المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الموسیقی العراقیه


reza_neikrav
11/09/2007, 14h14
8 فبراير 2004
حسب وجهة النظر الأوروبية، تعتبر كل أنواع الموسيقى الآسيوية سواء كانت عربية أم تركية أم يابانية أم هندية، موسيقى شرقية. فهي عالم للأصوات عجيب، ومع ذلك تتمايز فيه العديد من النظم الموسيقية، وتشترك في نفس الوقت بالعديد من القواسم المشتركة. وما يجمع موسيقى غرب آسيا (أي المنطقة العربية وإيران وتركيا، وكذلك آذربيجان وغيرها) هو المقام، بالرغم من الاختلاف في التسمية: شاشمقام أو دشتكاه أو مقام.
وهناك جذور مشتركة لموسيقى هذه المنطقة بالاشتراك مع الموسيقى البيزنطية (والموسيقى الدينية للكنائس الشرقية، مثل الكنيسة السريانية) والموسيقى الشعبية في البلقان واليونان .والمقام تكنيك للارتجال الموسيقي فريد من نوعه في العالم، يشبهه بعض الأوربيون - مع كبير الفارق - بموسيقى الجاز من ناحية فعالية الارتجال. ويتطلب أداء المقام (قراءة أم عزفاً على الأدوات) درجة عالية من البراعة والخبرة ومعرفة خبايا هذا الفن.لا يمكن إعطاء تعريف واضح للمقام، فيرى نتل وفولتن بأن المؤدي يقرأ المقام مستنداً إلى “سلم” موسيقي خاص، مع مجموعة من الموتيفات الخاصة تميز كل مقام. ويتحدث د. حبيب حسن توما عن تحقيق نظامي ومفقَنْوَن للمستويات المصوتية (النغمية أو التونية Tonal levels) بشكل تدريجي، وصولاً الى القمة واكتمال الشكل. بذلك نرى أن المقام ظاهرة معقدة تتداخل في تشكيلها العديد من العوامل التي لا تزال بحاجة الى الدرس والبحث المستندين الى العلوم الحديثة.
منذ بداية العصر العباسي، قام العلماء والفلاسفة العرب والمسلمون بدراسة الموسيقى العربية واستندوا في ذلك الى النظرية الاغريقية القديمة التي اعتمدت في تحديدها للأبعاد الموسيقية على قياس أطوال الأوتار (وهي النظرية المعروفة باسم فيثاغورس). وأسهم في هذه الدراسة الكثيرون منهم الفارابي وابن سينا والكندي وصفي الدين الأرموي وقطب الدين الشيرازي، ثم عبد القادر المراغي في فترة لاحقة في القرن الرابع عشر وغيرهم. ويعتبر كتاب الارموي “كتاب الأدوار” وكذلك “الرسالة الشرفية” من أبرز ما كتب من دراسات عن الموضوع. ولعدم شيوع أي نظام للتدوين الموسيقي (رغم المحاولات العديدة)، أفعطيت للأصوات الموسيقية أسماء اشتقت من أسماء المقامات (وهي النغمة المميزة للمقام، مثلاً النغمة التي يبدأ بها). ولكن لغاية اليوم لا يوجد إتفاق بصدد تردد هذه الأصوات. ولو أخذنا سلم دو الكبير الأوروبي لوجدناه يقابل النغمات التالية وفقاً للنظام التركي: جاركاه (دو C)، نوى (ري d)، حسيني (مي e)، عجم (فا f)، كردانية (صول g)، مفحيّر (لا a)، جواب بوسليك (سي b)، ثم جواب الجاركاه (دو c). أما في العراق ومصر فهدا السلم يقابل: رست (دو) دوكاه، بوسليك، جهاركاه، نوى، حسيني، أوج، ثم كردان. بالطبع ليس من الضروري أن يكون صوت دو مقابلاً لجاركاه أو رست (فهناك من الأتراك من يؤدي أعلى برابعة عما ذكر، أن أن دو تقابل عجم عشيران).
