المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عمار الشريعى غواص فى بحر أم كلثوم


samirazek
24/06/2007, 19h03
عمار الشريعى غواص فى بحر أم كلثوم
بقلم : سعيد الشحات
إنتزاع موعد مع عمار هو معركة فى حد ذاتها تستحق الخوض، لأن ما يعطيه كنزا ثمينا لا يختفى بريقه أبدا. حصلت منه على هذه الشهادة الممتعة... الكنز.... عن سيدة الغناء العربى أم كلثوم وخاصة فى علاقتها مع ثورة يوليو وجمال عبدالناصر. وما قدمته من أغان وطنية، والسمات الخاصة لفنها الجميل..
قلت لعمار.. للغناء العربى محطات فارقة.. كانت ميلاداً للأوضاعالسياسية والاجتماعية والاقتصادية.. وأم كلثوم هى تاريخ طويل فى هذا.. صب فى نهره أحداث وتحولات فأين ثورة يوليو من هذا؟
أنا رأيى ولازم أقول إنه مبنى على استنباط شخصى أو استقراء شخصى.. ثورة يوليو لما قامت كان يوجد بالفعل كوادر متينة موجودة وراسخة، وأسمح لى أن أستخدم تعبير كوادر.. هذه الكوادر أو القمم على سبيل المثال أم كلثوم وعبدالوهاب وفريد الأطرش.... وهؤلاء الثلاثة كان أمام القيادة السياسية الجديدة إما أن تعتمدعليهم أى على ما هو موجود.. وهنا تقع القيادة فى محظور من اثنين إما أن تفقد مصداقيتها أو يقال: عظيم الذين غنوا للملك غنوا لها لكنها سكة مثل حقل الألغام لا تضمن نتائجها..
أما الاختيار الثانى فهو تخليق قيادات خاصة بها تحمل فكرها وبالتالى تحمل لها ما قد تفعله دون قيد أو شرط أى تحمل مصداقيتها بشكل كامل.. أما الاختيار الثالث فكان هو أن تمسك العصا من الوسط، تخلق قيادات جديدة.. وتحاول أن تستميل القيادات الموجودة.. وهو ما حدث بالفعل، وكانت الشخصية المصرية مؤهلة بالفعل للثورة، والشخصية المصرية هنا تشمل الفنانين المصريين أيضا والدليل على ذلك هو أن عبدالوهاب قبل الثورة بسنة عمل رائعة كامل الشناوى نشيد الحرية كنت فى صمتك مكرها... وأم كلثوم عقب الثورة بأيام قليلة قدمت لرياض ورامى صوت الوطن وليلى مراد قدمت مع مدحت عاصم الاعتماد على الإله القوى ناهيك عن أدوار زى محمد قنديل ع الدوار كان هناك استعداد واحتشاد من جماهير الفنانين المصريين مستعدين وعاوزين الثورة.
لو مسكنا تاريخ عبدالوهاب وأم كلثوم مع العهد السابق للثورة أى مع الملك، الاثنان كانا ينظران اليه على أنه ملك أم كلثوم نالت نيشان الكمال عبدالوهاب غازل الملك مرارا وعمل له أغانى الفن، مع صالح جودت و.. الشباب، وهل السلام، ولم يرد الملك الغزل وبالتالى كان عبدالوهاب فى اعتقادى هو الأقرب للثورة كاستعداد شخصى بمعنى إنه قرفان من الملك.. يعنى أكيد كان بيكلم نفسه: أنا غنيت لك وأعطيت يوسف وهبى الباكوية وأم كلثوم نيشان، فلماذا لم تعطنى شيئا..
