علي عبدالرحمن السقاف(علي بنقاله) [الأرشيف] - منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل

علوي الكاف

22/12/2018, 09h12

الفنان / علي عبدالرحمن السقاف(علـي بنقـالـه)

واسمه الكامل علي عبدالرحمن بن عبدالقادر السقاف (بنقالة) ، وهو من مواليد عام 1914م بسيئون حاضرة الدولة الكثيرية الحضرمية سابقا ، وضعته أمّه في منزل والدها العلامة شيخ بن محمد حسين الحبشي ، ونشأ وترعرع في بيت جدّه بمدينة سيئون ، حيث تلقى فيها تعليمه في مدرسة النهضة العلمية ، حتى بلغ ربيعه الخامس عشر .
وفي حديث صحفي توثيقي اجراه معه عميد الصحفيين الحضارمة الاستاذ عـزيـز الثعـالـبي الذي التقاه في مدينة سيئون بوادي حضرموت منتصف حقبة ثمانينات القرن الميلادي العشرين ، قال فيه بن قاله متحدثا عن والده ، او ضح فيه ، أن والده (عبدالرحمن بن عبدالقادر بن علي السقاف) الأندونيسي المولد ، جاء إلى مدينة سيئون عام 1905 (1325هـ) جريا على عادة الحضارم إرسال أولادهم إلى موطنهم الأصلي حضرموت في غرض مزدوج هو التعرف على ذويهم من جهة ، وطلب العلم من جهة أخرى .. وبعد أن تصلّب عود الفتى (عبدالرحمن) وأخذ زاده من العلم ، تقدم للزواج من ابنة المغفور له بإذن الله العلامة (شيخ بن محمد حسين الحبشي) التي انجبت منه ولدين هما (علي) المعني بترجمتنا هذه و (عبدالقادر) وهو شقيقه الاكبر .
وقد شب فناننا بن قاله (علي عبدالرحمن السقاف) عن الطوق ، وعند بلوغه الخامسة عشر من العمر ، أوكل والده الذي كان في موطن استقراره )سنغافورا) إلى أحد اصهاره من آل الحبشي (أخوال ولده علي) مهمة انتقال ولده علي إلى سنغافورا ، حيث غادر وادي حضرموت في طريقه إلى ميناء المكلا ، والتقى في المكلا الفنان المعروف (عمر محفوظ غابه) الذي لمس شغف الفتى علي بالفن ، فشجّعه على خوض غماره ، ويقول فناننا علي السقاف (بنقالة) متحدثا عن نفسه للزميل الاستاذ الثعالبي بأنه : (حضر جلسة فنية كان يغني فيها الفنان سعيد بن حسين الكاف في مدينة تريم ، واعجب بصوته وعزفه على آلة العود) .. وكان علي السقاف (بنقالة) مشدودا إلى فن الغناء ، لأن والده عبدالرحمن السقاف كان عازفا ومغنيا ، وشاركه ذات الهواية صهراه (حامد وعبدالرحمن) نجلا (شيخ محمد الحبشي) وعززت تلك الهواية الاستعداد الفطري والنفسي عند الشاب (علي عبدالرحمن السقاف) الذي خاض مشوارا فنيا طويلا اتخذ خلاله (اسما فنيا) عرف به وهو (علـي بنقالـه) .. وكلمة (بنقالة) هذه هي لقب الأسرة ، و (بنقالة) اسم ماركة (الأرز) الذي كان والده يستورده من البنغال (بنجلادش) حاليا في فترة بناء منزله في مدينة سيئون .
والفنان (علي بنقالة) أو (عبدالوهاب جاوا) كما كان لمحبيه من جمهور فنه ان يلقبوه ، عاش حوالي (18) عاما في ربوع سنغافورا وإندونيسيا ، كان خلالها عاشقا للموسيقى والغناء ، حيث أسس في العام 1938م فرقة (الجنوب العربي) الموسيقية في (سومطرة) بإندونيسيا ، وكان مولعا بأغاني الموسيقار محمد عبدالوهاب المشهورة التي يجيدها عزفا وأداء ً، ومن هنا جاء تلقيبه بـ(عبدالوهاب جاوا) .. وفي العام 1939م أسس (علي بنقاله) فرقة (جوهرة) الموسيقية في (سنغافورا) واستمر النشاط الإبداعي للفنان علي بنقالة حتى عام 1947م ، حيث عزم على شدّ الرحال إلى الوطن .
وهكذا انهى الفنان علي بنقالة محطته الأولى في شرق آسيا عام 1947م ، ليبحر بعدها إلى الوطن ، حيث فيه بدأ حياته العملية موظفا في إدارة البريد بسيئون ، إلا أنه لم يجد ضالته في تلك الوظيفة ، لأن طموحه كان أكبر من أن تستوعبه وظيفة ، ولا هي (الوظيفة) أشبعت حبه للفن ، فخطا خطوة متقدمة في العام 1948م بتأسيس الندوة الموسيقية الحضرمية ، وكان من أفرادها : المرحوم سالم علي الحامد والمرحوم سالم محمد الحامد والمرحوم علي محمد السقاف (فرقز) وجعفر السقاف والمرحوم علي إبراهيم وحسن الشاطري وغيرهم ، وكان أول ظهور لفرقة (الندوة) الموسيقية الحضرمية بقيادة الفنان علي بنقالة على مسرح (عز الدين) عندما عرض نادي الشباب في سيئون مسرحية (فتى العرب) .. ومن خلال تلك الفرقة دخلت بعض الأغاني التراثية دائرة الضوء ، وتم تطويع الدان الحضرمي للآلات الموسيقية الوترية .

