المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرة إلى التوزيع الموسيقي الحديث للأغنية العربية


M. Daghum
30/01/2008, 11h06
أكّد الموسيقيون العرب وحتى بداية ثمانينات القرن العشرين على الطرب والتطريب حتى كاد هذان أن يقتلا الأغنية شر قتلة، ويخنقا العنصر الموسيقي فيها، ويختزلانه في عُرب المطرب وبعض اللوازم الموسيقية الخجولة المتعثرة. وكانت الأغنية العربية معلبة في بضع قوالب أنهكت أذن المتذوقين لموسيقا أخرى، وجعلتهم ينظرون للأغنية العربية على أنها من لوازم التخلف الشرقي وأحد مظاهره.


لست مبالغاً.


فتقدير واحترام الجيل السابق من العمالقة لا يقلل من شأنه نقد لأسلوب تنفيذ أعمالهم، أو نظرة مختلفة إلى القوالب التي سكبوا فيها أغانيهم ومؤلفاتهم الموسيقية. وبالتأكيد، هناك استثناءات قليلة إذا ما قسناها كمّاً لما تبقى أضحت نوادر وتحفاً يُستشهد بها وبمن أشرف على تنفيذها وتوزيعها بالقدر الذي سمحت به تقنيات وإمكانيات ذلك الزمان.


حتى ستينات القرن الماضي، كان الطرب مقياسا للحن، والمِعْزَةُ مقياس الطرب!


واجتهد الملحنون أن يزيدوا من صعوبة اللحن المغنّى بطرق متعددة، فكانوا مثلاً يكثرون من العلامات المعترضة المغايرة للمقام في الجملة الواحدة، أو يزيدون من سرعة العلامات ضمن جملة صغيرة، وأحياناً، كان الملحن المطّلع يزيد المسافات بين العلامات في جملة قصيرة. كان هذا هو التحدي الذي أشهره سادة ألحان النصف الأول من القرن الماضي في وجوه مطربي تلك الفترة، فإن أجاد تأدية ما لحنوا فهو قدير، وإن لم يحسن ذلك فالطقطوقة قد تزيد على مقدرته الغنائية. لذلك اجتهد مطربو تلك الفترة أن يكثروا من العُرب الصوتية حتى لتخال - أحياناً - اجتهادهم مجرد تقليد سيّء لثغاء مِعزة.

هذا المفهوم المتعنت لمعنى الطرب أساء للموسيقا العربية بالعموم، والطرب لغةً وعلماً هو عصب لا إرادي يحرك القلب، وكائناً ما كان محركه فهو طرب وطرب، وطرب!


توزيعياً، كان دور الآلات الموسيقية مجحف بحق إمكانية أي آلة، وكان توظيف الآلة مقتصر أيضاً على إعطاء دورعشوائي لها كيفما اتفق، وبلا اهتمام جدّي مدروس لإمكاناتها وأهمية توظيفها، وأسوأمثال على ذلك ما يسمى بالـ ( دوزان ) الشرقي لآلة الكمان، حيث تم تخفيض الوترين الأخيرين درجة كاملة لتسهيل العزف، بل لتسهيل قتل صوت هذه الآلة التي تعتبر من أكثرالآلات الموسيقية مقدرة على التعبير بأحاسيس لا حصر لها. يمكن لأي مستمع لتسجيل قديم أن يلاحظ بسهولة كيف يتم تسخير الآلات الموسيقية المختلفة في التخت الشرقي لمرافقة براعة المطرب بتقليده عشوائياً، وحتى في حال وجود لوازم مكتوبة ( أو محفوظة ) سيلاحظ سباقاً عجيباً بين الآلات عندما لا يبدؤون معاً ولا يختمون معاً، فالتنفيذ الكيفي غير المضبوط زمنياً وحركياً سمة ضرورية لمعرفة أن العمل شرقي بدون فهم لغة المطرب.


تحدثت عن استثناءات، ويمكنني أن أذكر أن بعض الملحنين المصريين الذين أتيحت لهم دراسة الموسيقا في أوروبا مثل زكريا أحمد، قدموا أعمالاً رائعة بالقياس لتلك الفترة. فقد قدم لنا زكريا أحمد رائعته "يا طيور" التي غنتها أسمهان بعد أن تيقن من أن طبقة صوتها – سوبرانو – تسمح لها بأداء مثل ذلك اللحن. ولا أنسى أن أشير لأجمل لحن فالس عربي قدمه أيضاً زكريا أحمد للمطربة ليلى مراد وهو أغنية "أنا قلبي دليلي". هذه الأعمال وبعض من أمثالها لا تشكل سوى إشارات بسيطة وخجولة بسبب أن المستمع العربي في تلك الفترة وفي تلك المنطقة – مصر – لم يكن معتاداً على هذا النوع من السمع، قدره البعض، ثم نساه الجميع بدليل أنه لم يتكرر.


وفي خمسينات القرن الماضي، ظهرت مدرسة عربية جديدة للموسيقا، لبنانية المنشأ، عربيةالهوية، عالمية المضمون والهدف. حيث لفت الرحابنة الأذن العربية إلى مقومات جديدة للاستماع، وإلى قواعد لم تكن متبعة في الأغنية العربية من قبل، وإلى عناصر تكوين الأغنية تضاف إلى ما كان سائداً.


فقد بيّن الرحابنة للمستمع العربي أن الطرب أمرنسبي، كما هو أمر مركّب! وأجبروا المستمع العربي بلطف ألحانهم أن يتعرف على عنصر هام وهو الميلودي البسيط. كما أكدوا على أهمية دور الموسيقا في الأغنية بأن حرروها من المرافقة الغثة لمحاكاة المغني وأعطوها دورها التوزيعي الفعال في تأكيد اللحن الأساسي (الميلودي) عبر ألحان أخرى ترافقه تكمل وجوده وتبرز جماله. حتى عندما نفذوا أعمالاً لشيوخ الموسيقا كسيد درويش ومحمد عبد الوهاب، قاموا بمعالجتها توزيعياً بما يليق بتوقيعهم عليها. وكانت أغنية: "يا جارة الوادي" التي لحنها محمد عبد الوهاب وغناها بصوته صورة رائعة لما أتقنه أولئك الجهابذة من فن الإخراج الموسيقي الأخاذ، صورة أكدت أنه للطرب شكل آخر، وللاستماع شكل جديد في الغناء العربي.


