تميم الاسدي
26/10/2008, 14h52
الإخوان الأعزاء ،
أعضاء منتديات موقِع سماعي الأصيل ،
تحيَّة فلسطينيَّة ، من ربوع ناصرة الجليل ، إليكم في مرابعكم النَّديَّة ، من إحاطة محيطكم الزَّاخر ، إلى خلجات خليجكم الهادر.
بكلّ فخر وإعتزاز يطيب لي أن أنشر عبْر موقع سماعي شروحاتي عن الفنون الشعبيَّة الفلسطينيَّة ، لما في هذه الفنون من غزارة وجماليَّات . هذه الشروحات سأوردها تباعًا في الموقِع ، وإنِّي ، وبكلّ صدق ، أنتظر ردودكم ، لما فيها من إفادة لي ولكلّ من يبحث عن الفائدة ، والمتعة الفنِّيَّة ، التي تغذِّي النُّفوس ، وتُنير العقول ، وتبعث حُبّ الجمال في القلوب .
كلمة في الفنون الشَّعبيَّة
إن الدارس للفنون الشَّعبيَّة يستطيع أن يشعر بمدى أهمّيتها ، فالمراحل التي مرّت بها عصور الشَّرق تركت الكثير من الإبداعات ، هذه الإبداعات وريثة حضارة إستطاعت أن تمتدّ من الشَّرق إلى الغرب . حضارة تاريخ عريق ، وتألّق وبريق ، وهي بوجودها الرّاقي إستطاعَت أن تبعث الحيويَّة في نفوس أبناء أُمّة ، يختزنون من العواطف والأحاسيس ما يزيدهم طاقة لكي يستمرّوا في كينونتهم ومدّهم الإنساني .
إن الصّور الجميلة التي نراها ، في ملامح الفنون الشَّعبيَّة ، تعطينا لوحات عن الفكر الخافق ، الدافق ، الذي أشرق على الدّنيا منذ القديم . من ربوع الرّافدين ، وسوريا ، ووادي النيل ، وبلاد المغرب ، والجزيرة ، واليمن . هذ الفِكر الذي يعبِّر عن طموح وروح وثَّابة ، لا تقبل إلا أن تكون بنت تربتها ، هذه التربة الغنيَّة بعطائها وتجدّدها .
منذ القدم تفاعلت الفنون الشّعبية في منطقتنا مع الفنون الشعبيّة من مناطق مجاورة ، وكان لهذا التفاعل إنتاجات عظيمة ، لم تبخل علينا في أي عصر بالمناهل التي اروت النّفوس من أجل إستمرار الحياة . والذي يقرأ منَّا قصص ألف ليلة وليلة يستطيع أن يرى بعينه مدى روعة التنقّل والأسفار ، وقدرة من استرسلوا في البلاد ، على جلب ما هو جميل ، وراقٍ ، لكيّ ينسجوا على منوالِه ، فيعلّموا الأجيال كيفيّة صنع الجميل بأجمل صورة ، لكي ينهض الإنسان ويرتقي إلى أسمى الدرجات ، والمعروف أن الفنون من عماد الحضارة ، وإعتماد الثَّقافة عليها عظيم من أجل رقيّ الإنسان .
لقد تمسَّكت الشعوب العربيَّة في سائر الدّول بالتّراث الشعبيّ الأصيل ، وفي فلسطين ، كما هو معروف ، إستمدّت القرى والمدن من ميراثها مشاعل نور ، وقناديل ، لكي تستطيع أن تستمرّ في سيرتها ومسيرتها ، فالتراث للإنسان الفلسطيني ملهم عظيم ، فيه من الرموز ما يجعله يتدفّق ويحلّق في سماء بلاده ، رغم ما يفرضه الجدار ، الكبير والصَّغير ، الطَّويل والقصير ، عليه من قهر وليل مظلم ، لكنّ التراث الشعبي ، كما سائر الفنون والآداب ، إستطاع أن يكون الزَّيت والزَّيتون ، والبرتقال واللَّيمون ، وخبز الطابون ، والرُّوح والرَّيحان ، لأناس جاءهم ما جاء ، فبحثوا عن ذاتهم في قدراتهم ، كما إستطاعوا أن يطوِّروها بفضل ما يبصرون من بُعْد في وجودهم ، وإمتداد .
الثقافة معارف وأساطير ، وتقاليد وعادات ، وأغنيات وقيم ، وأمثال وقصص ، وبطولات وأعمال ، وفضائل وتعبير ، كلّ ذلك وأكثر . فالعاطفة التي تتفجَّر في النُّفوس تتوقّد منها الشّموس ، والتماسك في الوجود يعطي دفعة خلف أخرى من أجل نهضة حضاريّة ، ومن أجل إستكمال درب . وللثقافة أوصالها مع بعضها البعض ، ففي فلسطين ميزة رائعة ، فهي تشكّل حلقة وصل ما بين مصر الوادي وشام الغوطة ، وفرات الزّوراء وحجاز أم القرى ، والذي يحاول أن يحلّل ويدرس ملامح الشخصيّة الفنيّة يجد فيها من كلّ ما ذُكر ، من كلّ بلد لمحة ، في تقاسيم الوجة الفنّي النَّضير المشرق يجدها .
إن النبض الشعبيّ في الفنون يجري في عروق النّاس ، في فلسطين ، كما في غيرها . هذا النبض يعطي للإنسان القدرة على الرَّفض ، رفض كلّ ليل ويل ، يريد أن يجعله نائمًا في سبات عميق ، ويكفينا أن ننظر إلى دبكة الفلسطيني المتدفّق حيويّة ، فنرى فيها هذه الحماسة ، في حركات أقدام النساء والرّجال ، والشباب والبنات ، وفي تعابير الوجوه التي (يفرّ منها الدّم) كما يُقال في لهجتنا العاميّة .
في هذه الكلمة أردت أن أفتتح ما أريد ، والذي أريده كما أراده الكثيرون قبلي ، من حملة مشاعل النُّور ، كثير ، فتأثير الفنون على شخصيتي ، ونفسيتي ، وكلمتي ، وحلمي وما أبحث عنه ، يكاد يمتلكني ويجعلني أنهض من نومي ليلاً لأكتب عن ما أشعر به ، وما يشعر به أبناء قوميتي وأمّتي وإنسانيتي من جمال ، ووحي إلهام ، يخيّم على ربوع بلادنا ، ويحلم بأن يزول اللّيل بهمَّة شعب عظيم يريد الحياة الجميلة له وللآخرين ، وهو الذي يؤمن بمقولة شاعر حُرّ ، من تونس الخضراء ، قال فأقنع إذ قال :
إذا الشَّعبُ يومًا أراد الحياة فلا بُدّ أن يستجيب القَدَرْ
ولا بـُدّ للَّيل أن ينجــلــي ولا بُــدّ للقــيد أن ينكـــسِر
صدق ابو القاسم الشَّابي ، ومع صدقِه وصدقكم كلّي أمل أن نلتقي ونستقي من الصَّفاء ، وإنّنا لباقون على عهد الوفاء والسَّلام عليكم .
تميم الأسدي
بير الأمير النَّاصرة
26.10.08
أعضاء منتديات موقِع سماعي الأصيل ،
تحيَّة فلسطينيَّة ، من ربوع ناصرة الجليل ، إليكم في مرابعكم النَّديَّة ، من إحاطة محيطكم الزَّاخر ، إلى خلجات خليجكم الهادر.
بكلّ فخر وإعتزاز يطيب لي أن أنشر عبْر موقع سماعي شروحاتي عن الفنون الشعبيَّة الفلسطينيَّة ، لما في هذه الفنون من غزارة وجماليَّات . هذه الشروحات سأوردها تباعًا في الموقِع ، وإنِّي ، وبكلّ صدق ، أنتظر ردودكم ، لما فيها من إفادة لي ولكلّ من يبحث عن الفائدة ، والمتعة الفنِّيَّة ، التي تغذِّي النُّفوس ، وتُنير العقول ، وتبعث حُبّ الجمال في القلوب .
كلمة في الفنون الشَّعبيَّة
إن الدارس للفنون الشَّعبيَّة يستطيع أن يشعر بمدى أهمّيتها ، فالمراحل التي مرّت بها عصور الشَّرق تركت الكثير من الإبداعات ، هذه الإبداعات وريثة حضارة إستطاعت أن تمتدّ من الشَّرق إلى الغرب . حضارة تاريخ عريق ، وتألّق وبريق ، وهي بوجودها الرّاقي إستطاعَت أن تبعث الحيويَّة في نفوس أبناء أُمّة ، يختزنون من العواطف والأحاسيس ما يزيدهم طاقة لكي يستمرّوا في كينونتهم ومدّهم الإنساني .
إن الصّور الجميلة التي نراها ، في ملامح الفنون الشَّعبيَّة ، تعطينا لوحات عن الفكر الخافق ، الدافق ، الذي أشرق على الدّنيا منذ القديم . من ربوع الرّافدين ، وسوريا ، ووادي النيل ، وبلاد المغرب ، والجزيرة ، واليمن . هذ الفِكر الذي يعبِّر عن طموح وروح وثَّابة ، لا تقبل إلا أن تكون بنت تربتها ، هذه التربة الغنيَّة بعطائها وتجدّدها .
