المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفرقة الماسية بقلم ابن الماسية الحلقة العاشرة الكمنجة ..... وانا


عادل صموئيل
09/11/2008, 11h30
الفرقة الماسية
الحلقة العاشرة الكمنجة .... وانا

قبل ان ابدا كلامى تحضرنى هنا قصة عن جحا , كان مما روى عنه انه كان شيخا فقيرا رث الثياب اكولا محبا للطعام , يوما سمع عن وليمة كبيرة يقيمها احد كبار اثرياء بلدته فبات يمنى النفس بأطايب الطعام وفى الموعد ذهب الى الوليمة ولكن الخدم عندما شاهدوا ثيابه الرثة ابعدوه وطردوه ولم يكن يستسلم بسهولة سرعان ماعاد الى بيته ولبس جبة فاخرة وعمامة فاخرة واسرع الى الوليمة فأدخله الخدم واجلسه صاحب الوليمة على صدر المائدة وبعد ان نهل من اطايب الطعام غمس كمه فى الطبيخ وقال كل ياكمى قالوا له ماذا تفعل ايها الشيخ الوقور قال عندما اتيت بثيابى الرثة طردتمونى ولما اتيت بثيابى الجديدة اكرمتمونى واجلستمونى على صدر المائدة فثيابى اولى بالأكل منى .
وهنا اتحدث عن الكمنجة والتى لولاها لما دخلت الفرقة الماسية ولما كنت اتحدث اليكم .
والكمنجة تلك الآلة الساحرة تختلف عن كل الآلات الموسيقية انك تحس ان داخلها روح وليست جمادا وقصة صنعها العجيبة بما تحويه من اسرار وسحر وغموض وكل مايتعلق بها تمثل اعجوبة الموسيقى فيكفى انها تتحدث مع عازفها وهى الآلة الوحية التى تجد بصمة خاصة لكل من يعزف عليها يعنى لو اتيت بلحن وعزفه عشرة من العازفين المهرة لوجدت لكل منهم نكهة خاصة وبصمة متميزة مع ان اللحن نفس اللحن , وهى ايضا الآلة الوحيدة التى لايفرط فيها صاحبها ابدأ تكون مثل حبيبته والتى لايستطيع ان يعيش مع سواها , تحس انها الانثى الجميلة بين الآلات الموسيقية والتى يزيد شبابها كلما مر عليها العمر وتزداد قيمتها وحلاوتها كلما تمر عليها عشرات السنين , يعنى لو اخذنا مثلا حديثا تجد عازف الاورج ينحصر تفكيره فى شراء اورج احدث دائما , وحتى الات النفخ الغربية بعد فترة تبدا الميكانيكا الخاصة بها فى الاستهلاك ولكن الكمنجة طالما موجود من يستطيع صيانتها بكفاءة تجدها اكفأ اكثر وصوتها اجمل اكثر , والكمنجة التى نستعملها اليوم وصلت الى هذا الشكل منذ عصر الباروك ولم تتطور لأن اى تطور يفسد قيمتها تجدون الآن كمنجات كهربائية او كمنجات تقليدية وضعوا فيها ميكروفونات ولكن اعتقد هذا افسدها لأن الكمنجة احلى ماتكون ان يكون صوتها طبيعيا , والكهرباء تعطيها امكانية لاتظهر مهارة العازف كالفرق بين البيانو والاورج فالبيانو يظهر فيه مهارة العازف لأن اليد اليسرى هى البيانو واى عازف ضعيف فورا يظهر الخلل فى اليد اليسرى ويخرج النشاز اما الاورج فيعتمد على اليد اليمنى لأنه يعطى مصاحبات الكترونية تغنى عن اليد اليسرى , وعندما اتكلم عن سر وسحر صناعة الكمنجة ابدا بالصناعة الفاشلة اولا , اليوم فى الصين تصنع الكمنجة فى مصانع كبيرة عبارة عن خط انتاج اتوماتيكى مثلها مثل اى اجهزة او مشغولات , يبدا خط الانتاج بقطعة كبيرة من الخشب من اى نوع وهنا لاحظوا تلك الكلمة من اى نوع , وتدخل على السير تدخل على عدة مناشير كهربائية مسلسلة حتى يصبح الخشب قطع متتالية سمكها حوالى 4 مم تم تدخل القطع تلك على جهاز يشبعها بالبخار تعطى الخشب ليونة شديدة بعدها تدخل على مكبس يضغطها ليعطيها الانحناء فى ظهر او وجه الكمنجة ثم بعد ذلك تدخل على جهاز لطرد البخار والتجفيف , ثم يتم تركيب الكمنجة آليا وتخرج من خط الانتاج يتم طلائها بالدوكو فى الفرن وكانها سيارة ثم تخرج كل يوم مئات الكمنجات من المصنع تذهب الى الاسواق وانا عندما اعزف على كمنجة من تلك احس انى امسك قبقابا جميل الشكل لكن لاصوت لها حتى ان العازف الجديد من الممكن ان يكره الكمان لأن من اهم وسائل الجذب للجدد انه يحس انه يمسك آلة تصدر صوتا جميلا او معقولا على الاقل .