وظف الرحابنة آلات النفخ الأوركسترالية ضمن الأغنية القصيرة مثل آلة الأوبوا والكلارينيت والباصون، وقد أعطوا في أغانيهم دوراً هاماً وجميلاً لآلة الفرينش هورن في أداء منفرد بالغ الرقة في أغان قصيرة وفي جمل موسيقية صرفة موظفة ضمن أعمالهم المسرحية.


كما كتب الرحابنة ألحاناً عربية على قوالب تأليف غربية مثل التانغو والبوليرو والمامبو في أربعينات القرن العشرين وما تلاها، وأثبتوا أن الموسيقا فن عالمي لا تحيطه حدود ولا تعيقه اللغات. وقد أجادوا في التوزيع المناسب لكل قالب مع إعطائه بعض الرونق الشرقي بإضافة آلات شرقية له أو بكتابتها على مقامات شرقية بأرباع الصوت المعروفة مثل البيات وغيره.

يُتبَع ...

M. Daghum
30/01/2008, 11h41
وقد وظف الرحابنة الآلة الموسيقية خير توظيف، ونتيجة لدراستهم علمي الكونتربوان والهارموني كان دور كل آلة مكتوباً حتى في أدق تفاصيله بحيث لا يسمح للعازف التصرف العشوائي المسيء للحن. واستقدموا عازفين بارعين في كل آلة، وخير مثال هو عازف العود العراقي منير بشير الذي نفذ عزفاً منفرداً في بعض أغانيهم مثل "هيك مشق الزعرورة" و "البنت الشلبية". ولم يترددوا في تنفيذ بعض أعمالهم الصعبة في استديوهات اليونان مع أمهر العازفين الغربيين، واستمر استقطابهم للموسيقيين العالميين حتى يومنا هذا، ولإحساسهم بالدور الهام للهندسة الصوتية استعانوا - وما زالوا - بخبراء بريطانيين الذين هم الأعرق عالمياً في هذا المجال.


ومع احتكاك كبار الملحنين والفنانين المصريين بالرحابنة، مثل محمد عبد الوهاب(1) ونجاة الصغيرة (2) وعبد الحليم حافظ (3)، ومع انتشار الأعمال الرحبانية في الوطن العربي عبر الإذاعات العربية وعبر التوزيع العالمي لألحانهم (4) وعبر استعمال موسيقاهم في كثير من الأفلام العربية (5). شعر بعض الملحنين بأهمية إبراز دورالتوزيع الموسيقي، أو على الأقل بأهمية توظيف الآلات بدون أن تصاحب غناء المطرب بمحاكاة ببغائية، واستعمال قوالب التأليف الغربية مثل التانغو والبوليرو والرومبا والسامبا ... الخ. فقدم محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وغيرهم ألحاناً على هذه الستايلات مع فارق واحد هو استعانتهم بموزعين موسيقيين غربيين مقيمين في مصرأحياناً مثل الموسيقار أندريه رايدر (6)، أو في خارجها.


إلا أن التوزيع الموسيقي بقي مقتصراً على التسجيلات المنفذة ضمن الاستوديوهات، ونادراً جداً ما كان يتم تنفيذه حياً على خشبات المسارح ما خلا العروض الكلاسيكية العالمية التي كانت تعرض في القاهرة، والحفلات التي كانت تقيمها الفرق الغربية المتواجدة أو الزائرة للعواصم العربية آنذاك. وما لعب دوراً في اهتمام الموسيقيين العرب بالتوزيع هو قيام بعض المطربين الغربيين بتقديم أغان عربية موزعة بالطريقة الغربية وقد لاقت نجاحاً شعبياً عظيما مثل أغنية "يا مصطفى" للمغني "بوب عزام"، أو بالعكس، عندما قدم بعض المغنين العرب ألحاناً غربية معروفة بعد تركيب كلمات عربية مناسبة وبالتوزيع الأصلي كما فعل الفنان دريد لحام عندما قدم مجموعة كبيرة وجميلة من الأغاني العالمية المشهورة في تلك الفترة مثل "بايلا لا بامبا" ( ألابنضا)، و I Can't Sleep ( نوم نوم ما في نوم).


بدأ التوزيع الموسيقي العربي يأخذ طريقه للشعبية في بدايات ثمانينات القرن الماضي عندما تخلى الملحنون اللبنانيون عن الأسلوب القديم في التنفيذ الموسيقي واعتمدوا الفصل التام بين ما يغنى وبين ما يصاحب الغناء من توزيع ولوازم، واقتصروا في الموسيقا على المصاحبة الهارمونية مثل كوردات الآلات الغربية كالأورغ والغيتار، وبعض الجمل التوزيعية المرافقة البسيطة بالآلات الوترية أوالنحاسية خلف المغنى، وأولوا عناية فائقة لإظهار ضغط الإيقاع فدعموه بآلات الضغط الإيقاعي الغربي مثل الدرامز وغيتار الباص الكهربائي. كان هذا في بداية ثمانينات القرن الماضي، عندما ظهرت ثلة من المطربين والملحنين الشباب مثل ملحم بركات وإيلي شويري ومن بعدهما راغب علامة وأحمد دوغان ونهاد طربيه وغسان صليبا وغيرهم بالإضافة إلى الجيل الجديد من الرحابنة ممثلاً بزياد وغسان ومروان وغدي الرحباني. كانت نتيجة هذا التوجه الجديد أعمالاً تتراوح ما بين الخفيف إلى الطرب ولكن بقالب يسهل على الأذن المعاصرة استساغته، قد يكون معقد اللحن أو معقد الأداء أحياناً بحسب الملحن والمطرب، لكن أسلوب إيصاله للمستمع كان لطيفاً مدروساً في أقل حركاته وسكناته وبعيداً عن العشوائية التي كانت سائدة في المرافقة الببغائية مما أشعر المستمع العربي بتغيير صب في صالح هروبه من المعتاد أولاً وأعطاه احتراماً لأحاسيسه التي كان يفقدها عند تركيزه المفرط ليعيش مع اللحن الأساسي الذي شوهته تلك العشوائية ثانياً.


يُتبَع ...

