بو بشار
04/10/2013, 04h59
http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=326230&stc=1&d=1380865700
عبدالحميد السيد من أبرز رواد الأغنية الكويتية الحديثة
ازدهرت الحركة الغنائية الكويتية في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات فظهر كثير من الفنانين المطربين الذين اشتهروا في تلك الفترة منهم الفنان القدير المطرب الملحن عبدالحميد السيد الذي عمل بجد ونشاط، ووضع مصلحة الكويت نصب عينيه، واهتم بإبراز الأغنية الكويتية بشكل جيد وراق ونشرها إلى الخارج من خلال إذاعة الكويت التي كان بثها آنذاك متواضعاً إلا أنها كانت تسمع بشكل جيد في الدول المجاورة للكويت
انطلق الفنان عبدالحميد السيد فنجح في تحقيق الكثير من الشهرة من خلال الأغاني العاطفية والتراثية المطورة التي لا تزال حتى الآن يرددها جيل الفنانين الشباب في حفلات المعهد العالي للفنون الموسيقية وأنشطة فرقة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وفي العديد من المناسبات
اسمه الكامل عبدالحميد السيد هاشم السيد عبدالوهاب الحنيان من مواليد الكويت العام 1938م
كان طفلاً شقياً لكن شقاوته من نوع الشقاوة الهادئة غير المخربة و كان يحب اللعب مع الصغار من هم في سنه أو أصغر منه بعض الشيء و في سن السابعة من عمره كان يلعب مع أولاد الحي وكان لا يضرب أحداً ولا يشاكس و كان طبعه هادئاً وكانت البنات في هذه الفترة يغنين أغنية «هيلة يا رمانة» المعروفة في ذلك الوقت وكان يغني ويردد معهن مقاطع الأغنية التي غناها فيما بعد بكلمات جديدة من كلمات الشاعر الغنائي علي الربعي
تعرض الفنان عبدالحميد السيد في طفولته إلى الموت مرتين: عندما سقط من على «الجالبوت» في البحر وغرق وتم إنقاذه بعد أن فقد وعيه وشرب كمية كبيرة من الماء المالح وفي المرة الثانية سقط عليه عدد كبير من أكياس السكر حيث أغمي عليه لفترة طويلة
كان والد الفنان عبدالحميد السيد هاشم الحنيان مدرساً في مدرسة الجهراء حيث تعلم على يديه العديد من وجهاء وكبار رجالات القوم في الكويت، وكان عبدالحميد السيد يرافق والده إلى مدرسة المباركية حيث نقل من الجهراء إلى المباركية، وكان والده رحمه الله يملك مدرسة خاصة حيث يشاهد التلاميذ وهم يكتبون ويقرؤون وعندما بلغ التاسعة من عمره أصبح تلميذاً في المدرسة
وعندما افتتحت مدرسة الروضة وكان ناظرها عقاب الخطيب التحق بها كتلميذ إلا أن والده ووالدته فضلا أن يذهب إلى المعهد الديني لأنه يقدم راتباً شهرياً كإعانة للطالب مقدارها 40 روبية كل شهر، ورغم ذلك لم يكن مرتاحاً من الدراسة في المعهد الديني وتركه وعاد أدراجه إلى مدرسة الروضة بعد عشرين يوماً، ثم نقل إلى المدرسة الأحمدية في العام 1949م وفي هذه المدرسة مكث عاماً واحداً فقط وكانت أكبر فترة قضاها في مدرسة واحدة
