المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مدير الأوركسترا السيمفونية الوطنية


majada
09/11/2008, 11h54
مدير الأوركسترا السيمفونية الوطنية عبد القادر بوعزارة :
الموسيقى جزء من هوية الأفراد وضمير من ضمائر الأمة
العرب أول أرسى قواعد علم الموسيقى والغناء

الجزائر- هاجر قويدري

ماجستير بكونسرفتوار الدولة لمدينة كييف الروسية، وأستاذ لآلة الكمان بالمعهد الوطني العالي للموسيقى، أعد برنامج "موسيقى الشعوب" بالإذاعة الوطنية لسنوات طويلة، هو الآن على رأس مؤسسة فتية تعنى بشأن الموسيقى الكلاسيكية في الجزائر، يتحدث عن الأوركسترا الوطني، عن أعمالها وطموحاتها تماما كما يقترب من آلة كمانه بحب وحلم وقوة إرادة.. يقدم للمتذوق الجزائري والعربي" سي دي" يحمل سيمفونية الجزائر للسلم وهو العمل الأول من نوعه في الجزائر يضم تمازجا مذهلا لكافة الطبوع الجزائرية والارتقاء بها في طابع سيمفوني مميز، اقتربت منه العرب فكانت لنا هذه المقطوعة الموسيقية:

* في البداية هل يمكن الحديث عن الموسيقى السيمفونية في الجزائر؟
- الحقيقية أن الموسيقى هي حب الطيب وكراهية كل ما هو غير طيب، وهي إحدى وسائل إصلاح النفس، كما أنها واحد من ضمائر الأمة والتي قد يهب الإنسان عمره من أجلها ولا تكفي، لأن الموسيقى هي الحضارة، وليست شكلا من أشكال الثقافة فقط، ولهذا حاولنا مزج موسيقانا الجزائرية بموسيقى الشعوب، وناعطائها صبغة خاصة، اعتقد أن الاوركسترا تمثل الجزائر تماما كما الفريق الوطني لكرة القدم ولهذا لا زال الأمر صعبا من أجل إيصال رسالتنا التي تتمثل في تهذيب الذوق العام الجزائري.
والأوركسترا السيمفونية متواجدة في الجزائر وقد بدأت مسيرتها الفعلية عام 1992 لكن التأسيس الرسمي كان في يوليو 1992، والتأسيس الفعلي يعني أول حفل رسمي الذي كان في 30 أبريل 1997 بقيادة المايسترو المرحوم عبد الوهاب سليم وكان هذا في ذروة الأزمة التي عاشتها الجزائر.
* ما هي الصعوبات التي واجهتكم طوال هذه السنوات في ترسيخ تقليد الاوركسترا السيمفونية لاسيما أنها تقليد غربي؟
- لا أتفق معك.. ليست تقليدا غربيا ولو عدنا إلى أصل هذه الكلمة، وإلى التاريخ نجد العرب أول من شارك في تطوير الموسيقى، لنذكر زرياب الذي بدأ في تدريس هذه المادة لما كانت أوروبا تعيش في غابة موحشة. والفن الأوبرالي أو البيوكانتو المعروف في ايطاليا أول ما قام به رواده هو الذهاب إلى زرياب لدراسة هذه المادة في القرن التاسع، فما بالك بالمدة الممتدة من القرن التاسع إلى القرن السابع عشر، فالموسيقى كانت بالنسبة إلى العرب هامة ولا يمنح اسم عالم إلا للذي يكمل تحصيله العلمي بها كما هو الأمر الآن بالنسبة إلى الإعلام الآلي الذي هو ضرورة من أجل تحصيل باقي العلوم. كانت الموسيقى واحدة من المواد الأساسية بجامعات قرطبة واشبيلية وغرناطة وغيرها من المدن الأندلسية، حتى أن الموسيقى كانت تحت إمرة الرياضيات، كانت ذات قيمة.. وحقيقة هناك موسيقى غربية وموسيقى عربية لكن لكل مقام مقال لأن العودة إلى التاريخ تثبت تجذر العرب فيها، وقبل اختراع البيانو من طرف بارتلومو كرستفوري في بداية القرن الثامن عشر لم يكن هناك منزل في أوروبا إلا وكان يحتوي على آلة العود الشهيرة والمعروفة بعازفيها المميزين حتى في العصر الحالي مثل نصير شمة، فلما وصل البيانو بدأ العود يخرج من الساحة الموسيقية تدريجيا، آلة الكمان أيضا أصلها آلة الرباب العربية، حتى أن الايطاليين والفرنسيين والألمان أرادوا تطويرها والخروج عن أوتارها الأربعة لكن محاولاتهم كانت فاشلة وعادوا واحتفظوا بالأوتار الأربعة تماما كما آلة الرباب.
* على الرغم من أن جمهوركم جمهور ذواق نخبوي إلا أنكم تحملون أعمال الاوركسترا إلى الكثير من المدن الداخلية للوطن.. هل تهدفون إلى إعطاء الاوركسترا طابعا وطنيا؟
- هي كذلك بالفعل.. وهذا بمبادرة من وزارة الثقافة التي منحتنا فرصة التنقل داخل كامل الوطن، وهي من الأهداف الأكثر أهمية في برنامج عمل الاوركسترا، فمنذ 2004 ونحن نحاول الوصول إلى المواطن الجزائري والانتقال إليه عبر كامل الولايات. وحاليا انتقلنا إلى 36 ولاية، كما أنها تحمل اسم الاوركسترا الوطنية وهي في حد ذاتها تحمل مزيجا جميلا، فعازفيها من مختلف مناطق الوطن، هذا ينطبق أيضا على الاوركسترات الجهوية وهذا ما نقوم به، فنحن حاليا نقوم بتشكيل اوركسترا جهوية لمدينة وهران وكذا باتنة، في انتظار التعميم عبر كامل الوطن، لكن المشكل المطروح هو مشكل من يخلف العازفين في الاوركسترا؟ ولهذا لابد من العناية بالشباب والمتخرجين من المدارس وهذا لن يكون إلا عبر إدماجهم في الاوركسترات الجهوية من أجل لم الشمل وتكثيف العمل. فالموسيقى هي لغة البشرية جمعاء، ولغة الجزائر جمعاء.
* كيف تعاملت الاوركسترا الوطنية الموروث الجزائري؟
- للعلم إن الاوركسترا الوطنية تحتوي على أوركسترات أخرى مثل الاوركسترا الأندلسية والشعبية وكل واحدة تغطي جانبا معينا من موروثنا الكبير، وهي تنشط بصورة دائمة وربما نلمس ذلك من خلال المهرجانات التي تقام في كل مرة ونحن الآن بصدد تجميع كل هذا الموروث والاحتفاظ به بطريقة أكاديمية، بحيث يكون هذا الموروث مدونا ولا يغيب بغياب المؤسسات.. التاريخ تقرأه الأجيال من خلال الموسيقى فهي الصورة الحقيقية لتطور الدولة.
*لو تقيم لنا واقع الموسيقى الكلاسيكية في الجزائر من جانبك الشخصي؟
- رغم السنوات القاسية إلا أنني استبشر خيرا.. لأن هناك نية حسنة من وزارة الثقافة لإنعاش هذا الفن الراقي لكي يعيش، والذي كاد يمحى من ذاكرة الجزائري نظرا لبعض الأفكار المتصلبة التي تريد النيل من الإنسان المثقف ورجل الفن.. ووصل الأمر إلى التصفية الجسدية، وهذا لأنهم يدركون دوره الكبير في ترسيخ الهوية لاسيما وأننا نعيش في القرية الكونية التي إن لم تحافظ فيها عن بصمتك الخاصة تعش كما الآخرين وتذوي داخلهم.