عثمان دلباني
30/01/2008, 11h52
شكر للفنان مراد داغوم المؤلف و الموزع الموسيقي سوري على هذا الموضوع القيم و الجميل ، نتمنى منك المزيد من هذه المساهمات المفيدة . و اهلا بك في منتدى سماعي بين اهلك و احبابك .تحياتي :emrose:

M. Daghum
30/01/2008, 12h04
الفاضل عثمان دلباني

شكراً
لطفك أسعدني، ومجاملتك الرقيقة أخجلتني.
أتمنى أن أساهم في إضافات مفيدة لخدمة هذا المنتدى الرائع.
فعلاً أشعر أنني بين أهل وأحباب.

:emrose:

sami1980
30/01/2008, 13h07
قبل هذا الحديث الطويل المقتصر على المواقف لا على التعمق، على الأقل التنبه إلى أن يا طيور وأنا قلبي دليلي من ألحان القصبجي وليس زكريا
وأن ابرهيم حجاج، وعلي اسماعيل وأنطوني رايدر وغيرهم سبقوا بكثير مغني الثمانينات الذين تتحدث عنهم!!

M. Daghum
31/01/2008, 08h21
العزيز Sami 1980
مرحبا بك

نعم، يا طيور للقصبجي، عذراً.
جميل منك هذا التنبيه، شكراً لك.

الحديث قد يكون أطول قليلاً مما قرأت يا صديقي، ولكن لا يمكن إدراجه كاملاً في مشاركة واحدة فقد لاحظت أن المقاطع الأخيرة من المشاركة تظهر بحروف صغيرة، وأن المقاطع غير كاملة.

أما بخصوص نوعية المقال، فهو مجرد نظرة كما يبدو من عنوانه، وليس للتعمق. أكون ممتناً لك إن طرحت موضوعاً متعمقاً في التوزيع الموسيقي للأغنية العربية لنشاركك قراءته والنقاش فيه والمساهمة بما يمكن اعتباره معلومات علمية بحتة وليس مجرد فكرة تُعرض موجهة لقارئ غير مختص كما مقالي هنا. لم أكتب هذا المقال للموسيقي المحترف بل لقارئ عادي أفترض أن لديه اهتماماً بهذا الموضوع لا أكثر.

إذا لاحظت يا صديقي، فالموضوع ليس عن فترة الثمانينات فقط، بل تضمن إشارة إلى أن اعتماد الشكل الحديث لقالب الأغنية الشعبية الموزع ولو ببساطة قد بدأ في فترة الثمانينات. وذلك في العبارة التالية:
بدأ التوزيع الموسيقي العربي يأخذ طريقه للشعبية في بدايات ثمانينات القرن الماضي

مرحباً بك مرة ثانية، وأتمنى ألا تضن علينا بأي ملاحظة مفيدة أخرى.
شكراً.
:emrose:

M. Daghum
31/01/2008, 08h55
تتمة ...
وهكذا، استمعنا إلى ألحان غاية في الدماثة، في حين أن بقية الفنانين العرب الكبار ما زالوا متقوقعين في المدرسة القديمة تنفيذاً، وكان كبار النجوم العرب ما زالوا يغنون حتى في الاستديوهات على أنغام مكتوبة ولكنها منفذة بأسلوب أقرب للارتجال والاعتباط التوزيعي.
إلى أن بزغ نجم جديد قلب شكل الأغنية العربية رأساً على عقب، واضطر -لاحقاً- كبار النجوم العرب إلى اعتماد أسلوبه إن معه أو بمصاحبة من تأثر به وسار على نهجه.

حميدة الشاعري القادم إلى مصر من ليبيا حمل معه خيالاً من نوع آخر لتنفيذ الموسيقا، خيال معتمد كلياً على أسلوب تنفيذ أغاني البوب الغربية بانت نتائجه سريعاً عند الجمهور العربي. هذا الأسلوب الجديد رفع المغنين إلى مصاف النجوم ليحتلوا درجات متقدمة في قوائم البيع والطلب.

كان إنتاج الشاعري تنفيذاً جديداً ودقيقاً أكثر منه توزيعاً موسيقياً، وقد تفوق على الموزعين اللبنانيين في دقة التنفيذ وذلك بالاستعاضة عن العنصر البشري في عزف بعض الآلات بالعازف الآلي مُسبق التلقيم أو ما يسمى بالـ Sequencer مستعملاً آنذاك سيكونسر بدائي (مقارنة بالحالي) ولكنه كان رائعاً في أيامه وهو KORG - M1 . استغنى حميدة عن بعض الآلات الحقيقية Acoustic خصوصاً الإيقاعية الغربية منها، كما استمد منه أصوات الآلات النحاسية والبيانو، ووظفها للوازم الموسيقية والجمل التوزيعية البسيطة. أعطى استعمال هذا الجهاز ثباتاً إيقاعياً رائعاً، فمهما كان عازف الإيقاع ماهراً لن يكون بقدرة السيكونسر في الثبات على وزن واحد طوال الأغنية. هذا ما أعطى إنتاج الشاعري رونقاً مختلفاً عن العزف الاعتباطي.

شعبياً، نجحت أغاني الشاعري على نحو مذهل، بالرغم مما كان ينقصها من الآلات الحية التي لا يمكن تقليدها بالأجهزة الإلكترونية، فهو مثلاً لم يستعمل آلة الكمان الحية بالرغم مما لهذا الآلة من دور كبير في التوزيع واللوازم، واستعاض عنها بالنحاسيات وآلات الوتريات الإلكترونية. أما إنجازه الرائع فهو تلك التركيبة الإيقاعية الفذة التي فرضها على الأغنية العربية والتزم بها كل من تلاه. تألفت تلك التركيبة من الدرامز الغربي مع العديد من آلات الإيقاع الغربية الأخرى Percussions، أضاف إليها المزاهر الصعيدية والدفوف المكتومة والصاجات والتصفيق والباص الكهربائي قوي التأثير. أما الآلة الوحيدة التي كان يصر على استعمالها حية لوضع الكوردات في كل أغانيه فهي آلة الكيتار.

