المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علي محمود طه


MAAAB1
24/04/2007, 21h54
مسـاء الورد

ولد علي محمود طه في الثالث من أغسطس سنة 1901 بمدينة المنصورة عاصمة الدقهلية لأسرة من الطبقة الوسطى وقضى فيها صباه . حصل على الشهادة الابتدائية وتخرج في مدرسة الفنون التطبيقية سنة 1924م حاملاً شهادة تؤهله لمزاولة مهنة هندسة المباني . واشتغل مهندساً في الحكومة لسنوات طويلة ، إلى أن يسّر له اتصاله ببعض الساسة العمل في مجلس النواب .

وقد عاش حياة سهلة لينة ينعم فيها بلذات الحياة كما تشتهي نفسه الحساسة الشاعرة . وأتيح له بعد صدور ديوانه الأول " الملاح التائه " عام 1934 فرصة قضاء الصيف في السياحة في أوربا يستمتع بمباهج الرحلة في البحر ويصقل ذوقه الفني بما تقع عليه عيناه من مناظر جميلة .

وقد احتل علي محمود طه مكانة مرموقة بين شعراء الأربعينيات في مصر منذ صدر ديوانه الأول " الملاح التائه "، وفي هذا الديوان نلمح أثر الشعراء الرومانسيين الفرنسيين واضحاً لا سيما شاعرهم لامارتين . وإلى جانب تلك القصائد التي تعبر عن فلسفة رومانسية غالبة كانت قصائده التي استوحاها من مشاهد صباه حول المنصورة وبحيرة المنزلة من أمتع قصائد الديوان وأبرزها. وتتابعت دواوين علي محمود طه بعد ذلك فصدر له : ليالي الملاح التائه (1940)- أرواح وأشباح (1942)- شرق وغرب (1942)- زهر وخمر (1943)- أغنية الرياح الأربع (1943)- الشوق العائد (1945)- وغيرها.

وقد كان التغني بالجمال أوضح في شعره من تصوير العواطف، وكان الذوق فيه أغلب من الثقافة . وكان انسجام الأنغام الموسيقية أظهر من اهتمامه بالتعبير. قال صلاح عبد الصبور في كتابه " على مشارف الخمسين ": قلت لأنور المعداوي: أريد أن أجلس إلى علي محمود طه. فقال لي أنور : إنه لا يأتي إلى هذا المقهى ولكنه يجلس في محل " جروبي " بميدان سليمان باشا. وذهبت إلى جروبي عدة مرات، واختلست النظر حتى رأيته .. هيئته ليست هيئة شاعر ولكنها هيئة عين من الأعيان . وخفت رهبة المكان فخرجت دون أن ألقاه، ولم يسعف الزمان فقد مات علي محمود طه في 17 نوفمبر سنة 1949 إثر مرض قصير لم يمهله كثيراً وهو في قمة عطائه وقمة شبابه ، ودفن بمسقط رأسه بمدينة المنصورة . ورغم افتتانه الشديد بالمرأَة وسعيه وراءها إلا أنه لم يتزوج .

وعلي محمود طه من أعلام مدرسة "أبولو" التي أرست أسس الرومانسية في الشعر العربي.. يقول عنه أحمد حسن الزيات: كان شابّاً منضور الطلعة، مسجور العاطفة، مسحور المخيلة، لا يبصر غير الجمال، ولا ينشد غير الحب، ولا يحسب الوجود إلا قصيدة من الغزل السماوي ينشدها الدهر ويرقص عليها الفلك!!