واعود لسحر صناعة الكمنجة اليدوية والتى اختفت صناعتها وصناعها منذ اكثر من مائة عام والكمنجات الى نستعملها مصنوعة من اكثر من مائة عام انا كمنجتى الخاصة عمرها اكثر من 200 سنة , تبدا القصة بعائلات محددة فى المانيا والنمسا بالذات وايطاليا منذ مايقرب من 300 سنة , وتلك الاسرار كان الابناء يتوارثوها عن الآباء ولاتخرج الاسرار خارج العائلة
كان الصانع يخرج الى الغابة فى الفجر بحثا عن نوع خشب محدد وهذا النوع سر لايعرفة احد حتى لاتمتهن الصنعة وايضا لأنه يعطى اكفأ كمنجة ممكنة بعد ان يجد ضالته يعود ليهذب الخشب حتى يقطع منه قطعتين مستطليتين فى حجم الكمنجة سمكهما حوالى 5 او 6 سم وقطع مستطيلة صغيرة ليصنع منهم جوانب الكمنجة التى تتكون من ست قطع اثنتان تحدبهما الى الداخل واثنتان تحدبهما مثل حرف c للوسط واثنتان تحدبهما كقوس ولكنهم اكبر قليلا للجزء السفلى , وتستغرق الكمنجة الواحدة منه حوالى سنة كاملة من العمل المستمر ,
http://img393.imageshack.us/img393/556/avatar234393bd6.jpg http://img388.imageshack.us/img388/4354/violondn3.gif

ونلاحظ فى الصورة مكونات الصندوق الرنان للكمنجة الوجه والظهر ثم الستة اجزاء فى الجوانب بين الوجه والظهر الاثنتان العلويتان واثنين فى المنتصف واتنين اسفل , اول سر من اسرار صناعة الكمنجة هو كيفية اخراج الرطوبة من الخشب وبدون اخراج الرطوبة لن تصلح قطعة الخشب لأن الشجرة فى حالتها اطبيعة يكون خشبها محملا بعصائر وهى التى تجعلها على قيد الحياة ولن يعرف احدا سر اخراج الرطوبة هل يضعها فى فرن او يعرضها للهواء ( والهواء فى اوروبا مشبع بالرطوبة وبخار الماء او يعرضها لعملية كيماوية لن يعرف احد , ثم تبدا المهمة الشاقة يمسك القطعة التى يريد ان يجعلها ظهر الكمان ويبدأ بالحفر فيها بالسنفرة فقط واقل استعمال ممكن للمبارد المختلفة , تستغرق عملية الحفر لا اقل من ثلاث شهور من العمل المتواصل وبمنتهى الدقة حتى تصبح سمكا واحدا متساويا لأنى اى اخلال فى السمك يفسد الكمنجة , وانا اتخيل ان الصانع طول الوقت وهو يستعمل السنفرة ثم ينفح برادة الخشب بأنفاسة اتخيل انه يعطيها من روحة , يعطى الكمنجة الواحدة انفاسه لمدة سنة كاملة وهذا السبب الذى اتخيل ان الكمنجة تدب فيها الحياة لأن الصانع اعطاها جزء من روحه , وعندما يكتمل الظهر يبدا فى حفر الوجه , ثم يقص الفتحات بمنشار الاركت , وعندما ينتهى من الوجه يبدا فى حفر الستة قطع الجانبية ومن المستحسن ان يصنع اكثر من ستة لأنه احيانا بعد تركيب الكمنجة يحتاج ان يبدل فيهم لإخراج احسن صوت منها بعد ان تكتمل قطع الكمنجة يبدا فى تركيبها , يوجد داخل الصندوق ايضا مكونات خشبية لا تراها يلصقها ثم يركب فيها الرقية وعليها المراية التى نضع اصابعنا عليها ولابد ان تكون من افخر انواع خشب الابنوس والى يتميز بصلابة شديدة حتى تدوم الى اطول وقت ممكن ثم يركب عليها المفاتيح والتى لابد ان تكون من الابنوس ايضا حتى لا تتلف بسرعة , ومن اهم مميزات صانع الكمنجة ان يكون عازفا ماهرا للكمان عندما يركبها يعزف عليها لها مواصفات معينة عنده ممكن ان يغير احد الاجزاء الجانبية ولابد ان يستعمل ايضا الشوكة الرنانة يطرقها ويضعها على الصندوق الرنان ليقيس كمية الرنين ويعدلها , وهنا عندما يحس انها وصلت الى اعلى درجة من الجودة تأتى مهمة حيرتنا كثيرا وهو ان يطليها , وهذا الطلاء سر لم يصل اليه احد سواهم يعنى انا مثلا كمنجتى لو خدشت او ماشبه ذلك لا ان استطيع ان اطليها بأى نوع من الطلاء واتركها كما هى لأن اى نوع من طلاء الخشب او التلميع ممكن يكتم نصف صوتها , لذلك ترى الكمنجة القديمة شكلها قديم جدا لكن لا علاج لطلائها إلا ان تتركها كما هى وشاهدت عدد من المرات كمنجات قيمة جدا لم يعجب صاحبها شكلها القديم ثم طلاها بطلاء جديد وفسدت وضاع صوتها , ويصل السحر حتى لقوس الكمنجة وبه شعر يأتى من اوروبا من سلالة خيول محددة تربى فى مزارع خاصة لذيولها شعر طويل كثيف وهذه الخيول تربى خصيصا ويأخذون الشعر من ذيولها مرة كل سنة ويصنع منه شعر قوس الكمنجة مثل الخراف التى يؤخذ منها الصوف كل فترة .
والكمنجة مع انها آلة اروبية الصنع والطابع إلا اننا روضناها لكى تعطينا النغمات والمقامات الشرقية بشكل يعطيك الايحاء بانها شرقية اصلا ولا عجب فهى مستوحاة من الربابة العربية ومن ثم تطويرها قديماً حتى وصلت لأرقى ماتكون فى عصر الباروك , ولكننا لم نستطع ترويض جسمها الاوروبى فهى تحب الشتاء ودرجات الحارة المنخفضة ويجب ان تاخذ حذرك لها من الصيف الحار يعنى تتفادى تعرضها للشمس الحارقة المباشرة او لدرجات الحرارة الشديدة حتى فى الظل لذلك تجد من ضمن همومى دائما البحث عن شنطة للكمان تكون عازلة للحرارة , لأنها تحس كما تكون تدب فيها الحياة , ايضا الكمنجة الثمينة تدمرها الرطوبة واقول لكم موضوعا معظم العرب لم يفكروا فيه ولكن الاجانب ياخذون هذا الموضوع بعين الاعتبار , انت عندما تشترى اى جهاز تفتح الصندوق وتفرح بالجهاز الجديد وتاخذه وتلقى بالصندوق غير عابىء بحتوياته مع انك لو بحثت فيه عادة ستجد كيساً صغيرا به مادة بلورية لن تلقى بالا اليه وقد تلقيه بعيدا ولو تدرى قيمة هذا الكيس ؟؟؟ تلك المادة تمتص الرصوبة من الجو المحيط بالجهاز يعنى لو جهاز قادم من اليابان او الصين لولا هذا الكيس خلال تواجد الجهاز على السفينة فى البحر لقضت عليه الرطوبة الشديدة خلال السفر فى البحر ولن يعمل مطلقاً لذلك من المحتم ان يكون لديك مثل هذا الكيس داخل شنطة الكمنجة دائماً .
