفلسطيني والعربي، أثارت قريحة الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، فكتب في ديوانه 'دخان البراكين' قصيدة مهداة للسيدة فيروز بعنوان: 'زنابق لمزهرية فيروز' متخيلاً فيها حواراً على خلفية الأغنية المذكورة، يقول في مطلعها:
من أين يا صديقة
حملتِ المزهرية والنظرة الشقية؟!
- من القدس العتيقة.
ومن ترى رأيتِ
في عتمة القناطر
من شعبنا المهاجر
وما ترى سمعتِ؟!
وقد قام الفنان البحريني المتميز خالد الشيخ، بتحويل هذه القصيدة إلى دويتو غنائي عام 1989، لحنه وقام بغنائه بمشاركة الفنانة المغربية رجاء بلمليح، وقد أصدرها عام 1989، ضمن ألبومه الغنائي: (العب... العب) وفيها بلغ خالد الشيخ مستوى رفيعاً من صياغة الفكر الموسيقي لهذه القصية، عبر لحن أوركسترالي الطابع، يمس شغاف القلوب.

زهرة المدائن.. ملحمية الجغرافيا
والتاريخ والدين!

وبالعــودة إلى الفن الرحباني فقد قدم الرحابنة أغنيتهم الشهيرة 'زهرة المدائن' عقب سقوط مدينة القدس بيد الاحتلال الإسرائيلي بعد نكسة الخامس من حزيران.. والواقع فهذه الأغنية، ما تزال تتربع على عرش أغنيات القدس حتى بعد أكثر من أربعة عقود على صدورها.. ويروي منصور الرحباني عن أجواء تقديم 'زهرة المدائن' في مهرجانات الأرز، ورأي عبد الوهاب السلبي فيها فيقول:
(عام 1967 كنا نهيئ حفلة منوعات لمهرجانات الأرز، وكنا أنهينا قبل فترة تسجيل 'زهرة المدائن' طلب مني عاصي بنباهته المعتادة، أن أسمع عبد الوهاب زهرة المدائن، فقال بعدما سمعها: (ما فيهاش حاجة جديدة، فيها علم) ذهبنا إلى الأرز فاقتصرت أكثر البروفات على 'سكن الليل'. وليلة المهرجان غنت فيروز 'سكن الليل' و 'زهرة المدائن' فتجاوب الجمهور مع 'زهرة المدائن' بشكل واضح، ما حدا بالأصدقاء سعيد فريحة وسليم اللوزي وجورج جرداق أن ينتحوا بنا في الاستراحة ويلومونا على هذا 'الكمين' الذي نصبناه لعبد الوهاب، بوضع 'زهرة المدائن' و 'سكن الليل' في البرنامج نفسه. وعبثا حاولنا إقناعهم بأن الأولى موضوعة قبل الأخرى، وأن عبد الوهاب نفسه استمع إليها فلم يقتنعوا)
وبعيداً عن الحكم المتسرع لموسيقار الأجيال، وعن تلك الرؤية التي يلعب فيها التنافس المهني دوراً هاماً، فقد جاء الإبداع الرحباني في 'زهرة المدائن' تعبيراً فريداً عن تمازج العلم الموسيقي مع الموهبة الفذة التي تمتح من صدق الشعور تجاه الموضوع المطروق. جاء الإبداع الرحباني تأكيداً عن عمق الانتماء القومي والديني الذي تمثله هذه المدينة في نفوس العرب.. و الذي عبر عن نفسه من خلال الرؤية الشعرية التراجيدية المتضافرة العناصر والتي يسمو بها هذا العمل الغنائي الخالد.
تنطلق الأغنية من حالة خشوع وجداني وروحي، يمزج بين طقوس العبادة، التي تختزل المكانة الدينية للقدس، في التراثين المسيحي والإسلامي، وبين الرحيل الرمزي إلى المدينة عبر نظرات الحزن التي تستجلي مأساة السقوط في يد الاحتلال:
عيوننا إليك ترحل كل يوم تدور في أروقة المعابد
تعانق الكنائس القديمة وتمسح الحزن عن المساجد
يا ليلة الإسراء يا درب من مروا إلى الســـماء
عيوننا إليك ترحل كل يوم وإنني أصــــــلي
ثمة براعة لافتة في المزج بين الديني والوطني في (زهرة المدائن) وفي إضفاء صفة القداسة على الأمكنة والطبيعة وحتى على الاستعارات والتشابيه الشعرية (كوجه الله الغامر)، وهو أمر مقصود لتأكيد البعد الروحي لهذه المدينة، ولتعميق المفارقة بين القيم السامية التي تبشر بها الأديان السماوية، وبين قيم (القدم الهمجية) للاحتلال.
هذا التمازج، بين الوطني والديني، ثم التضاد بين قيم السماء، وهمجية الاحتلال، يكشف تلك البنية الجدلية والدرامية التي تجعل من هذا العمل الغنائي، عملاً ملحمياً في بنيته الداخلية، وفي سيرورة الطقوس والأحداث التاريخية التي يمر عليها، والحالات التي يعرض لها، ويؤكد ويدعو إليها:
الغضب الساطع آتٍ و أنا كلي إيمان
الغضب الساطع آتٍ سأمّر على الأحزان
من كل طريق آتٍ بجياد الرهبة آتٍ
وكوجه الله الغامر آتٍ آتٍ آتٍ
لن يقفل باب مدينتنا فأنا ذاهبة لأصلي
سأدق غلى الأبواب وسأفتحها الأبواب
وستغسل يا نهر الأردن وجهي بمياه قدسية
وستمحو يا نهر الأردن أثار القدم الهمجية
وفي حين تنعي الأغنية، قيم السلام والعدل والحب التي ترمز إليها القدس، والتي سقطت بسقوطها في قبضة الأسر، عبر نبرة وجدانية وتراجيدية يرسم اللحن تضاريسها ويعمق مناخها، فإن الإيمان بالمقاومة واسترداد الحقوق، سرعان ما يعلن عن نفسه، عبر انقلابٍ جذري في اللحن والبناء الموسيقي، ومن خلال رؤية تفجر عناصر الغضب، وتلهب الشعور الوطني والديني في نفس المستمع:
الغضب الساطع آتٍ بجياد الرهبة آتٍ
وسيهزم وجه القوة
البيت لنا والقدس لنا
وبأيدينا سنعيد بهاء القدس
بأيدينا للقدس سلام آتٍ
في (زهرة المدائن) تحضر الجغرافيا والتاريخ والسياسة، وتتآخى المعتقدات، مثلما تتآخى أمكنة العبادة في ملحمة تروي تعانق الأديان السماوية في مدينة السلام وتبشر حتى اليوم بالغضب الساطع الذي يأتي.

