تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر التونسي * الحصري القيرواني * سيرة وأعمال


Sami Dorbez
31/07/2007, 04h17
http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=44766&stc=1&d=1185970879
(http://www.imagehosting.com)


الحصري القيرواني


من أشهر قصائد الغناء العربي على الإطلاق قصيدة (يا ليل الصب متى غده) التي غنتها السيدة فيروز ونسج على منوالها العديد من الشعراء، وهي القصيدة التي جعلت من أبي الحسن الحصري أشهر من نار على علم، وهو أبو الحسن علي بن عبد الغني الحصري الفهري الضرير

ولد سنة 420 هجري في حي الفهريين بمدينة القيروان في وسط البلاد التونسية.
يتّصل نسبه بعقبة بن نافع الفهري مؤسس القيروان وفاتح أفريقيا (تونس)، أما نسبة الحصري فيقال: إلى صناعة الحصر ويقال: إلى مدينة حصر الدارسة والتي كانت قريباً من القيروان، وهو ابن أخت أبي إسحاقالحصري صــــــــــــاحب (زهر الآداب) المتوفى سنة 413 هجري قبل مولد أبي الحسن.

والأرجح أنه فقد بصره في طفولته ولم يولد كفيفاً كما زعم صاحب معجم المؤلفين.
وكان فقده لبصره سبباً لولوعه بتقليد أبي العلاء في شعره ورسائله (مع أنه معاصر له)، ومن الغريب أن يمتد تشابه الرجلين إلى تشابه الحوادث التي لقياها انظر أمثلة من ذلك في كتاب المرزوقي والجيلاني (أبو الحسن الحصري القيرواني ص63).

Sami Dorbez
31/07/2007, 04h24
وفي مقتبل شبابه كانت فتنة بني هلال في القيروان سنة 449 هجري، تلك الفتنة التي شتَّتت أهل القيروان حفاةً عراةً في الفيافي والوديان وشردتهم ، ورحلت بعدها أسرة الحصري إلى سبتة بالمغرب، فبقي فيها زهاء عشر سنوات.

ثم تركها إلى إشبيلية ملتمساً الحظوة عند المعتمد بن عباد، ثم تركها إلى دانية لما علا نجم ابن مجاهد العامري،

ولم يبرح أن تركه إلى سرقسطة مجتذباً عطــــف ابن هود، وفيها اتصل بوزيره اليهودي ابن حسداي فأسبغ عليه النعمة ووفّر له الحماية،
ثم قصد ابن صمادح صاحب المرية ووجد عنده كل ترحيب وإكرام، ومكث عنده مدةً ثم رحل قاصداً ابن طاهر صاحب مرسية، فعظمت مكانته عنده ومدحه بالقصيدة التي ذاعت شهرتها وطبقت الآفاق وتنافس المغنون في تلحينها والشعراء في معارضتها، وكانت تلك القصيدة هي قصيدة :

(ياليل الصب متى غده أقيام الساعة موعده).

Sami Dorbez
31/07/2007, 04h37
بعض الصور لمسقط رأس الحصري مدينة القيروان عاصمة الاغالبة والفاطميين:



فسقية الأغالبة
http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=44764&stc=1&d=1185970772


الجامع الذي بناه عقبة ابن نافع كما هو الى اليوم
http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=44765&stc=1&d=1185970964
(http://www.imagehosting.com)

Sami Dorbez
31/07/2007, 04h47
وكان الحصري بالرغم من إكثاره كتابة الشعر وتعيشه بمدائح الملكوك زهاء نصف قرن، وكتابته في مختلف أغراض الشعر حتى ترك أربعة دواوين، بالرغم من ذلك كله بقيت قصيدة ياليل الصب هي الاسم الثاني لأبي الحسن الحصري وهي اللفتة السانحة التي نفحته الخلود.

أما دواوينه الأربعة فهي:

1 - ديوان مستحسن الأشعار وهو فيما قاله في المعتمد بن عباد
2 - ديوانالمعشرات وهو شعره الفنِّي الغزلي،
يبتدئ كل بيت فيه بالحرف الذي يقفَّى به
3 - ديوان مختلف المناسبات
4 - ديوان اقتراح القريح واجتراح الجريح
ويشتمل على 2591 بيتاً في رثاء ولد له مات ولم يتم سن العاشرة، وكان إماماً في مسجد ناحيته، جامعاً لمعلومات يعجز عن إدراكها الكبار، وقد توفي وهو في حضنه، ووصف ذلك بقصائد تتفتت لها الأكباد.

أما معارضات الشعراء لقصيدة (ياليل الصب متى غده) فتطول قائمة أسماء الشعراء الذين عارضوها فيما إذا أثبتنا أسماءهم ههنا.
إذ إن الكثير من أولئك المعارضين لا يُعرَف عنهم من شعرهم سوى أنهم كتبوا معارضة لـ (ياليل الصب)، حتى وجد من معارضيها من ضاع اسمه وبقيت معارضته،
وحتى وجد ثلاثة شعراء من أسرة واحدة ساهموا في معارضتها وهم فوزي معلوف وعيسى معلوف وقيصر معلوف، وقد أورد المرزوقي في كتابه 38 معارضة من مختلف العصور، أشهرها ولا شك معارضة الشاعر المصري الكبير أحمد شوقي الذائعة الصيت (مضناك جفاه مرقده)
ومنها معارضة أبي القاسم الشابي وخير الدين الزركلي وأحمد عبيد و أبي الهدى الصياديوالزهاوي وإسماعيل صبري و محمود بيرم التونسي سأحاول جاهدا البحث عنها وتوثيقها في منتدانا الغالي سماعي ان شاء الله...

خلاصة
لقد قضى الحصري نحو ثلاثين سنة من عمره في القيروان اي فترة الشباب كلها، وبعد نكبة القيروان اضطرّ إلى الهجرة من وطنه كما فعل الشاعران ابناء بلده وهما :
ابن رشيق وابن شرف، والتجأ إلى سبتة واستقرّ بها يدرّس علم القراءات ثم اجتاز إلى الأندلس واتصل ببني عبّاد في إشبيلية ومدحهم ثم انتقل بين عواصم ملوك الطوائف وأخيرا حلّ بمدينة طنجة،
وفيها توفي سنة ثمان وثمانين وأربعمائة للهجرة 488 هجري...

وقد آلمته نكبة القيروان كبقيةِ شُعراءِ عَصْرِه, فقال ينْدُبُها بقصيدةٍ طويلةٍ امدكم ببعض الابيات منها:
مَوتُ الكرامِ حياةٌ في مواطِنهمْ.... فَإن هُم اغتربُوا مَاتُوا وَمَا ماتوُا
يا أهلَ ودّيَ لاَ والله ما انتكَثَتْ... عنـدي عهودٌ ولا ضاقتْ مودّاتُ
لِئن بَعد ثُم وحال البحرُ دونكُمُ.... لَـبينَ أرواحـِنَا في النَّوم زَوْراتُ
ما نمت إلاّ لِكي ألقىَ خـيالكُمُ.... وأين مَنْ نازحِ الأوطـانِ نومـاتُ
أصبحتُ في غُربتي لولا مكاتِمتي.. بكتني الأرضُ فيها والسماواتُ
كَأنّني لم أذُقْ بالقيـــــروانِ جـنى.... ولم أقلْ هَا لأحبابي وَلاَ هَاتوُا
ألاَ سَقى الله أرْضَ القــــــيروانِ.. حَيًا كـأنَّه عـبراتي المُستهـلاتُ

وعند التدقيق في الشعر نلاحظ أنَّ الحُصْري أكثر براعةً من صاحبيْه :
ابن رشيق وابن شرف, ولعلَّ لآفة العَمى التي أصيب بِهَا الحُصْري دَوْرًا في ذلك.
وبكى القيروان أيضا, بعد نكبتها الشاعرُ عبد الكريم بن فضال القيرواني، فقال :

كيفَ يا قَيروانُ حالُــــكِ لَمّا نَثَرا لبينُ سلكَـكِ المنظومَا
كُنتَ أُمًّ البلادِ شرقًا وغِربًا فَمحا الدّهْرُ وشيكِ المِرقُومَا

قال ابن حين عرّف به :

لقد "كان بحر براعة ورأس صناعة وزعيم جماعة، طرأ على جزيرة الأندلس منتصف الماية الخامسة ، بعد خراب وطنه القيروان ، والأدب يومئذ بأفقنا نافق معمور الطريق ، فتهادته ملوك طوائفها تهادي الرياض النسيم ، وتنافس فيه تنافس الديار بالأنس المقيم ... ولمّا خلع ملوك الطوائف بأفقنا اشتملت عليه مدينة طنجة وقد ضاق ذرعه وتراجع طبعه.

وقال ابن بشكوال في حقه :

"أديب رخيم الشعر، حديد الهجو شعره كثير وأدبه موفور".

ومن شهادة عبد الواحد المراكشي:

"أن الحصري الأعمى كان أسرع الناس في الشعر خاطرا".

محمود
09/12/2007, 10h47
أول كلامي سلام ..

كنت قد بدأت مثبتا في هذا المكان لشاعر شديد التميز كان قد ظهر في عصر شديد التميز غير أن حظه من الشهرة لم يكن على قدر موهبته. أما المثبت فقد اختفى من المنتدى في ظروف غامضة منذ نحو شهرين أو ثلاثة. بحثت عنه سريعا وقتها فلم أجده وحسبت أنه ربما مر أمام عيني ولم ألحظه أو أنه نقل إلى مكان آخر. شغلني عن متابعة الأمر ما شغلني ولكني عدت وتذكرته منذ نحو أسبوعين فبحثت عنه عن طريق آلية البحث في المنتدى فلم أجده حتى في الأرشيف . كما راسلت الدكتور أنس البن باعتباره المشرف على هذا القسم من المنتدى وتفضل الدكتور أنس مشكورا بالبحث من جانبه. وسواء كان حذف المثبت قد جرى بطريق الخطأ أو بقدر من العمد ، فالأمر يهم الإدارة وورثة الشاعر الذي ربما يحاول أحدهم طمس تراثه أكثر مما يهمني :rolleyes:;). ذلك أن ما نشرته سابقا من أشعار صاحبنا القيرواني وأكثر منها موجودة عندي وسوف أعاود نشرها.

