المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جدل حول عودة آلة الرباب التونسية


Sami Dorbez
17/06/2013, 11h14
http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=321663&stc=1&d=1371471332



لقد شكّلت عودة آلة الرباب - في شكله الجديد - إلى الساحة الموسيقية التقليدية التونسية جدلا بين الموسيقيين بين رافض له بدعوى أنّه " نسخة مشوّهة " عن الرباب التقليدي الأصلي وبين مستحسن يرى فيها آلة " كاملة " نسبيا , ولمزيد التعمّق في هذا الموضوع نطرح الأسئلة التالية : ما سبب تراجع استعمال الرباب التقليدي ؟ و ماهي أهمّ مظاهر التعديلات والتغيرات التي طرأت عليه ؟

Sami Dorbez
17/06/2013, 11h15
بالعودة إلى الرباب التقليدي التونسي نلاحظ أنّه شهد تراجعا شمل مجال الممارسة والصناعة بداية من منتصف القرن التاسع عشر وذلك بسبب " العيوب " التي تراكمت في هذه الآلة عبر التاريخ ويعتبر الفارابي من الأوائل الذين تفطّنوا إلى هذه النقائص حين قال في كتابه الموسيقى الكبير :
" و مع ذلك فإنّ هيئتها هيئة ليست تكسب النغمة المسموعة من أوتارها فخامة فهذه الجهة هي التي بها صارت تنقص عن كثير من سائر الآلات " و بالاستناد إلى منتخبات المالوف التونسي المقـدّمة في مؤتمر الموسيقى العربية بالقاهرة سنة 1932 وخاصة الاستخبارات التي أدّاها عازف الرباب محمد غانم والتي تعتبر وثيقة صوتية على غاية من الأهميّة حيث يمكننا أن نميّز ضعف صوت الرباب التقليدي وقصر المدى الصوتي الذي لا يتجاوز الديوان ونصف بالإضافة إلى عدم محافظته على الشدّ أي " التعديل " و فكانت النتيجة أن أعـرض عنه العازفون لتحلّ محلّه آلة الكمنجة التي مُسكت في بادئ الأمر مثل آلة الرباب ويعتبر خيلو الصغير أخر من عزف بهذه الوضعية وتحوّل بالتالي الرباب إلى ألة متحفية على الرغم من جهود بعض الموسيقيين مثل الأستاذ أنيس القليبي - وهو مختصّ بالرباب التقليدي بحثا وممارسة - قصد بعث الروح فيه ولكن دون جدوى ويبدو من السابق لأوانه تقييم هذه التجربة وقد أثمرت محاولة تجاوز تلك " المعوّقات "والنقائص ظهور الرباب الجديد المتطوّر في نسختين متشابهتين الأولى بصفاقس والثانية بتونس - بالتعاون مع صانع الآلات السيد المختار المثني - فحافظ الرباب الجديد عموما على شكله التقليدي مع بعض التعديلات والتحسينات التي شملت الصندوق المصوّت و بعض المكوّنات مثل الفرس والشماسي و أضيف له وتر ثالث لتوسيع المدى الصوتي و ثبّتت له مسطرة من خشب الأبنوس تحت الجزء العلوي من الأوتار على شاكلة ذراع مما زاد في قوّة الصوت وأتاحت للعازف إمكانات جديدة قصد تلوين المسار اللحني بجملة من الزخارف اللحنية والإيقاعية وتغيّرت وضعية المسك قليلا بحيث أصبح يوضع بين الفخذين في وضعية ثابتة عوض وضعه على الركبة في وضعية متحرّكة ممّا ساهم في إثراء تقنيات العزف بالقوس وهو ما لوحظ من خلال ممارسة بعض عازفي الرباب الجديد مثل السيد :
الحبيب الزوش والطالب الشاب فارس بن رمضان الذي انضمّ إلى فرقة الرشيدية بقيادة الأستاذ فتحي زغندة , في حين غيّر العازف وليد الغربي وضعية المسك ليتمكّن من العزف عليه وقوفا و وسّع في مجال استعماله ليشمل النمط الموسيقي الشعبي بلونيه الحضري و البدوي...

Sami Dorbez
17/06/2013, 11h16
ألة الرباب

http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=321664&stc=1&d=1371471484

Sami Dorbez
17/06/2013, 11h18
وبالنّظر في تاريخ الآلات الموسيقية نلحظ أنّ الآلات الموسيقية شهدت تطوّرا عبر العصور بتطوّر الحضارة الإنسانية وبالتالي لا يمكن أن نستثني الرباب من عملية التطوّر شأنه شأن العديد من الآلات التي شهدت مؤخرا تطوّرا جزئيا من خلال جملة من الإضافات والتعديلات على غرار آلة العود الذي أضيف له حديثا وترا سادسا و سابعا وآلة القانون التي زيد فيها عدد العُرب لتسهّل على العازف ضبط درجات المقام المطلوب ويتفرّغ أكثر للزخرفة وأستبدل الجلد الطبيعي بجلد " بلاستيكي" للمحافظة أكثر على التعديل كما برزت أشكال جديدة للكمان "الكهربائي" وإن كان من الصعب تقييمها في الوقت الراهن .

وخلاصة القول أنّ الرباب الجديد استجاب لحاجيات العازفين التقنية والتعبيرية وحتى الجمالية و برهن على تماسكه وجمال صوته من خلال التغيرات التي طرأت عليه ولعلّ أفضل طريقة للمحافظة عليه هي الممارسة ومحاولة توظيفه من جديد في الفرق الموسيقية وبذلك تثري رصيد الآلات الوترية المجرورة بهذه الآلة ذات الرمزية التاريخية و ذات الدلالة الحضارية ...

فإلى أي مدى يمكن أن يستعيد الرباب - في نسخته المتطوّرة - مكانته في التخت الموسيقي التونسي ؟



(2012 /05/ 23 علي السياري)