ويرى د. سمير سرحان ود. محمد عناني أن "المفتاح لشعر هذا الشاعر هو فكرة الفردية الرومانسية والحرية التي لا تتأتى بطبيعة الحال إلا بتوافر الموارد المادية التي تحرر الفرد من الحاجة ولا تشعره بضغوطها.. بحيث لم يستطع أن يرى سوى الجمال وأن يخصص قراءاته في الآداب الأوروبية للمشكلات الشعرية التي شغلت الرومانسية عن الإنسان والوجود والفن، وما يرتبط بذلك كله من إعمال للخيال الذي هو سلاح الرومانسية الماضي.. كان علي محمود طه أول من ثاروا على وحدة القافية ووحدة البحر، مؤكداً على الوحدة النفسية للقصيدة، فقد كان يسعى - كما يقول الدكتور محمد حسين هيكل في كتابه ثورة الأدب - أن تكون القصيدة بمثابة "فكرة أو صورة أو عاطفة يفيض بها القلب في صيغة متسقة من اللفظ تخاطب النفس وتصل إلى أعماقها من غير حاجة إلى كلفة ومشقة.. كان علي محمود طه في شعره ينشد للإنسان ويسعى للسلم والحرية؛ رافعاً من قيمة الجمال كقيمة إنسانية عليا..

ويعد الشاعر علي محمود طه أبرز أعلام الاتجاه الرومانسي العاطفي في الشعر العربي المعاصر ، وقد صدرت عنه عدة دراسات منها كتاب أنور المعداوي " علي محمود طه: الشاعر والإنسان " وكتاب للسيد تقي الدين " علي محمود طه، حياته وشعره " وكتاب محمد رضوان " الملاح التائه علي محمود طه "، وقد طبع ديوانه كاملاًََ في بيروت .