فلنبقى مع شاعرنا وتراثه ، ذلك أن الشاعر باعتباره غير ذائع الصيت فقد اخترت عنوانا للمثبت المحذوف إسم أشهر قصائده ، ومن غريب التصاريف أن القصيدة شديدة الشهرة ولكن لو سألت من يعرفونها أو حتى من يحفظون مقاطع منها عن إسم صاحبها فلن يعرفه 90% منهم. أما القصيدة فهي يا ليل الصب .. تلك الرائعة التي زادت روعة على روعتها حين شدت بها فيروز.

شاعرنا هو علي بن عبد الغني الفهري الحصري القيرواني ويكنى بأبي الحسن. ولد في القيروان نحو سنة 420 هجرية ، وبها قضى سنوات طفولته وشبابه. خرج من القيروان على أثر خلاف سياسي نشب في ذلك الحين أدى إلى غزوها وخرابها. ذهب إلى الأندلس نحو منتصف القرن الخامس الهجري ومدح بعض ملوكها وخصوصا المعتمد بن عباد. له ديوان بقي بعضه ، وألف كتابا سماه المستحسن من الأشعار ، كما كتب اقتراح القريح واجتراح الجريح في رثاء ولده. له أيضا معشرات الحصري والقصيدة الحصرية

هذه هي قصيدة "يا ليل الصب" التي تعتبر من روائع الشعر في ذلك العصر : -

يا ليل الصب
يا ليل الصب متى غده ؟ ... اقيام الساعة موعده؟
رقد السمار فأرقه ... أسف للبين يردده
فبكاه النجم ورق له ... مما يرعاه ويرصده
كلف بغزال ذى هيف ... خوف الواشين يشرده
نصبت عيناى له شركا ... فى النوم فعز تصيده
وكفى عجبا أنى قنص ... للسرب سبانى أغيده
صنم للفتنة منتصب ... أهواه ولا أتعبده
صاح والخمر جنى فمه ... سكران اللحظ معربده
ينضو من مقلته سيفا ... وكأن نعاسا يغمده
فيريق دم العشاق به ... والويل لمن يتقلده
كلا لا ذنب لمن قتلت ... عيناه ولم تقتل يده
يا من جحدت عيناه دمى ... وعلى خديه تورده
خداك قد اعترفا بدمى ... فعلام جفونك تجحده
إنى لأعيذك من قتلى ... وأظنك لا تتعمده
بالله هب المشتاق كرى ... فلعل خيالك يسعده
ما ضرك لو داويت ضنى ... صب يدنيك وتبعده
لم يبق هواك له رمقا ... فليبك عليه عوده
وغدا يقضى أو بعد غد ... هل من نظر يتزوده
يا أهل الشوق لنا شرق ... بالدمع يفيض مورده
يهوى المشتاق لقاءكمُ ... وصروف الدهر تبعده
ما أحلى الوصل وأعذبه ... لولا الأيام تنكده
بالبين وبالهجران فيا ... لفؤادى .. كيف تجلده ؟

*****

مع تحياتي

محمود

محمود
11/12/2007, 07h47
أول كلامي سلام ..

قصيدة جميلة أخرى لصاحبنا القيرواني . أرجو أن تعجبكم ولو أني لا أعرف ما هي العيون الهاروتية.

بكت رحمة للصب
بكت رحمةً للصَّبِّ عيـن عَـدُوِّهِ *** فما لحبيب القلب لا يَرحَم الصَبَّـا
بَخِيلٌ بِأَن يحيـا القَتيـلُ بِلَحظِـهِ *** وَأَن يَرِد الظَمـآنُ بـارِدَهُ العَذبـا
بَعيـدٌ علَـى أَنَّ الدِّيـارَ قَـريبَـةٌ *** فَحَتى مَتَى بِالبُعدِ يُمزَجُ لِـيَ القُربَـا
بِنَفسِـي حَبيبـاً خانَنِـي فهَويتُـهُ *** فَزادَ قلىً فَـازدادَ قلبـي لـه حُبَّـا
بذلت له الـوُدَّ المَصُـونَ وَأَدمُعِـي *** فَلَم يقتنع حتى وهبـتُ لـه القَلبـا
بَدَا لي فَقُلـتُ ارْدُدْهُ قَـالَ مَلَكتُـهُ *** وَلَو لَم تَهَبهُ لِـي تملَّكتُـهُ غَصبـا
بعينيـنِ هَاروتـيَّـتَـيـنِ كأنمـا *** يُجَرِّدُ نحوي منهما صَارِمـاً عَضبـا
بَرانِي هَوَى الظبيِ الغَرِيـرِ وقادنـي *** ذَليلاً وكم رَاضَ الهوى جامحاً صعبا
بَلَلـْتُ ردائـي بِالدُّمـوعِ وإنَّمـا *** يُزَادُ بها الباكي علَى كَربـهِ كَربـا
بعثتُ رسولي والخيَال الذي سَـرَى *** إليك بدمعي والنسيـمَ الـذي هَبَّـا


مع تحياتي

محمود

Sami Dorbez
14/12/2007, 20h57
إلى أي ضوء

إِلَى أَيِّ ضَوءٍ مِن بُروقِ المُنَى تَعشُـو...وَغَيث الصَّوادِي سَارَ مِنكَ بِهِ نَعـشُ
أَلا عَمِيَت عَينُ الزَّمـانِ فَـلا هُـدَى...وَشلَّت يَمينُ المَجدِ مِنكَ فَـلا بَطـشُ
يَخيّلُ لِي أَنَّ الضُّحَى بَعـدَكَ الدُّجَـى...وَأَنَّ النَّدَى القَفـرُ وَالأنـسُ الوَحـشُ
أَهمُّ بِنَبشـي قَبـركَ الطَيِّـب الثَّـرَى...لَعَلِّـي أَستَشفِـي وَإِن حُـرِّمَ النَبـشُ
كَأَنِّـي وَقَـد أَودَعتـكَ القَبـر طَائِـرٌ...كَسيـرُ جَنـاحٍ لا فـرَاخَ وَلا عُـشُّ
مَحَـلٌّ لِعَينِـي دَمعُـهـا وَسُهـادُهـا...وَحُرمٌ عَلَى جَنبِي الأسـرَّةُ وَالفـرشُ
أعَـزَّى وَصَوتِـي بِالنَـعِـيِّ أَمُــدُّهُ...كَمَا مَـدَّ بالتَّحقِيـقِ حَمـزَة أَو وَرشُ
أَراضَت بِمَثواكَ القُبـورُ وَلَـم يَـزَل...عَلَيهَا لِسَاجِي المزنِ مِن أَجلِهِ خَفـشُ
نَعَتكَ مَعي زَهـرُ الشُّمـوسِ ثَواكِـلاً...وَفِي وَردِهَا طَلُّ المَدامِـعِ وَالخمـشُ
فَسودٌ مِنَ التَكحيلِ حُمـرٌ مِـنَ البُكَـا...عَلَيكَ وَملسٌ مِن نَعِيمِ الصّبـا حَـرشُ
شغلنَ عَنِ الحمامِ وَالطيـبِ وَالحلَـى...فَمَا مُيِّزَت مِنهُنَّ عفرُ الفَـلا الحمـشُ
وَرَدَّ يَدي عَن حـرِّ وَجهِـي حَيـاؤُهُ...فَإِن كَانَ لَم يَخدِش فَفِي قَلبِيَ الخَـدشُ
بِرغمِ أَبيكَ اللَّيـث بَزَّتـكَ عَـن يَـدٍ...يَدٌ يَتَسَاوَى عِندَها الشِّبـلُ وَالجَحـشُ
وَلَو فَهِمـت مَعنَـى الزَّمـانِ بِهيمَـةٌ...لأَعرَضَ خَوفَ النَّسلِ عَن شَاتِنا الكَبشُ
وَمن عَرَفَ الدُّنيا صَحَا مِن سُـرورِهِ...وَأَمسَى كَمَا أَمسَيتُ مِن هَمِّـهِ يَنشُـو
فَـأَيُّ شَـبَـابٍ لا يـفـلُّ شَبـاتـهُ...وَأَيُّ حَشاً لِلحـرِّ بِالحـرِّ لا يَحشُـو
حَبيبِي الَّذِي لا صَـدرهُ لِـي يَنطَـوِي...عَلَى غَيرِ مَا أَرضَى وَلا سِرُّهُ يَفشُـو
وَكُلُّ حَبيبٍ مَـا خَـلا الوَلـد الَّـذِي...تَقرُّ بِـهِ العَينَـان فِـي حُبِّـهِ غـشُّ
خلقتَ كَريماً فِي السَّناءِ وَفِي السَّنَـى...وَمتَّ صَغيراً لا فجـورٌ وَلا فُحـشُ
حَلَلـتَ بِطوبَـى وَاِحتَلَلـتَ جَزيـرَةً...يروِّعنِي فِيهَا ابنُ رَدمِيـر وَادفننـشُ
أَفاعِـي يفـاع نَحـنُ بَيـنَ نُيوبِـهـا...رَقَاهَا بيوتُ المَالِ لَـو أَمِـنَ النَّهـشُ
وَمَـا كُنـتَ إِلاَّ جُنَّتَـى وَتَميمَـتِـي...إِذَا عَضَّتِ الأَيَّامُ أَو عَضَّـتِ الرقـشُ
فَقَد أفـردَت مِنـكَ المَنِيَّـة وَاشتَفَّـت...عداً طَعَنوا بِالكيـدِ مِنهُـم وَإِن بَشُّـوا
وَلا حَــولَ إِلاَّ بِـالإلـهِ وَقُـــوَّةً...بِهِ مِن كَـلامٍ طَيِّـبٍ حُمـل العَـرشُ
رَضيتُ بِحُكمِ اللهِ وَاسْمـكَ وَالأَسَـى...ثبوتانِ فِي قَلبِـي كَمـا ثَبَـتَ النَّقـشُ
وَهُنتُ عَلَى أَنِّـي فَتَـى الفِئَـةِ الَّتِـي...غَطارفَةُ الدُّنيـا إِلَـى نَارِهِـم تَعشُـو
كِـرامٌ يَنابِيـعُ النَّـدَى فِـي أَكُفِّـهِـم...إِذَا غَرِقـوا ظَنُّـوا بِأَنَّهُـم رشُّــوا
تَسَلَّـوا بِمَـاءِ الكَـرمِ أَيَّـامَ عَصـرِهِ...وَعَافُـوهُ لَمَّـا قِيـلَ حَرَّمَـهُ النَـشُّ
وَقَد تَركَبُ الخَيـلَ العِتَـاقَ عَبيدُهُـم...وَيَرضونَ حُبّاً لِلتَواضُـعِ أَن يَمشُـوا
يَرَى حَسَناتِـي ذُو الجَهالَـةِ حَاسِـدِي...وَذُو العِلمَ أَرأى لَيسَ كَالنَّخلِ الحَفـشُ
مَغَانِيـكَ يَـا عَبـدَ الغَنِـيَّ حُبَيِّـبِـي...بِها عَطَشٌ هَل مَن حبَاكَ لَهـا طَـشُّ
جَعَـلـتُ أُدَاوِي عِلَّتَـيـك تَـعِـلَّـةً...عَسَى الـدَّمُ يَرقَـا وَالتَّـوَرُّمَ يَنفَـشُّ
سَأَلـتُ أَطِبَّـاءَ المَـرِيَّـةِ عَنهُـمـا...وَقُرطُبَـة حَتَّـى الَّـذِي دَارهُ أَلــشُ
فَحَارَت عُيونُ القَومِ فِيكَ مِـنَ السَّنَـا...كَأَنَّكَ شَمـسٌ قابَلتهُـم وَهُـم عُمـشُ
وَفهـم سُلَيمـانٍ لِفَـضـلِ قَضـائِـهِ...لَدَى نَفشُ غَيـرِي يَقُـولُ لَـهُ نَفـشُ
خَبَـا وَنَبَـا لَـمَّـا أَتَــاهُ حَمـامُـهُ...فَخَرَّ لقىً وَالجِنُّ عَـن أَمـرِهِ تَعشُـو
ثَكلـتُ أَحبَّائِـي فَهَـل كُـلُّ شامِـتٍ...عَلَى ثِقَةٍ أَن لا يُغَشَّى الَّـذِي غَشُّـوا
تَزَهَّدت فِي الدُّنيا وَتُهتُ عَلـى المَـلا...فَلَو بِتُّ أطوَى لَم أَقُـل لَهُمَـا عشُّـوا
بِمَوتِ الَّـذِي يُسقِـي وَيُطعِـمُ مَالَـهُ...وَمَن شُربُـه وَغـلٌ وَمَطعَمُـهُ وَرشُ

