المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فن الواو


freed
17/05/2007, 00h38
الواو فن شعبي انتشر في صعيد مصر في فترة ما.وهو فن قولي شفاهي اي غير مدون، ولكن تحفظه صدور رواته ومحبيه، وكما هو معروف من خصائص الشعر الشعبي التي تميزه، فهو نمط تعبيري قولي يعتمد اللغة الشعبية كأداة للتشكيل الفني مع أداة أخرى هي الإيقاع الموسيقي المحدد وذلك بعد ما تجاوزت اللغة الشعبية – أداة هذا الشعر – حدود القواعد النحوية (الإعرابية) والصرفية ويضاف إلى ذلك كله خاصية مجهولية المؤلف.

وكما أن الموال البغدادي (الرباعي) يعتمد نظام الأغصان الأربعة – ذات قافية واحدة – فكذلك فن "الواو" فهو يعتمد – مطلقا – نظام الشطرات الأربع التي تكون بيتين شعريين ولها نسق موسيقي خاص وبشرط أن تتحد الشطرتان الأولى والثالثة في نفس القافية والشطرتان الثانية والرابعة في نفس القافية المغايرة لسابقتها، كما يعتمد هذا الفن على التجنيس (الجناس بمعناه اللغوي تاما كان أو ناقصا) المغرق – أحيانا – في التعمية ومنه قول الشاعر أحمد بن عروس:

لابد من يوم معلوم
تترد فيه المظالم
أبيض على كل مظلوم
أسود على كل ظالم

هذه شطرات أربع تكون بيتين شعريين من بحر "المجتث" وهو بحر شعري له نسق موسيقي طرب له الشعراء المحدثون فأكثروا من نظمه، ولا نكاد نعلم شيئا عن هذا الوزن قبل عصور العباسيين...
ازدهر فن الواو في عصر المماليك والأتراك وكان كثيرا ما يلجأ إلى التورية والكلام غير المباشر حتى يستطيع أن يفلت من الرقابة الصارمة التي تفرضها عصور الاستبداد عندما يكون الفن منحازا للجماهير ضد سيوف الحكام. هناك نوعان من المربعات هما المربع "المفتوح" الذي يسهل فهمه واستيعابه مثل المربعات التي استخدمها "بيرم التونسي"، أما المربع المغلق الذي يستعصي على الفهم إلا على أهل منطقة بعينها مثل المربعات التي يستخدمها أهالي محافظة قنا من إسنا إلى أبي تشت. من أمثلة ذلك قول الزجال "علي النابي" في وصف محبوبته عندما رآها تشرب الماء من "القلة":

خايف أقوله يقول لا
والقلب مرعوب وخايف
ابقي قوليله يا قلة
حين توردي ع الشفايف

فن الواو فن قنائي (نسبة إلى محافظة قنا) وسمي بهذا الاسم لأن الراوي كان يبدأ الرواية بقوله "وقال الشاعر" وتكثر واوات العطف هذه فأصبحت لازمة لابد أن تقال، وصارت سمة مميزة لهذا القول من ثم سميت به.


من نماذج فن الواو:

لا تذل نفسك لإنسان
في باطنه ليك سوادي
صده وخليك منصان
عنه ولو كان يعادي



لا أنا من الهم مهموم
لا للشرور عدت بايع
أضحك إذا كنت مهموم
والقلب كله وجايع

لا يوم من الهم فقنا
دي هموم توسق مراكب
راح السبع يطلب عدلنا
لقى الكلب على التخت راكب

كلامك زين وعاجبني
وع اللي اتبلى ماتلوماشي
دا شيّ مكتوب عاجبني
واللي يعمله المولى ماشي

للمزيد من المعلومات عن هذا الفن، يمكن الرجوع إلى كتاب الشاعر "عبد الستار سليم" (ديوان فن الواو) – مكتبة الدراسات الشعبية – الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة – ديسمبر 2003.[/COLOR]

سعيد حسين
19/05/2007, 08h13
سيدى الفاضل freed
شكرا كثيرا على تنويراتك حول فن الواو ... ولكن ياريت بعض النماذج المسموعه حتى يتم الفضل

سامح الاسواني
10/10/2007, 05h16
.. و عودة الي الواو
سمعت هذا المربع من شيخ في قريتي

شـَهبة و تشبه الديب
و اتعجب اللي أراها
بقيت ركوبة مساليب
و نقاقير تُخبُط ْ وراها


والشهبة يقصد بها الفرس ، و" أراها " تعني رآها ، و من المعتاد ان يحدث مثل هذا الاقلاب في الحروف .
و المساليب جماعات في صعيد مصر كان لها دور مهم في حفظ الموروث الشعبي .

night_whispers2007
08/02/2008, 04h10
ماهو فن الواو :-


فن الواو فن شعري شعبى قولى سماعى وليس كتابياً إذ أن الكتابة تكشف كل الحيل الصوتية الناتجة عن الجناس الكامل فى قوافيه وعندئذ تنحل كل مغاليقه فيفقد كثيراً من روعته وبهائــه
كفن شعبى أصيل . ويعتبر فن الواو أحد اشكال الزجل وهو ينســب إلى شاعر قنائى ( من قنا )
هـو أحـمـد بـن عروس
والسؤال الذى يلح على اذهاننا لماذا يسمى بفن الواو ؟



حيث أن فن الواو فن قول وسماع لأن الذين ابتدعوه كانوا لا يقرءون ولا يكتبون ولكنهم يعتمدون
على السماع مما جعلهم سريعى البديهة أقويــــاء الملاحظة فكان الشاعر ابن عروس عندما يلقى
بالمربع على الأسماع ينتظر قليلاً لكى يفك المستمعون مغاليق المربع ثم يستأنف بقوله
وقال الشاعر فكثرت واوات العطف هذه فأصبحت لزمة لابد أن تقال وصارت سمه مميزة
لهذا الشكل من القول ثم اسماً يتسمى بــــــــه ... فــن الــواو
اما لماذا كان يقـــــول وقــــــال الشـا عـــر
دون ذكر اسمه فذلك حتى لا يقع تحت طائلة العـقاب من السلطة الغاشمة


قنــــا وفــن الـواو
اشـتهرت قـنا دون غيرها بفن الواو لأنها كانت منذ الفتح العربى الإسـلامى لمـصر محط الرحال لقبائل عربية نازحة من شبه الجــــزيرة الــعربية ممـاأدى إلى ظهور أثر اللهجــــــات العربية على اللسان القـنائي فجعله أقرب إلى االعربية من غيره من حيث المفردة وطريقة نطقها فكان لابد وأن تتـــــأثر طرائق القول الشعرى بالفنون القولية الواردة ومنها شكل القـصيدة العربية التى كلنت سمة أساسية منها


