* : فى يوم .. فى شهر .. فى سنة (الكاتـب : د.حسن - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 03h52 - التاريخ: 27/04/2024)           »          جوزيف عازار (الكاتـب : اسامة عبد الحميد - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 00h03 - التاريخ: 27/04/2024)           »          عبد اللطيف حويل (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : محمود نديم فتحي - - الوقت: 23h09 - التاريخ: 26/04/2024)           »          مُحيي الدين بعيون (الكاتـب : sol - آخر مشاركة : الكرملي - - الوقت: 21h45 - التاريخ: 26/04/2024)           »          نوت الأستاذ الهائف (الكاتـب : الهائف - - الوقت: 21h36 - التاريخ: 26/04/2024)           »          هدى سلطان- 15 أغسطس 1925 - 5 مايو 2006 (الكاتـب : Talab - آخر مشاركة : ديمتري ميشال مل - - الوقت: 17h36 - التاريخ: 26/04/2024)           »          إعلانات زمان (الكاتـب : سامية - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 17h15 - التاريخ: 26/04/2024)           »          يوسف دهان (الكاتـب : محمد الساكني - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 16h09 - التاريخ: 26/04/2024)           »          احسان صادق (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 23h40 - التاريخ: 25/04/2024)           »          التخت العربى (الكاتـب : عصمت النمر - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 23h18 - التاريخ: 25/04/2024)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > الموروث الشعبي والتراث الغنائي العربي > المغرب العربي الكبير > المغرب الأقصى > كلاسيكيات مغربية..الطرب الملحون

روابط سريعة طرب الملحون
أحمد العجيلة التهامي بنعمر المرحوم قويدر ديفيد الزيوني عبد العالي لـباركـي ماجدة اليحياوي محمد السوسي ملحون مراكش
إدريس بن جلون الجوق النسائي التطواني ثريا الحضراوي ديفيد بن عروش عبد الكريم كنون مجموعة السعادة - النزاهة محمد بوزوبع الابن منال القباج
أسماء الأزرق الحسين التولالي جمال الدين بنحدو رواد فن الملحون عزوز بناني مجموعة امنزو محمد بوستة مولاي المهدي العلوي
التهامي الهاروشي الحسين بن ادريس حياة بوخريص سناء مرحتي لطيفة أمال مجموعة سعيد المفتاحي ملحون تافيلالت نعيمة الطاهري

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #101  
قديم 06/02/2010, 13h11
kendsi kendsi غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:495841
 
تاريخ التسجيل: février 2010
الجنسية: جزائرية
الإقامة: الجزائر
المشاركات: 1
افتراضي رد: دراسة الملحون مرفوقة بالقصائد المكتوبة

السلام على جميع من يتصفح هذا المنتدى.
هذه أول مشاركة لي في المنتدى و إني جد سعيد للتعبير على إحساسي : إن الملحون كطرب فن معتبر لا يسأم المستع للإستئناس به. ولكن الملحون كشعر، فهو من أروع ما ابدع بن الإنسان من عمل فكري.
فوالله مهما كان نوع النظم، فإنه يعبر سراحة على القدرة الخيالية الفكرية للشعراء و الزجالين الذين أبدعوا في هذا الميدان. و إني و الله عاجز على التعبير بما أشعر به لضعف تمكيني من اللغة العربية.
أرجو فق إن أمكن من أحد الإخوان نشر قصيدة "الكناوي" (LEG'NAOUI) لأنها حقيقة من أروع منضومات الملحون و شكرا.
رد مع اقتباس
  #102  
قديم 22/02/2010, 18h05
karimokarim karimokarim غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:466099
 
تاريخ التسجيل: octobre 2009
الجنسية: marroqui
الإقامة: agadir
المشاركات: 7
افتراضي رد: دراسة الملحون مرفوقة بالقصائد المكتوبة

قصيدة الكناوي من نظم الشاعر الكبير السي التهامي المدغري وحربتها تقول ـ اللايم حالي محاوري عنك ما يخفاو خدي في حالة وخد من نهواها راوي
وجنتها ناري وخالها مولاتي زهوة
لا أخفيك علما يا أخي أني اتوفر على كلماتها الرائعة ،حيث ضمنها الاستاذ محمد الفاسي في معلمة الملحون جزء روائع الملحون، كما اتوفر على تسجيل لها بصوت المنشد الرائع الحسين التولالى،ساحاول رفعها للمنتدى اذا سنحت لي الفرصة . موفق أخي
رد مع اقتباس
  #103  
قديم 20/04/2010, 11h37
moulay34 moulay34 غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:66869
 
تاريخ التسجيل: août 2007
الجنسية: مغربية
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 1
افتراضي Re : دراسة الملحون مرفوقة بالقصائد المكتوبة

السلام عليكم ، أرجو من الأعضاء الكرام رفع قصيدة حول حرب تطوان١٨٦٠ للمرحوم إدريس الحنش وشكرا جزيلا.
رد مع اقتباس
  #104  
قديم 03/08/2010, 10h30
abouhajar01 abouhajar01 غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:495285
 
تاريخ التسجيل: février 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 3
Thumbs up رد: من روائع شعر الملحون

قصيدة نعم سيدي

-(للزجال الكبيرعبد العلي فيلالي بالحاج)-
واتشرف ان انضم الى هذا الموقع وان اجد بعض اشعاري هنا
غير اني لم استطع كتابة اسمي بالكامل اثناء التسجيل والاسم هو عبد العلي فيلالي بالحاج
.
.
.
تحيتي للجميع[/QUOTE]

أرجو منك أخي الكريم أن تضع لنا رابطا لقصيدتك هاته مؤداة بصوت أحد فناني الملحون
ولك مني جزيل الشكر
رد مع اقتباس
  #105  
قديم 14/09/2010, 22h47
الصورة الرمزية starziko
starziko starziko غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:510608
 
تاريخ التسجيل: avril 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 129
Post Re : دراسة الملحون مرفوقة بالقصائد المكتوبة

من أغراض شعر الملحون "لَعْراضْ " أي المساجلة ومن أروع المساجلات الحذيثة أضع بين يدي القارئ هذين النصين الآول للشاعر أحمد سهوم تحت عنوان "إطلالة على طلل" تقول لازمته:

حَيْ الْحَيّين وْ لاَنْضَرْتْ فيهْ أتَفْرادي حَيْ

إلاَّ موكة ولاَّ غْرابْ وَ لاّ عَنْكبْ سَداية

فَطْلالْ اخْلية

والثاني للشاعر عبد المجيد وهبي تحت عنوان " نْدى فْوَرْدة " تقول لازمة القصيدة:

حَيّْ الْحَيّينْ فيهْ مِيْتينْ اُوفيهْ للّي حيْ

كون فْتَحْتي لَبْصارْ كون شَفْتي لَطْيارْ فْ:مايا

فْعَرْصَة مسْقٍيّة

القصيدتان تعتبر من عيون شعر الملحون في هدا الغرض، هما من بحر واحد هو مكسور الجناح.

