MUNIR MUNIRG
05/07/2008, 06h24
محمود المليجي الشرير الطيب.. من اللص والقاتل إلي الفلاح والصحفي والطبيب
المصري اليوم 4/7/08 محمد المصطفي.
قرن مضي علي رحيل واحد من عمالقة التمثيل في مصر، وهو الفنان محمود المليجي، الذي راق لبعض الفنانين المصريين أن يطلقوا عليه لقب «أنتوني كوين الشرق»، خصوصًا بعد أن أدي دور «محمد أبوسويلم».. في فيلم الأرض عام ١٩٧٠.
لقد كان محمود المليجي مدرسة فنية خاصة بذاتها وحينما كان في المدرسة الثانوية الخديوية كان مدير المدرسة يشجع الفنون والموهوبين فيها، فالتحق المليجي بفريق التمثيل وفي السنة الرابعة جاء عزيز عيد، ليدرب الفريق، وكان المليجي يلازمه.. ويتعلم منه لكن المفارقة أن عزيز عيد قال له: «إنت مش ممثل.. روح دور علي شغلة تانية غير التمثيل» فكان المليجي ينتحي جانبًا ويبكي، لكن أحد أصدقاء المليجي جاءه ذات يوم وقال له: «إن عزيز عيد يتنبأ لك بمستقبل مرموق في التمثيل»، وعرف المليجي بعد ذلك أن عزيز عيد كان يقول له ذلك ليبث فيه روح التحدي ويستفز موهبته.
وحتي لا يصيبه الغرور، وفي أحد العروض المسرحية لفريق التمثيل بالمدرسة، كانت فاطمة رشدي «نجمة زمانها في المسرح» حاضرة وبعد انتهاء العرض أرسلت للطالب محمود المليجي تهنئه علي أدائه ودعته لزيارتها في مسرحها، وعرضت عليه العمل في فرقتها بمرتب شهري قدره أربعة جنيهات، وهناك رواية أخري حول هذا التعاون تقول إن المدرسة استأجرت مسرح فاطمة رشدي لعرض المسرحية وهناك شاهدته واتفقت معه،
وترك المليجي المدرسة لعدم استطاعته التوفيق بين التمثيل والدراسة وقدم مع فاطمة رشدي مسرحية «٦٦٧ زيتون» ومثل دور «زياد» في مسرحية «مجنون ليلي»، و«الولادة» و«يوليوس قيصر» و«علي بك الكبير» وكان أول ظهور سينمائي له في فيلم «الزواج» عام ١٩٣٢، وقام بدور الفتي الأول أمامها.. وبعد أن تم حل فرقة فاطمة رشدي المسرحية.. قصد فرقة يوسف وهبي كملقن إلي أن اختاره المخرج إبراهيم لاما لأداء دور «ورد» غريم قيس في فيلم سينمائي عام ١٩٣٩.
وكان من السمات السيئة للسينما المصرية استهلاك النجوم في أدوار تميزوا فيها، ودفع الفنان الراحل الكبير محمود المليجي النصف الأول من مسيرته الفنية قرابة الثلاثين عامًا، فقد تم استهلاكه في أدوار الشر خصوصًا الشرير المهزوم غالبًا أمام وحش الشاشة آنذاك ونجم الترسو فريد شوقي، غير أن هذا الاستهلاك لم يكن ليخفي الكثير من أوجه التميز والاختلاف في أداء هذه الأدوار من قبل النجم الكبير، لكن يمكن القول إن المخرج الكبير يوسف شاهين هو المفجر الحقيقي للطاقات الأدائية المتنوعة والغنية لمحمود المليجي،
ومن الأدوار المختلفة التي لعبها في هذا السياق دوره المتميز في فيلم «جميلة بوحريد» أو «بوحيرد» حيث لعب دور المحامي الفرنسي الذي دافع عنها، ودوره في فيلم «عودة الابن الضال» ودوره في أفلام «الأرض» و«العصفور» و«الاختيار» و«إسكندرية ليه» و«حدوتة مصرية» و«الناصر صلاح الدين»، وعن الأداء التمثيلي لمحمود المليجي قال يوسف شاهين: «كان محمود المليجي أبرع من يؤدي دوره بتلقائية لم أجدها لدي ممثل آخر، كما أنني شخصيا أخاف من نظرات عينيه أمام الكاميرا».
لكن هناك أفلامًا قديمة أخري قدم فيها المليجي أدوارًا مختلفة مثل دور شقيق الزعيم مصطفي كامل ودوره في فيلم «حكاية حب» الذي أدي فيه شخصية الفنان التشكيلي.. والد عبدالحليم حافظ الذي عاش عزلة عن الناس وأدمن الخمر ودوره كرئيس تحرير في فيلم «يوم من عمري» ودوره في فيلم «الحب الضائع» لكن حتي أدواره الشريرة تظل علامات في تاريخ السينما المصرية كأدواره في أفلام «رصيف نمرة ٥» و«الوحش» و«شروق وغروب».