شباب آخرون في مصر كانوا يتسلقون درج التوزيع الموسيقي ببطء وصبر، أهمهم العبقري طارق عاكف، الذي بدأ مهنته الموسيقية كعازف على آلة الأورغ في فرقة نجوى فؤاد. في ذلك الوقت كانت فرقتان كبيرتان تتقاسمان الأعمال الموسيقية الضخمة على المستوى العربي هما الفرقة الماسية وفرقة هاني مهنا. ثم برز المايسترو حمادة النادي الذي ضم طارق عاكف إلى فرقته ونافس الفرقتين الكبيرتين على الحفلات العربية في مصر والسعودية وغيرها. وقد استقطب كبار عازفي الكمان المصريين مثل الدكتور رضا رجب، محمود الجرشا، سعد محمد حسن، وفؤاد رحيم.

يُتبِع ...

M. Daghum
31/01/2008, 20h12
ذلك كان على صعيد الحفلات الحية على المسارح، أما في الاستديو فقد اعتمد المطربون الخليجيون الشباب على المايسترو حمادة النادي في توزيع أعمالهم مشترطين وجود عازف الأورغ طارق عاكف الذي بهرهم بأسلوب عزفه المتميز المعتمد على أمور رئيسية أربع وهي: الخيال الواسع والتقنية العالية والإحساس المرهف الجميل والتوظيف الصحيح لأصوات آلته الغربية بما يتلاءم مع الأذن الشرقية التي لم تفقد خصوصيتها حتى الآن.


أعجب الموسيقار عمار الشريعي بأسلوب طارق عاكف، وضمه إلى الاستديوالخاص به، وهكذا بدأ طارق في عرض شخصيته الفنية مستعملاً تقنيات حميد الشاعري وتركيبته الإيقاعية وأسلوب تنفيذه، ناهلاً من عمار الشريعي إحساسه البديع بالموسيقا الشرقية، أضاف إليه طارق تقنيته وبراعته الخاصة التي اكتسبها عبر دراسته المستقلة للبيانو من خلال ميتودات راقية لأنه لم يكن آكاديمياً. ثم وظف براعته في توزيع وتنفيذ أغان خليجية للشباب مثل عبد الله الرويشد، وكانت البداية بأغنية "رحلتي" الشهيرة للرويشد، وقد أضاف طارق في مقدمتها كوردات بآلتي البيانو الغيتار أعطتها رونقاً محبباً وقدّم لأسلوب جديد في توزيع الأغنية الخليجية كان له الأثر الأكبر في نهضتها الحالية.

الأغنية المميزة التي دفعت المطربين الخليجيين للتوجه إلى طارق عاكف كانت أغنية "يا شمس لا تغيبي" للكويتي نبيل شعيل، حيث أظهر طارق فيها براعة ما زالت تستعصي على عازفي الأورغ هذه الأيام سيما في عزفه المنفرد (الصولو) الذي استعمل فيها التريوليت في أماكن يصعب على الموسيقي تخيلها. وكانت الإضافة الهامة التي أضافها طارق عاكف هي استعماله المختلف والمتميز لآلات الكمان الحية في اللوازم وبعض الجمل التوزيعية، وخصوصاً على صعيد الأغنية الخليجية المعاصرة التي تتميز لوازمها الحالية بروح واحدة كائنا من كان الموزع وهي روح طارق عاكف.


النجاح الشعبي الكاسح الذي حققته أعمال طارق عاكف أدى لاستقطابه لعدد كبير من النجوم العرب الخليجيين واللبنانيين والسوريين والمصريين، ودفع العمالقة السابقين لركوب موجة التوزيع الحديثة مثل وردة الجزائرية وغيرها. وزيادة الضغط على طارق أدت لبروز نجوم آخرين في التوزيع الموسيقي في مصر ولبنان وسوريا.


وبما أن المقال مخصص للأغنية العربية الحديثة فقد أغفلت موزعين هامين وعباقرة إلا أن مجالهم كان منحصراً في قوالب أخرى غير الأغنية الشعبية مثل زياد الرحباني وعمر خيرت ومارسيل خليفة وآخرين، أتمنى أن نعرض لهم في مقام آخر.


نهاية، يكاد يكون التوزيع الموسيقي الحديث هو بذاته عنصر نجاح الأغنية الأوحد ما خلا حالات نادرة، فالمطربة وردة الجزائرية ما كانت لتغني "بتونِّس بيك" لو أن الملحن أسمعها اللحن على عوده فقط. ودليل آخر هو الإحساس البالغ بسخف بعض الأغاني عندما يغنيها صاحبها مع آلة واحدة أو حتى مع فرقة بسيطة، لذلك يحرص كبار المطربين حالياً على وجود فرقة موسيقية ضخمة يمكنها عزف ماتم عزفه مسبقاً في الاستديو.



هوامش:
(1) – غنت فيروز ثمان أغنيات من ألحان محمد عبد الوهاب.
(2) – وزع الرحابنة لنجاة الصغيرة أغنية "دوّارين في الشوارع".
(3) – وزع الرحابنة لعبد الحليم حافظ أغنية "ضيّ القناديل".
(4) – قام الموزع البريطاني العالمي Ron Goodwin بتنفيذ وتوزيع أعمال رحبانية في أسطوانتين 33 دورة تضمنتا أربع وعشرين لحناً لحساب منظمة اليونسكو ما زال ريعها مرصوداً لصالح هذه المنظمة.
(5) – استعمل الفنان دريد لحام كثير من الألحان الواردة في الأسطوانتين السابقتين في أفلامه السينمائية ومسلسلاته التلفزيونية.
(6) – أندريه رايدر، مؤلف وموزع موسيقي من أصل أوروبي كان مقيماً في مصر، ألف موسيقا لعديد من الأفلام أشهرها "دعاء الكروان" لفاتن حمامة، "طريق الأبطال" لعماد حمدي وهند رستم، وفيلم (بين الأطلال) لصلاح ذو الفقار وفؤاد المهندس، وفيلم "الضوء الخافت" لأحمد مظهر وسعاد حسني وشويكار، وفيلم "اللقاء الثاني" أيضاً لأحمد مظهر وسعاد حسني، وفيلم "غروب وشروق" لرشدي أباظة، وغيرها الكثير. كان أيضاً يقوم بالتوزيع الموسيقي لملحنين مصريين وسودانيين، كان يساعدهم حتى في كتابة التدوين الموسيقي لألحانهم.


تمت.