منذ القدم تفاعلت الفنون الشّعبية في منطقتنا مع الفنون الشعبيّة من مناطق مجاورة ، وكان لهذا التفاعل إنتاجات عظيمة ، لم تبخل علينا في أي عصر بالمناهل التي اروت النّفوس من أجل إستمرار الحياة . والذي يقرأ منَّا قصص ألف ليلة وليلة يستطيع أن يرى بعينه مدى روعة التنقّل والأسفار ، وقدرة من استرسلوا في البلاد ، على جلب ما هو جميل ، وراقٍ ، لكيّ ينسجوا على منوالِه ، فيعلّموا الأجيال كيفيّة صنع الجميل بأجمل صورة ، لكي ينهض الإنسان ويرتقي إلى أسمى الدرجات ، والمعروف أن الفنون من عماد الحضارة ، وإعتماد الثَّقافة عليها عظيم من أجل رقيّ الإنسان .
لقد تمسَّكت الشعوب العربيَّة في سائر الدّول بالتّراث الشعبيّ الأصيل ، وفي فلسطين ، كما هو معروف ، إستمدّت القرى والمدن من ميراثها مشاعل نور ، وقناديل ، لكي تستطيع أن تستمرّ في سيرتها ومسيرتها ، فالتراث للإنسان الفلسطيني ملهم عظيم ، فيه من الرموز ما يجعله يتدفّق ويحلّق في سماء بلاده ، رغم ما يفرضه الجدار ، الكبير والصَّغير ، الطَّويل والقصير ، عليه من قهر وليل مظلم ، لكنّ التراث الشعبي ، كما سائر الفنون والآداب ، إستطاع أن يكون الزَّيت والزَّيتون ، والبرتقال واللَّيمون ، وخبز الطابون ، والرُّوح والرَّيحان ، لأناس جاءهم ما جاء ، فبحثوا عن ذاتهم في قدراتهم ، كما إستطاعوا أن يطوِّروها بفضل ما يبصرون من بُعْد في وجودهم ، وإمتداد .
الثقافة معارف وأساطير ، وتقاليد وعادات ، وأغنيات وقيم ، وأمثال وقصص ، وبطولات وأعمال ، وفضائل وتعبير ، كلّ ذلك وأكثر . فالعاطفة التي تتفجَّر في النُّفوس تتوقّد منها الشّموس ، والتماسك في الوجود يعطي دفعة خلف أخرى من أجل نهضة حضاريّة ، ومن أجل إستكمال درب . وللثقافة أوصالها مع بعضها البعض ، ففي فلسطين ميزة رائعة ، فهي تشكّل حلقة وصل ما بين مصر الوادي وشام الغوطة ، وفرات الزّوراء وحجاز أم القرى ، والذي يحاول أن يحلّل ويدرس ملامح الشخصيّة الفنيّة يجد فيها من كلّ ما ذُكر ، من كلّ بلد لمحة ، في تقاسيم الوجة الفنّي النَّضير المشرق يجدها .
إن النبض الشعبيّ في الفنون يجري في عروق النّاس ، في فلسطين ، كما في غيرها . هذا النبض يعطي للإنسان القدرة على الرَّفض ، رفض كلّ ليل ويل ، يريد أن يجعله نائمًا في سبات عميق ، ويكفينا أن ننظر إلى دبكة الفلسطيني المتدفّق حيويّة ، فنرى فيها هذه الحماسة ، في حركات أقدام النساء والرّجال ، والشباب والبنات ، وفي تعابير الوجوه التي (يفرّ منها الدّم) كما يُقال في لهجتنا العاميّة .
في هذه الكلمة أردت أن أفتتح ما أريد ، والذي أريده كما أراده الكثيرون قبلي ، من حملة مشاعل النُّور ، كثير ، فتأثير الفنون على شخصيتي ، ونفسيتي ، وكلمتي ، وحلمي وما أبحث عنه ، يكاد يمتلكني ويجعلني أنهض من نومي ليلاً لأكتب عن ما أشعر به ، وما يشعر به أبناء قوميتي وأمّتي وإنسانيتي من جمال ، ووحي إلهام ، يخيّم على ربوع بلادنا ، ويحلم بأن يزول اللّيل بهمَّة شعب عظيم يريد الحياة الجميلة له وللآخرين ، وهو الذي يؤمن بمقولة شاعر حُرّ ، من تونس الخضراء ، قال فأقنع إذ قال :
إذا الشَّعبُ يومًا أراد الحياة فلا بُدّ أن يستجيب القَدَرْ
ولا بـُدّ للَّيل أن ينجــلــي ولا بُــدّ للقــيد أن ينكـــسِر
صدق ابو القاسم الشَّابي ، ومع صدقِه وصدقكم كلّي أمل أن نلتقي ونستقي من الصَّفاء ، وإنّنا لباقون على عهد الوفاء والسَّلام عليكم .
تميم الأسدي
بير الأمير النَّاصرة
26.10.08