أضع القصيدتين بين أيديكم ولنا موعد في قرائة تحليلية للنصين



قال السي سهو م }

كانوا او كان بيهم روض الرؤْيَ ابديع

روض اللوامعْ العلوية

روض السوانح الكونية

روض المواهب الوهبية

كانوا املامـتـيـة

والـتـسـمـيـة

املاحـنـيـة
واليوم أليعتي وْقهري
غابوا خلاَّوْلي الغربة لا حدْ امعايا

فطلال اخلية



قال السي وهبي }

مزال كايـنـيـن وَ ارياضنا باقي ابديع

ارياضنا أحلامه وردية

شوكها الإبداع من النية

أنفاس العطر إنسانية

مزال املامتية

وَ املاحنية

لا فرزية

لا ليعة لا اقهر تندب

والشمس إ لـــى اتغيب تعكب

وَاعلاشْ انـتـايا

فطلال اخلية



قال السي سهو م }

كانوا او كان بيهم داك الدوقْ الرفيع

بَـبـهاه فاق كُــل امراية

صافي أو رايق لَلرواية

شفاف سارع لِلدراية

واسْلاطن لولايا

كــنـز اغـنـايا

او طَب دايا
كانوا مُتْعة الكلْ دوقْ
امضاوا اوْ خلاولي الوحشة ياشوم ابلاية

فطلال اخلية



قال السي وهبي }

مزال كاينين أو باقي الدوق الرفيع

إلـــى امري امْشات جاتْ امرايا

زاجها امكسر ماها غايا

كـتــبـان لوجوه فيها اعرايا

لا سُــلطان لاَ ْولاية

كـــنــزْ اغـنـاية

قلم َو ادْواية

امدادها صفعة الكل داحة

امولف لفشوش صا بْ راحة

بين الزرزاية

فَطلال اخلية



قال السي سهو م }

صدوا اعشايري وَاحبابي غابوا اجميع

خلاوني ا فْهذ الدنيا

مَبلي ا بْألـفـاين بَلية

أقلها الدوق للاشيا

الدوق افودنية

وَ افْــعـيـنـية

الله لـِــيـا
لا دوق القى اللي ايدوقه
لا يَحساس ارتاح فيا ما حر اضنايا

فَ اطلال اخلية



قال السي وهبي}

كُنتِ اتسالْ ما احبابك صدوا اجميع ..؟

إلـى الموت هي الدنيا

ما ا بلا ك حد داتك هي

َو الدوق حا لة فردية

مَتـــأتـــر بالتربية

زيد لَبــــلية َ

واصغى ليا
دوقك راجعه سال لعقلْ
َواش قنطتي ابدا الملل حُل الضُواية

كــــعد المخفية





قال السي سهو م }

كانوا اهنا او كُنت امعاهم كان الربيع

انسايمه اتهب ادكية

وَانواورُ الوان ازْهية

وَاسوالف البْهى فَضية

فالصبح وَ العشية

وَ اموالـيـة

انزايـهـيـة

وَ الدَنيا قول غيرْ بسمة

من ثغر اشريق عن اوجيه فَجْماله أية

لخـلاك ادهية



قال السي وهبي }

باقـيـين ثم حق امعاهم كُنتِ اتـديع

غَ اتعجبك الخريفية

غَ اتهزك ريح الشتوية

اتوالف الصيف النحاسية

اتأنى شي اشويا

غير بلا انوية

فاضت السجية

ملي كان الربيع عشتي

ملي خرفات لاش قُلتِ

هذي النهاية

انسيتي النسبية



قال سهو م }

وَ اسيادي كُب أرى اوْخود وَسط الشدى وَ الضي

كَـيـَـتـسقـاوا ارحيق مَـن الـفـيـض اللا ليه نْهاية

وَلا قطعية



قال وهبي }

دوك من سيدتي هما اللي اخفاوا عليك ضي الضي

حيت مراضعين مع اجهل لوصابوا اتكون اشضـايـــا

القوم المعمية



قال سهو م }

فَمقام القُرب ا على الدوام لا من فيـيهُم مَنأي

فَبساط الأُنس اموانسـين وَ امواطأهُمْ اسمايا

وَايـرفعوا بــيا



قال وهبي }

وَ شحال اقرابْ البعضهم وَاكلين اللحم الـني

فَقرون لَجبال امغانين كُلها جايب رِوايـة

غَ شْموك اشوية





قال سهو م}

هَدوك للي رباوني امعاهم في هذ الحي

فَـتنوني خَربوني او خـلخلوني و نافـصبايا

وَامشاوا اعليا



قال وهبي }

قول دوك اللي خلاوني امعاهم فْهَد الزي

رْيشوني َكْشفوني و قلقلوني عرفوا لـي دايـا

وَاتقهواوْا بــيا





قال سهو م }

سلبوني بالصورة امــطـوعـين الـرسم اللـفــــضـي

وَالوان الحرف الزاهيِين خَلاوا افكار افهايا

وَاعقول اسهيا



قال وهبي }

أوْ غَـــنْـد فوني ابصورة امزورة . جبران ولآ مـــــــي

ولاو لحروف امـخـززين والـتـفل احـتـل فـالدوايـة

الـر يشة منـسية





قال سهو م }

بَـهروني بـا لـرؤ يا مْرأْيا لي فَ للا مرأيْ

دَاهلوني بالحكمة اتلامد المدرسة دَ الآيــة

لعزاز اعليـــا



قال وهبي }

غيرانبهارك بهم صا بك ابدا العشى الليلي

لا حكمة فَمدرسة اوْ لا الفلسفة جات بآ يـة

ها الـفَـوْضاوية



قال سهو م }

سَــادتي حين ايخاطبوا اعقل يَـعْتـارف با لغي

وَ ايـصـرح بالعَجز مــا اتــنفـعه فـالـفهم ادراية

إلا وَ هبية



قال وهبي }

دوك من سيدتي : ايخاطبوا عقل ما جامد حـي

لعقل جرب اوْ راهْ صاب :الاحتمال الـبــداية

ارفــض الحتـمـيـة



قال سهو م }

سادتي حين ايخاطبوا فْعُمـق الداتْ أللاوعي

بَطلاسم اشطايرهم يَحـْــيِــوا ابكل احــكايا

روحْ العفوية



قال وهبي }

دوك من سيدتي : مساك عرفوا بعد اللا وعـي

ما اوعاوا الدات اعْساك ما افعمقها : غير الهوايا

وَ بْلا قـَــضية



قال سهو م}

ايْجنحوابالخيالْ وَيْطوِيوْ المسافة طَيْ

وَايساريوهْ فَعْوالم الضيا راكب عن ضُوايا

دَاميات اترية



قال وهبي }

كُنت اتقول الوجدان كيلبسوه اجناح الغي

وِ ايساريوه فَعْوالم كن واهم أو فالنهايا

دُمـيـة سخرية





قال سهو م }

أما من حيت ايهرهروا النفس ادْ هُوَ وَ ادْهِيْ

بَوْصاف الزين افكل نوع لكهول ا تْصير اصـبــايا

بالحب ازهية



قال وهبي }

أما من حيث ايغازلوا النفس ادْ هُوَ وَ ادْ هِيْ

تـفريـغ الكبت افـكُل نُوع يَِخّْ عْلى شيخْ اصْبايا

عادة سر ية





قال سهو م }

أما من حيتْ ايداعبوا اوْتـار القلب المصنيْ

يَنشارح لو ايكون حامل اتـقـال احـمـول ابلايا

فَطلال اخلية



قال وهبي }

اوكي حتى قدوا ايداعبوا اوثارْ القلب المضني

اوْ هي فا لقهرة مزقة حــــــــــا ملة هِمَلايا

فالخـبـز مد هية





قال السي سهو م }

رانا فْحــيْـهُم بين اللضى وَاصقيعْ

الحرْ من اشواق اقوية

والسر من الوحدانية

وَانفاس شوك فَكرازية

شلا انصيف فيا

او لاَبــيــا

او لاَ اعلـــيـا

إلا عايــبـين ما سكبوا دَمع الرحـمة

ايـْخـفْـفوا عَـني بَعض ابْلايا

فطلال اخلية



قال السي وهبي }

ها انت فْ حَيْهُـم لا لَضى وَ لا اصقيع

نيران الشعر فيك مكمية

وانت اخترتي الوحدانية

وَ اجـنيتياشواكها البرية

مزكْ الصكية

كرط لحية

تَــنْــتْ لحية

وِ يَكفى من الدموع يالواكحْ

وقتاشْ تنوض يالطايح

وَ اتشد الماية

تهجر لخلـية



قال السي سهو م }

ملعون بن ملعون الضياعْ الفضيع

غُربة او ساعرة وَ حْشية

ليلْ وَ انهار تَفرس فِيا

الفضى اضياق فَكرازية

فراغ حاط بـيـا

لاَ وَلفية

ا وْ لا هْـْلية

لله الحديالعمر للي خليتني او راهم ضحكة وَشْفايا

فَطلال اخلية



قال السي وهبي }

خُلخال ضاع كون ما التلفة مَ غَ ايضيع

ويلى ايضيع أشْ ا عليَ

وْيلى ضِـيْـعه نِتْْ هِيَ

لفـضى اوْسعْ من حلية

سيرْ انسى الكية

وَ الولفية

اهدا اعليَ

أحْ أنا ما انقد مَ مَتْوَلّعْ ابْحَدْ صَاحْ ساعدخليك اهنايا

وادْفن الحــــية



قال السي سهو م }

رباوني على دوق اليبداع الرفيع

خلاوني انعيش الرؤْية

وَانحلق وَ انسيح فْصحية

سماوها الناس السهية

كَناوها الـفَــهية

هِــيَ مَشْـيـا

ا لْــثَــمْ دَغْيا

لَعوالم كُلها ارياضات

النور العامرة اعرايسْ تركتْ لِيا دايا

فَطلال اخلية



قال السي وهبي }

جـبـتـي امعاك نوات الإبداع الرفيع

اتقول رباوك جيتي بنية

جيتيهم من أقصى الدنيا

عايشْ ما تايق فالسهية

هي غير فَهية

وَالقضية

الفهم دغيا

لحسابات كُلها اتضربات

واللي فاتتْ راهْ ماتت

والبحثْ الغاية

ا وْ باقية مَبدية



قال السي سهو م }

خلاوني لَلْمسخ كَيصفعني اصفيع

لا صدق وا جده فَسْجية

لا نبض دَ الْشعار الحية

وَ لاَ امواصْفة وَ قتية

لا فِكرة اذكية

لاَ تَسلية

اوْ لاَ اوصية

إلا جُمل جاهزة كـتَـنْـفَرْ من بعضها

ا فْترصيف ابشيع اشفايا

للدوق ا رْزِية



قال السي وهبي }

هما َو لا انت للي اتـخـليـتـي للــتـبـيـع

فاين الصدق فاين الشجية

فاين لَشعار الجـــفرية

يا ك انت مير لملاحـنـي

دير لنا امْزية

هذي غنية

بكائية

فيها جمل جاهزة

غير اصنعتك كتحوزها

كتولي لك ماية

ها هيَ فِي يديا



فال سهو م }

هدا لاَشْ التليتْ ياشقاهْ القلبْ المضني

لَسطحية وَ السخف ضاقت الْقيمة من مَحْيايا

بَعد الأثَرِية



قال وهبي }

اشكون حازك اَلتَّلَى علاش ماوكد تيش السعي

إلـى يتسطحوا غوص يا للايم َو اصـقل لمرايـة

اتجنب ا لتعمية



قال سهو م }

الموتْ احسن لي من حياتْ عايشها مِيتْ حيْ

غيرْ إلـى جاد الله لَلدواق ابصقلة مَرّايـا

يَبرى مـابِـيـَا



قال وهبي }

موت افشعرك لا تموت عاطل حيث اللي حي

يَـزرع رُحه تحيا ارواح تصدح تلقح غُــنــاية

كُل قمحة بَـمْـيا



قال سهو م }

أما هذ الفترة ابدون شك الدوق ابلاَ زَيْ

وَ ابلا صيفة وَ ابدون طبـع وَ لاَ عنده هواية

وَ لاَ هُــوية



قال وهبي }

وَاعلاه انت غـبـي باش تحكم فترة بالــزي

تَلغي الصيفة تلغي الطبع تلغي حتى الهواية

دي دوكما تِـيَة



قال سهو م }

وَ اتمام الـقولْ الدوقْ عَندنا كَالعبد المخصي

لاَ لَدة لاَ يَنجابْ لاَ اعتزازْ او لاَ إ بـاية

وَ لاَ شَخْــصِية



قال وهبي }

وَافصا ل لَمقال الدوق يا اللي شَبْـهُ بالمخصي

ما زا لْ ابخيرْ يْلد غا يَولدْ غاويـنـي نـايـا

وَ الموضوعية



قال سهو م }

اوْ رحمتْ الله اتعمنا امعَ من كانوا فالحيْ

دوكْ اللي يا فرحاتهُم نالوا من غيرْ اخفـِـيا

دوقْ الصُوفية



قال وهبي }

عبقر الصبر ايعينا انساعفوا امع هل الحي

اهل الحــي ا دْوا قْـهُم أصْناف او غيرْ انتيا

با لَغْــتِْ اشوية

قال سهو م }

وَ الأسَمْ فالـختْمة ا نْبِيْنه وَ المبْدي مَنْهِيْ

احمد سهوم آمن اتْـسال مَغمور أوْ قَلْ اجْداهْ

فَطلال اخْلِية

قال وهبي }

أسلوب الديا لـكتيك تاح فرصــــــة للتاريخيْ

يـطـفُه على السطح ايزيح شي خْرامَز كانت نهاية

أفكار أُ سطورية

ظروف الحيات لومها لا اتلوم أهل الحــــي

لو كان شبعات الكرش كون قا لت غنيوا امعايا

الحياة ماديـة

كاين شي ورد ابلا ازريعْ كاين شي ميت ح

كاين شي دين ابلا انبـيه وَاحديت ابلا رواية

إو َلا هـي نـيـة

لا رِ واية لا شِعر لا انغام إلا شبه الـــزي

للعصر اللي فيها اخلاقت عـــلاقــة جد لية

سوسيولوجية

الماضاوية نـزعة امــوجهة كـَ:تّـلّفْ الـــري

تَجْليهْ فـــضلام وَ اتقول ليهْ ليس يمكن تخلق أية

قُـوة قَمعية

غي ما ابقى هزك حال . بان ليك خالي هـــذ الحي

سيرْ او غرد موكة اتبوح وَ دي للغراب الغاية

الأزمة نـفـسية

رَ لَطلال افـوعْـْيَـك ما ا فْثم غير بدل هد الري

مَ الاستلاب ا حْضرْ او كون نــاضر زيد للهنايا

كابـر شي اشوية

إلى اخلا روض ازرع روض ماشي لازم الـسـبـي

وَ ابصراحة عندي الريْ ماكتبتِ غير اشفايـا

فاين الشا عر ية

أو بْـــْهاد المناسبة اسمع : ما حيرنيشْ الدي

حرتْ فَ:اللي كيقولوا ابغاوني يما الناسي داية

را حـة َو اهنية

وانزيد انقول اقصيدتي اهدِتها من خيْ الخـــي

حا لـي يَـشـبـهْ للحا ل غير اصبر وَ ا تْــواضع لمضايا

جـرحة طبية

اختصار القول الخبز ليس وَ حْده بـيه أنا حـي

أنا إنسان الفن قُوت روحي هُــوَ البدايـة

ما يْـلي غائية

والآسم ما يخـفى انبـيـنه فَعراضي كا لضي

عبد المجيد وَ هبي اندى افْوردة نحلي سدايا

فَـــحْراج اغنية

فيها لَخريف فيها الربيع والفاصح وَاللي عــــــــي

فيها موكة فيها البوح فيها فرقْتْ لْــــــغايـا

والسلام اهْدية



تمت القصيدتان بعون الله وحمده
رد مع اقتباس
  #106  
قديم 14/09/2010, 22h57
الصورة الرمزية starziko
starziko starziko غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:510608
 
تاريخ التسجيل: avril 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 129
Post الملحـون والتاريـخ

الملحـون والتاريـخ


محمد أمين العلوي

جاء في كتاب المصادر العربية لتاريخ المغرب للأستاذ المرحوم محمد المنوني، ما نصه: «فإذا كانت المصادر التاريخية الموضوعية إنما تهتم باتجاه محدد، فإن المصادر الأخرى تفتح – أمام الباحثين – آفاقا قد تكون فسيحة في الكشف عن ألوان من التاريخ الحضاري، وأحيانا عن حياة الشعوب»(1).

ومن هذه المصادر: الشعر الملحون، الذي اختزنت ذاكرة «الحفَّاظ» العديد من قصائده وسراباته ورباعياته، تواترت جيلا بعد جيل، اللهم إلا ما ضاع منها بوفاة ناظميها أو منشديها. كما احتفظت كنانيش الملحون بهذا الرصيد الهائل من موروثنا الشعبي الذي شاءت الأقدار أن يُردَّ له الاعتبار، فتُنجَز حوله البحوث والرسائل والأطروحات الجامعية(2)، وتهيَّأ له أسباب النشر بعناية أكاديمية المملكة المغربية(3) أو بمبادرات فردية وغيرها...(4).

والشعر الملحون أو العلم الموهوب، استطاع أن يتعايش مع العلم المكتوب، وأن يجد له مكانا في بعض إن لم نقل جل المضان التاريخية المغربية.

فقد اعتمد المؤرخون المغاربة نصوص الأدب الشعبي، وخصوصا الأزجال، حيث أفادوا منها، واستشهدوا بمتونها، وخصصوا لها حيزا، في مؤلفاتهم(5).

وقد أدرك المؤرخ العلامة محمد المنوني رحمه الله، كنه الشعر الملحون وقيمته الأدبية والتاريخية، فأوجز ذلك في كلمات: «ولعلنا سنجد في هذا النوع من الشعر من دقة الوصف ما لا نطمح أن نجده عند شاعر أو كاتب بالعربية الفصحى»(6).

وبهذا الرأي السديد الموضوعي، تُتجَاوَزُ تلك «العجرفة الفكرية التي وُجدت عند العديد من المؤلفين والكتاب والمفكرين، والتي لم تكن تخلو من روح طبقية... تصنف الناس إلى فئتين: خاصة وعامة، نخبة ودهماء»(7). وإن كان بعض شعراء الملحون، لا ينتمون بالضرورة لفئة العامة، بل ينتمون إلى أوساط النخبة المتأدبة، كالأولياء والسلاطين والأمراء والعلماء والأدباء وبعض المؤرخين(.

فشاعر الملحون ليس مؤرخا بالمفهوم العلمي المتداول، ولكن يسجل الأحداث والوقائع ككاتب حوليات «Chroniqueur» يحذو في غالب الأحيان حذو المؤرخ النعل بالنعل، في رصد الأحداث والوقائع التاريخية، المفرح منها والمحزن، بالإضافة إلى تدوين الكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية وغيرها... بتلقائية وبأسلوب زجلي مواز ومواكب للنص التاريخي تارة أو مكمل له تارة أخرى، بدقة وإسهاب في الوصف. يقف عند أدق التفاصيل والجزئيات التي قد يغفل عنها أو لا يتطرق لها – أحيانا - المؤرخ، حيث يقتصر هذا الأخير على التركيز والاختصار.

فإلى أي حد يجوز القول إن قصيدة الملحون تضطلع بدور المساعد والمكمل للوثائق والمراسلات المخزنية وآداب المناقب والنوازل والرحلات والمسكوكات والنقيشات واللقى الأثرية؟.... لتصبح هي الأخرى - أي قصيدة الملحون – مصدرا للكتابة التاريخية ورافدا من روافدها «التي لا ينبغي إهمالها بالمرة، مادامت طبيعة البحث التاريخي أن لا يهمل المؤرخ أو يزدري أيا من المصادر»(9).

وهل يا ترى ستسعفنا الأزجال الشعبية لنحقق ثنائية الملحون / التاريخ، ونظفر بتبيان التوازي والتكامل بينهما؟

رصد المنجزات المعمارية

شهد ضريح سيدي امحمد بن عيسى(10) بمكناس تجديد قبته بأمر من السلطان المولى عبد الرحمن بن هشام (1822 – 1859). وقد ذكر المؤرخ ابن زيدان بعضا من آثار هذا السلطان فقال: «... فمن ذلك تجديد قبة ضريح الشيخ الكامل، أبي عبد الله امحمد بن عيسى، وذلك عام ثمانية وأربعين ومائتين وألف»(11).

وهذا الشيخ الطالب الصديق الصويري(12) يُوردُ وصف عملية الترميم والإصلاح في قصيدته العيساوية التي لازمتها / حربتها:

بَارْكُـوا لْعيسَاوَة فكُلْ بْلادْ هَاذْ القبَّة المَبْهَاجَـة
اعْلَى المخَنْتَرْ مَوْلَى مَكْنَــــــاسْ
احْكَاوْ لِي اخْبَارْ القُبَّة اللِّي اعْلاتْ وفَاتَتْ رَهْوَاجَة
اخْبَـارْهَا شانْعْ افْكُلْ اجْنَـــــاسْ
ابْأَمْرْ اهْمَـامْ الوَقْتْ اللَّه نَاصْرُو يَضْفَرْ بَالْحَاجَـة
اوْلا يْصَـادَفْ مُلْكُـو بَـــــاسْ
رَاهْ بَنْ هِشَامْ المَنْصُورْ عَظَّـمْ امْقَامُوا اللِّي نَتْرَاجَى
مَا اخْفَاشِي غَوْثْ الرِّيَّـــــاس (...)

وفي نفس الاتجاه والموضوع سار التهامي المدغري(13) عند وصفه لعملية ترميم وإصلاح قبة ضريح المولى إدريس الأكبر بزرهون، بأمر من السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمن (1859 – 1873)، حيث يقول في لازمة / حربة قصيدته الإدريسية:

الله يَنْصَرْ سُلطَان غَرْبْنَا سِيدِي مُحَمَّدْ(14) بَانِي القُبَّة المَشْهُـــــورَة
اعْلِيهَا سَرّْ اللَّهْ قُبْتّكْ أمُولاَيْ ادْرِيــــسْ
شُوفْ القبَّة تَسْبِي ابْتَنْويــرْ
لهْمَامْ اصْلَحْهَا رَبِّي يَصْلَحْ شُـورُ (...)
لَهْمُو رَبِّي لَمْصَالَـحْ الخِيـرْ
مَا مَنْ امْقَامْ صَلحُو وَبْنَى لُو سُورُو (...)

وقد أشارت الباحثة الفرنسية A.-R. DE LENS إلى ذلك بقولها: «وفي أواسط القرن التاسع عشر، أمر السلطان مولاي محمد [بن عبد الرحمن] بترميم القبة التي يرقد فيها جثمان المولى إدريس بزرهون...»(15). في حين لم نقف على ذكر هذا الترميم لا في الاستقصا ولا في الإتحاف !

مدونـات الأنســاب

اهتم المؤرخون والنقباء والنَّسَّابَة بتحقيق الأنساب، ورصد أبناء الأسر وتحديد نسبهم، وربط الفروع بالأصول في انتمائهم إن كان لهم انتماء إلى آل البيت، وتدوين فروع الأشراف وتمييز الأصلاء من الدخلاء، مع تتبع أماكن استقرارهم بموطنهم الأصلي وخارجه. ولا نستغرب اليوم، إذا لاحظنا العودة إلى علم الأنساب. يقول أحد المهتمين بهذا العلم: «ومما يقوي عزيمتنا في ضخ دماء جديدة في هذا العلم الأصيل وربط ماضيه بحاضره، هذه الحمى الجديدة التي أصابت مختلف دول المعمور، وتسابُق مختلف الأسَر نحو كتابة تاريخها الخاص، وتسطيره في مشجرات وأشكال هندسية تختلف باختلاف الأدوات المعتمدة اليوم في علم الأنساب الحديث بأمريكا وأوروبا وآسيا»(16).

وقد سار على نهج أصحاب هذا العلم، نسَّابَة شعراء الملحون، الحاج إدريس بن علي الحنش(17) الذي نظم قصائد تعرف بـ «الشجرة» أو «السَّلسلة»، منها:

أ – شجرة / سلسلة الشيخ الكامل، سيدي محمد بن عيسى – سابق الذكر – على نحو ما ورد في مختصر الغزَّال(18)، تقول حربتها وبعض الأبيات منها:

يَا بَنْ عِيسَى يَا وَاضَحْ الأسْرَارْ
جُـودْ اعلِينَا للَّهْ ابْنَظْــــرَة
أمْحَمَّدْ بَنْ عِيسَى بَحْرْ الاَنْـوَارْ
بَـنْ عَامَرْ عَمَّرْ قُومُـو فِي مَـرَّة
ابْنَ عَمَّارْ الْمّعْلُومْ فالاَقْطَــارْ
ابْـنَ عُمَرْ مَنْ بِهْ السّْقَامْ ابْــرَا
ابْنَ حْرِيزْ اللِّي حَازْ مَا يُختَـارْ
ابْنَ مَحْرُوزْ الْمَعْدُودْ فَالْكُبَْــرا
ابْنَ عَبْدْ المُومَنْ شَامْخْ المَقْـدَارْ
ابْنَ سِيدِي عِيسَى كَوكَبْ الحَضْرَة
هُوَ أبُو السِّبَاعْ كَيُدْ كَـــارْ
ابْنَ ابْرَاهِيمْ اهْلالْهُمْ عَشْرَة (...)

ب – شجرة / سلسلة شرفاء وزان أهل دار الضمانة، حيث أفردهم الحاج إدريس الحنش بقصيدة، عدَّدَ فيها ذرية مولاي عبد الله الشريف، على غرار ما جاء في كتاب الروض المنيف(19)، وحربتها:

جِيتْ قَاصْدْكُمْ يَا هْلْ دَار الضّْمَانَة هَارْبْ لَحْمَاكُمْ
ابْجُودْكُمْ قَبْلُونِي للَّـــــــــهْ
ويـنْ مَوْلاَنَا عَبْدْ الله بَنْ ابْرَاهيمْ اهْلالْ اسْنَاكُـمْ
كَفُّـــوا مَمْــدُودْ الْمْــنْ والاَهْ
اخْلِيفْتُو سِيدِي مُحَمَّدْ فَاحْ مَنْ زَهْرُو طِيبْ اشْدَاكُمْ
كَانْ سُنِّي يَخْشَى مَـــــولاهْ (...)
اخْلِيفْتُو التّْهَامِي قُطْبْ لَقْطَابْ مَنْ رَقْرَقْ بِهْ الْوَاكُمْ
نَالْ مَنَالْ مَنْ حَـالْ اصْبَـــاهْ (...)
ابْجَـاهْ مَوْلايْ الطَّيَّبْ طَيَّبْ النّْسَـلْ مّتْعّرّْضْ لَوْفّاكُمْ
مَنْ اخْلَفْ فَالمَرْتَبَـة خَـــــــاهْ
ابْجَاهْ مَوْلايْ أَحْمَدْ وُسِِيدِِي عَلِي الْمَاجَدْ كَنْزْ اغْنَاكُمْ
جَاهُــــو عَالِــي عَنْـــدْ اللهْ
الشِّيخْ سِيدِي الْحَاجْ الْعَرْبِي بَرَكْتُو سَدَاتِي نِرْجَاكُمْ
كَمّْلُـو لَلْمَسْكِينْ امْنَــــــاهْ (...)
عَادْ بَعْدُ سِيدِي عَبْدْ السّْـلامْ لَفْحَلْ هَزَّامْ اعْدَاكُمْ
طَنْجَة مَحْفُوظَـة فَحْمَــــاهْ (...).

ج – شجرة / سلسلة مولاي علي الشريف دفين الريصاني بتافيلالت. جمعها ورتبها الحاج إدريس المذكور، في قصيدة يمدح فيها الشرفاء العلويين ومكان أسلافهم ينبوع النخل من أرض الحجاز، ومجيء سيدي بوبراهيم(20) وفي معيته المولى الحسن الدَّاخل سنة 664 هـ، ذاكرا مناقب هذا الأخير ومزايا عَقِبِه، سيدي محمد ومولاي الحسن والمولى عبد الرحمن، الموجود بعض ذريته في أولاد عمير وبعضها الآخر في البلاغمة وبني زروال... وهذه القصيدة يمكن مقارنتها مع ما جاء في الأنوار الحسنية(21) ونشر المثاني(22) والترجمانة الكبرى(23). تقول الحربة والقسمان الثالث والرابع منها:

أَمُولاَيْ عَلِي الشّْرِيفْ جُودْ اعْلِينَــا للهْ
فِي عَارْ للاَّ فَاطِمَـة وَابَّاهَــا
(...)
وَسْلاَفَكْ يَنْبُوعْ النَّخْلْ جَرْ الدَّيْلْ وَتَــاهْ
مَحَلْ الأَشْرَافْ وْأَرْضْ النُّبَهَـا
فَاحْ نْسِيمْ الْمَسْكْ وُلَعْطَرْ وَلْعَنْبَرْ فَثْنَــاهْ
مَنُّو النُّورْ عَمّْ الصَّحْرَا وَكْسَاهَا
يَوْمْ اقْدَمْ سِيدِي بُوبْرَاهيمْ وُجَابْ امْعَـاهْ
يَقُوتَة انْفِيسَة تَلْمَعْ بَضْيَاهَــا
مَوْلاَيْ الْحَسَنْ الشّْرِيفْ الْقَادَمْ بْرْضَــاهْ
الأرْضْ تَافِيلاَلْتْ وَحْضَاهَــا
أَتَاتُــو وَحْيَاتْ بِـهْ وَصْلَحْ بِهَـا مَوْلاَهْ
وَجْرَى افْأَرْضْهَا صَافِي وَكْثَرْ مَاهَا
وُعَرْجْنُوا لَثْمَارْ فَالنّْخَلْ سُخْرَتْ مَنْ ادْعَاهْ
وَصْلَحْهَا اعْظِيمْ اللُّطْفْ وُنَجَّاهَا
****
مُحَمَّدْ وَلْدُ اخْلِيفْتُو سَارْ افْسِيرْ ابَّـــاهْ
وَالْحَسَنْ بَعْضْ الاَسْرَارْ دَّاهَــا
وُعَبْدْ الرَّحْمَنْ صَاحْبْ الْبَرَكَــاتْ اتْرَاهْ
بَالْجُودْ وُالْعَفَافْ والإحْسَانْ اتْرَاهَا
مَازَالَتْ دُرِّيْتُو اكْرِيمَة فِي ظَلْ الْـــوَاهْ
سَكْنُوا فِي اوْلاَدْ اعْمِيرْ وَوْطَاهَا
وَالْبَعْضْ افْلَبْلاَغْمَة امْحَقَّقْ كِيفْ ارْوِينَاهْ
وَخْرِينْ فِي ابْنِي زَرْوَالْ وُفَحْمَاهَا
رَاسْلاَلْتْ سِيدِي بُوحْمِيـدْ الْغَوْثْ الأوَّاهْ
هَادُو ادْيَارْهَا لاَشَكْ مَغْنَـاهَـا
يَارَبِّي ابْجَاهْهُمْ اكْسِي عَبْدَكْ ثُوبْ انْجَاهْ
احْفْظْنَا مَنْ اهْمُـومْ الدُّنْيَا وَبْلاَهـا
(...)