مفتاح القدس!

حققت (زهرة المدائن) حين صدورها بعد نكسة الخامس من حزيران تفاعلا كبيرا في الوجدان العربي، وتركت أثرا عميقا في نفوس أهل القدس خاصة، أضيف إلى رصيد الأغنيات السابقة التي قدمها الرحابنة والسيدة فيروز عن القدس فلسطين، ما حدا بأهالي مدينة القدس أن يمنحوا فيروز مفتاح مدينتهم عام 1968 في احتفال أقيم في نقابة محرري الصحافة في بيروت. حيث قام النائبان الأردنيان أميل الغوري ومحي الدين الحسيني بتسليم السيدة فيروز مفتاح القدس المصنوع من خشب الزيتون على صينية من صنع أهالي القدس رسمت عليها بالصدف صورة مصغرة لمدينتهم.
وقد ألقى منصور الرحباني في ذلك الاحتفال كلمة قال فيها:
(تكون المفاتيح من حديد، غير أن مفتاح المدينة المقدسة من خشب الزيتون، من خشب السلام، من جذوع صلى عليها خادم السلام وتفييأ ظلالها الأنبياء، ويا أيها السادة الذين تحملوا مشقة السفر باسم فيروز وعاصي ومنصور وكل من ساهم معنا أقول لكم شكراً. إن ما عملناه واجب هو، بل هو أقل من واجب، إن هو إلا شعور داخلي، شعور ينبع من هول المأساة التي زلزلتنا، ولو أن الغناء يكون صامتاً لكان الأجدر بنا أن نغني صامتين، لكنه صراخ الحق تفجّر غناء.)
أما السيدة فيروز فقد علقت بالقول: (تأثرت جداً بهذه الثقة والمحبة التي يكنها لنا أبناء مدينة القدس، علينا أن نقول دائماً القدس لنا، ولو استطعت أن انشد كل يوم أغنية لأبناء القدس، وأعمال الفدائيين لما تأخرت)

التفاؤل الذي يصنع الانتماء!

