المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الموسيقى والانسان


ضياء العراقي
21/03/2007, 08h07
* الموسيقى والإنسان:
ولدت الموسيقى مع ولادة أول إنسان وسترافقه في جميع مراحل حياته من المهد إلى اللحد إن لم نقل في السماء أيضا حيث أجواق الملائكة تسبح وتمجد الخالق من الأزل وإلى الأبد بأنغامها وأناشيدها الساحرة(1) فالموسيقى وحدها على أنواعها كغريزة تعبر عن شعور الإنسان الباطني والظاهري, عن إيمانه ورجائه, عن أفراحه وسعادته, عن أوجاعه وأحزانه. كما أن غناء الأم وهدهدتها من شأنها تهدئة رضيعها عن بكائه ويكون سبب انشراحه.
يرجع كتاب العهد القديم أصل الموسيقى إلى يابال أحد أحفاد قائين بن آدم إذ يقول: (فولدت عادة يابال وهو أبو ساكني الخيام ورعاة المواشي. واسم أخيه يوبال وهو أبو كل عازف بالكنارة والمزمار) (2)
لقد عاصر ميلاد الموسيقى عند السومريين في بلاد ما بين النهرين (مهد الحضارة والرقي, مولد الدين السومري, فهي قديمة بقدمه وشاركته في أداء طقوسه التي يمثل الغناء فيها ركنا جوهريا. فمنذ قرابة العام 3000 ق.م نجد موسيقاريين يقودون فرقا للإنشاد في معبد (ننجرسو) الكبير وغيره. ولم يستعمل الإنسان البدائي الموسيقى في الطقوس الدينية فحسب.. بل في مختلف الاحتفالات وفي رقصات المناسبات وثمة نقوشا ومشاهد كثيرة بينها الرعاة الماشية وهم ينفخون في المزمار ويعزفون في الطنبور ومن حولهم قطعانهم وكلاببهم هادئة مصغية. ويعيد العلامة (هــ . م . ميللر) نشأة الموسيقى إلى مصادر بدائية كقرع الطبول والنداء المنغم - كما: الراوي الآشورية.. والتي لا يزال صداها باقيا يتردد بيننا حتى اليوم - وهما أقدم وسائل الاتصال بين الناس.. ثم الترنيمات التي تصاحب حركة عمل الإنسان ومنابع انفعالاته وإحساسه الفكري.
* حرائق نينوى:
الملحمة الموسيقية الآشورية(3) والتي تتكون من أربع مقاطع . يصف فيها المقطع الأول.. عظمة الإمبراطورية الآشورية ويستعرض جيشها النظامي. والمقطع الثاني.. الذي يرمز إلى تآمر وتكالب قوى الأعداء لأضعاف هذه الإمبراطورية ويستعرض المقطع الثالث في هذه (السيمفونية الملحمية) المعارك الطاحنة التي دارت رحاها بين الجيش الآشوري وجيوش الأعداء المتحالفة. والمقطع الرابع الذي يتجسد فيه الدمار والخراب, ويغلب عليه طابع الحزن والأسى لما حل بنينوى من حرائق.
وفي رأي المشتغلين بالموسيقى.. إن هذه السيمفونية هي أعظم وأكمل عمل موسيقي ملحمي وجد حتى اليوم. وقد عزفته الكثير من الفرق الموسيقية العالمية الكبيرة. وفي أكثر من مناسبة خلال العقد والنصف الأخيرين من القرن العشرين. وأوائل العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. والجدير بالذكر أن هذه المقطوعة هي من تأليف موسيقي آشوري من القرن السابع قبل الميلاد عثر عليها مدونة على رقم طينية بين خرائب نينوى.
* القيثارة البابلية – الكلدانية:
تعتبر القيثارة إحدى أقدم آلات النغم الموسيقية (ذوي أوتار) اشتهرت منذ القدم لدى شعوب كثيرة وقد استعملها سكان بلاد ما بين النهرين قبل غيرهم. عثر على أكثر من قيثارة في بابل وفي أور الكلدانيين وفي بلاد آشور, واقتبسها عنهم سائر الشعوب كبقية الآلات الموسيقية القديمة العهد. الصورة تمثل إحدى القيثارات الشهيرة ذات أحد عشر وترا وجدت في قبر الملكة (بو - آبي) في مدينة أور ويعود تاريخها إلى عام 2700 ق . م. ولا تزال المتاحف العالمية الكبرى تحتفظ بنماذج من هذه القيثارات كالمتحف العراقي – ولا نعرف الآن إن كانت قد بقيت فيه بعد الخراب والدمار الذي لحق به بفعل الحرب الأمريكية الإسرائيلية الإنكليزية الظالمة على العراق - والمتحف البريطاني ومتحف اللوفر ومتحف شيكاغو وفيلادلفيا وغيرها...