تراجم المناقب
اعتنت كتب التراجم والحوليات والمناقب، بالتعريف بالأعلام وذكر مناقب الأولياء وكراماتهم ورجال التصوف وإشراقاتهم. كما اعتنى شاعر الملحون هو كذلك بهؤلاء، فأفرد لهم قصائد كاملة، تعرف بـ «الجمهور»(24)، ذاكرا أسماء الأولياء والصلحاء وألقابهم وكراماتهم ومناقبهم وأحيانا أماكن دفنهم. بالإضافة إلى ذلك، نظم شاعر الملحون قصائد تخص وليا بمفرده، تسمى: «الإدريسيات»، «العيساويات»، «الحمدوشيات»، «التيجانيات»، وغيرها… ونعرض لبعض أولياء وصلحاء العواصم المغربية الثلاث:

أ – أولياء وصلحاء فـاس

إذا كان الكتاني في السلوة(25) قد عدَّدَ وترجم للأولياء الذين أقبروا في مدينة فاس(26)، فإن جمهور باب الكيسة للحاج إدريس الحنش، قد أتى بدوره على ذكرهم والتوسل بفضائلهم، حيث يقول بعد الحربة:

الْعَطْفَة للَّه ارْجَالْ بَابْ الكِيسَـــة
دَوِوْنِي ابْنَظْرَة تَزْيَانْ الْحَالَـــة
سِيدْ الْحَاجْ مُحَمَّدْ اتْوَاتِي يَاتِـــي
الرَّامِي الْمَجْذُوبِي يَامَحْيَـــات (...)
وَالدَّقَّاقْ اسْرَارُو اسْرَارْ انْفِيسَـــة
اوْجَارُو التِّيجَانِـي فَالْفُضَـــلا
الإِمَـامْ التَّاوْدِي مَنْ السُّعَــــدَا
افْنَى افْمَنْ انْشَاهْ ابْتَعْلِيمْ اكْتَـابُ (...)
ابْنَ لَحْسَنْ مَنْ جَالِيـهْ فِي تَكْبِيسَـة
يَتْسَلاَّ مَنْ احْسَانُو دُونْ امْحَالَــة
وَلْبُورْحِيـمْ امْوَضَّحْ تَلْبِيسَــــة
عَبْدْ العزِيزْ ابْلَوْطَـا وَرْسَالَـــة
ابْرَاهِيـمْ السَّيَّدْ الزِّرَارِي يَحْضَــرْ
اشْيُوخْ اطْرِيقْ الْقَوْمْ افَأَمْـرُ حَارُوا (...)
ابْنَ حَمْدُونْ الْجَابْرِي الدَّاتْ اهْرِيسِـة
جَبَّـرْهَا اوْلاَ تَتْرَكْهَا مَعْلاَلَـــة
ابْنَ عْبَابُو سِيرْ لِيـهْ فِي تَغْلِيسَـــة
قبْلْ الشّْرُوقْ مَنْ يُومْ السَّبْتْ تْعَالَى (...)
ب – أولياء وصلحاء مكنـاس

وإذا كان ابن زيدان قد ترجم في الإتحاف للعديد من رجال مكناس(27)، وكذا ابن إدريس العمراوي في منظومته الدعوة المجابة(28) في نفس الموضوع، فإن سيدي قدور العلمي(29) وبنعيسى الحداد العثماني(30) والحاج إدريس الحنش قد ترجموا على هذا المنوال نظما في جمهورهم، لأصحاب الولاية والصلاح بمكناسة الزيتون، تقول حربة الجمهور للعلمي:

يَا مَنْ يَشْفِـي اضْرَارْ عَبْدُ بَعْدْ السَّقْمْ
وَيْفَرَّحْ مَنْ اقْوَاتْ فالصَّدْرْ احْزَانُـو
وحربة الحاج إدريس:
ضِيفْ الله لله أَلْوَالي سِيدِي بَنْ عِيسَى
امْعَ ارْجَالْ الله لله ايْقَعّْدْ لَحْمَــلْ

أما بنعيسى الحداد فيقول بعد الحربة:

أَضِِيفْ الله لله يَالشِّيخْ الْكَامَلْ بَحْرْ لَكْمَالْ مَوْلاَيْ الْهَادِي
أَسِيدِي بَنْ عِيسَى اعْنَايْتِي يَا هِيبَة مَكْنَــــاسْ
أَسِيدِي نّتْوَسَّلْ ابْجَاهْ قَدْرَكْ وَبْجَاهْ الصَّالْحِينْ رْجَالْ ابْلاَدِي
بِهُمْ كَنْتْوَسَّلْ للَّكْرِيمْ رَبّْنَا تّلْقّحْ لِي لّغْــــرَاسْ
وِينْ سِيدْ الْمَحْجُوبْ بَالرّْوَايَنْ ولَكْزُولي اعْلِيهْ لاَزَلْتْ انَّادِي
وِينْ الْهَيَّاضْ نَبْغِي افْحَاجْتِي يَوْقَفْ لِي تَأنَــاسْ
والشَّيخْ الْحَارْثِي كْذَلَكْ ابْنَ الشِّيخْ زِيدْ سِيدْ الْغَازِي سَاطَعْ نُورُ وَقَّادِ
وَالْبَغْدَادِي وَأحْمَدْ الصِّيدَمْ وَالإِمَـامْ الــدَّرَّاسْ
وَالْمَكَّاوِي نِعْمَ الشّْرِيفْ عَزّْ الْغُرْبَا مُولْ السّْبِيـلْ وَاضَحْ وَرَّادي
بَحْـرُ دِيمَا مَلِي اعْلَى السّْوَاحَلْ مَالِهْ قْيَــاسْ
وِينْ سِيدِي بَابَا امْحَبّْتُو فِي قَلْبِي سَكْنَتْ لِي وُخَرْقَتْ لَفْآدِي
وَكْذَلَكْ بَنْ مَنْصُورْ اعْلَى الدّْوَامْ امْحَزَّمْ عَسَّاسْ (...)
ج – أوليـاء وصلحاء مراكش

وكما أتى العباس بن إبراهيم في الأعلام(31) بتراجم العديد من أعلام الولاية والصلاح بمراكش وأغمات، نجد شعراء الموزون(32) والملحون المراكشيين وغيرهم، ينظمون في المقابل قصائد الجمهور مادحين ومتوسلين بسبعة رجال وباقي صلحاء المدينة، بدءا بالشيخ الجيلالي امتيرد(33) في قصيدته التي حربتها:

مَـنْ اخْفَاهْ الصَّلاَحْ ايْحْيَى الْبَلْدْنَا
يَقْصْدْ نَـاسْ امْدينَة لَحْضَـــرْ
مَرَّاكْـشْ بَلْدْ لَقْطَـابْ وَالتَّنْوِيـــــرْ
ايْزُورْ نَاسْهَا يَتْزَهَّى فَقْبُوبْ سَلْطْنَـة
وَيْشُوفْ ارْجَالْهَـا السَّبْعَـــة
وْيْعَدْ اتْرَابْهَـا كُلْ اقْدَمْ بَفْقِيــــــرْ

فأحمد بن عاشر الحداد الرباطي(34) الذي يتوسل بدوره بالرجال السبعة(35):

اهْلَ الْبَهْجَة الْحَمْـرَا اسْيُوفكُم بَتَّارَة
مَالْ سِيفِي مَا بِينْ اسْيُوفكُم قَاصَـرْ

ثم الحاج محمد بن عمر الملحوني(36) في قصيدة موضوعية، هذه حربتها:


ألاَمَتْ لَفْضَـالْ سَبْعَةُ رِجَـالْ
لِيغَاثَـة لله جَبّْرُوا حَـالِـــي
نَبْدَا بْالْفْضِيلْ الْقُطْبْ الْخَصَّـالْ
سِيدِي يُوسَفْ بَنْ عَلِي الْمَفْضَالِي
مَنُّو سَرْتْ لَلْقَاضِي دُونْ امْهَـالْ
مَفْتَاحْ غَرْبْنَا اسْرَاجْ لَمْعَالِـــي
لْمْقَامَكْ أَلسَّبْتِي قَاصَدْ عَــوَّالْ
أَمُغِيثْ الرَّيَّـاسْ حَقْ فَالْمَالِــي
وَالْمَاجَدْ صَاحَبْ الدَّلِيلْ الْمْفْضَال
ابْجَاهُو نَسْعَى الدَّايَمْ الْعَالِـــي
****
تَبَّاعْ الرّْسُولْ امْدَاوِي لَعْـلالْ
مَوْلاَنَـا جَعْلُو اطْبِيبْ لَعْلاَلِي
وَبْلَغْ اسْمَعْنَا مُولْ الطَّابَعْ قَـالْ
الشَّقِي عَنُّو امْقَامْنَـا عَالِــي
وَايْمَامْنَا السُّهَيْلِي شَاحَنْ لَحْمَالْ
نَسْعَى بِهْ وَبْجَاهْكُمْ مَـدَى لِي
وَانْتُمَا امْفَاتَحْ سَايَرْ لَقْفَــالْ
حَلُّوا بَالْعَطْفَة سَايَرْ اقْفَالِي (37)

الرحلـة الحجازيـة

الرحلات أنواع «تختلف باختلاف الدواعي للسفر وأسبابه»(38)، ومن بين هذه الأنواع: الرحلة الحجازية «التي يضعها صاحبها بعد رجوعه من قضاء فريضة الحج، وهي زيادة على موضوعها الأساسي، من وصف الأماكن المقدسة، وبيان مناسك الحج، وكيف أداها المؤلف، تشتمل في الغالب على وصف كل المراحل التي مر بها الراحل من بلده إلى مكة المكرمة»(39).

أ – الرحلة الحجازية من خلال الركب الفاسي

حظي حج الأمير المولى إبراهيم بن السلطان المولى سليمان عام 1226، باهتمام المؤرخين(40) ووصفهم لمظهر احتفال خروج ركبه من باب فتوح بفاس، كما استأثر باهتمام شعراء الملحون، فنظموا قصائد «المرحول»(41)، أتوا فيها بإفادات عن الركب الفاسي والمكلفين به، ووفود الحجاج من مختلف القبائل، من أهل سوس ومراكش والحوز والبوادي والحواضر، فضلا عن أغنياء ووجهاء مدينة فاس، ذاكرين وسائل النقل المستعملة في ذلك الزمان، المعتمدة أساسا على الدواب والمحفات والهوادج... وهذا ما عبر عنه سيدي عبد القادر بوخريص(42) في وصفه لاستعداد الركب لمغادرة فاس:

أروَاحْ أَرَاسِـي اتْشُوفْ هَاذْ الرَّكْبْ السَّـايْرْ
خَلاَّ نَاسْ الذَّوْقْ شَايْقَـة لْمْقَـامْ الْمُخْتَـارْ
مَـدَى مَنْ قُومَانْ جَاتْ تَمْشِي لَلْحَجّْ اتْخَاطَرْ
مَنْ سُوسْ وُمَرَّاكشْ لَفْرِيجَة جَـاوْ الْخُطَّـارْ
وَهْلْ الْحَوْزْ وُكُلْ مَنْ اتْهَيَّأْ وَعْـرَبْ وَبْرَابَـرْ
وَقْبَايِلْ شَلاَّ انْصِيفْهَا والطَّلْبَـة لَخْيَـارْ (43)
وَخْوَايَجْ هَلْ فَاسْ(44) بَرْزُوا بَمْضَارْبْ وَسْحَاحَرْ
وَخْيَـامْ اعْجِيبَة امْتَحْفَة فُرْجَة لَلنَّظَّـــارْ
وَهْجَايْنْ وَخْيُولْ رَابْضَة وَصْـوَارَمْ وَخْنَاجَـرْ
وَمْكَاحَلْ وَسْنُونْ وَالسّْيُوفْ اتْقَصَّـرْ لَعْمَـارْ
وَوْلاَدْ الْمَلِكْ كَبْدُورْ ضَيْ اسْنَاهُمْ ظَـاهَـرْ
حَفَّتْ بِهُـمْ نَـاسْ لَوْفَا اعْبِيـدْ وُلْحْـرَارْ
نَزْلُوا افْبَابْ افْتُوحْ فَالْقَلْعَة وَنْـوَاوْ الأَجَــرْ
وجْزَمْهُمْ الْوَقْـتْ مَا ابْقَـى لَلْمَحْتَالْ اشْوَارْ
وَالْحَاجْ الطَّالْبْ(45) فاضْ بَحْرُ وَدْفَقْ بَجْوَاهَرْ
وَتْهَيَّأْ لَلْمِيـزْ وَالسّْفَرْ بَالْمَــالْ وُلَجْـوَارْ
وَالدّْوِيدَرْ(46) مَعْلُومْ بَالشّْجَاعَة فَالْهَيْجَا بَاتَـرْ
يَتْقَدَّمْ قُدَّامْ الرَّكْـبْ وَيْهَـدّْ اللِّي جَــارْ
وَالْفَرْسَـانْ امْحَرّْبِينْ وُمِيرْ الْحَجّْ (47) الْغَازَرْ
يَتْقَدَّمْ يَا صَاحْ اللَّكْحَـارْ مَا هَزُّ كُـــدَّارْ
وَشْنَادَقْ (48) فَألْحَرْبْ رَبْيَة فَكْتَافُو تَتْسَاخَـرْ
وُمَمَالَكْ وَعْلُوجْ زَاعْمَة وَالْحُــرَّاسْ اكْثَـارْ
وَمْدَافَعْ وَكْبَارْ الطُّبْجِيَّة (49) عَنْهُمْ تَتْعَابَــرْ
وَفْرَاسَنْ عَنْهَا ايْكَلْ مَنْهُ شَاعَرْ عَيَّــــارْ
وَالْمُخْبِرْ (50) اعْلَى امْطِيْتُو حَامَدْ شَاكَرْ ذَاكَرْ
قَابَضْ شُورُ ابْلَقْوَامْ وَيْطِيرْ امْـعَ لَطْيَارْ (…)

أضف إلى ذلك قصائد الورشان(51) التي يبعثها الشاعر في رسالة حب وشوق لرسول الله صَ، يذكر فيها الأماكن التي يمر منها ركب الحجاج أو المحطات التي يقيم فيها… يقول الحاج إدريس الحنش في قصيدة الورشان من فاس إلى المدينة المنورة وحربتها:


هَاكْ اكْتَابِي يَا حْمَـامْ لَلْمْدِينَـــة
مَنْ أَرْضْ فَاسْ سِيـرْ اتْزُورْ الْمَدَنِي
(...)
اخْرُجْ مَنْ بَابْ افْتُوحْ شُورْ لْقَبْلَة
سَهَّمْ عْلَى سْبُو وَانْتَ فَارَحْ سَالِي
فُوتْ الْعَسَّـالْ مَنْ سْبُـو وَتْعَـالـى
سَهَّمْ عْلَى السّْهِيبْ افْتَلْتْ الْيَالِـي
يَلْقَاكْ الصَّفَّـاحْ وَالشّْعَابْ ايْمِينَــا
خَفّْ لَجْنَاحْ وَقْرَا شَرّْ الْعُرْبَانِــي
وَاشْرَبْ فِي عُقْبْ النّْهَـارْ مَنْ لَعْوِينَة
لَمْكَنّْيَة ابْعِينْ الطَّينْ افْلَوطَاني (...)

ب – الْمَحْمَــل(52)

وعندما يصل الركب المغربي إلى القاهرة ينضم إلى المحمل المصري الذي وصفه الزياني ووصف مظاهر الاحتفال به. ولم يفت شعراء الملحون وصف هذا المهرجان الاحتفالي الكبير وما اشتمل عليه المحمل من كسوة الكعبة المشرفة، وفاخر الحلي والحُلَل... يقول الحاج عمر المراكشي في قصيدة المحمل التي حربتها:

يَا رَبِّي بِكْ لِيكْ كَمَّلْ بَالْخِيرْ اعْلِـيَّ
مَكَّة نَنْظَرْهَا ايْزُولْ كَرْبِــــي
اللاَّيَمْ لاَ تْلُومْنِي كُفّْ اللُّومْ اعْلِــيَّ
نَتْهَى اللاّيَمْ لاَ اتْزِيــدْ عَجْبِـي
مَا نَكْوِيتِي وْلاَ انْظَرْتِي فَرْجَاتْ زْهِيَّـة
افْمَصْرْ تَمَّ زَالْ كَرْبِـــــي
يَوْمْ الْمَحْمَلْ ايدُوزْ لاَبَسْ كَسْوَة عَكْرِيَة
حُسْنْ ابْهَاهْ مَنْ ابْعِيدْ يَسْبِـــي
بَحْلِي وَحْلَلْ وُلَتْفَاتْ وَجْوَامَرْ ذَهْبِيَـة
عَنْ ذَا مَا صَالْ بِهْ عَرْبِــــي
مُوبَّرْ لَكْتَافْ قَصّْتُو تَنْبَاكَنّْ اثْرِيَّـــة
وَمْجَادَلْ لَحْرِيـرْ فَاشْ امْغَبِّــي

بعد هذا، لا يغفل عن ذكر المزارات والأماكن والمحطات التي يجتازها المحمل المصري والركب المغربي انطلاقا من القاهرة إلى أن يصل إلى مكة، حيث توضع الكسوة على ظهر الكعبة...

مَنْ سُوقْ السُّوق يَنْتَقْلْ وَالنُّوبَة حَرْبِيَة
وَجْيُوشْ الْمَصْرِي امْعَ الَمْغَرْبِي
(...) زَارْ الْحُسِينْ وَلْدْ الْمَاجَدْ خَيْرَ لَبْرِيَة
مَنْ بِـه ازْدَادْ شُوقْ حُبِّــي
(...) الْبَابْ النَّصْرَة الْبَرْكَة ايْقَدْمُوا فَعْشِيَة
فَجْيُوشْ حَـارْ شْعَاعْ هَذْبِـي
مَنُّو الْرُوسْ النّْوَابَرْ يَامَنْ هُو فَاهَـــمْ
وَادْ التِّيهْ مَعْلُومْ ابْلَعْلاَمَـــة
مَنُّو رَاحُوا لَلنَّخْلْ بَالْفْرْحْ وُلَكْرَايَـــمْ
مَنْ بَعْدْ مَعْطَـنْ لَحْكَامَــة
لَمْكَنِّي بَزْعَلْكَا وُمْسَمِّي فَلْقَــــادَمْ
مَنُّو سَارُوا مَالْهُــمْ قَامَــة
اسْطَحْ الْكَعْبَة وَصْلُوا رُكَّابْ وُرَجْلِيَــة
ذَاكْ الْهَاذَا امْـدَرْبِــي (...)