من قصائده المشهوره ، فلسطين ... والتي غناها مطرب الاجيال الراحل محمد عبد الوهاب


أَخِي ، جَاوَزَ الظَّالِمُونَ المَـدَى فَحَقَّ الجِهَادُ ، وَحَقَّ الفِـدَا

أَنَتْرُكُهُمْ يَغْصِبُونَ العُرُوبَــةَ مَجْدَ الأُبُوَّةِ وَالسُّــؤْدَدَا ؟

وَلَيْسُوا بِغَيْرِ صَلِيلِ السُّيُـوفِ يُجِيبُونَ صَوْتَاً لَنَا أَوْ صَدَى

فَجَرِّدْ حُسَامَكَ مِنْ غِمْــدِهِ فَلَيْسَ لَـهُ، بَعْدُ ، أَنْ يُغْمَـدَا

أَخِي، أَيُّهَـــا العَرَبِيُّ الأَبِيُّ أَرَى اليَوْمَ مَوْعِدَنَا لاَ الغَـدَا

أَخِي، أَقْبَلَ الشَّرْقُ فِي أُمَّــةٍ تَرُدُّ الضَّلالَ وَتُحْيِي الهُـدَى

أَخِي، إِنَّ فِي القُدْسِ أُخْتَاً لَنَـا أَعَدَّ لَهَا الذَّابِحُونَ المُــدَى

صَبَرْنَا عَلَى غَدْرِهِمْ قَادِرِيـنَ وَكُنَّا لَهُمْ قَدَرَاً مُرْصَــدَا

طَلَعْنَا عَلَيْهِمْ طُلُوعَ المَنُــونِ فَطَارُوا هَبَاءً ، وَصَارُوا سُدَى

أَخِي، قُمْ إِلِى قِبْلَةِ المَشْرِقَيْـن ِ لِنَحْمِي الكَنِيسَةَ وَالمَسْجِـدَا

أَخِي، قُمْ إِلَيْهَا نَشُقُّ الغِمَـارَ دَمَاً قَانِيَاً وَلَظَىً مُرْعِــدَا

أَخِي، ظَمِئَتْ لِلْقِتَالِ السُّيُوفُ فَأَوْرِدْ شَبَاهَا الدَّمَ المُصْعَـدَا

أَخِي، إِنْ جَرَى فِي ثَرَاهَا دَمِي وَشَبَّ الضَّرَامُ بِهَا مُوقــدَا

فَفَتِّشْ عَلَى مُهْجَـــةٍ حُرَّةٍ أَبَتْ أَنْ يَمُرَّ عَلَيْهَا العِــدَا

وَخُذْ رَايَةَ الحَقِّ مِنْ قَبْضَــةٍ جَلاَهَا الوَغَى ، وَنَمَاهَا النَّدَى

وَقَبِّلْ شَهِيدَاً عَلَى أَرْضِهَــا دَعَا بِاسْمِهَا اللهَ وَاسْتَشْهَـدَا

فِلَسْطِينُ يَفْدِي حِمَاكِ الشَّبَابُ وَجَلَّ الفِدَائِيُّ وَالمُفْتَــدَى

فِلَسْطِينُ تَحْمِيكِ مِنَّا الصُّـدُورُ فَإِمَّا الحَيَاةُ وَإِمَّــا الرَّدَى

MAAAB1
24/04/2007, 21h56
من قصائده الذائعة الصيت ،قصيده... كرنفال فينيسيا ... وغناها أيضا محمد عبد الوهاب


أين من عينـيّ هاتيـك المجالـي يا عروس البحر، يا حلم الخيـال
أيـن عشّاقـك سمّـار اللّيـالـي أين من واديك يـا مهـد الجمـال
موكب الغيـد و عيـد الكرنفـال وسرى الجندول في عرض القنال

بين كأس يشتهـي الكـرم خمـره


و حبيـب يتمنّـى الكـأس ثغـره


إلتقـت عينـي بـه أول مــرّه


فعرفت الحـبّ مـن أول نظـره

أين من عينـيّ هاتيـك المجالـي يا عروس البحر، يا حلم الخيـال
مرّ بي مستضحكا في قرب ساقي يمـزج الـرّاح بأقـداح رقــاق
قد قصدنـاه علـى غيـر اتفـاق فنظرنـا، و ابتسمنـا للتّـلاقـي

و هو يستهدي على المفرق زهره


و يسـوي بيـد الفتنـة شـعـره


حين مسّـت شفتـيّ أول قطـره


خلته ذوّب فـي كأسـي عطـره

أين من عينـيّ هاتيـك المجالـي يا عروس البحر، يا حلم الخيـال
ذهبي الشّعـر، شرقـيّ السّمـات مرح الأعطـاف، حلـو اللّفتـات
كلّما قلت له: خذ . قـال : هـات يا حبيب الـرّوح ياأنـس الحيـاة

أنا من ضيّع في الأوهـام عمـره


نسي التاريـخ أو أنسـي ذكـره


غير يوم لـم يعـد يذكـر غيـره


يــوم أن قابلـتـه أول مــرّه

أين من عينـيّ هاتيـك المجالـي يا عروس البحر، يا حلم الخيـال
قال: من أين؟ و أصغـى و رنـا قلت: من مصر ، غريـب ههنـا
قـال: أن كنـت غريبـا فـأنـا لـم تكـن فينيسيـا لـي موطنـا

أين منّـي الآن أحـلام البحيـره


و سماء كسـت الشّطـآن نضـرة


منزلي منها علـى قمّـة صخـره


ذات عين من معين المـاء ثـرّه

أين من فارسوفيا هاتيك المجالـي يا عروس البحر، يا حلم الخيـال
قلت ، و النشوة تسـري لسانـي هاجت الذّكرى ، فأين الهرمان؟
أين وادي السّحر صدّاح المغاني؟ أين ماء النّيـل؟ أيـن الضّفتـان؟

آه لو كنت معـي نختـال عبـره


بشـراع تسبـح الأنجـم إثــره


حيث يروي الموج في أرخم نبره


حلم ليـل مـن ليالـي كليوبتـره

أين من عينـيّ هاتيـك المجالـي يا عروس البحر، يا حلم الخيـال
أيّها الملاح قـف بيـن الجسـور فتنـة الدنيـا و أحـلام الدّهـور
صفّق المـوج لولـدان و حـور يغرقون اللّيل فـي ينبـوع نـور