وهي (أي القيثارة) مطعمة بالصدف والذهب وصندوقها الرنان مصنوع من الخشب المصقول والموشح بأحجار كريمة والفسيفساء من لازورد وصدف. كما أنها مزينة برأس ثور ذو لحية من ذهب وعيناه مرصعتان باللؤلؤ واللازورد سميت بالقيثارة البابلية - الكلدانية ربما لأن أقدم أثر للآلات الموسيقية من نوع القيثارة وجد في ( تلو) في جنوبي بابل . ثم في أور الكلدانيين. أما رأس الثور الذي نجده في مقدمة هذه القيثارات فأنه يرمز إلى القوة والخصوبة التي كانت منذ الألف السابع ق . م. أعظم الأعياد على اعتبارها عملا من الأعمال الإلهية . ولهذا السبب كان السومريون يتخذون من الثور رمزا مرتبطا بالإله (آبو) إله الخصوبة والنبات.
* الآلات الموسيقية الإيقاعية لدى سكان بلاد ما بين النهرين:
كانت الآلات الذاتية الصوت تستعمل كثيرا في بلاد ما بين النهرين.. منها:
أ- العصي الإيقاعية: وتتكون من عصاتين عريضتين ملويتين بإمكان المرء أن يمسكها بين يديه فيضرب الواحدة بالأخرى فترسل تصفيفا إيقاعيا.
ب – المصفقات: وهي عبارة عن قطعتين على هيئة قدمي رجل تقرع الواحدة بالأخرى فتخرج صوتا موسيقيا . كما يشاهد في خاتم من (أور) محفوظ في متحف جامعة فيلادلفيا يعود تاريخه إلى عام 2600 ق . م. نقشت عليه صورة حيوان صغير يقوم باستعمالها.
جـ – الشخاليل: وهي على هيئة صنجة صغيرة مرتبطة بآلة معدنية تعطي صوتا عند هزها من مقبضها.
د – الأجراس الصغيرة: كانت الراقصات يعلقنها في عنقهن لضبط الإيقاع كما أنها كانت تستعمل في المناسبات والطقوس الدينية أيضا.
هـ – الصنوج: والصنوج نوعان. صنوج التصويت وصنوج الهاتف(4). فالنوع الأول هو عبارة عن قطع صغيرة مستديرة من النحاس تستعملها الراقصات. والنوع الثاني هو من الصنوج المعهودة وهي صفيحتان مستديرتان من النحاس إذا ضربت أحدها بالأخرى رنت (5).
و – الصلاصل: وردت مصورة على قطعة مطعمة بالصدف من (أور) قرابة 2500 ق. م وهي آلة معدنية شبيهة بملقط يحمل في ساقيه نوعا من الصنوج المتحركة تخرج صوتا موسيقيا إيقاعيا عند اهتزاز الآلة وارتطام الصنوج ببعضها.
ز – الجلاجل: وهي عبارة عن تماثيل على شكل دمى صغيرة من الفخار المجفف كانت تملأ بالحصى بغية هدهدة الأطفال وملاطفتهم. وكانت تصنع من الذهب أيضا وتعلق على أذيال رداءرئيس الكهنة عند دخوله قدس الأقداس وخروجه منه لتعطي صوتا موسيقيا.
* الآلات الذاتية الصوت:
1- الدف: آلة طرب يطلق عليه اسم (طبل اليد) وهو عبارة عن قطعة من الجلد الرقيق مشدود إلى إطار من الخشب شدا محكما قويا بحيث إذا ما اتقن توقيع ضرب اليد عليه, على نغم خاص.. أعطى صوتا موسيقيا وكثيرا ما تعلق في أطراف الإطار الخشبي أجراس صغيرة زيادة في الإيقاع . وكان الدف يستعمل كثيرا في الحفلات فتقوم النساء بالضرب عليه مصطحبات به الغناء فيرقص الراقصون على أنغامه وكانت تستخدمه المحترفات والماهرات من كاهنات المعابد في بلاد ما بين النهرين. ويستعمل الدف مع غيره من الالات الموسيقية لمرافقة الجوقات في ترانيمها. (ثم أخذت مريم النبية أخت هارون الدف في يدها وخرجت النساء كلهن وراءها بدفوف ورقص)(6).
2- الطبل: كان السومريون يستعملون أنواعا مختلفة من الطبول بأشكال وهيئات وأحجام متعددة متفاوتة . يعدد العالم الموسيقي(زاكس) اثني عشر نوعا من الطبول وذلك لوجود اثني عشر اسما لها في اللغة السومرية.