لا يستطيع الفن أن يتخلى عن غضبه النبيل في وجه الظلم، مهما أغلقت الأبواب في وجه هذا الغضب.. ولا أن يتخلى عن حلمه مهما اشتدت النوائب والكوارث، ولا يستطيع الفن الأصيل أن يتنازل عن تفاؤله الثوري باستعادة الحقوق، مهما غابت مبررات التفاؤل على أرض الواقع.
في (جسر العودة) يطلق الرحابنة على جسر نهر الأردن الذي سمي بجسر الأحزان، لكثرة ما عبر عليه من مئات آلاف اللاجئين، اسما يحمل المعنى الحقيقي لهذا التفاؤل:
جسر العودة.. جسر العودة..
يا جسر الأحزان أنا سميتك الجسر العودة.
وتحضر القدس كحلم يسطع في الوجدان، وأمنية لأطفال يأتون محملين بروح الثورة ومعنى الانتماء:
والمجدُ لأطفالٍ آتينô الليلةَ قد بلغوا العشرين
لهم الشمسُô لهم القدسُ
والنصرُ وساحات فلسطين.
هكذا آمن الفن الرحباني بحلم العودة، وأصر على زرع معاني التفاؤل، من منطق الانتماء العميق لقضية فلسطين، لا من موقع المتعاطف أو الشاهد عليها وحسب.. ولعل هذا التفاؤل هو الذي حفظ لكل شعوب الأرض، حقها في النضال حتى استعــــادة الحقوق بعيداً عن راهنية المواقف السياسية وتحالفـــاتها، وتبدلات الخطاب الرسمي ومتغيــراته.. وهو أمر لا يحتاج إلى شرح أو تذكير، حين يتعلق بالخطاب الرسمي العربي، الذي نأى الرحابنة بفنهــم عن الارتباط به، أو التعاطي مع طروحاته التكتيكية وشعاراته المرحلية، والانتهازية في أحيان كثيرة. ولهذا أيضا جاءت أغنيات السيدة فيروز والأخوين رحباني عن القدس وفلسطين والقضية المشتعلة فصولها حتى اليوم، نموذجا يحتذى في التعبير الوطني الصادق، الذي يرتقي بالصورة الفنية كلمةً ولحناً وغناءً إلى آفاق تتبدى فيها قوة التعبير وصدق المشاعر، والقدرة على صناعة ذاكرة فنية تثري الذاكرة الوطنية والقومية لقضية العرب الأولى، فتمتزج بها في العمق الشعبي حيناً، وتتقاطع معها في الذاكرة الثقافية حيناً آخر.

' صحافي من سورية

المراجع:
(فيروز والفن الرحباني) محمد منصور، ط1- دار كنعان- دمشق 2004
(الأخوين رحباني: طريق النحل) هنري زغيب، ط1- بيروت 2001
(في الموسيقى اللبنانية العربية والمسرح الغنائي الرحباني) نزار مروة- إعداد وتنسيق محمد دكروب، ط1، دار الفارابي - بيروت: 1998
(ديوان سميح القاسم) دار العودة، بيروت: 1987

qpt81 هشام العويني ) فلسطين - الصاحب الحقيقي لهذا العمل
الحقيقة كانت اغنية زهرة المدائن بحق زهرة الاغاني الوطنية التي قيلت في القدس فكل التحية لفيروز والرحابنة علي ه>ا العمل اكن كان لابد التنوية الفني الخالدللصانع الاول لهذا العمل وهو الشاعر المبدع نزار قباني فهو من الهم الملحن والمغني عبقرية اللحن وشكرا لكل من ساهم فية

yazan - تعليق
مالازالت القدس مغناة العرب ولازال الباب مفتوح للابداع طلما وجه القوة لم يهزم بعد... والى الان لم يتغنى احد في القدس كما ابدعه الرحبانية وفيروز...لقد تركوا لنا اشياء كثيرة....تركوا الصورة والمكان والحن وارغمونا على لعنة الضلم والاحتلال والفقر والجهل والطائفية واجبرونا على الحب والسلام والابداع والرفض الرحبانة كلمة.. ولحن... وغناء... هذه الاقانيم الثلاث قل من ابدعهاوعبر بها الى المستقبل لان المستقبل والفن لعبة المتحسيل الممكن .... الكثير من اغاني الثلاثي ومسرحهم المتوهج بالفكر والموسيقى والرؤية تتعتق يوم بعد يوم و حيث انناجمهور المسمتمعين الفقراء لآبداعهم وكل ابداع وتفوق... نحاول ان نسمع ونفهم ونستمتع لعل وعسى...ان تصبح كلماتهم ولحنهم ومسرحهم وفيروزهم ولبنانهم وعروبتهم ومصداقيتهم مهد حضارتنا القادمة ..ان كتب الله لنا حضارة وأنشئناه

رضا السيسى - مصر العربية . - تحية الى فيروز ......والفن المحترم .
تحية خاصة الى السيدة : فيروز والى كل من تعاونوا معها من اجل الفن الهادف الذى اثرى حياتنا بكل جميل فمن خلالها عرفنا القدس وبغداد ودمشق والاسكندرية .........باختصار عرفنا معنى العروبة والدين .......عرفنا الفن الراقى المحترم .

MUNIR MUNIRG
22/01/2009, 00h05
القدس في ذاكرة الأغنية العربية (2 من 2)
محمد منصور القدس العربي 22/01/2009
القديم ينتصر على الجديد... والفن يتراجع أمام الهتاف!
شهدت فترة الستينيات من القرن العشرين، أحداثاً وتطورات ومتغيرات كبرى في سياق القضية الفلسطينية، ساهمت في شحذ إحساس الأغنية العربية، ودفعت مبدعيها إلى السعي لمواكبة هذا كله، عبر أغنيات خاطبت الوجدان، وأرخت بشكل أو بآخر لتلك الأحداث والمتغيرات.
وقد ظلت (القدس) هي الأيقونة التي تختزل فلسطين في التاريخ والجغرافيا والنضال، والرمز الذي يصوغ البعد الروحي والمكانة القدسية.... حيث (القباب الخضر... والحجارة النبية) كما يقول نزار قباني في قصيدته (طريق واحد)، التي تحولت إلى أغنية لسيدة الغناء العربي أم كلثوم بعنوان: (أصبح عندي الآن بندقية)

عبد الحليم حافظ: ألم المسيح!