خصائص فن الواو:-


يعتنى فن الواو بالمشاركة الوجدانية بين الـمبدع والمتلقى يعتبر قالباً قولياً محدد الهوية صارم الملامح سهل التناول يعتنى بالوزن والقافية ويتميز بقصر الجمل وعمق المعنى يعتبر أرضية خصبة لاستيعاب القص الملحمى ( الســـــــــــرة الهلالية )
شكل من أشكال التعبير القولى اليومى فى صعـيـد مصـرقصير لا يحتل زمناً صالح لحمل معلومة كاملة مفيدة بين اربـع شطرات يطلق عليه اسم المربع حيث يعتمد على نظام الشطرات الأربع الـتى تكون بيتين شعريين بحيث تتحد قافية الشطرة الأولى بقافية الشطرة الثالثة
وقافية الشطــــــرة الثانية بقافية الشطرة الـرابعـة على الأعــم
ويعتمد على التجنيس المغرق أحياناً فى التعمية نظراً لنطق كل قافيتــــين متحدتين بنفس
الكيفية حينئذٍ يلتبس المعنى على السامع إلا إذا كان السامع مدرباً على سماع هذا اللون من القول
وعلى هـذا فإن التــجـــنــــيس يقتضى تظــهيراً أى كـشفاً لمغــالـيـقه .


من هو احمد بن عروس:

هو احمد بن عروس المولود بقنا عام 1780 مـ أيام حكم المماليك
عاش امياً عاطلاً لا عمل له ولا صناعة
مشحون الصدر بالحقد على المماليك الحكام والأغنياء البخلاء
فيه قوة وصلابة وله قلب كالصخر لا يلين
كما انه ليس له من العلم والمعرفةإلا ما استخلصه من الحياة بنفسه ولا دهشة من كونه زجالاً عظيماً يملأ القلب بلإعجاب ويفعم النفس بالتقديروهو الأمي العاطل وهو بين الزجالين كمنزلة المتنبى والمعرى بين الشعراء بل لعله يفوقهماحكمة وفلسفة إذا قدرنا انه رجلاً امياً لم يحصل على نصيب من العلم والمعزفة إلا ما استطاع ان يكونه بنفسه عبز معترك الحياة ودوسها
وديوانه بدار الكتب المصزية فيه من الدرر والروائع ما هو كفيل بزفع مقام صاحبه إلى مصاف الحكماء والفلاسفة فأزجاله دون معاصزيه تتميز بالسلاسة والسهولة والبعد عن إدعاء الحكمة وفتعال الفلسفة بل هى دليل ناصع على التلقائية وصدق الإنفعال
فضلاً عن التزامه القوافى صدر البيت وعجزه ولم يتيسر لغيره من شعراء الواو
والأبنودى يرى ان شخصية ابن عروس اسطوزية ولا وجود لها ابتكرها الناس وانشدوا على لسانها كشخصية جحا
فهو رأى مقابلاً لها فى البلاد التى زارها كتونس أثناء جمه السيرة الهلالية أياً كانت
-
الموضوع من مجلة الشعر وبقلم الشاعر القنائى المعروف \ عبدالستار سليم
للمزيد من المعلومات عن هذا الفن، يمكن الرجوع إلى كتاب الشاعر "عبد الستار سليم" (ديوان فن الواو) – مكتبة الدراسات الشعبية – الهيئة العامة لقصور الثقافة – القاهرة – ديسمبر 2003 منقووووووول للامانه

ابو شنب
04/11/2011, 13h53
الباحث/ جمال وهبي

فن النميم هو أحد الكنوز والثروات في الأدب الشعبي العربي، وينتشر في محافظات الجنوب بمصر وبخاصة في محافظتي أسوان والبحر الأحمر، حيث ملاءمة الظروف لنشوء هذا الإبداع الذي يقوم على تشكيله فنيا مبدعون ينتمون إلى بعض القبائل العربية كالعبابدة والجعافرة والعليقات.
وتهدف الدراسة البحثية إلى الوقوف على مصادر الإبداع في فن النميم وروافد التراث التي بلورته، من خلال جمع وتدوين وتصنيف بعض نصوصه توثيقا لفن في طريقة إلى الاندثار حيث غلبة فن الكف عليه، ورتم الحياة المعاصرة السريع، وانتقال كبار شعرائه إلى رحاب الله.

مصطلح "النميم" مشتقا من نمّ حيث يعني تزايد الحديث وتصاعده بين الشعراء
وتكمن أهمية هذا البحث في أنه محاولة لإلقاء الضوء على فن له سماته وخصائصه، كما إنها معالجة لنمط من أنماط الشعر الشعبي المصري والوقوف على تشكيله إبداعا وتلقيا ووضع بداية وتحفيز للباحثين لمزيد من الدراسات والبحوث لهذا الإبداع وبقية الإبداعات الشعبية في محافظة أسوان.
وعند تدوين بعض النصوص كنماذج لفن النميم فقد عمد البحث إلى:
* حذف عبارة "آه يا ليل .. آه" من كل مقطع شعري حفاظا على إبراز النص الأدبي وقتل الملل من تكرارها عند التدوين والقراءة، بالرغم من أنها لزمة أساسية في ذلك الإبداع وتعطي خصوصية للمبدع كل على حدة.
* تدوين حرف "القاف" قافا رغم نطق المبدع له والجماعة الشعبية لذلك الحرق "القاف" جيما قاهرية.
* تدوين المقطع الشعري على شكل المربع كشكل من أشكال تدوين الشعر الشعبي.
* وضع ثلاث نقاط أفقية بين كلمات الشطرات لتوضيح السكتة الصوتية الأولى، ثم نقطتين لتوضح السكتة الصوتية الثانية وهي أقصر نسبيا عن الأولى وفي نهاية البحث قدمت الدراسة أهم النتائج التي تبلورت بعد الجمع والتدوين والتحليل.
ونقترح أن ينضم فن النميم إلى منظومة فنون الشعرى الشعبي ليصبح الفن الثامن بعد "التعريض"، و"الموشح"، و"الدوبيت"، "الموال"، و"الزجل"، و"الكان كان"، و"القوما" ذلك لما النميم من خصائص وسمات وبناء تشكيلي ثابت يحقق مستقلة تختلف عن نظائره وأشباهه من تلك الفنون.
ويحدونا الأمل في أن تكون هذه الدراسة الموجزة قد لابست الهدف المنشور وهو التعرف على لون من ألوان الإبداع الشعبي الذي يحرك الحس ويغمر الوجدان بموجات من الشعور الفياض الذي يعبر بصدق عن ما يجول بخاطر المبدع في إطار من فكر ووجدان وشعور جماعته الشعبية.