وفي العام 1950م رجع إلى المعهد الديني مرة أخرى وبقي في المعهد مدة أربع سنوات متتالية برز في تلاوة القرآن الكريم وتعلم أصول التجويد على يد الشيخ أحمد البحيري كما كان يتلو القرآن الكريم في بعض المساجد، وفي العام 1951م جاء إلى منزل عبدالحميد السيد، الشيخ عبدالله النوري وكان مديراً لإذاعة الكويت في ذلك الوقت، وطلب من والده السماح لولده «عبدالحميد» بتلاوة القرآن الكريم بالإذاعة مقابل أجر شهري مقداره «150 روبية» ووافق والده على ذلك وارتفع أجره مع مرور الوقت إلى «300 روبية»، وكان معه من زملائه المقرئين علي الحسيني، وناصر حسين وظل عبدالحميد السيد يعمل كقارئ في الإذاعة من العام 1952 إلى 1958م، وخلال هذه السنوات عمل في العام 1955م كاتباً في الجمارك ثم انتقل للعمل موظفاً في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حيث حظي باهتمام الفنان حمد الرجيب والفنان محمد النشمي وهما من كبار موظفي الوزارة، ومن ثم انتقل إلى وزارة الإعلام في إطار خطة الوزارة آنذاك لتسهيل ممارسة الفنانين للإنتاج الفني المتميز
وخلال هذه السنوات كان الفنان عبدالحميد السيد مولعاً بالاستماع إلى صوت وأغاني المرحومة أم كلثوم وعشق صوتها إلى حد كبير ملك عليه مشاعره وسهر الليالي يستمع إلى صوتها ويردد معها أغانيها الجميلة، والموسيقار محمد عبدالوهاب حيث كان يتابع أغانيه القديمة من خلال الإذاعات والاسطوانات وما يستجد منها بشغف ويحفظها تماماً
وعندما أصبح فناناً يشارك في الجلسات الطربية الخاصة كان يطلب منه دائماً أن يغني شيئاً من أغاني كوكب الشرق أم كلثوم التي يحفظ أغلب أغانيها ويجيدها إجادة تامة وكذلك نجده مع الموسيقار محمد عبدالوهاب والذي غنى له فيما بعد أغنية في التلفزيون بعنوان «مضناك جفاه مرقده» من إخراج أمين الحاج ماتقي وأغنية من تأليف حسين السيد وألحان محمد عبدالوهاب وغناها بصوته الفنان عبدالحميد السيد بعنوان «إنت إنت ولا انتش داري»
كما بدأ الفنان عبدالحميد السيد بالتتلمذ على يد الفنان محمد حسن صالح حيث كان يعلمه قواعد الموسيقى والنوتة وغناء التوشيحة والسماعيات، وكان ذلك في العام 1957م، حيث كان يسهر حتى الصباح في الغرفة بعيداً عن والده الذي لم يكن موافقا على هذا التحول في حياة ابنه الذي أخذ يتعلم العزف على آلة العود باجتهاد شخصي منه، وبدأ يردد الأغاني التي يميل إليها لأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، والموشحات الدينية ويلحن بعضها ثم بدأ يمارس الغناء، وكان على نطاق خاص
http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=326231&stc=1&d=1380865700
في العام 1958 انتقل الفنان عبدالحميد إلى مركز الفنون الشعبية الذي افتتح في العام 1956م باستدعاء من حمد الرجيب الذي كان مديراً لدائرة الشؤون الاجتماعية والعمل في ذلك الوقت، وصاحب فكرة إنشاء هذا المركز ودعمه بما يحتاجه بكل الوسائل وتشجيعه للفنانين الكويتيين، وهناك وجد كل ترحيب وتشجيع من زملائه الفنانين الكويتيين مثل سعود الراشد وأحمد الزنجباري وأحمد باقر وشادي الخليج ومحمد التتان حيث لجأ إلى اللجنة التي كان يرأسها في ذلك الوقت حمد الرجيب الذي كان يعزف على القانون وكان معه الفنان سعود الراشد يعزف على العود وتضم اللجنة مجموعة من الفنانين والشعراء