وفتني دموع العين

وَفَتنِي دُمُوعُ العَينِ وَالصَّبرُ خَانَنِـي......فَجُرِّعت فِي حُبِّي لَكَ المُرَّ وَالحُلـوَا
وَضِقتُ بِهذَا الحُـبِّ ذرعـاً وَحيلَـةً......فَحَتَّى مَتَى أَشكُو وَلا تَنفَعُ الشَّكـوَى
وَهَبتُكَ حَظِّـي مِـن سـرورٍ وَلـذَّةٍ.....فَجازَيتَنِي أَن زِدتُ بَلوَى عَلَى بَلـوَى
وَشَى عِندَكَ الوَاشُونَ بِي فَهَجَرتَنِـي.....وَحَمَّلتَنِي فِي الحُبِّ مَا لَم أَكُن أَقـوَى
وَلَو أَنَّنِـي إِذ كُنـتُ عِنـدَكَ مُذنِبـاً.....وَجَدتُ سَبيلاً حَيثُ أَسأَلـكَ العَفـوَا
وِصالُكَ لِي مُحيٍ وَهَجـرُكَ قاتِلِـي.....وَحُبُّكَ شَغلٌ كُنتُ مِـن قَبلِـهِ خِلـوَا
وَقَفتُ عَلَى آثَـارِ وَصلِـكَ بِالحِمَـى.....وَأَنكَرتُ صَبرِي فِي مَعالِمِها شَجـوَا
وَقُلتُ لِعَينِي وَيْحَـكِ الآنَ فَاسجِمِـي.....دُمُوعاً كَمَا قَد كُنتِ زِدتِ بِـهِ لَهـوَا
وَحَقِّ الهَوى لا ذُقت غمضاً وَلا رَقَت.....دُمُوعك أَو تُحيِي المَحَلَّ الَّذِي أَقـوَى
وُرُودُ الرَّدى أَولَى وَإِن عِيـفَ وردُهُ.....لِمَن بَاتَ ظَمآناً إِلَى رِيقِ مَن يَهـوَى

متى يشتكي


مَتَى يَشتَكِي المُشتَاقُ مِمَّـن يُحِبُّـهُ.....وَهَل تَنفَعُ الشَّكوَى إِلَى غَيرِ رَاحِمِ
مَنِيَّتُـهُ أَولَـى بِـهِ مِـن حَيـاتِـهِ.....إِذَا كَانَ شَكوَى الحُبِّ ضَربَة لازِمِ
مُنِعتُ وُرُودَ المَاءِ وَالنَّارِ فِي الحَشَا.....فَحَتَّامَ أَصدَى مُفطراً مِثـلَ صَائِـمِ
مِياهُ الغَـوَادِي وَالجَـداوِلُ جَمَّـةٌ.....وَأَرغَبُ عَنهَا بِالدُّمـوعِ السَّوَاجِـمِ
مَوَاردُكُم أَشهَى إِلَى الحائِمِ الصَّدي.....وَلَو أَنَّهـا شَيَّبَـت بِسـمِّ الأَرَاقِـمِ
مَنَنتُـم عَلَينـا مَـرَّةً بِوِصالِـكُـم.....وَسالَمتُـمُ وَالدَّهـرُ غَيـرُ مُسَالِـمِ
مَحَوتُـم كِتابـاً لِلعِتـابِ خَطَطتُـهُ.....وَمُدَّ لِمَبنِيِّ الرِّضَـا كَـفُّ هَـادِمِ
مَعَالِمُ أَحيَـا الحُـبَّ فِيهَـا قَتِيلَـهُ.....وَأَنصَف مِن تِلكَ العُيونِ الظِّوَالِـمِ
مَلَكنَ فَلَمَّا جُـرنَ كَـانَ انتِصَافُنَـا.....بِتِلـكَ الثَّنايـا وَالخُـدودِ النَّوَاعِـمِ
مَلاماً لأَيَّامٍ مَضَينَ عَلَـى النَّـوَى.....وَمَعذِرَةً لِي فِي الصِّبَـا المُتَقـادِمِ

ترى قبلتك الريح

تُرَى قَبَّلَتكَ الرِّيـحُ عَنِّـي وَبَلَّغَـت.....مِنَ السِرَّ مَا استَودَعتُها حِينَ هَبَّـتِ
تَحِيَّـةَ مُشتَـاقٍ يَـعـضُّ بَنـانَـهُ.....عَلَـى قَـدَمٍ زَلَّـت وَلَـم تَتَثَـبَّـتِ
تَرَكتَ الَّتَي مِن أَجلِهَا جَدَّ بِي السُّرَى.....عَلَـى أَنَّنِـي أَحبَبتُهـا وَأَحـبَّـتِ
تَعَجَّبـتُ إِذ مَـدَّ النَّـوَى لِوَداعِنـا.....يَداً كَيفَ لَـم تُشلَـل هُنـاكَ وَتَبَّـتِ
تَقُولُ اصطَبر كَم ذَا البُكَاء فَقُلتُ مَـا.....دُمُوعِي جَرَت بَل أَبْحُرُ الشَّوقِ عَبَّتِ
تَمِيمِيَّـة تَرقِـي الضَّجِيـعَ بِرِيقِهَـا.....إِذَا عَقرَب مِنهَا عَلَى الصَّدغِ دَبَّـتِ
تَتِيهُ عَلَى شَمسِ الضَّحَـى فَكَأَنَّهـا.....مَعَ الحُورِ فِي دَارِ النَّعِيـمِ تَرَبَّـتِ
تَهُبُّ رِيَاحُ المِسـكِ مِـن نَفَحَاتِهـا.....فَمَا استَنشَقَتهَا الشَّيـبُ إِلاَّ وَشَبَّـتِ
تَرَاءَت لِعَينِي فِي المَنـامِ فَأَطفَـأَت.....بِزَورَتِها نَار الهَـوَى حِيـنَ شَبَّـتِ
تَمَثَّلتهَـا حَتَّـى إِذَا مَــا تَمَثَّـلَـت.....طَرِبتُ كَأَنِّـي قَـد دَعَـوتُ وَلَبَّـتِ


