المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في بيتنا سماعيون


امين الفل
07/06/2008, 21h58
http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=94009&stc=1&d=1212875824

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

....ذات مرة و في ضواحي مدينة وجدة المغربية العتيقة، كنت عائدا الى منزلنا التقليدي، منزل أجدادي في حي قديم تؤدي ممراته الى باب تاريخي، انه " باب سيدي عبد الوهاب " (انظر الصورة). كنت عائدا من المدرسة بعد يوم شاق. عندما وصلت، توضأت و ذهبت الى الجامع (المسجد). عند عودتي اتجهت مباشرة الى الحانوت (الدكان) قصد شراء بعض الحاجيات طلبتها الوالدة. كان باب الحانوت لا يتسع الا لشخص واحد. انتظرت العجوز بعدما اشترت خبزتين و قالب سكر و قد لفتت انتباهي أغنية لم أكاد أتعرف الى صاحبها. فجأة صاح في وجهي السوسي (الحانوتي):
ماذا تريد؟
رديت: السلام عليكم يا عمو. أريد خميرة كعك واحدة حمراء و فانيلا و 6 بيضات و دانونتين (ياغورت).
رد: حسنا. انتظر.
إلتفت مرة اخرى الى صوت المذياع، فاذا بي اسمع المذيع يقول بعد التحية: اعزائي المستمعين، استمعنا الى أغنية رائعة للراحل محمد عبد الوهاب...لا أخفي عليكم كم أعجبتني تلك القطعة، كما لو كانت احدى قطع الحلوى التي ستعدها أمي العزيزة مع عطر الفانيلا اللذيذة.
صاح في وجهي مرة أخرى: أعطيني 11 درهم...
رديت: هاهي النقود...قولي يا عمو...تعرف هاد المغني؟
رد: اي مغني...أنا ما سمعت والو (لم أسمع شيء)...روح (اذهب).
ذهبت مسرعا الى البيت و أخافني صوت قط يموء على حافة الطريق. وصلت و دقيت الباب: ماما...ماما...انا أمين. فتح الباب والدي و قال: ادخل. أين كنت؟
قلت: ارسلتني أمي عند السوسي.
رد: اسمع. عندنا ضيوف مميزين اليوم. في عمتك جاءت من الرباط مع زوجها...ما بغيتشي بسالات (لا أريد ازعاج).
صاحت أمي: بطيت (تأخرت).
سلمت على الضيوف و اتجهت نحو المطبخ، و كعادتي كنت دائما اساعد أمي في المطبخ. كنت مولعا بالطبخ كثيرا و اجيده الى غاية اليوم. بدأت أمي في اعداد الحلوي (مادلين) و أنا امد لها بيضة بيضة... تارة، سمعت ابي يناديني...طلب مني ان أجلس بقرب عمتي. اضاء الشاشة، و شاهدت فنانة تغني أعجبني صوتها كثيرا. ثم تذكرت أن امي كانت دائما تردد تلك الأغنية..فبدأت أتمعن النظر فيها حتى اتأكد من سبب اعجاب امي بهذه المطربة. فربما تكون مثلها أو ما شابه ذلك. اسرعت الى المطبخ لأجد أمي تردد بعض كلمات الأغنية و تقول: عللي جرى من مراسيلك... بس لما تيجي و انا أحكيلك...و امسح دموعي....
قلت: احكيلي شوي عن هذه الفنانة. شكون هي (من تكون؟).
قالت: هذه عليا التونسية الله يرحمها.
قلت: و لماذا أهي توفيت؟
ردت: نعم توفيت بعد عناء من المرض.
و لكن اي مرض؟ لم تجبني امي و اشغلت باعداد القوة و الحليب و تزييف بعض الأواني. فظلت واقفا شارد الذهن. تارة، قالت:
صوتها جميل جدا. وهي مطربة بمعنى الكلمة. ابنها تبرع بكلية لها و لكن دون فائدة....فتنهدت:....الله يرحمها.
و قد بدت أمي حزينة. و هذا حز في كثيرا. رجعت لمشاهدة التلفاز و وقفت مباشرة امامه دون أن انتبه الى الضيوف. فصاح ابي: ابتعد. ابتعدت ببطء ولم أكترث.
جلست، لتظهر أغنية أخرى لأم كلثوم... كنت أعرفها جيدا طبعا... كانت تلوح بمنديلها و أتساءل دائما عن مغزى ذلك المنديل...لكن لا يهم...الأغنية جميلة، فسمعت والدي يتحدث مع الضيوف..لم أكترث لهم كثيرا..فقد كنت منشغلا مع أم كلثوم الله يرحمها، ومرة أتساءل ان كانت أمي تغنيها هي الأخرى... فجأة، انتهت الوصلة الطربية، ليظهر لي فنان لم أكن اعرفه، مع أغنية "راحلة"...فقال أبي ها هو عندليب الأغنية المغربية، نظرت الى والدي بتعجب و انا اسائل نفسي: من يكون هذا؟
قال زوج عمتي: الله يرحمو. الحياني كان صوته قويا و كان كريما.
فاتجهت نحوه و قلت: مالو؟ (ما بــه؟)
فرد وهو يلمس رأسي بحنان: انه الحياني الله يرحمو صاحب اغنية راحلة. لقد رحل عنا. صوته شبيه بصوت عبد الحليم حافظ. الله يرحمو هو أيضا.
مرت الأغنية بعد هذا الحديث في سكون. طبعا من يريد أن يفوت مثل هذه الرائعة.
ثم ظهرت فنانة أخرى مغربية، انها نعيمة سميح مع أغنيتها "ياك أجرحي...جريت و جاريت" كانت أغنية حزينة... فأثارتني كلمة " جرحي"، و ظلت أتساءل ان كان قد حصل لها مكروه او نزيف او ما شابه..(طبعا معاني الأغنية لم أفهمها حتى كبرت) و لكن لحنها رومنسي جعلني اغفو و تارة أفيق.
جاءت امي بقطعة الحلوى. كانت كبيرة و رائحتها عطرة. ذكرتني بقطعة السيد محمد عبد الوهاب لتعود بي الى السيدة عليا...
عادت الى المطبخ و رجعت بصينية فيها حليب و قهوة و طبعا مع قطع من السكر....و أنتم تعرفون من الذي سيحصل على قطعة من الحلوى و كاسا من الحليب أولا...انه أنا طبعا...فتناسيت التلفزيون للاسف، و مرت السهرة الفنية ليحل محلها الأخبار... وكم كنت أكره الأخبار....لانها تعيسة و لا شيء فيها من الطرب...ما عدا تلك الموسيقى التي كانت تبتدأ بها النشرة.
فقالت لي ماما: حان وقت الفروض المنزلية...الى غاية تهييء العشاء.
كانت تلك الليلة لا تنسى. امسية عائلية و طربية كانت ثمرتها أن كبر اعجابي و محبتي الى فنانين ولو لم أكن لأعرف عنهم الكثير.
ما أحلى تلك الذكريـــــــــــات

د أنس البن
11/07/2009, 07h23
أخى أمين الفل
ما هذا الجمال بالحلوى المغربيه
كيف لم يعلق أحد من الزملاء الأفاضل عليها
وبعدين انت فين :emrose: