المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لحظات زمنية فى رحلة سنباطية الى المدينة الكلثومية فالذكرى السنوية


احمدعلى
26/01/2008, 06h24
بقرب انتهاء شهر يناير ودق أبواب شهر فبراير على أبواب الزمن أهدى هذا اللقاء لضرة الزمن أم كلثوم فى ميعادها ال38 والذكرى وفاء وكل مصرى وعربى سمعها واحب صوتها لاينساها هذا اللقاء بين يحاور فيها الكاتب الكبير أنيس منصور الموسيقار الكبير الأستاذ رياض السنباطى عام 1975 بعد وفأة السيدة ام كلثوم رحمها الله
ويتضمن هذا الحوار كيفيه تلحينه لأم كلثوم
خلافه مع أم كلثوم
رأيه فى أغانى أم كلثوم
الفرق بين أم كلثوم ومنيرة المهدية
اللحن الذى استهلك فيه 80 سيجارة ولم ينجح جماهيريا لأم كلثوم
اللحن الذى خاف منه وخافت أم كلثوم أن تغنيه وأجلت موعد غنأه بعد نشر الصحف انها ستغنيه وبعد ذلك نجح نجاح منقطع النظير
اللحن الذى لحنه فى ثلاث ساعات فقط شئ روحانى
رأيه فى الالحان الأخيرة لأم كلثوم
كيف كان يسمعها ألحانه لها ؟؟
ما الذى يميز صوت أم كلثوم عن الاخرين
لماذا لم يحضر أى حفل لأم كلثوم
الحفل الوحيد الذى صاحب فيه أم كلثوم بقيادة الفرقه الموسيقية

وهذا ما سيعرفه كل متذوق للفن الراقى ومتعطش لمعرفة المزيد عن شخص أم كلثوم وكيف كانت تتم الألحان التى شدت أمتعتنا ومازلت تمتعنتا بها .. بعد قرأته لهذا الحوار........
لقاء الأستاذ أنيس منصور يحاور الموسيقار الكبير :رياض السنباطى
هكذا يروى الأستاذ أنيس أحداث اللقاء الشيق: قلت للأستاذ السنباطى فى اخر لقاء لى مع أم كلثوم اعترفت لى بأنك الوحيدالذى يستطيع أن يتذوق الشعر وأن يلحنه.. وأنها تستريح الى ذلك..
وكان رد رياض السنباطى أ هذه حقيقة، وأنه لايتذوق القصيدة أو البيت فقط،وانما يتذوق الحروف.وأن هذا الاحساس الشديد بالكلام الجميل هو الذى جعل أم كلثوم تعطيه أكثر من ثلثمائة أغنيه شاركت فالجناح الكبير لأم كلثوم.
سألت رياض السنباطى: هل يمكن أن تصف لى هيئة التلحين..أو هيئتك وأنت تحلن لأم كلثوم؟ هل كنت تلحن لها فى بيتك ثم تسجل اللحن على شريط وتبعث لها بهذا الشريط؟ ألم يحدث أن طلبت منك أم كلثوم أن تغير عبارة أو فكرة لحنية؟وهل كنت تلحن مطلع الأغنيه وتدندنه فى التيلفون وبعد ذلك تمضى فى اكمال اللحن؟ لابد أن هذا الائتناس بأم كلثوم عنصر هام فى الهيئة العامة للحن كله بعد ذلك؟
وكان هذا هو الموضوع الذى يريد رياض السنباطى أن يتكلم فيه رغم كل الظروف النفسية الحزينة التى يمر بها..فقال:أم كلثوم الله يرحمها كانت تأنس لى جدا وكانت تستريح الى وجودى بالقرب منها .. لا كملحن ولكن كصديق .. فلم تكن تعاملنى كأى ملحن يسجل لها اللحن على كاسيت ويتركه لها ويجرى مع احترامى لكل الزملاء الملحنين ..لافأكثر ألحانى كانت تتم عندها فى البيت.
كنت اخذ كلمات الأغنية وأعود بها الى بيتى .. وتطلب منة أن ألحن المطلع.. وأكلمها فى التيلفون: يا أم كلثوم أنا عملت المطلع فتقول لى : طيب .. تعال يارياض..وأروح لها البيت وأسمعها اللحن وتقول لى :عظيم .. أكمل اللحن.. فأترك كل ماعندى من أشغال أخرى لكى أكمل اللحن بالصورة التى ترغبها.. وكانت لنا طريقة خاصة فى الجلوس عندها فى البيت..عندها كنبة.. أنا أجلس على اليمين .. وهى تجلس على اليسار..وأظل أدندن على عودى..وأغنى وهى تقول: كويس .. جميل .. استمر.. وكنا نجلس من الساعة العاشرة صباحا حتى الثانية عشرة مساء.. ولاأحد معنا.. وانما حالة الطوارئ أعلنت فى البيت كله .. لا صوت..ولا تيلفونات.. بل ان زوجها د.حسن الحفناوى وهو رجل ذواقة كان يستأذن فى الجلوس بعض الوقت لكى يسمع.. ثم يتمنى لنا التوفيق ويخرج وكانت تقول لى : هل نأتى لك بغذاء.. فأعتذر عن ذلك.. لأنى أخاف ان أكلت أن أنام.. وكانت هى تقول : أنا أكسب رياض ولا داعى للغذاء.. وأجمل من كل طعام عندنا هو نجاح اللحن.
هل صحيح أنك تمضى الأيام وأحيانا الشهور فى تلحين أغنية واحدة ؟..الى هذه الدرجة ترهق نفسك أو تذيبها فى تلحين أغنيات أم كلثوم؟
_ لابد أن يحدث للفنان شئ من هذا القبيل.. ان بعد الأغانى تستغرق وقت طويل فى تلحينها .. ولكن هناك أغنية لما تستغرق منى ثلاث ساعات هى أغنية (نهج البردة) لدرجة أن أم كلثوم لم تصدق أننى نجحت فى ذلك فلما أسمعتها مطلع الأغنية بكت أم كلثوم.. ولما سألتها عن سر هذا البكاء الشديد قالت :انها هزتنى من أعماقى.. وأنا أعترف لك أننى لا أعرف كيف لحنت نهج البردة.. وانما والله على ماأقول شهيد ،كنت أستمع الى صوت داخلى وأنا أردد وراءه.. لهذه الدرجة.. فأنا لم ألحنها،وانما أنا رددتها وراء صوت سماوى فى داخلى..
هل العلاقات التى بينك وبين أم كلثوم كانت تسمح لك بأن تبدى رأيك فى ألحان غيرك من الملحنين..أوهل أسمعتك بعض ألحان الأخرين؟

