المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المربع.....نشأته وأغراضه


اسامة عبد الحميد
08/10/2008, 12h02
المربع .. نشــأته و أغراضـــه





د. هيثم شعوبي

مؤرخ وباحث موسيقى

يعد فن المربع ضربا من ضروب الغناء العراقي فهو الغناء المحبب في أعيادهم وحفلاتهم وكسلاتهم وينتشر في مناطق بغداد حصرا، وتختلف الروايات بتاريخ نشوئه.سمي بالمربع لأن كل بيت من أبياته يتكون من أربعة أشطر،البعض أن موطن المربع هو جنوب العراق ولغته هي (الحسجة) إلا أن نظم المربع وغناءه لم يقتصر على أهل الجنوب وحدهم فحسب بل تعداهم وزحف إلى مناطق أخرى من البلاد وذلك لغزارة فنه وأسلوبه السلس (ويرى السيد حمودي الوردي في كتابه الغناء العراقي) أن أهل بغداد استذوقوه فعم غناؤه وانتشر نظمه حتى أخذ غناؤه يزاحم المقامات في بغداد في الحفلات الغنائية يقول الحاج هاشم الرجب في كتابه (من تراث الموسيقى والغناء العراقي) عن تاريخ هذا اللون من الغناء ما يلي إنني لم أجد مصدرا ذكر فيه ظهور المربع وانا أقول أن ظهوره في بداية القرن العشرين .

والرجب شاهد عيان على الكثير من الأحداث التي مرت في القرن الماضي المنصرم فيقول: سمعته لأول مرة في بيت فرج نعوش بالاعظمية عام 1927م بمناسبة حفلة ختان من نظم ملا سلمان الشكرجي وكان المؤدي علوان البايسكلجي ومطلعه

(الشغل بنجريا ربع للتالي)
وكان للإذاعة العراقية يوم ذاك دور بتعطيل هذا الفن لأن الناس اخذوا يستمعون إلى الأغاني العربية عن طريق الراديو وظل هذا الفن محصورا على بعض المقاهي حتى أفل نجمه مثلما أفل نجما المنولوج والموشح. ويدخل ميزانا الجورجينا والوحدة المقسومة في هذا الغناء لما لهذين الإيقاعين من إضفاء المتعة والسرور لدى السامعين كذلك اقتصرت اغلبية المربعات على بعض الأنغام مثل البيات والسيكاه والعجم
وتنوعت إشكاله فهناك ما يكون شطرا واحدا مثل (أمبدله وجايه للكيف لبنية)
وهناك ما يكون شطرين مثل (جيت يامدلول منك التمس اب وجنتك بلور لوعين الشمس)
وهناك المربع و المخمس والمثمن وغيرهما وتعددت إغراضه وتنوعت فنظم الشعراء في الغزل والوصف والهجاء والنصح والحكم والعتاب والوطنيات وفي الأمور الاجتماعية
وكان الناس يحتفلون بأيام الكسلات التي يكون فيها الطرب والفرحة على مجال رحب هناك كسلات كرادة مريم وسيد إدريس وأبي رابعة في الاعظمية وسلمان باك في المدائن وكسلة حبيب العجمي وكسلة الكاظم وكسلة محمد السكران، وهناك مربعات الأعياد في بغداد وضواحيها ومربعات المحية في موسم المحية. يسهر اهل بغداد وتبقى جماعات تمارس ألعابها وأهازيجها وينشدون أغاني المحية مثل (يلي ذبيت الطرقة ضربوك زوبه وفلقه)، وفي فصل الربيع يتوجه اهالي بغداد وضواحيها لزيارة المدائن( سلمان باك) لتقديم فن المربع الذي ازدهر في هذه المدينة عن طريق الكسلات وكان السيد محمد الحداد مطربا بلا منازع الى جانب آخرين أمثال محمد العاشق وعلوان مديح وعباس الأعرج وغيرهم. يرافقهم مجموعة من عازفي الدفوف والطبلة ومن أشهر المربعات في هذا الموسم مربع
(المايزوره السلمان عمره خسارة)
وكانت جماعات أخرى من العبيد يشدون الرحال الى زيارة سلمان باك ومعهم لوازمهم من الفراش والطعام و أغانيهم كانت هي الموسيقية والدنابك ينشدون الأغاني ويقدمون الفعاليات الشعبية المسلية وأشهرالآلات
خدري الجاي خدري الجاي عيوني المن أخدره))
مالج يا بعد الروح دومج مجدرة))
ويبقى فن المربع الذي استهوى قلوب وعقول البغداديين بما يحمله من مضامين اجتماعية واقتصادية وتربوية فنهم المحبب والمقرب لنفوسهم لما يحمله من عذوبة وحلاوة.
وفي الأمور الاجتماعية نظم الشاعر إبراهيم الصباغ سنة 1942 بيتا جاء في مستهله
كاعج ليش وصخه وما تكنسيها
مواعينج اشمالج ما تنظفيها
واشتهر الكثير من قراء المربع حسب ما ذكرهم الحاج هاشم الرجب الذي عمل على إعادة الحياة لهذا الفن وأشهر قرائه وناظميه في كتابه الاخير (فن تراث الموسيقى والغناء العراقي )وضمت القائمة مجموعة من مطربيه البارزين أمثال محمد الحداد ومحمود شكري وجمو وسلمان الطرانبيلجي وشهاب بن حجية نجمة وإبراهيم كرادي الذي اشتهر بالمربع الذي مستهله
نايم المدلول اشحلو نومته امسهلم أعيونه وناثر كذلته

ومحمد الناصر ومحمد العاشق وجاسم بن محمد الوطني وبحير بن عمران وحسين بن محمد نعوش السماك ومحمد داود الكاظمي وعباس الكاظمي ومحمود بن الحجية وصالح العزاوي وفاضل رشيد وقاسم الجنابي وكامل الكرخي ومحمد الشعبي وجاسم الشيخلي وعلي شاكر وابر هيم القيسي الملقب بأبي عكرب وعدنان عباس الشيخلي ,ولايزال البعض من هؤلاء يمارسون فن المربع في المناسبات المختلفة من خلال بيت المقام العراقي الذي يرعى هذا الضرب من الغناء الى جانب المقام وتعتبر هذه المجموعة آخر ما تبقى من هذا الفن الذي نراه غائبا عن مدن العراق الأخرى وتشتهر محلة الفضل في بغداد به بالدرجة الأولى الى جانب مدينة الاعظمية وبعض محلات الكرخ . ويبقى فن المربع فنا قائما بذاته معبرا عن مضامينه وأهدافه.الموضوع نقلا من الصفحة الفنية لجريدة الصباح من دون تصرف .