أولا: النميم المصري ومصادر التراث الأدبي العربي
قسم بعض الذين كتبوا عن الشعر، الفنون الشعرية إلى سبعة أقسام هي: القريض، والموشح، والدوبيت، والمواليا، والزجل، والكان كان، والقوما، وتندرج الفنون الثلاثة الأولى تحت الشعر الفصيح الذي يسير وفق التقاليد العربية، ويحافظ على سلامة اللغة، وتنطوي الفنون الثلاثة الأخيرة تحت الشعر الشعبي، أما المواليا فكانت تعرب فترة وتلحن أخرى.
ويقول صفي الدين الحلي عن تلك الفنون الأخيرة:" هي الفنون التي إعرابها لحن وفصاحتها لَكَن، وقوة لفظها وهن، حلال الإعراب بها حرام، وصحة اللفظ بها سقام، يتجدد حسنها إذا زادت خلاعه، وتضعف صنعتها إذا أودعت من النحو صناعة، فهي السهل الممتنع، والأدنى المرتفع".

1- المصطلح لغويا:
جاءت بالمعاجم اللغوية كلمات كثيرة يمكننا أن نصل من خلالها إلى اشتقاق مصطلح "النميم" منها:
نمّ الحديث: أظهره وبين القول
نمّا: حرش وأغرى
نما الحديث نماء: زاد وكثر
نمي الحديث: شاع من فلان إلى فلان
نمْ: الصوت الخفي من حركة شئ ما أو وطء أقدام
وقد جاء مصطلح "النميم" مشتقا من نمّ حيث يعني تزايد الحديث وتصاعده بين الشعراء، فالمقطع الشعري للشاعر الأول يغري الشاعر الآخر ليزيد ويبني ويبين القول بوصف أبدع من سابقه وهكذا الثالث فالرابع حيث يحاولان أن يكون قولهم أبلغ بيانا. ويمكن أن يكون المصطلح قد اشتق من نمنم الشئ أي زخرف الشئ وبرقشه، والمنمنم: الشئ الذي كثرت نقوشه وزينته ففي فن النميم يحاول كل شاعر أن يكون إبداعه بليغا ومعبرا ومزخرفا بالمفردات والمحسنات


النميم ذو جذور سودانية قدم إلى مصر عن طريق قوافل تجارة الإبل وهو نتاج بعض فنون الشعر الشعبي السوداني وبخاصة :الحردلو" و"المربع".

2- المصطلح شعبيا:
أجمع شعراء فن النميم على أن المصطلح قد يكون اشتقاقه من الأنين حيث يئن الشاعر عند اختيار معانيه أثناء الإعداد قبل أن ينطق بالمقطع الشعري ثم يترجم هذا النين "المتوناة" أو الصوت المبهم القادم من الأعماق إلى ترديد عبارة "آه يا ليل ... آه".
وأيا كان أمر الاشتقاق للمصطلح لغويا أو شعبيا فإنه يمكن محاولة تقديم تعريفا جامعا مانعا لهذا الفن.
"فن النميم" شعر شعبي عربي فيه إظهار لما يجول بخاطر الشاعر من معان وأحاسيس ووجدان، من خلال مفردات وأوزان لينم عن مكنون ذاته، وما يختلج بصدره في إطار من أحاسيس ووجدان، من خلال مفردات وأوزان لينم عن مكنون ذاته، وما يختلج بصدره في إطار من وجدان جماعته الشعبية بالفطرة وما خزنته ووعته الذاكرة من إبداع أسلافه، هادفا خلال المفارقة الشعرية التفوق على أقرانه من الشعراء المشاركين له حيث يحاول كل منهم أن ينمنم ويزخرف إبداعه الشعري ليأتي تعبيرا صادقا مؤثرا على المتلقين لإبداعهم من جماعتهم الشعبية".
ويطلق على الأمسية الشعرية أو المطارحة لهذا الفن مصطلح "جر النميم" حيث يبني الشاعر مقطعه الشعري على مقطع سابقه، ويأتي الإبداع في شكل سلسلة متنوعة الحلقات في التشكيل والبناء، ولكن في ذات الغرض الشعري.
ويصف د. عز الدين إسماعيل مجلسا للنميم فيقول:
"في هذا من الغناء يشترك في العادة شخصان أو أكثر، يتبادلان الغناء ويغلب على هذا الموقف طابع المنافسة، إذ يحرص كل من المغنيين على أن لا تفرغ جعبته قبل أن تفرغ جعبة الآخر، والحكم في هذه المباراة هو جمهور المستمعين إليهما، وقد تمتد الأغنية حتى نهاية السهرة، وهم يسمون هذا النوع من الغناء "النميم" ويطلقون على هذه المباراة عبارة "جر النميم"، ومما جعل هذا النوع أكثر شيوعا لدى عرب العقيلات أنهم أنهم جعلوه نوعا من المنافسة يشبه مطارحة الشعر، وقد كان من دواعي فخر بعضهم أمامي أنه يستطيع أن يجر النميم من العشاء وحتى مطلع الفجر".
ولقد أبدع شعراء النميم في وصفهم وتفننوا في رسم حدودهم الشعرية من خلال واقع حياتهم ومغامراتهم ومشاعرهم تجاه جماعتهم الشعبية، فالجمال الذي نحسه أثناء الاستمتاع بفن النميم، والمتعة التي تسعدنا إنما يرجع مصدرها إلى أن الشاعر الشعبي حينما يبدع فإنه يتأمل ما يدور بنفسه من مشاعر وخواطر، ويتأمل في الطبيعة والحياة، فهو يتدبر الماضي ويستخلص عبر التاريخ، ويتطلع إلى المستقبل فمن خلال التواصل الثقافي المتوفق بين الأجيال فإنه يعبر عن كل ذلك في صور إبداعية رائعة ذات طابع فردي في التشكيل، ولكنه معبر عن ذوق ووجدان الجماعة الشعبية.

3- النشأة التاريخية:
أجمعت الشواهد الميدانية على أن فن النميم ذو جذور سودانية، وأنه قدم إلى مصر عن طريق قوافل تجارة الإبل بين السودان ودراو بأسوان، وكذلك كان الأمر في حلايب وشلاتين بمحافظة البحر الأحمر، والنميم نتاج بعض فنون الشعر الشعبي السوداني وبخاصة :الحردلو" و"المربع".
ويقول الشاعر محمد حسن أبو الرجال:
" النميم المصري زي شعر الحردلو السوداني بالضبط، وتجار الجمال يقعدوا في مدينة دراو مدة طويلة وبالليل (يتونسوا) مع ناس دراو ويسمعوا الحردلو وقام جدودنا وكباراتنا في الفن زي حسن مكي ويس عبد الكريم (قدروا) يحفظوا منيهم القول، وهضموه وأعادوه مرة أخرى بشكل مصري أصيل سموه النميم".