أمثال الشاعر أحمد العدواني والشاعر منصور الخرقاوي وغيرهما من الأدباء والمؤرخين وكان يشترك الفنان عبدالحميد السيد بالغناء خاصة أغاني أم كلثوم ويشاركه المرحوم الفنان محمد التتان وأحمد الزنجباري الذي كان يعزف على الكمان وأحمد باقر وكذلك كان يعايش في المركز أجواء فنية رائعة بين أشرطة التسجيلات القديمة والحديثة للفنون الشعبية الكويتية وجمع التراث الفني الذي كان من أهداف المركز، ويمارس كتابة وقراءة النوتة الموسيقية
من أهم المحطات الفنية التي كان لها الأثر الكبير في تحويل حياة الفنان القدير عبدالحميد السيد هي انضمامه إلى رواد الحركة الغنائية في مركز الفنون الشعبية والتي كانت تجتمع في ذلك الوقت في إحدى «الشبرات» حيث تسجل أغانيها ومن ثم تبعث بهذه الأغاني إلى الإذاعة الكويتية
عرضت عليه اللجنة الفنية لتطوير الأغاني القديمة أن يؤدي بعض هذه الأغاني ولكن الفنان القدير عبدالحميد السيد وقف حائراً في أمره يشده التردد بين أمرين إذ صعب عليه أن يوفق بين قراءة القرآن الكريم والغناء، وسأل الفنان الرائد المرحوم حمد الرجيب الفنان الشاب عبدالحميد السيد ليش ما تغني؟ فرد عليه عبدالحميد السيد بأنه يقرأ القرآن ولكن من الممكن أن يغني التواشيح الدينية. ولكن المرحوم الأستاذ أحمد العدواني الشاعر العاطفي الملهم عز عليه أن يقف مكتوف اليدين أمام هذه الموهبة الفنية، لذا أقنعه بغناء بعض الموشحات الدينية وغناها عبدالحميد بصوته وكانت أولى أغنية له في العام 1960م وهو موشح ديني قديم بعنوان «صلاة دوام» أخذ منه المذهب فقط وأكمل اللحن بعد أن أضاف عليها الكوبليهات الموسيقية من عنده، وكان العازف على الطار الفنان القدير المرحوم الدكتور يوسف دوخي وعلى آلة العود كان الفنان الكبير سعود الراشد، ومن حسن حظه شاركت في تسجيل هذه الأغنية في ذلك الوقت فرقة موسيقية بقيادة الفنان نجيب رزق الله وميشيل المصري وكان الجميع يتعاون في الرد، وقد استعان الفنان عبدالحميد السيد بفرقة مكونة من مجموعة خاصة «بالمالد» وكان معهم والده الذي كان يؤدي فن «المالد» إضافة إلى أنه كان في ذلك الوقت يعمل في مجال التدريس
يقول في مطلع أغنية «صلاة دوام» وهي من كلمات عبدالرحيم المتيم
صلاة دوام ما غنى الهزار
على طيب الذكر عالي الفخار
بشير نذير سراج منير
نبيّ سعيد عنى له وزار
بعد أن غنى عبدالحميد السيد في العام 1960م أغنية «صلاة دوام» سجل أول أغنية دينية من ألحانه بعنوان «حيوا ليلى» كتب كلمات هذه الأغنية الشاعر أحمد العدواني وفي هذه الأغنية يكون الفنان عبدالحميد السيد أول من تطرق إلى هذه المادة الغنائية التي لم تكن شائعة من قبل على مستوى الإذاعة حيث بدأ الفنان عبدالحميد السيد التحول من مطرب أغان دينية إلى مطرب يغني للورد والطيور ويتغنى بجمال الطبيعة كالأشجار والأزهار والبحر وهو بذلك يكون رافضاً لأن يصبح مطرباً عاطفياً مرة واحدة وخاصة بعد أن ترك الإذاعة والوظيفة كمقرئ قرآن كريم
ويعتبر الفنان عبدالحميد السيد أول من اهتم بالأغنية الخفيفة وأغاني المناسبات والابتهالات الدينية، فكان ممن ترك أثراً طيباً لاختياره مادة فنية لم تكن شائعة من قبل