جوى تتلظى ناره

جَوَىً تَتَلَظَّى نارُهُ فِـي جَوَانِحِـي.....فَكَيفَ يَنامُ اللَّيـلَ حَـرَّانُ مُنضـجُ
جَفَاهُ الكَرَى وَالطَّيفُ قَد وَاصَلَ البُكَا.....فَحَتَّـى مَتَـى يَبكِـي وَلا يَتَفَـرَّجُ
جَرَى القَدرُ الجَارِي عَلَيـهِ بِفرقَـةٍ.....فَلَيسَ لَهَ مِن دَاخِلِ الهَـمِّ مَخـرَجُ
جَلِيد عَلَى الكِتمَانِ لَو لَم تَبُـح بِـهِ.....دُمُوعٌ عَلَى خَدَّيـهِ بِالـدَّمِ تُمـزَجُ
جَعَلتُ أَمْحِي مَـا كَتَبـتُ بِعَبرَتِـي.....وَكِدتُ لِسقمِـي فِـي كِتابِـي أدرجُ
جَوَاباً لَعَلَّ الكُتـب يُطفـئُ لاعِجـاً.....عَلَى كَبـدٍ مِـن ذِكرِكُـم تَتَوَهَّـجُ
جَزَى اللهُ مَن أَدَّى رِسَالَـةَ عَاشِـقٍ.....وَحَسَّنَ أعذَاراً مِـنَ البَيـنِ تَسمُـجُ
جَمِيلاً فَمَا فِعـلُ الجَمِيـلِ بَضَائِـع.....وَلا سِيَمَا فِي الصَّبِّ وَالصَّبِّ أَحوَجُ
جَنَيتُ عَلَى نَفسِي الهَـوَى فَقَتَلتُهـا.....وَحُبِّي بَرِيءٌ مِـن دَمِـي مُتَحَـرِّجُ
جَلاء هُمومِي طَيفِكُم يوضحُ الدُّجَى.....وَإِلاَّ فَأنفَـاسُ الصِّـبَـا تَـتَـأَرَّجُ


حسبت النوى تسلي

حَسبتُ النَوَى تُسلِي فَزِدتُ بِهَا هَوىً.....وَأَغلَقتُ بَابَ الوَصلِ مِن حَيثُ يُفتَحُ
حُرِمتُ وِصَالَ الحُبِّ فِي طَلَبِ الغِنَى.....وَأَيُّ غِنىً فِي وَجهِـهِ كُنـتُ أَربَـحُ
حَبانِي بِياقُـوتٍ مِـنَ الخَـدِّ أَحمَـرٍ.....وَدُرِّ فَمٍ مِنـهُ سَنَـا البَـرقِ يُلمَـحُ
حَبِيبٌ أحيِّـي مِنـهُ بِالبَـدرِ ناطِقـاً.....وَأَغبقُ خَمـراً مَـن لَمـاهُ وَأصبـحُ
حسانُ الدمَى تَصبُو إِلَى حُسنِ وَجهِهِ.....وَصَلدُ الصَفَا مِن لَمسِ كَفَّيهِ يَرشـحُ
حُسِـدتُ عَلَيـهِ قَاتَـلَ اللهُ حَاسِـدِي.....فَضَنَّ بِهِ الدَّهرُ الَّـذِي كَـانَ يَسمَـحُ
حَمـدتُ زَمَانِـي فِيـهِ ثُـمَّ ذَمَمتُـهُ.....وَمَا زَالَ هَذا الدَّهرُ يُهجَـى وَيُمـدَحُ
حَدِيثٌ لَهُ فِي النَّفسِ لَسـتُ أُذيعُـهُ.....فَتِذكَـارُهُ يُوسِـي الفُـؤَادَ وَيَجـرَحُ
حَضَرنا وَإِن غِبنَا جسوماً خَواطِـراً.....فَنَحـنُ قَرِيـبٌ وَالمَنـازِلُ نُــزَّحُ
حَيا عبرَتِي يُحيِي الرُّبَى بَعدَ مَوتِهَـا.....وَأَنـزَرُ مِنـهُ الوَابِـلُ المُتَبَـطِّـحُ


داء المحب دواء

أَمَـا لَـكَ يَـا دَاءَ المُحِـبِّ دَوَاءُ.....بَلَى عِندَ بَعضِ النَّاسِ مِنـكَ شِفَـاءُ
أَسِيرُ العِـدَا بِالمَـالِ يَفديـهِ أَهلُـهُ.....وَمَـا لأَسيـرِ الغَانِـيَـاتِ فِــدَاءُ
أُسُودُ الشَّرَى فِي الحَـربِ تَحمِـي.....نُفُوسهَا بِنَجدَتِها مَا لَم تعـنَّ ظبَـاءُ
إِذَا كُنتَ خِلواً فَاعذر الصَـبَّ فِـي.....الهَوَى فَمَا المُبتَلَى وَالمُستَريحُ سَوَاءُ
أَتَأمُرُنِـي بِالصَّبـرِ عَمَّـن أُحِبُّـه.....وَهَيهاتِ مَا لِي فِي هَـوَاهُ عَـزَاءُ
أَمُوتُ اِشتِياقاً ثُـمَّ أَحيَـا لِشقوَتِـي.....كَـذَاكَ حَيـاةُ العَاشِقِيـنَ شَـقَـاءُ
أَلا إِنَّ قَلبَ الصَبِّ فِـي يَـدِ حِبِّـه.....يُقَلِّبُـهُ فِـي الحُـبِّ كَيـفَ يَشَـاءُ
إِلَيكَ فَلَو ذُقـتَ الهَـوَى لَعَذَرتَنِـي.....جُفونـكَ وَسنَـى وَالفُـؤَادُ هَبَـاءُ
أَنَا لُمتُ أَهلَ العِشقِ قَبلَكَ فِي الهَوَى.....فَهَـا أَنَـا أُزرَى بَينَهُـم وَأُسَــاءُ
أَصَابَت فُؤَادِي أَسهُمُ اللَّحظِ إِذ رَمَت.....فَلِلَّـهِ قَتلَـى الأَعيُـنِ الشُّـهَـداءُ


زخارف دنيانا

زَخَـارِفُ دُنيَانَـا الأَنيقَـةُ أَصبَحَـت.....هَشِيماً كَمَـا رَثَّ الـرِّدَاءُ المُطَـرَّزُ
زَمَـانُ الصِّبَـا للهِ دَرُّكَ لَـم تَــزَل.....مَوَاعِيدُ مَن نَهـوَى لَنـا فِيـكَ تُنجَـزُ
زِيارَتُنـا فِـي كُـلِّ يَـومٍ وَسِـرُّنـا.....جَهـاراً بِـلا وَاشٍ يَرَانَـا فَيغـمِـزُ
زَنَت أَعيُـنٌ مِنَّـا وَعَفَّـت ضَمَائِـرٌ.....فَبِتنَـا وَأَيدِينَـا مِـنَ اللَّمـسِ تُحجَـزُ
زَرَرنَا عَلَى غَيرِ الفَوَاحِـشِ قُمصَنـا.....وَلَم نَستَجِـز إِلاَّ الَّـذِي هُـوَ أَجـوزُ
زَرَى وَجهُ مَن نَهوَى عَلَى البَدرِ إِذ بَدَا.....وَأَعجَزَهُ حُسنـاً وَمَـا كَـانَ يعجـزُ
زِيَـادَةُ بَـدرِ التـمِّ كَالنَّقـصِ عِنـدَهُ.....فَلِلبَـدرِ مِنـهُ خَجلَـة حِيـنَ يَبـرزُ
زِمَـامُ قُلُـوبِ العَاشِقِـيـنَ بِكَـفِّـهِ.....تُقَـادُ كَمَغلُـولِ اليَـدَيـنِ وَتُحـفَـزُ
زُبَى الأُسـدِ أَو أَشرَاكِهـا لَحَظاتُهَـا.....وَسَيفُ الرَّدَى فِيهَـا فَكَيـفَ التَّحَـرُّزُ
زَعَمتُـم بِـأَنَّ الحُـبَّ فِيـهِ تَـذَلُّـلٌ.....صَدَقتُـم وَفيـهِ لِلـمِـلاحُ تَـعَـزُّزُ


شمل الهوى

نَوىً فَرَّقَت شَملَ الهَوَى فَمياهـهُ.....تُـزالُ وَأَمَّـا عَهـدُهُ فَيُـصـانُ
نَعيمي وَعِـزّي كُنتُـم ثُـمَّ بِنتُـمُ.....فَعَيشي عَـذابٌ بَعدَكُـم وَهَـوانُ
نَصِيبِي مِنَ الدُّنيا الحَبيبُ وَوَصلُهُ.....بِهِ العَيشُ عَيشٌ وَالزَّمانُ زَمـانُ
نَهَتنِي النُّهَى عَن حُبِّكُم فَعَصيتُهـا.....وَهَيهَات يُثنَـى لِلمُحِـبِّ عَنـانُ
نَسيمُ الصَّبا مِن أَجلِكُـم أَستَطيبُـهُ.....وَإِن زَادَ فِي قَلبِي بِـهِ الخَفَقـانُ
نَدِمتُ عَلَيكُم مِثلَمـا يَنـدَمُ الفتَـى.....فَيقـرعُ سِـنٌّ أَو يعـضُّ بَنـانُ
نَفَت عَن جُفونِي النَّومَ ورقُ حَمائِمٍ.....شَكَونَ وَلَم يُفصِـح لَهُـنَّ لِسَـانُ
نعينَ إِلَى البَيـنِ لا كَـانَ يَومُـهُ.....فَمَا بَالُهُ لَـم يَخـلُ مِنـهُ مِكـانُ
نَدَبنَ وَلَم يَذرِفـنَ دَمعـاً وَإِنَّمـا.....تَناثَرَ مِـن دَمعِـي لَهُـنَّ جُمـانُ
نَكَأنَ قُرُوحِي لَو أَعَنَّ عَلَى الأَسَى.....بِدَمـعٍ أَلا إِنَّ الحَزيـنَ يُـعـانُ