4- التشكيل الإبداعي:
فن النميم إبداع شعبي أصيل، فهو شعر تلقائي يلقي ولا يكتب وياتي وليد الصدفة دون ترتيب أو إعداد مسبق من الشاعر ولكنه يأتي معبرا عن روح الجماعة الشعبية، وإن كان إبداعا فرديا حيث يبدع الشاعر بمفرداته متأثرا بما حفظته ووعته الذاكرة من أسلافه شعراء النميم والذي شكل حصيلة إبداعه الفكري.
وتتكون قوله النميم أو المقطع الشعري من مربع متحد القافية والوزن وقد تتحد القافية في نهاية الشطرات كجناس ناقص، وقد تتحد كجناس تام مثل كلمة "الجاني" فهي قد تأتي بمعنى المجرم، وقد تأتي بمعنى الحاصد، وقد تأتي بمعنة "الجني"، والوزن الشعري لمقطع النميم ينطبق على وزن الحردلو السوداني وهو عبارة عن رجز عربي صميم يختلط أحيانا بوزن الكامل ويسبق تفعيلات كل شطر فيه مقطع في أغلب الأحيان، والبحر الشعري لوز النميم
فعلن متفاعلين ... فعولن .. فاعلن
وفي أمسية جر النميم يتناول الشعراء غرضا واحدا أو عدة أغراض شعرية للتباري وغالبا ما يكون للجمهور دور في تحديد ذلك الغرض، ولكن من المتفق عليه ضرورة أن تبدأ جلسة جر النميم بالاستهلال بذكر اسم الله والصلاة والسلام على الرسول الكريم ثم تحية الحاضرين وأهل البلدة أجمعين ثم تهنئة صاحب الاحتفال، ثم الدخول في الغرض الشعري.

5- مصطلحات النميم:
لفن النميم عدد من المصطلحات الفنية المتداولة، والتي لها مدلول راسخ عند المبدعين والمتلقين على وجه السواء ومن أهم هذه المصطلحات:
جر النميم: يطلق على المطارحة الشعرية أو الأمسية
قوله: مقطع شعري يؤديه شاعر النميم
فن النميم إبداع شعبي أصيل، فهو شعر تلقائي يلقي ولا يكتب وياتي وليد الصدفة دون ترتيب أو إعداد مسبق من الشاعر

المجال/ السامر/ المجلس / القعدة: مكان إقامة المطارحة الشعرية
السكة: الغرض الشعري الذي يتبارى فيه الشعراء
يرفع الخانة: يطلق عند بدء الشاعر لأداء مقطعه الشعري
عرّج: يطلقه المتلقون عند مناشدتهم الشاعر إعادة مقطع شعري راقهم
أبشر: يطلقه المتلقون للتعبير عن إعجابهم بقول الشاعر
حبابك: يطلقه المتلقون ردا على تحية الشاعر لهم
سلامتك: يطلقه المتلقون تفاعلا مع الشاعر عند ذكر ما يؤلمه
الخدار: يطلق على الغرض الشعري "الغزل الصريح"
فارس/ لبيب/ كبدار/ قوّال / بنك القول: ألقاب شاعر النميم المتمكن

6- سمات وخصائص فن النميم:
لقد استطاع فن النميم أن يستقي من روافد الشعر الشعبي ومصادر التراث العربي ولكنه تميز باستقلاله وخصائصه، وتميزه بسمات تفرده عن غيره من الإبداعات الشعبية، ومن أهم تلك الخصائص:
ا- عبارة آه يا ليل .. آه:
أثناء ترتيب الشاعر لمقطعه الشعري فإنه يئن وقد ترجموا ذلك الأنين إلى عبارة "آه يا ليل .. آه" وهي تسبق المقطع الشعري، ويختلف الشعراء في أسلوب أداء هذه العبارة، فكل منهم ينوعها ويلحنها صوتيا وتكون لزمة أساسية له أثناء الأداء وقد تحقق له شهرة، فمثلا جمهور المتلقين يلقبون الشاعر أبو الأمين بكلمة "اللولي" حيث يقول قبل أداء مقطعه الشعري: يا لولي .. آه يا لولي، وهذه العبارة تفيد في تهيئة المتلقين وجذب انتباههم لما سينطق به الشاعر فضلا عن إتاحته الفرصة للشاعر لتجويد مقطعه وإعادته على نفسه قبل أن يؤديه وهذا ما اكده الشاعر محمد أبو حجير بقوله:
"في النميم يقوم ثلاثة أو أربعة شعراء يردوا على بعضيهم بالقوافي في سكة واحدة زي وصف الجمال أو الفروسية، ولازم يبدأ الشاعر قولته (بالليل) وأنا دايما بقول:"يا لولي .. آه يا لول" وهي سبب شهرتي وعلى طول محبيني ينادولي بيالولي.

ب- التكنية وعدم التصريح:
يميل شعراء النميم إلة التكنية عن أسماء الحيوان والهوام والأشياء التي يتشاءمون منها او التي يتجنبون التصريح بها اتقاء لشرها، وغالبا ما يطلقون عليها أوصافا أو كُنى منها ما يكون مبدوء بلفظ "أم" أو "أب" أو "بت" أو "ود" متأثرين ببعض اللهجات السودانية، فعلى سبيل المثال لا الحصر يطلق على الدنيا لفظ "أم عبوس"، وعلى ذات الشعر الكثيف غير المرجل "أم ديسا"، وعلى الغزال "ود إبريل"، وفي اللغة الفصحى أمثلة عديدة من هذه الكنى كقولهم "أبو الحارس" كنية الأسد.

جـ - التكرار والإدغام:
يكرر شاعر النميم المقطع الشعري مرتين حتى يتيح للمتلقين التفاعل معه كما يلجأ الشاعر أثناء الأداء إلى إدغام بعض الحروف حيث ينطقون مثلا كلمة "الأمين" بكلمة "أبلمين" ومثل هذا الإدغام في لهجات بعض القبائل العربية بالأردن والسودان.

د – الزيادة والإبدال:
يلجأ شعراء النميم إلى زيادة بعض الحروف فعند "الضم" تزداد "واوا" للكلمة مثل كلمه " له" تنطق " ليهو " ، وكذلك إبدال حروف مكان حروف أثناء الإلقاء حيث يبدلون حرف " الطاء " بحرف " التاء " ، وحرف " الضاد " بحرف " الدال " ، وحرف " التاء " بحرف " السين " وهذا الإبدال وليد مؤثرات العجمية وله أمثلة كثيرة فى لهجات دول الخليج وبعض لهجات اليمن .
هـ ــ استخدام مفردات سودانية :
يستخدم شعراء النميم بعضا من المفردات السودانية مثل كلمة " زولا " التى تعنى إنسان وكلمة " ريري " التى تعنى حبيبي ..... الخ ويرجع ذلك إلى ما خزنته الذاكرة عن أسلافهم فى هذا االفن لتلاحقهم مع السودانيين .