وبعد فترة بسيطة طلب الفنان عبدالحميد السيد من الفنان الكبير الرائد الفنان حمد الرجيب أن يعمل له نقلة تبعده عن الموشح حيث قدم من ألحانه وكلمات الشاعر أحمد العدواني أغنية بعنوان «يا طير» وهي من نوع الأغنية الوصفية الحديثة ويقول في مطلعها
يا طير ليتني أكون
مثلك وعندي جناح
تلت أغنية «يا طير» تسجيل أغنية وطنية بعنوان «بلد المحبوب» وبعدها طلب الفنان عبدالحميد السيد من الشاعر الشعبي منصور الخرقاوي أن يكتب له أغنية عن البحر فقدم له أغنية بعنوان «حنين الموج»
وفي العام 1961م سجل الفنان عبدالحميد السيد أغنية عاطفية من كلمات الشاعر منصور الخرقاوي بعنوان «الحلو سباني» وكذلك سجل في نفس الفترة أغنية «الايادان»
ثم سجل أغنية «والله غالي» في العام 1963م في القاهرة
وأغنية «يا جار» من كلمات العدواني وقد سجلت هذه الأغنية في العام 1962م
وكانت أول حفلة غنائية جماهيرية يشارك فيها الفنان القدير عبدالحميد السيد في العام 1963م بسينما الأندلس قدم فيها أغنية «صد عني ومال» من ألحانه وكلمات الشاعر الدكتور يعقوب الغنيم
http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=326232&stc=1&d=1380865700
لحن الفنان القدير عبدالحميد السيد خلال مشواره الفني الطويل مجموعة كبيرة من الأغنيات العاطفية والوطنية لعدد كبير من الفنانين الكويتيين والعرب، ومن أشهر الفنانين العرب الذين لحن لهم الفنان الراحل عبدالحليم حافظ، ويذكر الفنان عبدالحميد السيد عن حكاية غناء الفنان المصري القدير عبدالحليم حافظ من تلحينه أغنية «ياهلي» من كلمات الشاعر وليد جعفر وذلك خلال زيارة الفنان عبدالحليم حافظ للكويت في العام 1965م حيث طلب منه أحد المسؤولين الكبار الذين يشجعون الغناء الكويتي بأن يقدم لحن أغنية للفنان عبدالحليم حافظ بهدف نشر الأغنية الكويتية في الوطن العربي من خلال الأصوات الغنائية العربية المشهورة
هذا وقد لاقت الأغنية نجاحاً كبيراً في الكويت والعديد من البلدان العربية، وبعد هذا التعاون التقى الفنان عبدالحميد السيد بالفنان عبدالحليم حافظ في أكثر من مرة
ففي العام 1973م عرف الفنان عبدالحليم حافظ الفنان عبدالحميد السيد بالفنان فريد الأطرش وقال له هذا هو الملحن الذي لحن لي الأغنية الكويتية «ياهلي»
وفي العام 1975م وبينما كان الفنان عبدالحميد السيد يسجل مقطوعة موسيقية في مبنى الإذاعة والتلفزيون في القاهرة وكان عبدالحليم حافظ موجوداً لنفس الغرض يومها وقف البروفة وقال للفنان عبدالحميد السيد تعال اجلس معنا واسمع البروفة والأغاني
بعد ذلك تقابل الفنان عبدالحميد السيد مع الفنان الراحل عبدالحليم حافظ بالمصادفة وقال لبليغ حمدي الذي كان يرافقه هذا هو الذي لحن لي أغنية «يا هلي» وطلب منه لحناً ثانياً، وفعلاً جهز الفنان عبدالحميد السيد اللحن وكان من كلمات محمد محروس بعنوان «ياللي ظلمت قلبي» وطلب منه الاتصال به ولكن لم يحصل نصيب لكي يتصل به بسبب ضياع أرقام التلفونات الخاصة بالفنان عبدالحليم حافظ