الألآتى
01/02/2008, 05h45
الأستاذ القدير مراد داغوم ..

تحية تقدير وإحترام على مقالك الرائع عن تطور مراحل التوزيع الموسيقى فى عالمنا العربى ..

وإسمح لى ياسيدى أن أناقشك فيما جاء فى مقالك ..

لقد بدأت ياسيدى مقالك بنقد الشكل الغنائى الشرقى .. معللاً أسباب تخلف الغناء العربى بالإتجاه الشديد إلى التطريب وخنق العنصر الموسيقى ( على حد تعبيرك ) ..

هيا بنا نناقش هذه الجزئية أولاً :

أنا معك تماماً بأن عنصر التطريب كان غالباً فى النصف الأول من القرن العشرين ..

بالفعل كان هناك تسيد للطرب على حساب الموسيقى ..

ولكن .. ألا ترى ياسيدى أن هذا زمان .. يجب أن نقبله كما هو .. فالتطريب كان سمة العصر .. وكان مقبولاً أنذاك .. كما أن الألآت الموسيقية المتوفرة فى الشرق أيامها .. كانت محدودة جداً بحيث لا تستطيع الإشتراك فى أى نوع من التوزيع الموسيقى .. وجاء التطور طبيعياً مع مرور الوقت وإنفتاح بعض الموسيقيين على الموسيقى الغربية .. ولا يجب أن نغفل أن هناك بعض الموسيقيين حاولوا الإنفتاح على الموسيقى الغربية فى أوائل القرن العشرين .. مثل سيد درويش .. برغم عدم وجود الإمكانيات المتوفرة اليوم ..

وإذا كنا ننقد زمن التطريب .. فلأننا نعيش فى زماننا هذا .. وإذا كنا نعيش فى زمانهم لما نقدناهم ..

هناك جزئية أخرى أحب أن أناقشها معك ..

فلقد ذكرت حضرتك فى معرض حديثك ( أكّد الموسيقيون العرب وحتى بداية ثمانينات القرن العشرين على الطرب والتطريب )

أرى أنك ياسيدى أغفلت مرحلة كبيرة ومهمة جداً فى عمليات التطور .. فلماذا حددت بداية الثمانينات لبدء النهضة الموسيقية .. أين الستينيات .. التى كانت من أهم مراحل النهضة الموسيقية .. وفيها إستمعنا وإستمتعنا بكل ماهو جميل فى عالم الموسيقى والفن عموماً .. لقد قفزت ياسيدى بالزمن إلى الثمانينات حتى تصل إلى موزعين بعينهم .. مغفلاً دور الموسيقيين من الأجيال السابقة ..

أين على إسماعيل .. الذى كان له دور كبير فى تطوير الموسيقى الشرقية ووضعها فى قالب أوركسترالى وتوزيعى جديد ..

إن معظم أعمال على إسماعيل .. ( توزيع للأغانى ، موسيقى تصويرية ، موسيقى بحتة ، ألحان لفرقة رضا .. ألخ )

كانت فى الستينات .. فإذا كنت ترى أن النهضة الموسيقية بدأت فى بدايات الثمانينات .. إذن .. أنت لاتعترف بعلى إسماعيل وأقرانه .. أليس كذلك .

وإذا كنت ترى أن أندريا رايدر .. موسيقى غربى عاش فى مصر .. فأنا أعتبره موسيقى مصرى .. لأنه عاش فى مصر مدة زمنية تكفى لجعله مصرياً .. ولقد تعامل أندريا مع الموسيقى الشرقية بما فيها من ثلاثة أرباع التون .. وإستخدم أيضاً الألآت الشرقية مثل القانون والناى والعود .. ألخ .. إذن هو مصرى برغم جنسيته الأرمنية أو اليونانية .. لا أتذكر .

بالطبع لا أستطيع مناقشة كل ماجاء بمقالك فى رد واحد لذا سأكتفى بهذه النقاط للنقاش .. ونواصل مناقشة باقى النقاط فيما بعد ..

ملحوظة : أرجو ألا تعتبر نقاشى هذا من قبيل التسفيه أو التقليل من شأن مقالك .. وإنما هى مجرد مناقشة الهدف منها إثراء المعلومة وزيادة الإستفادة ..

M. Daghum
01/02/2008, 09h06
الفاضل الآلاتي
مرحبا بك، وشكراً على تقريظك اللطيف. :emrose:

بكل تأكيد أنا معك بأنه علينا أن نقبل زمن التطريب كما هو، وأرجو ألا تفهم من كلامي أنني كاره له، وهائنذا أؤكد لك العكس بقولي أنني من هواة سماع ما أنتجه أولئك الرواد. وعندما أبدي رأياً اليوم فيما قدموه قبل عقود فهذا الرأي بالتأكيد نابع عن قناعات أخرى لا تنفي إعجابي ببعض مواصفاته. و نعم، سيد درويش كان مختلفاً، ومن أهم ميزات فنه هو اعتماد الجملة الميلودي الرشيقة والابتعاد قدر الامكان عن التعقيد في الأداء، ولكنه فريد فيمن عاصره ومن تلاه، ولا يمكن اعتماد فنه قاعدة بل استثناء، واستثناء وحيد كما أسلفت.

ما أردت أن أبينه ستجده في الجزء الأول في العبارة التالية: (لذلك اجتهد مطربو تلك الفترة أن يكثروا من العُرب الصوتية حتى لتخال - أحياناً - اجتهادهم مجرد تقليد سيّء لثغاء مِعزة). وذلك كان لإرضاء الملحنين الكبار أولاً، ولاستعراض مقدراتهم ثانياً. هذا الأسلوب أثر على المستمع غير الفنان وجعله يتمسك بهذه القاعدة حتى بداية الثمانينات وعنيت بذلك بكل أسف "انقراض" أصحاب الطرابيش كما نسميهم هنا وهم المتمسكون بتلك القاعدة (هذا وصف وليس تعييراً)، فالجيل الجديد الذي نشأ على أغنيات الستينات التي قل فيها نسبياً اعتماد تلك القاعدة بدأ يتقبل الأسلوب الجديد بلا عقبات كلاسيكية.

من هنا اعتمدت الثمانينات كبداية، ولكن ليس للتوزيع بل لتقبل المستمع العربي للجديد بلا ممانعة، نسبياً أيضاً.