وــ اللغة البدوية :
تتأثر لغة شعراء النميم باللهجات البدوية ولكنها لا تخضع للإعراب وقواعده ، وحسب مفرداتها فمعظمها عربي أصيل قد يداخلها بعض التعبيرات التى بها نهجين محلى وهو أمر يلمحه القارئ لنصوص هذا الفن ، فنرى مثلا بعض الكلمات البدوية " الكجرة " بمعنى الخيمة وبعض الكلمات السارية مثل " كتب " بمعنى هودج الجمل .

يأتي معبرا عن روح الجماعة الشعبية، وإن كان إبداعا فرديا حيث يبدع الشاعر بمفرداته متأثرا بما حفظته ووعته الذاكرة من أسلافه شعراء النميم والذي شكل حصيلة إبداعه الفكري
زــ السكتات الصوتية :
يستخدم شعراء النميم أثناء أدائهم لمقاطعهم الشعرية موسيقى الكلمات والسكتات الصوتية ، فنرى الشاعر عند الأداء للشطرة الواحدة يسكت مرتين الأولى أطول نسبيا من الثانية ، وعند تدوين النصوص سنعمد إلى وضع ثلاث نقاط أفقية عن السكته الأولى ، ونقطتان أفقيتان لتوضح السكتة الثانية فى محاولة لتقريب أسلوب الأداء .

ح ــ المطارحة الشعرية :
تبدأ أمسية جر النميم من بعد صلاة العشاء حتى قبيل أذان الفجر، وتسير وفق منهج صارم حيث يبدأ الشعراء واحد تلو الآخر فى إلقاء مقطعه الشعري الذى لابد وأن تكون بدايته البسملة والصلاة على الرسول الكريم ثم السلام على الحاضرين ثم يتناول الشعراء الغرض الشعري الذى يطلبه المتلقون منهم , وتنم المطارحة والتبارى الشعري ، وكل شاعر يؤدى مقطعه الشعري بعد تفكير عميق يستدعى من ذاكرته ما حفظته من أسلافه وما أعده بذهنه أثناء خلوته بنفسه انتظار لدوره فى الأداء هادفا التفوق على أقرانه من الشعراء ليرون المستمعين وينال استحسانهم ، ليظفر بلقب فارس الليلة أو الكبدار

ط ــ مجلس جر النميم :
تقام ليالي أو أمسيات جر النميم فى المناسبات الاجتماعية السارة كحفلات الزفاف ، وليالى الحنة ، وحفلات ختان ولد ، وحفلات الذهاب والعودة من الأراضي الحجازية ، وأحيانا تقام أمسيات جر النميم فى موالد الأولياء والصالحين، والذى يقرر إحياء تلك الليالى أحد محبى وعشاق هذا الفن.
وينعقد مجلس جر النميم فى ساحة رحبة بالشارع أمام منزل الداعى أو مقيم الأمسية، حيث يجلس الشعراء فوق فرش من حصير البلاستيك عليها مفارش من الصوف أو الكليم وتوضع خلف ظهورهم سكتات ويجلس أمامهم جمهور المتلقين على الأرض أو جلوسا على آرائك خشبية عليها فرش ومتكآت تسمى " دِكه " ويجلسون فى قمة الإنصات وكأن على رؤوسهم الطير ولكنهم يتفاعلون مع الشعراء عند الأداء ، وقد يقوم بعضهم بالتسجيل الصوتى للأمسية .
ويدور الميكرفون بين الشعراء ، كل منهم يؤدى مقطعه الشعري مرتين ويفسح المجال للذى يليه وهكذا حتى نهاية الليلة ، وتظل المطارحة ومبارزة الكلمات والصور الشعرية فى غرض أو عدة أغراض شعرية وسط عبارات تشجيع الجمهور وآهات المتعة مما يحفز الشعراء ويجعلهم يفرغون ما بجعبتهم من فن أصيل .
ويقول الشاعر أبو نصار فى وصفه لمجلس نميم (*) :
( فى مجالس النميم يكون ثلاث أو أربع شعراء يحرسوا بعض فى القول يعنى يقول الواحد منهم قوله فى وصف فتاة جميلة زى البدر لازم التانى يوصفها زى الشمس ، والثالث يعتبرها من حوريات الجنة ، والشاعر اللى يخلي الناس تشجعه وتعجب بيه يكون هو فارس الليلة ، وفى ليلة جر النميم جمعتنى مع الكبدار أبو الرجال ، وبقينا نوصف جمال العروسة ونقدم لها التهانى قال أبو حسن أبو الرجال :
فصيحة اللسان 000 قرشيا 000 ماتمتاما
أديبا مؤدبا 000 وللسر البهيج 000 كتاما
لله العجب 000 لمان تفكى 000 لتاما
شمسا فى الصباح 000 وفى الليلة تضوى 000 عتاما
وكان عليا الدور وراه ، فكرت وقلت :
قرشي والدك 000 وكمان والدتك 000 قرشيا
وف الجود والكريم 000 واخداع الخلق 000 نشيا
من نور خلقتك 000 انت ياك 000 منشيا
شمسا فى الصباح 000 قمرا يضوى 000 عشيا

ويختتم أكبر الشعراء سنا مجال جر النميم فى نهاية الليلة كما بدأه أولها بأداء مقطع شعري يشكر فيه الحضور ويقدم العذر للملتقين عن التوقف ويعبر فيه عن سعادتهم كشعراء بتلك الأمسية ويقول الشاعر أبو الحسن :
( لمان نحب ننهى الليلة وعايزين نقوم نروح ، لازم نختم المجلس بلطف وحسن تصرف ونشكر أهل البلد والحاضرين وصاحب الليلة فمثلا قلت مرة فى ختام مجلس نميم :
وحلفت بمن ذكر 000 ف كتابه سورة 000 عما
وصابر ع اللى في 000 وليكم بجر 000 النما
ونختم بالرسول 000 والنور يكون 000 عما
نستأذن نقوم 000 وبرضوا إن قسم 000 نتلما

ى ــ المتلقون : لفن النميم جمهوره المتذوق له حيث يفضلونه عن دونه من فنون أدبية ، فهم الغاية وهم الحكم فى نهاية الأمر بين الشعراء ، حيث تحسب انفعالاتهم مع كل شاعر ومدى مناشدتهم إياه إعادة ذلك المقطع الشعري الذى جاء معبرا عن إحساساتهم ومشاعرهم ونابضا من وجدانهم ، ويتفاخر الشعراء فيما بينهم بمدى انتزاع الآهات والمناشدات طلبا للإعادة تفاعلا مع ما أداه .