*دائما نجدكم تأخذون مقعدكم كعازف كمان داخل الاوركسترا على الرغم من مسؤولية الإدارة؟
- هذا يعود إلى طبيعتي بحيث أنني قمت بدراسات عليا في الموسيقى وكنت أستاذا جامعيا ادرس هذه المادة، ورغم تعبي لاسيما المشاكل الإدارية في تسيير هذه المؤسسة الفتية، إلا أنني أعود إلى طبيعتي وعندما امسك الكمان أنسى كل معاناتي.
- تشاركون في المهرجانات الدولية مثل مهرجان الجم بتونس وأرلاس بفرنسا، لم لا تسعى الاوركسترا إلى خلق مهرجان مواز، لاسيما وأن الساحة شهدت انفتاحا على تقليد المهرجانات؟
- يبدو أنها خطوة ضرورية لكن علينا تقييم ما نقوم به بشكل مستمر، فبعد أن كنا نقوم بحفل في ثلاثة أشهر أصبحت الاوركسترا تقدم عشر حفلات في الشهر، كما أن مشاركتنا الأخيرة في مهرجان الجم جعلتنا ندّا لاوركسترات عالمية، وأعربوا لنا عن إعجابهم بعملنا خاصة وأن أعضاء الاوركسترا كلهم جزائريون، ربما سيكون خلق مهرجان ضرورة حتمية قادمة لكن نحن نفضّل في الوقت الحالي ترسيخ المؤسسة وسط الثقافة الجزائرية.
- قمتم مؤخرا بتنفيذ فكرة الاقامات الموسيقية. هذه الفكرة هل ستأخذ أبعادها نحو تحقيق فكرة الاوركسترا العربية؟
- بطبيعة الحال هذا هو الهدف الحقيقي.. الاقامات تخلق الاحتكاك وتجعل العازف يعرف مستوى الأخر والحمد لله كان رد الفعل مبهرا، حيث كانوا يعتقدون أن الجزائر ليس لها كفاءات ولا تتقن هذا المجال وتيقنوا من أن الجزائر قادرة على الخلق والإبداع ومن خلال تجاوب الأشقاء المصريين قد يصير هذا الحلم حقيقة وسيكون انطلاقه من الجزائر.
- بعد مشاركتكم في مهرجان الجم في جويلية 2008 عدتم بفكرة توأمة الاوركسترا الجزائرية مع نظيرتها التونسية وحققتم ذلك في ذكرى احتفالات الفاتح من نوفمبر.. ما هو مغزى التوأمة؟
- بالفعل.. وقد تلاحظين أن هذا العمل يدخل ضمن الطموح الأكبر وهو جمع أكثر من بلد.. وتونس بلد شقيق ونتقاسم معه تراثا موسيقيا واحدا.. غير أن الفكرة برزت أثناء مهرجان الجم بتونس حيث وجدنا أنفسنا منسجمين كثيرا.. وقدمنا هناك حفلات مشتركة.. وبعد ذلك وسعنا الفكرة إلى توأمة حقيقية تكونت بفضل العازفين الذين شكلوا تناغما موسيقيا لم نتدخل فيه لا أنا ولا المايسترو التونسي أحمد عاشور. وكان عرضا ناجحا في العاصمة وفي مدينة سطيف التي تبعد عن العاصمة بـ300 كلم هذا بالإضافة إلى مشاركة السوبرانو والباريتون التونسيين هند شعبان وهيثم هديري، كما قدم العرض معزوفات من الرصيد العالمي إضافة إلى معزوفات من التراث التونسي والجزائري.
*ما هي تطلعات الاوركسترا الجزائرية؟
- تربية الذائقة الجزائرية على الحب والحفاظ على التراث الجزائري الذي نفتخر به وكذا الاستمرار في الجولات عبر الجزائر وخارجها.. بالإضافة الى الحدث الكبير الذي نحضّر له والذي سيكون في يوليو 2009 وهو المهرجان الثقافي الإفريقي الذي سيضم عددا كبيرا من الموسيقيين الأفارقة.