ومن عجائب اسرار صناعة الكمنجة امثل لكم مثلا ما الفرق ان تشترى اليوم جهاز فيديو او تزرع نخلة ؟ جهاز الفيديو ستحضر مجموعة من الافلام وتستمتع بها اليوم اما النخلة عندما تزرع طبعا فى الحسبان انك لن تاكل من بلحها ولكن سياكل منه احفادك .... وصانع الكمنجة القديم كان عندما يتم صنعها ( وكان اكثر كمية من اكمنجات يصنعها الصانع الواحد عشرين كمنجة طوال حياته ) كان لايعرضها للبيع اذ انها لم تصل لمرحلة النضج الذى ياتى بسعرا يتناسب مع قيمتها العالية ومقدار الجهد الذى بذله فى صنعها كانت لكى تنضج لابد ان يحفظها خمسين سنة على الاقل قد لا تصدقون هذا الكلام ولكن كما قلت لكم ان عائلات تتوارث تلك الصنعة بكل اسرارها , وكان الصانع يصنع الكمنجات ويعتقها او يخزنها ويعزف عليها عدة مرات فى الشهر والذى سيبيعها احفاده بعد ان تنضج , والكمنجات التى يبيعها الآن ويكتسب منها صنعها اباه او جده , فكان كل منهم يترك ثروة من الكمنجات لكى يبيعونها وتدر عليهم ثمنا مناسبا لابد ان يكون تاريخ صنعها مر عليه عشرات السنين والتاريخ مكتوب داخلها وغير من المحتمل تزويره لأن العازف الخبير الذى يشتريها عندما يعزف عليه ستنطق عمرها , وكل ما مرت عليها السنين زاد صوتها حلاوة مما يجعل العازف يدفع بسعادة الثمن الذى يطلبونه فيها مهما كان فادح .
وملحوظة اخرى عنما تنظر حولك الى اى قطعة من الاثاث الخشبى ستلاحظ رسمة طبيعية للخشب وهى لحاء الخشب الاصلى لاتتشابه وانما تكون من فصيلة متشابهة , هى تكوين لحاء الشجرة الاصلية اما فى الخشب النادر الذى تصنع منه الكمنجات الثمينة تلاحظ بصمة متميزة ولكنها تختلف من كمنجة الى اخرى وعندما نفكر فى صانع واحد مثل ستراديفاريوس ستجد انه توجد فى اوروبا كتالوجات فيها صور الكمنجات التى صنعها وتظهر البصمة الواضحة لكل كمنجة صنعها من ظهر الكمنجة وبعض صانعى الكمان كان لهم بصمة واضحة فى خط يرسمونه على وجه الكمنجة وظهرها خط يرسم دائريا على حرف الكمنجة يسمى الفليتو وبعض الصناع كانوا يرسموا خطين للتميز .
وتمتاز الكمنجة فى العزف بشىء عجيب فى اثناء التدريب الاكاديمى لدراسة الكمان تتعرض لتمارين اهم مافيها استعراض مهارة القوس يعنى تمرين يتكون من عشرين مازورة مثلا ايقاعه واحد يعنى التمرين كله كروشات كل مازورة فيها ثمانى كروشات وفوق التمرين عدة اشكلا للتلاعب بالقوس يعنى مرة كل اربع كروشات فى قوس ومرة الثمانى فى قوس ثم مرة واحد فى قوس واتنين فى قوس وواحد فى قوس كل ذلك المجهود لكى تخرج من الجملة الواحدة عدة نكهات مع ان الحروف هى هى وفى الفرقة الماسية استغل العمالقة الملحنين تلك الملكات فى الكمنجة وفى العازفين يعنى كانت النوتة تكون مكتوبة امامك ولكن عبد الوهاب او السنباطى والموجى وبليغ والطويل يسمعك جزء من الجملة يدندنها يريدها هكذا وهنا يستغل سحبات اصابع بطريقة معينة او شكل معين للقوس تعطيك مايريد , لذلك كانت الجمل الموسيقية ابدا لا تتشابه لأنهم يستعملون او يبتكرون اشكالا من الاداء استطاعوا ان يستخرجوها من عازفى الفرقة الماسية المهرة , يعنى ممكن جملة من تأليف عبد الوهاب هو يبتكر لها خمسين طريقة فى الاداء كل شكل احلى من سابقه ولو ركزتم فى الحان عبد اوهاب دائما عند تكرار الجملة تجدها كل مرة بشكل مختلف .
ومن مميزات الكمنجة الفريدة بين الآلات ان العازف المتميز ممكن ياتى من ثلاث عناصر تكوينية : الفطرة وحدها والفطرة ثم الدراسة والدراسة فقط
يعنى من امثال الفطرة وحدها الفنان عبده داغر فهو نشأ من اسرة كلها موسيقية وكلها يعزفون الكمان فكانت فيه الفطرة التى نماها مع انه لم يقرا النوتة ولكى يصل الى مستواه المبدع الذى تعرفوه احتاج ذكاء شديد ومهارة عبقرية فى التعلم حتى اصبح عازفا مسموعا ومعروفا فى اوروبا . وطبعا الفطرة وحدها لاتصنع العازف الماهر جدا إلا لو توفرت ظروفا كثيرة هى التى صنعت ابداع وتميز عبده داغر .
ونأتى للفطرة ثم الدراسة ومثلها الاكبر احد الحفناوى نشأ ايضا لفترة طويلة على الفطرة ثم اكملها بالدراسة , ولولا فطرة احمد الحفناوى الفذة فى الكمان لما اوصلته الراسة الى ماهو عليه يعنى توجد ملحوظة غريبة فى احمد الحفناوى وانا زاملته عشرين سنة كانت مسكة الحفناوى للكمنجة غريبة الشكل وفطرية جدا ولو رآه احد اساتذة الكونسرفاتوار فى التليفزيون دون ان يسمعه ودون ان يعرف ان هذا العازف عازف الكمان الاول لو نظر الى طريقة مسك الكمان بيده اليسرى لأصر ان هذا العازف لا يستطيع عزف الكمان ابدا بتلك المسكة الغريبة , ولكن بالنظرة المتفهمة اكتشفت ان الحفناوى سبب ابداعه المتفرد من نوعه والذى لم ولن يصل اليه احد كان بسبب تلك المسكة الغريبة والتى يرفضها الاكادميين وللعلم بعد ان درس الحفناوى الموسيقى اكاديميا واكيد اصر اساتذته على ان يجعلوه يمسك الكمنجة المسكة الطبيعية اكيد عاد لمسكته الغريبة تلك لأنها سبب سحره , ولا اخفى عيكم انت جميعا سمعتمونى , انا عندما اعزف اى لحن لأم كلثوم به صولو كمنجة للحفناوى لكى اجيد عزف هذا الصولو توجد فيه قفلة او حركة خاصة اعود الى مسكة الحفناوى الغريبة تلك لأنى لو لم اعزفها هكذا ستسمعون منى شيئاً غريبا لن تستسيغوه .