ما ترى الأغيد وضّاء الأسـرّه ؟


دقّ بالسّاق و قـد أسلـم صـدره


لمحب لـفّّ بالساعـد خصـره؟


ليت هذا اللّيل لا يطلـع فجـره

أين من عينـيّ هاتيـك المجالـي يا عروس البحر، يا حلم الخيـال
رقص الجندول كالنّجـم الوضـيّ فاشد يا ملاح بالصّـوت الشّجـيّ
و تـرنّـم بالنّشـيـد الوثـنـيّ هـذه اللّيلـة حـلـم العبـقـري

شاعت الفرحـة فيهـا و المسـرّه


و جلا الحبّ على العشّـاق سـرّه


يمنه مال بي على الماء و يسـره


إنّ للجندول تحت اللّيـل سحـره

أين يـا فينيسيـا تلـك المجالـي أين عشّاقـك سمّـار اللّيالـي؟
أين من عينيّ يا مهـد الجمـال؟ موكب الغيـد و عيـد الكرنفـال؟

يا عروس البحر، يا حلم الخيال

MAAAB1
24/04/2007, 21h57
من قصائده العذبة والرقيقة ، قصيدة خمر الآلهة


هاتها كأسا مـن الخمـر التـي سكـرت آلهـة الـفـنّ بـهـا
إسقينـهـا و تفـيـأ ظلّـتـي شبـع الـرّوح وريّ الجـسـد
عربـد الشّاعـر مـن لألائهـا و هي كنز فـي ضميـر الأبـد
هاتهـا فـي كـلّ يـوم حسـن نفحة الوحي و إشراق الخيـال
و أدرهـا نغمـا فـي أذنــي فاض من بين سحـاب و جبـال
هاتها سحر الوجـوه النّضـرات هاتها خمر الشّفـاه الملهمـات
و العيون الشّاعريـات اللّواتـي شعشعت بالنّور آفـاق حياتـي
ذقتها كالحلم في ريّـق عمـري قبلة عـذراء مـن ثغـر حيـيّ
و تسمّعت لها فـي كـلّ فجـر و عي تنهل بإلهامـي الوضـيّ
هاتها جلواء يـا تـوأم روحـي فيهـا أبصـر للخلـد الطّؤيقـا
لو خلا من كرمتيها فلـك نـوح أخطأ الجوديّ أو بـات غريقـا
ما أراها أخطـأت فـي وهمنـا عالم الغابـة أو مهـد الجـدود
و أراهـا خلقـة فـي دمـنـا يوم كنا بعـض أحـلام القـرود
جدّنـا الأعلـى علـى كبـرتـه لـم تشنـه نظـرة المنتقـص
هـو مـا زال علـى فطـرتـه ضاحكا خلـف حديـد القفـص
ذقها مذ كان في الغـاب لعوبـا يتغـذّى مـن ثمـار الشّـجـر
فمضى يحلـم نشـوان طروبـا بحفيـد فـي مراقـي البـشـر
يا لها من قطـرة فـوق شفـه غيّـرت مجـرى حيـاة العالـم
فـي خيـال مـرح أو فلسفـه أبصـر الدّنـيـا بعيـنـي آدم
فلسفتـه حيـن مسّـت قلـبـه فاشتهى الفنّ و علـم المنطـق
و رأتــه و أنــارت دربــه و هو فـي سلّمـه لـم يرتـق
أيّهـا الحالـم غــرّرت بـنـا و كفى سكرك مـا جـرّ علينـا
عد بنـا للغـاب أو هـات لنـا عهدها ، أحبب به اليـوم إلينـا
أو ترضى بالذي ما كنت ترضى أيّ دنيا مـن عـذاب و شقـاء
ورقـيّ أهلـك العالـم بغضـا بيـن نـار و حديـد و دمـاي
شوّه العلم رؤى الكـون القديـم و محا كـلّ مسـرّات الدّهـور
أو أرض جوفها نـار جحيـم ؟ و فضاء كلّ مـا فيـه أسيـر ؟
أسرة الشّمس اشتكت من ايدهـا كيف لا يشكو الأسارى المرهقون
لو أطاقـوا أفلتـو مـن قيدهـا فإذا هم حيث شـاؤوا يشرقـون
إن يكن قد أصبح البدر الوضيء حجرا ، و النجم غازا و حديـد
فسلاما أيّهـا الجهـل البـريء و عواء أيهـا الكـون الجديـد
يا حبيبي دع حديث الفلسفـات طـاب يومـي فتفيـأ ظلّـتـي
أترع الكأس و ناولني و هـات قبلـة تنقذنـي مـن ضلّـتـي
أو فقـم للغـاب مـن غرّيدهـا نسمّع الرّوح الطليـق المرحـا
و نعبّ الخمـر مـن عنقودهـا و اترك الـدّنّ و خـلّ القدحـا