أما عن محمود المليجي نفسه فقد ولد في الثاني والعشرين من ديسمبر عام ١٩١٠ في حي المغربلين، وقيل إنه من أصل كردي وقد نشأ في بيئة شعبية حتي بعد أن انتقل مع أسرته إلي حي الحلمية وبعد حصوله علي الشهادة الابتدائية التحق بالمدرسة الخديوية ليكمل تعليمه الثانوي، وقد اختاره المخرج بدر لاما لأداء دور «ورد» غريم قيس في أول أدوار الشر في «قيس وليلي» عام ١٩٣٩، وقبل ذلك بثلاث سنوات كان قد وقف أمام أم كلثوم في أول أفلامها «وداد» عام ١٩٣٦.
لقد تنقل محمود المليجي بين فرق مسرحية أخري غير فرقتي يوسف وهبي وفاطمة رشدي، فقد التحق بفرقة إسماعيل ياسين ثم فرقة تحية كاريوكا ثم فرقة المسرح الجديد وقد ترك وراءه مسيرة مسرحية قوامها ٢٠ عرضًا مسرحيا، القليل منها تم تسجيله مثل مسرحية «انتهي الدرس ياغبي» و«لوكاندة الفردوس» كما خاض تجربة الإنتاج السينمائي، فأنتج أفلام «الملاك الأبيض» و«الأم القاتلة» و«سوق السلاح» و«المقامر».
وإذا ما تأملنا مسيرته السينمائية نجده قد أدي كل الأدوار تقريبًا فقدم الطبيب والصحفي والمحامي والفنان التشكيلي والوزير واللص والفلاح والباشا والقاتل والعاشق والسكير ورجل البوليس كما أدي الأدوار الكوميدية.
وكان محمود المليجي في أواخر عام «١٩٣٨» قد تزوج من الفنانة «علوية جميل» ولم يرزق منها بأبناء، وبعد ربع قرن من الزواج، تزوج من فنانة شابة بفرقة إسماعيل ياسين اسمها «فوزية الأنصاري» لكن هذه الزيجة لم تستمر سوي أيام قليلة.
حصل محمود المليجي علي الكثير من الجوائز والأوسمة، منها وسام الاستحقاق اللبناني عام ١٩٦٦، وشهادة تقدير في عيد الفن وجائزة الدولة التشجيعية، وانتخب عام ١٩٨٠ عضوًا في مجلس الشوري وكان آخر الأفلام التي شارك فيها فيلم «أيوب» مع عمر الشريف ومديحة يسري وفؤاد المهندس، وقد توفي أثناء عمله في الفيلم تحديدًا في السادس من يونيو عام ١٩٨٣ تاركًا نحو ٧٥٠ فيلمًا وعشرات المسلسلات الإذاعية والتليفزيونية فضلاً عن رصيد مسرحي كبير.
المصري اليوم 4/7/08 محمد المصطفي.
قرن مضي علي رحيل واحد من عمالقة التمثيل في مصر، وهو الفنان محمود المليجي، الذي راق لبعض الفنانين المصريين أن يطلقوا عليه لقب «أنتوني كوين الشرق»، خصوصًا بعد أن أدي دور «محمد أبوسويلم».. في فيلم الأرض عام ١٩٧٠.
لقد كان محمود المليجي مدرسة فنية خاصة بذاتها وحينما كان في المدرسة الثانوية الخديوية كان مدير المدرسة يشجع الفنون والموهوبين فيها، فالتحق المليجي بفريق التمثيل وفي السنة الرابعة جاء عزيز عيد، ليدرب الفريق، وكان المليجي يلازمه.. ويتعلم منه لكن المفارقة أن عزيز عيد قال له: «إنت مش ممثل.. روح دور علي شغلة تانية غير التمثيل» فكان المليجي ينتحي جانبًا ويبكي، لكن أحد أصدقاء المليجي جاءه ذات يوم وقال له: «إن عزيز عيد يتنبأ لك بمستقبل مرموق في التمثيل»، وعرف المليجي بعد ذلك أن عزيز عيد كان يقول له ذلك ليبث فيه روح التحدي ويستفز موهبته.
وحتي لا يصيبه الغرور، وفي أحد العروض المسرحية لفريق التمثيل بالمدرسة، كانت فاطمة رشدي «نجمة زمانها في المسرح» حاضرة وبعد انتهاء العرض أرسلت للطالب محمود المليجي تهنئه علي أدائه ودعته لزيارتها في مسرحها، وعرضت عليه العمل في فرقتها بمرتب شهري قدره أربعة جنيهات، وهناك رواية أخري حول هذا التعاون تقول إن المدرسة استأجرت مسرح فاطمة رشدي لعرض المسرحية وهناك شاهدته واتفقت معه،
وترك المليجي المدرسة لعدم استطاعته التوفيق بين التمثيل والدراسة وقدم مع فاطمة رشدي مسرحية «٦٦٧ زيتون» ومثل دور «زياد» في مسرحية «مجنون ليلي»، و«الولادة» و«يوليوس قيصر» و«علي بك الكبير» وكان أول ظهور سينمائي له في فيلم «الزواج» عام ١٩٣٢، وقام بدور الفتي الأول أمامها.. وبعد أن تم حل فرقة فاطمة رشدي المسرحية.. قصد فرقة يوسف وهبي كملقن إلي أن اختاره المخرج إبراهيم لاما لأداء دور «ورد» غريم قيس في فيلم سينمائي عام ١٩٣٩.
