المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنور المهدي الهوني


محمد حسن الخضر
07/07/2009, 16h20
أعزائي ..
انتقل إلى رحمة الله يوم 22 / 6 / 2009 ف الشاعر الغنائي الكبير أنور المهدي الهوني تاركاً خلفه تاريخاً مشرفاً وللمزيد من المعلومات رأيت أن أخصكم بهذه المقالة التي كتبها الأستاذ إبراهيم مسعود المسماري .. راجياً أن تكون قد أضاءت جانباً من تاريخ هذا المبدع ..

http://www.sama3y.net/forum/attachment.php?attachmentid=155315&stc=1&d=1247005551

أنور المهدي الهوني .. رحيل شاعر وذاكرة

الرحيل مر .. والأمر منه كونه أبدياً لا لقاء بعده في الدنيا .. وتتفاقم المرارة إذا كان الراحل أكبرمن كونه مجرد إنسان ..
وهكذا كان رحيل سي ( أنور الهوني ) يوم 22 / 6 / 2009 ف الذي لم يكن رحيل شخص عاديّ بل كان رحيل مكتبة بأسرها .. ورحيل عَلَمٍ ومعلم من معالم مدينة المرج القديمة والحديثة .. تميز وبرز وعمل وأبدع في مجالات عديدة نحاول إبراز بعض منها في هذه الأسطر البسيطة التي لن تفيَ بحقه ولكن عساها أن تكون إشارة تنبه السائرين في درب المعرفة إلى هذا المَعْلَم الذي كاد أن ينسى أو نُسيَ خاصة في سنوات عمره الأخيرة ..
وأول هذه المجالات هو مجال التربية والتعليم حيث كان علماً من أعلامه في مدينة المرج القديمة والحديثة على حد سواء هذه المدينة التي عاش وتربى وعمل وأبدع فيها ..
ولد ( أنور المهدي الهوني ) عام 1929 تقريباً ، ودرس في أول معهد للمعلمين أنشئ في ليبيا تحت إشراف منظمة اليونسكو وتخرج فيه عام 46 / 47 ف وعُين عام 1948 ف معلماً ثم اختير مديراً من عام 53 حتى 1963 ف ثم عمل موجهاً تربوياً وبعدها كُلّف رئيساً لقسم محو الأمية وتعليم الكبار حتى تقاعده عام 1995 ف حيث زاد عمره التعليمي والتربوي في هذا المجال على الخمسين عاماً كان خلالها معلماً ماهراً ومديراً حكيماً وموجهاً قديراً بشهادة الجميع ممن جايله في هذا المجال .. وإلى جانب عمله في مجال التعليم كُلف برئاسة لجنة تعداد السكان على مستوى البلدية وذلك في تعدادي عامي 1954 و 1964 ف ..
أما عن محطته الشعرية فقد بدأت علاقته بالشعر الشعبي في سن مبكرة وذلك منذ عام 1945 حيث كتب منذ ذلك الوقت وعلى مدى خمسين عاماً أو يزيد مئات القصائد وآلاف الأبيات في شتى فروع الشعر الشعبي والغنائي ولديه كم هائل من الإنتاج الشعري لكنه – رحمه الله – لم يسع إلى طبعه وجمعه في ديوان أو دواوين وكان الشعر يجري على لسانه سلساً طيعاً لاصعوبة ولاتكلف فيه كما اشتهر بسرعة بديهته وسهولة قرضه للشعر وله كثير من القصائد التي ارتبطت بقصص طريفة واشتهرت ولايدري البعض أنها للحاج أنور الهوني مثل قصيدة ( دبلومي دبلومك قيسه ) التي ينسبونها إلى شعراء غيره وهي في الواقع ليست إلا له دون غيره ...
أما علاقته بالشعر الغنائي الليبي الذي برع فيه وتفرد وواكب بواكيره الأولى وروائعه القديمة فقد بدأت منذ عام 1958 وتميزت هذه العلاقة منذ عام 1960 حيث التقى بالفنان ( علي الشعالية ) ذلك العام وكتب له أشهر أغانيه وفي مقدمتها أغنية :
مازال شاغلني وننشد عنّه قليل خير ماينشد عليّا كنّه
وأغنية ( قلبي ليش ) :
قلبي ليش ياولفي جفيته وعهد الحب من بالك نسيته
وأغنية :
جفا حبنا بعد الوفا ونسيته وكيف مافعل في خاطري كافيته
واشتهرت هذه الأغاني لعلي الشعالية وكلها من كلمات أنور الهوني ..
كما كتب لمطربين مشهورين آخرين مثل ( طاهر عمر ) الذي غنى من كلماته :
قمرة ونسمة وجونا مواتينا تعال نفرحو بالحب ياغالينا
كما غنى له فرج البرقاوي :
ناسي اليوم حسدوني شقايا ظنوا الدمع من فرحي وهنايا
وغنى له محمود الشريف قصيدته المشهورة :
نوحي معاي جودي ياحمامة ريدي اليوم متناسي غرامه
وغنى له إبراهيم حفظي :
تستاهلي عيب وجفا ياعيني نهيتك علي حبه عدو درتيني
كما كتب للفنان محمد صدقي :
لبيك يارحمن بيتك جينا ياغافر السيات توب علينا
و ( شهر الهنا ) :
شهر الهنا يامرحبا بأيامه وياسعد من لبّاه تم اصيامه
وتمتلئ المكتبة المسموعة الليبية بأعمال كثيرة لفنانين ليبيين غير ماذكرنا من كلمات أنور الهوني .. وقد أجريت معه حوارات ولقاءات مرئية ومسموعة كثيرة لعل آخرها وأشهرها استضافة الفنان ( عبدالجليل خالد ) له في إحدى حلقات برنامجه ( حكاية أغنية ) التي خصصت بالكامل لأغنية ( مازال شاغلني ) لعلي الشعالية التي اشتهرت شهرة عظيمة ..
أما شعره الشعبي فلن نستطيع الحديث عنه وحصره في هذه الأسطر البسيطة حيث كتب في جميع مجالات الشعر الشعبي بقوة واقتدار وانتشرت كثير من قصائده انتشاراً واسعاً ، وكتب أعمالاً اجتماعية شهيرة مثل ملحمته المشهورة عن تعليم البنات :