حدث مرة أن طلبت منها أن أستمع الى ألحان الملحنين الجدد، قبل أن تغنيها أم كلثوم..حدث فعلا..ولكن أم كلثوم غضبت جدا..واختلفنا ووعدتها ألا أطلب منها ذلك مرة أخرى.. بل انها قالت لى :وهل أنا أطلب اليك أن تغير فى ألحانك..اننى لم أتدخل فى شئ من ذلك.. وهل تتهمنى فى ذوقى.. وغضبت .. فقد طلبت منها وبمنتهى الحذر والخوف على ألا أجرح شعورها ..وقلت لها : لا باسم الصداقة.. ولا باعتبارى ملحن لك.. وانما باعتبارى ذواقة.. أو باعتبارى مواطنا عاديا يحبك.هل أرجوك فى أن أسمع بعض هذه الألحان قبل أن تغنيها ؟ وكانت حكاية .. لم أنسها لأم كلثوم ، ولا هى نسيتها ، رحمها الله.. مع أننى لما أطلب اليها مطلقا أن تسمعنى ألحان زكريا أحمد أو محمد القصبجى قبل أن تغنيها .. فكلاهما أستاذ متمكن من فنه.. وانما فقط الألحان الأخيرة ..

اذن أنت ترى أن الألحان الأخيرة لا ترقى الى مستواك، أو مستوى زكريا أحمد أو القصبجى؟

طبعا .. ولكن فقط عندما بدأت تأخذ ألحان الشباب : كمال الطويل وبليغ حمدى وعبد الوهاب.

أنت ترى أن عبد الوهاب من الشباب؟

ولكنه حاول ذلك فى أغانيه.. فقد جعلها راقصة.. ولا بد أن جعلها كذلك ليهز مشاعر الناس.. انه أراد أن يرضى الجمهور طبعا، عبد الوهاب أستاذ وقمة وأم كلثوم قمة، والتقاء عبد الوهاب وأم كلثوم هو التقاء أجمل صوتين فى الغناء العربى .. ياسلام لو رجعت لأغانى عبد الوهاب القديمة.. وخصوصا أغنية : عندما يأت المساء..أو الجندول..انها قمم.. فلقاء عبد الوهاب وأم كلثوم الذى أشتاق اليه الناس قد هزهم.. عبد الوهاب يعلم ذلك.. ولذلك عنده أنغام راقصة.. ربما كانت هذه الترقيصات غير ضرورية ، بل ان اللحن لايقتضيها مطلقا ولكن عبد الوهاب يريد ارضاء الجمهور.. فهو قد أعطى لأم كلثوم ثوبا شابا.. وهذا الثوب قد أرضى الجمهور وأسعده لأن جمهورنا طيب وسميع ومرح ولما تعمله حاجة ترقصه يعمل هيصة..