محمد الحمد
26/10/2008, 19h52
من أحب ما كتب الملاح التائه إلى قلبي ووجداني قصيدة القمر العاشق


إذا ما طاف بالشرفة ضوء القمر المُضنى
و رفّ عليكِ مثل الحلم أو إشراقة المعنى
و أنت على فراش الطهر ، كالزنبقة الوسنى
فضمى جسمك العارى ، و صونى ذلك الحسنا
. . .
أغار عليك من سابٍ ، كأن لضوئه لحنا
تدق له قلوب الحورأشواقاً إذا غنى
رقيق اللمس ، عربيدٌ ، بكل مليحةٍ يُعنى
جرىءٌ ، إن دعاه الشوق ، أن يقتحم الحصنا
. . .
أغار أغار إن قبل هذا الثغر أو ثنى
و لفَّ النهد فى لينٍ، وضم الجسد اللدنّا
فإن لضوئه قلباً و إن لسحره جفنا
يصيد الموجة العذراء من أغوارها وهنا
. . .
فردّى الشرفة الحمراء دون المخدع الأسنى
وصونى الحسن من ثورة هذا العاشق المضنى
مخافة أن يظن الناس فى مخدعك الظنا
فكم أقلقت من ليلٍ ، وكم من قمرٍ جنّا

محمد الحمد
26/10/2008, 20h02
قصيدة الملاح التائه


أيّها الملاح قم و اطو الشّراعا
لم نطوي لجّة اللّيل سراعا
جدّف الآن بنا في هينة
و جهة الشّاطئ سيرا و اتّباعا
فغدا يا صاحبي تأخذناموجة
الأيّام قذفا و اندفاعا
عبثا تقفو خطا الماضي الذي
خلت أنّ البحر واراه ابتلاعا
لم يكن غير أويقات هوى
وقفت عن دورة الدّهر انقطاعا
فتمهّل تسعد الرّوح بماوهمت
أو تطرب النّفس سماعا
ودع اللّيلة تمضي إنّها
لم تكن أوّل ما ولّى وضاعا
سوف يبدو الفجر في آثار
هاثمّ يمضي في دواليك تباعا
هذه الأرض انتشت ممّا بها
فغّفت تحلم بالخلد خداعا
قد طواها اللّيل حتى أوشكت
من عميق الصّمت فيه أن تراعا
إنه الصّمت الذي في طيّه أسفر المجهول
و المستور ذاعا
سمعت فيه هتاف المنتهى
من وراء الغيب يقريها الوداعا
أيّها الأحياء غنّوا و اطربوا
و انهبوا من غفلات الدّهر ساعا
آه ما أروعها من ليلةفاض
في أرجائها السّحر و شاعا
نفخ الحبّ بها من روحه
و رمى عن سرّها الخافي القناعا
و جلا من صور الحسن لناعبقريّا
لبق الفنّ صناعا نفحات رقص البحر لها
و هفا النّجم خفوقا و التماعا
و سرى من جانب الأرض صدى
حرّك العشب حنانا و اليراعا
بعث الأحلام من هجتها
كسرايا الطّير نفّرن ارتياعا
قمن بالشّاطئ من وادي الهوى
بنشيد الحبّ يهتفن ابتداعا
أيّها الهاجر عزّ الملتقى
وأذبت القلب صدّا و امتناعا
أدرك التائه في بحر الهوىقبل
أن يقتله الموج صراعا وارع في الدّنيا
طريدا شارداعنه ضاقت رقعة الأرض اتّساعا
ضلّ في اللّيل سراه و مضى
لا يرى في أفق منه شعاعا
يجتوي اللاّفح من حرقته
و عذاب يشعل الرّوح التياعا
و الأسى الخالد من ماض عفا
و الهوى الثّائر في قلب تداعى
فاجعل البحر أمانا حوله
و املأ السّهل سلاما و اليفاعا
و امسح الآن على آلامه
بيد الرّفق التي تمحو الدّماعا
و قد الفلك إلى برّ الرّضى
و انشر الحبّ على الفلك شراعا