يعنى من الضرورى لعازف الكمان الشرقى من كمية من الفطرة داخله اولا ثم الدراسة الاكاديمية قد لا يتقبل البعض كلامى ولكن لو احسسنا ان للعازف الشرقى لابد ان يكون له بصمة خاصة متميزة وتلك البصمة تاتى من الفطرة اولا ثم تصقل بالدراسة , يعنى بأختصار هذا العازف يكون مولودا بداخله كمنجة ثم تظهر مع الفطرة ,
واتوقف هنا قليلا كعادتى لا استطيع الشرح بدون امثلة او قصص , لو اخذنا ثلاث شخصيات مصرية وصلت الى العالمية وانا قابلتهم بنفسى , الاول الدكتور فاروق الباز وهو خبير الفضاء فى امريكا هذا الرجل الفذ اعطى لرواد الفضاء قبل رحلة القمر الاولى وصفا دقيقاً للقمر لدرجة انهم اول ماوطئوا القمر بعد ساعات قالوا كلمة شهيرة وتاج على رأس مصر والعرب جميعاً قالوا الدكتور فاروق الباز من المؤكد انه اتى الى القمر وعاش عليه قبلنا, وتلك الجملة وبقليل من الدهاء السياسى انتم تعرفون عنصرية الامريكان ولن ينسبوا فضلا لعربى إلا اذا كنا هذا الفضل اعجازا كبيرا غير مسبوق مثلا لو تواجد اولمبياد عالمى فى امريكا ثم جاء بطل رفع الاثقال الامريكى ورفع 300 كيلو ثم جاء بعده البطل المصرى او العربى ورفع 330 كيلو سيعطونه الجائزة الاولى لكن فى صمت لكن لو رفع البطل المصرى اوالعربى 3000 اكيد لن يستطيعوا اخفاء اعجابهم وسيجعلوه محط الانظار لأنه افحمهم .
وهنا انا اقول ان الدكتور فاروق الباز مولود لديه ملكة فضائية فطرية اخرجها واظهرها العلم الاكاديمى وليس كطالب كلية علوم عادى .. ايضا الدكتور مجدى يعقوب جراح القلب الشهير مولد بموهبة فطرية فى الطب اظهرها العلم وبالطبع ليس كطبيب عادى والدكتور زويل تنطبق عليه نفس المواصفات .... آسف للإطالة ولكنى بالطبع اعتز وافتخر بهؤلاء واتمنى ان اتحدث عنهم اكثر واكثر .....
ثم اعود الى النوع الثالث من عازفى الكمان المبدعين وهو العزف الغربى الطابع وهذا العزف تنشأ فطرته فى البدء بالتعليم الاكاديمى مباشرة فى اصغر سن ممكن ومن اشهر هؤلاء العازفين العازف المبهر انور منسى فقد بدا بالنوتة واستمر سنوات الى ان وصل الى ماهو عليه وطبعا لا يقارن بعبده داغر او الحفناوى كل منهم له ميزة وحلاوة مختلفة واقولوها مرة ثانية الفرق بينهم مثل الفرق بين طبيب القلب وطبيب الامراض الباطنة وطبيب العيون ليس بينهم افضل ابدا لكن لكل منهم تواجده وتخصصه ولن تستغنى او تفضل احدهم ومن توابع مدرسة انور منسى عازف الكمان حسن شرارة ومن توابع مدرسة الحفناوى الاستاذ سعد محمد حسن ومحمود الجرِِشة نشأوا بنفس النهج طبعا هنا اعطى امثلة ومنهم كثيرون انا اذكر مثلا لنوع المدرسة ..... وطبعا كان الملحنون العمالقة كالفراشة النشطة التى تنهل من تواجد اى نوع من رحيق الازهار , يعنى فى حياة انور منسى استغله عبد الوهاب اجمل استغلال لدرجة ان اقتناعا منه بموهبته الفذة كان يترك له مساحات فى المقدمة الموسيقية ليعزف فيها من خياله وهذا شىء نادر لعبد الوهاب والذى لم يترك عازفا يتنفس نفساً إلا وحدده له وتظهر تلك الابداعات جليا فى مقدمة اغنية حياتى انت ماليش غيرك تجدون عبد الوهاب ترك انور منسى واطلق له العنان كالجواد الاصيل عندما تتركه يجرى براحته ....
ايضا محمد الموجى وعبد الحليم اكتشفا فى الفنان محمد مصطفى ملكة جديدة او نكهة جديدة لم يتركوها واستغلوها فى اغنية رسالة من تحت الماء , وهنا نسمى هذا اللون لون محمد مصطفى , وكما قلت لكل عازف مبدع لون خاص , ولو كان انور منسى موجودا لكان عزف الصولو بلون مختلف ولكن هذا ليس لون الحفناوى المتخصص الوحيد فى الوان اخرى .
وهنا اتحدث كمدرس موسيقى مر على طريقة العزف على جميع الآلات اقول ان الكمنجة ممكن العازف الفطرى يصل الى اعلى مستوى مثل عبده داغر وهذا تفرد فى الكمنجة ولكنه لايصل الى مستوى عالى بالفطرة فى البيانو مثلا او آلات النفخ الاوربية قد يصل الى مستوى ولكنه منخفض ولا تحسبوا قولى عنصرية , انا للعلم اشتراكى جدا , ولكن اقولها بشكل علمى , انت لو نظرت الى نوتة بيانو من البدائية الى الصعبة تلاحظ ترقيم للأصابع
وهذا الترقيم خطير جدا فى البيانو يعنى لو بدأت تعلم البيانو ستجد الاستاذ يعلمك النوتة مع اصرار شديد منه على ان تتبع هذا الترقيم حتى تعتاد عليه لدرجة ان تمارين البيانو الاولية تعتمد اساسا على ان تعتاد على ممارسة هذا الترقيم حتى تعتاد عليه عندما تجد امامك 4 حروف مثلا لا مى رى دو تجد الترقيم مثلا 5 3 2 1 يعنى ان تكون ملتزما بتلك الاصابع , وهو ليس تقييد او فرض سيطرة ولكنه ليعودك ان ذلك الترقيم افضل وضع لعزف الجملة بأجمل طريقة حتى لاتنتهى الاصابع قبل انتهاء الجملة وتضطر اى استراق او اقتراض او التحايل على اصابعك لتكمل الجملة وهنا بالطبع سينقطع التسلسل وتفقد الجملة نكهتها ,
وعندما تتعلم البيانو او اى آلة من تلك بطريقة عشوائية بدون نهج اكاديمى طبعا انت لن تستعمل الترقيم الذى اتكلم عنه وستذهب اصابعك بطريقة عشوائية لن تستطع ان تصل الى مستوى عالى فى تلك الآلة انت لو رأيت عازف اكورديون غير اكاديمى تجده يعزف بثلاثة اصابع فقط لكن الاكاديمى يعزف بالخمسة اصابع ويتحرك بطلاقة شديدة والفرق كبير جدا بين استعمال ثلاث او خمسة اصابع لأن الاخيرة تعطى سلاسة اكثر وتعطى النغمات المربوطة حقها والمفكوكة حقها ايضا هذا التكنيك الاكاديمى تظهر ميزته فى الجمل التى تحتاج مساحة واسعة فى النغمات تعطيك سلاسة شديدة فى الحركة مثل فا سى رى فا سى
من الحاد الى الغليظ التكنيك الصحيح يعطيك صوت متصل بلا قطع لكن العزف الفطرى لابد ان يقطعها لكى يعيد وضع يده مرة اخرى نفس القصة فى آلات النفخ مثل الكلارنيت والابوا وكل المجموعة الفطرى هنا يعطيك مثل فرقة حسب الله لكن الاكاديمى يعطيك مثل الاوركسترا السيمفونى .....