ولكن الملحن محمد الموجى لما يلجأ الى ترقيص الأنغام ثم ان أم كلثوم رأيها فالموجى أنه ملحن مصرى صميم وأنه لا يأخذ من غيره؟

الموجى له حاجات.. حاجات شعبية.. ولكن الموجى ليس قمة .. وانما أنا أتحدث عن القمم، وليس معنى ذلك أننى شخصيا قمة أنا شخصيا لى حاجات لا تعجبنى.. وأنا لم أجد بصراحة الملحن الذى يعطى لأم كلثوم عملها وتفكيرها واحساسها المرهف وخصوصا هذا اللون الذى أقدسه، ثم تقوم هى باملائه على الشعب الذى يتذوق كل ماتقوله أم كلثوم .واستمرارا فى محاولتى أن أهبط بدرجة حرارتنا معا الى الدرجة التى نستطيع فيها أن نزن الأشياء ، قلت له وكأننى ألقيت عليه دشا باردا ضروريا فى مثل هذه الأحوال : هل أم كلثوم فى عصرنا الأن تساوى منيرة المهدية من خمسين عاما. لقد كانوا يسمونها سلطانة الطرب..؟

واعتدل رياض السنباطى ولم ذراعيه وقد أفاق قليلا..ولم يكن فى نيته أن يفعل شيئا من ذلك ولا يجب، وقال :لا..لا سيدى أنا لست صغيرا فالسن..

ولم يشأ أن يقول متى ولد؟!

وعاد يقول: لقد لحنت لمنيرة المهدية.. اشتركت مع داود حسنى وكامل الخلعى فى تلحين أوبريت سميراميس لمنيرة المهدية وكانت هذه الأوبريت من ثلاثة فصول.. وكل واحد منا لحن لها فصلا.. ولحنت لها أغنيات كثيرة .. ومنيرة رحمها الله كانت صوتا قديرا.. صوتا جدا جهوريا .وانما صوتها ليست لها (فرامل).. وكانت لا تستطيع أن تقفل صوتها وانما فى كل مرة تحاول أن تقفله يهرب منا.. صوتها سايب..
منيرة كلها سايبة؟

صحيح .. يعنى أريد أن أقول لك ان ختام الجملة .. أو القفلة الغنائية كانت أم كلثوم تقفلها مثل ( الباكم) عند القطار.. أو قى المترو .. هذا القفل المحكم القوى..لاوجود له عند منيرة المهدية.

ماهو الفرق بين الاثنين فى نظرك ؟ وأنا يهمنى جدا أن أعرف ذلك .. فأنا لم أسمع منيرة المهدية.. ولكن كنت أسمع من أبى أن صوتها جميل .. وكان أبى ذواقه فى الغناء.. وذواقة للكلام الجميل فقد كان شاعرا ولم أكن أفهم فى ذلك الوقت لماذا كلما جاء اسم منيرة المهدية يضحك الناس.. ولكنهم لايشجعون الصغار على أن يذهبوا لسماع حفلاتها.. وكنت أتصور أن سبب ذلك أن سهراتها تستمر حتى الصباح .. والصغار يجب أن يناموا فى ساعات مبكرة ..؟