أما حول قولك: (وإذا كنا ننقد زمن التطريب .. فلأننا نعيش فى زماننا هذا .. وإذا كنا نعيش فى زمانهم لما نقدناهم) فنحن ننقد ما هو بزماننا أيضاً، ولكن في موضع آخر إذا وافقتني.

الجزئية الأخرى التي عرضت لها أيها الكريم هي بخصوص الستينات وعلي اسماعيل، أوافقك أنني قفزت عن هذه المرحلة لأنني -كما لاحظت- لست بصدد أشخاص بعينهم. خذ مثلاً أغنية "أعز الناس حبايبنا" وهي ليست من الثمانينات، ولعلها الأغنية الوحيد لعبد الحليم حافظ التي تم توزيعها بهذا الشكل الجميل، من توزيع حلمي مراد أو منير مراد (هالجوز بيلخبطوني دايماًُ http://melbourne.citysearch.com.au/film/viewContent/1119945819565/images/general/smile_icon.gif ). وباختصار، فأنا أردت الحديث عن التوزيع للأغنية العربية الحديثة ، وما طرحته من مقدمات كان تمهيداً وليس استعراضاً لحصر جميع الموزعين.

ولكن ما المانع من أي إضافة أخرى تراها أيها الصديق مفيدة للموضوع؟ وما رأيك أن نجعل هذه الصفحة مجالاً للاستزادة من معارف الأصدقاء هنا بهذا الخصوص وأنت أولهم؟ وكما قلت لإثراء المعلومة. هذه دعوة لك للحديث عن الأستاذ علي إسماعيل ودوره في التوزيع الموسيقي للأغنية العربية.

نظرتك لأندريه رايدر أحترمها، وأقبل معك كونه مصرياً وما المانع؟ فالموسيقا المصرية أفادت منه.
أنا متأكد أن مداخلاتك هنا هي لإثراء المعلومة وزيادة الاستفادة، وأتمنى ألا تضن علي بأي مناقشة تراها مفيدة.

شكراً لك، أنتظر مزيداً من آرائك وزياداتك حول الموضوع، فالمعرفة يا صديقي تكاملية وليست محصورة بفرد.
:emrose:

الألآتى
01/02/2008, 09h56
حاشا لله ياصديقى أن يكون كلامى من قبيل التقريظ .. فلقد أكدت عكس ذلك فى ملحوظتى فى الرد السابق ..

فأنا أحترم أى شخص يعطينى معلومة .. أو يبذل جهداً فى محاولة توصيل قدر من المعلومات للغير ..

سيدى مراد بك المحترم ..

لقد لاحظت فعلاً أنك قفزت إلى منطقة الثمانينات مباشراً .. وفهمت أنك تنوى الحديث عن العشرون سنة الأخيرة من القرن العشرين ..

وواضح من سنك ياصديقى .. أننا من جيل واحد .. لذا سيكون نقاشنا مجدياً بإذن الله ..

أما عن على إسماعيل .. فهذا كان مجرد مثال عن الموسيقيين الدارسين اللذين أثروا حياتنا الموسيقية فى هذه الحقبة ..

وإن شاء الله سأعمل على تحضير مقال عن على إسماعيل وغيره إذا سنحت لى الفرصة ..

فى معرض حديثك ياصديقى .. أثرت موضوع تقليدية الملحنين قبل الثمانينات .. وإعتمادهم الغالب على التطريب دون الموسيقى ..

ورداً على هذه الجزئية .. سأسوق لك مثالاً .. أنا شخصياً أراه عمد إلى التطور عندما سنحت له الفرصة ..

الموسيقار رياض السنباطى ..

رياض السنباطى ظهر فى مرحلة التطريب وآمن بها وبرع فى هذا اللون .. ذلك عندما كانت الفرقة الموسيقية عبارة عن تخت شرقى يحوى أقل عدد من الألآت ..

ولكن أنظر لأعماله الأخيرة .. مثل الثلاثية المقدسة وأشواق وأين حبى ..

هذه الأعمال سنجد أنها نُفذت بأوركسترا كامل .. وكان بها من الكونتربوينت والبوليفونى وغيرها من أشكال الهارمونى ..

هذا غير الجمل الموسيقية واللحنية الفخمة التى نسمعها فى السيمفونيات الشهيرة .. مع الإحتفاظ بشرقية هذه الأعمال ..

نعم .. إن رياض السنباطى لم يخرج عن جلده .. وإنما طور موسيقاه حسب المتاح من الألآت والإمكانيات ..

لم نسمع أن رياض السنباطى لجأ لموزع لموسيقاه .. عكس عبد الوهاب الذى لجأ للموزعين ..

هذا مثال أخر غير سيد درويش .. بالطبع كان سيد درويش إستثناء فى عصره .. ولكنه إستخدم المتاح من الألآت الموسيقية الموجودة .. ولكنه حاول التطوير فى الألحان نفسها ..

ولدينا بعض الموسيقيين غير هؤلاء اللذين ذكرتهم ..

فهناك فؤاد الظاهرى .. صاحب أشهر مقطوعة تم إستخدامها فى السينما المصرية طيلة عشرون عاماً أو يزيد ..

هى مقطوعة ( الأرض الثائرة )

ولدينا أيضاً عبد الحليم نويرة وإبراهيم حجاج وحسين جنيد ..

وسنجد الفارق بين الموسيقيين اللذين عاشوا فى مصر لم يغادروها وبين هؤلاء اللذين درسوا أو عاشوا فى بعض الدول الغربية ..

هذا الفارق الذى جعلنا نسمع كل الألوان .. الشرقية والغربية على حد سواء ..

فنجد على إسماعيل وأندريا رايدر يستخدمون الألآت الغربية بكثرة فى أعمالهم ( النحاسية والخشبية ) ..

ونجد فؤاد الظاهرى مثلاً يصر على إستعمال الألآت الشرقية فى موسيقاه ..

والحديث يطول .. عذراً ..

