المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نبذة عن ((فرقة التراث الحلبية ))


reza_neikrav
30/11/2008, 15h58
تعتبر فرقة التراث الحلبية من أعرق الفرق السورية التي تؤدي الغناء التراثي بشكله التقليدي وبأصوله في الالتزام والارتجال.أسسها رائد الطرب الأصيل صبري مدلل في بداية الخمسينيات فأحدث فرقة للمدائح النبوية،
وكان أول من أدخل الإيقاع «الدف» على الانشاد، وقد أخذت الفرقة شكلها الحالي عام 1975 بعد ان رافقتها الفرقة الموسيقية في عملها، وكانت القفزة النوعية للفرقة عام 1985 عندما استلم ادارتها الفنان محمد حمادية،حيث طورها وأدخل عليها مختلف ألوان الفنون الغنائية والتعبيرية والتراثية الموسيقية. وشاركت الفرقة في العديد من المهرجانات والتظاهرات الفنية العربية والعالمية حيث أحيت عدة حفلات في معظم بلدان الوطن العربي وبعض الدول الأجنبية كفرنسا وألمانيا وبريطانيا وسويسرا والنمسا وهولندا وبلجيكا واسبانيا واليونان، وهونغ كونغ وغيرها وكانت في كل حفلاتها ترفع شعار «الفن للفن». وتساهم بنشر رسالتها الفنية التراثية في جميع أنحاء العالم، ما أكسبها الشهرة العالمية وجعلها محط اعجاب الجمهور والنقاد في كل لون تؤديه.
حول ماهية هذه الفرقة وطبيعة علمها وطموحاتها المستقبلية، وحول الملامح الجديدة التي طرأت عليها في الشكل والتنظيم والأداء مما جعلها متميزة وأكثر سعة وشمولية يحدثنا الفنان أحمد حمادية ابن اخت الفنان صبري مدلل ومدير ادارة فرقة التراث فيقول: تأسست الفرقة عام 1954 بعد ان ترك الفنان الكبير صبري مدلل العمل في الاذاعة السورية آنذاك، حيث أحدث فرقة للأناشيد والمدائح النبوية وقام بوضع أربعين لحناً لها وهذه الألحان تعتبر اليوم هي الأكثر تداولاً بين المنشدين في سوريا والدول العربية ومن المعروف ان صبري مدلل اشتهر بالغناء المرتجل والأسلوب السهل الممتنع ومنذ تاريخ التأسيس وحتى منتصف الثمانينيات كانت الفرقة في أوج عطائها ونشاطها، تقدم فنها في المناسبات الدينية والوطنية والأفراح وتضم أصواتاً من خيرة أصوات مدينة حلب في ذلك الوقت، وأول مشاركة لها خارج سوريا كانت عام 1975 في مهرجان الخريف في باريس ثم تلا ذلك مشاركات اخرى في بعض الدول العربية والاجنبية، وفي مطلع الثمانينيات توقفت الفرقة عن العمل إلا ان هذا التوقف لم يستمر طويلاً بل على العكس لقد كانت فترة الانقطاع مفيدة لنا جميعاً فبعد ان استلمت ادارة الفرقة عام 1985 بدأنا نفكر أنا والاستاذ صبري مدلل باعادة دراسة وترتيب منهجية عمل وأداء الفرقة وادخال ألوان أخرى من الفنون الموسيقية التراثية، وبينما نحن نتابع برمجة هذه المقترحات تلقت الفرقة دعوة الى هونغ كونغ للمشاركة بمهرجان الفنون الآسيوي العاشر، وكان ذلك بتزكية من حبيب حسن توما مسئول قسم موسيقى الشعوب في اليونسكو ببرلين، وبمساعي الصحفي عبدالرحمن نعسو. ومن ثم تلقينا دعوة اخرى الى فرنسا عن طريق «كريستيان بوفالي» وهو مستشرق له باع طويل في الموسيقى العربية، وحين عودتنا من فرنسا تابعا تنفيذ ما ناقشناه من مقترحات لتنظيم ولتطوير عمل وأداء الفرقة فأدخلنا فرقا جديدة باختصاصات فنية تراثية متنوعة وقمنا بتطوير العديد من الفنون الغنائية الاخرى، وتوسعنا فيها بحيث اصبحت اكثر سعة وشمولية.
ـ ولكن ما هذه الفرق وما طبيعة عمل كل فرقة؟ ـ فرقة الغناء وتضم مجموعة من نخبة الاصوات في حلب وتؤدي كل القوالب الغنائية من موشحات وأدوار وقدود حلبية وطقاطيق وأغاني الطرب والقصائد والمواويل وعددها 12 شخصا بين موسيقيين ومطربين..
ـ فرقة الانشاد: وتضم ايضاً نخبة من الاصوات الرائعة وتؤدي نفس ما تؤديه فرقة الغناء بالاضافة الى الانشاد الديني والصوفي والمدائح النبوية وعدد أعضاء الفرقة 7 منشدين و2 ايقاع.
ـ فرقة الذكر: وهي الفرقة الوحيدة في سوريا التي تؤدي هذا اللون الديني، ويرافق المنشدون ضاربو الدفوف والخليلية وشيخ الطريقة الصوفية وعدد أعضاء هذه الفرقة 15 شخصا.
ـ فرقة الرقص الشعبي: وتتألف من 410 عناصر حسب الحاجة، وتؤدي هذه الفرقة الرقصات الشعبية على غناء الاغاني الشعبية بالاضافة الى فنون الرقص بالسيف والترس والنبود.
ـ فرقة الدراويش وتتألف من 28 أشخاص وتؤدي الحركة الدورانية الصوفية بمرافقة الاناشيد الدينية والصوفية وهذا اللون له شهرته العالمية.
ـ وأخيرا الفرقة الموسيقية: وتمثل التخت الشرقي وترافق فرقة الغناء بالعزف، كما تؤدي المؤلفات الموسيقية الكلاسيكية الشرقية والعربية وتتألف من 7 عازفين يتوزعون على القانون والعود والناي والدربكة والرق والكمان عدد 2.
ـ هل يعني هذا ان الفرقة يلا تهتم إلا بالأمور الفنية التراثية فقط؟ ـ لا ليس شرطا فنحن بالاضافة لكل ما ذكرت نبحث دائما عن الاغاني التي تناسب الاذواق كافة، وحتى الحديثة منها ذات اللحن السريع قليلاً، ولكن لا نعتمد ابداً على الالتزام بلحن المقطوعة، بل نعتمد على مسألة الارتجال في الغناء والأداء وهذا ما تعلمناه من مدرسة الاستاذ صبري مدلل ولا سيما في الاداء المنفرد الذي يتيح للفنان اظهار ملكاته الغنائية بأريحية مطلقة.
ـ هل تلتزمون عادة ببرنامج محدد قبل المشاركة بأي حفل؟ ـ نعم بالطبع، فالفرقة كثيراً ما تعتمد على خط ثابت تسير عليه وهذا الخط يتمثل بداية من تقديم الوصلة الحلبية التي تعتمد على السمع، وهذه البداية تكون تمهيداً للدخول بالموشحات للسلطنة وأبراز كفاءة الفرقة الغنائية والموسيقية، ومن ثم تأتي مرحلة التقاسيم والموال وبعد ذلك الدو الذي هو عبارة عن قالب مصري ومن ثم مرحلة الغناء والطرب المتمثل بالقدود والتقاطيع.
ـ بماذا تتميز فرقة التراث عن غيرها من الفرق الغنائية الاخرى، وما طموحاتها ومشاريعها المستقبلية؟ ـ فرقة التراث هي فرقة جامعة شاملة تجتمع فيها كل ألوان الفنون الحلبية من مدائح نبوية وغناء صوفي وديني ورقص شعبي وطرب وغير ذلك وحالياً تدرس الفرقة مسألة الدخول في نهج الاغاني الوطنية والقومية، هذا بالاضافة الى وجود مشروع مستقبلي آخر اسمه «من المحيط الى الخليج» ويعنى هذا المشروع باقامة ليال عربية غنائية تغنى بلهجة البلد الذي تتواجد الفرقة فيه ولكن بروح وأسلوب الفرقة الذي اعتاد الناس عليه.