وتتعدد الأمثلة والنماذج في موضوع الرحلة الحجازية في الشعر الملحون، إلا أن ما يجب الإشارة إليه هو إمكانية مقارنة قصائد المرحول والورشان والمحمل مع كتب الرحلات(53) ونصوص الرحلات المنظومة في الموضوع(54).
تسجيل الأحداث والوقائع

لم يكتف شعراء الملحون بتدوين أحداث ووقائع مطلع القرن العشرين، بل تفاعلوا مع ماجرياتها، مسجلين ومعلقين على كل شاذة وفادة بأسلوب نقدي تحليلي... ذلك ما سنلاحظه من خلال:

أ – البيعـة الحفيظيـة

كثيرة هي الكتابات التاريخية التي تطرقت للبيعة الحفيظية، سواء باللغة العربية أو باللغات الأجنبية(55)، حيث ركزت على موقف النخبة منها، وأثبتت فتوى علماء فاس في النازلة العزيزية(56). أما موقف العامة – التي كان لها دور فعال في الحدث، وخاصة الحرفيين – فقد عبر على لسانها الشيخ هاشم السعداني(57) بقصيدة يعرض فيها الحيثيات والظروف الزمانية والمكانية والكيفية التي تم بها عقد بيعة أهل فاس (فاتح ذي الحجة 1325 / 5 يناير 1908)، هذه البيعة التي جاءت متأخرة بأربعة أشهر على قيام المولى عبد الحفيظ (بيعة مراكش، 6 شعبان 1325 / 1907) والتي نصت على عدة شروط من بينها، حماية بيضة الإسلام، والحفاظ على سيادة البلاد ووحدتها بالدعوة إلى الجهاد... وقد تضمنت القصيدة كذلك، الدعاء للسلطان المولى عبد الحفيظ، منوهة بكفاءته العلمية وبشجاعته وإقدامه، مبتهلة إلى الله أن يكمل رجاءه للذود عن حوزة الوطن وهذه حربتها:

الله ايْدُوَّمْ الْعَـزّْ وَالنّْصْـرْ وَالْفَتْحْ الْمُبِينْ للَّهْمَامْ الْحَسَانِي
السُّلْطَانْ الْمَخْصُـوصْ بَالْعْنَايَة مَوْلاَيْ حْفِيــــدْ
(...) عَزْلُوا مَنْ ضَلْ وْلاَ ادْرَى ايْدَبَّرْ أَمْرَ لَعْبَادْ بَالشَّرْعْ يَالَخْوَاني
نَظْرُوا إِمَامْ افْضِيلْ عَدْلْ تَقِي عَالَمْ امْجِيــــــدْ
ايْقُومْ بْأَمْرْ الدِّينْ بَالسّْيَاسَة وُلْعْقَلْ الرَّاجَحْ لَفْطِينْ وُدَهْقَانِي
اجْتَمْعَتْ كَلْمَتْهُمْ بَالنّْصَرْ لْمَوْلاَيْ حْفِيــــــدْ
عَقْدُوا لُو الْبَيْعَة فْ «كَطْ»[29] قَعْدَة فَضْرِيخْ إِمَامْ غَرَبْنَا نُورْ عْيَانِي
أَبُو الْعَلاَء ادْرِيسْ بَنْ ادْرِيسْ رَاهْ الله اشْهِيــــدْ
مَنّْ عْلِينَا الْمَوْلَى لَكْرِيمْ قَامْ لأَمِيرْ الْعَالَمْ الشّْرِيفْ الرَّبَّانِي
َبالْعِلْمْ اللَّدُنِِّي احْمَاهْ رَبِّي مَا مْثْلُو سِيــــدْ (...)
كَمّْلْ يَامَوْلاَنَا ارْجَا الأَمِيرْ يَامَرْ ابْلْجْهَادْ جَمْعْ الْبُلْدَانِي
يَغْـزِي الْكُفَّارْ الطَّاغِيينْ وْيْبَدّْدْهُمْ تّبْدِيـــــدْ

إلى أن يقول مؤرخا قصيدته:

تَارِيخْ الْحُلَّة عَامْ «كَهْ نَشْرَ»حْ «لَكْ» [1325] فَنْظَامْ قَيَّدْ فِي عَلْوَانِي
فَتْمَامْ القَعْدَة هَاكْهَا اعْرُوسَة بَالْحُسْـنْ اتْمِيـــدْ

وفي قصيدة ثانية موضوعية بعنوان: «سبب النصر» لنفس الشاعر، تطرق فيها بكثير من التفصيل والتدقيق للأسباب التي مهدت لعقد البيعة الحفيظية، واصفا الحالة التي كانت عليها مدينة فاس قبل وبعد عقدها، مشيدا بالدور الذي لعبه العلماء في هذه النازلة وإجابتهم عن سؤال في شأن السلطان المولى عبد العزيز، وجهه لهم ممثلو سكان فاس بزعامة ابن الوافي(58)، تقول حربة القصيدة:

جَادْ رَبِّي عَطّْفْ عَنَّا امْكلَّـعْ الضِّيـمْ
سِيدْنَا مَوْلاَنَا إدْرِيسْ تَاجْ لَكْــرَامْ
سْفَرْ تَاجْ لَكْرَامْ عَنْ اسْعِيدْ الْكَــفّْ
وَطْلَـبْ نَعْمْ لَكْرِيمْ فَاللُّطْفْ الْخَافِي
وَعْطَاهْ اللَّه كِيفْ يَبْغِي يَتْصَـــرَّفْ
يَدْرَكْ نُورْ لَسْلاَمْ لاَ يَضْحَى طَـافِي
وَبْرَزْ لَمْنَاهَجْ الصّْلاَحْ ابْنَ الْوَافِـي

ثم يواصل في وصف الحالة:

قَامَتْ الدَّنْيَا وْلاَحَدْ كَانْ يَعْــرَافْ
زَالَتْ ارْسَامْ المُلْكْ وَلاَ ابْقَاتْ كُلْفَة
وْرَاجَتْ الْقُومْ وُسَامْ قَلْبْهُمْ تَرْجَـافْ
وْلاَ اتْهَنَّى تَاجْـرْ وَلاَ اخْدِيمْ حَرْفَة

وفي الأبيات الأخيرة نستشف الحس والوعي التاريخيين لدى الشاعر السعداني حينما يقول بصفته شاهد عيان:

خَبَّرْتْ افْحُلْتِي كَمَـا رِيتْ وَسْمَعْتْ
وَالْعَاقَـلْ مَا اخْفَاهْ قَصْدْ الْمَعْنَـاتي
وَالْجَاهْلْ مَا يْلُ ادْرَى لَتْقَاتِـي
كُـلّْ مَا شَفْتْ انْقُولْ فِي اطْرِيزْ لَبْيَاتْ
لَكِنْ الُقُولْ ابْلاَ حُجَّة اكْهِيبْ وَمْقِيتْ
دُونْ تَوْضِيحْ ايْفْهْمُوا فَاللّْغَا الدُّهَـاتْ
كُلْ لَفْظَة تُنْبِي عَنْ مَا اخْفِيتْ وَطْوِيتْ
(...)

ب – السلطان المولى عبد الحفيظ والحماية:

عبر السلطان الحفيظ عن موقفه من الحماية والحماة وخصوصا المحميين الذين تلاعبوا بمصلحة البلاد، مقابل مصلحتهم الشخصية، فلم يقوموا بما تفرضه عليهم آصرة الدين والوطن، فعاتوا في الأرض فسادا. ولم تنلهم – مع الأسف – الأحكام والعقوبات... وكان تعبيره عن موقفه نثرا بمخطوطته: داء العطب قديم(59) وشعرا بعدة قصائد فصيحة(60)، ولكن لا تكتمل صورة وحقيقة الموقف الحفيظي من خلال نثره وشعره الفصيح، إلا بالإطلاع على شعره الملحون ودراسته والذي أفرغ فيه ما كان يعتمل في نفسه وقلبه وعقله، ألما وحسرة على من باعوا دينهم بدنياهم، وتقاعسوا في أمر الجهاد. وعلى من تقوَّلُوا فيه والمتجنِّين عليه، فنعتوه بالخيانة والمضاربة بالمصلحة العليا للوطن. يقول السلطان العالم الشاعر المولى عبد الحفيظ في أول قصيدة افتتح بها ديوانه المطبوع على الحجر وحربتها:

بَالنّْببي وَاصْحَابُو وَكْرَامْهَا وُلْفْضَـالْ
غِيثْ هَاذْ الْغَرْبْ وَطْرَدْ كُلّْ ضَالِـي
هَكْذَا حَالْ الْوَقْتْ وُمَا اخْفَاكْ مَقْوَالْ
وَطْبَايَعْ الْخَلْقْ اقْضَـاتْ ابْلَهْوَالِـي
وَالدِّينْ ابْغُرْبَة نَكْسَاوُزَادْتُو اوْحَــالْ
وَاللِّي يَتْعَفَّفْ يُدْعَى بَالْمْحَالِي (...)
ضَاقْ مَذْهَبْ الْحَقّْ وُبَانْ كُـلْ مُخْتَالْ
كَانْ يَرْصَدْ الْوَقْتْ الْذِي ايْكُونْ تَالي
مَا اوْفَاوْ ابْوَكَدْ لَعْهُودْ نَاسْ لَجْيَــالْ
وَلاَ ادْعَاوْ الْحُرْمَة لَحْفَادْ وْلَقْيَـالِي
حَالْهُمْ انْمَثَّلْ حَرْبَة افطَرْزْ لَفْعَـــالْ
مَا اتْكِيدْ تَجْبَرْ ارْجَالْ ابْلَمْعَالــي
اتْشُوفْهُمْ افْتَقْوِيمْ الْجَسْدْ نّاسْ عُقَّـالْ
حِينْ يَنْطَقْ اتْظْنّْ امْثِيلْ الْبَرْتْقَالِي (...)
(...) مَا سَمْعُوا بْالحْدِيثْ مَا فَقْهُوا تَنْزيلْ
وَلاَ يَدْريوْا فَنْ مَعْنَـى افْتَرْتِيــلا
نَحْكِيهُمْ كَحْمِيـرْ بَحْمُـولْ اثْقِيلَــة
غَرّْهُمْ الشِّيطَـانْ اوْلاَ ادْرَاوْ لَمْـــآلْ
وِيلْهُمْ مَا سَمْعُوا مَا فَاتْ افْلَجْيَـالِي
زَادْ لْهُمْ حُبَّانْ فَلْفَانيَـة فْالأعْمَـــالْ
مَا اقْرَاوْ الْحُرْمَـة لَلنَّايَـرْ بْلَقْوَالي(61)

تلك بعض النماذج من قصائد الملحون، في مواضيع مختلفة من تاريخ المغرب وحضارته، حاولت من خلالها تبيان مدى توازي وتكامل هذا اللون من الأدب الشعبي مع النصوص التاريخية وإبراز أهميته وقيمته في إغناء البحث التاريخي.
تسجيل الأحداث والوقائع

لم يكتف شعراء الملحون بتدوين أحداث ووقائع مطلع القرن العشرين، بل تفاعلوا مع ماجرياتها، مسجلين ومعلقين على كل شاذة وفادة بأسلوب نقدي تحليلي... ذلك ما سنلاحظه من خلال:

أ – البيعـة الحفيظيـة

كثيرة هي الكتابات التاريخية التي تطرقت للبيعة الحفيظية، سواء باللغة العربية أو باللغات الأجنبية(55)، حيث ركزت على موقف النخبة منها، وأثبتت فتوى علماء فاس في النازلة العزيزية(56). أما موقف العامة – التي كان لها دور فعال في الحدث، وخاصة الحرفيين – فقد عبر على لسانها الشيخ هاشم السعداني(57) بقصيدة يعرض فيها الحيثيات والظروف الزمانية والمكانية والكيفية التي تم بها عقد بيعة أهل فاس (فاتح ذي الحجة 1325 / 5 يناير 1908)، هذه البيعة التي جاءت متأخرة بأربعة أشهر على قيام المولى عبد الحفيظ (بيعة مراكش، 6 شعبان 1325 / 1907) والتي نصت على عدة شروط من بينها، حماية بيضة الإسلام، والحفاظ على سيادة البلاد ووحدتها بالدعوة إلى الجهاد... وقد تضمنت القصيدة كذلك، الدعاء للسلطان المولى عبد الحفيظ، منوهة بكفاءته العلمية وبشجاعته وإقدامه، مبتهلة إلى الله أن يكمل رجاءه للذود عن حوزة الوطن وهذه حربتها:

الله ايْدُوَّمْ الْعَـزّْ وَالنّْصْـرْ وَالْفَتْحْ الْمُبِينْ للَّهْمَامْ الْحَسَانِي
السُّلْطَانْ الْمَخْصُـوصْ بَالْعْنَايَة مَوْلاَيْ حْفِيــــدْ
(...) عَزْلُوا مَنْ ضَلْ وْلاَ ادْرَى ايْدَبَّرْ أَمْرَ لَعْبَادْ بَالشَّرْعْ يَالَخْوَاني
نَظْرُوا إِمَامْ افْضِيلْ عَدْلْ تَقِي عَالَمْ امْجِيــــــدْ
ايْقُومْ بْأَمْرْ الدِّينْ بَالسّْيَاسَة وُلْعْقَلْ الرَّاجَحْ لَفْطِينْ وُدَهْقَانِي
اجْتَمْعَتْ كَلْمَتْهُمْ بَالنّْصَرْ لْمَوْلاَيْ حْفِيــــــدْ
عَقْدُوا لُو الْبَيْعَة فْ «كَطْ»[29] قَعْدَة فَضْرِيخْ إِمَامْ غَرَبْنَا نُورْ عْيَانِي
أَبُو الْعَلاَء ادْرِيسْ بَنْ ادْرِيسْ رَاهْ الله اشْهِيــــدْ
مَنّْ عْلِينَا الْمَوْلَى لَكْرِيمْ قَامْ لأَمِيرْ الْعَالَمْ الشّْرِيفْ الرَّبَّانِي
َبالْعِلْمْ اللَّدُنِِّي احْمَاهْ رَبِّي مَا مْثْلُو سِيــــدْ (...)
كَمّْلْ يَامَوْلاَنَا ارْجَا الأَمِيرْ يَامَرْ ابْلْجْهَادْ جَمْعْ الْبُلْدَانِي
يَغْـزِي الْكُفَّارْ الطَّاغِيينْ وْيْبَدّْدْهُمْ تّبْدِيـــــدْ

إلى أن يقول مؤرخا قصيدته:

تَارِيخْ الْحُلَّة عَامْ «كَهْ نَشْرَ»حْ «لَكْ» [1325] فَنْظَامْ قَيَّدْ فِي عَلْوَانِي
فَتْمَامْ القَعْدَة هَاكْهَا اعْرُوسَة بَالْحُسْـنْ اتْمِيـــدْ

وفي قصيدة ثانية موضوعية بعنوان: «سبب النصر» لنفس الشاعر، تطرق فيها بكثير من التفصيل والتدقيق للأسباب التي مهدت لعقد البيعة الحفيظية، واصفا الحالة التي كانت عليها مدينة فاس قبل وبعد عقدها، مشيدا بالدور الذي لعبه العلماء في هذه النازلة وإجابتهم عن سؤال في شأن السلطان المولى عبد العزيز، وجهه لهم ممثلو سكان فاس بزعامة ابن الوافي(58)، تقول حربة القصيدة:

جَادْ رَبِّي عَطّْفْ عَنَّا امْكلَّـعْ الضِّيـمْ
سِيدْنَا مَوْلاَنَا إدْرِيسْ تَاجْ لَكْــرَامْ
سْفَرْ تَاجْ لَكْرَامْ عَنْ اسْعِيدْ الْكَــفّْ
وَطْلَـبْ نَعْمْ لَكْرِيمْ فَاللُّطْفْ الْخَافِي
وَعْطَاهْ اللَّه كِيفْ يَبْغِي يَتْصَـــرَّفْ
يَدْرَكْ نُورْ لَسْلاَمْ لاَ يَضْحَى طَـافِي
وَبْرَزْ لَمْنَاهَجْ الصّْلاَحْ ابْنَ الْوَافِـي

ثم يواصل في وصف الحالة:

قَامَتْ الدَّنْيَا وْلاَحَدْ كَانْ يَعْــرَافْ
زَالَتْ ارْسَامْ المُلْكْ وَلاَ ابْقَاتْ كُلْفَة
وْرَاجَتْ الْقُومْ وُسَامْ قَلْبْهُمْ تَرْجَـافْ
وْلاَ اتْهَنَّى تَاجْـرْ وَلاَ اخْدِيمْ حَرْفَة

وفي الأبيات الأخيرة نستشف الحس والوعي التاريخيين لدى الشاعر السعداني حينما يقول بصفته شاهد عيان:

خَبَّرْتْ افْحُلْتِي كَمَـا رِيتْ وَسْمَعْتْ
وَالْعَاقَـلْ مَا اخْفَاهْ قَصْدْ الْمَعْنَـاتي
وَالْجَاهْلْ مَا يْلُ ادْرَى لَتْقَاتِـي
كُـلّْ مَا شَفْتْ انْقُولْ فِي اطْرِيزْ لَبْيَاتْ
لَكِنْ الُقُولْ ابْلاَ حُجَّة اكْهِيبْ وَمْقِيتْ
دُونْ تَوْضِيحْ ايْفْهْمُوا فَاللّْغَا الدُّهَـاتْ
كُلْ لَفْظَة تُنْبِي عَنْ مَا اخْفِيتْ وَطْوِيتْ
(...)

ب – السلطان المولى عبد الحفيظ والحماية:

عبر السلطان الحفيظ عن موقفه من الحماية والحماة وخصوصا المحميين الذين تلاعبوا بمصلحة البلاد، مقابل مصلحتهم الشخصية، فلم يقوموا بما تفرضه عليهم آصرة الدين والوطن، فعاتوا في الأرض فسادا. ولم تنلهم – مع الأسف – الأحكام والعقوبات... وكان تعبيره عن موقفه نثرا بمخطوطته: داء العطب قديم(59) وشعرا بعدة قصائد فصيحة(60)، ولكن لا تكتمل صورة وحقيقة الموقف الحفيظي من خلال نثره وشعره الفصيح، إلا بالإطلاع على شعره الملحون ودراسته والذي أفرغ فيه ما كان يعتمل في نفسه وقلبه وعقله، ألما وحسرة على من باعوا دينهم بدنياهم، وتقاعسوا في أمر الجهاد. وعلى من تقوَّلُوا فيه والمتجنِّين عليه، فنعتوه بالخيانة والمضاربة بالمصلحة العليا للوطن. يقول السلطان العالم الشاعر المولى عبد الحفيظ في أول قصيدة افتتح بها ديوانه المطبوع على الحجر وحربتها:

بَالنّْببي وَاصْحَابُو وَكْرَامْهَا وُلْفْضَـالْ
غِيثْ هَاذْ الْغَرْبْ وَطْرَدْ كُلّْ ضَالِـي
هَكْذَا حَالْ الْوَقْتْ وُمَا اخْفَاكْ مَقْوَالْ
وَطْبَايَعْ الْخَلْقْ اقْضَـاتْ ابْلَهْوَالِـي
وَالدِّينْ ابْغُرْبَة نَكْسَاوُزَادْتُو اوْحَــالْ
وَاللِّي يَتْعَفَّفْ يُدْعَى بَالْمْحَالِي (...)
ضَاقْ مَذْهَبْ الْحَقّْ وُبَانْ كُـلْ مُخْتَالْ
كَانْ يَرْصَدْ الْوَقْتْ الْذِي ايْكُونْ تَالي
مَا اوْفَاوْ ابْوَكَدْ لَعْهُودْ نَاسْ لَجْيَــالْ
وَلاَ ادْعَاوْ الْحُرْمَة لَحْفَادْ وْلَقْيَـالِي
حَالْهُمْ انْمَثَّلْ حَرْبَة افطَرْزْ لَفْعَـــالْ
مَا اتْكِيدْ تَجْبَرْ ارْجَالْ ابْلَمْعَالــي
اتْشُوفْهُمْ افْتَقْوِيمْ الْجَسْدْ نّاسْ عُقَّـالْ
حِينْ يَنْطَقْ اتْظْنّْ امْثِيلْ الْبَرْتْقَالِي (...)
(...) مَا سَمْعُوا بْالحْدِيثْ مَا فَقْهُوا تَنْزيلْ
وَلاَ يَدْريوْا فَنْ مَعْنَـى افْتَرْتِيــلا
نَحْكِيهُمْ كَحْمِيـرْ بَحْمُـولْ اثْقِيلَــة
غَرّْهُمْ الشِّيطَـانْ اوْلاَ ادْرَاوْ لَمْـــآلْ
وِيلْهُمْ مَا سَمْعُوا مَا فَاتْ افْلَجْيَـالِي
زَادْ لْهُمْ حُبَّانْ فَلْفَانيَـة فْالأعْمَـــالْ
مَا اقْرَاوْ الْحُرْمَـة لَلنَّايَـرْ بْلَقْوَالي(61)

تلك بعض النماذج من قصائد الملحون، في مواضيع مختلفة من تاريخ المغرب وحضارته، حاولت من خلالها تبيان مدى توازي وتكامل هذا اللون من الأدب الشعبي مع النصوص التاريخية وإبراز أهميته وقيمته في إغناء البحث التاريخي.

