المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة بقلم مصطفى نصر


مصطفى نصر
12/01/2013, 13h55
سرت بجوار سور نادي سبورتنج من ناحية الترام. توقفت بجوار شجرة صغيرة جدا. وعمود من الخشب معلق به لافتة:
غرست هذه الشجرة في المكان الذي قتل فيه ابننا الوحيد. تخليدا لذكراه. كنت أعلم أن ثلاثة أشقياء قد واجهوا صبيا عائدا إلي بيته مساء. وحاولوا سرقة كل ما معه من نقود. لكنه قاومهم» فقتلوه في هذا المكان.
شعرت بالأسي وبرغبة في البكاء. فالوالدان المكلومان لم يجدا سوي هذه الوسيلة للتعبير عن حزنهما.هل هدأ الوالدان وارتاحا بعد غرس هذه الشجرة ؟
كنت أمر في طريقي إلي مدرستي كل يوم مرتين من هذا المكان. وأتابع الشجرة الصغيرة. وأقرأ اللافتة مرة أخري. وقد أخبرني صاحب دكان قريب من المكان» عندما وجدني مهتما بالشجرة:
- إن والديّ الصبي الذي قتل هنا. يأتيان كل صباح لري الشجرة والعناية بها.
- للأسف لم أشاهدهما. ربما يأتيان في وقت أكون فيه في مدرستي.
لكن بعد أكثر من عام لاحظت أن الشجرة بدأت تذبل. وأوراق الشجر اليابسة التي تقع من الأشجار الكبيرة حولها» تحيط بالمكان. سألت صاحب الدكان القريب من الشجرة:
- لماذا ذبلت هذه الشجرة هكذا ؟
خرج الرجل من دكانه. ونظر إلي الشجرة قائلا:
- الرجل والمرأة كانا يأتيان كل يوم لري الشجرة والعناية بها. لكنهما لم يأتيا منذ أكثر من أسبوعين.
قلت :هل تعرف مكان بيتهما ؟
أشار الرجل إلي مكان البيت من خارج دكانه. وذهبت إليهما. وقفت أمام الشقة التي وصفها لي صاحب الدكان. ظللت أدق جرس الباب حتي ظننت أن الشقة خالية. وسرت بالفعل في طريقي إلي باب البيت لأخرج. ثم سمعت صوت الباب يفتح» وامرأة عجوز تقف أمام الباب.
عدت مسرعا. قلت:
- جئت من أجل الشجرة الصغيرة ؟
صاحت المرأة في لهفة وخوف:
- هل حدث لها مكروه ؟
- أخاف أن تموت بسبب عدم الاهتمام بها.
دخلت الشقة والمرأة تحدثني عما حدث لها:
- زوجي مرض مرضا شديدا حزنا علي فقد ابننا الوحيد. فاضطررت أن أمكث بجواره لرعايته.
كان زوجها نائما فوق سريره يتابعنا في صمت وضعف. صافحته ووعدت بأن أقوم برعاية الشجرة الصغيرة بدلا عنهما» وأن يسمحا لي بزيارتهما. والعناية بهما. وكأنني ابنهما الوحيد الذي فقداه.
كنت أذهب كل يوم لريْ الشجرة الصغيرة. وتنظيف المنطقة حولها. وأقمت العمود الذي يحمل اللافتة ؛ والذي كاد يقع علي الأرض.
بعد شهور قليلة قضيتها في العناية بالشجرة والوالدين المكلومين. سرت بينهما من بيتهما إلي مكان الشجرة. كان الرجل يسير بمساعدة عصاه. ويده الأخري فوق كتفي. بينما المرأة تسير بجوارنا مبتسمة. عندما رأيا الشجرة وقد أينعت وكبرت قليلا شعرا بالفرح وأخذا يدعيان لي.