ورد رياض السنباطى هناك فرقا كبير جدا..جدا..جدا..فى الثقافة وفى جوهر الصوت فمنيرة سلطانة الطرب فعلا،لأنه لما يكن هناك أحد سواها فى ذلك الوقت.. ولكن أم كلثوم هذه لايمكن تعويضها،وانها شئ أخر ربنا سبحانه وتعالى قد أعطاها لنا والله خلقها والسماء صافية والأضواء باهرة ومزجها مع ضوء القمر وضوء الشمس وقطرات الندى وزفها الى الأمة العربية. ولم أفلح فى أن أعرف بسرعة من الأستاذ رياض السنباطى بالضبط ماالذى تساويه أم كلثوم وحدها أو بالمقارنة بالمطربات الأخريات..لقد رفض المقارنة.. ورفض السؤال من أوله لأخره وأضاف..سعاد محمد عملاقة .. ولكن بكل أسف الحظ لا يواتيها ولا تسألنى عن الحظ.. ممكن واحد يدفع جنيه فيكسب خمسة ألالاف جنيه ..وممكن يدفع خمسة ألالاف جنيه فلا يكسب حتى الجنيه..
أما فيروز فهذه شئ أخر.. احساس ومشاعر..بل شئ فوق الاحساس والمشاعر.عندما أسمعها فاننى أستمع الى صوت من السماء.. ولاأنكر فضل الأخوين رحبانى..انهم لون جديد..لون أحبه جدا.. فيه تطوير للموسيقى..أما نحن فلم نطور الأغنية..لا تصدق أن أحد قد طورها.. انها هى هى.. وموسيقانا كما هى وكل ما حدث فى موسيقانا أن جميع الملحنين الناشئن اعتمدوا على (الرتم) السريع..والرقص.. وكلمة حزينة من هنا.. أو كلمة مرحة من هناك.. وهذا هو التطور الذى حدث..

احمدعلى
26/01/2008, 06h32
مادمت لاتخشى صراحتك ولا نتائج هذه الصراحه..

لايهمنى ولكن يجب أن تحسد نفسك على أنك أخذت منى هذا الحديث.. فأنا لاأتحدث مع أحد ولم أقل رأيى فى أحد..

وسقط الكوب من يدى فقد حسدت نفسى؟!
وسألته لا حرج فى أن تصف لى صوت عبد الحليم حافظ وقبل أن اسمع رأيك فاننى أرى أنه من أجمل صوت عربى على الاطلاق .. لاتشبع منه الأذن والنفس أيضا .

عبد الحليم كويس .. ولكن فى بعض الاحيان تجد فى صوته رجفة غريبة لاأعرف هل هذه الرجفة يراها نوعا من تطوير الأداء..أو هل الرعشة خلقة فى صوته..أنا لا أحب ذلك..انه يشبه واحدا يغنى ثم يجئ انسان من ورائه ويهزه من كتفيه..لا أعرف لماذا هذه الرجفة..هل هى حلية فى صوته؟
ويستطرد رياض السنباطى : ولكن عبد الحليم حافظ خامة صوتية حلوة.. جذاب .. باستثناء البتاعة التى فى صوته..
كما أن سبب نجاح عبد الحيلم أنه لم يقلد أحدا قبله يعجبنى فى صوت عبد الحليم انه جذاب وعندما يغنى يوشوشك لكى يوشوشك مرة أخرى وأنت سعيد بذلك .. لابد للمطرب أن يشق له طريقا فى الأداء..وأن يحرص على أن يكون له صوت خاص.. ينفرد به.. ولذلك لا بد أن يتولاه ملحن خاص.. ومن المناسب أن أقول لك..ان المطرب الذى يخرج من الريف يخرج معتمدا على نفسه.. لا على معهد موسيقى ولا كونسرفتوار ولذلك نجدخ يقف على رجليه هو.. ويحاول أن يتقدم وأن يتفوق والا فسوف يضيع.. وهنا فقط تكثر الأصوات الجميلة.. ولا أقول اننا وجدنا الصوت الذى يعوضنا عن أم كلثوم.. هذا مستحيل الا اذا يشاء ربنا هو قادر على كل شئ.

سألت الأستاذ رياض السنباطى : أنت اختلفت مع أم كلثوم؟

نعم..لأسباب مادية،كنت أطلب منها ثمنا أكبر،فكانت تقول :أنت تأخذ مافيه الكفاية، وكنت أغضب منها وأتركها سنة أو سنيتن.. تصالحنى وتدفع لى أكثر مما طلبت..

ولم تغضب منها بسبب أنها غيرت لكن لحنا؟

لا ..أحيانا كانت تقول:أنا لا أستريح الى هذا .. فأقول لها: وهذا احساسى..فأعود الى البيت وأغيره ولكنها تقول:اللحن القديم أحسن.. وأعود أسمع اللحنين.. فأجد أن الحق معها.. ولكن أم كلثوم كانت تغير كلمات الشعراء أنفسهم.. بما فيهم أمير الشعراء أحمد شوقى وأحمد رامى وابراهيم ناجى..انها لاتغنى الا الذى يريحها فالأداء.