وقد اكتسب فن النميم مكانه رفيعة ، ولا يزال يأخذ بألباب سامعية والذين ما يكونون من الرجال والشيوخ والذين يقيمون وزنا للكلمة ويتفهمون بوعى الصور الشعرية ولديهم ملكات الإنصات والاستمتاع .
وقد اكتسب الشعراء لغة سهلة بسيطة يستطيع من خلالها أن ينتقل المعنى العقلي أولا ، ثم يحمله فى ذات الوقت بالمشاعر والأحاسيس التى تعبر عن انفعالات الشاعر من خلال لغة سهلة ،/واستدار للمعانى بما تحمله من إشعاعات وجدانية وبما تحمله أيضا من إيقاع موسيقى يبعث فيها الحياة ويجعلها تنساب إلى النفس لتنقل التجربة الوجدانية التى مارسها الشاعر ويريد أن يشاركه إياها الملتقى
ويؤكد هذا المعنى الشاعر أبو الحسن بقوله :
( الجمهور هو اللى بيحدد لينا السكة واللى بتقال فى المجال ، فالجمهور هو اللى بيغنى لأنه هو اللى بيحدد اللى عايز يسمعه ، ويحس انه خارج من جواه موش من جوا اللبيب ، ولما ينبسط يهيص ويشجعنا ، وكان يوصل الجمهور لحالة توحد يقوم أحدهم ويرفع إيده اليمنى مطرقعا بأصبعه قائلا " حياك الله " أو " أبشر بالخير " أو " قول يا بنك القول" ، و لو ذكر الشاعر فى قولته شئ فيه ألم يرد عليه الجمهور " سلامتك " وفى أحيان كثيرة يكمل الجمهور معه الشاعر بكلمة توافق ما ينطق به الشاعر
ويسعى جمهور النميم إلى حضور مجالسه غير عابئين ببعد مسافة أو تأخر ليل، سواء توفرت وسيلة انتقال أو لم تتوفر ، فإن مقدار ما يعيشه من غبطة أثناء مشاركته لأمسية جر النميم وما يشعر به من مقطعه سماع وتذوق تفوق ما قد يتكبده من مشاق الوصول أو صعوبة العودة .

ك ــ المبدعون :
ازدهر فن النميم على أيدى رجال قد سلفت من شعرائه وكان لهم الدور المهم من خلال التواصل الثقافى بين الأجيال ، فقد دربوا وعلموا أجيالا تلتهم فالنميم فن يكتسب بالعلم والممارسة فضلا عن وجود الملكة الشعرية والقدرة الإبداعية الفطرية .
ولما كان مبدعو النميم معروف لنا الأمر الذى حدا بالبعض إلى استبعاده من منظومة الفلكلور، بيد أننا نتفق مع الطيب محمد فى عدم اشتراط مجهولية المؤلف فى الأدب الشعبي حيث يذكر فى كتابه : " إن معرفة مؤلف النص لا تؤثر على شعبية هذا النص ما دام يستوحى مادته من وحدات الجماعة ومن أعرافها وهذا ما ضمن الكثير من النصوص التى تداولها الناس الاستمرارية حيث ينقلها كل جيل إلى الآخر حتى يومنا هذا" (*)
وقد ترك فنانو النميم الأقدمون ـ رحمهم الله ــ هذا الفن فنا شعبيا معبرا عن وجدان جماعتهم الشعبية بعد أن بلوره فنا مستقلا له خصائصه وسماته ، ونقلوه إلى جيل المحدثين من مبدعيه والذين استقى هذا البحث المادة الميدانية منهم كروافد لهذا المأثور الشعبي ومنهم على سبيل المثال لا الحصر : محمد حسن أبو الرجال ، وأحمد الأمين ريحان ، والليثى محمود عبد النبي ومحمد عثمان نور ، وإسماعيل ركابي نصار ، وعبد الرءوف مصطفى وكثيرون ومن رواد هذا الفن القدامى :
عثمان نور ، وعبدالله الخضري ، وعبد الصادق عمر ، وأحمد النمره ، ومحمود أبو عمر ، ومحمود البادى ومسلوب أبو فادى وإسماعيل الخنانى والشحات عثمان العليفى وعوض الله الفقى وسعيد الطونابي وعثمان صديق . رحمهم الله أجمعين
ويقول الشاعر أبو حجير عن ظروف ممارسته لهذا الفن بقوله :
( أنا حفظت النميم من أعمامنا القدامى ، وكان والدى رحمه الله فارس نميم وأول قوله قلتها بعد ما مشيت معاه وحفظت :
خالق خلقو ربى 000 ويالعبر 00 كافيه
وف القرآن ثبت 000 عسر او يسر 000 فيه
عسى الله يعض 000 بجمال بطل 000 كيفيه
يحافظ ع الرعية 000 وع العدو 000 كافيه (26)

ثالثا – الأغراض الشعرية للنميم
تعددت الأغراض الشعرية وتنوعت لفن النميم ، وهذه الأغراض هى ذات أغراض الشعر العربي ، ومن خلال المادة الميدانية المتاحة لدى الباحث . وفى محاولة منه تصنيفها وفق الأغراض الشعرية لفن النميم .
أهم الأغراض الشعرية لفن النميم :
أ‌- الزهد والتصوف
ب‌- التحية والسلام والتهنئة
فن النميم" شعر شعبي عربي فيه إظهار لما يجول بخاطر الشاعر من معان وأحاسيس ووجدان، من خلال مفردات وأوزان لينم عن مكنون ذاته، وما يختلج بصدره في إطار من أحاسيس ووجدان
ت‌- الحب والهجر
ث‌- الغزل العفيف والغزل الصريح
ج‌- الوصف والنزعات الوجدانية
ح‌- النصائح والعظات
خ‌- الفخر والمدح
د‌- الشكوى من الحياة ومواكبة أحداثها
ويقدم الباحث نماذجا من مقاطع النميم تناولت كل غرض وسيكتفى بذكر قول شاعرين فقط من كل أمسية جرنميم وكانت من أحد الأغراض الشعرية

أ – الزهد والتصوف :
قال الشاعر :
صلاة الله على 000 طه الحبيب 00 المرضي
ملئ الكرسي 000 واللوح والسما 00 والأرضي
وأضعافا وأضعافا 00 السن 00 والفرضى
تغشاك ياابن عبدالله 00 يانضيف 00 العرضى
ويرد عليه الآخر :
صلاة الله على طه 00 اللى دينو 00 شديد
ملايين الملايين 000 ليك كل صحبا 00 جديد
سبع حجات وأموت 00 بعد عمرا 00 مديد
واندفن ف الحوم 00 لا نوحا 00 ولا عديد

ب ــ التحية والسلام والتهنئة :
يقول الشاعر :
أهديكم سلام 00 على قد حالى 00 يكون
بعدد ما خلق 00 رب العباد 00 ف الكون
عدد ماكان 00 واللى ما 00 ب يكون
شايفنو فى حقكم 00 قليلا 00 مابيكون(*)
ويرد عليه الآخر :
أهديكم سلام 00 وانتو تقسموه 00 تقسيما
عدد نجم السما 00 وعدد ماتهب 00 نسيما
وعدد ماخلق أنفس 00 والضحكا 00 والتبسيما
عدد حروف اللربع كتب 00 ومارسمت 00 الرسيما (*)