..
رد مع اقتباس
  #107  
قديم 14/09/2010, 23h01
الصورة الرمزية starziko
starziko starziko غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:510608
 
تاريخ التسجيل: avril 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 129
Post قصيدة الملحون وتأثيرها على الفنون الموسيقية المجاورة

قصيدة الملحون وتأثيرها على الفنون الموسيقية المجاورة


إنجازالطالبة الباحثة عزيزة البغدادي

مدخل: من نشأة الزجل إلى قصيدة الملحون.

لقد تعرض شعرنا العربي إلى أنواع من الهزات التجديدية التي نأت به عما عرفه الذوق العربي القديم، إن على مستوى الأغراض، أو على مستوى الإيقاع. ولا يسمح المقام بتفصيل المراحل التي مر منها ولكننا سنحاول فقط فرش أرضية نمهد بها إلى نشأة قصيدة الملحون. انطلاقا من عهد المرابطين والموحدين (462 – 541 – 613 هـ) هذا العهد الذي عرف نهضة موسيقية عظيمة، لمعت في سمائها أسماء ذاع صيتها في الآفاق، ولعل اسم "ابن باجة" مثبت في أعلى قائمتها. إذ أفضت جهوده في هذا المجال خاصة، "إلى خلق أجواء فنية حافلة بصنوف الإبداع، إن على مستوى النظم أو التلحين أو الغناء".

وتلبية لحاجات القوالب الموسيقية الجديدة المبتدعة، حاول الشعراء استحداث فن شعري يتناسب وهذا التجديد، فاخترعوا الموشحات بأوزان "أحفل بالغناء والتلحين، الذي كان ضروريا عند أهل الأندلس، من أوزان الشعر" فطوروها ونمقوها بدليل ما ذهب إليه ابن خلدون في سياق حديثه عن نشأة الموشحات حين قال: "وأما أهل الأندلس، فلما كثر الشعر في قطرهم، وتهذبت مناحيه وفنونه، وبلغ التنميق فيه الغاية، استحدث المتأخرون منهم فنا أسموه بالموشح، ينظمونه أسماطا أسماطا وأغصانا أغصانا ...".

ولم يكن الوشاح، حينذاك، يحترم غير الإيقاع بوجهيه؛ الموسيقي الأندلسي الذي يفرض عليه اختيار البحر الشعري الذي سيملأ اللحن ويلائمه، وكذا العروضي المنسجم مع وضع اللحن وإيقاعه.

وبعد الموشحات شاعت الأزجال في الأندلس باللغة المحلية، ويصف ابن خلدون هذا الانتقال من الموشحات إلى الأزجال قائلا: "ولما شاع فن التوشيح في الأندلس وأخذ به الجمهور لسلاسته وتنميق كلامه وترصيع أجزائه، نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله ونظموا في طريقته بلغتهم الحضرية من غير أن يلتزموا فيها إعرابا، واستحدثوا فنا سموه بالزجل، والتزم النظم فيه على مناحيهم إلى هذا العهد"، "فاتخذه عدد جم من أهل الفن وسيلة للتعبير عن مشاعرهم ...، ووجد فيه كثير من الناس صورة حية لنفوسهم وللمجتمع الذي يحيط بهم، ... فبلغوا فيه الغاية، وأتقنوه إتقانا، وبثوا فيه حياة، وطوعوه لشتى الأغراض تطويعا".

وقد ظهر تأثر هذا الفن بالشعر المعرب ظهورا وجليا، إن من حيث شكله الخارجي، أو من حيث أخيلته، أو من حيث لغته، "فلم يكن شعرا شعبيا بالمعنى الدقيق لكلمة شعبي، لأنه كان من إنتاج طبقة على حظ غير قليل من الثقافة العربية القديمة، .... وكذلك الأمر فيما يتصل بلغته، فإنها لم تكن لغة عامية خالصة، بل كانت تزاحمها أحيانا لغة الكتابة، ولذلك كانت مفهومة أو شبه مفهومة".

ولما كانت السيادة والنفوذ المرابطيان تطالان كلا من المغرب والأندلس، كان انتقال الزجل إلى المغرب نتيجة طبيعية لتثاقف أهل العدوتين، خاصة بعد زوال الحواجز الجغرافية والسياسية والاقتصادية ، وهو ما شكل الإرهاصات الأولى لنشأة قصيدة الملحون..

I ـ قصيدة الملحون كلون من ألوان التراث الأدبي الشعبي

ـ مدخل: أ ـ التراث الشعبـي

ب ـ التراث الأدبي الشعبي: الملحون.

والملحون فن ستبوأ أولى مراتب الإبداع التراثي الأدبي الشعبي وأعلاها، ولا ضير في أن نتحدث قليلا عن التراث الأدبي الشعبي قبل نسبة فن الملحون إليه.

إن التراث الأدبي الشعبي، تراث "ينبعث من أعمال أجيال عديدة من البشرية، من ضرورات حياتها وعلاقاتها، من أفراحها وأحزانها" ، فهو يهتم بالذات فيعتني بها ويغوص إلى عمق ما هو حميمي فيها، وخاصة فيما يربط الإنسان بكينونته الممتدة في جذور الزمن، وليس المورقة في أغصان التاريخ فقط، أي في ما يدخل في نسيج النفسية الجماعية بكل تقاطعاتها الداخلية والخارجية، لأن التراث الأدبي الشعبي ما هو إلا ترجمة للروح الجماعية، إنه الحامل الأمثل والرافد الأقرب لتمثلات الجماعة وفلسفتها، ونظرتها للوجود بوجهيه الحسي والغيبـي.

والتراث الأدبي الشعبي المغربي ضروب وأنواع متعددة، يتبوأ الملحون فيها ـ كما سبق الذكر ـ أولى مراتب الإبداع، فهو "ديوان المغاربة وسجل حضارتهم، وهو ذو قيمة مزدوجة، فنية وجمالية، ثم ثقافية وحضارية".

وهو كذلك لأنه واكب الأمة المغربية، فعبر عن كل عواطفها، ووصف كل مظاهر حياتها.

1 ـ قصيدة الملحون:

وتشير المصادر إلى أن أول بواكير فن الملحون قد ظهرت في العهد الموحدي، أي في القرن السابع للهجرة، إذ تطورت عن قصيدة الزجل في إطار الانعتاق والتحرر من بحور الخليل وكذا من صرامة اللغة المعربة.

"فالملحون، إذن، كلمة أطلقت على القصية الزجلية بالمغرب".

ولم تكن هذه القصيدة على جانب من التعقيد، بل كانت بسيطة، إن في أسلوبها الشعري، أو في جانبها الشكلي، إذ لم يكن الزجالون ينظمون في غير "الميت" وبالأخص البحر "المثنى" منه.

ولم يعترف بقصيدة الملحون إلا بعد أن كمل نضجها، وأصبح فنانوها ومنشدوها يأتثون البلاط السلطاني على العهد السعدي، واعتبارا من هذا العهد، أضحت هذه القصيدة ظاهرة أدبية معترفا بها وبقدرة شعرائها الذين طوروا قوالبها الشعرية، ونوعوا الموضوعات التي عالجوها، كما تطور أسلوب الغناء والإيقاع، وتغيرت الآلات الموسيقية.

2 ـ أغراض قصيدة الملحون:

وقد واكبت قصيدة الملحون الأمة المغربية، فعبرت عن كل عواطفها، ووصفت كل مظاهر حياتها الاجتماعية، وخاضت في كل فنون الشعر، ما يجعلني أزعم ـ مع من سبقوني لطرق باب دراستها أنها موازية للشعر العربي الفصيح من حيث هي مواضيع وأغراض، بل تفوقها من حيث هي معان.

ونذكر من بين المواضيع التي اختارها الزجالون أغراض لقصائدهم، موضوع التوسل وهو موضوع يشمل قصائد الندم والتوبة، وقصائد التضرع والاستغفار، وقصائد التسبيح والحمد ... وتصطبغ مضامينه بالكثير من المناجاة الروحية العالية المطبوعة بخالص الصدق والإشراقات الروحانية التي تخترق الحدود وتحلق عالية فوق الوجود.

ومن القصائد الرائعة في هذا الغرض؛ قصيدة "التوسل" لسيدي قدور العلمي . يقول في "قسمها" الأول:

يا الواجد بالصرخا عن ضيقت الحال

جل مولانا عن شبه المثال عالـــي

غيثني يتفجى كربي نلوح لهـــوال

خاطري يتهنا قلبي يعود سالـــي

لين يركن من بارتلوا جميع لحيــال

عاد منزل ديوانو بلكدار مالـــي

ادخيلك يا سيدي بالأنبياء والارسال

ادخيلك يا سيدي بجاه كل والــي

ادخيلك بالسدات الصالحين لفضـال

ولقطاب ولجراس وساير البدالـــي


وجعل شاعر الملحون من الوصايا والحكم والمواعظ أساسا لشعره وغرضا من أغراضه، قصد ترسيخ القيم المثلى وتجنب الوقوع في مخالب الدنيا وشهواتها، فكانت بذلك "الوصيات" أو الوصايات"قصائد أنشدت في هذا الغرض، انطلقا من فكرة ".... ضرورة إعادة بناء الإنسان وصقل شخصيته وتنمية مواهبه وقدراته واستعداداته، وتطوير فكره وذهنه وتحريره من رواسب الماضي وشوائب الحضارة الغربية ... في سبيل الحفاظ على شخصيته، وكيان وطنه، والسعي الجاد لتحصيل أكبر قدر ممكن من العلم والثقافة مع تأصيل القيم الإنسانية".

ومن أمثلة هذه القصائد "الوصايا الصغيرة" لسيدي محمد بن علي ولد أرزيـن وجاء فيها:

بعض الناس احباب درتهوم نوجدهم عدايا

من عدالى كرهنا حصــــــل

وعييت نهادي فحيهوم ماداروا بهدايــا

كـل مادارونـــا وصــــل

....

إلى أن يقول:

عاشوا في تمثيل واهيات عالوجود سهايا

ما شافـو فيها اللي رحـــــــل

وين اللي كانوا قبلهم وعلى الموت سهايا

ساروا وبقاد الغا نقــــــــل

ومن المواضيع التي أبدع فيها شعراء الملحون، موضوع الغزل، العشاقي
، وما يدور في فلكه من أغراض شبيهة ومماثلة قد تتعدى النسيب، والغرام، إلى الطبيعة والتصوف، ثم الخواطر والخيال الجامح.

ويعد الشيخ التهامي المدغري، شاعر المرأة بامتياز، ومجدد الغزل أي العشاقي. وله قصائد كثيرة منها قصيدة "الكناوي" يقول في حربتها:

ألايم حالي محاوري عنك ما يخفاوا خدي في حالا وخد من نهواها راوي

وجنتها ناري وخالها مولاتي زهوا


ولم يترك شعراء الملحون موضوعا إلا ونظموا فيه قصائد تتعدد معانيها بتعدد عقلياتهم وأفكارهم، وفلسفات حياتهم، ولن يسمح المقام بذكر كل الأغراض الملحونية والتمثيل لها.

3 ـ الخصائص الشكلية والإيقاعية لقصيدة الملحون:

وأما شكل قصيدة الملحون، فلا يبتعد عما ألفناه في موروثنا الأدبي من أنماط شعرية مختلفة الأشكال. وقد ذكر ابن خلدون أن أهل الأمصار بالمغرب استحدثوا فنا على طريقة الموشح ونوعوه أصنافا إلى المزدوج ، والكاري، والملعبة ، والغزل ....

وتنقسم قصيدة الملحون من حيث التنميط الشعري إلى ثلاثة أنماط. أولها المبيت، وهو نمط يقابل القصيدة العمودية في الفصيح، مبدئيا، ولعل لفظ "المبيت" يوحي باشتقاقه من البيت بصيغة مفعول، ويعني الأبيات الشعرية التي تتكون منها القصيدة
رد مع اقتباس
  #108  
قديم 15/09/2010, 21h57
الصورة الرمزية starziko
starziko starziko غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:510608
 
تاريخ التسجيل: avril 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 129
Post الملحون في المغرب