صدقت وقد أودى الهوى

صَدَقتَ وَقَد أَودَى الهَوَى بِحشاشَتِـي.....عَشيَّـة زُمَّـت لِلرَّحيـلِ قِــلاصُ
صَدَدتَ عَنِ الماءِ الَّذِي كُنـتُ وارِداً.....وَأَقـوت رُسُـوم لِلصِّبـا وَعـراصُ
صُمِمتُ عَنِ الحَادِي عُميتُ مِنَ البُكَـا.....ذَملـتُ لِبَيـنٍ لَيـسَ عَنـهُ منـاصُ
صُرُوفُ اللَّيالِي فَوَّقت لِـي سِهَامهـا.....فَمَا لِي مِنَ الصَّبـرِ الجَمِيـلِ دلاصُ
صَرَفنا حِبالَ الوَصلِ عَن شَمسِ كُلَّـة.....عَلَيها مِـنَ اللَّيـلِ البَهِيـمِ عِقـاصُ
صَبَوتُ إِلَيهَـا فَاِشتَرَتنِـي بِلَحظِهـا.....رَخيصاً كَذَاكَ العَاشِقُـونَ رِخَـاصُ
صَفَا وُدَّها لَو لَم يَحُـل دُونَ وَصلهَـا.....وشـاةٌ وَحُـرَّاسٌ عَلَـيَّ حِــرَاصُ
صَبَـرتُ وَكِلتَـا مُقلَتَـيَّ سَخيـنَـةٌ.....لإِنسَانِهـا بَحـرُ الدُّمُـوعِ مَغَـاصُ
صَحَا كُلُّ قَلبٍ فَاستَراحَ مِنَ الهَـوَى.....وَلَيسَ لِقَلبِي مِـن هَـوَاكَ خَـلاصُ
صِلُوا فِى الهَوَى يَقتَصُّ مِنكُم جَرِيحكُم.....فَقَد قَالَ رَبِّـي وَالجُـروحُ قصَـاصُ


ضنى كان أبداه

ضَنىً كَانَ أَبـدَاهُ الهَـوَى فَأَعَـادَهُ.....سَوادٌ بَـدَا فِـي حُمـرَةٍ وَبَيَـاضِ
ضَواحِكُ أَزهارٍ وَأَعيُـنُ نَرجِـسٍ.....أَشَـارَت بِأَلحَـاظٍ إِلَـيَّ مِـرَاضِ
ضَحَى وَرد خَدَّيهِ يَعـودُ بَنَفسجـا.....إِذَا مَا اجتَنـاهُ عَاشِـقٌ بِعضَـاضِ
ضَعِ السَّيفَ وَاقتُل مُهجَتِي بِمَحَاجِرٍ.....مِرَاضٍ وَإِن تَختَر فَغَيـر مِـرَاضِ
ضَرَبتَ بِهَا فِي كُلِّ قَلـبٍ أَسَرتَـهُ.....فَكَم مِن قَتِيلٍ وَهوَ لَيـثُ غِيَـاضِ
ضَلالَةُ قَلبِي وَهوَ عِنـدِي هِدَايَـةٌ.....تَنَزّهُ طَرفِـي وَالمِـلاحُ رِيَاضِـي
ضَمِنتُ بِأَنِّي لَستُ أَسلُو عَنِ الهَوَى.....وَحَكَّمتُهُ فَليَقضِ مَـا هُـوَ قَـاضِ
ضَنَنتُ بِسُلوَانِي وَجُدتُ بِمُهجَتِـي......فَهَل أَنتَ عَن فِعـلِ المُتَيَّـمِ رَاضِ
ضُلوعِي عَلَى نَارٍ مِنَ الوَجدِ تَنحَنِي.....وَلكِنَّنِـي جَلـدُ القُـوَى مُتَغَـاضِ
ضَغَائِنُ فِي هَذَا الزَّمانِ عَلَى الفَتَى.....فَمُستَقبلٌ مِـن خَطبِهِـنَّ وَمَـاضِ


عجبت من الأيام

عَجِبتُ مِنَ الأَيَّامِ كَيـفَ تَقَلَّبَـت.....بِنـا فَتَفَرَّقنـا كَـأَن لَـم نُجَمَّـعِ
عَباديدُ شَتَّى مِثلَ مَا نَثَرَ الأَسَـى.....فَرَائِد مِن دَمـعِ الفُـؤَادِ المُفَجَّـعِ
عِدُونِي فَإِن لَم تُنجِزوا رُبَّ مَوعِدٍ.....شَفَا غُلَّتِي مِنكُم وَإِن خَابَ مَطمَعِي
عَلَى الدَّهرُ أَيْمان بِأَن لا يُرَى لَنا.....شَتَـاتٌ وَأَبعَـادٌ لِجَمـع مُلَمَّـعِ
عَسَى الطَّيف أَن يَزدَارَنِي فَأَبثَّـهُ.....سَرَائِرَ شَوقٍ لِلحَبيـبِ المُـوَدِّعِ
عَهِدتُ الهَوَى حُلواً فَلَمَّا شَرِبتُـهُ.....تَجَرَّعتُ مِنهُ غُصَّـة المُتجَـرِّعِ
عَشِيَّات أَيَّام الحِمَى جَادَكَ الحَيَـا.....لَقَد كُنتِ رَيْحانَ المُحِبِّينَ فَارجِعِي
عَذَارُك مِسكٌ أَذفرٌ فِـي أُنوفنَـا.....فَشَوقاً إِلَى مَشمُومك المُتَضَـوِّعِ
عَمِيدُ الهَوَى يُشفَى بِهِ مِن سِقَامِـه.....فَأَهـدِ إِلَينَـا نَـشـرهُ نَتَمَـتَّـعِ
عَفَا اللهُ عَن ذَا الدَّهر إِن رَدَّ شَملنَا.....وَشَعَّبَ مِنَّا كُـلَّ قَلـبٍ مُصَـدَّعِ


لا يضق من صدره

لا يَضِقْ مَنْ صدرُهُ حَرجٌ.....شَيْخُنَا الشَّعْبِيُّ شارِحُـهُ
إِنَّمـا أخلاقُـهُ زَهَــرٌ.....عطَّـر الآفَـاقَ فائِحُـهُ
إِنَّمـا أقـلامُـهُ أَسَــلٌ.....هابَهَا فِي الجَوِّ رَامِحُـهُ
قَبِلَ الشَّعْبِيُّ حِيـنَ دَعَـا.....فَكبـا باللَّيـثِ سابِحُـهُ
بِتَميمٍ حِيـنَ حَـانَ بِـهِ.....الحَيْنُ وانقَادَتْ جَوامِحُهُ
ضَعُفتْ مِنهُ القُوَى فَغَدَتْ.....مِـن قَوارِيـر قَوَارِحُـهُ
وانْجَلَتْ عَن حُسْنِ مالِقَةٍ.....بِفَقِيهيـهـا قَبـائِـحُـهُ
وَصَفا البَحرَانِ مِن كَـدَرٍ.....فَارتَوَى بِالمَـاءِ مَائِحُـهُ
ذِكْرُهُ غَنَّى الزَّمَـانُ بِـهِ.....وَأَنَـا فِيـهِ أُطَـارِحُـهُ

Sami Dorbez
14/12/2007, 21h40
لحا الله دهرا

لَحَا اللهُ دَهراً حَالَ بَينِي وَبَينَكُـم.....وَحَرَّمَ وَصلَ الحُبِّ وَهوَ مُحَلَّـلُ
لِبانَاتُ نَفسِي عِندَكُـم وَشِفاؤُهـا.....مِنَ السقمِ لَو أَنَّ السَّقيـمِ يُعَلَّـلُ
لَبِستُ الضَنَى حَتَّى تَبَدَّلت صورَةً.....سِوَى صورَتِي وَالحُبُّ لا يَتَبَـدَّلُ
لَعَلَّ اللَيالِي وَالحَوادِث خَصمُنـا.....كَما حَكَمَت فِينَا بِجَـورٍ سَتَعـدلُ
لَقَد ضِقتُ ذرعاً بِالهَوَى ثُمَّ بِالنَوَى.....وَلا ذَنـبَ لِـي لكِنَّنِـي أَتَجَمَّـلُ
لَمَى شَفَةِ المَحبُوبِ أَو وَردُ خَدِّهِ.....مَدَى أَمَلى لَو تَمَّ لِي مَـا أَؤمّـلُ
لَعَمرِي لَو قَبَّلتُهُ كَيـفَ أَشتَهِـي.....لأَعطَيتهُ دُنيَايَ لَـو كَـانَ يَقبَـلُ
لَهَوتُ بِهِ لَهوَ التَريـف بِكَأسِـهِ.....يُوَلِّي بِتَوقيـعِ المـدَامِ وَيَعـزِلُ
لِسَانِيَ حُلوٌ وَهوَ أَحلَى لَـوَ إِنَّـهُ.....يعلُّ بِسِلسَالِ الرُّضَـابِ وَيَنهَـلُ
لِيَ الوَيحُ إِن لَم أَحظَ مِنكَ بِنَظرَةٍ.....مُعاوِدَةٍ أَحيَـا بِهَـا حِيـنَ أُقتَـلُ


هوى الحب ريحان

هَوَى الحُـبِّ رَيْحَـانٌ وَرَوحٌ لأَهلِـهِ.....وَإِن نَضَـجَـت أَكبـادُهُـم بِـلَـظَـاهُ
هَريقُوا دَمِي فِـي حَـقِّ حُبِّكُـمُ فَمَـا.....أَرَى الـحُـبَّ إِلاَّ أَن يَبِـيـحَ أَخَــاهُ
هَنيئاً مَريئاً فِـي الهَـوَى لَكُـمُ دَمِـي.....رِضاكُم عَنِ الصَـبِّ العَمِيـدِ رِضَـاهُ
هَجَرتُم وَخُنتُم عَهـدَ مَـن لَـم يَخُنكُـمُ.....وَقُلتُـم مَـلـولٌ وَالمَـلـولُ سِــوَاهُ
هَدَمتُـم بِنَـاءَ الحُـبِّ مِنَّـا بِهَجرِكُـم.....وَفِي مِثلِكُـم يرضِـي الحَليـمُ صبَـاهُ
هَـدَى اللهُ قَلبِـي لِلهَـوى وَأَضَـلَّـهُ.....وَلَو شاءَ مِـن بَعـدِ الضَّـلالِ هَـدَاهُ
هَـوَىً عُـذرُهُ أَدنَـى هَـوايَ وَإِنَّمـا.....بَلِيَّـةُ مَـن يَهـوَى بِـقَـدرِ هَــوَاهُ
هُمُـومٌ جَلَبـنَ الشَّيـبَ قَبـلَ أَوَانـه.....وَصَدَّعـنَ قَلبـاً لا يُـغَـضُّ صَـفَـاهُ
هَرِمتُ وَشَابَـت لِمَّتِـي غَيـرَ أَنَّنِـي.....فَتَى الحُـبِّ وَالشَّيـخ الظَّرِيـف فَتَـاهُ
هَزَمتُ جُيوشَ الصَّبرِ فِي مَعرَكِ الهَوَى.....وَقَصَّرتُ فِـي الهَيجَـاءِ طُـولَ قَنَـاهُ