وفي مطلع خمسينات القرن العشرين الميلادي شد الفنان علي بنقالة الرحال إلى شرق أفريقيا عبر ميناء عدن ، وأسس هناك فرقة (جوهرة) الموسيقية في مدينة (ممباسا) ثغر كينيا الباسم ، فتألقت نشاطاته الفنية هناك ، من خلال حفلات فنية ساهرة عدّة أتحف بها الجمهور الحضرمي الكبير هناك المهاجر بشرق افريقيا ، ثم عاد بعد ذلك إلى مسقط رأسه سيئون في العام 1953م ، وغادر علي بنقالة ممباسا في طريقه إلى عدن ، حيث سجل فيها مجموعة من الأغنيات على أسطوانات حجرية الرائجة آنذاك ، وفي عدن انضم علي عبدالرحمن السقاف (بنقالة) إلى رابطة الموسيقى العدنية ، التي يعتبر الفنان سالم أحمد بامدهف من أبرز مؤسسيها ، والتي تشكلت بعد ثلات سنوات من تأسيس ندوة الموسيقى العدنية في العام 1948م ، ومن ضمن الفنانين المطربين والملحنين في صفوف رابطة الموسيقى العدنية الى جانب بامدهف كانا ايضا الفنان محمد سعد عبدالله والفنان المعني بمنشورنا هذا علي بنقالة .
وبعد تلك الجولات التي قام بها الفنان علي بنقالة إلى شرق آسيا وشرق أفريقيا وإلى عدن ، قرر المضي قدما في محطة جديدة من محطات مشواره الفني ، شملت كل من دول المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين ، حيث انتهزها فرصة طيبة للتعرف على الساحة الفنية هناك ونجوم مبدعيها في فترة الخمسينات القرن الميلادي الفائت ، فتعرّف على الموسيقار طارق عبدالحكيم والمطرب طلال مداح ، وحصل علي بنقالة خلال فترة إقامته على عدد من النصوص الغنائية التي صاغ ألحانا لها وسجلها في إذاعة كل من جدة والكويت والبحرين ، ومن الذين غنوا ألحانه الفنانة سلوى عبدالرحيم والمطرب محمد عبيد باسليم (وهو من رباط باعشن بوادي دوعن) .
وجاء على لسان عازف الكمان (صالح سالم باشريف) عن الفنان علي بنقالة قوله : (أن الغربة في النصف الثاني من خمسينات القرن العشرين بمدينة جدة جمعته بالفنان به اي (بنقالة) وضمتهما فرقة موسيقية ، شكلها بنقالة مصاحبة الفنان الراحل محمد عبيد باسليم في تسجيلات بعض الأغنيات لإذاعة جدة) ويضيف باشريف يقول (إن الفنان علي بنقالة كان ضمن قوام الفرقة الموسيقية عازفا على العود ، وهو (باشريف) عازفا على الكمان ، فيما كان فرج علي مرسال عازفا على آلة الناي) .