الملحون في المغرب-ج 1


قيمته الفنية وبعض آفاق اشتغاله


د.عبد الوهاب الفيلالي

الملحون تراث والتراث أبو الحداثة. ولا تبنى الحداثة إلا بالحوار المستمر بين حاضر الإنسان وماضيه ومستقبله، وكلما استمر هذا الحوار في الوجود وتمادى في الإنتاج اتضحت نفعية هذا التراث أكثر، وبرزت نجاعة أساليب الحوار المعتمدة معه.
إن هذا العدد من مجلة فكر ونقد إسهام فعال في مشروع حوار جاد مع تراث الملحون، ينبغي ألا يتوقف، بل يتطور فيشمل مختلف ألوان التراث المغربي الحبلى بخصوصيتنا المغربية الثقافية؛ الفنية والفكرية والحضارية.
إن القضية، إذن، قضية هوية وكيان، خاصة عندما يتعلق الأمر بتراث أصيل ومتجذر مثل فن الملحون الذي عدٌه محمد الفاسي- فأصاب – ديوان المغرب وسجل حضارته1.
نعم، الملحون ديوان المغاربة وسجل حضارتهم، وهو ذو قيمة مزدوجة، فنية وجمالية، ثم ثقافية وحضارية. ويكفي أن نعود إلى قسم التراجم من "معلمة الملحون"2 - مثلا- لنتبين قوة انتشار هذا التراث واتساعه في الزمان والمكان، أما كتاب "القصيدة3 للدكتور عباس الجراري فيكفيك لتكتشف شساعة المعاني وعمق الأفكار وقيمة الفوائد المبثوثة في الشعر الملحون، وكذا تنوع بنائه وبحوره…. ومن ثمة، يكون هذا التأليف وذاك وغيرهما، مثل بعض كتابات عبد الرحمان الملحوني4 وكتاب "الملحون المغربي"5 لأحمد سهوم، مدعاة للمزيد من البحث والتنقيب في تراث الملحون...
يتمتع فن الملحون، إذن، بمجموعة من أنواع ومظاهر القيمة - شعرا وإنشادا – مما يجعله مؤهلا بامتياز للتقاطع مع العديد من فنون القول والتفاعل مع عدد من ألوان الإبداع.
هذا وذاك ما نروم الإفصاح عنهما من خلال تتبع بعض مظاهر القيمة الفنية للملحون، مركزين على جانب النظم فيه أكثر من الإنشاد، ثم راصدين بعض آفاق اشتغاله في ذاته وفي تواصل مع غيره.
القيمـــــة الفنيــة
الملحون فن شعري وإنشادي غنائي متميز، وقد يكفي السامعَ سماعُه وتذوقُه الانطباعي تَعَبَ البحث عن بواعث ومظاهر قيمته الفنية وكوامنه الجمالية. وإذا كان هذا شعور جل أو كل المتلقين، فإنه من الدواعي الأكيدة عند الباحث في فن الملحون لرصد تلك البواعث والتجليات، وتفحصها بعناية تامة حتى تتكشف أسرار قوة تأثيره الفنية في السامع المتذوق وفي غيره من الفنون الحديثة.
ولما كانت المظاهر الغنائية للقيمة الفنية للملحون كامنة في التوليف القائم بين الآلات الموسيقية الأصيلة، والمقامات والطبوع، وصوت المنشد، وما يثيره فعل الغناء من شعور في نفس المتلقي في المغرب وخارجه، ويورثه من إنجازات- جوائز و أوسمة- في منتديات ومحافل دولية في مختلف أصقاع العالم، وكان ذلك من اختصاص الباحث في فن الموسيقى والغناء، انصب اهتمامنا على الشعر الملحون الذي خلصنا إلى قيمته الفنية من خلال استجلاء مجموعة من بواعثها وتجلياتها، نورد بعضها تباعا كالآتي :
أولا : تتفاعل في نسج قصيدة الملحون مقومات وآليات الاشتغال الفنية المتداولة في اللغة الشعرية مع بروز بعضها، مثل الحكي أو القص، والحوار، والوصف والتشخيص، مع الانفتاح على أفق الخيال المبدع للصور المتجاوزة أحيانا كثيرة مستوى الصور التشبيهية التقريبية والجزئية أو الصغرى إلى الرمز والإشارة والصور الكلية الرؤياوية التلويحية المنتجة للمعنى الإيحائي والصادرة عن مستوى "الإدراك الحلم"، في مثل بعض قصائد الملحون الصوفي عند عبد القادر العلمي ("الساقي"-"البستان")، ومحمد الحراق، وأحمد بن عبد القادر التستاوتي، والفلوس، وغيرهم، وأيضا في العديد من قصائد الغزل، عند أمثال الجيلالي متيرد والتهامي المدغري، وفي بعض "الجفريات" وقصائد "الحجام"و "الشمعة"، حيث يكون النص فضاء سفر في الزمن النفسي، ويكون كل واحد من مكونات العالم الخارجي الحاضرة فيه جزءا من صورة العالم النفسي الداخلي وحلم اليقظة الذي تصبو إليه الذات.
وفق هذا الطرح الرمزي الإيحائي ينبغي أن تقرأ الكثير من قصائد الملحون، مثل قصيدة "البستان" و" الساقي" لعبد القادر العلمي، وقصيدة "الشمعة" لابن علي وغيرها. فهي من صنف الصورة الرؤيا6 و مستوى مقام الكشف في الإبداع الفني، "فالساقي"7 - مثلا- مأوى لتجربة روحية ذوقية، ولطموح صوفي يسمو على المظهر المادي المدنس إلى الباطن الروحي المقدس، المتجلي في وصال الحق، والنعيم بصفاء الحياة الصوفية، ورؤية نوره سبحانه بعين البصيرة، رؤية ذوقية قلبية، تفاعلت في بنائها عناصر الطبيعة بأشجارها وأزهارها وأطيارها، وليلها وفجرها ونهارها، والسكر بخمره وأوانيها المتميزة، ومجالسه وطقوسه التي تتفاعل فيها المرأة الجميلة والموسيقى المثيرة والطرب واللهو والزهو…. ومن أقسام القصيدة التي تجتمع فيها تلك العناصر قول العلمي :
رَاحْ الليـل وَلا ابْقَا الاَّ و قت المعَانْقَا كَبّْ ارَى وَرْخِ الرّْوَاقْ
اولشجَـار الباسقـا اوْ لطْيارْ الناطْقَا عمّـرَاتْ بَلْغَاهَا اسْوَاقْ
كبّْ الصهبا الخَارْقا مَنْ كيسان لَبْنَادْقَا منْ زِاجْ ابْلاَد العْـرَاقْ
تَظْهَرْ خَمْرَا بارقـا فَا لْلأواني شارقا كِلُونْ اسْحِيقْ الرهَـاقْ
غنيّ بَشْعَــارْ القدَّام وذْكِرْ طَبْعْ العُشِّاقي مَتَّغني فجْمَال صُورتَكْ والحَاضَكْ لغْسِيقَا ياخَدْ الوَرْدْ الشَريقْ
بَصْنَايَعْ وسْجولْ والتواشَحْ مَنْ شُغْل دْوَاقِي وَذْكَرْ قُصْدَان اكْبَاحْ وبْرَاوَلْ فَتْرُونِيقَا
منْ طَرْز الحَبْر اللبِيقْ
إذا كانت تلكم حال الصور الرمزية أو الكبرى فإن الصور التشبيهية أو الجزئية لا تخلو بدورها من قيمة فنية، من ملامحها بساطتها المحافظة على تواصل شاعر الملحون مع وسطه الشعبي الذي أنجبه وشعره، والسمو بالمحبوبة في قصائد الغزل فوق باقي الموجودات التي جرت العادة أن يشبه بها جمالها، من خلال قلب الأدوار بين المشبه والمشبه به، مثل تشبيه عيون الظبي بعيون المحبوبة في قول الحاج ادريس بن علي السناني لحنش من قصيدة "ياسمين" :
وعيون كعْيون الظَّبِي اسْرَادَا مْهَدْبِينْ وَيلا نْجِيوْ لَلْحَقْ الغْزَالْ ايْغِيرْ مَنْ اهْدَابَكْ.
وسمو ضياء جمالها على نور الشمس ساعة الضحى في قوله من القصيدة عينها :
انْتِ الِّي اعْلاَ شَانَكْ عَلْ لَبْنَات كاملين والشمس فالضحى تَسْتَحْي، تَغِيرْ مَنْ خيْالَكْ
وعلو مقامها على كل مصادر الضوء في النهار والليل في قول محمد بن علي ولد ارزين في قصيدته "زينب" :
مَا مْثِلَكْ بَدْرْ افْغِيهَابْ والنهار اشْموسو فَمَامْ صورتك مَرْهُوبَا
بِيك يَسْري كَمَّنْ كُوكَبْ
كل هذه الصور الصغرى توحي بمكانة المحبوبة في نفس الشاعر، وما يكنه لها من ودٍّ يتجاوز الحدود الفاصلة بين الموجودات ومظاهر الطبيعة الأرضية والسماوية، فتغدو جميعا في خدمة المحبوب النموذج أو المثال وكشف عاطفة الشاعر تجاهها، ترمي كلها إلى معادلة اللغة للعاطفة معادلة موضوعية تتحول معها المبالغة إلى مكون فني محمود ومطلوب، كما في قول التهامي المدغري من قصيدة "عين الحرشا" :
عينو اسباب ديك النار الشعالا شفت عين ادّوَّب لحبل وتوكح لبحور بَعدا تَملا
ثــــانيا : لم يكتف شاعر الملحون بمصدر واحد في بناء صوره، وإذا كانت النماذج التي أوردنا ضمن إبراز بعض الملامح الفنية في الصور الصغرى التقريبية مستقاة من الفضاء الطبيعي، فاءن الطبيعة لم تشكل الرافد الأوحد للصورة الشعرية في فن الملحون، وإن حضرت بقوة، إذ هناك – فضلا عنها وعن خيال الشاعر – الحضارة المغربية بمختلف تجلياتها، كل حسب منطقته ومجال عيشه وفسحة حركته وتنقله، وهناك أيضا الواقع المغربي الديني الأخلاقي، والاجتماعي الحياتي اليومي، والحربي…، وثقافة الشاعر التي تتجلى فيما يستدعيه من شخصيات تراثية أو أسطورية، وأحداث ووقائع ومعارف في شتى مجالات المعرفة الفكرية والعلمية؛ الدينية والفلسفية والصوفية والأدبية….
للتمثيل فقط، نلاحظ أن الصورة الشعرية في شعر شاعر فاس محمد بن سليمان تتقاطع في بنائها عناصر الطبيعة، والحضارة الفاسية – خاصة – بأثوابها وملابسها، وعمرانها ومعمارها، وعاداتها وتقاليدها، وموسيقاها ومجالسها…، وقصيدته "الحجام" نموذج لأثر هذا المدار الحضاري في صوره، ينضاف إلى ذلك واقع الحروب والصراع بين القبائل والثورات على فاس عاصمة البلاد (جروان- بني مطير- آيت أومالو…)، واستدعاء الشخصيات التراثية والأسطورية والرموز الدينية…، والمطلع على شعره، مثل قصيدة "الشهدة" وقصيدة "السيف العلاوي"، يتلمس هذه المصادر أو العناصر ويستخلص غناها، يقول في القسم الأول من قصيدة "الشهدة" :
الرعد زام طبلو من بعد كناطر الصمايم والبرق سل سيفو ويخبل في خيول لمزان والـــريح فــارس يشـالي
عن عكاب العلفات عل الوغا مشمر
القزاح شد بند للفرجا عساكرو تلايم وحرك بالمطار للبيدا حتى جرات ويدان قــلبي بـــحبها ســالي
وبطايح النواور تدهكن منها نسايم فصل الربيع هذا ما كيفو فزمان سلطان كــل فج من ديك الصبا مخضر
وعلـــى اجــميع لقيـالي
عبقــري لابس منو دايرا موبر
مبسم الثنايا مشروح وفاز بالغنايم بالورد والزهر عل لطيار الناشد اصبهان فــرياض مبتهـــج عالي
بيـن وردات النحلة شهـدها تعمر
فهذا القسم وحده تتلاقح في تشخيص معناه ساحة الوغى ومشاهدها وعناصرها الحربية، والطبيعة وبعض مكوناتها ومظاهرها الأرضية والسماوية، وكذلك بعض الطبوع الموسيقية (اصبهان)….
ثـــالثـــا: يتنوع البناء الهيكلي لقصيدة الملحون ولأقسامها تماشيا مع تنوع البناء الإيقاعي، وتنوع البحور (المبيت-المشتب-السوسي- مكسور الجناح)، والخصوصية البنائية أو الصورية التي يفرضها كل بحر.
معنى ذلك أن التحول الإيقاعي والصوري المنظم يعد من خصائص أقسام قصيدة الملحون، وملامحها المبعدة عن الرتابة الفنية، والمفيدة للحركة والمسهمة في الإبداع وبعث الشعور بالجمال عند المتلقي، بفضل التوليف الإيقاعي والإنشادي القائم بين مختلف الأطراف المشكلة للقصيدة (الأقسام- السرابة –النواعر –العروبيات….)، حيث يدخل التشكيل الصوري المعماري في علاقة تخاطبية مع التشكيل الإيقاعي ومع الإنشاد وطبوعه فتأتي "السرابة" –مثلا- سردا إنشاديا سريعا بالمقارنة مع أقسام القصيدة…، وتتردد الحربة في كل قسم بصوت إنشادي جماعي…، إلى غير ذلك من مظاهر التواصل والتفاعل بين فضاءي النص والإنشاد.
رابـــعــا : ارتباطا بمقوم الحكي في الشعر الملحون، ومراعاة لقوة حضوره في العديد من الأغراض وأصناف القصائد (شعر الغزل- الحجام-المرسول-الخلوق-الوفاة-المعراج…-وصف الطبيعة-النزاهة-الغزوات…)، وأيضا قدم الشعر الملحون وارتباطه الوثيق بالهوية الفنية والثقافية المغربية، يمكن اعتبار قسم مهم من هذا الشعر واحدا من الأصول الحكائية في المغرب إلى جانب الحكايات الشعبية، والخرافات، ونصوص المناقب، وحكايات الكرامات الصوفية، وغيرها.
خامـســا : بناء على القيمة الفنية للشعر الملحون، وباستحضاره في الحسبان يمكن أن تراجع بعض أحكام القيمة الصادرة في حق الأدب المغربي في بعض فتراته، مثل الحكم عليه بالضعف والسقوط إبان القرن التاسع عشر الميلادي الذي لم ينتبه عدد من مردديه إلى الشعر الملحون والأدب الصوفي أحق الانتباه، وإلا كانت النظرة أوسع وأشمل، وتغير ذلك الحكم بعضه أو كله.
سادسا : يتميز الشعر الملحون بتفاعل ناجح بين اللهجة المغربية ولغة المعرب المدرسية إلى حد التماهي بينهما الذي ولد لغة الملحون وكان أحد أهم خصائصها الفنية، هذه اللغة التي تنماز بالخرق والتجاوز في المعجم والتركيب والدلالة، مادام هناك من الكلمات الفصيحة ما يتحول في نطقه إلى الدارج العامي، ومن الفصيح واللهجي العامي ما يتبدل معناه جزءا أو كلا، هذا فضلا عن ولادة وحدات معجمية لا عهد للفصيح واللهجي العامي بها.
إن من شأن هذه الخصائص اللغوية أن تكون بواعث فنية وجمالية تكسر أفق انتظار المتلقي الذي يقرأ نص الملحون ويستأنس بالفصيح والعامي فيه ظانا أن معنى الكلمة واحد، اكتفى شاعر الملحون بنقله ليس إلا، والصواب غير ذلك، فحين يقول –مثلا- حمود بن ادريس في قصيدة "الحجام" : "صول احجام العانس الدامي"، فإن تفسير "العانس" بالفتاة التي تجاوزت سن أو مرحلة الزواج دون أن تتزوج، الثابت في المعجم العربي الفصيح، يعد تفسيرا خاطئا، إذ عكسه هو الصواب كما توحي دلالة ذلك الشطر، "فالعانس" فيه فتاة حسناء مطلوبة، يعشقها الشاعر فيدعو "الحجام" الرسام إلى تشكيل الصورة أو الوشم بإيحاء من حبه لها وجمالها الأخاذ. كذلك هو مفهوم "العانس" في كل الشعر الملحون ومنه قول التهامي المدغري من قصيدة "عيون المهرا":
يوم اتمايحت أنا وعانسي والغصن افتلقاح
بين ورد امكـــــــــــــــلل بنداه طيبولقاحا واطيار عليه افصاح بين للقاحي
اغلب نوح لطيار وقدها اغلب الغصن فضياح والخد اغلب بنصاح ورد فصباحي
والثغر غالب جوهر النظيم بنصاحا
بعيدا عن هذا المثال وذاك، يمكن الرجوع إلى ما تداوله الدكتور عباس الجراري من مصطلحات ووحدات معجمية في كتابه "القصيدة" وغيره، وأيضا القسم الأول من الجزء الثاني من "معلمة الملحون" لمحمد الفاسي الخاص بالمعجم، فهذان وغيرهما مثل "الملحون المغربي" لأحمد سهوم مصادر مهمة تؤشر على قيمة وخصوصية لغة الملحون المعجمية والتركيبية والدلالية وتدعو إلى مزيد من البحث في هذا المجال اللغوي.
سـابـعـا : إذا أمكن اعتبار تعدد أغراض الشعر ونشاط النظم من مظاهر القيمة الفنية، فإن الشعر الملحون في المغرب عرف بأغراضه المتنوعة والمتفرعة والمكتنزة، فالمديح النبوي –مثلا- يشمل وحده ألوانا من الموضوعات أو الأغراض الصغرى التي تعرف بها قصائده، منها : الخلوق، والوفاة، والمعراج، والمرسول، والمرحول، والحمام، والورشان، والغزوات، والتصلية…، وشعر الهجاء تندرج ضمنه قصائد "الدعى". والمطموس، والمهراز، والبغاز، والقرصان، وأيضا الخصام، وغيرها.
الملاحظ، في اتصال بتعدد الأغراض ونشاط النظم وذيوع نصوصه، أن شعر الملحون لم يتراجع عن إرضاء الذوق العام، وتربية ملكة الخيال عند العامة والخاصة، ومساوقة المسار الفني والفكري في المغرب بقدر ما احترمه وشكل أحد ركائزه المميزة، ولذلك حين نعتبر الأدب الديني ركنا مهما وجوهريا في بناء صورة الأدب المغربي، وأنه الأدب الرسمي الحقيقي، إذا راعينا خصوصية الانتشار والذيوع، إنتاجا وتلقيا، وضمنه الأدب الصوفي، خاصة في القرون السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر وبداية العشرين، فإن الشعر الملحون يؤكد حضوره الفعال في إثبات هذه الحقيقة.
ثـــامــنـا : يخلص الفاحص لفن الملحون، شعرا وإنشادا وسياقا، في تواصل مع الحركة الفنية المعاصرة بمختلف أنواعها، إلى وجود توافق وتقاطع متأصلين بينه وبين بعض الفنون، مثل المسرح والتشكيل، وبعض فن الغناء الحديث والمعاصر…، مؤدى ذلك أن فن الملحون مؤهل لتجاوز زمانه والاستمرار في ذاته من خلال تفاعله وتواصله مع الفنون الحديثة. وأهليته تلك نابعة من قيمته الفنية المتجلية في كفاءة الوصف والتشخيص وتوظيف طاقة الخيال ومكتسبات الذاكرة، والوعي الفني لدى أصحابه، وكذا خصوصيات إنشاده، وقوة تأثيره في المتلقي التي أبرزها أحمد التستاوتي-أحد شعراء المعرب والزجل – في الباب الخامس الخاص بالملحون من مجموعه الأدبي: "نزهة الناظر وبهجة الغصن الناضر"8، مشبها الشعر الملحون بنغم الوتر الذي يطرب ويحرك ويثير، وتدعن له الأسماع والقلوب، يقول في تقديمه لذلك الباب :"الباب الخامس في ذكر ملحونات مثل نغمات الأوتار، تطرب الأرواح، وتحرك الأشباح، وتلبس القلوب ملابس الانكسار".
لقد أثبتت بعض الأعمال الفنية الحديثة كفاءة فن الملحون وأهلية استمراره في الزمان مثل مسرحية "الحراز" ومسرحية "الدار"، وتلك القصائد التي غنتها بعض المجموعات الفنية المعاصرة، مثل "جيل جلالة" و "ناس الغيوان"، ومنها قصيدة "الشمعة" لابن علي، و"مزين أو صلوك" لعبد القادر العلمي، و"الشهدة" لمحمد بن سليمان وحربتها :
اصاح زارني محبوبي يامس كنت صايم شهد اقطعت واجنيت الورد كالوكليت رمضان مهجوره قلت مدى لي
أحبيب الخاطر واش لمريض يفطر
تــاسـعــا : تصادفنا في مسار رصد بعض ملامح المكانة الفنية للملحون مجموعة من أحكام القيمة، صدرت عن مولعين بهذا الفن وباحثين فيه، في حق العديد من شيوخ نظمه وشعرهم، من شأنها أن تكون مرآة من مرايا فنيته والوعي الفني عند أصحابه، وأن تحرك همم الباحثين لبذل مزيد من الجهد في استكشاف خباياه وكشفها ، من ذلك قول الدكتور عباس الجراري في حق التهامي المدغري :"ولعل شهرة المدغري في الزجل… لم يدركها غيره حيث كان يعتبر شاعر المرأة والخمر الأول… في كل فترات الزجل، ويعتبر بالتالي أكثر الشعراء قبولا لدى الجماهير"9، وقوله أيضا في حق الحاج ادريس بن علي السناني لحنش :"أكبر شعراء الزجل بعد التهامي المدغري، كان ينظم في كل الموضوعات فيجيد…"10. أما الباحث محمد الفاسي فيقول عن الجيلالي متيرد وشعره :"من أكابر شعراء الملحون… وهو من الطبقة العالية في هذا الميدان… كان … ينظم في سائر الأنواع وفي جميعها شاعريته من الطبقة الأولى"11 ويقول عن التهامي المدغري : "يعد عند كثير من النقاد أكبر شاعر في الملحون وخصوصا في النوع الغنائي"12.
توارثنا في هذا السياق مجموعة من الآراء والأحكام في حق الشعر الملحون وقيمة شعرائه ومكانتهم، فاه بها معاصروهم، لا مندوحة عن الاهتمام بها ومراعاتها وفحصها من خلال دراسة شعر من قيلت في حقهم، وهي آراء تتسم بالحكمة والتأمل العميق، وإن ظهر للوهلة الأولى أنها ذات طبيعة انطباعية، منها قول السلطان مولاي عبد الحفيظ في الجيلالي متيرد :"هو امثرد وعامر بالثريد"13، وقول الفقيه العميري في حق تلميذه عبد القادر العلمي بعد تفوقه في مباراة شعرية تبارى فيها مع غيره من التلاميذ في حضرة الشيخ :"هذا الذي دخل الروض وجنى ورده"، ومنها أيضا القول المشهور في شخص محمد بن علي ولد ارزين :"فاكهة الاشياخ وشريف المعاني"15، وما يقال عن عبد العزيز المغراوي :"كل طويل خاوي إلا النخلة والمغراوي"16.
ما كان لهذه الأحكام والآراء الصادرة عن تذوق فني وتأمل في الشعر الملحون أن توجد لولا ما يتحلى به هذا الشعر من مقومات فنية وخصائص دلالية مثيرة، فما بالك لو أضيف اللحن أو النغمة إلى الكلمة … وحل الإنشاد محل القراءة الشعرية، لا محالة ستتكشف أكثر آنذاك القيمة الفنية للملحون.
الملحون في المغرب - ج 2 -