وهبت قواي

وَهَبتُ قوايَ للحَـدَق الضِّعـافِ.....وَإِن كَانَت بِسَفكِ دَمِـي تُكَافِـي
فَكَانَت الضَّعـف قُوَّتهـا عَلينـا.....وَهَل ذَا الطَّبعُ إِلاَّ فِي السُّـلافِ
شُغِلنا عَن مُساعَـدةِ اللواحِـي.....بشاغِلَةِ الحجيجِ عَـن الطَّـوافِ
خضبتُ الشَّيبَ أَخْدَعُها فَقَالَـت.....تَشَبَّهَـتِ الحمامَـةُ بالـغُـدَافِ
فَقُلتُ صَدَقت لِمَ أَنكـرتِ مِنِّـي.....وَأَنـتِ عَفِيفَـةٌ بِنـت العَفـافِ
فَقَالَت بَيننا فِي الشَّيْـبِ خُلْـفٌ.....ويُفتِينـا بِمسـأَلـةِ الـخـلافِ
وَلَـمَّـا أَينـعَـتْ رُمَّانتـاهَـا.....وَنَادَى الوَصْلُ حَيَّ عَلَى القِطَافِ
تَـأَذَّتْ فِيهمـا بفَمِـي فَقَالَـت.....شَمائلُ عَاشِـقٍ وَفِعَـال جَـافِ

محمد حكيمة
08/01/2008, 20h47
أخي سامي شكرا على تمتيعنا بشعر علي الحصري. وبما أنني أمتلك قصيدة " رثاء القيروان " كاملة ها انني أكمل عملك وأضعها. لأنني مغرم بها وأعتبرها من أرق ما كتب لرقة مشاعرها. فقد كتبها وهو في قمة تأزمه فقد مات ابنه البار عبد الغني سمي أبيه وفقد لذة العيش في مدينة القيروان. فجاءت من أصدق ما كتب عاطفة.
رثاء القيروان


01 ) في كل يوم مع الأحباب لذّات فليس في العيش مسرور إذا فاتوا
02 ) فاستغنم الوصل من خلّ تسرّ به واصبر إذا أخذتْ منك الملمّات
03 ) وكل خلّ وإن دامت مسرّته فلا بدّ أن تتقاضاه المساآت
04 ) لا تنأ مبتغيا قوتا تعيش به ففي أحاديث من تهواه أقوات
05 ) ولا تقل تشمت الأعداء محتضري إنّ اغترابك أيضا فيه إشمات
06 ) وما عسى حرب صفّين بحيث ترى من يصطفي والسِّنون اليوسفيّات
07 ) موتُ الكرامِ حيَاةٌ فِي مواطنِهمْ فإِنْ هُم اِغتربوا ماتوا وما ماتُوا
08 ) كنّا وكان لنا في ما مضى وطن لكنّها أسهم الدّنيا مصيبات
09 ) أستودع الله إخوانا مبوّؤهم في القـلب نارهم للعين جنّات
10 ) تطول أوقات يوميَ بي وأحسبها لفقدهمْ سنوات وهي ساعات
11 ) أ كلّما قلت في قرب الدّيار عسى أبت عليّ بحكم البين هيهات
12 ) أم هل يصيف ويشتو الوجد في كبدي وأهل ذاك الصّفاء المحض أشتات
13 ) ما بين شرق إلى غرب فوا أسفي متى يضمّهمُ للوصل ميقات
14 ) تفرّقوا كدموعي عند ذكرهمُ فليت شعري كما قد بت هل باتوا
15 ) يا أهل ودّيَ هل في القرب من طمع فتشتفي بكمُ هذي الصّبابات
16 ) يا أهلَ ودِّيَ لا واللهِ ما اِنتكثَتْ عندِي عُهودٌ ولا ضاقَتْ مودَّاتُ
17 ) لئِنْ بعُدْتُمْ وحالَ البَحْرُ دونَكُمُ لبَيْنَ أرواحِنا في النَّومِ زَوْرَاتُ
18 ) مَا نِمْتُ إلاّ لكي أَلْقَى خيالكُمُ وأينَ من نازح الأوطانِ نوماتُ
19 ) إِذَا اِعتَللنا تعلَّلنا بذِكرِكمُ لو أحسنَت بُرءَ عِلّاتٍ تَعِلّاتُ
20 ) ماذا على الرِّيح لو أَهْدَتْ تحيّتَها إليكمُ مِثْلَ ما تُهْدَى التحيَّاتُ
21 ) لنا قلوب شجيّات لفقدكمُ فهل لكم بعدنا هذي السّجيّات
22 ) أَصبحتُ فِي غُرْبتِي لولا مُكاتمتِي بَكَتْنِيَ الأرضُ فيها والسماواتُ
23 ) لا أذّعي أنّ لي فيها أخا ثقة سوى بكاء لقلبي فيه راحات
24 ) أستغفر الله ما زالت له نعم تتري عليّ وإن قلّت مسرّات
25 ) هي الأمانيُ لا جحدا لديّ بها فإن ذكرتكمُ فهي المنيّات
26 ) أطربتموني فما أدري أذكركمُ أم غُنِّـيت من بديع الشّعر أبيات
27 ) هب مقلتي غُطِّيت بالذّمع من نظري فما لسمعيَ لا تلهيه أصوات
28 ) يكاد يُحيـِي الرّبا لولا حرارته دمعي، وتصبح فيه منه أنّات
29 ) كأَنَّني لم أذُق بالقيرَوانِ جَنىً ولم أقلْ ها لأحبابي ولا هَاتوا
30 ) ولم تَشُقْنِي الخدُودُ الحُمْرُ في يَققٍ ولا العُيونُ المِرَاضُ البابِليَّاتُ
31 ) أَبَعدَ أيّامِنا البِيضِ الّتِي سَلَفَتْ ترُوقُنِي غَدَواتٌ أو عَشِيَّاتُ
32 ) حتّى متى تقتضي العادات أنفسَنا ولا يُـطاق إلى الأوطان عوذات
33 ) أنّى يطيق رهين الشّام منصرَفا وبالشّام له أيضا لبانات
34 ) أمُرُّ بالبَحْرِ مُرْتَاحاً إلى بَلَدٍ تَموتُ نفسي وفيها منه حاجاتُ
35 ) وأَسأَلُ السُّفْنَ عن أخبارهِ طَمَعاً وأنْثَنِي وبقَلبي منه لَوْعَاتُ
36 ) هل من رسالةِ حِبٍّ أستعينُ بها على سقامِي فقد تَشفي الرِّسالاتُ
37 ) أَلا سَقَى اللهُ أرضَ القيروان حَياً كأنَّه عَبَراتِي المُستهلّاتُ
38 ) وكفّ عنها أكفَّ المفسدين لها ولا عَدَتْها من الخيرات عاذات
39 ) فإِنَّها لِدَةُ الجَنَّاتِ تُرْبَتُها مِسْكِيَّةٌ وحَصاها جَوهرِيّاتُ
40 ) إِلاّ تَكُن فِي رُباهَا روضةٌ أُنُفٌ فإِنَّما أوجهُ الأحباب روْضَاتُ
41 ) أوْ لا يَكُنْ نهر عذبٌ يسيلُ بها فإِنَّ أنهارَها أَيْدٍ كريماتُ
42 ) أَرضٌ أَريضة أَقطارٍ مباركةٍ للّه فيها براهينٌ وآياتُ
43 ) حاشا البقاع الثلاثَ الطّيّبات وقلْ خيرُ البقاع تصذّقكَ الشّهادات
44 ) كم من وليّ بها لله مرتقِب حياته كلّها نسك وإخْبات
45 ) وكم إمام هدًى في مُرْتقى ملك قد توّجته المعالي والمهابات
46 ) أقلامه أمَنٌ في كلّ واقعة من العمى، والفتاوى والقراآت
47 ) وكم بها من ذكيّ الطّبع قد فضحت قُسَّ بنَ ساعدةٍ منه الفصاحات
48 ) وفي سماء المعاني تحت أخمَصِـهِ بكلّ فخرٍ إذا ما قال إنصات
49 ) لاَ يَشمتَنَّ بها الأعْداءُ إِن رُزِئتْ إنَّ الكُسُوفَ له في الشمس أَوْقاتُ
50 ) ولم يَزَلْ قابضُ الدُّنيا وباسِطها فيما يشاء له مَحْوٌ وإِثْباتُ
51 ) إنّا إلى الله سُرَّ الحاسدون بما أصابنا واشتفت منّا العداوات
52 ) الحمد لله أن لسنا بأوّل من حلّت بهم لبِنات الدّهر حالات
53 ) كذا الليالي فلا تنكر عجائبها للشّرّ فيها كما للخير كرّات
54 ) فإن نظرت لتجريب فأكثر مَنْ يشكو الزّمان ألبّاءٌ وسادات
55 ) تأنّ واغـفـرْ لهذا الدّهرِ زلّته فقد تكون مع الأحلام زلاّت
56 ) واصبرْ على البؤس فالذّنيا بذا عُرِفت محامد العيش تقفوها مذمّات
57 ) في قدرة الله أن يقضي بفرجة من ضاقت عليه من الذّنيا المكانات
58 ) هل مطمعٌ أن تُرَدَّ القيروانُ لنا وصَبْرَةٌ والمعلّى فالحنيّاتُ
59 ) ما إن سجا اللّيلُ إلّا زادَني شَجَناً فأتبعَتْ زَفراتي فيه أنَّاتُ
60 ) ولا تنَفَّسْتُ أنْفاً فِي الرِّياضِ ضُحىً إِلّا بدَتْ حَسَراتي المستكنَّاتُ
61 ) هذا ولم تشْجُ قْلبِي للرَّبابِ رُبىً وَلا تَقَصَّتْهُ من لُبْنَى لُباناتُ
62 ) وكم دُعِيتُ لبُستانٍ فجدَّد لي وَجْداً وإن كان في مَعناه سَلْوَاتُ
63 ) ولو تَرانِي إذا غَنَّتْ بَلابِلُهُ أشكُو البلابلَ لو تُغْني الشَّكِيَّاتُ
64 ) إِنّي لأَظْمَأُ والأنْهارُ جارِيةٌ حَولي وأُضْحي ودُونَ الشَّمس دَوْحَاتُ
65 ) ولا أرَى الموتَ إلّا باسطاً يدَهُ مِن قبْلِ أن يُمْكِنَ المأسور إفْلاَتُ
66 ) وإنّني لجدير أن أموت أسًا لكنّ أسباب مَحْـيايا الرّجيّات
67 ) أبْلِغْ أحبَّتَنا الباكينَ من جِهتِي أنِّي حَمْتِني أُسُودٌ حِمْيَرِيَّاتُ
68 ) مِن الضَّراغِمِ إِلّا أَنَّ غابَهُمُ بِيضٌ حِداد وحُمْرٌ سَمْهَرِيَّاتُ
69 ) فمن يَكنْ فيه بينَ اِثنَينِ مُختلفٌ فذا الّذي اِتّفقَت فيه البَرِيَّاتُ