ويستعمل الأوروبيون كما هو معروف نظاماً يسمى بالنظام المعدل “يجري خلاله تعديل الأبعاد الطبيعية التي تفرضها القوانين الفيزياوية، بحيث تقسم المسافة بين أية نغمة وجوابها (الاوكتاف أو الثامنة) الى 12 بعد متساو”، أما الموسيقى العاربية (وفي غرب آسيا) فتتميز باستعمال الأبعاد الطبيعية التي تستعمل الكوما (comma) الفيثاغورية، حيث تسمى بالفضلة. ففي حين يستعمل النظام الأوروبي بعدين فقط (تون ونصف التون)، يستعمل العرب الأبعاد التالية: البقية وتعادل 4 كومات (نصف تون صغير)، المجنب الصغير ويعادل 5 كومات (نصف تون كبير)، المجنب الكبير ويعادل 8 كومات (تون صغير)، الطنيني ويعادل 9 كومات (تون كامل، وهناك تشابه في الأسمين، طنيني وتون)، إضافة الى بعد آخر يعادل 12 كومة (أحد الأبعاد المستعملة في بناء عائلة مقام الحجاز). ومن هذه الأبعاد تبنى هياكل المقامات - أي “السلالم” الموسيقية بالعرف الغربي. وفي عام 1932 عمم في مصر ما أفسمي بنظام الأرباع المعدل (على غرار السلم الأوروبي المعدل الذي أدخله الموسيقار العظيم باخ) يستند الى تقسيم الأوكتاف الى 24 “ربع” متساو، وهو نظام فاشل من البداية، لأن الواقع والممارسة لم يبررا حق هذا النظام في الوجود ما دامت الموسيقى تعتمد الأبعاد الفيزياوية (الطبيعية). ويرى الاستاذ سلمان شكر (عازف العود العراقي الشهير) بأن النظام الصحيح هو نظام الأرموي الذي تستعمله تركيا اليوم، والذي يستند الى أبعاد البقية والمجنب والطنيني.
قام الأتراك في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين بدراسة الموسيقى التركية ووضعوا لتدوينها نظاماً خاصاً. ومن أبرز باحثيهم رؤوف يكتا (1871-1935) و د. صوفي أزكي (1869-1962)، وسعد الدين آريل (1880-1955). ويعتقد أزكي وآريل بأنه يمكن تقسيم الاوكتاف الواحد الى 24 بعد غير متساوي (بعد طبيعي)، وأسميا ذلك بنظام الأربعة وعشرين صوتا غير المتساوي (Non-tempered). وتتضمن النغمات الأربعة والعشرين هذه أبعاد البقية والمجنب والطنيني، وهناك أبعاد اخرى غير قياسية مثل صبا وهفزّام وعشاق وغيرها. واستناداً الى هذه الدراسات التي اجريت على الموسيقى التركية يمكن القول بأن ما يحدد المقام يكمن في شروط خمسة:
1. البناء البعدي (وبعبارة اخرى مقتبسة من النظام الأوروبي: السلم الموسيقي).
2. تسلسل المراكز النغمية (Tonal centers).
3. التحويل (Modulation).
4. وجود موتيفات (جمل لحنية) مميزة لكل مقام.
5. النسيج (Tessitura)
لكل مقام “سلمه” الخاص، مثلا الرست: رست، دوكاه، سيكاه، جاركاه، نوى، حسيني، أوج، ثم كردانية. وعدد الكومات بينها هو: 9، 8، 5، 9، 9، 8، 5، 9. لكن تحديد البناء البعدي لا يكفي لتمييز مقام عن آخر، يجب تثبيت تسلسل المراكز النغمية، والتي هي محطات رئيسية أثناء التطور اللحني. فمثلاً لمقامي العشاق والبيات نفس السلم، وهو دوكاه، سيكاه، جاركاه، نوى، حسيني، عجم، كردانية، محيّر. وللمقامين نفس المراطز النغمية وهي دوكاه ونوى ومحر. أما الفارق فيكمن في اختلاف تسلسل المراكز النغمية، فمقام العشاق يبدأ من الدوكاه ويصعد الى النوى ثم يصعد الى المحير. أما البيات فيبدأ من النوى وينزل الى الدوكاه وبعدها يصعد الى المحير.
ويعني التحويل (Modulation) إدخال نغمة أو جملة موسيقية أو قطعة كاملة من مقام آخر يختلف عن المقام الأصلي. وكثيراً ما يحدث أن يجري اعتبار مقام ما ادخلت عليه نغمة واحدة مقاماً جديداً يختلف عن المقام الأصلي، وهذا يفسر العدد الكبير للمقامات. وكمثال على ذلك يقول الأتراك أن مقام أصفهان لا يختلف عن البيات سوى بوجود نغمة نيم حجاز.
