الاخ محمد الساكني المحترم
شكرا على فتحك لهذا الموضوع القيم والذي وددت بمناسبة فتحك له ان ادون هنا بعض الشيء لما هذا الرجل في نفسي .
كانت كتب المرحوم علي الوردي من اوائل الكتب التي قرأتها بامعان في حياتي , فسلسلة (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث) هي اول مجموعة من كتبه التي قرأتها وكان ذلك في أوائل سني دراستي الجامعية في السبعينات . اثرت بي هذه الكتب بدرجة عالية وعلمتني كل شيء عن طبيعة المحتمع الذي انا اعيش فيه (المجتمع العراقي) بل انني اصبحت اميل الى علم الاجتماع بسبب قرائتي لتلك السلسلة . ليس هذا فقط , فمن تلك الكتب تعلمت كيف اتعامل مع افراد المجتمع واجدتها تماما , اذ كانت تكفيني نظرة واحدة للشخص لتعطيني انطباع كافي عنه اقوم بعدها بالتفتيش في ذهني عن ما اعرفه عن سلوكية هذا النوع من الناس التي اكتسبتها من تلك السلسلة فاستطيع ان اختار الطريقة المناسبة للتعامل مع ذلك الشخص . كانت هذه الطريقة ناجحة جدا وبما لا يقل عن نسبة 90% من الاشخاص الذين عاشرتهم في حياتي .
بعد تقدمي بالعمر اقتنيت جميع كتب العلامة علي الوردي , وكان الحصول على البعض منها صعبا للغاية خصوصا بعد تحديد التعامل مع كتبه الذي وقع في اواخر عقد السبعينات . حصل هذا لان افكار الكاتب وصراحته التامة في نقل الوقائع وبشكل حقيقي غير محرف لم تصرف للاجهزة المتنفذة في الدولة فقررت تحديد (وليس منع) تداول تلك الكتب . لذلك كنت الجأ الى بعض المقربين ممن اعرفهم في شارع المتنبي لتزويدي بكتبه وبنسخها الاصلية , وبالفعل حصلت عليها جميعا , وهي موجودة الان في مكتبتي في داري ببغداد (حفظها الله لي من كل سوء وعبث انشاء الله) . وكان اصعب واحد من بين تلك الكتب في الحصول هو كتاب (وعاظ السلاطين) الذي دون الحقائق المتعلقة بالانقسام الطائفي في العراق وبذور نشأتها بشكل رائع وصريح ودون النظر الى اي ميول او اعتبارات .
في اواخر الثمانينات تمرض الكاتب علي الوردي وقدم طلب للسفر الى الخارج لغرض العلاج رفع الى الرئيس الاسبق صدام حسين لانه كان الوحيد الذي يمتلك صلاحية السماح للعراقيين بالسفر الى الخارج في وقتها , لكنه رفض طلبه وهمش على عريضته (الى جهنم وبئس المصير) . في 19 تموز عام 1995 توفي الكاتب الكبير في بغداد , ولم يحضر جنازته الا نفر قليل من الاقرباء والاصدقاء ودفن في مقبرة جامع براثا في العطيفية , ويقال الان (لست متأكدا من ذلك) بان قبره قد ازيل اثناء حملة توسيع وتطوير هذا الجامع . بالرغم من عدم معرفتي بالكاتب وعدم رؤيتي له ابدا , الا اني حضرت مجلس الفاتحة الذي اقيم له في احدى الحسينيات بالقرب من قبر الامامين الكاظمين (ع) . رحم الله كاتبنا الكبير العلامة (علي الوردي) .
لا اعرف يا اخي ما هي الطريقة التي ستسخدمها في رفع كتب هذا الكاتب الكبير , هل سترفعها بصيغة (بي دي اف) وهو الافضل بنظري , ام بصيغة صور وهذا غير ملائم لانه سيأخذ مساحة هائلة .
اشكرك مرة اخرى , مع التقدير .