إذا عبدالوهاب بداخله شعور غير متعاطف مع الملك وهذا ما جعله يتعاطف مع الرأى العام ويعمل نشيد الحرية عام 1951 اى قبل الثوره، لكن بالرغم من ذلك فى رأى شخصى لى أن السيدة أم كلثوم كانت الأقرب للثورة بحكم تربيتها ونشأتها الشخصية وانغماسها فى الطين المصرى الذى استمر معها حتى موتها، الست دى لما تسمعها فى حوارها مع وجدى الحكيم قبل رحيلها بسنوات قليلة، لم تكن قد غادرت بأمتار قليلة قريتها طماى الزهايرة هى نفس الفلاحة، لو نتصور ريقها اللى يجرى على طبق المهلبية وهى طفلة صغيرة نتأكد أنها مغموسة بالنخاع فى الطين المصرى، هذه التشكيلة بطبيعتها بذرة جيدة لتبنى فكر الثورة...
تشعر بهذا فى كثير من نوع الأغانى التى غنتها.. مثل أصون كرامتى من أجل حبى... الذى يقول ذلك واحد لديه شعور بعزة النفس.. تقول لى ما هى قالت: عزة جمالك فين من غير ذليل يهواك، أقولك على طول أن بعدها بتقول: وتجيب خضوعى منين ولوعتى فى هواك.. أقول فى أول الأغنية، حرمتنى من نار حبك وأنا حرمتك من دمعى يعنى أتألم من غير أن أبكى، ويعنى فهم الأغنية على أنها حب يمكن يكون مستباحا أو خنوعا لكن رد الحبيب ليس خانعا فى معظم الوقت.
دلل عمار على سرعة تجاوب تركيبة أم كلثوم مع الثورة قائلا:
هذه التركيبة كما قلت هى بذرة جيدة جدا لتبنى فكر ثورى وللتعامل معه وللمشاركة فيه.. أذكر تسجيلا إذاعيا أنا سمعته لها غنت فيه صوت الوطن وكان لأول حفلة لضباط الجيش الشباب وشارك فى الحفلة أم كلثوم وعبدالوهاب وفريد الأطرش، وحصل كلاش بين فريد والضباط، دخل قال لهم: مساء الخير يا باشاوات فهاجوا فيه لأنهم كانوا قد أصدروا قرارا بالغاء الباشوية
هذه الحفلة تغنى فيها أم كلثوم صوت الوطن مصر التى فى خاطرى.... أقسم بالله أنا ما بقيت قادر أحوش دموعى، والله العظيم أصغر شعرة فى جسمى كانت واقفة زى النسر.. إحساس يفوق الوصف، لدرجة أنها فى آخر الأغنية وفى مقطع نحبها من روحنا ونفتديها بالعزيز الأكرم كل الشباب الضباط بيغنوا معاها.. حاجة تخلى قلبك يسيب ضلوعك ويمشى.
أضف الى ذلك أن الضباط الشباب كانوا بيحبوا أم كلثوم وطبعا كانوا بيحبوا عبدالوهاب، الرئيس جمال عبدالناصر كان يحب مثلا همسة حائرة لعبدالوهاب، وأم كلثوم وعبدالوهاب اقتربا بنفس القدر وكل بطريقته، عبدالوهاب بحذره.. وأم كلثوم باندفاع إتساقا مع شخصيتها، وباعتبار أن شيئا مؤجلا فى شخصيتها قد ظهر مع لحظة الثورة.
دخلت المسألة من الجانب العام الى الجانب الشخصى طبعا أنت تعرف دور أم كلثوم كصديقة حميمة للسيدة الراحلة تحية عبدالناصر، وصديقة بمعنى الصديقة حيث تحملت معها الكثير... منها مثلا أنها تكون موجودة ضمن الوفد النسائى الذى يقابل زوجة رئيس ما يزور مصر، أى واحدة من ضمن البيت.. وأذكر مثلا حسب ما رواه لى البعض أن الرئيس عبدالناصر دخل مرة على تحية وأم كلثوم، قالت له أم كلثوم: مش تخبط يا ريس، اتنين ستات قاعدين مع بعض، فضحك وقال لها حاضر يا ست، وخرج وخبط على الباب ليستأذن فى الدخول.
قيادات الثورة بادلوا أم كلثوم حبا بحب، أصبحت هى اللسان الغنائى للثورة بل اتنسى تاريخها الملكى، وأنا لا أقصد حين أقول هذه العبارة أى إساءة لأم كلثوم، هى لم تفعل ما يسئ أقصد أن الضباط نسوا غناءها للملك، وأنه أعطاها نيشان.. الناس لم تعد تتذكر شيئا من هذا، وأصبحت ذاكرتها فيها والله زمان يا سلاحى وصوت السلام وقصيدة وفق الله خطانا وثوار وطوف وشوف وكل الأغانى الأخرى
تعاونت أم كلثوم مع كل الشباب اللى طالع مع الثورة ولعبت معهم لخدمة الثورة، وأولهم محمد الموجى فى غنوة الجلاء ويامصر إن الحق جاء عام 1954.. لعبت مع كمال الطويل وصلاح جاهين والله زمان يا سلاحى.. ومع السنباطى وجاهين الأغنية العبقرية ثوار هى فى اعتقادى وطنية عربية شرقية بمفهوم الموسيقى بالاضافة الى أنها تتسم بمسحة إنسانية تقدمية.
تعالوا يا أجيال يا رمز الأملمن بعد جيلنا واحملوا ما حملوافتكروا فينا واذكرونا بخيرما هذا الشاعر المرعب، ومن هذا الملحن العبقرى.. إيه اللى بيعمله فى اللحن ده.. ده جنون.. والست أم كلثوم يخربيت كده لا.. لا.. دى غنوة ما حصلتش.
االمهم زى ما اتفقت إنها كانت لسان الثورة أو أحد ألسنتها وأصابعها، وكانت هى اللى وقفة ورا الثورة بسمتها فى الانتصارات.. ودرعها فى الهزائم.
لو تفتكر معايا صوت السلام بعد الإنتصار على العدوان الثلاثى عام 1956.. قال بيرم التونسى:
الأولى دخلة البلاد مستعمرة
والثانية فكرها مقدرةوالثالثة على العرب متأجرة....
تقصد إنجلترا وفرنسا واسرائيلعلى التوالى.
وحين تعرضت الثورة للانكسارات كانت أم كلثوم هى الدرع الواقى هى التى قالت:
إبقى فأنت الأمل الباقى لغد الشعبأبقى فأنت حبيب الشعبهى التى قالت: إنا فدائيون نفنى ولا نموتهى التى قالت: رجعين بقوة السلاحهى التى قالت: أصبح عندى الآن بندقيةودخلت حرب الاستنزاف بكل طاقتها وعملت الحفلات من أجل المجهود الحربى.. عملت اللى تقدر تعمله.

ماتت ام كلثوم يوم موت جمال عبدالناصر والدليل أول حفلة طلعت فيها بعد وفاة عبدالناصر... الحفلة كانت فى يناير أو فبراير أى بعد 4 أشهر.. غنت ودارت الأيام وبكت فى الكوبليه الأخير قالت الموال وبكت، وبعدت عن الميكرفون شوية لكن البكا طالع، والناس صفقت بجنون، أنا كنت محترف الموسيقى منذ خمسة أشهر تقريبا، وكنت قاعد أنا وأصحابى بنسمع كنا خمسة، والله العظيم قلنا فى نفس واحد هى افتكرت عبدالناصر، وقبل ما تغنى كنا بنقول إخص عليك يا ست طيب يفوت على الراجل سنة وبعدين غنى.. هيجيلك نفس تغنى إزاى لما بكت كلنا قلنا افتكرت عبدالناصر.
لماذا لم تعتزل؟لو أم كلثوم بطلت غنا بعد موت عبدالناصر.. ماتت قيمة من أكبر وأجمل القيم التى زرعت فى عهده، كان لازم حد يبطلها غنى.. أو تفضل تغنى لحد ما تموت، أو أيد تبطلها غنى فتحتمل وزر هذا لدى الشعب المصرى، لكن لم يكن يغفر لها الشعب أن تعتزل فور موت عبدالناصر لأن معناه إن عبدالناصر مات وقيمة ماتت.. خرجنا أنا وأصدقائى بهذا الإنطباع، وتانى يوم وجدنا الناس بتقول نفس الإنطباع.. اختراعنا الذى قلناه أنا وأصدقائى اكتشفنا إن كل الناس اخترعته.

samirazek
24/06/2007, 19h44
كان منظور الثورة للفن إنه الإيد والمخ والقلب.... إنه صانع القضية القومية، الثورة نظرت للفن إنه مفجر ومحرك للقضية القومية ومحفز الجماهير، هى تتقدم وهو يحميها، لم تنظر الثورة أبدا للفنانين أو المطربين إنهم أداة تسلية
هل كان لكل فنان مذاق خاص فى الأغنية الوطنية
نعم: سوف أضرب أمثلة فى ذلك بمعركة واحدة خاضتها الثورة هى معركة السد العالى وذلك فى ثلاث أغانى:
الأولى لعبدالحليم: قلنا هنبنى ودا احنا بنينا السد العالى..
الثانية لعبدالوهاب: ساعة الجد
الثالثة لأم كلثوم: كان حلما فخاطرا فاحتمالا...

تجد فى عبدالحليم، التدفق والشعبية والسيطرة الجماهيرية، امسك كده الموضوع من أوله.
تسمعوا الحكاية بس قولها من البداية
هى حكاية شعب بالزحف المقدس قام وثار
يعنى افترض عبدالحليم، والشاعر أحمد شفيق كامل، والملحن كمال الطويل ان هنا جمهور بيكلموه.. ثم ناموا على كتف الفلكلور المصرى وقالوا:
ضربة كانت من معلم ...جملة صغيرة وقصيرة يمكن ترديدها فى الحارة بسهولة.

أما عبدالوهاب، الباحث عن الفكر الجديد وموضوع جديد جاب ناس بحديد وأجن.. والمرة الأولى والأخيرة الذى تعاون فيها مع المايسترو المصرى العبقرى عبدالحليم نويرة.. هو الذى وزع أغنية ساعة الجد وعمل أغنية تمزج ما بين غناء عبدالوهاب الهادر الرصين وما بين الدقات العمالية كأنه يحدث عملية بناء فى هذه اللحظة،

اما أم كلثوم فى أغنيتها كان حلما فخاطرا فاحتمالا.. حول نفس الموضوع.. موضوع السد.
الشعر والقصيدة،المهيأة للتصدير للأمة العربية كلها، والفكر الموسيقى عند السنباطى مقدمات تؤدى الى نتائج، فكر مخطط متسلسل وليس عشوائيا..لحن عربى ملوش حل..
ما السمة الأساسية فى أغنية أم كلثوم؟
السمة العامة للأغنية فى هذا الوقت وخاصة أغنية أم كلثوم فى حياتها بشكل عام أو 95% مما غنت تلتزم بالجدية الشديدة والصرامة والحب الشديد والخوف الشديد والرغبة فى أن تقدم الأحسن فالأحسن، أنا لا أعرف لها وقايع سقطات.. على الأقل من أول الثلاثينيات القرن الماضى وكون فنان بهذا الشكل فلابد أنه غير عادى أو خارق للمألوف،
ممكن حد يقول طيب ما هى قالت: الدلاعة والخلاعة مذهبى أرد، لكنها قالت، نهج البردة، وولد الهدى وهجرتك، وشمس الأصيل، وغيرها.