علي الحصري القيرواني
أخوكم محمد عامر حكيمة

محمد حكيمة
08/01/2008, 21h03
ها هي نفس القصيدة محمولة "وورد" لأنني لم أنتبه عندما نسختها بطريقة copier coller أن الصدر والعجز سيلتصقان. ولو انتبهت لفرقت بينهما ببعض النجوم.
محمد عامر حكيمة

محمد حكيمة
09/01/2008, 12h59
في الصفحة الثانية حمل لنا الأخ محمود قصيدة رائعة وصف فيها الشاعر عيون الحبيبة بالعيون الهاروتية. وعبر صديقنا عن عدم فهمه لذلك. ولتعميم الفائدة للجميع. هذا هو تفسيرها.
العيون الهاروتية = العيون الساحرة
وهذه كناية من الشاعر على الآية 102 من سورة البقرة التي تذكر الملكين : هاروت و ماروت.
وهذه قصتهما:
[SIZE="5"]قصة هاروت و ماروت

موقع القصة في القرآن الكريم:

ورد ذكر القصة في سورة البقرة

قال الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 102].

القصة:

والقصة: أن اليهود نبذوا كتاب الله واتبعوا كتب السحرة والشعوذة التي كانت تُقْرَأ في زمن ملك سليمان عليه السلام. وذلك أن الشياطين كانوا يسترقون السمع ثم يضمون إلى ما سمعوا أكاذيب يلفقونها ويلقونها إلى الكهنة، وقد دونوها في كتب يقرؤونها ويعلمونها الناس وفشا ذلك في زمان سليمان عليه السلام، حتى قالوا إن الجن تعلم الغيب، وكانوا يقولون هذا علم سليمان عليه السلام، وما تمَّ لسليمان ملكه إلا بهذا العلم وبه سخر الجن والإنس والطير والريح، فأنزل الله هذين الملكين هاروت وماروت لتعليم الناس السحر ابتلاءً من الله وللتمييز بين السحر والمعجزة وظهور الفرق بين كلام الأنبياء عليهم السلام وبين كلام السحرة.

وما يُعلِّم هاروت وماروت من أحدٍ حتى ينصحاه، ويقولا له إنما نحن ابتلاء من الله، فمن تعلم منا السحر واعتقده وعمل به كفر، ومن تعلَّم وتوقَّى عمله ثبت على الإيمان.

فيتعلم الناس من هاروت وماروت علم السحر الذي يكون سبباً في التفريق بين الزوجين، بأن يخلق الله تعالى عند ذلك النفرة والخلاف بين الزوجين، ولكن لا يستطيعون أن يضروا بالسحر أحداً إلا بإذن الله تعالى، لأن السحر من الأسباب التي لا تؤثر بنفسها بل بأمره تعالى ومشيئته وخلقه.

فيتعلم الناس الذي يضرهم ولا ينفعهم في الآخرة لأنهم سخروا هذا العلم لمضرة الأشخاص.

ولقد علم اليهود أن من استبدل الذي تتلوه الشياطين من كتاب الله ليس له نصيب من الجنة في الآخرة، فبئس هذا العمل الذي فعلوه.

والخلاصة: أن الله تعالى إنما أنزلهما ليحصل بسبب إرشادهما الفرق بين الحق الذي جاء به سليمان وأتم له الله به ملكه، وبين الباطل الذي جاءت الكهنة به من السحر، ليفرق بين المعجزة والسحر.

وإن ورد غير ذلك في شأن هذه القصة فلا يبعد أن يكون من الروايات الإسرائيلية.

أخوكم محمد عامر حكيمة

Sami Dorbez
06/04/2008, 23h37
شكرا يا محمد حكيمة على هذه الاضافة كما قلت فشاعرنا الحصري الشائع الصيت نحبه جميعا من ايام الدراسة ونحفظ اشعاره عن ظهر قلب.
وان كان 90 بالمائة من الناس لا يعرفونه كما قال الاستاذ محمود فهذه مشكلة تكمن في مدى مطالعاتهم للادب العربي القديم فهنا في تونس الحصري معروف بدرجة 95 بالمائة وتدرس اعماله في جميع المعاهد...

Sami Dorbez
12/05/2008, 19h43
إبراهيم الحصري وكتابه «زهر الآداب»
بقلم الكاتب التونسي: الشاذلي الساكر


أ ـ توطئة

لم يتوفر لهذه القامة الادبية من الدراسة ما توفر لغيرها من القامات كالجاحظ والمبرد وابي الفرج الاصفهاني وابن قتيبة، علما أن لكتابات الحصري التأثير الكبير على كل معاصريه واللاحقين به وأخصهم بالذكر ابن حزم هذا الحكم استخلصه كل الذين درسوا ـ على قلتهم ـ «زهر الآداب وثمر الألباب» و«المصون في سرّ الهوى المكنون».

يقول العمري: «إن الحصري عارض الجاحظ بكتابه الذي وسمه «بزهر الآداب وثمر الألباب» ولو لا أنه شغل أكثر اجزائه بكلام أهل العصر دون كلام العرب لكان كتابه الأدبي لا ينازعه فيه إلا من صلق عينيه الرمد واعمى بصيرته الحسد».

ويقول احمد أمين: «من كبار المؤلفين في الادب ابراهيم ابن علي الحصري وكتاب «زهر الآداب يدل على ذوق في الأدب رقيق واطلاع واسع على ما أنتجه الادباء من الجمال والروائع والرسائل البليغة».

ويقول زكي مبارك: «كان المتقدمون بدراسة «الكامل» للمبرد و«البيان والتبيين» للجاحظ و«أدب الكاتب» لابن قتيبة و«النوادر» لأبي علي القالي، وكانت هذه الكتب هي اصول الأدب عندهم كما ذكر ابن خلدون وعندي ان «زهر الآداب» أغزر مادة وأكبر قيمة من جميع تلك المصنفات لان ذوق الحصري ذوق أدبي صرف أما اولئك فقد كانت اهواؤهم بين اللغة والرواية والنحو والتصريف».
ويقول محمد سلامة يوسف: «لزهر الآداب قيمة تاريخية اخرى لا تقل عن قيمته الأدبية، فقد اشتمل على نصوص وحوى معلومات تاريخية كثيرة لها خطرها وقيمتها الكبيرة في تاريخ الأدب العربي كما احتفظ بنصوص نادرة قل ان نجدها في غيره من المصادر».
ويقول محمد الشويعر: «أن الحصري بهذا المنهج قد رسم طريقا جديدا في أدبنا العربي وهو المنهج المتبع في العصر الحاضر في الرسائل العلمية «ماجستير ودكتوراه.... فهذا النمط الذي نراه ليس مستفادا من الغرب أو هو من ابتكارات جامعاته وانما هو في اساليب الادباء العرب وفي طليعتهم الحصري رسموه لمن بعدهم منهجا واختطوه لبني عصرهم دربا يسار عليه استفاده الغربيون منهم قبلنا وساروا عليه في ابحاثهم».

Sami Dorbez
12/05/2008, 19h44
ب ـ حياته وانتاجه الفكري

هو ابراهيم بن علي بن تميم المشهور بالحصري القيرواني ويكنى ابا اسحاق. والحصري بضم الحاء المهملة وسكون الصاد المهملة وبعدها راء مهملة نسبة الى عمل الحصر أو بيعها كما يذهب الى ذلك ابن خلكان في «وفيات الأعيان» لكن حسن حسني عبد الوهاب يقول انها نسبة الى «الحصر» وهي قرية كانت قرب القيروان كان يمنع بها الحصر.

لا يكاد يعرف الكثير عن نشأته الاولى، ثقافته، دراسته، اساتذته، لكن من المؤكد أنه أخذ العلم عن علماء القيروان وبلغ فيه شوطه الأخير.
مارس الحصري مهنة التدريس وحذقها مستقطبا طلاب الادب من كل حدب وصوب.

يقول ابن رشيق وهو تلميذه: «كان شبان القيروان يجتمعون عنده، ويأخذون عنه ورأس عندهم وشرف لديهم وسارت تأليفه، وانثالت عليه الصلات من الجهات».