شوف يا حمد للبنت شي تدبيره من يومن قرتْ مي شاقيه ابّصيره

وهي حوار اجتماعي فكاهي هادف بين فتاة وأبيها وأمها وقد قام الراحل بأدائها تمثيلاً في فترة الستينات شاركه في تمثيلها وأخذت دور الأم المرحومة (خديجة الجهمي) ..
كما اشترك المرحوم وكتب عدة أعمال مسرحية خفيفة في طرابلس في بداية الستينات مع (عبدو الطرابلسي) وبعض الفنانين الكبار آنذاك ...
ورغم عطائه الطويل ودربه الإبداعي الذي امتد لأكثر من خمسين عاماً إلا أن المحطات التكريمية الهامة في حياته قليلة جداً أشهرها تكريمه من قبل الهيأة العامة للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية عام 1974 وكذلك تكريمه خلال المهرجان الوطني الثالث للشعر الشعبي العام نفسه .. رغم أنه اسم لا يمكن تجاهله في هذا الميدان ..
جانب آخر مهم جداً في حياة الراحل ألا وهو حبه للثقافة والكتاب وتكوينه لمكتبته العامرة التي حوت الكثير من النفائس في شتى فروع العلم والمعرفة والأهم في هذا الجانب هو وضعه لهذه المكتبة بكاملها تحت تصرف طلاب العلم والدارسين والباحثين من طلبة الليسانس والبكالوريوس ورسائل الماجستير لينهلوا من معينها الذي استفاد منه الكثيرون في أبحاثهم ودراساتهم فقد كان – رحمه الله – محباً للعلم وأهله مشجعاً للدارسين والباحثين لم يبخل على أحد بكتاب ولا معلومة .. وقد كان الراحل في حد ذاته ذاكرة عامرة بالشعر والأدب والثقافة إضافة إلى مكتبته العامرة وهذا أيضاً ما دعاني إلى تسمية قصيدتي في رثائه بـ (مكتبة الحب) أنشرها لكم في نهاية مقالي عن الراحل العزيز فقيد المرج والثقافة والشعر سي (أنور الهوني) رحمه الله رحمة واسعة .. وكنت قد نشرتها في صحيفة السلفيوم في العدد 36 الصادر في 5 / 7 / 2009 ف .
نقطة أخيرة جديرة بالذكر وهي أنه رغم تقدم سنه وصعوبة حالته الصحية فقد كان حريصاً على حضور كل الأنشطة والمناسبات الثقافية والفنية بل والمشاركة فيها ..


إبراهيم مسعود المسماري