waziza
23/11/2007, 17h28
الأناشيد الإسلامية في عصرالهيمنة الأمريكية
مقال بقلم : عبد الكريم وزيزة
إن المتتبع لتاريخ الأناشيد الإسلامية منذ ظهور الإسلام وحتى عصرنا هذا يستطيع أن يلمح تغيراً شاسعاً ما بين الأناشيد الإسلامية في الماضي بما كانت تحويه من ذكر للخالق جل وعلا في إطار من الخشوع والجلال يتناسب مع جلال الكلمات التي كانت تعبر عن ألوان من الخشوع للمولى سبحانه وتعالى ، وبين ما وصلنا إليه في هذا العصر من أناشيد يقال أنها إسلامية لكنها تتجاوب وتتسابق مع موجة العصر من نوعية الأغاني الأخرى التي أصبحنا نعرفها جيداً بمجرد التلميح لها ، فبمجرد أن تذكر كلمة أغاني الفيدو كليب لا نرى في أذهاننا غير تلك الصورة المقيتة التي انحدرت إليها للأسف الشديد معظم الأغنيات التي نراها ليلاً ونهاراً حتى وصلت إلى مستوى هابط ، لا هم له إلا عرض الجسد للجنسين الذكري والأنثوي بشكل فج وقبيح لا يرضى عنه أي إنسان عاقل .
فمن الملاحظ أنه في السنوات الخمس الماضية بدأت تنتشر ظاهرة الأناشيد الإسلامية وخاصة في دول الخليج حيث انتشرت كثير من الفرق المختلفة كلها تتفق في أنها تقدم أناشيد إسلامية من حيث المضمون والموضوع ، وللحق فقد كانت بعض هذه الأناشيد في بداية ظهورها تمثل نوعاً من الفن الراقي الهادف ، وكان ملحنون هذه الأناشيد وهم في الغالب من دارسي الموسيقى( ولكنهم في كثير من الأحيان لا يعلنون ذلك خشية أن يقال عليهم أنهم موسيقيون يحترفون تلحين الأغاني الدينية) ، مع أني لا أرى في ذلك أي غضاضة أو مانع طالما أن الملحن يلتزم بنمط معين وهو في النهاية يقدم فناً جميلاً راقياً يستفيد منه مجموعة البشر الذين يستمعون له ويجدون فيه شيئاً من الفائدة والمتعة الوجدانية .
وكان الملاحظ أن تلك الأناشيد التي نجد فيها ونلمح حرفة موسيقية عالية في تلحينها وتقديمها بدون استخدام أصوات الآلات الموسيقية ربما لكي يبتعدوا عن موضوع الحلال والحرام في استخدام الآلات الموسيقية والتي يثار حوله الجدل منذ زمن بعيد وربما تخوفاً من أشياء أخرى قد لا نعلمها .
عموماً مع الوقت فقد بدأت تلك الأناشيد تأخذ منحاً جديداً وبدأ ملحنوها يبرزون أصوات الآلات الموسيقية في الخلفية بشكل قد لا تلمحه إلا أذن موسيقية مدربة جيداً ، كذلك فقد بدأو في استخدام الآلات الوترية مثل آلة الباص جيتار والتي تمثل العنصر الإيقاعي النغمي مع آلات الطبول والدفوف ، وبعضهم استخدم آلة العود ، وبعضهم يستخدم الآلات الموسيقية الحية في التسجيل ثم يقومون بعد ذلك بغلق أصوات الآلات الموسيقية والاكتفاء بالأصوات البشرية اعتماذاً على تقنبة التسجيلات الصوتية الحديثة والتي تعد تلك العملية فيها هي أبسط العمليات الفنية على الإطلاق .
كذلك أصبحنا نراهم يستخدمون نفس التقنيات الصوتية المستحدمة في أغاني الفيديو كليب مثل تقنية الأوتو تيونauto tune وهي تلك التقنية التي تجعلك تسمع صوت المطرب وكانه صوت معدني منسجم مع نفس النغمات الموسيقية التي ينطقها أو بعبارة أخرى يتحول الصوت البشري إلى صوت آلة .