وكان من السمات السيئة للسينما المصرية استهلاك النجوم في أدوار تميزوا فيها، ودفع الفنان الراحل الكبير محمود المليجي النصف الأول من مسيرته الفنية قرابة الثلاثين عامًا، فقد تم استهلاكه في أدوار الشر خصوصًا الشرير المهزوم غالبًا أمام وحش الشاشة آنذاك ونجم الترسو فريد شوقي، غير أن هذا الاستهلاك لم يكن ليخفي الكثير من أوجه التميز والاختلاف في أداء هذه الأدوار من قبل النجم الكبير، لكن يمكن القول إن المخرج الكبير يوسف شاهين هو المفجر الحقيقي للطاقات الأدائية المتنوعة والغنية لمحمود المليجي،
ومن الأدوار المختلفة التي لعبها في هذا السياق دوره المتميز في فيلم «جميلة بوحريد» أو «بوحيرد» حيث لعب دور المحامي الفرنسي الذي دافع عنها، ودوره في فيلم «عودة الابن الضال» ودوره في أفلام «الأرض» و«العصفور» و«الاختيار» و«إسكندرية ليه» و«حدوتة مصرية» و«الناصر صلاح الدين»، وعن الأداء التمثيلي لمحمود المليجي قال يوسف شاهين: «كان محمود المليجي أبرع من يؤدي دوره بتلقائية لم أجدها لدي ممثل آخر، كما أنني شخصيا أخاف من نظرات عينيه أمام الكاميرا».
لكن هناك أفلامًا قديمة أخري قدم فيها المليجي أدوارًا مختلفة مثل دور شقيق الزعيم مصطفي كامل ودوره في فيلم «حكاية حب» الذي أدي فيه شخصية الفنان التشكيلي.. والد عبدالحليم حافظ الذي عاش عزلة عن الناس وأدمن الخمر ودوره كرئيس تحرير في فيلم «يوم من عمري» ودوره في فيلم «الحب الضائع» لكن حتي أدواره الشريرة تظل علامات في تاريخ السينما المصرية كأدواره في أفلام «رصيف نمرة ٥» و«الوحش» و«شروق وغروب».
أما عن محمود المليجي نفسه فقد ولد في الثاني والعشرين من ديسمبر عام ١٩١٠ في حي المغربلين، وقيل إنه من أصل كردي وقد نشأ في بيئة شعبية حتي بعد أن انتقل مع أسرته إلي حي الحلمية وبعد حصوله علي الشهادة الابتدائية التحق بالمدرسة الخديوية ليكمل تعليمه الثانوي، وقد اختاره المخرج بدر لاما لأداء دور «ورد» غريم قيس في أول أدوار الشر في «قيس وليلي» عام ١٩٣٩، وقبل ذلك بثلاث سنوات كان قد وقف أمام أم كلثوم في أول أفلامها «وداد» عام ١٩٣٦.
لقد تنقل محمود المليجي بين فرق مسرحية أخري غير فرقتي يوسف وهبي وفاطمة رشدي، فقد التحق بفرقة إسماعيل ياسين ثم فرقة تحية كاريوكا ثم فرقة المسرح الجديد وقد ترك وراءه مسيرة مسرحية قوامها ٢٠ عرضًا مسرحيا، القليل منها تم تسجيله مثل مسرحية «انتهي الدرس ياغبي» و«لوكاندة الفردوس» كما خاض تجربة الإنتاج السينمائي، فأنتج أفلام «الملاك الأبيض» و«الأم القاتلة» و«سوق السلاح» و«المقامر».
وإذا ما تأملنا مسيرته السينمائية نجده قد أدي كل الأدوار تقريبًا فقدم الطبيب والصحفي والمحامي والفنان التشكيلي والوزير واللص والفلاح والباشا والقاتل والعاشق والسكير ورجل البوليس كما أدي الأدوار الكوميدية.
وكان محمود المليجي في أواخر عام «١٩٣٨» قد تزوج من الفنانة «علوية جميل» ولم يرزق منها بأبناء، وبعد ربع قرن من الزواج، تزوج من فنانة شابة بفرقة إسماعيل ياسين اسمها «فوزية الأنصاري» لكن هذه الزيجة لم تستمر سوي أيام قليلة.
حصل محمود المليجي علي الكثير من الجوائز والأوسمة، منها وسام الاستحقاق اللبناني عام ١٩٦٦، وشهادة تقدير في عيد الفن وجائزة الدولة التشجيعية، وانتخب عام ١٩٨٠ عضوًا في مجلس الشوري وكان آخر الأفلام التي شارك فيها فيلم «أيوب» مع عمر الشريف ومديحة يسري وفؤاد المهندس، وقد توفي أثناء عمله في الفيلم تحديدًا في السادس من يونيو عام ١٩٨٣ تاركًا نحو ٧٥٠ فيلمًا وعشرات المسلسلات الإذاعية والتليفزيونية فضلاً عن رصيد مسرحي كبير.