M. Daghum
09/02/2008, 23h28
الأستاذ "صوت الموسيقى" :emrose:
شكراً لمجاملتك الرقيقة.


الأستاذ أبو حسام :emrose:
التقريظ هو الكلام الجميل.
أعود وأؤكد لك أن الكلام كان بخصوص التوزيع الحديث كما هو واضح من عنوان المقال، وقلت في الجزء الأول أن "النظرة المختلفة لأعمال الجيل القديم لا تقلل من شأن هؤلاء الرواد. لكنني أستاذي أردت عقد مجرد مقارنة بين ما تم توزيعه في ذلك العهد وبين ما يتم توزيعه حالياً ولعلك تلاحظ معي فارقاً عظيماً وهو أن التوزيع الحديث يستند إلى الهارموني ولكنه يبرز دور التوزيع الآلي أكثر وهذا بالتأكيد نقطة في صالح الأعمال الموزعة قديما حيث كان التوزيع معتمداً على بناء أو إكمال اللحن إلى رباعية أصواته المتكاملة تماماً، هذا لا تجده في كثير من التوزيعات الحديثة التي لا تعطيك رباعية الصوت أحياناً إلا بكوردات الكيتار.

كنت أتمنى منك التعقيب على كلامي بخصوص حميد الشاعري في كونه نقل الأغنية العربية نوعاً إلى مستوى أفضل (كتنفيذ وتوزيع آلي أكثر منه هارموني)، بالرغم من استناده إلى قواعد الهارموني الأساسية. وأن بقية الموزعين الذين لحقوا به مثل عاكف والفايد ... هم أيضاً لهم آثارهم الواضحة على التوزيع الحديث للأغنية العربية الذي هو -كما أسلفت- مختلف تماماً عما سبقه.

أوافقك فيما قلته عن السنباطي ودوره في التحديث، لكنني وبالرغم مما تضمنته (الثلاثية المقدسة) من بوليفوني لم أجد أنه يتعدى البساطة المتعارف عليها ويدل على رغبة منه في اعتماد شكل جديد في التقديم ولكن لا يؤدي إلى قناعة بطرح السنباطي كموزع.

أشكرك على المعلومة بخصوص فؤاد الظاهري.
أيضاً، عبد الحليم نويرة. أعشق تنفيذ هذا الرجل، وأحتفظ ببعض تسجيلات ما وثّق هذا الفنان من تراث عظيم، خصوصاً أسطوانة فنان الشعب سيد درويش.

نعم يا سيدي، كما قلت: الحديث يطول.
والحديث معكم ممتع.
زيدونا من فضلكم.
:emrose:

الألآتى
10/02/2008, 05h45
الأستاذ مراد ..

أشكرك على توضيح معنى لفظ ( تقريظ ) .. وأعذرنى .. لأنى موسيقى ولست متبحراً فى اللغة العربية ..

المهم ..

بالتأكيد كنت سأناقش معك جزئية حميد الشاعرى وماتلاه من موزعين .. ولكنى كنت أسير مع جزئيات وعناصر مقالك خطوة بخطوة ..

بالنسبة للسنباطى .. أوافقك فى أنه لا يُعتبر من الموزعين .. ولكنه إستفاد من التطور فى الألآت وأدوات التسجيل وتعامل مع الهارمونى بشكل أعتبره جيد ..

أما عن حميد الشاعرى ..

أرى أنه من الطبيعى أن يتعامل حميد مع التقنية الحديثة وماحدث من طفرة كبيرة فى تقنيات التوزيع الآلى .. لأن حميد وجد نفسه فى هذا العصر .. ولا أنكر بالطبع دوره وزملاؤه فى البحث عن كل جديد ومحاولة فتح أفاق جديدة لخدمة الموسيقى الشرقية ..

وإسمح لى ياسيدى .. أن أعود مرة أخرى للتطور الطبيعى الذى حدث بالنسبة للتوزيع وإستخدام التقنية الحديثة ..

حضرتك تفضلت بعرض حقبتان زمنيتان للدلالة على التغيير الذى حدث بالنسبة للتوزيع ..

بدأت بحقبة زمنية قديمة ( أوائل القرن العشرين ) ثم قفزت بحديثك إلى حقبة حديثة ( نهايات القرن العشرين )

وأنا أرى أنه كان يجب أن تتحدث عن الحقبة الوسطى .. فهى حلقة الوصل بين القديم والحديث ..

والأمر جاء طبيعياً جداً .. فمنذ بدايات القرن العشرين حيث الموسيقى والغناء الفردى والإعتماد على الطرب .. حدث التطور بشكل طبيعى .. وظهر المجددون شيئاً فشيئاً حتى وصلنا لنهايات القرن .. إذن المسألة ليست طفرة مفاجئة ..

وإذا أغفلنا المنطقة الوسطى من القرن العشرين .. ووصلنا لحميد الشاعرى .. لوجدنا أنه وزملاؤه إعتمدوا على الإستفادة من التقنية الحديثة فى الألآت والأجهزة دون أن يواكب ذلك التطور فى الهارمونى والكونتربوينت بما يلائم العصر .. صحيح أن هناك محاولات من ( هانى مهنا وطارق عاكف وعمار الشريعى .. ألخ ) لإعادة توزيع الأعمال القديمة بشكل جديد .. ولكن هذا لم يتبلور إلا منذ سنوات قليلة .. ومع عمار الشريعى بالتحديد ( رأفت الهجان والزينى بركات ومسلسل أم كلثوم ) حيث عمد الشريعى إلى إستخدام التقنية فى الألآت مع عدم إغفال أساليب وأشكال التوزيع الموسيقى ..

ولا ينبغى علينا إهمال دور أى مجدد مهما تضاءل دوره فى التجديد .. فهى سلسلة لابد منها .. والمجدد يأخذ مما قبله ..

فحميد الشاعرى وزملاؤه لم يبدأوا إنطلاقهم بدءاً من القصبجى وزكريا وعبد الوهاب .. وإنما إستلموا الراية من الظاهرى وعلى إسماعيل وأندريا رايدر وغيرهم .. وأضافوا الجديد مع مراعاة روح العصر ..

أشكرك أستاذى مراد .. وأنا موجود معك للنهاية ياصديقى ..