آفـــاق الاشــتــغــــال
الملحون لون فني تراثي مكتنز، وإبداع شعبي أصيل، يتمتع بمقومات الحياة والاستمرار في ذاته وفي غيره إن استثمر استثمارا ناجعا وصحيحا من خلال تحديثه وتقوية أواصر التواصل والتفاعل بينه وبين ما يرتبط به من قطاعات وفنون وآداب وأبحاث، مثل التجربة الشعرية المعاصرة، الفصيحة والزجلية، هذه الأخيرة التي يعد شعر الملحون أقرب النصوص التراثية إليها، إلى جانب غيره من ألوان الزجل، وتجربة الغناء والتلحين، وفن المسرح، وفن القصة والرواية، والدراسات التاريخية والحضارية أو الانتربولوجية، والدراسات اللغوية والصوتية التي -لا محالة- ستجد في التفاعل الحاصل بين اللغتين العامية والفصيحة داخل لغة الملحون المتمتعة بخصائص تميزها عنهما معا وتحقق خصوصيتها بالمقارنة معهما، مرتعا خصبا للبحث والتمحيص، إلى غير ذلك من ألوان الإبداع والمعرفة الحديثة التي تجد في ذاتها وفي تراث الملحون أهلية محفزة لمصاهرته والإفادة منه ورفده في الآن ذاته، خاصة أن هناك أعمالا فنية معاصرة تقاطعت مع فن الملحون واستفادت منه، أثبتت الأيام وردود الفعل الذوقية والنقدية قيمتها العليا، مثل تلك القصائد الملحونة التي غنتها مجموعة جيل جلالة أو ناس الغيوان، نحو "لطف الله الخافي" للحاج أحمد الغرابلي، وقصيدة "الشهدة" لابن سليمان، "ومزين أوصولك" لعبد القادر العلمي، و"الشمعة" لابن علي، وذلك "العروبي" الجفري "للموقت" وأوله :
سبحان الله صيفنا ولى شتوا وارجع فصل الربيع فالبلدان اخريف
هذه كلها نماذج نستخلص منها إمكان إفراغ كلام الملحون في قوالب موسيقية غير قوالبه الأصلية، مع استمرار نجاحه، مما يعني أنه كلام يتبدى على حدود الزمان وقيود الألحان، دون أن تفقد مقاماته وطبوعه الأصلية قيمتها ورونقها لما فيها من تموجات وتحولات تبتعد عن النمطية فتثير المتلقي وتشد انتباهه إليها.
يمكن أن نستحضر في هذا السياق تلك المسرحيات التي شكلت قصائد الملحون نصوصها وكان مبدعوها مؤلفيها، مثل "الحراز" و "الدار" وغيرهما، ونستحضر أيضا بعض الأغاني العصرية التي تجاوزت شهرتها حدود الوطن ليحظى أصحابها من خلالها بأرقى الجوائز والتشريفات، أعني على سبيل التمثيل أغنية "الله حي". للفنان عبد الوهاب الدكالي التي يمكن أن نؤكد استئناس المحبين لشعر الملحون بها استئناسا ذوقيا انطباعيا في البدء، سره بناؤه المتقاطع مع بناء نصوص الملحون في شكل أقسام تفصل بينها لازمة ترددها الجماعة، وأيضا بناء بعض تلك الأقسام مثل قوله :
فين سقراط فين افلاطون
فين الغزالي وابن خلدون
فين كاليلي وفين داروين
فين ابن سينا وطه حسين
فين نوبل فين اريسون
فين دليلا وفين شمشون
فين فين فين
الذي يذكرنا بأقسام تتخلل العديد من قصائد الملحون، خاصة في موضوع "الوصاية" أو "الموعظة" الذي لا يخالفه موضوع الأغنية تلك، مثل قول الحاج محمد بن عمر الملحوني من قصيدة "ضاق الحال" :
وين الطغات العضما اصحاب لضعان فالترى سكنو تحـــــت اللحد والكفانــــــي
وين قبلهوم الملوك فاتت ازمـــــــــان كل من زاد فنى لا بـــُـــــــدّ ليه فانــــــي
لاتغرك نفسك يا من بدانك تـــــراب فيق من نومك واستيقظ يالمعـــــــــــــدوم
من بغاه المولى للخير كان سبــــاب في صلاح الناس أو يجري اعلى نفعهوم
وقول المغراوي :
وين ابراهيم وين اسماعيـــــــــــــــل وين يسحاق وين يعقــــــــــــــوب أوّلادو
وينو الياس وين دانيال اهل الجــــــــد وين ذا النون اسرور قلبو واعيـــــــــادو
وقول محمد بن سليمان الفاسي من قصيدة "التوبة"
وين مـــــن غرتهم بلمال ونصـــــر
مفازو غيــــــــر بلقبـــــــــــــــــــــر
.........
ويـــــــــن سلاطين والتجــــــــــــار
ويــــــــــن شجعـــــــــــــــــــــــــان
فـــــــــاتو لصـــوص الطغـيــــــــان
وين عنتر واين من كانو قبلو اعتاق
.........
وين فاروق ومالو بعد ما كثـــــــــر
.........
وين فرعون من جهلو بموســــــــى
فســــويس ابقومــــــو نغـــــــــراق
إذن :
كـــل شــي راح مع الزمـــــــــــــــــــان
كل شــي صار ف خبــــر كــــــــــــــان
والنهاية ف الحياة وما يدوم غير وجه الله
الله حــــي الله حي باقي حي ديــــــــــــما حي
كما جاء في نص أغنية الفنان عبد الوهاب الدكالي.
فلا ريب، إذن، أن للبناء الفني اللغوي يد طولى في نجاح هذه الأغنية، وهو بناء متأصل في شعر الوعظ والإرشاد عند أهل الملحون، فكما أفاد منه عبد الوهاب الدكالي أو جيل جلالة... يمكن أن يفيد منه غيرهم، مثلما يستفاد أو يمكن أن يستفاد من باقي ألوان التراث الفني المغربي، والمهمة أو المسؤولية، إذن، ملقاة على أهل الفن والغناء، أصحاب كلمات ومبدعي لحن وموزعي موسيقى..
إذا ما انتقلنا إلى لون فني معاصر آخر هو فن الرسم والتشكيل، أحد أكثر الفنون تواصلا مع التجربة الشعرية المعاصرة، وبحثنا في تراثنا المغربي عن النصوص الشعرية الأكثر استعدادا للتحاور معه فستكون منها قصائد الملحون، وبصفة خاصة قصائد "الحجام" التي يعتبر بناؤها الصوري لوحات تتناغم فيها عدة ألوان وفضاءات لتشكيل اللوحة أو الرؤيا التي يصبو إليها الشاعر. معنى ذلك أن آفاق التواصل مفتوحة بين فن التشكيل وكلام الملحون، فما بالك لو استدعيت قصائد "الحجام" في قالبها الإنشادي وبنائها الموسيقي، فلا شك أن تلك الآفاق ستزيد انفتاحا، في ظل ما نشاهده اليوم من تناص مشخص بين الكلمة والنغمة والصورة التشكيلية أو غيرها في العديد من المناسبات، قراءات شعرية كانت أو معارض فنية أو غيرها.
كيف لا، والملحون يجمع في ذاته بين الكلمة والنغمة والصورة، وهو فضاء نصي وصوري منسجم، ومجال إبداعي رمزي وإيحائي، وتلكم خصائص مشجعة للتفاعل معه وإنجاز أعمال من قبيل ما ضمه مهرجان محمد الخمار الكنوني الرابع بتطوان، أعني تلك اللوحات التي تحمل كل منها قصيدة من قصائد شاعرنا المعاصر للكنوني وعبد الله راجع وغيرهما….
لا فسحة للتردد أيضا في بعث وشائج التواصل وتجديدها بين فن الملحون وقطاع الصناعة التقليدية والتجارة المرتبطة بها، بعد أن تأكد أن وجود كل منهما ظل مرتبطا بوجود الآخر طوال حياة فن الملحون، وهنا نتساءل مقترحين : ألا ينبغي ضم مشروع النهوض بفن الملحون إلى مشروع النهوض بالحرف والصناعات التقليدية في المغرب، بحيث يمكن أن يعتبر بمثابة ملحق "للكتاب الأبيض للصناعة الحرفية والمهن"، ويحظى بدوره بالاهتمام في مشروع "الميثاق الوطني لتنمية الصناعة الحرفية والمهن"، علما أن الملحون فن في المقام الأول، ثم منشط اقتصادي ومكون من مكونات ثقافة الحرفي وزبنائه، وإحدى قنوات التواصل الناجعة والجامعة بين مختلف الحرف والصناعات داخل السوق التقليدية ؟
ما كان بوسعنا أن نقف على تلك المظاهر القيمية الفنية، ولا بمكنتنا أن ننفتح على بعض مشاريع الإفادة من فن الملحون وآفاق التحاور معه، لو لم يكن فنا قائم الذات ومستقيما في نظمه وإنشاده، ويتمتع بقيمته الفنية الراسخة وفرص استمراره في الوجود بفضل طابعه الجماعي، وخصوصيته الإنشادية، وجمعه بين اللغتين الفصيحة والعامية جمعا توليفيا متميزا يمسي فيه المدرسي عاميا والعامي راقيا لا يقل عن المدرسي إلا ليزيد عليه من خلال تفاعله معه وتجاوزه له أحيانا.
ألا يستحق هذا الفن بكل امتيازاته تلك أن ندعو – مرة أخرى – إلى تكثيف الاهتمام به نظما وإنشادا…، وتعميق الانتباه إلى قيمته الفنية وقيمته في ميادين الاجتماع والتاريخ والحضارة والاقتصاد… إشعارا بضرورة النظر إليه نظرة أعمق وأوسع يشارك فيها الباحثون في اللغة والأدب والإجتماع والتاريخ والحضارة والاقتصاد والموسيقى والغناء وغيرها من مجالات البحث التي بمكنتها خدمة هذا الفن، خاصة وهو من عناصر الهوية الثقافية والحضارة المغربية القوية والمهيأة للإسهام في الحفاظ على خصوصيات الذات أو "الأنا" وحمايتها في مسار النظام العالمي الجديد أو الحداثة العالمية الجديدة (العولمة).
التزاما بذلك، نجدنا في حاجة ماسة إلى دراسات مقارنة بين الشعر الفصيح والشعر الملحون وغيره من ألوان الأدب الشعبي، ودراسات مقارنة تعمق النظر في لغة الملحون ومنبعيها الفصيح والعامي، ودراسات أخرى تقارن بين الملحون في مختلف أقطار المغرب العربي وتكشف مظاهر التأثير والتأثر، والمؤتلف والمختلف، طوال المسار التاريخي لفن الملحون.
ارتباطا بدراسة لغة الشعر الملحون لابد من الانتباه إلى ضرورة الاهتمام أكثر بالانشاد والمنشدين، مع التركيز على أهمية النطق الفصيح لكلام الملحون إفصاحا واضحا خلال الانشاد حتى يجلب المتلقي فيستوعبه وفحواه، علما أن الملحون في سياقة الموسيقي أكثر استقطابا للجمهور من نص الملحون دون أن ينشد، وأن فئة عريضة من المتذوقين لهذا الفن تستقطبهم موسيقاه وألحانه قبل أو دون كلامه. ولا يعني ذلك ابدا أن البساط خلو من الأصوات المنشدة الكفأة ولكن قيمة الشعر الملحون والانشغال بالنغمة قبل أو دون الكلمة هما ما فرض هذا النداء.
إن الحاجة ماسة أيضا إلى دراسات عميقة ومتخصصة في جانب مازال القصور فيه قائما؛ أعني الإيقاع والأوزان في الشعر الملحون.
زد على ذلك أن باب التنقيب عن النصوص وتوثيقها والتحقق من أصحابها، وأيضا تدوينها مازال مفتوحا على مصراعيه، ذلك أن أهم مصادر هذا التراث – إلى جانب الخزانات العامة و الشبه عامة – هما الخزانات الشفوية (الحفاظ)، وخزانات الكناشات والمجاميع الخاصة، وهما مصدران يتآكلان مع مرور السنون ويضمحلان.
يغني هذا الواقع- طبعا – عن التذكير بخطورة بقاء تراث الشعر الملحون مخطوطا إلى أوان قد لاتتاح فيه فرصة إقامة المهرجانات وعقد الندوات الخاصة بفن الملحون، وفتح آفاق اشتغاله ورفده لغيره من الفنون والآداب والعديد من مجالات الحياة.
بناء على ذلك، لابد من تطبيق ما دعا إليها الباحثون الرواد أعني خاصة الدكتور عباس الجراري حين طرح، بوعي عميق نابع من خصوصية المغرب وغنى تراثه الشعبي وتنوعه، فكرة الإقليمية 17 في أفق جمع ودراسة التراث المغربي- ثم العربي كافة- وضبط التكامل والتظافر والوحدة بين مختلف الأقاليم، وهذا ما انتبه إليه أيضا المرحوم محمد المختار السوسي وكان سرا في اهتمامه بمنطقة سوس، يقول في مستهل كتابه "سوس العالمة" : "وبعد فليسمع صوت هذا السوسي كل جوانب المغرب… فلعل من يصيحون يندفعون [مثلي] إلى الميدان، فنرى لكل ناحية سجلا… فيكون ذلك أدعى إلى وضع الأسس العامة أمام من سيبحثون في المغرب العام غدا…"18
لابد، في مسار هذه الدعوة، أن يتم التوليف بين الفضاء الجغرافي والألوان التراثية المهيمنة فيه، بمعنى ضرورة الاهتمام باللون التراثي في كل منطقة ثم في مختلف مناطق وجوده، فإن كان المعقل الأول للملحون هو "تافيلالت" فإن معقله فيما بعد اتسع فشمل تارودانت ومراكش والجديدة وأزمور وسلا ومكناس وزرهون وفاس، وغيرها من المدن المغربية. فالمطلوب، إذن، هو جمع ودراسة تراث الملحون في كل من هذه المدن والمناطق ثم الإلمام به كله بعد ذلك إلمام تصنيف وتحقيق وتوثيق، والتقديم له ودراسته ونقده. وقد أنجزت – فعلا- بعض الأعمال المتصلة بهذا البعد الجهوي في شكل مقالات لمحمد الفاسي عن أهل الملحون في مكناس وزرهون، وفي دكالة وغيرها، ثم في شكل أعمال أكثر عمقا وتمحيصا مثل ما أنجز عن الملحون في تارودانت ورسالة الباحث منير البصكري عن الملحون في آسفي... وبعض الأبحاث الأخرى المنجزة والمنتظرة في إطار الإجازة وشهادة استكمال الدروس ودبلوم الدراسات العليا والدكتوراه، ولكنها تبقى ناقصة جدا مقارنة مع حجم الشعر الملحون وقيمته الفنية والثقافية والاجتماعية…، فهل جمعت كل قصائده، وهل ضبط أعلامه جميعا، ناظمين و منشدين وحفاظا وخزنة… في وقت نجهل فيه الكثيرين، ولا نعرف البعض إلا بإلاسم أو جزء منه19، ولا نتوفر من شعر العديدين من المشهورين إلا على بعضه، فما بالك بشعر المغمورين والمجهولين.
صفوة القول، إن الملحون فن وتراث يستحق، بل ينبغي، أن يحظى بالاهتمام اللائق والأوفر خادما ومخدوما، سبيلا وهدفا في الوقت نفسه، رافدا ومجالا للاشتغال، وهذا مسار منهجي ضروري في سياق المسار الفني والحضاري وبموازاة مع طبيعة النظام العالمي الحالي…. لا بد من ضبطه وفحصه ودراسته ثم الإفادة منه والنهل من منهله دون إلغاء هذا أو ذاك.
لايسعنا أمام ضخامة المشروع، وغنى فن الملحون واكتناز حقوله، وقيمته الجلية، وأهليته البينة في محاورة العديد من الفنون والأجناس الأدبية وغيرها، إلا أن نقول قول الدكتور عباس الجراري في مستهل كتابه "القصيدة" :"وبعد، فلسنا نزعم أننا قلنا جميع ما يمكن قوله في الموضوع ولا أننا أتينا بالقول الفصل فيه.."20، وأملنا أن يجد الباحثون في هذه السطور والأفكار ما يغريهم بالإسهام في البحث في تراث الملحون وكل التراث المغربي.
الملحون في المغرب -ج3-


الإحـــــــــــالات
1- شعراء الملحون الدكاليون، مجلة المناهل ع24/س9 : 1402هـ/1982م، ص 204.
2- خصص محمد الفاسي القسم الثاني من الجزء الثاني من معلمة الملحون لتراجم شعراء الملحون، و قد بلغ عددهم في هذا القسم 588، جلهم من أهل الحاضرة. (منشورات أكاديمية المملكة المغربية – الرباط: 1992).
3- د. عباس الجراري : القصيدة، مكتبة الطالب – الرباط : 1970.
4- من كتابات عبد الرحمان الملحوني : أعداد سلسلة "أبحاث ودراسات في القصيدة الزجلية" ومنها كتاب "أدب المقاومة بالمغرب من خلال الشعر الملحون والمرددات الشفاهية" الذي نشرته دار المناهل، وزارة الشؤون الثقافية – المغرب.
5- الحاج أحمد سهوم : الملحون المغربي، منشورات "شؤون جماعية"، ط II : 1993.
6- ينظر : أحمد الطريسي أعراب : الرؤية والفن في الشعر العربي الحديث بالمغرب
المؤسسة الحديثة – الدار البيضاء، ط I :1987، ص 241 وما بعدها.
7- حربتها : راح الليل، وعلم الفجر تاك الصبح الراقي ** دور على الحضرا بفناجلك تزيان الموسيقى واجرع للساهي ايفيق.
8- مازال الباب الخامس من "نزهة الناظر وبهجة الغصن الناضر" الخاص بشعر الملحون مخطوطا وغير محقق، بخلاف باقي شعر أحمد التستاوتي المعرب، الذي حققه عبد اللطيف شهبون في رسالة جامعية نال بها دبلوم الدراسات العليا من كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط. ومن النسخ المخطوطة للنزهة : مخ.خ.ع بالرباط: د 1302/ك1669/خ.الحسنية: 3070/خ.الصبيحية400/395.
9- د. عباس الجراري : القصيدة، ص 645.
10- المرجع نفسه: ص656.
11- محمد الفاسي : معلمة الملحون، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، ج II / ق II، 148-149.
12- المرجع نفسه،ج II/قII، ص 131.
13- نفسه، ص 150.
14- نفسه، ص 292-293.
15- نفسه، ص 60.
16- نفسه، ص259.
17- ينظر: "القصيدة"، ص 2/ الأدب المغربي من خلال ظواهره وقضاياه لعباس الجراري
مكتبة المعارف – الرباط، ص8.
18- محمد المختار السوسي : سوس العالمة، ص: 228-230 ، مط. فضالة –المحمدية : 1380 ه/ 1960م.
19- ينظر : معلمة الملحون، ج II/القسم II، حيث يورد العلامة محمد الفاسي عددا من الشعراء باسم "محمد"، يستهل الحديث عن كل منهم بقوله: "لاأعرف عنه إلا أن له قصيدة ".
ًًََُ20- كتاب : "القصيدة "، ص 16-17.
رد مع اقتباس
  #109  
قديم 15/09/2010, 22h04
الصورة الرمزية starziko
starziko starziko غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:510608
 
تاريخ التسجيل: avril 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 129
Post أثر الآلة على الملحون

أثر الآلة على الملحون

عباس الجراري

قدم هذا العرض ـ مرتجلا ـ في الندوة العلمية الدولية التي نظمتها جمعية رباط الفتح في نطاق مهرجان الموسيقى الأندلسية المنعقد من 20 سبتمبر إلى 10 أكتوبر 1996 . وعقدت الندوة بعد ظهر السبت 7 جمادى الأولى 1417 ه =21 سبتمبر 1996 بقاعة المحاضرات التابعة لوزارة التربية الوطنية.