أم كلثوم كان عندها خصلة أو سمة قبل الثورة وهى الإرتجال والاعادة 6 أو 7 مرات وكل مرة بشكل مختلف، وبدأت فى ترسيخا بعد الثورة فى أن تعبر وتلهب مشاعر الناس،
مثلا: نحبها من روحنا فى الحفلة التى تحدثت عنها من قبل مع الضباط بعد الثورة مباشرة، كانت تقول الجملة نحبها من روحنا وتتركهم بعد ذلك يرددوا، أى أنها قامت بدور القائد
كان عندها اهتمام باللفظ، بالمنطوق.. كانت تعرف كيف تخرجه، وإذا أخذنا الدليل مثلا من الأغنية الوطنية، فانظر الى الشعب بيضحك زى النور، الشعب جبال، الشعب بحور.. بركان غضبان، بركان بيفور
لو تفتكر أيضا يامجد يا مجدنا يااللى اتبنيت عندنا.. لو درسنا طريقة نطقها فى كل ذلك فالمؤكد أننا سنطلع بدروس عميقة فى تعريض الصوت ودرس فى الخفوت، ودرس فى الحرف المضخم.. ودرس فى أخذ النفس التنفس.. غنوة بسيطة فى ثلاث دقائق تقدم فيها درسا فطريا لكل مخلوق عربى.
سمعت منك مرة تعبير لك هو "الملحن المغنى"..
الملحن المغنى خارج القياس... كالسنباطى وفريد عبدالوهاب وفوزى، أم كلثوم تدخل فى نطاق الملحن المغنى بمعنى أنها كانت تحفظ الأغنية وتهضمها وتطلعها من دمها هى شخصيا.. بحيث لو سمعت نفس الأغنية من رياض أو عبدالوهاب أو بليغ أو الموجى مثلا هتعرف على طول إن بصمات أم كلثوم واضحة جدا، والدليل أننى أعرف ناس عندهم أغنية أروح لمين على سبع حفلات، وكل حفلة تقول فيها أروح لمين بشكل يختلف عن الحفلة التى سبقتها، ليس هذا خطأ فى اللحن ولكن التناول مختلف، يعنى هترقرق صوتها هنا أم لا، هتبح صوتها هنا أم لا، هتقوى هنا أم لا.. هترتجل هنا أم لا.. إيه المقامات التى ستستخدمها وكل هذه حسابات، تخضع لعوامل تؤثر فيها.
وأنا أعرف مثلا أنها كانت تحب مسرح حديقة الأزبكية لأنها بتسمع نفسها صوتها أفضل، ولم تكن مثلا تحب سينما أوبرا، وسينما قصر النيل، أقنعوها بصعوبة أن تغنى فى الاثنين لاتساع القاعة للجماهير، لكن دايما مثلا كانت تقول للإذاعة، خذوا لى تسجيلات الأزبكية، فى دلالة على أن المكان كان يؤثر عليها، ويجعلها تتسلطن.
.. وعند أم كلثوم كان الأمر دراسة، ثقافة، موهبة قوة.. امكانيات خارقة غير معقولة.. لو قلنا قوة أم كلثوم الغنائية.. ماذا تساوى؟... أقول مثل الرجل الذى يحرك السيارة بأسنانه. يعنى أقصد أقول شئ خارج وغير منطقى، لا فى المساحة الصوتية، ولا فى سرعة التلبية ولا كقدرة على الاستدعاء.. كله شئ لا يمكن تكراره ربنا يعمله مرة واحدة.