Hisham Khala
25/05/2008, 05h12
B]ليس بالبوليفونيا و الهارموني فقط يقاس تطور الموسيقي و تحديثها
أنا من عشاق الكونتربوينت و الهارموني و لكن ليس بهما فقط تتطور الموسيقي للأسباب الآتية:
1. لكل موسيقي خصائصها التى تتميز بها فموسيقي الشرق الأوسط تتميز بتعدد مقاماتها بينما الموسيقي الغربية لا تملك أكثر من مقامين و قد يستعير بعض الموسيقين الغربيين بعض مقاماتنا و قد نعتبر هؤلاء الموسيقيين مجددين عندما يستخدمون مقام مثل مقام الحجاز (تشيكوفسكي في مارش العبيد و موتسارت في أكثر من سيمفونية و كونشرتو) جنس الصبا بوسيليك (رحمانينوف في كونشرتو 2 للبيانو الحركة الثالثة).
2. اللحن الأساسي (الميلودي) هو القماشة الأساسية لأي عمل موسيقي و ثراء الميلودي و التنقل من مقام لآخر و التنوع (Variation) يعتبر تطويراً
3. بلاد أخري تستخدم السلم الخماسي فقط في صنع ألحانها الشعبية و لا يجوز وصمهم بالتخلف.
4. الموسيقي الهندية عامة تخلو من البوليفونيا (بالطبع بعض الألحان تم إدخال الهارموني عليها كما الحال في العديد من الأعمال العربية)
5. الإيقاعات لها دور عظيم في تطور أي موسيقي: الإيقاعات العربية و جنوب أمريكا و الهندية تتفوق على الإيقاعات الغربية.
6. تطوير القوالب الموسيقية و الأداء السريع للألحان و إدخال المسرح الغنائي و الأوبريتات.
7. إدخال آلات جديدة على التخت الشرقي بدء من أوائل القرن العشرين.
8. التجديد في الصياغة اللحنية على يد سيد درويش و داود حسني و القصبجي و زكريا أحمد و عبد الوهاب و السنباطي و مدحت عاصم و ...و استخدام الإيقاعات السريعة و الزخارف اللحنية و التنويعات المقامية و الإنصراف عن تلحين كل كلمة على إنفراد و الإتجاة إلى تلحين الشطرات الشعرية (مثال: قارن بين دور أنا هويت و طقطوقة زوروني كل سنة مرة و نشيد بلادي و كيف تم تلحين الكلمة في كل منهم)
9. أستعان كل من فريد الأطراش (ب مسيو ألمانظو) و عبد الوهاب (ب عبود عبد العال و أندريا رايدار و على اسماعيل ...) و بليغ حمدي و الموجي و ... (ب إندريا رايدار و على إسماعيل) لتوزيع ألحانهم .
10. الألحان الشعبية المصرية فيها بوليفونيا (المزمار الطويل بيعزف باصات) ، كما أن آلات التخت الشرقي ليست من طبقة صوتية واحدة و يمكنها عزف البوليفونيا (أسمع طقطوقة ما دام تحب بتنكر ليه للقصبجي ستجد أن الإيقاع المصاحب للأغنية كله منغم) و أسمع أغنية جفنه علم الغزل لعبد الوهاب.
11. أعذروني في هذا الرأي ، مصطفي ناجي موزع موسيقي رائع بدون أدني شك و قام بتوزيع العديد من الألحان الجميلة و لكن عندما قام بتوزيع أغنية مصر التى في خاطري ، أنا أنزعجت بشدة و أفضل سماعها كما لحنها رياض السنباطي ، و كثير من الألحان تتألق بالتوزيع و كثير منها أيضاً يضره التوزيع فقد تكون الآلات النحاسية و التمباني غير مناسبة حتى للأغنية الوطنية.
12. تطوير أسلوب العزف (أسمع الكمان في رسالة من تحت الماء و الجيتار في مقدمة الكوبلية الثالث ، و الجيتار في مقدمة دارت الأيام لعبد الوهاب و أعمال بليغ (موعود) و أسمع الساكس في أغاني عبد الحليم و أم كلثوم و أسمع الفرق التركية و تكنيك العزف على الكمان و القانون.
13. أعمال د.جمال عبد الرحيم و أبوبكر خيرت كلها أعمال مكتوبة للأوركسترا و الكثير منها فيها تيمات من الألحان الشعبية (عطشان يا صبيا) و قد ولد د.جمال عبد الرحيم (رحمه الله) من التيمة عدة تيمات رائعة (قد أكتب هذا اللحن مبسط و أرفعه فيما بعد)
14. التوزيع الموسيقي يعتمد أساساُ على الدراسة و الخبرة و النشاط الذهنى بينما التلحين يعتمد أساساً على الإبداع ثم الدراسة و الخبرة.
15. الخلاصة علينا أن نحرص على التطوير الذي يناسب أعمالنا الفنية و أخذ ما يناسبنا من أساليب من موسيقي العالم كله .
د.هشام خلف[

الألآتى
25/05/2008, 10h55
أوافقك تماماً دكتور هشام فيما جاء بمقالك الثرى ..

صحيح أن تطوير الموسيقى المحلية لا يكون فقط بإتباع الأساليب الغربية .. حيث لكل مجتمع موسيقاه وأسلوبه المميز ..

وقد جاء بمقالك بخصوص الموسيقى الهندية .. أنها خالية من الخطوط الموسيقية الإضافية ( بوليفونى ) .. وأحببت أن ألفت نظر حضرتك إلى ضرورة سماع أغانى وموسيقى الأفلام الهندية فى عصرها الذهبى .. وخاصة أفلام ( سانجام وسوراج والفيل صديقى ) .. حيث ستجد فيها الأساليب الهارمونية والخطوط اللحنية المتعددة .. سواء كانت رأسية أو أفقية ..

ويحضرنى الأن تجربة على إسماعيل فى إستلهام الموسيقى الشعبية المصرية وإخضاعها للتطوير .. ويتضح هذا فى أعمال فرقة رضا للفنون الشعبية .. فلقد قام هذا العبقرى بتعريفنا بموسيقانا الشعبية وأدخل عليها العديد من أساليب التوزيع الغربى .. وفى الوقت نفسه لم ينتقص من محليتها ..

وفيما عدا ذلك .. فأنا أوافقك فيما تفضلت بذكره ..

dwidar
08/09/2015, 21h00
تصحيح القصبجي صاحب لحني يا طيور لاسمهان و قلبي دليلي لليلى مراد
و علي اسماعيل هو موزع اعز الناس لعبد الحليم حافظ
تعليقي 9-2015 !!!!