ولعل أبرز ما يجعل الأناشيد الإسلامية الحالية تخرج عن مضمون الذكر والدعوة إلى الله وذكر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أنهم أصبحوا يستخدمون فنون التوزيع الموسيقي المختلفة من كونتربوينت إلى ألون الهارموني المختلفة والكثيرة بدون تمييز بين ما يصلح وما لا يصلح لهذه النوعية من الأناشيد والتي تتحدث كل مواضيعها عن الدين في الدرجة الأولى بما يحويه من عبادات وذكر ودعاء …. إلخ
أصبحنا عندما نستمع لكثير من هذه الأناشيد وخاصة عبر إذاعة القرآن الكريم من أبو ظبي وكأننا لا نسمع سوى ترانيم كنسية بما تحويه من تآلفات هارمونية تغنى بالأصوات البشرية وبما تحويه من ألون الكونتربوينت وأنواعه المختلفة ( الكونتربوينت هو علم نسج الأصوات بطريقة أفقية ) والهارموني ( علم نسج الأصوات بطريقة رأسية ) فقد لا تلمح عندما تستمع للكثير من تلك الأناشيد التي يقال لها إسلامية سوى خروجها عن روح الذكر والخشوع باعتمادها الفج على ألوان التوزيع الموسيقي والذي يبين بوضوح وبشدة أن من يقومون عليها هم موسيقيون دارسون لعلوم الموسيقى ولعلوم التوزيع الموسيقي وهم محترفون ولكنهم للأسف ليسوا من الموهوبين موسيقياً بما يكفى لأنهم لم يستطيعوا أن يفرقوا بين الألحان والترانيم الكنسية وطريقة استخدامها للهارموني والكونتربوينت في تناول الجمل اللحنية وبين ألوان الدعاء الإسلامي والابتهالات الدينية والأناشيد الإسلامية البسيطة التي يكون التعبير فيها بالكلمات وبالجمل اللحنية البسيطة هو أشد ما يميزها ويصبغ عليها الصفة الإسلامية الصحيحة .
وإذا رجعنا للوراء عدة سنوات سوف لا نجد عبر ساحة العالم العربي من المحيط للخليج أفضل من الابتهالات الدينية التي كان يقدمها شيوخ أفاضل أصواتهم هي أصوات من السماء أمثال فضيلة الشيخ سيد النقشبندي رحمه الله والشيخ طه الفشني والشيخ على محمود والشيخ نصر الدين طوبار ومازال هذا الفيض من العطاء اللا محدود ممدوداً بأصوات الشيوخ الحاضرين في مصر وغالبية البلاد العربية ، وهم الرعيل الأول الذي يعطي للكلمة حقها وللنغمة حقها دون تعالي على حق الأداء النغمي الأصيل ودون خوف من أن يقال أن الشيخ يغني أو أن الشيخ يستخدم الآلات الموسيقية … إلخ
مازال الشيخ محمد الهلباوي يمتعنا بأعذب الكلمات وأرق وأجمل الألحان دون اللجوء للتوزيع الموسيقي الذي يفرغ مضمون النشيد الإسلامي من معانيه السامية بل ويخرج المستمع عن لحظات الجلال والخشوع التي من المفروض أنها هي أول أهداف الأناشيد الإسلامية للوصول لقلب ووجدان المستمع .مازالت أستمع بين الفينة والأخرى إلى صوت الشيخ سيد النقشبندي وهو يصدح بابتهالاته العذبة عبر إذاعة القرآن الكريم من القاهرة ومازلنا نستمتع بالابتهالات الدينية التي تذاع في صلاة الفجر كل يوم من الإذاعات المصرية بصوت كبار المبتهلين الحاليين .
كل ذلك يدعونا إلى أن نتأمل للحظات ونفكر فيما وصلت إليه الأناشيد الإسلامية الآن من حيث المضمون النغمي الذي لا يتناسب مع معاني الكلمات ولا يؤدي في النهاية لنوع من الخشوع أو التذكر والتدبر والتفكر في عظمة الخالق وفي ذكر النبي صلي الله عليه وسلم بل باستخدامهم لعلوم التوزيع الموسيقي بكثافة في الأناشيد الإسلامية وبغزارة دون وعي ودون حس وذوق فني في اختيار ما يتناسب مع تلك النوعية وما لا يتناسب معها أدي بلا شك إلى أن تأخذ تلك الأناشيد وتنحى منحى آخر وتحيد عن هدفها وتتجه بقوة ناحية شكل الترانيم الكنسية والقداس الكنسي ؟ والسؤال الذي يفرض نفسه هنا
هل هي تداعيات العولمة الموسيقية لجزء هام من حضارة الأمة يمكن أن يؤرخ لها النشيد الإسلامي؟
أم هي الهيمنة الأمريكية على كل ما هو إسلامي حتى أنهم يريدون للنشيد الإسلامي أن يتشابه ويتقارب مع تركيبة الترانيم من حيث وضع التوزيع الموسيقي والتراكيب الهارمونية والبوليفونية ؟
سؤالين نطرحها لكل من يهمه الأمر وباب النقاش مفتوح لمن يحب …
::. عبدالكريم وزيزة
مقال بقلم : عبد الكريم وزيزة
إن المتتبع لتاريخ الأناشيد الإسلامية منذ ظهور الإسلام وحتى عصرنا هذا يستطيع أن يلمح تغيراً شاسعاً ما بين الأناشيد الإسلامية في الماضي بما كانت تحويه من ذكر للخالق جل وعلا في إطار من الخشوع والجلال يتناسب مع جلال الكلمات التي كانت تعبر عن ألوان من الخشوع للمولى سبحانه وتعالى ، وبين ما وصلنا إليه في هذا العصر من أناشيد يقال أنها إسلامية لكنها تتجاوب وتتسابق مع موجة العصر من نوعية الأغاني الأخرى التي أصبحنا نعرفها جيداً بمجرد التلميح لها ، فبمجرد أن تذكر كلمة أغاني الفيدو كليب لا نرى في أذهاننا غير تلك الصورة المقيتة التي انحدرت إليها للأسف الشديد معظم الأغنيات التي نراها ليلاً ونهاراً حتى وصلت إلى مستوى هابط ، لا هم له إلا عرض الجسد للجنسين الذكري والأنثوي بشكل فج وقبيح لا يرضى عنه أي إنسان عاقل .
