نـــــــداء عـــــــبــــــــر أعـــــتـــــاب
هل يستطيع الوقت قتل أعراض الحب المزمنة؟
هل يمكن لخطوات الزمن الثقيلة محو آثار أحبابنا الدائمين؟
هناك بشر كثيرون مروا علينا على مدار سنوات العمر طال أم قــَصـُر
تأثروا بنا و تركوا علامات ظاهرة و أخرى خفية على رمال الأيام
و دروب الليالي ، بعضهم لا نتذكرهم إلا بصيص من ضوء بعيد خافت
و أخرين جاءوا لنا كالحلم أستمر ليلة استيقظنا بعدها نحتوي هذا
الطيف كنسمة صيف منعشة ، أو ظلّ يجتاحنا ككابوس مفزع نحاول
طمس معالمه من خيالنا ، هناك أناس طبعوا علينا ذكريات عميقة
حفرت أناملها أخاديد غائرة في نفوسنا ، و هناك أناس تعاملنا معهم
كاللمحة التي تخطف البصر لثانية ثم تهرع إلى بحر النسيان بلا رجعة.
لكنني أحملهما معي دائما في كل ومضة تمضي من عمري إلى غيابة
جـُب الفراق الكامن هناك عند حدود أرض الموت ينتظر قدومي لكي
أسكن أعماقه السحيقة تحملني إليه دقات الساعة و هي تلهث وراء
طيفهما لا يفارق وعيّ الكامن في بؤرة الشعور و لا يبرح جولاتي في
اروقة اللاشعور فهما ينسجان كياني لأنهما غزلاه قديما عند لقاءهما
الأول كرجل و امرأة توحدا سويا
فأنجبا ثمرتين جراء هذا التزاوج ذكر و أنثى ، كنت أنا تلك الأنثى التي
رسما معا خطوطها بألوان جينات وراثية لا خيار ليّ فيها ، لكنهما
شباك هواهما بدون رغبة مكبوتة لكي افك اسري أبدا ،
فأنا منهما و أحيا بهما داخل جسدي ، أتذوق حنايا روحهما
الدافئة بين هواجس نفسي المتمردة
من ظنوني و قلقي و حيرتي من كل الشكوك التي تطاردني في
صحوي و نومي لكنني أسمع نداءهما ليّ عبر بوابات السماوات
السبع يشجعونني بالصبر و الإنتظار لفرج المولى القريب ،
فأطمئن لنداءهما و تهدأ نفسي الثائرة بذكريات الطفولة
و الصبا و حبهما الصافي الذي كان و ما زال حضن الأمان و
طوق النجاة و أمل في اللقاء المرتقب.