المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انيس منصور ... وبدريه السيد


samirazek
07/06/2007, 21h16
حدث في التاكسي!

المطرب الموسيقار الفرنسي الأرمني شارل أزنافور كان سائق تاكسي، وكان يغني فسمعه أحد الزبائن وسأله: لحن مين؟ قال: لحني. وسأله: كلام مين؟ قال: كلامي، وأخذه من يده وقدمه للإذاعة الفرنسية ليكون عالميا!
وكان عندي سائق يحب الموسيقى والغناء ـ مثلي أنا أيضا. فطلبت إليه أن يغني فغنى. صوته لا بأس به. وطلب مني أن استمع إلى أغنية شعبية مسجلة. وسمعت وأعجبني الصوت والأداء.. وسألته من هذه قال: إنها بدرية السيد مطربة من الإسكندرية. وطلبت منه أن يسمعني أغنيات أخرى لها. وكتبت مقالا أشهد بصوت بدرية السيد وأن الاهتمام بها واجب. وأن..
وفوجئت في اليوم التالي بأن بدرية السيد هي أشهر مطربة في الإسكندرية وأنها قامت بزفاف المئات وأنها ليست شابة مجهولة كما ظننت. وكان لا بد من الاعتذار للقراء واعتذرت.
وقلت إن مسيحيا صعيديا ذهب إلى القاهرة وراح يصرخ: هاتوا لي واحد يهودي علشان أقتله. الحقوني بواحد يهودي. فسأله الناس: ولكن لماذا؟ فقال: أليس اليهود هم الذين صلبوا المسيح؟ فقالوا: بلى. ولكنها حكاية قديمة. قال: ولكني لم اسمع بها إلا بالأمس.
وكذلك أنا لم اسمع عن بدرية السيد إلا بالأمس، أما الذي صحح لي هذه الغلطة، وهو ميت من الضحك فكان الموسيقار محمد عبد الوهاب.
ومرة أخرى كنت ضمن لجنة امتحان المتقدمين للتمثيل في التليفزيون. وكانت اللجنة تضم المخرجة إنعام محمد علي والفنانة الكبيرة مديحة يسري. ووقف أمامنا واحد قال إنه سائق تاكسي. فطلبنا إليه ان يمثل.. أن يقدم لنا جزءا من عمل مسرحي. فاعتذر بأنه كان معه كلب صغير، وأنهم أخذوه منه عند مدخل التليفزيون. وقال إن كلامه كله موجه إلى الكلاب. فضحكنا، وقلنا له: تصور أن أحد المقاعد هو الكلب وخاطبه كما تريد. وبدأ الرجل يدور حول نفسه ويتهيأ. وطلبت منه مديحة يسري أن يرينا وجهه عند التمثيل لنراه كيف يعبر. وسكت الرجل وجمع كل قواه والتفت إلينا يقول: انتم أيها الكلاب يا أولاد الأفاعي.. أنتم أيها السفلة.
وكان لا بد من إخراجه لكي نكمل الضحك على هذه المفاجأة التي لم تكن تمثيلا، وانما كانت تعبيرا صادقا قويا عن فنان حقيقي. ونجح سائق التاكسي وأصبح ممثلا معروفا!
ويقال إن العالم الرياضي الفرنسي الكبير بوانكاريه ركب أحد التاكسيات في باريس وحاول سائق التاكسي أن يفهم منه إلى أين.. فوجده سرحانا تماما. فتوقف وانتظر أن يفيق العالم الكبير، ولكنه سمعه يتحدث إلى نفسه فهزه. وأفاق. وقال السائق: يا سيدي أنت كنت تكلم نفسك فسأله بوانكاريه: وماذا كنت أقول؟ أجاب: كنت تردد رقم سبعة عشر.. سبعة عشر! وقفز العالم الكبير من التاكسي وهو يقول: وجدتها.. أن سائق التاكسي هو أعظم رجل في حياتي؟ وجدتها!
ولم يعرف أحد ما الذي وجده العالم الكبير. ولكن لا بد انه وجد ما كان يبحث عنه في التاكسي.
وأديب فرنسا اندريه جيد كان يقول: أروع نزهة أن تركب التاكسي وتتركه يتحرك بك إلى أي مكان لتنشغل بما في رأسك على حريتك!

المصدر : جريدة الشرق الأوسط