منقول من مجلة الكويت
بقلم صالح الغريب
عبدالحميد السيد من أبرز رواد الأغنية الكويتية الحديثة
ازدهرت الحركة الغنائية الكويتية في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات فظهر كثير من الفنانين المطربين الذين اشتهروا في تلك الفترة منهم الفنان القدير المطرب الملحن عبدالحميد السيد الذي عمل بجد ونشاط، ووضع مصلحة الكويت نصب عينيه، واهتم بإبراز الأغنية الكويتية بشكل جيد وراق ونشرها إلى الخارج من خلال إذاعة الكويت التي كان بثها آنذاك متواضعاً إلا أنها كانت تسمع بشكل جيد في الدول المجاورة للكويت
انطلق الفنان عبدالحميد السيد فنجح في تحقيق الكثير من الشهرة من خلال الأغاني العاطفية والتراثية المطورة التي لا تزال حتى الآن يرددها جيل الفنانين الشباب في حفلات المعهد العالي للفنون الموسيقية وأنشطة فرقة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وفي العديد من المناسبات
اسمه الكامل عبدالحميد السيد هاشم السيد عبدالوهاب الحنيان من مواليد الكويت العام 1938م
كان طفلاً شقياً لكن شقاوته من نوع الشقاوة الهادئة غير المخربة و كان يحب اللعب مع الصغار من هم في سنه أو أصغر منه بعض الشيء و في سن السابعة من عمره كان يلعب مع أولاد الحي وكان لا يضرب أحداً ولا يشاكس و كان طبعه هادئاً وكانت البنات في هذه الفترة يغنين أغنية «هيلة يا رمانة» المعروفة في ذلك الوقت وكان يغني ويردد معهن مقاطع الأغنية التي غناها فيما بعد بكلمات جديدة من كلمات الشاعر الغنائي علي الربعي
تعرض الفنان عبدالحميد السيد في طفولته إلى الموت مرتين: عندما سقط من على «الجالبوت» في البحر وغرق وتم إنقاذه بعد أن فقد وعيه وشرب كمية كبيرة من الماء المالح وفي المرة الثانية سقط عليه عدد كبير من أكياس السكر حيث أغمي عليه لفترة طويلة
كان والد الفنان عبدالحميد السيد هاشم الحنيان مدرساً في مدرسة الجهراء حيث تعلم على يديه العديد من وجهاء وكبار رجالات القوم في الكويت، وكان عبدالحميد السيد يرافق والده إلى مدرسة المباركية حيث نقل من الجهراء إلى المباركية، وكان والده رحمه الله يملك مدرسة خاصة حيث يشاهد التلاميذ وهم يكتبون ويقرؤون وعندما بلغ التاسعة من عمره أصبح تلميذاً في المدرسة
وعندما افتتحت مدرسة الروضة وكان ناظرها عقاب الخطيب التحق بها كتلميذ إلا أن والده ووالدته فضلا أن يذهب إلى المعهد الديني لأنه يقدم راتباً شهرياً كإعانة للطالب مقدارها 40 روبية كل شهر، ورغم ذلك لم يكن مرتاحاً من الدراسة في المعهد الديني وتركه وعاد أدراجه إلى مدرسة الروضة بعد عشرين يوماً، ثم نقل إلى المدرسة الأحمدية في العام 1949م وفي هذه المدرسة مكث عاماً واحداً فقط وكانت أكبر فترة قضاها في مدرسة واحدة