جـ ــ فى الحب والهجر :
قال الشاعر :
خالى م الغرام 00 حمد الله 00 باس إيدو
قال احسن لى قفل 00 باب يجيب ربح 00 بيسدو
نار الشوق تفيد 00 بلهوبها يشعر 00 سيدو
فرشو م المليل 00 وبص السيال 00 وسيدو(29)
ويرد عليه الآخر :
جض الغاوى جض 00 يسقف عل 00 يدين
علشان من لاقى00 ناس ف المعانى 00 وافين
زيك ماوجدت 00 لوعديت 00 بالألفين
ياصاحب الصبر 00 قولى الصبر 00 مخزنو فين(*)

د ــ الغزل العفيف والغزل الصريح :
ومن أمثلة الغزل العفيف فى فن النميم ما جاء بإحدى أمسيات جر النميم
قال الشاعر :
أنا ومحبوبى 00 سوا بنلعب 00 البوكار
ادين بوسة 00 وتبقى لى 00 تذكار
قالت لى قرب 00 خدها يا 00 مكار
مدام بتحب 00 ليه تدعى 00 الإنكار (*)
ورد عليه الآخر :
تخلق ماتشاء 00 ياحى 00 ياقدوس
أنا سألت البنات 00 مين دى الجويهلا 00 حدوس
ماشيا ع الارض 00 يدوب كعبها 00 يدوس
قالت دى حورا 00 من حور جنة 00 الفردوس (*)

وفى الغزل الصريح يقول شعراء النميم :
قال الشاعر:
ياجيك يتكى 00 يتنيه الكفل 00 ف مشيتو
وكل من شافه قال آه 00 من صبحو 00 لعشيتو
كريم يالله لى 00 عمرا جديد 00 أنشيتو
نجيت روحى من 00 طلقات عيون 00 رمشيتو (*)
ورد عليه شاعر آخر :
اللى فرقنا 00 من عند الإله 00 يتجازا
لا يوم نستريح 00 ولا يوم بناخدو 00 أجازا
كل من ينظرك 00 النار تزيد 00 جازا
كفلك فـ الهدوم 00 شكله وضنين 00 حجازا

هـ - الوصف والنزعات الوجدانية :
قال الشاعر :
اللى طيفك أتان 00 ف المنام 00 حلمنى
آخر اشتياق 00 بالباط حضن 00 سلمنى
قمت م المنام 00 مالقيت زولن 00 كلمنى
فكرت لقياك بكيت 00 فراقك قسى 00 آلمنى (*)
ورد عليه الشاعر الآخر :
من فارقتهن 00 وبقيت النواحات 00 عيدي
وكل مقول تهون 00 جايره علي 00 وبتزيدي
بأبكى بكا شنيع 00 وبالمرة كل 00 غميدى
استاهل انا اللى 00 جبت المصايب 00 بإيدي (*)

و ــ النصائح والعظات :
قال الشاعر :
كنا نغنى ليكم 00 واللعين 00 لاب بينا
وحاصر ياعرب 00 لطلباتكم 00 لبينا
قلنا الحديث زى 00 ما أمرنا 00 نبينا
طلب الناس الحدار 00 والوعظات 00 ما بينا (*)
ورد عليه الشاعر الآخر :
شرحنا الموعظات 00 أول بشاير 00 القول
توب ياقلبي توب 00 خليكا زول 00 معقول
لو امتد الأجل 00 وطوّل قدر 00 منقول
لدارتانى غير دار 00 أم عبوس 00 منقول (*)

ز ــ الفخر والمدح :
قال الشاعر :
تريد الونسه 00 أم جاى ع الغرام 00 تتعمد
دور ف الحروف 00 توجد اسمى 00 محمد
متحفين الملايكة 00 وبذكر الله 00 بتغمد
لو يدوس ف المحيط 00 يصبح حجر 00 يتجمد (*)
ويرد عليه الآخر :
جروح الناس تطيب 00 وجرحى مسكر 00 شطبنا
وما خليت طبيب 00 جاب لى علاج 00 شطبنا
كام قبلنا 00 ف قاموس الغرام 00 شطبنا
اذا شطب محيط الفن 00 إحنا ما 00 شطبنا(*)

ح ــ الشكوى من الحياة ومواكبة أحداثها :
قال الشاعر :
معانا يادنيا 00 طول العمر 00 متشكلتى
وليه دلوقتى 00 محكمة العذاب 00 شكلتى
بخلاف القيود 00 حبل المذلة 00 شكلتى
كام حلينا مشاكل 00 واحترت فى 00 مشكلتى
ورد عليه الأخر :
الدنيا أم عبوس 00 على أقل شئ 00 ذلتنا
ذقيانا المرارين 00 وطلعتى 00 ملتنا
احنا لو ما نشكر البيعين 00 نبقى زى 00 قلتنا
بعد الواجبات 00 نشكر نبات 00 حلتنا (*)

وقد واكب شعراء النميم بعض هذه الأحداث الهامة التى حدثت فى مصر ، ونقدم نموذجا لما جاء فى إحدى أمسيات جر النميم بعد قيام ثورة يوليو المجيدة وتحقيقها عددا من المكتسبات الشعبية كبناء السد العالى فقال أحد شعراء النميم مقطعا شعريا جاء فيه :
جيشك يا جمال 00 على كل سلاح 00 اتدرب
وهرفت اليهود 00 وخليت نجومهم 00 تغرب
بنيت السد العالى 00 علشان الجبال 00 تشرب
وحررت الجزاير 00 ويوم فلسطين 00 قرب (*)

وكما تفاعل أحد الشعراء وانفعل باستشهاد السادات أو اغتياله وقال :
خلق خلقوا ربى 00 وبالعبر 00 كافيه
وف القرآن ثبت 00 عسرا ويسرا 00 فيه
عسى الله يعوض 00 بالسادات بكل 00 كيفيه
يحافظ ع الرعيه 00 وع العدو 00 كافيه (*)


خاتمة وتعقيب
إن فن النميم لون من ألوان الأدب الشعبي المصري ينتشر فى محافظتى أسوان والبحر الأحمر ، وتقوم على تشكيليه فنيا مجموعة من أبناء القبائل العربية التى قدمت إلى مصر إبان وبعد الفتح الإسلامى ، وقد اتخذت لها عدة مناطق فى المحافظتين مستقرا لها .
تقام ليالي أو أمسيات جر النميم فى المناسبات الاجتماعية السارة كحفلات الزفاف ، وليالى الحنة ، والختان