شكل سقوط القدس الشرقية بيد الاحتلال الإسرائيلي إثر نكسة حزيران (يونيو) عام 1967، ذروة الألم والحزن العربيين، فقد أضحى الأقصى أسيراً بيد الاحتلال، وصارت المقدسات المسيحية والإسلامية في متناول عدوان يومي مستمر على التاريخ والجغرافيا والرموز.
وقد صنع هذا التحول الهام، مكانة خاصة للقدس في ذاكرة الأغنية العربية... فتدفقت الأغنيات التي تحمل صورة القدس الجريحة، والأقصى الأسير... وكان من بين أبرز ما قدم في هذه المرحلة أغنية عبد الحليم حافظ (المسيح) التي كتب كلماتها الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، ولحنها بليغ حمدي، والتي يقول مطلعها:
على أرضها طبع المسيح قدمه
على أرضها
نزف المسيح ألمه
في القدس، في طريق الآلام
وفي الخليل
رنّت تراتيل الكنايس في الخلا
وصبح الوجود إنجيل على أرضها!
وقد حرص عبد الحليم حافظ، أن يغني هذه الأغنية بالذات، في حفلته الشهيرة في قاعة ألبرت هول في مدينة لندن عام 1968... كنوع من التعبير عن إيصال صوت الألم العربي بسقوط القدس إلى العالم، وخصوصاً إلى الغرب المسيحي الذي تواطأ مع الصهيونية في إباحة المقدسات المسيحية لليهود الذين خانوه كما تقول الأغنية في المقطع الأخير:
دلوقت يا قدس ابنك
زي المسيح غريب
تاج الشوك فوق جبنيه
وفوق كتفه الصليب
خانوه نفس اليهود
وابنك يا قدس لازم
زي المسيح يعود على أرضها.

فهد بلان: غنى للقدس مراراً!

ربما كان الفنان السوري فهد بلان، من أكثر الفنانين الذين غنوا للقدس إثر سقوطها بيد الاحتلال... رغم أن نتاجه يكاد يكون مجهولا في هذا السياق... إلى جانب مشواره الطويل مع الأغاني الوطنية، وسعيه لمواكبة الأحداث التي مرت بها الأمة العربية، ومنها نكسة حزيران (يونيو)، التي أطلق إثرها نشيد 'صح يا رجال' الذي لحنه الملحن السوري عبد الفتاح سكر، ودعا إلى النهوض وشد الهمم، فقد استقطب صوت فهد بلان كبار الملحنين العرب، ومنهم الملحن المصري محمود الشريف الذي قدم له أغنيتين وطنيتين هما: 'المسجد الأقصى' و'قدس العرب' اللتين كتب كلماتهما الشاعر محسن الخياط... وتقول كلمات الأغنية الثانية:
من خلف قضبان اللهـــــب
صار الغضب... صار الغضــب
وزرع بأيدو قمرية في كل قلـب
انهض يا شعب.. انهض يا شعب
شايف تاريخو بينصلب فوق اللهب
وامضي بنا في كل درب
وأشعلها حرب
على من اغتصب قدس العرب
لقد كان تعانق الرمز الديني المسيحي والإسلامي عنصراً هاماً، وقاسماً مشتركاً في معظم الأغنيات التي تحدثت عن القدس إثر سقوطها بيد الاحتلال... ولهذا نجد أغنية 'قدس العرب' لفهد بلان تتابع رسم صورة هذا العناق في لحظة الألم والحزن:
والفجر عالسكان طريح
والمسجد الأقصى الجريح
والجمرة في قلبو... بتقول لنا لبوا
صرخة محمد والمسيح
وقد عاد فهد بلان في فترات مختلفة ليغني للقدس وفلسطين في أغنيات: 'القدس بتنادي' و'فلسطين أرضنا' و'في فلسطين لا مفر' وجميعها من كلمات ظافر الصابوني، وألحان عبد الفتاح سكر، وإنتاج إذاعة دمشق عام 1975 .

أم كلثوم ونزار قباني وعبد الوهاب: لقاء القمم!