محمد الحمد
26/10/2008, 20h10
امرأة

أقبلت أم أمعنت في الإعراض
إنّي بحبّك يا جميلة راضي
و الله ما أعرضت بل جنّبتني
شطط الهوى و سموت عن أغراضي
ألقاك لست أرام إلاّ فتنة
علوية الإشراق و الإيماض
كم رحت أغمض ناظري من دونها
فأراه لا يقوى على الإغماض
و ذهبت ألتمس السلوّ و أطلقت
نفسي زمام جوادها الركّاض
يجتاز نار مفازة مشبوبة
و يخوض برد جداول و رياض
ولقيت غيرك غير أنّ حشاشتي
لم تلق غير الوقد و الإرماض
و اعتضت باللّذّات عنك فلم تجد
روحي كلذّة حلمك المعتاض
و أطلعت ثمّ عصيت، ثم وجدتني
بيديك لا عن ذلّة و تغاضي
لكن لأنّك إن خطرت تمثّلت
دنياك تسعى لي بأروع ماضي

محمد الحمد
26/10/2008, 20h20
حديث قبلة
هذه القصيدة تغنى بها الكثير من المطربين اذكر منهم الفنان محمد علي سندي وطلال مداح رحمها الله)



تسائلني حلوة المبسمِ
متى أنت قبلّتني في فمي ؟
تحدثت عني و عن قبلةٍ
فيا لك من كاذب ملهم ِ
فقلت أعابثها بل نسيتِ
و في الثّغر كانت
و في المعصمِ
فإن تنكرينها فما حيلتي
و ها هي ذي شعلة في دمي
سلي شفتيك بما حسّتاه
من شفتي شاعرٍ مغرمِ
ألم تغمضي عندها ناظريك ِ
و بالراحتين ألم تحتمي ؟
هبي أنها نعمة نلتها
و من غير قصد فلا تندمي
فإن شئتِ أرجعتها ثانيا
مضاعفة للفم المنعمِ
فقالت و غضت بأهدابها
إذا كان حقا فلا تحجم ِ
سأغمض عيني كي لا أراك
و ما في صنيعك من مأثمِ
كأنّك في الحلم قبلتني
فقلت و أفديك أن تحلمي

محمد الحمد
27/10/2008, 18h23
قصيدة ( قلبي


كالنجم في خفق و في ومض
متفرّدا بعوالم السّدم
حيران يتبع حيرة الأرض
و مصارع الأيام و الأمم
***

مستوحشا في الأفق منفردا
و كأنّه في سامر الشّهب
هذا الزحام حياله احتشدا
هو عنه ناء جدّ مغترب
***

مترنّحا كالعاشق الثَمل ريّان
من بهج ومن حزن
نشوان من ألم من أمل
مستهزئا بالكون و الزّمن
***