ولى مقولة .... عندما اتأمل حولى فى الدنيا ارى خطوطا تتشابك قد يكون الرابط بينها غير مرئى ولكنه متين جدا لو دققت فيه واتكلم مع عشاق كرة القدم كلمة قديما كنت اسمعها عندما يلاعب فريقنا القومى احد الفرق الاجنبية سمعت : الارض بتلعب مع ولادها .... يعنى فى مباريات كاس افريقيا توجد مبارتان واحدة عندنا والثانية فى ملعب الفريق الآخر فى دولته وطبعا نحن نتمنى عندنا ان نهزمهم 7 / صفر حتى نطمئن على الفوز لأننا لانضمن ظروف المباراة فى بلدهم .. وهنا فكرت فى المميزات الاخرى غير تواجد عشرات الآلاف من جمهورنا فى الملعب للتشجيع وهذا العدد لا يتوافر هناك لأن جمهورنا هناك يكون عددا ضئيلا , فكرت فى العوامل الاخرى ارض استادنا اللاعب قطع الملعب جيئة وذهابا مئات المرات والارض تكون فى اماكن صلبة او رخوة اكتر وتغير موطىء قدم اللاعب قد يحد من سرعته واكتشفت شيئا آخر , زاوية بناء الاستاد فى القاهرة من المؤكد ان تختلف فى استاد غانا مثلا يعنى حركة الرياح اكيد ستكون مختلفة واللاعب المبدع له مثلا مكانا يجيد التهديف منه قد يكون هذا المكان به تيار هوائى يجعل تصويبه يخطىء ولكنهم هناك معتادين عليه طبعا ناهيك عن اختلاف درجات الحرارة يعنى لو بلد حارة جدا هم معتادين على الحرارة الشديدة التى ممكن تؤثر على لاعبينا , وهنا اعود الى الكمنجة ايضاً انا عندما اعزف على كمنجتى اجد نفسى عندما اعزف على كمنجة غيرها قد تختلف بعض المقاسات كارتفاع فى الفرسة يعطى صلابة فى الاوتار تعيق حرية حركة اصابعى المعتادة او خشونة فى المراية عندما تكون من خشب عادى وليس ابنوس الذى يتسم بنعومة غير عادية تعطى العازف حرية الحركة وسحبات ناعمة للأصابع لايمكن توفرها فى المراية العادية ..... ومن اهم مميزات الكمنجة ان تحدث علاقة حب بين العازف وبين كمنجته فتصير حبيبته والتى لايستطيع ان يفارقها او يبتعد عنها .... انا لو اضطرتنى ظروفى او مشاغلى ان ابتعد عنها لفترة عندما آتى لأعزف عليها احس انها تخاصمنى , لاتريد ان تتجاوب معى ويخرج منها صوت جاف معاتب تفقد ضحكاتها ومرحها واظل اتحايل عليها ساعات حتى ترضى عنى وتخرج نغماتها الجميلة .....
من سيرتى الذاتية درس احب ان يتعرف عليه كل مبتدىء فى العزف , وهبنى الله عدة مواهب احمده عليها واشكر فضله وادين له بها واتمنى ان اعطى مما اعرف بكل سرور وعن طيب خاطر لكل من يطلب , ولم اتعالى ابدا ولم اغتر فى اى وقت ومازلت اتعلم حتى اليوم واتعلم من الكبير ولا اتعالى على الصغير واسمعه جيداً قد يكون لديه نقطة صغيرة اتعلم منها شيئاً او تثير فضولى الذى لاينتهى فقد تكون تلك المعلومة والتى تبدو للكبار تافهة ولكن ممكن انا استغلها لأبدا البحث منها واكتشف شيئا جديداً ....
اول موهبة اعطاها لى الله الاذن التى تسجل وتحتفظ بكل ما اسمع , وهذا افادنى فى اول حياتى وهو رصيدى فى قيمتى كعازف اليوم , فما اتواجد فى مكان حتى يحيط بى محبى الفن الجميل ويطلبون منى اغانى قديمة مختلفة وقد تكون بعيدة جدا عن الاستعمال يعنى لم اعزفها قبل فى حياتى ولكنى اتذكرها من الراديو واعزفها لهم طبعا لاتدرون مدى سعادتهم وسعادتى انا ايضا لأن قيمة العازف فى قدر مايحفظ , واعود الى بدايتى منذ كان عمرى 3 ـ 4 سنوات عادة اهل بيتى ان الراديو مفتوح طول النهار والليل وعلى البرنامج العام بالذات وطول النهار ( 1953 ـ 1954 ) كنت اسمع الاغانى والموسيقى والبرامج كلها والعجيب ان فى سنى الصغير هذا ان كل اغنية كنت اسمعها اول مرة كنت احفظ منها جزء ويكفى ان اسمعها عدة مرات حتى احفظها كلها من اول حرف لآخر حرف والمذهل كما تعلمون فى تلك الحقبة لم تكن الاغانى تعاليلى يابطة ولكن كانت اغانى عبد الوهاب وام كلثوم وغيرهم وحفظتهم كلهم حتى تترات البرامج وموسيقى نشرة الاخبار ( طبعا كل ذلك لم اكن اعزف بعد ولم يكن الموضوع فى ذهنى ولم يكن اى فرد من عائلتى الصغيرة ولا الكبيرة له علاقة بالفن إطلاقا كان نباتى شيطانيا بدون جذور سابقة فى العائلة ) كنت عنما احفظ الاغنية ادندنها من اولها لآخرها الوسيقى والغناء والايقاع حتى التصفيق حفظته يعنى عندما كانت