في نهاية الستينيات من القرن العشرين، شكلت ظاهرة العمل الفدائي الفلسطيني أملاً حقيقياً في وجدان الشعبي العربي عموماً، والفلسطيني على وجه الخصوص... فقد جاءت بعد سلسلة من النكبات والهزائم وضياع الأرض، وتشرد اللاجئين، لتؤكد أنها الفعل الحقيقي الوحيد على طريق التحرير... وقد انعكست تجليات هذا كله على صعيد الأغنية العربي من خلال عدد من الأعمال، إلا أن أبرزها كان أغنية 'أصبح عندي الآن بندقية' التي كانت اللقاء الأول بين كلمات نزار قباني وصوت أم كلثوم... وقد غنتها أم كلثوم عام 1969 لتواكب بها تصاعد ظاهرة العمل الفدائي في تلك الفترة... وخصوصاً أن القصيدة، تؤمن بأن هناك طريقاً واحداً لتحرير فلسطين، هو طريق الكفاح المسلح... يستحضر نزار قباني صورة القدس عبر بعدها الديني والروحي، ليجعل من وصفه للقدس، اختزالاً لفلسطين كلها وخصوصاً حين يقول:
أصبح عندي الآن بندقية
إلى فلسطين خذوني معكم
إلى ربى حزينة كوجه المجدلية
إلى القباب الخضر والحجارة النبية
وتخاطب القصيدة الثوار في كل أنحاء فلسطين في مقطعها الأخير، منطلقة من القدس كوجهة أولى للثوار، مؤكداً حتمية الثورة وأكذوبة السلام:
يا أيّها الثوار..
في القدسِ، في الخليلِ،
في بيسانَ، في الأغوار..
في بيتِ لحمٍ، حيثُ كنتم أيّها الأحرار
تقدموا.. تقدموا..
فقصةُ السلام مسرحيّه..
والعدلُ مسرحيّه..
إلى فلسطينَ طريقٌ واحدٌ
يمرُّ من فوهةِ بندقية..
لحن هذه القصيدة محمد عبد الوهاب، الذي كان له أكثر من لقاء مع أشعار نزار قباني في فترة الستينيات، وقد كانت هذه الأغنية، من أوائل الأغنيات التي سجلت بنظام التركات المتبع اليوم، حيث تسجل كل مجموعة آلات بمفردها بعيدة عن صوت المطرب، وقد تخوفت أم كلثوم، التي تربت على تقاليد الغناء الكلاسيكي، من الغناء بهذه الطريقة فغناها عبد الوهاب قبلها بصوته، وهو أمر اعتاد أن يفعله مع جميع من لحن لهم من المطربين والمطربات تقريباً، باستثناء أم كلثوم التي كانت هذه الأغنية هي الأغنية الوحيدة التي سمحت لعبد الوهاب أن يسجلها بصوته أيضاً... ولا شك أن لحن عبد الوهاب قد اغتنى كثيراً بتوزيع الموسيقي (أندريا رايدر) المذهل له... أما أداء السيدة أم كلثوم فقد سمى بهذا العمل الفني إلى مستويات تعبيرية أخاذة، فيها الكثير من التموجات العاطفية، التي تعكس الحساسية الشعرية الجديدة لشعر نزار قباني، وخصوصاً في التوقف عند التفاصيل الصغيرة في رسم صورة الوطن الذي يحن إليه اللاجئ!
عشرونَ عاماً.. وأنا
أبحثُ عن أرضٍ وعن هويّه
أبحثُ عن بيتي الذي هناك
عن وطني المحاطِ بالأسلاك
أبحثُ عن طفولتي..
وعن رفاقِ حارتي..
عن كتبي.. عن صوري..
عن كلِّ ركنٍ دافئٍ.. وكلِّ مزهريّه.
وقد تحولت أغنية 'أصبح عندي الآن بندقية' إلى واحدة من كلاسيكيات الغناء لفلسطين، وعنواناً من عناوين برامج الثورة في ذلك الحين، فأخذت تتبارى الإذاعات على بثها وتكرارها... وبالنسبة لمن واكبوا تلك الحقبة من المد القومي الذي انعكس في مرآة الغناء للقدس وفلسطين على وجه الخصوص... تبدو هذه الأغنية علامة من علامات التعبير الحي عن حقيقة لم يزل يؤمن بها الكثيرون اليوم: الطريق إلى فلسطين يمر من فوهة البندقية!

حريق الأقصى يلهب الأغنية العربية!