فمن الملاحظ أنه في السنوات الخمس الماضية بدأت تنتشر ظاهرة الأناشيد الإسلامية وخاصة في دول الخليج حيث انتشرت كثير من الفرق المختلفة كلها تتفق في أنها تقدم أناشيد إسلامية من حيث المضمون والموضوع ، وللحق فقد كانت بعض هذه الأناشيد في بداية ظهورها تمثل نوعاً من الفن الراقي الهادف ، وكان ملحنون هذه الأناشيد وهم في الغالب من دارسي الموسيقى( ولكنهم في كثير من الأحيان لا يعلنون ذلك خشية أن يقال عليهم أنهم موسيقيون يحترفون تلحين الأغاني الدينية) ، مع أني لا أرى في ذلك أي غضاضة أو مانع طالما أن الملحن يلتزم بنمط معين وهو في النهاية يقدم فناً جميلاً راقياً يستفيد منه مجموعة البشر الذين يستمعون له ويجدون فيه شيئاً من الفائدة والمتعة الوجدانية .
وكان الملاحظ أن تلك الأناشيد التي نجد فيها ونلمح حرفة موسيقية عالية في تلحينها وتقديمها بدون استخدام أصوات الآلات الموسيقية ربما لكي يبتعدوا عن موضوع الحلال والحرام في استخدام الآلات الموسيقية والتي يثار حوله الجدل منذ زمن بعيد وربما تخوفاً من أشياء أخرى قد لا نعلمها .
عموماً مع الوقت فقد بدأت تلك الأناشيد تأخذ منحاً جديداً وبدأ ملحنوها يبرزون أصوات الآلات الموسيقية في الخلفية بشكل قد لا تلمحه إلا أذن موسيقية مدربة جيداً ، كذلك فقد بدأو في استخدام الآلات الوترية مثل آلة الباص جيتار والتي تمثل العنصر الإيقاعي النغمي مع آلات الطبول والدفوف ، وبعضهم استخدم آلة العود ، وبعضهم يستخدم الآلات الموسيقية الحية في التسجيل ثم يقومون بعد ذلك بغلق أصوات الآلات الموسيقية والاكتفاء بالأصوات البشرية اعتماذاً على تقنبة التسجيلات الصوتية الحديثة والتي تعد تلك العملية فيها هي أبسط العمليات الفنية على الإطلاق .
كذلك أصبحنا نراهم يستخدمون نفس التقنيات الصوتية المستحدمة في أغاني الفيديو كليب مثل تقنية الأوتو تيونauto tune وهي تلك التقنية التي تجعلك تسمع صوت المطرب وكانه صوت معدني منسجم مع نفس النغمات الموسيقية التي ينطقها أو بعبارة أخرى يتحول الصوت البشري إلى صوت آلة .