ام كلثوم تنهى الكوبليه فى اغنية كذا كنت احفظ التصفيق واى تعليق للجمهور حتى احيانا محمد عبده صالح يقول كلمة للفرقة كنت اعرف مكانها وفى اى اغنية , والمذهل الذى اتفكر فيه اليوم ان عندما كان سنى 7 سنوات كنت ادندن رباعيات الخيام وقصة الامس وسلوا قلبى وغيرها , واستمر الحال حتى سنة 1958 عندما دخل التليفزيون مصر هذا الجهاز العجيب الذى فتح لنا نافذة من الحياة لم نكن نتخيل وجودها وبدات لأول مرة اتفرج على الفرقة الموسيقية .... كنت انظر الى جميع العازفين كالمذهول احسست شىء ما يشدنى الى هذا العالم العجيب , فى نفس الوقت كنا نرى كل شىء شاهدنا مباريات الكرة وعالمها والمسرحيات وعالمها والافلام وعالمها , ولكن شيئا ما كان يشدنى الى الفرقة الموسيقية ويلصقنى امام التليفزيون وبالتدريج بدات انظر الى عازفى الكمنجة وبدات قصة حياتى الحقيقية عندما شاهدت فرقة ام كلثوم وصولو كمنجة واحمد الحفناوى وكيف عزف واخذ روحى وتصفيق الجمهور له وكانت ام كلثوم كريمة وانتظرت التصفيق وجعلته يعيد الصولو مرة اخرى هنا حصل بينى وبين الكمنجة حب من اول نظرة عشقتها وصرت افكر فيها كل يوم وكل دقيقة . وحان اول دخول المدارس كنت فى الصف السادس الابتدائى , كان عندنا فى المدرسة مدرس موسيقى وكمنجات , وهنا احسست انى وجدت ضالتى وذهبت الى حجرة الموسيقى وكان الطلبة يعزفون طبعا ان لم امسك كمنجة فى حياتى حتى لم ارها قبلا على الطبيعة وكان المدرس من النوع الردىء والذى اتضايق منه اليوم وانا موجه اول للموسيقى وتحت يدى عشرات المدرسين كان يتعامل مع من يجيدون العزف فقط لكى لايتعب نفسه , وينجز عمله مع المهرة ويطرد المبتدئين او من يريدون التعلم , وقلت له ممكن اجرب امسك الكمنجة ونظر الى بقرف وعندما امسكت الكمنجة لأول مرة لاحظت انها خفيفة الوزن جدا بدرجة ملحوظة حاولت امساكها وامسكت القوس مسكة خاطئة ( لأن مسك الكمنجة والقوس يحتاج شهر تدريب ) فنظر الى المدرس باستهزاء وقال انت ماسك شاكوش ؟ وجعل التلاميذ يضحكون على وخرجت من حجرة الموسيقى وانا ابكى وصرت ابكى ليل نهار لمدة عشر ايام تمنيت الموت فى تلك الفترة انا اتذكر تلك الحادثة التى حدثت منذ 45 سنة اغرورقت عينى الآن بالدموع وانقبض قلبى فالذى يحفظ الاغانى اكيد يحفظ المشاعر المؤلمة او السعيدة ومن مميزات الفنان انه لاينسى مشاعره ابدا لأنه اصلا مجموعة من المشاعر ...
ولم يخذلنى الله فى السنة التى بعدها دخلت المدرسة الاعدادية وكان فيها ايضا مدرس موسيقى وكمنجات كان من حسن حظى ان الجدول الدراسى يحوى حصتان للموسيقى اسبوعيا, وكانت المداؤس معظمها تفتقر الى مدرس الموسيقى ولكن من حسن حظى ان المدرسة كان فيها مدرس موسيقى واذكر كان اسمه الاستاذ عبد المقتدر على , كان المفروض ان كل مدرسة تشترك فى مسابقة الموسيقى بالإدارة وعلى المدرس ان يكوِن فريق للموسيقى ويشترك به فى المسابقة وهذا الفريق يتغير كل سنة لأن عناصره تحصل على الشهادة الاعدادية وتغادر المدرسة ولابد ان يعمل احلالاً من طلبة الصف الاول والتميز هنا انه يجرب الطلبة من ينجح يأخذه ومن يفشل يتركه , قلت له اريد ان اتعلم عزف الكمان لم يخذلنى الرجل وبدا يعلمنى واستجبت فى حدود ما علمه لى وضمنى الى فريق الموسيقى ولكن ايضا ان المشكلة فى وزارة التربية والتعليم ( والى الآن للأسف الشديد وهذا الشىء الذى جعلنى الروتين القبيح افشل فى علاجه ) ان المدرس عندما يعلمك لايعلمك لكى تتعلم ولكن يعلم لكى يستفيد منك فى المسابقة المفروضة عليه هو شخصيا فلو لم يشترك بفريق فى المسابقة لأحاله الموجه الى التحقيق فهو هنا يشترك او يكوِن الفريق لاحبا فى شىء ولكن خوفا من التحقيق.... وامضينا السنة الدراسية نعزف مقطوعتان للمسابقة وانتهت المسابقة وطبعا اصبحنا لانرى المدرس لأن من نعم وزارة التربية والتعليم ان اى مدرس لأى مادة يكون متأخراً فى منهجهه ايضا يأخذ الطلبة فى الحصص التافهة بالنسبة له وهى الموسيقى والرسم والتربية الرياضية ليعوض لهم ما تأخر فى تدريسه من المنهج وايضا لاحبا فى الطلبة ولكن خوفا من موجهه او المفتش عليه ان يحوله للتحقيق .