وفي العام 1950م رجع إلى المعهد الديني مرة أخرى وبقي في المعهد مدة أربع سنوات متتالية برز في تلاوة القرآن الكريم وتعلم أصول التجويد على يد الشيخ أحمد البحيري كما كان يتلو القرآن الكريم في بعض المساجد، وفي العام 1951م جاء إلى منزل عبدالحميد السيد، الشيخ عبدالله النوري وكان مديراً لإذاعة الكويت في ذلك الوقت، وطلب من والده السماح لولده «عبدالحميد» بتلاوة القرآن الكريم بالإذاعة مقابل أجر شهري مقداره «150 روبية» ووافق والده على ذلك وارتفع أجره مع مرور الوقت إلى «300 روبية»، وكان معه من زملائه المقرئين علي الحسيني، وناصر حسين وظل عبدالحميد السيد يعمل كقارئ في الإذاعة من العام 1952 إلى 1958م، وخلال هذه السنوات عمل في العام 1955م كاتباً في الجمارك ثم انتقل للعمل موظفاً في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حيث حظي باهتمام الفنان حمد الرجيب والفنان محمد النشمي وهما من كبار موظفي الوزارة، ومن ثم انتقل إلى وزارة الإعلام في إطار خطة الوزارة آنذاك لتسهيل ممارسة الفنانين للإنتاج الفني المتميز
وخلال هذه السنوات كان الفنان عبدالحميد السيد مولعاً بالاستماع إلى صوت وأغاني المرحومة أم كلثوم وعشق صوتها إلى حد كبير ملك عليه مشاعره وسهر الليالي يستمع إلى صوتها ويردد معها أغانيها الجميلة، والموسيقار محمد عبدالوهاب حيث كان يتابع أغانيه القديمة من خلال الإذاعات والاسطوانات وما يستجد منها بشغف ويحفظها تماماً
وعندما أصبح فناناً يشارك في الجلسات الطربية الخاصة كان يطلب منه دائماً أن يغني شيئاً من أغاني كوكب الشرق أم كلثوم التي يحفظ أغلب أغانيها ويجيدها إجادة تامة وكذلك نجده مع الموسيقار محمد عبدالوهاب والذي غنى له فيما بعد أغنية في التلفزيون بعنوان «مضناك جفاه مرقده» من إخراج أمين الحاج ماتقي وأغنية من تأليف حسين السيد وألحان محمد عبدالوهاب وغناها بصوته الفنان عبدالحميد السيد بعنوان «إنت إنت ولا انتش داري»
كما بدأ الفنان عبدالحميد السيد بالتتلمذ على يد الفنان محمد حسن صالح حيث كان يعلمه قواعد الموسيقى والنوتة وغناء التوشيحة والسماعيات، وكان ذلك في العام 1957م، حيث كان يسهر حتى الصباح في الغرفة بعيداً عن والده الذي لم يكن موافقا على هذا التحول في حياة ابنه الذي أخذ يتعلم العزف على آلة العود باجتهاد شخصي منه، وبدأ يردد الأغاني التي يميل إليها لأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، والموشحات الدينية ويلحن بعضها ثم بدأ يمارس الغناء، وكان على نطاق خاص
http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=326231&stc=1&d=1380865700
في العام 1958 انتقل الفنان عبدالحميد إلى مركز الفنون الشعبية الذي افتتح في العام 1956م باستدعاء من حمد الرجيب الذي كان مديراً لدائرة الشؤون الاجتماعية والعمل في ذلك الوقت، وصاحب فكرة إنشاء هذا المركز ودعمه بما يحتاجه بكل الوسائل وتشجيعه للفنانين الكويتيين، وهناك وجد كل ترحيب وتشجيع من زملائه الفنانين الكويتيين مثل سعود الراشد وأحمد الزنجباري وأحمد باقر وشادي الخليج ومحمد التتان حيث لجأ إلى اللجنة التي كان يرأسها في ذلك الوقت حمد الرجيب الذي كان يعزف على القانون وكان معه الفنان سعود الراشد يعزف على العود وتضم اللجنة مجموعة من الفنانين والشعراء أمثال الشاعر أحمد العدواني والشاعر منصور الخرقاوي وغيرهما من الأدباء والمؤرخين وكان يشترك الفنان عبدالحميد السيد بالغناء خاصة أغاني أم كلثوم ويشاركه المرحوم الفنان محمد التتان وأحمد الزنجباري الذي كان يعزف على الكمان وأحمد باقر وكذلك كان يعايش في المركز أجواء فنية رائعة بين أشرطة التسجيلات القديمة والحديثة للفنون الشعبية الكويتية وجمع التراث الفني الذي كان من أهداف المركز، ويمارس كتابة وقراءة النوتة الموسيقية