ولعل أبرز ما يجعل الأناشيد الإسلامية الحالية تخرج عن مضمون الذكر والدعوة إلى الله وذكر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أنهم أصبحوا يستخدمون فنون التوزيع الموسيقي المختلفة من كونتربوينت إلى ألون الهارموني المختلفة والكثيرة بدون تمييز بين ما يصلح وما لا يصلح لهذه النوعية من الأناشيد والتي تتحدث كل مواضيعها عن الدين في الدرجة الأولى بما يحويه من عبادات وذكر ودعاء …. إلخ
أصبحنا عندما نستمع لكثير من هذه الأناشيد وخاصة عبر إذاعة القرآن الكريم من أبو ظبي وكأننا لا نسمع سوى ترانيم كنسية بما تحويه من تآلفات هارمونية تغنى بالأصوات البشرية وبما تحويه من ألون الكونتربوينت وأنواعه المختلفة ( الكونتربوينت هو علم نسج الأصوات بطريقة أفقية ) والهارموني ( علم نسج الأصوات بطريقة رأسية ) فقد لا تلمح عندما تستمع للكثير من تلك الأناشيد التي يقال لها إسلامية سوى خروجها عن روح الذكر والخشوع باعتمادها الفج على ألوان التوزيع الموسيقي والذي يبين بوضوح وبشدة أن من يقومون عليها هم موسيقيون دارسون لعلوم الموسيقى ولعلوم التوزيع الموسيقي وهم محترفون ولكنهم للأسف ليسوا من الموهوبين موسيقياً بما يكفى لأنهم لم يستطيعوا أن يفرقوا بين الألحان والترانيم الكنسية وطريقة استخدامها للهارموني والكونتربوينت في تناول الجمل اللحنية وبين ألوان الدعاء الإسلامي والابتهالات الدينية والأناشيد الإسلامية البسيطة التي يكون التعبير فيها بالكلمات وبالجمل اللحنية البسيطة هو أشد ما يميزها ويصبغ عليها الصفة الإسلامية الصحيحة .
وإذا رجعنا للوراء عدة سنوات سوف لا نجد عبر ساحة العالم العربي من المحيط للخليج أفضل من الابتهالات الدينية التي كان يقدمها شيوخ أفاضل أصواتهم هي أصوات من السماء أمثال فضيلة الشيخ سيد النقشبندي رحمه الله والشيخ طه الفشني والشيخ على محمود والشيخ نصر الدين طوبار ومازال هذا الفيض من العطاء اللا محدود ممدوداً بأصوات الشيوخ الحاضرين في مصر وغالبية البلاد العربية ، وهم الرعيل الأول الذي يعطي للكلمة حقها وللنغمة حقها دون تعالي على حق الأداء النغمي الأصيل ودون خوف من أن يقال أن الشيخ يغني أو أن الشيخ يستخدم الآلات الموسيقية … إلخ
مازال الشيخ محمد الهلباوي يمتعنا بأعذب الكلمات وأرق وأجمل الألحان دون اللجوء للتوزيع الموسيقي الذي يفرغ مضمون النشيد الإسلامي من معانيه السامية بل ويخرج المستمع عن لحظات الجلال والخشوع التي من المفروض أنها هي أول أهداف الأناشيد الإسلامية للوصول لقلب ووجدان المستمع .مازالت أستمع بين الفينة والأخرى إلى صوت الشيخ سيد النقشبندي وهو يصدح بابتهالاته العذبة عبر إذاعة القرآن الكريم من القاهرة ومازلنا نستمتع بالابتهالات الدينية التي تذاع في صلاة الفجر كل يوم من الإذاعات المصرية بصوت كبار المبتهلين الحاليين .
كل ذلك يدعونا إلى أن نتأمل للحظات ونفكر فيما وصلت إليه الأناشيد الإسلامية الآن من حيث المضمون النغمي الذي لا يتناسب مع معاني الكلمات ولا يؤدي في النهاية لنوع من الخشوع أو التذكر والتدبر والتفكر في عظمة الخالق وفي ذكر النبي صلي الله عليه وسلم بل باستخدامهم لعلوم التوزيع الموسيقي بكثافة في الأناشيد الإسلامية وبغزارة دون وعي ودون حس وذوق فني في اختيار ما يتناسب مع تلك النوعية وما لا يتناسب معها أدي بلا شك إلى أن تأخذ تلك الأناشيد وتنحى منحى آخر وتحيد عن هدفها وتتجه بقوة ناحية شكل الترانيم الكنسية والقداس الكنسي ؟ والسؤال الذي يفرض نفسه هنا
هل هي تداعيات العولمة الموسيقية لجزء هام من حضارة الأمة يمكن أن يؤرخ لها النشيد الإسلامي؟
أم هي الهيمنة الأمريكية على كل ما هو إسلامي حتى أنهم يريدون للنشيد الإسلامي أن يتشابه ويتقارب مع تركيبة الترانيم من حيث وضع التوزيع الموسيقي والتراكيب الهارمونية والبوليفونية ؟
سؤالين نطرحها لكل من يهمه الأمر وباب النقاش مفتوح لمن يحب …
::. عبدالكريم وزيزة