هل التطويل الذى تميزت به أغنية أم كلثوم كان سمة أساسية فى الأغنيةالعربية؟
إذا كانت تقصد الأغنية العربية بشكل عام فالصحيح أنها كانت حتى عهد أم كلثوم مبنية على أن المطرب بيشيل الليلة، تدخل الفرقة تضرب التحميلة، ويكونوا متفقين الفرقة والمطرب أن مثلا وصلة الغناء الأولى من مقام النهاوند مثلا ويتناولوا العشاء ثم يعملوا التحميلة المقدمة الموسيقية ويقولوا مثلا مقام البياتى وهكذا، أقصد أقول إن أم كلثوم جاءت على هذا الوضع،وتضيف الى هذه العادة امكانياتها الشخصية، إنها خلاص رتبت نفسها على أنها تسيطر على جمهورها.. وتقدم له كل الجديد والمختلف طوال الليل
ونوع أغانى أم كلثوم كانت معتمدة على الاستطراد من الشاعر سواء من رامى أو بيرم، أو مرسى جميل عزيز، أو أحمد شفيق كامل، بالاضافة الى هذا وجود ملحن بجانبها من أطول الناس نفسا فى تاريخ الموسيقى العربية هو رياض السنباطى، الجمل عنده لا تنتهى، والمقام يجر المقام، وإنسيابية التعبيرات عنده لا تنتهى..
مثلا محمد الموجى عامل لحن حانت الأقدار 7 دقائق فيها كل الغناء العربى.. عبدالوهاب طبعا والشيخ زكريا أحمد، جملة إنسيابية ونفس طويل... ليلى التركيب، بليغ دقاق المشاعر، فيهم النفس الطويل وحلاوة الجملة، جملهم توقعك بسهولة فى شبكتهم.
أيهما أكثر معاصرة.. أغنية أم كلثوم أم أغنية فيروز؟
-الحقيقة حين تسألنى، هل أغنية أم كلثوم أم أغنية فيروز هى المعاصرة.. لازم تنظر الى الفترة الزمنية والمحركين لعقل هذه وتلك، وتنظر الى الامكانات الفردية لكل منهما، ومثلا الآن، تقول لى حد يغنى أغانى أم كلثوم، أقول لا، أيا كان جودة المغنى.. النوع ده من الغناء أصبح ملكا لأم كلثوم.
ولو جاءت واحدة تقلد أو تغنى غناء فيروز المؤكد أننى سأقول لها أنا عندى الأصل ولا أحتاج للصورة.. علشان كدة المقارنة ظالمة.
نحن القادرون فقط على القول بأن فيروز جميلة... بقلب مفتوح.
أما اتهام أغانى أم كلثوم بأنها خانقة وتعبر عن الحب الذليل، أوعى تنسى إن أم كلثوم هى الشخص الوحيد على ساحة الغناء العربى الذى غنى للمجردات.. أم كلثوم هى صاحبة، يا مجد يا ما اشتهيتك وسهرت فيك الليالى.. هى صاحبة شمس الأصيل هى صاحبة يا شباب النيل ياعماد الجيل و... صاحبة أغنية طلعت حرب.
قبل الثورة، أم كلثوم وجدت رجلا يحب المرأة الأضعف، علشان كده تعاملت مع هذا الضعف الطبيعى فى نفسية المرأة بمنطق أهلا به، أما الذلة فلم تكن سمة من سمات أم كلثوم، لم يكن الحب فى غناء أم كلثوم حبا ذليلا إطلاقا،...حرمتنى من نار حبك، أنا حرمتك من دمعى.. عزة جمالك فين من غير ذليل يهواك.. نعم هنا ذل، لكنها تضيف: وتجيب خضوعى منين التى تحمل معنى عدم الخضوع.. التوازن هنا بين رجل يحب إمرأة ضعيفة، وامرأة تحب رجلا قويا.
هات لى شخصية مصرية لم تكن هدفا للتجريح.. من يتحدثون عن أم كلثوم بمنطق أنها مسئولة عن ترويج المخدرات، هم مغرضون لأنهم تناسوا أن هذه السيدة العظيمة كانت هى الرمز الوحيد والأكيد لوحدة الشعوب العربية مرة فى الشهر، الأمة العربية كان تبتهج فى عيدين اسلاميين وعيد ثالث تفتح فيه الأمة العربية الإذاعات يوم الخميس الأول من كل شهر.
سعيد الشحات
جريدة العربى