من أهم المحطات الفنية التي كان لها الأثر الكبير في تحويل حياة الفنان القدير عبدالحميد السيد هي انضمامه إلى رواد الحركة الغنائية في مركز الفنون الشعبية والتي كانت تجتمع في ذلك الوقت في إحدى «الشبرات» حيث تسجل أغانيها ومن ثم تبعث بهذه الأغاني إلى الإذاعة الكويتية
عرضت عليه اللجنة الفنية لتطوير الأغاني القديمة أن يؤدي بعض هذه الأغاني ولكن الفنان القدير عبدالحميد السيد وقف حائراً في أمره يشده التردد بين أمرين إذ صعب عليه أن يوفق بين قراءة القرآن الكريم والغناء، وسأل الفنان الرائد المرحوم حمد الرجيب الفنان الشاب عبدالحميد السيد ليش ما تغني؟ فرد عليه عبدالحميد السيد بأنه يقرأ القرآن ولكن من الممكن أن يغني التواشيح الدينية. ولكن المرحوم الأستاذ أحمد العدواني الشاعر العاطفي الملهم عز عليه أن يقف مكتوف اليدين أمام هذه الموهبة الفنية، لذا أقنعه بغناء بعض الموشحات الدينية وغناها عبدالحميد بصوته وكانت أولى أغنية له في العام 1960م وهو موشح ديني قديم بعنوان «صلاة دوام» أخذ منه المذهب فقط وأكمل اللحن بعد أن أضاف عليها الكوبليهات الموسيقية من عنده، وكان العازف على الطار الفنان القدير المرحوم الدكتور يوسف دوخي وعلى آلة العود كان الفنان الكبير سعود الراشد، ومن حسن حظه شاركت في تسجيل هذه الأغنية في ذلك الوقت فرقة موسيقية بقيادة الفنان نجيب رزق الله وميشيل المصري وكان الجميع يتعاون في الرد، وقد استعان الفنان عبدالحميد السيد بفرقة مكونة من مجموعة خاصة «بالمالد» وكان معهم والده الذي كان يؤدي فن «المالد» إضافة إلى أنه كان في ذلك الوقت يعمل في مجال التدريس
يقول في مطلع أغنية «صلاة دوام» وهي من كلمات عبدالرحيم المتيم
صلاة دوام ما غنى الهزار
على طيب الذكر عالي الفخار
بشير نذير سراج منير
نبيّ سعيد عنى له وزار
بعد أن غنى عبدالحميد السيد في العام 1960م أغنية «صلاة دوام» سجل أول أغنية دينية من ألحانه بعنوان «حيوا ليلى» كتب كلمات هذه الأغنية الشاعر أحمد العدواني وفي هذه الأغنية يكون الفنان عبدالحميد السيد أول من تطرق إلى هذه المادة الغنائية التي لم تكن شائعة من قبل على مستوى الإذاعة حيث بدأ الفنان عبدالحميد السيد التحول من مطرب أغان دينية إلى مطرب يغني للورد والطيور ويتغنى بجمال الطبيعة كالأشجار والأزهار والبحر وهو بذلك يكون رافضاً لأن يصبح مطرباً عاطفياً مرة واحدة وخاصة بعد أن ترك الإذاعة والوظيفة كمقرئ قرآن كريم
ويعتبر الفنان عبدالحميد السيد أول من اهتم بالأغنية الخفيفة وأغاني المناسبات والابتهالات الدينية، فكان ممن ترك أثراً طيباً لاختياره مادة فنية لم تكن شائعة من قبل