في صبيحة يوم 22 آب (أغسطس) 1966 قام اليهودي المتطرف مايكل دينس روهن بإحراق المسجد الأقصى، حيث تم حرق الجامع القبلي الذي سقط سقف قسمه الشرقي بالكامل، كما احترق منبر نور الدين زنكي الذي أمر ببنائه قبل تحرير المسجد الأقصى من الصليبيين وقام صلاح الدين الأيوبي بوضعه داخل المسجد بعد التحرير فعرف باسمه، وهب أبناء بيت المقدس وقد أذهلتهم الصدمة ليساعدوا في إطفاء الحريق فيما جاءت سيارات الإطفاء إلى الجامع من كل أنحاء فلسطين.
هز هذا الحدث الأليم، الوجدان العربي من المحيط إلى الخليج... وكان من أجمل ما كتب حول حريق الأقصى، قصيدة الشاعر محمود حسن إسماعيل، 'قومي إلى الصلاة' التي يصف فيها المشهد الحزين:
وعادت الطيور في المساء
فلم تجد في القبة الضياء
ولا صدى التراتيل والدعاء
فهزت الأوتار بالنداء:
يا (قدس) يا حبيبة السماء
قومي إلى الصلاة وباركي الحياة.
وقد تحولت هذه القصيدة البديعة إلى مغناة لحنها الملحن رياض السنباطي، وغنتها المطربة اللبنانية الكبيرة (سعاد محمد) فجاء هذا العمل على قدر الأسماء الكبيرة التي أبدعته كلمة ولحناً وأداءً، وخصوصاً أنه أبرز قدرات السنباطي الكبيرة في تلحين القصائد، وفي إبراز قدرات صوت سعاد محمد التي آمن بموهبتها الكبيرة... ومرة أخرى يحضر التآخي الإسلامي المسيحي في استحضار رموز الأديان التي وجدت في القدس موطئاً لها:
ورددي التسبيح في المآذن
وأيقظي الأجراس في المآذن
وكبري لله.... لا تهادني
قومي إلى الصلاة وباركي الحياة.
وقد ألهب حريق الأقصى بالعديد من الأغنيات، منها أغنية محمد رشدي 'وفي قلبي ولا عينيا إلا فلسطين' من كلمات فؤاد حداد وألحان بليغ حمدي... وسواها من الأغنيات التي عبرت بحق عن المكانة التي احتلتها القدس في تلك الفترة في أولويات الفن العربي والإعلام العربي كذلك.

ثنائيات غنائية: من ينقذ الإنسان!

بقيت صورة (القدس) في سبعينيات القرن العشرين، أسيرة تحولات عديدة ألمت بالقضية الفلسطينية، وبالأغنية العربية أيضاً... وفي نهاية الثمانينيات، جاءت انتفاضة أطفال الحجارة، التي اندلعت أواخر العام 1987 لتكتب فصلا ملحمياً جديداً من فصول القضية، وتوالت إثرها القصائد والأغنيات التي خلدت هذه الانتفاضة، وسعت لمواكبة أثرها الملهم والعابق بالأمل في الوجدان العربي... وقد ظهرت العديد من الأغنيات التي جاء بعضها يفتقر إلى الألق الفني، رغم النوايا الطيبة التي انطلقت منها... وبالعودة إلى صورة القدس، تبقى قصيدة الشاعر سميح القاسم، 'زنابق لمزهرية فيروز' التي لحنها وغناها الفنان البحريني خالد الشيخ على شكل دويتو، بمشاركة الفنانة المغربية رجاء بلمليح، عام 1989 والتي أتينا على ذكرها في القسم الأول من هذه الدراسة، لارتباط القصيدة بأغنية للسيدة فيروز... تبقى تلك الأغنية هي التعبير الفني الأقوى، رغم أنها لم تنل حظها الإعلامي من الانتشار الذي تستحقه...
وبموازاة دويتو خالد الشيخ ورجاء بلمليح، ظهر في النصف الثاني من التسعينيات، دويتو آخر عن القدس بعنوان 'من ينقذ الإنسان' غناه ولحنه الفنان العراقي كاظم الساهر، مع الفنانة التونسية لطيفة، عن قصيدة للشاعر السوري نزار قباني يقول مطلعها:
بكيت.. حتى انتهت الدموع
صليت.. حتى ذابت الشموع
ركعت.. حتى ملّني الركوع
سألت عن محمد، فيكِ وعن يسوع
يا قُدسُ، يا مدينة تفوح أنبياء
وقد غنى كاظم الساهر ولطيفة هذه القصيدة، مع تعديل وحذف لبعض أبياتها، في حفل أقيم في (ألبرت هول) في لندن... وهو نفس المكان الذي غنى فيه عبد الحليم حافظ في نهاية الستينيات أغنية 'المسيح' للشاعر عبد الرحمن الأبنودي... وتذكر الفنانة لطيفة أن نزار قباني سرَّ بهذا العمل الفني، وبالتسجيل الذي قدم له من حفلة لندن، وأوصى بإصداره في ألبوم خاص، إلا أنه رحل قبل صدوره!
لقد كان نزار قباني مؤمناً بأن القدس ستعود عربية، وأن السلام لابد سيعم مدينة السلام، طال الزمن أم قصر... ولذلك ختم قصيدته بنوع من التفاؤل العميق بهذا الغد المشرق حين قال:
غداً.. غداً.. سيزهر الليمون
وتفرحُ السنابلُ الخضراءُ والزيتون
وتضحكُ العيون..
وترجعُ الحمائمُ المهاجرة..
إلى السقوفِ الطاهرة
ويرجعُ الأطفالُ يلعبون
ويلتقي الآباءُ والبنون
على رباك الزاهرة..
يا بلدي..
يا بلد السلام والزيتون.