فى تلك اللحظة كنت فى الاجازة الصيفية بين الصف الاول الاعداى والصف الثانى وكانت حياتى مرسومة الى الثانوى ثم الجامعة لم يخطر ببالى ساعتها احتراف الفن وكانت الكليات فى تلك الايام مهيأة امام اى طالب مجتهد وحتى متوسط كانت هندسة عين شمس تقبل مجموع 68 % والطب كانت قريبة من مستوايا اما الصيدلة كانت فى تلك الايام لم يحدث بعد الاقبال عليها فكانت ممكن تقبل اقل من 65% كانت الحياة سهلة وليس مثل اليوم دروس خصوصية ومجموع الثانوية ممكن 99% ولاتنال شيئاً , انا وُلدت سنة 1950 وعشنا فى حى الفجالة فى القاهرة وسنة 1956 بنى والدى بيتاً فى عين شمس وانتقلنا اليه الى وقتنا هذا , ومن اهم المحطات فى حياتى عندما كنا نسكن فى الفجالة كنا نسكن فى عمارة التى يسكن فيها جابى توتونجى ملك صيانة الكمان بدون منافس , وطبعا الجوار لمدة 6 سنوات عمل علاقة حميمة بين اسرتى وبين جابى واسرته , وتلك العلاقة الحميمة بين الاسرتين اعطتنى معجزة سأذكرها فيما بعد , ( آسف للإطالة عليكم فى سيرة ذاتية قد لاتهم البعض ولكن تسلسل الاحداث قد يستفيد منه بعضا آخر ) , عندما انتقلنا الى عين شمس كانت تعتبر من ضواحى القاهرة الهادئة جدا تتكون من فيلات وكل فيلا بحديقة كبيرة وتسكنها عائلات محترمة قديمة وبالتدريج تجد معظم السكان يعرفون بعضهم ويتزاورن , ومرة زارتنا احدى السيدات الفاضلات من الجيران وتلك السيدة واسمها مدام الين لها اول فضل فى تكوينى الموسيقى , كنت كتلميذ اتحدث اليها وقلت لها انى تعلمت الكمنجة فى المدرسة ونفسى يبقى عندى كمنجة اتدرب عليها ( هنا كان مستوايا فى الكمنجة ضعيف طبعا ولا اجرؤ ان اطلب من ابى ان يشترى لى كمنجة وقتها ) وحدثت المعجزة الاولى فى حياتى قالت مدام الين انها تمتلك كمنجة قديمة وتضعها فوق الدولاب لأنها كنت تتعلم الكمنجة وهى صغيرة ثم انقطعت وقالت لى ان آخذها اتدرب عليها على الاقل حتى لاتفسد المكنجة من عدم الاستعمال والى ان استغنى عنها طبعاً لكم ان تتخيلوا وقع المفاجاة ولم اذق النوم ليلتها وذهبت اليها فى اليوم التالى واعطتنى الكمنجة وقالت خليها عندك اى وقت , اخذت الكمنجة وكانى ملكت الدنيا ونظفتها وضبطتها وبدات اعزف عليها المقطوعتان اليتيمتان الآئى عزفتهما طول العام فى المدرسة , وبالتدريج بدا مستوايا يتحسن لأنى فى البيت كنت اسمع نفسى اكثر من المدرسة واحاول تحسين ادائى , وفى احدى ليلاى الصيف حدثت المعجزة الثانية وهى اهم حدث حصل لى فى حياتى , كنت امسك الكمنجة والتى اصبحت لا افارقها ابدا وبدات اجرب حروف جديدة وعزفت سى دو رى لست ادرى ماحدث ولكنى عزفت مرة ثانية سى دو رى رى رى رى شىء اتى لى من فوق وحى او الهام او كرم الهى او بعث شىء جعل اصابعى تذهب الى الحروف وعزفت حيرت قلبى بدون سابق انذار , انا ذهلت وكما تذكرون كنت احفظ منذ صغرى مئات الاغانى فجأة وجدت نفسى اعزف كل اغنية تخطر على بالى بدون ان يعلمنى احد , واليوم وانا فيما انا فيه من الخبرة اقول انها كانت معجزة اكرمنى بها الله ومن الصعب تكرارها بهذه الطريقة بدون مرشد او معلم , فى ذلك اليوم لم انم 4 ايام متواصلة عزفت كل الاغانى التى حفظتها مع ذهول اهل منزلى لأن العملية جاءت بدون مقدمات , بعد الازعاج الذى سببته لهم من شهر متواصل يسمعون مقطوعتى المسابقة ظنوا انى ساستمر على هذا لم يخطر ببالهم ان يسمعوا ما سمعوا , وواصلت العزف طول الصيف ومستواى يتحسن وبدأت اكسب ثقة واحاول ان اعزف لأى شخص يزورنا , وبدات الدراسة وسرعان ماذهبت الى حجرة الموسيقى وامسكت كمنجة امام استاذى عبد المقتدر على طبعا كان متوقعا ( وهو الطبيعى ) ان اعزف مقطوعة من اليتيمتان بتوع السنة اللى فاتت ولكن عزفت اغنية لأم كلثوم وعزفتها جيدا الاستاذ لم يتوقع واصفر وجههة وكاد يصاب بالشلل لم يتوقع هذا المستوى فى الوقت القصير .... وبدات اعزف فى المدرسة وسمعت عنى المدارس المجاورة وصرت بالتدريج نجما يطلبونه فى الحفلات المدرسية والنوادى كنت اعمل بلا اجر ولم اطلب اجرا كنت احب ان احس ان الناس تحب عزفى , وشيئا فشيئا بدات الموسيقى تتسلل الى دمائى واحببت وتمنيت ان اكمل حياتى موسيقياً وهنا اعترضت امى والتى كانت تريدنى ان اكون طبيباً وكنت ابنها الوحيد , كان ابى متساهلا قليلاً ولكن كان محتاج ضغطة لكى يوافق , واعطانى الله تلك الضغطة كان ابى يعمل فى مدرسة المتفوقين الثانوية ( والتى عملت فيها بعد ذلك ) كانت تلك المدرسة محط انظار الوزارة والحكومة لأنها يخرج منها نابغى الدولة , وكان وزير التربية والتعليم مواظباً على زيارتها كل شهر وكل مرة يقيمون له حفلا ولما عرفونى كانوا يطلبونى لأعزف منفردا فى تلك الحفلات ومرة عزفت امام سيادة الوزير عبد العزيز السيد ايامها وطرب جدا سمع مستوى اعلى من مستويات الطلبة كثيرا وبعد العزف احتضنى وشكرنى قالوا له هذا ابن الاستاذ صموئيل وهنا صافح ابى وقال له الولد ده موهوب وخسارة مايدرسش موسيقى كانت تلك الضغطة التى اعطاها الله ليوافق ابى لكى ادرس الموسيقى ..... وهنا اردت ان امتلك كمنجة قيمة وطلبت من ابى ان يشترى لى كمنجة قيمة لأنه اقتنع بى كفنان وطبعا لم يفكر فى شخص آخر سوى جابى توتونجى جارنا القديم , وذهبنا الى محله الصغير فى الفجالة رحب بنا وسعد جدا انى اعزف كمان قلنا له نريد منك كمنجة , اخرج لى كمنجة كان ثمنها 25 جنيه ساعتها عزفت عليها لم تعجبنى وعندما احس بعزفى قال لأبى انا عندى كمجة كانت بتاعة انور منسى وهى تحفة نادرة وعشان خاطركم حاكرمك فى تمنها واخرج الكمنجة لست ادرى شىء ما خطف روحى وهو يخرج تلك الكمنجة من علبتها وعزفت عليها حدث بينى وبينها حب من اول نظرة عشقتها وهى احست انها مخلوقة لتكون كمنجتى , عزفت عليها خمس دقائق كانت كل عمرى قلت لأبى الذى احس بأن عزفى صار عزفا أخر هى دى