وقد ازدهر فن النميم على أيدي شعراء أوائل كان لهم الفضل فى بلورته عن بعض فنون الشعر العربي وبخاصة الشعر السودانى ، ومن خلال التواصل بين الأجيال انتقل إلى مجموعة الشعراء المعاصرين ، والذين بدورهم يقومون بإعداد جيل من المبدعين الشبان لحمل راية هذا الفن فى المستقبل ، ولكن لعوامل ومعطيات التطور التقنى والحضاري والتى غيرت وجه الحياة المعاصرة فضلا عن سرعة رتم الحياة ، كل هذا أدى إلى ظهور بعض الفنون الأخرى التى تعتمد على كل الكلمات المصحوبة بالموسيقى والحركة ، وقد استطاعت تلك الفنون وبخاصة فن الكف أن تسطع على سطح الإبداع الشعبي .
وفن النميم يتشابه أو يتقاطع أو يتماسى مع الفنون الشعرية الشعبية ومن المهم أن نقف سريعا على أوجه الشبه أو الاختلاف ، ومدى استلهام النميم من بعض فنون الشعر الشعبي السودانى حيث إن أصول فن النميم نابعة من شعر الحر ولو السودانى إلا أن النميم نتاج مصري خالص ، يعبر عن فكر ووجدان الجماعة الشعبية المصرية .
وبالرغم من أن فن النميم يتشابه مع الزجل فى أن كلاهما تعبير عن ما يمس الجماعة الشعبية ويصف أحوالها ، ويترجم إحساساتها ، ويعبر عما تكن ، كما أنهما يستخدمان بعض المفردات الشعبية إلا أن فن النميم يختلق عن الزجل فى التزامه بالقافية الموحدة والتى لا يلتزم بها الزجل ، وكذلك فى مناسبات الأداء وطريقته وأسلوب التناول ، حيث النميم يقام من خلال بتارى وتنافس بين شعرائه فى الأمسية .
ويختلف فن النميم عن فن الموشح حيث إن الأخير ينظم على المقاطع غير المحددة للشطرات وقواف معلومة بحيث لا يتقيد فيه الناظم بقافية معينة ، وهذا ما لا نراه فى فن النميم .
وبالرغم من التشابه بين النميم والموال الرباعى فى البناء التشكيلي إلا أنهما يختلفان فى أسلوب الأداة فالموال الرباعى نرتبط مقطوعاته مع بعضها حيث المبدع هو ذات الفرد ، أما فن النميم فالمقطوعات الشعرية فى الغرض الواحد لأكثر من شاعر والغرض التباري فى قوة الإبداع والبلاغة ومدى التأثير على المستمعين .
يتشابه فن النميم ونظم الدوبيت فى البحر الشعري حيث الوزن فى كليهما فعلن متفاعلين 00 مفعولين 00 فاعلن 00 إلا أنهما يختلفان فى البناء التشكيلي فالدوبيت يتكون من بيتين شعريين تتفق أشطارهما فى القافية وقد يخرج على هذا الاتفاق الشطر الثالث ، فى حين أن فن النميم يتكون من أربع شطرات رأسية متحدة القافية .
ويتشابه فن النميم مع فن الواو فى استخدام بعض الكلمات بالتداخل الصوتى حيث الحفاظ على القافية بالتلاعب باللفظ أحيانا ، ويختلف فن النميم عن فن الواو فى أن الأخير يتكون من بيتين يراعى فيهما الحفاظ على القوافى المنطوقة وليست المكتوبة وكثيرا ما تحتاج إلى حل مغاليق الكلمات المسموعة .
استعار فن النميم من فن المربع البناء التشكيلي للمقطع الشعري وذلك كسائر فنون الشعر العربي حيث غالبا ما تشكل من مربعات لأكثر من شاعر فى ارتباط تحدى ومنافسة ، فى حيث مقطوعات المربع ترتبط ارتباطا وثيقا تصاعديا حيث الربعة الواحدة تؤدى معنى وترتبط بالتى سبقتها وتمهد للتى تليها .
ويختلف فن النميم مع بعض فنون الشعر الشعبي السودانى كالدوباى والبوباى والشوشاى والجابودى فى التشكيل ، إلا أنه يتفق معها فى كونه معبرا عن وحدات جماعة شعبية منابعا من بيئة شعبية ، وقد استلهم فن النميم بعضا من المفردات السودانية مثلا " دوبا " و " أم عبوس " " أبو الهودج " وهى تعنى على الترتيب " أشفق وأحن " و "الدنيا " و " الجمل"
ويعتبر فن الحردلو السودانى نظير فن النميم المصري حيث يتشابهان فى البناء التشكيلي وبعض المفردات وطريقة الأداء ، إلا أن شعر الحردلو مرتبط باسم مؤلفه وتتعدد أنماطه ما بين المربعتين الاثنتين إلى أكثر أما مقطوعات النميم فهى مربعة واحدة حول غرض معين لعدد من الشعراء المشاركين فى المطارحة ويكون بينهم تنافس وتباري
ولعل الباحث أن يكون قد لامس الهدف الذى ينشده فى البحث فى محاولة إلقاء بعض الضوء على فن من ألوان الإبداع الشعبي المصري.
فضلا عن أنه محاولة لوضع بداية أمام الباحثين الشعبيين للتعمق أكثر فى هذا الفن .


المصدر : مصر المحروسة

الشربينى الاقصر
28/10/2012, 21h34
فن الواومن اقدم الفنون الادبية فى صعيد مصر .ويعرف هذا الفن بفن (الالغاز)حيث ان راوى( الواو)كان يمر على اى جماعة فى اثناء سيره فى الطريق ويقول لهم( الواو) ولا يحل لغزه ويتركهم .ويطلب منهم ان عرفوا حل اللغز ان يذهبوا اليه فى بلده ويستقبلهم بكرم الضيافة ان نجحوا فى حل لغز (الواو).ولغز (الواو) يتمثل فى حل معانى بعض كلماته المتشابهة فى الحروف والمختلفة فى المعنى .ك(الواو) الشهير .
طرقت الباب حتى كلمتنى
فلما كلمتنى ..كلمتنى
فقلت يااسماعيل صبرى
قالت يااسماعيل صبرى
فكلمتنى الاولى تعنى تعبت يدى والثانية ايضا بعدما تعبت يدى كلمتنى الثالثة اى حدثتنى .وكانت حبيبته اسمها(اسماء)فقال لها يااسما نفد صبرى .فقالت له وكان اسمه (اسماعيل )يااسماعيل ..صبرا .
وهكذا كانت تبيت القرى والنجوع الايام والليالى الطوال فى حل لغز الواو .
وهذا الفن كان مشهورا فى ريف مدينة الاقصر كقرى الكرنك والزينية بحرى وقبلى والعشى والعوامية والبياضية وغيره من القرى الاقصرية .
محمداحمدخليل حسب الله (الشربينى الاقصرى)
الزينية بحرى /الكرنك 29/10/2012 م