انتفاضة الأقصى: الحصاد المر!

في الثامن والعشرين من أيلول (سبتمبر) عام 2000 دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي أرئيل شارون إلى باحة المسجد الأقصى في القدس برفقة حراسه، الأمر الذي دفع جموع المصلين إلى التجمهر ومحاولة التصدي له، وجاءت نتيجة هذا العمل الاستفزازي لتعلن اندلاع الانتفاضة الثانية، التي بلغت ذروتها بعملية السور الواقي الإسرائيلية، وتدمير مخيم جنين عام 2002...
مرة أخرى حضرت القدس في قلب الحدث، فقد سميت هذه الانتفاضة بانتفاضة الأقصى، التي توالى التعبير الغنائي عنها سريعاً، وتوالت الأغنيات لشتى المطربين من أنحاء الوطن العربي... فغنى وليد توفيق 'صوت الحجر' وغنى عمرو دياب 'القدس أرضنا' وغنت نوال الزغبي من كلمات الفنان اللبناني وليم حسواني وألحان وتوزيع: زياد مراد أغنية 'يا قدس' التي تقول في مطلعها:
يا قدس كم أتوق إلى الصلاة
حيث الرجاء في ترابك الحبيب
ألا أنهضي وحطّمي قيد الطغاة
وأرجعي لأهله الوطن السليب
وغنى الفنان هاني شاكر، الذي سبق أن قدم العديد من الأغنيات: كـ 'القدس هتفضل عربية' و'فلسطين' وهما من ألحان الموسيقار الراحل كمال الطويل، غنى في مواكبة هذه الانتفاضة أغنية 'أبواب القدس' التي تقول كلماتها:
كل المدن بتنام غرقانة في الأحلام
الا عيون القدس صاحية ولا بتنام
كان صوت الحق في نظرة طفل في حضن الموت
تنهيده أب في آخر نظرة وآخر صوت
وعيون بتقول القدس هتبقى ومش هاتموت
القدس هتبقى ومش هاتموت
وقد وجدت هذه الأغنية انتقادات كبيرة بسبب كلماتها، التي تفتقر للصياغة الشعرية المتينة، وقد برر هاني شاكر مشكلة الأغنية بأنها أفضل ما قدم له من نصوص في حينه، وأن إنجازها تم سريعاً، إذ أنجزت في ثلاثة أيام فقط!
ولم تكن أغنية 'أولى القبلتين' التي قدمتها الفنانة أصالة نصري، بألحان وكلمات الفنان الليبي علي الكيلاني، بأفضل حالاً من أغنية هاني شاكر أو سواها... وخصوصاً لجهة نبرتها الخطابية، وغياب الصور الشعرية في كلماتها، ومنها:
يا أولى القبلتين
يا ثالث الحرمين
ستبقى قبلتنا الأولى
والأقصى المبارك حوله
وستبقى لنا الدولة العربية... العربية فلسطين
ورغم أن الأغنية، تسعى لتأكيد الحق التاريخي، وتمضي في تصوير تعلق العرب والمسلمين بعروبة القدس، فإن كلماتها في المجمل لا تعدو أكثر من صرخة، حركت مشاعرها مشهديات انتفاضة الأقصى وبسالة أبنائها:
في صدورنا البنادق وعيونا عليك
وبيوتنا خنادق وأرواحنا تفديك
يا مسرى الرسول لن تبقي مغصوبة
ولن نرضى بحلول إلا بقدس العروبة
فلسطين عربيه.. عربية

القبلة الأولى والقضية العربية.......

كما قدم مجموعة من الفنانين المصريين أوبريتاً غنائياً، كتب كلماته الدكتور مدحت عدل، ولحنه رياض الهمشري ووزعه حميد الشاعري بعنوان: 'القدس هترجع لنا' شارك فيه (28) فناناً مصرياً من بينهم: (هدى سلطان- محمود ياسين- سميحة أيوب- ناديا لطفي- مدحت صالح- خالد عجاج- حكيم- أنوشكا- صابرين- يسرا- إسعاد يونس- منى عبد الغني) وقد أخرجه طارق العريان وأنتج عام 2000... وقد بقي أثر هذا الأوبريت محصوراً في صورته التلفزيونية، ومشاركة مشاهير ونجوم الفن المصري فيه، أكثر مما هي في قيمته الغنائية.
وفي المحصلة بدت الأغنية العربية في مواكبتها لانتفاضة الأقصى، واستحضارها لصورة القدس كتاريخ وجغرافيا وذاكرة وطقوس ومقدسات، أمينة للتراجع الذي تعيشه... فكل هذه الأغنيات، بدت مجرد مادة استهلاكية للمحطات والتلفزيونات العربية أثناء تغطية الحدث... ولم تدخل في كلاسيكيات أغنيات القدس التي يمكن أن تستعاد بين فترة وأخرى، أو تبقى حاضرة مع كل حدث، كما هو حال الأغنيات التي قدمها عمالقة الفن العربي في فترات سابقة!