وبعد فترة بسيطة طلب الفنان عبدالحميد السيد من الفنان الكبير الرائد الفنان حمد الرجيب أن يعمل له نقلة تبعده عن الموشح حيث قدم من ألحانه وكلمات الشاعر أحمد العدواني أغنية بعنوان «يا طير» وهي من نوع الأغنية الوصفية الحديثة ويقول في مطلعها
يا طير ليتني أكون
مثلك وعندي جناح
تلت أغنية «يا طير» تسجيل أغنية وطنية بعنوان «بلد المحبوب» وبعدها طلب الفنان عبدالحميد السيد من الشاعر الشعبي منصور الخرقاوي أن يكتب له أغنية عن البحر فقدم له أغنية بعنوان «حنين الموج»
وفي العام 1961م سجل الفنان عبدالحميد السيد أغنية عاطفية من كلمات الشاعر منصور الخرقاوي بعنوان «الحلو سباني» وكذلك سجل في نفس الفترة أغنية «الايادان»
ثم سجل أغنية «والله غالي» في العام 1963م في القاهرة
وأغنية «يا جار» من كلمات العدواني وقد سجلت هذه الأغنية في العام 1962م
وكانت أول حفلة غنائية جماهيرية يشارك فيها الفنان القدير عبدالحميد السيد في العام 1963م بسينما الأندلس قدم فيها أغنية «صد عني ومال» من ألحانه وكلمات الشاعر الدكتور يعقوب الغنيم
http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=326232&stc=1&d=1380865700
لحن الفنان القدير عبدالحميد السيد خلال مشواره الفني الطويل مجموعة كبيرة من الأغنيات العاطفية والوطنية لعدد كبير من الفنانين الكويتيين والعرب، ومن أشهر الفنانين العرب الذين لحن لهم الفنان الراحل عبدالحليم حافظ، ويذكر الفنان عبدالحميد السيد عن حكاية غناء الفنان المصري القدير عبدالحليم حافظ من تلحينه أغنية «ياهلي» من كلمات الشاعر وليد جعفر وذلك خلال زيارة الفنان عبدالحليم حافظ للكويت في العام 1965م حيث طلب منه أحد المسؤولين الكبار الذين يشجعون الغناء الكويتي بأن يقدم لحن أغنية للفنان عبدالحليم حافظ بهدف نشر الأغنية الكويتية في الوطن العربي من خلال الأصوات الغنائية العربية المشهورة
هذا وقد لاقت الأغنية نجاحاً كبيراً في الكويت والعديد من البلدان العربية، وبعد هذا التعاون التقى الفنان عبدالحميد السيد بالفنان عبدالحليم حافظ في أكثر من مرة
ففي العام 1973م عرف الفنان عبدالحليم حافظ الفنان عبدالحميد السيد بالفنان فريد الأطرش وقال له هذا هو الملحن الذي لحن لي الأغنية الكويتية «ياهلي»
وفي العام 1975م وبينما كان الفنان عبدالحميد السيد يسجل مقطوعة موسيقية في مبنى الإذاعة والتلفزيون في القاهرة وكان عبدالحليم حافظ موجوداً لنفس الغرض يومها وقف البروفة وقال للفنان عبدالحميد السيد تعال اجلس معنا واسمع البروفة والأغاني
بعد ذلك تقابل الفنان عبدالحميد السيد مع الفنان الراحل عبدالحليم حافظ بالمصادفة وقال لبليغ حمدي الذي كان يرافقه هذا هو الذي لحن لي أغنية «يا هلي» وطلب منه لحناً ثانياً، وفعلاً جهز الفنان عبدالحميد السيد اللحن وكان من كلمات محمد محروس بعنوان «ياللي ظلمت قلبي» وطلب منه الاتصال به ولكن لم يحصل نصيب لكي يتصل به بسبب ضياع أرقام التلفونات الخاصة بالفنان عبدالحليم حافظ
منقول من مجلة الكويت
بقلم صالح الغريب