تلك السّماء على جوانبه
بحر الحياة الفائر الزّبد
كم راح يلتمس القرار به
هيمان بين شواطئ الأبد



***

تهفو على الأمواج صورته
و شعاعه اللّماح في الغور
نفذت إلى الأعماق نظرته
فإذا الحياة جليّة السّرّ
***

و يمرّ بالأحداث مبتسما
كالشمس حين يلفّها الغيم
زادته علما بالذي علما
دنيا تناهى عندها الوهم
***

بلغ الرّوائع من حقائقها
فإنّ السّعادة توأم الجهل
هتف المحدّق في مشارقها
ذهب النهار فريسة اللّيل
***

يا قلب مثل النّجم في قلق
و النّاس حولك لا يحسّونا
لولا اختلاف النّور و الغسق
مرّوا بأفقك لا يطلّونا
***

فاصفح إذا غمطوك إدراكا
و اذكر قصور الآدميينا
أتريدهم يا قلب أملاكا
كلاّ و ما هم بالنبيينا
هم عالم في غيّه يمضي
مستغرقا في الحمأة الدّنيا
نزلوا قرارة هذه الأرض
و حللت أنت القمّة العليا
***

عبّاد أوهام و ما عبدوا
إلاّ حقير منى و غايات
و مناك ليس يحدّها الأبد
دنيا وراء اللا نهايات
***

و لك الحياة دنى و أكوان
عزّت معارجها على الرّاقي
تحيا بها و تبيد أزمان
و شبابها المتجدّد الباقي
***

يا قلب كم من رائع الحلك
ألقاك في بحر من الرّعب
كم عذت منه بقبّة الفلك
و صرخت وحدك فيه يا قلبي
***

و مضيت تضرب في غياهبه
ترد عنك المائج الصّخبا
تترقّب البرق المطيف به
و تسائل الأنواء و السّحبا
***

و خفقت تحت دجاه من وجل
كالطير تحت الخنجر الصّلت
و عرفت بين اليأس و الأمل
صحو الحياة ، و سكرت الموت
***

يا قلب عندك ايّ أسرار
ما زلن في نشر و في طيّ
يا ثورة مشبوبة النّار أقلقت
جسم الكائن الحيّ
***

حمّلته العبء الذي فرقت
منه الجبال و أشفقت رهبا
و أثرت منه الرّوح فانطلقت
تحسو الحميم و تأكل اللّهبا
***

و ملأت سفر المجد من عجب
و خلقت أبطالا من العدم
و على حديثك في فم الحقب
سمة الخلود و نفحة القدم
***

كم من عجائب فيك للبشر
أخذ تهمو منها الفجاءات
متنبّئا بالغيب و القدر
و عجيبة تلك النّبوءات
***

و عجبت منك و من إبائك
في أسر الجمال و ربقة الحبّ
و تلفّت المتكبّر الصّلف
عن ذلّة المقهور في الحرب
***

يا حرّ كيف قبلت شرعته
و قنعت منه بزاد مأسور
آثرت في الأغلال طلعته
و أبيت منه فكاك مهجور
***

فإذا جفاك الهاجر النّاسي
و قسا عليك المشفق الحدب
فاضت بدمعك فورة الكاس
و هتفت بكفك و هي تضطرب
***

و فزعت للأحلام و الذّكر
تبكي و تنشد رجعة الأمس
ووددت لو حكّمت في القدر
لتعيد سيرتها من الرّمس
***

و وهمت نارا ذات إيماض
فبسطت كفّك نحوها فزعا
مرّت بعينيك لمحة الماضي
فوثبت تمسك بارقا لمعا
***

و صحوت من وهم و من
خبل فإذا جراحك كلّهن دم
لجّت عليك مرارة الفشل
و مشى يحزّ وتينك الألم
***

و الأرض ضاق فضاؤها الرّحب
و خلت فلا أهل و لا سكن
حال الهوى و تفرّق الصّحب
و بقيت وحدك أنت و الزّمن
***