القدس عاصمة ثقافية: مساهمات تتجدد!

واليوم ومع اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية العام 2009، تتوالى دفعة جديدة من الأغنيات التي تمجد القدس، وتحتفي بهويتها العربية، فيغني الفنان هاني شاكر من ألحانه ومن كلمات الشاعر الفلسطيني رامي اليوسف، أغنية كان قد قدمها في الحفل الذي أحياه رابع أيام عيد الأضحى في رام الله، وفيها يقول عن القدس:
والقدس حياتي وصلاتي
والأقصى الغالي ده نور عيني
عزم رجالك زي جبالك
يا حاضنة صليبك وهلالك
في الدنيا مفيش زي جمالك.
وقد انتهى هاني شاكر من تسجيل هذه الأغنية، بعد تقديمها في حفل جماهيري، وقال إنها مهداة إلى القدس بمناسبة تتويجها عاصمة للثقافة العربية، ومثله الفنانة أصالة نصري، التي قدمت أغنية جديدة عن القدس بالمناسبة ذاتها، كتب كلماتها د. نبيل طعمة، ولحنها خالد حيدر، وتقول كلماتها:
يا قدس... يا طهر الله... يا روح الله...
يا آل عمران ومسرى النبي..
يا أول قبلة
نادي صلاح الدين نادي الأمم
نادي الملائكة والوحي...
نادي الثقاة.. نادي الفرات
ودجلة والنيل
والشيب والشبان
نادي الرجال يا أول قبلة
يا قدس يا مدينة السلام!
وقد بالغت أصالة نصري، حين رأت أن هذه الأغنية، التي صورتها كفيديو كليب، بإخراج الممثل السوري أندريه سكاف، ستقود الانتفاضة الثالثة... فهذا الشعر الذي يبدو أشبه بـ (صف كلام) والذي تنتفي منه جماليات السبك الشعري، والمقدرة على صياغة لوحة شعرية مترابطة... ربما يمكن أن يخلق حالة مقبولة مع لحن حيوي وصورة تلفزيونية تستلهم الشبه بين عراقة دمشق وقدسية بيت المقدس، لكنه يؤكد من جهة أخرى، المقولة التي تقول أن (أردأ الشعر... أصلحه للغناء) إلا أن تاريخ القدس مع الأغنيات التي استلهمت ذاكرتها ومأساتها، لا يبدو أنه يبرهن على صحة هذه المقولة، وخصوصاً إذا عادت بنا الذاكرة إلى أشعار الأخوين رحباني ونزار وقباني وسميح القاسم وعبد الرحمن الأبنودي ومحمود حسن إسماعيل... ومناخات فنية أخرى صنعها زمن فيروز والرحابنة وأم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وبليغ حمدي وسعاد محمد ورياض السنباطي، واجتهاد خالد الشيخ وكاظم الساهر، وبدا فيها العمل الفني الغنائي قادراً على رسم صور أكثر فرادة لتحولات هذه المدينة المقدسة، ومكانتها في ذاكرة ونفوس العرب والمسلمين!

فيروزي
22/01/2009, 19h20
مقاله رائعه. استمتعت جدا بقرائتها..
بالفعل الفن القديم اضافه الى كونه يحمل الكثير من الابداع..يضاف اليه انه يحمل الكثير من الصدق..والاحساس بقضايا الامه..
اما الان فحالنا يرثى له... فنيا ووطنيا..

سلمت يمناك..

hameidoo
12/02/2009, 16h11
ااخى العزيز الفاضل الاستاذ / منير

بارك الله فيك على هذا المقال الرائع

وعلى التوثيق الدقيق لأغانى القدس

وعلى التحليل الرائع لظروف خروج هذه الروائع للوجود

وهذا ليس مستغرب منكم فكما عودتنا دائما المقال موسوعى كسائر مقالاتكم

وكلنا يقيين ان القدس سترجع لنا وان طال الزمن

وعسى ان يجعله الله قريبا

ندعو الله ليل نهار اللهم استجب

تقبل منى خالص شكرى وتقديرى

أبو مروان
14/02/2009, 08h31
الأخ الكريم منير والله أتحفتنا ونورتنا بهذا التوثيق الرائع وألف شكر على هذا المجهود الكبير .....

عادل العراقي
27/04/2015, 15h39
مقال رائع استحضر فلسطين بكل عمقها
واستحضر الدمع في المآقي حين ننظر لحاضرنا
الفن الراقي قد عبر عن القدس بكل روعة
فيروز ام كلثوم عبد الحليم
في قيادة بليغ والرحابنة وعبد الوهاب
اية روعة هذه..........
كل التقدير