ويلعب النسيج (Tessitura) دوراً هاماً في إعطاء المقام طعمه الخاص، بالتالي اختلافه عن مقام آخر شقيق له. وكمثال على ذلك يبدأ مقام بوسليك من درجة دوكاه، في حين يعتبر مقام سلطاني يكاه الفخم نسخة مطابقة للبوسليك تبدأ من درجة يكاه، أي أنه أوطأ بخامسة. وبغض النظر عن الفروق الاخرى، فإن قرار السلطاني يكاه الفخم يختلف في طعمه عن قرار البوسليك، ولذلك اسمي بالسلطاني. وكذلك الحال مع مقام عراق، فهو مماثل لمقام السيكاه، ألا لأنه يبدأ من درجة عراق

قصي الفرضي
16/07/2009, 21h10
الاخوه الاعزاء
السلام عليكم
وحدة الفن
لم اجد شيئا يوحد البشر كالموسيقى. وتميزت قوة هذه الرابطة في فن المقام العراقي حيث جرى تقسيم الأداء بين المسلمين واليهود. المسلمون يغنون، او بالأحرى يقرأون المقام، واليهود يعزفون على الآلات في مصاحبة القارئ. وقد وردت حكايات كثيرة في هذا الصدد. سجل بعضها الخبير في فن المقام العراقي حسقيل قوجمان. كان من اطرف رواياته الثنائية التي جمعت بين قارئ المقام الشهير الحاج احمد الزيدان وعازف الجوزة نسيم بصون.
الواقع أن الحاج احمد الزيدان لم يبدأ حياته كمغن أو مطرب وانما كان مؤذنا في احد مساجد بغداد. كان له صوت شجي وقراءة رائعة للأذان. لاحظ انه كلما انهى الأذان ونزل من المنارة ليصلي بالناس، صادف رجلا يقف امام باب المسجد ولا يدخل مع الآخرين ليصلي. استغرب من أمره. فسأله لماذا يأتي الى المسجد ويقف انتظارا للأذان ثم لا يصلي؟
اجابه الرجل: «بقا شلون ادخل واصلي وياكم وانا يهودي من بني اسرائيل؟». فعاد الحاج احمد وسأله «ولماذا إذن تأتي الى المسجد وتقف على الباب ؟ تريد تتفرج او تتجسس علينا؟»
اجابه الرجل: «كلا انا يهودي موسيقي وأعزف على آلة الجوزة. احضر الى المسجد لأسمعك وانت تؤذن، اسمع كيف تنغم الأذان على انغام المقام واتعلم منك».
سأله احمد زيدان: «منو انت؟» قال «انا اسمي نسيم بصون. واترزق من العزف على الجوزة في حفلات الجالغي العراقي وحفلات الفرح، كلما يصير عند الناس زواج او طهور او مناسبة للاحتفال».
استمر الحوار بينهما في موضوع موسيقى المقام البغدادي فذهبا الى المقهى المجاور للجامع ليشربا الشاي ويواصلا الحديث. وهكذا نشأت بينهما صداقة فنية. اصبحا يلتقيان باستمرار، المؤذن المسلم وعازف الجوزة اليهودي. يجلسان ويتحاوران، المسلم يعلم اليهودي المقامات والتلاوات واليهودي يعلم المسلم الموسيقى والهارموني.
اليهودي يأتي الى الجامع ليسمع الأذان وتلاوة القرآن، والمؤذن المسلم يذهب الى حفلات الجالغي ليسمع العزف والغناء، الابراهيمي والسيكاه والصبا واللامي، وهلم جرا. اخيرا تشجع احمد الزيدان فأخذ ينضم اليهم في غناء المقام فهز الآخرين بروعة صوته وإجادته للأنغام. وما هي إلا بضعة اشهر حتى تحول هذا الرجل من اداء مهمة الأذان في الجامع وتجويد القرآن الكريم، وتحول كليا الى عالم الغناء والطرب والفنون الموسيقية. وما هي إلا سنوات قليلة حتى اصبح من أعلام قراء المقام العراقي الذين نتشوق لسماع اصواتهم واغانيهم على الاسطوانات القديمة حتى يومنا هذا.
اصبحت هذه الشراكة الفنية، هذا الثنائي الاخواني بين الحاج زيدان وعازف الجوزة نسيم بصون، حلقة من حلقات تطور فنون الغناء والموسيقى الشرقية في بلاد الرافدين .
منقول للفائدة ...
تحياتي
قصي الفرضي / العراق بغداد