ـ بغض النظر عن المصدر اتهمت الفرقة بتحيزها الى التراث الموسيقي الحلبي تحديداً فكيف تطمحون الى ادخال الاغاني القومية وانتم على المستوى الضيق تقدمون التراث الحلبي حصراً، أليس من المفروض ان تقدموا التراث السوري أولا لتنطلقوا منه الى التراث الغنائي العربي ثانياً؟ ـ نحن عندما نقدم التراث الحلبي لأن مدينة حلب هي في الأساس مدرسة في الفن والأصالة والطرب والغناء وهي التي خرجت كبار المطربين الذين خلد اسمهم التاريخ، أمثال عمر البطش وبكري الكردي وعبدالقادر حجار وعلي الدرويش وصبري مدلل وصباح فخري وغيرهم وحلب مدينة سورية وتراثها تراث سوري والمتتبع لحفلاتنا وأعمالنا يلاحظ بوضوح ان الفرقة لا تعتمد لون الغناء التراثي السوري فحسب، بل تعتمد التراث الموسيقي السوري بشكل عام، «فالدور» مثلاً قالبه مصري بحت، وكثيراً ما نستعمله في الموشحات، كما ان الفرقة قامت من قبل بمحاولات غنائية تراثية عربية حيث غنينا بلهجة البلد في تونس والعراق ومصر والأردن وبعض دول الخليج وعموما تبقى القوالب الغنائية التي نقدمها من موشحات وطقاطيق وادوار وقدود ومقامات ومدائح نبوية وغيرها قوالب عربية مئة في المئة.
ـ يشاع عنكم بأنكم لا تقومون بالغناء إلا على المسارح وفي المهرجانات العربية والدولية والمناسبات العامة فما تفسير ذلك؟ ـ هذا لأننا اخذنا على عاتقنا ان نغني للثقافة وشعارنا هو عدم الابتذال وتقديم كل ما هو نفيس من كنوز الفن التراثي وضمن اجواء تليق به لإظهاره بصورة لائقة ولتكون الموسيقى هو الأرقى دائماً بين الفنون كافة، ومن هذا المنطلق فنحن لا نعتمد في عملنا الا على الدعوات التي توجه إلينا، والتي تستحق فعلاً ان نشارك فيها.
ـ والفتاة الألمانية التي أسلمت في احدى حفلاتكم كما يقال، ما قصتها؟ ـ نعم هذا صحيح ففي احدى حفلاتنا في «ميونيخ» في ألمانيا جاءت إلينا عند الاستراحة فتاة ألمانية تعلن إسلامها أمامنا لشدة تأثرها بما قدمناه من أناشيد دينية ومدائح نبوية، وقد تبعتها فتاة أخرى كما قيل لنا فيما بعد، وأذكر أن مدير المسرح صعد إلينا حين الانتهاء من الحفل وقال: «لقد قرأت كثيراً عن التحليق الروحي في الغناء، ولكني لم أشعر به إلا الآن».
ـ وبالنسبة لبعض الفرق الغنائية الأخرى التي تنتهج أسلوب التراث الموسيقي العربي، ما رأيك بها؟ ـ أنا أشجع مثل هذه الفرق التي تسير ضمن هذا الاتجاه، ولكن شريطة ألا تلعب أو تشوّه قوالب الفن التراثي الأصيل، وللأسف أغلب هذه الفرق اندثر ولم يستطع التواصل وذلك لغياب الأسس السليمة للمتابعة والاستمرارية، ولي ملاحظة على من تبقى منها وهي ضرورة المحاظة على التآخي والتعاون بين أعضاء الفرقة، فنحن عندما نمثل سوريا نمثل الوطن العربي فإما أن نكون على مستوى المسئولية ومستوى هذا التمثيل وإما ان لا نكون.