وتتباعت السجاير فى شفتىياض السنباطى، مع أن الأطباء منعوه منها ولكنه عاد الى الأرق والقلق.. فلم تكن أم كلثوم مطربة تغنى له.. ولكنها جو غنائى..عام..فهمو ينتقى الكلمات ويدور الحوار.. وهو يذهب والعود معه ليسمعها اجتهاده أو تصوره.. فاذا وجدته مرهقا طلبت اليه أن يكف عن التلحين الا اذا استراح ونام أو اعتدل مزاجه.. وكانت أم كلثوم تداعبه..أو تروى له أخر نكتة حتى تتغير حالته النفسية. فاذا ظهر البشر عليه طلبت اليه أن يبدأ فى التلحين.. وفى احدى المرات دخن رياض السنباطى ثمانين سيجارة.. وكان ذلك نوعا من الانتحار أسفر عن لحن جديد هو (أقبل الليل) وهو من أعز ألحانه اليه رغم أنه لم ينجح جماهيريا..

قلت له: من كل هذه الأغنيات التى عددها 300أغنية لأم كلثوم لا بد أن واحدة منها قد شيبتك..أو كانت صعبة عليك..ولا يوجد مؤلف أغانى أو أدبى أو فنى الا وقف عاجزا حائرا أمام عمل ما..هذا العمل هو المقياس الفاصل على قدرته على التفكير.. مثلا الأستاذ الكبير عباس العقاد قال لى فى احدى المرات :اننى ألفت كتابا عن عبقرية محمد عليه الصلاة والسلام..وكتابا عن عبقرية المسيح وكتابا عن ابليس..وأردت أن أعرف قدرتى العقلية فلم أجد غير محاولة واحدة وأخيرة أن أولف كتابا عن (الله).. وكان هذا الكتاب مقياسا لكل قدرات العقاد.. وبعد ذلك أطمأن على قدرته هذه.. فما هو اللحن الذى ناطحك حى نطحك.. أو حتى تغلبت عليه فالنهاية؟

ربما كان لحنا واحدا هو : الأطلال .. خفت من هذه القصدية جدا .. وقلت لأم كلثوم وأنا ألحن هذه القصيدة .. ياأم كلثوم أنا خايف.. وكنت ألحن هذه القصيدة وأنا فالعجمى.. وكانت هى فى قصر الضيافة.. وكانت ترد قائلة : ياجدع أنت لك حاجات غريبة.. من أى شئ أنت خائف؟ عيب.. ولكنها كانت تحس باللحن وعمقه وعلى يقين من نجاحه.. أما أنا فلم يكن عندى هذا الاحساس .. وأجرينا البروفات الضرورية لهذا اللحن، وتحدد موعد غنائه.. أجرينا البروفات فى مصرفون..ولكنها همست فى أذنى وقالت لى : رياض قلت لها : نعم..

قالت لى : لا داعى لأن أغنى هذه القصيدة فى الحفلة..وكانت الصحف قد نشرت أن أم كلثوم سوف تغنى هذه القصيدة.. ولما سألتها عن السبب قالت : أنا أيضا خائفة فالأطلال قصيدة عملاقة لا لأنها من تلحينى ولكنها بالفعل كذلك.. ولم تغنى أم كلثوم هذه القصيدة.. وبعد ذلك بشهر أجرينا البروفات..

وقلت لها:مارأيك لا داعى لأن تغنى هذه القصيدة أيضا وسألتنى اذن متى أغنيها؟.. فقلت لها: عندما تستريحين تماما..

وسألتنى :متى؟ قلت لها :بعدين.. ثم غنتها بعد ذلك وشاء القدر أن تنجح ولم أنم تلك الليلة.. ولا نامت أم كلثوم وبعد الحفل الساعه الثامنه صباحا اتصلت بى أم كلثوم وقالت لى مبروك قلت لها : الله يبارك فيك. أنا حاسة أن جبلا ارتفع من فوق دماغى .. وهذه هى الأغنية الوحيدة التى أخافتنى .. وأحب أن أقول لك شيئا غريبا.. فأنا لم أحضر حفلة واحدة لأم كلثوم ولا أستطيع .

مرة واحدة قالت لى أم كلثوم : ان الرئيس جمال عبد الناصر يحبك ويريد أن يراك فى ذلك اليوم ذهبت الى نادى الضباط بالزمالك..وغنت لى أم كلثوم(طوف وشوف) وكنت أقود الفرقة الموسيقسة والكورال..واستمعت الى أم كلثوم وأحسست بالناس وهم يتجاوبون معها.. ولكن لما أسمعها جالسا فى الصالة بين الناس.. صعب.. ولم يحدث أبدا.. وانما أستمع اليها فى البيت فى غرفتى وحدى .. مع أجهزة التسجيل الكبيرة التى عندى.. اسمعها وأنا ارتجف..وجسمى كله مبلل بالعرق البارد.. ولا حتى نتيرة المهدية التى لحنت لها أكثر من عشرين لحنا لم أستمع اليها..