و صرخت حين أجنّك اللّيل
متمردا تجتاحك النّار
و بدا صراعك أنت و العقل
و لأنتما بحر و إعصار
***

ما بين سلمكما و حربكما
كون يبين و يختفي كون
و بنيتما الدّنيا و حسبكما
دنيا يقيم بناؤها الفنّ

محمد الحمد
27/10/2008, 18h39
قصيدة (رجوع الهارب



أن لم يكن لي من حنانك موئل
فلمن أبثّ ضراعتي و حنيني
آثرت لي عيش الأسير فلم أطق صبرا
و جنّ من الأسار جنوني
فأعدتني طلق الجناح و خلت
بي للنّور جنّة عاشق مفتون
أشرت لي نحو السّماء فلم أطر
ورددت عين الطائر المسجون
نسي السّماء و بات يجهل عالما
ألقى الحجاب عليه أسر سنين
و لقد مضى عهد التّنقل و انتهى
زمني إليك بصبوتي و فتوني
لم ألق بعدك ما يشوق نواظري
عند الرّياض فليس ما يصبيني
فهتفت أستوحي قديم ملاحني
فتهدّجت و تعثّرت بأنيني
و نزلت أستذري الظلال فعقني
حتّى الغصون غدون غير غصون
فرجعت للوكر القديم و بي أسى
يطغى عليّ و ذلة تعروني
لما رأته غرورقت عيناي من ألم
و ضجّ القلب بعد سكون
و مضت بي الذّكرى فرحت
مكذبا عيني و متّهما لديه يقيني
و صحوت من خبل و بي مما أرى
إطراق مكتئب و صمت حزين
فافتح لي الباب الذي أغلقته دوني
و هات القيد غير ضنين
دعني أروّ القلب من خمر الرّضى
و أنم على فجر الحنان عيوني
و أعد إلى أسر الصّبابة هاربا
قد آب من سفر اللّيالي الجون
عاف الحياة على نواك طليقة
و أتاك ينشدها بعين سجين

momodarwish
25/11/2008, 21h45
أجمل ما كتب شاعر الجندول علي محمود طه..تقبلوا تحياتى..(د.محمد درويش)

جابر الحسيني
25/11/2008, 21h53
أنا لما حملت الملف قلت حلاقي قصيدة و لا اثنين إنما كتاب من 130 صفحة مكنتش أتخيل كده ...


ألف شكر يا أخ momodarwish

:emrose::emrose:

momodarwish
25/11/2008, 21h59
أنا لما حملت الملف قلت حلاقي قصيدة و لا اثنين إنما كتاب من 130 صفحة مكنتش أتخيل كده ...


ألف شكر يا أخ momodarwish

:emrose::emrose:

لك كل الشكر على هذا الرد الجميل وذوقك...ربنا يجمعنا على خير..:emrose:

نور عسكر
02/03/2019, 01h30
المهندس الشاعر علي محمود طه
1901-1949
قصيدة في رثاء ملك العراق فيصل الأول عام 1933م والمنشورة في مجلة
الرسالة المصرية (صورة أرشيفية من القصيدة) ،
ندوّن بعض الأبيات من قصيدة :
البطل في صورة ملك
تألق كالبرقةِ الخاطفة
وجلجَّل كالرعدةِ القاصفه
مُبين من الحق في صوته
صدى البطش والرحمةِ الهاتفه
إلى …
نَضَّتْ (فيصلاً)من صقال السيوف
يُقبُلُ فيه الضحى شارقه
إلى …
جَلَت في (بغدادُ) عهَّد الرشيد
وأحيت ليالّيها السالفه
صَحَّت (بِرن) منك على نبأه
تسيلُ البروق بها راعفه
بِرن : بيرن مدينة في سويسرا ، حيث توفى الملك فيصل الأول فيها بصورة مفاجئة.



https://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=405375&stc=1&d=1551493697




https://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=405374&stc=1&d=1551493697