هنالك اختلاف في سنة وفاته، يذهب ابن خلكان الى أنه توفي سنة ثلاث عشرة واربعمائة، وهذا ما قاله ايضا ابن رشيق وياقوت، ويذهب ابن بسام في «الذخيرة» الى أنه توفي في سنة ثلاث وخمسين واربعمائة وقد رجحها «الزركلي».

Sami Dorbez
12/05/2008, 19h46
ج ـ مؤلفاته:


1 ـ كتاب «جمع الجواهر في الملح والنوادر» جمع فيه الملح والفكاهات والنوادر والطرائف من جيد النثر والشعر، وقد جاء في مقدمته «... وقد تجنبت ان اهدى اليك وارد عليك ما يخرج به قائله في الدين عن اتباع سبيل المؤمنين».

وقد سماه عبد القادر البغدادي كتاب «الجواهر في الملح والنوادر».
وطبع هذا الكتاب تحت عنوان «ذيل زهر الآداب»

2 ـ كتاب «النورين» هكذا سماه «ياقوت» أما الصفدي فقد سماه «نور الظرف ونور الطرف» وهذا الكتاب كما يقول عنه حسن حسني عبد الوهاب «مختصر وضعه الحصري لكتابه زهر الآداب».
3 ـ «طيبات الأغاني ومطريات القيان» وهو كتاب مفقود، وقد أشار اليه الحصري ونقل عنه قطعة في كتابه «جمع الجواهر» حيث يقول: «وقد كتبت جزءا مما قيل في طيبات الأغاني ومطربات القيان وانا أعيد منها هنا قطعة ترتاح «إليها الأرواح».
4 ـ «المصون في سر الهوى المكنون»

يقول عنه ابن خلكان: «كتاب المصون في سر الهوى المكنون» في مجلد واحد فيه ملح وآداب» ويقول عنه حسن حسني عبد الوهاب «أنه يقع في مجلد واحد فيه حوالي اربعمائة ورقة».
وقد لفت الشاذلي بويحي النظر الى تقارب المضامين بين «المصون» و«طوق الحمامة» لابن حزم واتبعه في ذلك محمد بن سعد الشويعر، وقد استخلصا ان الحصري وابن حزم اشترك في نفس المضامين في بعض الاحيان بصيغ لقيطة متطابقة وذلك فيما تعلق بماهية الحب وبطبيعته وبعلاماته وبنتائجه، والهجر واشكاله وانعكاساته النفسانية السلبية.

كما اشتركا في ذكر العشاق من الزهاد والعباد والفقهاء وقد احتجا معا بعبيد الله بن عبد الله.
كما ان هذا التشابه يكمن أيضا في:
ـ اعتذار الحصري للقارئ على تأليفه لكتابه المذكور وهكذا فعل ابن حزم، وكانت صيغ الاعتذار متطابقة اذ أخذت عن قول لعمر بن الخطاب «ضع امر أخيك على أحسنه حتى يأتيك أمر يغلبك ولا تظهر بكلمة خرجت من فم امرئ مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محملا».

ـ تقارب الهدف العام من الكتابين، اذ ان الحصري ينص على ان كتابه «المصون» هو حوار بين أليفين، ويعنون ابن حزم كتابه بـ«طوق الحمامة في الألفة واللالقاء»
ـ اختتم الحصري كتابه بقوله: «وانا استغفر الله من الاشتغال بفضول المقال والاعمال» وهذا ما فعله ابن حزم فنجده يقول «وانا استغفر الله تعالى مما يكتبه الملكان ويحصيه الرقيبان».
وقد اجتهد محمد الشويعر في ايجاد البراهين التاريخية التي تثبت ان ابن حزم تأثر في كتابه «طوق الحمامة» بكتاب «المصون» للحصري.

5 ـ «ديوان شعر» يعرف بديوان الحصري وقد أشار إليه ابن خلكان في كتابه «وفيات الأعيان» وقد فقد هذا الديوان ولم يصل إلينا منه إلا شذرات ونتف من قصائد متناثرة في بطون الكتب، وقد عمل حسن حسني عبد الوهاب على جمع ما عثر عليه منها ونشرها في كتابه «المنتخبات التونسية للناشئة المدرسية» ثم أعاد نشرها في كتابه «مجمل تاريخ الأدب التونسي».
من بين هذه الأشعار قصيدته التي يصف فيها الياسمين قبل انفتاحه:

خليلي هبا وانفضا عنكما الكرى
وقوما الى روض ونشر عبيق
فقد راح رأس الياسمين منورا
كأقراط در قممت بعقيق
يميل على ضعف الغصون كأنما
له حالتا ذي غشية ومفيق
اذا الريح ادانته الى الارض خلته
نسيم جنوب صمخت بخلوق

وقصيدته التي يخاطب فيها صديقا كاتبه:


قرأت كتابك الأعلى محلا
لديّ وموقعا شرفا وقدرا
فأحياني وقد غودرت ميتا
وأنشرني وقد ضمنت قبرا
نقشت بحالك الانقاش نورا
جلا لعيوننا نورا وزهرا
فدبج من بسيط الفكر روضا
أنيقا مشرق الجنبات نضرا
لو استسقى الغليل به لأروى
أو استشفى الغليل به لابرا
هفا عطر الجنوب له نسيم
أقول اذا أتاسم منه نشرا
نشرت لنا الكافور مسكا
ولم تنشر على القرطاس حبرا

Sami Dorbez
12/05/2008, 19h48
6 ـ «زهر الآداب وثمر الألباب»

يقول عنه «ابن خلكان» وله (الحصري) كتاب «زهر الآداب وثمر الألباب» جمع فيه كل غريبة أما ياقوت فقد سماه بدوره «زهر الآداب» «...، والذي اعرفه أنا من تصانيفه كتاب «زهر الآداب» وقد اختصره الامام ابو الحسن علي بن علي بن برّي، واسم هذا المختصر «اقتطاف الزهر واجتناء الشعر».
وبالتالي فإن عنوان الكتاب لم يختلف فيه الادباء والنقاد قديما وحديثا. وهو عنوان مركب من جزئين «زهر الآداب» و«ثمر الالباب» ولعل عدم الاختلاف هذا يرجع الى أن الحصري حسم الأمرفي مقدمة مصنفه بقوله «فمهما تراه من ذلك في هذا الاختيار ما أقل ذلك في جميع المسالك الجارية في هذا الكتاب الموسوم «زهر الآداب وثمر الألباب».
بالنسبة لتاريخ تأليفه هنالك من يذهب الى أن «زهر الآداب» قد ألف في سنة 405 هـ وذلك بالرجوع الى حاشية في احدى مخطوطات الكتاب التي تحمل الرقم (416 ـ تيمور) والتي جاء فيها ـ ما قيل بخط الحصري
«... وكان إخراجي لهذا الكتاب من القوة الى الفعل وإظهاره من العدم الى الوجود في شهر الله المعظم سنة خمس واربعمائة...».
بالنسبة لابن بسام (ت 542 هـ) في الذخيرة، وابن خلكان (ت 674) في «وفيات الأعيان» نقلا عن الرشيد ابن الزبير، ان الحصري الف كتابه هذا في العام 450 هـ.
ويذهب زكي مبارك في مقدمته في تحقيق الكتاب الى أن الحصري ألف «زهر الآداب» قبل وفاته بأكثر من عشرين سنة، اي أنه الفه في حدود سنة 430 هـ.
أما دواعي تأليف الكتاب فقد ذكرها الحصري بقوله:
«... وكان السبب الذي دعاني الى تأليفه وندبني الى تصنيفه ما رأيته من رغبة ابي الفضل العباس بن سليمان اطال الله مدته وادام نعمته في الادب وانفاق عمره في الطلب وما له في الكتب، وأن اجتهاده في ذلك حمله على أن يرتحل الى المشرق بسببها واغمض في طلبها باذلا في ذلك ما له مستعذبا فيه تعبه الى أن أورد من كلام بلغاء عصره وفصحاء دهره طرائق طريفة وغرائب غريبة، وسألني ان أجمع له من مختارها كتابا يكتفي به عن جملتها واضيف الى ذلك من كلام المتقدمين ما قاربه وقارنه أو شابهه وماثله فسارعت الى مراده واعنته على اجتهاده والفت له هذا الكتاب ... وليس لي في تأليفه أكثر من حسن الاخبار».
ويذكر الحصري الادباء والكتاب الذين أخذ عنهم ليحرر كتابه، فكانوا على النحو التالي:
ـ بديع الزمان الهمذاني (م: 398 هـ)
ـ أبو الفضل النيسابوري (م: 436 هـ)
ـ ابو بكر الخوارزمي (م: 384 هـ)
ـ اسماعيل بن عباد (م: 385 هـ)
ـ قابوس بن وشمكير (م: 403 هـ)
ـ ابو منصور الثعالي (م: 429 هـ)
وأغلب هؤلاء الاعلام الذين رجع إليهم هم ابناء عصره وكلهم مشارقة وليس فيهم مغاربي واحد.
أما موضوع الكتاب فهو الأدب نثره وشعره، كما كان يفهمه القدامى والمتمثل في الشعر الجيد والنثر البليغ والاخبار والنوادر والطرائف والملح والحكم والامثال وقد نسج الحصري في تأليفه هذا على كتاب «البيان والتبيين» للجاحظ.
وقد استخلص العمري ذلك، ذاهبا الى أن الحصري كان يرمي من وراء تأليفه «زهر الآداب» معارضة الجاحظ وهذا يظهر جليا في البناء والمضامين والاسلوب وهدفه ان يعرف المغاربة بآداب المشارقة...اما اثار المغاربة فقد أغفلهها واهملها لا زهدا فيها، لكن لاعتقاده أنهم في غني عن اثباتها وتسجيلها وتدوينها في كتاب اذ هي حاضرة موجودة بين ايديهم وفي متناولهم ومتداولة بينهم».