جابى قال انا عشان خاطركم وخاطر العشرة القديمة اعطيها لكم ب 250 جنيه مائتان وخمسون جنيها , اليوم هذا المبلغ ممكن يكفى وجبة عشاء عند اى كبابجى ولكن سنة 1964 كانت ممكن ان تشترى به سيارة محترمة كان مبلغا فادحا ولكن ابى لم يحرمنى من تلك الكمنجة واشتراها لى , كانت تلك الكمنجة معجزة فى حياتى كنت اتدرب عليها ثمانى ساعات فى اليوم , الكمنجة الجيدة تصنع العازف اما الرديئة تجعله يتركها .... وبدأت مرحلة جديدة اخذنى ابى عند احد اصدقائه كان مدرسا للموسيقى ولكن يعزف ايضا فى اوركسترا القاهرة السيمفونى وعلمنى النوتة واعطانى حصصا كثيرة وعزفت كتبا كثيرة معه ومع انه كان متزمت جدا يكره الموسيقى الشرقية ولكننى استفدت منه استفادة كبيرة , لم اترك فرصة فى اى مكان استفيد منها ألا ما اخذتها ثم بدأت فى احتكاك اكبر مع فرق الهواة .. الى ان اخذت الثانوية العامة ودخلت كلية التربية الموسيقية , كانت الكلية فى ذلك الوقت الدفعة فيها تحوى عدد 40 طالب فقط وكان من دفعتى الفنان هانى شاكر قبل ان يشتهر , ومن العجائب التى ستتعجبون لها , طبعا الكلية كأى مؤسسة حكومية تخضع للروتين , كانت الكلية لاتشترط العزف السابق ولكن تشترط الاذن الموسيقية فتجد 35 من الاربعين طالبا لم يعزفوا قبلا اطلاقا , وهنا فى الاسبوع الاول تأتى مرحلة ان كلنا ندرس البيانو ولكن نحتار آلة اخرى وتلك الآلة تبعا للروتين كانوا هم الذين يختارونها لنا وقفنا امام المايسترو احمد عبيد وطلب مننا ان نفرد اصابعنا وهو سيختار حسب الاصابع يحول الطلبة للآلات ( وهو كان مدرسا للكمان فى الكلية ) وعندما اتى الى قال انت تدرس شيللو , طبعا اسقط فى يدى واسودت الدنيا اما عينى فانا لم ادخل الكلية تبعا للتنسيق يعنى تجارة بدل حقوق او بدل آداب مثل الكثيرين او الكلية اللى تطلع ولكن كنت وهبت حياتى للكمنجة , عملت زوبعة فى الكلية اولا قبل ذلك اليوم كنت قد عزفت كثيرا اما الطلبة واكتسبت عدد لا بأس به من الانصار والمشجعين ثم اقتحمت مكتب العميدة وكانت ايامها الاستاذة عائشة صبرى ومعى الكمنجة وفرضت عليها ان تسمعنى عملت فى الكلية فيلم هندى بأختصار وطبعا اقتنعت السيدة الكريمة ان حرام ان لا ادرس الكمنجة وكان من ضمن الزوبعة التى افتعلتها ان سمعنى كل اساتذة الكلية وكان منهم احمد فؤاد حسن ومحمود عفت ولم تتمخض تلك الزوبعة عن قبولى فى قسم الكمان فقط ولكن لكل ضارة نافعة ان طلبنى احمد فؤاد حسن لأعزف فى الفرقة الماسية وانا فى اول سنة فى الكلية بعد ان تأكد من قرائتى الفورية للنوتة .....
من قصتى نكتشف اهم موضوع لولا انى كنت احفظ كمية كبيرة من الاغانى لما وجدت شيئاً اعزفه يعنى اليوم يجيئنى طالب او طالبة يريد تعلم العزف اول سؤال اسئلهم ماذا تحفظ يقول شعبان عبد الرحيم فكيف يعزف هذا ؟؟؟؟؟ وهنا اخاطب الهواة والمبتدئين اعطيكم تفسسيرا ما هى الموسيقى؟ الموسيقى حروف وايقاعات تشكل اللحن وتوجد اذن موسيقية تتحسس دقائقها واذن غير موسيقية لاتحس بشىء , ولكى نتفهمها اشرحها بمثال كلنا درسنا جغرافيا والموسيقى مثل رسم الخرائط يعنى تخيل خريطة نرسم فيها البحر الاحمر فى المدرسة نرسمها ممكن كروكى او تقريبى ولكن المتخصصين او فى الجامعة لابد من الرسم التفصيلى والفرق بين التقريبى والتفصيلى انظر الى الخريطة... التفصيلى يعنى تخيل القلم فى حركته يرسم ادق التفاصيل الدقيقة يمينا ويسارا وهو صاعد وتلك التفاصيل هى ايضا فى الموسيقى يعنى الاذن الموسيقية تتبين التفاصيل الدقيقة فى اللحن بحيث عندما تتعلم العزف تتفهم وتعطينا تللك التفاصيل الدقيقة والاذن الغير موسيقية لن تتعلم لأنها لن تميز بين السى وال دو والفرق بين السى والدو مثل الفرق بين على وحسن او الازرق والاحمر او البرتقال والكمثرى يعنى شخصيتان مختلفتان على الاطلاق وطبعا تخيلوا من لا يستطيع التمييز بين تلك الست شخصيات وهنا عندما اسأل الطالب ماذا تحفظ يظهر الفرق فورا بين من اذنه موسيقية او لا ,,, والمصيبة ان بعض ممن يحسبون اليوم علينا نجوما فى احد الافلام يفقد حذره ويغنى لأم كلثوم او عبد الحليم او حتى سعد عبد الوهاب وهو لايدرى انه بذلك يكشف فقره الموسيقى واذنه الغير موسيقية وعدم صلاحية صوته للغناء بتاتاً سوى فى حمام منزلهم ....... تحياتى واتمنى ان تكونوا قبلتم كلماتى بصدر رحب وانا لا اعتبرها مقالاً ولكن جلسة فضفضة بين الاحباء ..........

علي عكوش
21/05/2009, 23h35
ما احلى الكمان

ذلك الصوت العذب والساحر

فمن الكمان تستطيع ان تقول لحنا حزينا

او لحنا مرحا

لان صوته رائع

انا شايف ان الكمان هو احد الالات الاساسية والتي لايمكن الاستغناء عنها في اي حفل او اوركسترا
انا بعتبرة ام الالات الموسيقية

وما احلى اداء مجموعات الكمان في اي فرقة ... خرافة

مش هانسى ابدا في اللحن الابتدائي (موسيقى المقدمة) في اغنية رسالة من تحت الماء ... مجموعات الكمان كانت بتعزف بمنتهى الروعة والشياكة لحنا من اروع الالحان .. تناسق كماني فريد


شكرا لاستاذنا ساحر الكمان عادل صموئيل

الحسين داد
15/09/2009, 03h18
هائل يا أستاذنا في وصفك لآلة الكمان وقصتك معها....أتمنى من الله أن تتصل بي على إيميلي على الهوتمايل،أنا عازف على الكمان من المغرب و عندي الكثير،أود أن تقيم عزفي و لك جديل الشكر و الإحترام...


lhoussaindadda@hotmail.com (lhoussaindadda@hotmail.com)