نجد في متحف اللوفر (طبلة) يعود تاريخها إلى سنة 2400 ق.م وأخرى في متحف استنبول ترجع إلى عام 2900 ق.م ثمَّ تنوعت الطبول فيما بعد في النقوش البابلية - الكلدانية والآشورية بين كبيرة وصغيرة تمسك باليد أو تحمل رأسية أو أفقية معلقة بحزام يلتف حول وسط العازف. وكانت الطبول تصاحب العزف على الناي والبوق وكانت لها قدسية خاصة. وكان أجدادنا القدامى يدقون الطبول لإثارة الحزن والنواح على القمر المختفي أيام الخسوف الكلي, نظرا لعبادتهم (للإله القمر) ومكانته المقدسة عندهم. وما تزال هذه العادة جارية في معظم القرى والأرياف في بلاد ما بين النهرين.
* الآلات الوترية:
لقد امتاز أهل بلاد ما بين النهرين بالآلات الوترية وهم الذين اخترعوها وتفننوا بتنويعها. العود.. آلة للطرب وجدت منذ القدم وعرفتها شعوب شرقية كثيرة ولا تزال تستعمل إلى اليوم. وكان العود يستعمل في مناسبات عديدة. ويذكر كتاب العهد القديم أن مخترعه يوبال ابن لامك . وتمتاز العيدان الأولى المصورة في النقوش التي ترجع إلى 2350 – 2150 ق. م. بصغر صندوقها وطول رقبتها. ويرجح ( زاكس) أنها مشتقة من القوس الموسيقي السومري.
ولم يكن العود أقل انتشارا من الكنارة والقيثارة . ويشتمل على عدد من الأوتار المشدودة على صندوق رنان مثل الكنارة ترتبط بالعنق من فوق. وتعفق الأوتار بأصابع اليد الواحدة لكي تعطي النغم فيما تغمز اليد الأخرى فوق الصندوق الصوتي . وتبدو عازفات القيثارة في تصاويرهن وقورات يغطين أجسادهن من العنق حتى القدم . أما عازفو العود فيبدون في بعض الأحيان عراة ملتحين أو بتصفيفات شعر مجدولة بصحبة بعض الحيوانات. وقد كانت الأعواد خفيفة وسهلة الحمل . ويختلف عدد أوتار العود بين نوع وآخر (4, 7, 8, 10) أوتار. وانتشر استعمال العود أيضا عند اليهود فاستعملوه في طقوس عبادة الله وفي مناسبات الفرح والأعياد (7) (خذوا نشيدا وهاتوا دفا وكنارة مطربة مع عود) (8) ونقل اليهود أعوادهم معهم عند سبيهم إلى بابل في (بلاد مابين النهرين) وعلقوها على أشجار الصفصاف على ضفاف نهر الفرات قرب بابل(9).
* الكنـــارة:
إحدى أقدم آلات الطرب ولا تختلف عن القيثارة إلا القليل, بل غالبا ما يطلق الموسيقاريون نفس الاسم على الآلتين معا. والكلمة في العهد القديم تعني القيثارة. وقد اكتشفت في المقبرة الملكية في (أور) الكلدانيين وهي من اختراعهم وتتكون من صندوق صوتي ذي إطار غير منتظم الأضلاع تتراوح عدد أوتارها ما بين ثمانية وأحد عشر وترا وهي كأوتار القيثارة وتثبت مباشرة في جسم الثور وهي مصنوعة من أمعائه وتغمز بالأنامل لا بريشة الغمز. أما المادة التي صنعت منها الكنارات والقيثارات السومرية فقد سميت ضمن نشيد سومري ملغز يروي كيف هبطت انانا إلى العالم السفلي:
(يا والد انانا لا تدع ابنتك تموت في العالم السفلي. ولا تدع معدنك النفيس يكسوه التراب في العالم السفلي. لا تدع لازاوردك الجميل يقع تحت ضربات أزميل البناء . ولا تدع مالك من خشب البقس النادر يقع تحت رحمة عدة النجار. لا تدع انانا الفتية تنتهي إلى الموت في العالم السفلي). ويقال بأن هذه الكلمات كانت تشير إلى الكنارة نفسها, تلك الآلة الموسيقية التي كانت تصاحب ترتيل هذه القصص.
يذكر بولس الرسول في رسالته إلى أهل قورنثيه يقول: (بل الجمادات التي تصوت مزمارا كانت أو كنارة إن لم تبد فرقا بين الأصوات فكيف يعرف ما زمر أو عزف به) (10) ولم يهمل سفر الرؤيا بدوره ذكر الكنارة حيث يقول: (وسمعت صوتا كصوت مياه عزيرة وكصوت رعد قاصف. والصوت الذي سمعته هو صوت عازفين بالكنارة يعزفون بكناراتهم) (11).
.





لتحميل الموسيقى اضغط هنــــــا (http://up.9q9q.net/up/index.php?f=tSrgEdxxw)

Oud Soul
06/05/2007, 13h40
نعم عزيزي الموسيقى ارتبطت بكل نواحي الحياه وتجسده فيها واصبحت شجرة عطاء
فيستظل بها المستمع
ويقطف من ثمارها المتعلم
ويسكن غصونها (كما الطيور) العازفون والمنشدون

أشكرك على موضوعك