ثم حمل الفنان علي بنقالة عصا ترحاله من شمال الجزيرة العربية إلى مسقط رأسه سيئون وذلك عام 1962م ، وأعاد تشكيل فرقة الجوهرة الموسيقية التي أحيت السهرة الفنية التي نظمها اتحاد الطلاب الحضارم في سيئون عام 1963م في منطقة بئر حسين ، وغنى في تلك السهرة لأول مرة الفنان علي محمد السقاف ( فرقز) أغنية الشاعر حسين أبوبكر المحضار (نوب من جبحه) وغنى في نفس الحفلة ايضا سالم عبدالله مول خيلة (وكان لايزال طالبا) مونولوج (غلاء السكر) الذي شح في حضرموت جراء أزمة خليج الخنازير ، عندما فرضت البحرية الأمريكية حصارا على كوبا بحجة وجود صواريخ سوفيتية فيها ، وتوقف استيراد السكر منها ، كما غنى علي بنقالة أغنيته المشهورة (ياشركة بان) وهي شركة ابان اميركان التي تنقب على النفط في صحراء ثمود .
ومن الذكريات التي فاضت بها جعبة بنقالة والتقطها عزيزنا الثعالبي اثناء حواره له .. أن الفنان علي بنقالة انضم إلى الندوة الموسيقية الحضرمية التي أسست في يناير 1960م ، وشارك في فرقتها عازفا في مرحلتها الثانية ، وفتح محلا لصيانة الآلات الموسيقية الوترية كالعود والكمان ، واشتغل في الأعمال الزجاجية كمورد رزق لمواجهة التزماته تجاه أسرته الكبيرة، ولم يكتف بذلك فقد اشتغل أيضا في الأعمال الزجاجية . . كما استقدم الفنان علي بنقالة الفنانين محمد بن سالم شامخ وعلي أبوبكر العطاس إلى وادي حضرموت عام 1968م للمشاركة في إحياء حفل ساهر لنادي الأحقاف الرياضي في سيئون ، وقاد بنقالة الفرقة الموسيقية ، وتوسع بنقالة في نشاط الفرقة ليصل بها الب تريم وشبام ومناطق أخرى .. وكان الفنان علي بنقالة من مؤسسي فرع اتحاد الفنانين في سيئون ، وكذا من مؤسسي فرقة الوادي الأخضر الموسيقية في سيئون ، وكان على معرفة ودراية بالنوتة الموسيقية ، ودرب أعضاء الفرقة الموسيقية على أصول العزف بالنوتة ، كما كان بنقالة ماهرا في مجال التخطيط العمراني ، فالتحق بوظيفة مخطط عمراني في بلدته سيئون ، ثم انتقل إلى مكتب الإسكان في بلدته سيئون ، وفي أواخر سبعينات القرن الماضي انتقل إلى إدارة التربية والتعليم (قسم رعاية الشباب) لتدريب الطلبة الهواة أصول الغناء والموسيقى ، وإبراز مواهبهم وتأهيلهم لإحياء الحفلات الفنية المدرسية .
وقد أصيب المبدع الكبير علي بنقالة بذبحة صدرية عصر الإثنين 7 يناير 1991م ، فنقل على إثرها إلى مستشفى سيئون لإسعافه ، واختاره الله إلى جواره في الواحدة والنصف بعد منتصف ليل الثلاثاء 8 يناير 1991م ، وشيع جثمانه إلى مثواه الأخير في مقبرة سيئون عصر اليوم نفسه .. مخلفا من البنين والبنات (16) من عدة زوجات ، أولاده في سنغافورا : محمد وأحمد وعلوي وعثمان وبنت. ومن زوجته في المكلا أنجب : جمال وشيخ وعبدالرحمن وبنت، وله في سيئون بنتان من زوجة سابقة ، ومن زواجه الأخير أنجب : حسن وأربع بنات .. يرحمه الله ويحسن مثواه.
منقول