وكان الأستاذ رياض السنباطى قد أزعجته المقارنة بين أم كلثوم وأية مطربة اخرى وخصوصا منيرة المهدية،فعاد يقول: عندما كانت أم كلثوم تتقاضى ثلاثين جنيها فى القاهر كانت منيرة المهدية تتقاضى مائة ومائتى جنيه ذهبا..وكان مجلس الوزراء ينعقد فى بيتها لا للسماع اليها ولكن للنظر فى شئون مصر.. وفى حفلاتها كان الناس يشعلون لها السيجارة بورقة من فئة المائة جنيه..وكانت منيرة تردد الأغنيات العارية القبيحة..
والناس حولها يسكرون ويترنحون.. وعندما ظهرت أم كلثوم كانت منيرة قد غنت على الأقل ستين أغنية، من بينها أغنية مشهورة اسمها أسمر ملك روحى، ولكن أم كلثوم احترمت نفسها جدا وكانت محتشمة ومتدرينة..ورفضت الغناء بأية صورة لاتحفظ لها كرامتها ..وكانت أم كلثوم لا تأكل الا تفاحة ولقمة عيش قبل أن تغنى..بعض المغنيات يذهبن مخمورات.. ويشجعن الناس على السكر والعربدة.. ولكن أم كلثوم من طراز أخر من خلق الله..وقد اختز عرش منيرة المهدية يوم ظهرت أم كلثوم بأغنية (ان كنت أسامح ) وأغنية (ياست ليه المكايد).. بل ان أم كلثوم كانت اذا زارتنى فانها تطلب الى أن أسمعها تسجيلا للشيخ محمود صبح..انها تحبه جدا..وهذا يدلك على ذوقها الشرقى الدينى الصميم..ففى ثلاثية صالح جودت غنت أم كلثوم أيه من القرأن وغيرنا فيها حتى لا تبدو على انها هيئة قرأنية وهى (والضحى والليل ماسجى) ولم نقل (اذا سجى) ..حتى لايقال أننى ألحن القرأن ونما هى محاولة من بعيد، يرحمها الله..

ويعلق كاتبنا الكبير أنيس منصور قائلا : الأستاذ رياض السنباطى ليس بخيلا،ولكنه حريص جدا..وهو يغلق كل شئ بمفتاح..علبة السجائر يضعها فى درج والدرج فى دولاب والدولاب له مفتاح.. والدولاب فى غرفة لها مفتاح.. فالفنان لا يملك الا طاقته..والطاقة محدودة فلا هو أرض تزرع ولا مصنع يهلك ويستهلك وله قطع غيار.. وانما الفنان له قدرة على الابداع، تنضج وتسطق معه والذى لايملك القرش لايساوى القرش..وأنت تساوى مافى جيبك ..وجيبك أقرب من جيب غيرك ..والبخل خير من سؤال البخيل..فاحفظ قرشك يحفظك.. وأحفظ طاقتك الى أخر كلام الناس الذين بعرفون طعم الكلمة الموجودة التى يقولها لك انسان اذا ماسألته قرشا ولم يعطك.. ولم يخل هذا الحديث مع رياض السنباطى عن أم كلثوم مع رياض السنباطى من هذه الدعابة، فأم كلثوم قد ذهبت لتغنى له فى فرحه .. وجاءت مع فرقة كبيرة وغنت حتى الصباح ،ورغبة منها فى تحية السنباطى غنت له أحد ألحانه.. غنت له : ياطول عذابى..
وقال الناس: ماهذا؟ ياساتر يارب.. ولما سألوها قالت: طبعا ياطول عذابك الذى سوف تراه بعد الزواج.


رجاء من كل من قرأ هذا الحوار الدعاء لسيدة الغناء العربى ام كلثوم والاستاذ رياض السنباطى بالرحمه
منقول من مجلة الشباب وخاص بمنتدى سماعى للطرب الأصيل فقط

احمدعلى
26/01/2008, 21h07
3فبراير 2008 هو الذكرى الرابعة والثالثين لوفاة سيدة الغناء العربى رحمها الله