في بداية هذا العرض الذي سأتناول فيه " أثر الآلة على الملحون "، أرى ضرورة توضيح مفهوم كل من هذين الفنين: "الآلة " و "الملحون".
أما "الآلة " فهي ذلكم النمط الموسيقي الذي يعرف كذلك باسم " الموسيقى الأندلسية " بحكم ظهوره وازدهاره في رحاب الفردوس المفقود، والذي يعتمد الأداء الآلي المتكئ ـ لضبط إيقاعه ـ على نصوص شعرية متنوعة. وبسبب ذلك اكتسب تسميته ب "الآلة ".
وأما "الملحون " فهو ذلكم الشعر الذي تؤدى قصائده موقعة وملحنة في تركيز على إنشاد النص أو "الكلام "، وفق ميزان موسيقي يحفظ لهذا الإنشاد انضباطا إيقاعيا معينا.
ونظرا لأن الأساس في الملحون هو النص، فقد أطلق عليه " الكلام "، في حين شاع عن" الموسيقى الأندلسية" اسم " الآلة "، وهما مصطلحان ـ كما يبدو واضحا ـ يعكسان الخصوصية التي يتميز بها كل من الفنين .فأحدهما ينطلق من الشعر، والثاني من أداء اللحن الموسيقي.
وقد عرفت الآلة كما عرف الملحون تطورا يمكن تلخيص أهم ملامحه في نقطتين اثنتين:
الأولى: أن "الآلة " تحت تأثير عوامل موسيقية وشعرية محلية ووافدة عرفت في الأندلس تطورا أفضى بها إلى بناء منظم يقوم على "النوبة ". وهو مصطلح يعني مجموع الأجزاء التي يتتابع أداؤها داخل طبع خاص وبموازين متنوعة، مما يدل على وجود تأليف موسيقي متكامل يختلف عما كان معروفا عند العرب في الجزيرة من خلال نظام "الصوت ".
وقد انتقلت هذه "الآلة "إلى المغرب عبر عصور الاتصال، وأتيح لها أن تستقر فيه تراثا موسيقيا، لا سيما بعد انتهاء الوجود العربي الإسلامي في الأندلس، بدءا من سقوط قرطبة سنة 1236 م إلى سقوط غرناطة عام 1492 م، وما تبع ذلك من هجرات إلى أقطار أخرى في طليعتها المغرب، حيث سادت مدرسة توفق بين الأثرين الغرناطي والبلنسي، في حين كان أثر إشبيلية قويا في تونس، وأثر غرناطة ظاهرا في الجزائر.
وعلى الرغم من الضياع الذي مس تراث "الآلة " بسبب اعتماده النقل الشفوي، فإن ما حافظ المغاربة عليه ودونوا منه ينحصر في إحدى عشرة نوبة هي:الأصبهان، والحجاز الكبير، والحجاز المشرقي، والعشاق، والماية، ورمل الماية، والرصد، وغريبة الحسين، ورصد الذيل، وعراق العجم، والاستهلال. كما أن الطبوع أو الموازين التي تؤدى عليها هذه النوبات هي: البسيط، والقايم ونصف، والبطايحي، والقدام، والدرج. ويظن أن نوبة الاستهلال وميزان الدرج من إضافات المغاربة.
الثانية:أن الملحون تطور محليا على مدى مراحل متباعدة، متأثرا بعوامل شتى، في طليعتها " الآلة" وذلكم هو صميم موضوع هذا العرض.
وقد مس هذا التأثر جوانب ثلاثة هي: المضمون، والشكل، والأداء. وحتى يتضح ـ أي التأثر ـ أرى ضرورة الإشارة إلى ما كان عليه كل واحد من تلك الجوانب ثم كيف أصبح.
أولا = المضمون
وتدل النصوص الأولى التي وقفنا عليها، والتي ترجع إلى القرن التاسع الهجري، أن أغراض الملحون كان يطغى عليها الطابع الديني المتمثل في مواعظ وتصليات، على حد قول مولاي الشاد الذي كان يعيش في أول هذا القرن، وهو من تافيلالت:
لاتقولوشي يا حسرا على زمان الخير والشر فكل زمان كاينين
ماحد اكتاب الله فالصدور اعلاه نبكيوا اعلاه
ما قاطعين ياس من رحمة الله وحبيبنا الشافع رسول الله
فاش جا ذنب المخلوقين عند واسع الغفران
وبحكم التأثر بالأشعار التي كانت تصاحب " الآلة" بما فيها من قصيد وتوشيح وزجل ـ وموضوعاتها مستمدة من متطلبات مجالس الغناء بما تقتضي من غزل ونسيب وطبيعة في الغالب ـ أخذ مضمون الملحون يتطور، بدءا بشعر الطبيعة ووصولا إلى الغزل.وأول نص وصلنا يشيد بالطبيعة ويتغنى بها يتمثل في قصيدة لأحد الشعراء الفيلاليين كان يعيش في أوائل القرن العاشر الهجري، هو حماد الحمري الذي يقول في حربة قصيدته، أي لازمتها:
الورد والزهر واغصانو واشجار باسقا واطيار
ايسبحوا لنعم الغني والما افقلب كل اغدير
أما أول نص في الغزل فهو الذي قاله محمد بو عمر,، متمثلا في قصيدة"زهرة،" وكان معاصرا للحمري، وفي حربتها يقول:
زوريني قبل اللانقبار يا هلال الدارا زهرا
وإذا كانت قصيدة الحمري قد قوبلت برضا الشعراء وجمهور عشاق الفن، فإن قصيدة بوعمر, ووجهت باستياء شديد يكفي للدلالة عليه أن نسوق هذين البيتين اللذين يقول فيهما شاعر معاصر يسمى لمراني، معبرا عن رفضه لاتخاذ المرأة موضوعا للملحون ومتهما صاحبه " لعشيق" بالزندقة والفسق:
زنديق بن الزنديق الوغد اللي يردنا فساق
يستاهل الرجيم ابلحجر حتى ا يموت بالتحقيق
ويلا ايموت يتصلب عام وبعد دلتو يحراق
وانشتتو ارمادو وانقول هكذا ابغى لعشيق
وقد احتاج هذا الموقف إلى عقود من السنين، قبل أن ياتي التهامي المدغري في أواسط القرن الثالث عشر الهجري ـ وهو شاعر المرأة بامتياز ـ ويعترف لبو عمر, في مثل هذا القول:
لو كنت في ازمان العاشق انكون لو الخو الشقيق
وانحق للجحود احقايق ونقول يا النايم فــــــق
ثانيا = الشكل
وكان في أول الأمر وحسب النصوص التي وقفنا عليها يقوم على كلام يحاول أن ينتظم، لكن في غير ضبط محكم لوحدة الوزن فيه والقافية، على نحو ما تبين أبيات مولاي الشاد السابقة. وشيئا فشيئا بدأ يقترب من القصيدة العربية في مقوماتها الإيقاعية، وفق ما نجد عند معاصره عبد الله بن احساين، وهو كذلك من تافيلالت، إذ يقول:
نبدا باسم الله انظامي ياللي ابغى لوزان
لوزان خير لي أنايا من قول "كان حتى كان"
ربي الهمني نمدح جد لشراف يا لخوان
بالشعر السليس الفايز هو ايكون لي عــــوان
حتى انقول ما قالوا عشاق النبي افكل ازمان
وانكون افلقريض الملحون أنا المادحو حسان
مداح مادحو بلساني والشوق له من لكنان
والمادحو ابقلب اكنانو يرضاه ما عيا بلسان
وإذا كان هذا النموذج يبرز مدى انتقال الملحون من شكل " كان حتى كان " العفوي إلى شكل "لوزان" المنظم، فإن الاحتكاك بالنصوص الشعرية التي كانت ترافق " الآلة " من توشيح وزجل أتاح للملحون أن يطور أشكاله عبر عنصرين اثنين:
الأول:التقسيم المنظم للقصيدة، ويسير على هذا النحو الذي سأكتفي بالإشارة إلى مصطلحاته، إذ لا يتسع المجال لتوضيح سماته المنعكسة على تلوين الوزن والقافية، وتنويع الأداء كما سياتي بعد.
1 ـ مقدمة= السرابة، وسأعود إليها فيما بعد عند الحديث عن الأداء.
2 ـ الدخول.
3 ـ الحربة = (اللازمة).
4 ـ القسم( قد يقدم له بالعروبي أو الناعورة أو السويرحة أو الكرسي).
5 ـ بعد الأقسام تختم القصيدة بآخر قسم أو بالدريدكة، وتنشد على إيقاع سريع.
الثاني:الأوزان، وتتسم بغنى عروضي لا مجال لحصره ولا يسمح الوقت بتفصيل القول فيه. وأقتصر فيه على ذكر أهم عناصره، وهي:
1 ـ المبيت وهو الشعر الذي يقوم على البيت، ومنه جاءت التسمية. إلا أن البيت فيه لا يسير على نسق واحد كما هو الشأن في القصيدة العربية، بل تنبثق منه أربعة أشكال:
أ ـ المثنى وفيه يتكون البيت من شطرين يطلق على الأول "الفراش" وعلى الثاني "الغطا". ويتم ضبط وزنه وفق "قياسات" لا حد لها، هي أشبه ما تكون ببحور الشعر العربي ، وأبسطها "قياس المشركي" الذي جاءت عليه قصيدة "الحجة" لعبد الله بن احساين الذي هو أول من قال فيه، وكان يعيش في أواخر القرن التاسع الهجري، وحربتها:
يالحضرا قولوا بالسر والجهار الصلا والسلام اعلى النبي المختار
ويعتبر هذا القياس أبسط أنواع المثنى ويطلق عليه لسهولته "لحويط لقصير". وهو أقرب إلى الرجز الذي وصف بأنه "حمار الشعراء".
ب ـ الثلاثي ويتكون من ثلاثة أشطار وبقياسات متعددة.
ج ـ المربوع أو الرباعي ويتكون من أربعة أشطار وبقياسات كثيرة.
د ـ خامس لشطار أو الخماسي، ويتكون من خمسة أشطار وبقياسات عدة.
2 ـ مكسور الجناح، وتتكون القصيدة فيه من أقسام، كل منها يخضع لهذا التقسيم:
أ ـ الدخول: شطر في استهلال القسم بدون عجز.
ب ـ مجموعة أشطار قصيرة تسمى "لمطيلعات" أو "لكراسا".
ج ـ بيت على وزن الحربة وقافيتها.
د ـ الحربة.
ويمكن التمثيل لهذا الشكل بقصيدة "المزيان" لمحمد بن علي.
3 ـ المشتب، وتتكون القصيدة فيه كذلك من أقسام، كل واحد منها يتشكل من بيت يفصل فيه بين أول أشطاره وبقيتها بعدد من الأشطار القصيرة تسمى كذلك "لمطيلعات". ومعروف أن الشتب هو الحشو الذي يملأ به الفرش أو نحوه، ومنه جاءت التسمية.
ويمكن التمثيل لهذا الشكل بقصيدة "التوبة" لمحمد بن سليمان.
4 ـ السوسي، وتتألف القصيدة فيه من أقسام يكون كل منها مكونا من الأجزاء الآتية:
أ ـ بيت من شطرين.
ب ـ مجموعة أشطار حرة في الوزن والقافية لا تخضع لغير تسلسل الإنشاد.
ج ـ بيتان أو ثلاثة أبيات موزونة ومقفاة .
د ـ الحربة على نفس وزن هذه الأبيات وقافيتها.
ويمكن التمثيل لهذا الشكل الذي يكثر في المحاورات بقصيدة " الزمنية والعصرية" لحسن اليعقوبي.
ثالثا = الأداء
وكان أول الأمر مجرد سرد"السرادة" في الزوايا والمساجد، ثم أخذ يعتمد على ضبط الإيقاع باليد أو ما يسمى "التوساد"، وبعد ذلك توسل بآلة " التعريجة" أو " لكوال" . إلا أنه بعد أن تأثر ب"الآلة" أصبح يستعمل أنغام نوباتها وموازينها، واتسع نطاق الآلات فيه. وسار في ذلك على نحو ما يقتضيه التنوع بين الأقسام وأجزائها. وأكتفي في توضيح هذا الأمر بالنقط الآتية:
الأولى:
بدء الإنشاد بإحدى هذه المقدمات:
1 ـ السرابة وهي قطعة قصيرة تؤدى على غير ما تؤدى به القصيدة . وأنواعها:
أ ـ المزلوك = رقيقة حادة.
ب ـ الكباحي= يصاحبها ضرب قوي متواصل بالكف (أغلب السرارب اليوم )
ج ـ الحضاري = مسترسلة وسريعة.
د ـ السماوي = وتعرف كذلك ب ( السرارب الحسناويين )تبدأ ببطء كالموال ثم تعلو وترتفع.
2 ـ الموال = إما معرب وإما ملحون
أ ـ نموذج المعرب :
ومن عجب أني أحن إليهم وأسأل شوقا عنهم وهم معي
وتشتاقهم عيني وهم في سوادها ويطلبهم قلبي وهم بين أضلعي
وهما لخليل الصفدي .
ب ـ نموذج الملحون:
تـانــحـبـك ونهواك وفي امسبتك ايـكـرهـوني
ما راحتي حتى نـلـقـاك واعليك يتحـلو اعيـونـي
3 ـ التمويلة، يقال إن لكل قصيدة تمويلتها، مثلا تمويلة "التوبة" لابن سليمان، وتنشد على ميزان عراق العجم:
أمالي يا مالي أسيدي يا سيدي
للا يا مولاتي للا
أمالي مصبرني
اغرايبي لاموني
وتجدر الإشارة إلى أن قصائد مكسور الجناح والسوسي ـ باستثناء الحراز ـ تستهل بمثل هذه العبارات (قال يانا سيدي) (وهو يا سيدي)، وتسمى: الدخول.
الثانية:
الشبه مع ما هو موجود في "الآلة" على هذا النحو:
1 ـ تقسيم الميزان، وفق هذا الشكل:
أ ـ التصديرة (افتتاح بطئ)
ب ـ القنطرة.
ج ـ الانصراف = إقفال الميزان بسرعة.
2 ـ التراتن (شغل) مثل = أنانا ـ طيري طان ـ يا لالان ـ . والقصد إغناء اللحن وإشباعه .
3 ـ الجواب وهو إعادة لبعض المقاطع اللحنية التي تنشد عليها أبيات الصنعة.
4 ـ البغيات والتواشي وهي معزوفات آلية يقدم بها، ومثلها "المشاليات"، وقد ضاع منها الكثير مثلما ضاعت السرابات .
5 ـ الموال وهو إنشاد منفرد لبيتين أو أكثر على لحن معين قد يعتمد الارتجال.
6 ـ التغطية والكرسي، وهو لحن يتصدر بعض الصنايع، أو هو إنشاد مع جواب بالعزف.
الثالثة:
الأداء حسب النوبات، ويكون على ميزان واحد أو أكثر، ويكفي التمثيل بما يلي:
1 ـ الأداء على ميزان واحد، ( أي لا تحتمل القصيدة إلا ميزانا واحدا في الغالب) مثلا:
أ ـ "قصيدة "خال وشاما" للمدغري فإنها لا تؤدى إلا على عراق العجم، وحربتها:
أللايم لاش تلوم رح سالم دعني كف لملام ما حجت امن اغرامي
بين خــال وشــامــا
ب ـ قصيدة"الكناوي" للمدغري كذلك، وحربتها:
معظم ذاك اليوم فاش صدو ناسي وامشاوا
تركوني نواح فالرسام ضميري كاوي
يحسن عون اللي امشاوا ناسو من بعد اكوا
ويقال أن بعض المنشدين حاول أداءها على رمل الماية، إلا أنه أفسدها.
ج ـ قصيدة "الهاجر" للعلمي، فإنها لا تؤدى إلا على الحجاز المشرقي، وحربتها:
آش اعملت أسلطان مهجتي حتى سلمت افخلطتي واضحيت من ساحتي اجفيل
راقب فيا وجه الله يا هاجر لوكر مسجونك سرحو اتفوز بــحســانو
د ـ قصيدة " التوبة " لابن سليمان، لا تنشد إلا على عراق العجم، وحربتها:
ياراسي لا تشقى التاعب لابد من لفراق
لا تامن فالدنيا ابناسها غــــرارا
ه ـ قصيدة " خناثة" للحبابي، لا تنشد إلا على الصيكة والحجاز، وحربتها:
عشقي فخناثـــا ياترا فالعاهد والقول ثابتـــــا
من تاهت بجمالها حياتي راحت روحي الصايلا عل لبدر بنعوت
2 ـ الأداء على أكثر من ميزان: من أمثلته قصيدة "المزيان" للعلمي، وحربتها:
حن واشفق واعطف برضاك يالمزيان
لا اسماحا ميعاد الله يا لهاجر
فإنهم يبدؤونها على الاستهلال، ثم ينتقلون إلى رمل الماية فالحجاز فالصيكة.
وهذا ما يسمى عندهم ب(التفجاج) أي أن المنشد (ايفجج) أي يستعرض طبوعا مختلفة في القصيدة الواحدة، وهي عملية أطلقوا عليها (لبدال)، وذلك عندهم من براعة الأداء .
أما المنشد الذي لا يستطيع ذلك فإنه يقال عنه إنه يغني (اعلى جنب واحد)، وهذا دليل على قصر باعه.
وبعد، فهذه بعض ملامح التأثير الذي كان لفن "الآلة" على فن "الملحون" حاولت وفق ما يسمح به الوقت ويتسع له المجال إبراز أهم ملامحه. وهو في الحقيقة لا يمكن توضيحه هكذا نظريا وبدون تطبيق يتيح الاستماع إلى القصائد مؤداة. ولعل ذلك أن يتاح في فرصة أخرى إن شاء الله.
عباس الجراري.
رد مع اقتباس
  #110  
قديم 15/09/2010, 22h07
الصورة الرمزية starziko
starziko starziko غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:510608
 
تاريخ التسجيل: avril 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 129
Post الملحون وإشكال التسمية

الملحون وإشكال التسمية


الكاتب: أسعد البازي

هناك اراء متعددة تتضارب فيما بينها تحاول تحديد المعنى اللغوي لكلمة –الملحون- فالاستاذ محمد الفاسي يذهب إلى أن الملحون مشتق من التلحين بمعنى التنغيم لا من اللحن أي الخطأ في القواعد الإعرابية ، وذلك أن اللغة التي يستعملها شعراء الملحون هي لغة غير إعرابية ولها قواعدها واساليبها ولا يعقل ان يخطئ فيها المتكلم بها أو الناظم لها ثم يطلق هذا الخطأ على إنتاجه الشعري،وإنما جاء الالتباس في أذهان البعض من هذه الموافقة الصوتية بين المعنيين اللذين يؤديهما لفظ اللحن في اللغة العربية(1).

ثم يقول في موضع اخروأول ما يتبادر للذهن أنه شعر بلغة لا إعراب فيها فكأنه كلام فيه لحن،وهذا الاشتقاق باطل من وجوه ،لأننا لا نقابل الكلام الفصيح بالكلام الملحون ولم يرد هذا التعبير عند أحد من الكتاب القدماء لا بالمشرق ولا بالمغرب ،والذي أراه أنهم اشتقوا هذا اللفظ من التلحين بمعنى التنغيم لأن الاصل في هذا الشعر الملحون ان ينظم ليتغنى به قبل كل شيئ (2).ويستشهد على ذلك بقولة لابن خلدون حيث يذهب قائلا:.(.ونجد ما يؤيد هذا النظر في قول ابن خلدون في المقدمة في الفصل الخمسين في أشعار العرب وأهل الامصارلهذا العهد بعد أن تكلم عن الشعر المكتوب باللغة العامية فقال: (وربما يلحنون فيه ألحانا بسيطة لا على طريقة الصناعةالموسيقية) (3). ويعلل الفاسي ذلك ومعنى هذا أنهم لا يدخلون أشعارهم في ميازين الموسيقى المعروفة من بسيط وبطايحي ونحوهما،وإنما يجعلون لهاألحانا خاصة) (4). وهناك باحث اخر هو الدكتور عباس الجراري يأتي لكي يرد على طروحات الاستاذ محمد الفاسي وبالتالي يحاول بدوره الإسهام في إيجاد اشتقاق للفظة الملحون حبث يقولونحن نرى على العكس من هذا، أن التسمية اشتقت من اللحن بمعنى الخطأ النحوي)(5) حيث يذهب محللا ومناقشا اراء الفاسي من ثلاث وجهات :

1- إن الشعر الملحون لم يكن ينظم أول الأمر ليتغنى به، وإن اتخاذه للغناء تم في مرحلة ثانية.
2- إننا حقالا نقابل الكلام الفصيح بالكلام الملحون، لأن الفصاحة قد تكون في الملحون وغير الملحون، وقد جانب الأستاذ الفاسي الصواب حين استعمل كلمة فصيح ليقابل بها كلمة ملحون، وما نظنه يجهل أن الذي يقابل الشعر الملحون هو الشعر المعرب وليس الفصيح .
3- فهي استعمال هاتين التسميتين: المعرب والملحون متعارف عليه عند كل الذين تعرضوا للونين من الشعر،فابن سعيد يقول متحدثا عن بعض الشعراءوله شعر ملحون على طريقة العامة) والحلي يتحدث عن الفنون المستحدثة فيقولوهي الفنون التي إعرابها لحن وفصاحتها لكن وقوة لفظها وهن) ثم يقول (ثم تداوله العامة ومن لا أنس له بالقواعد ومن عجز عن الإعراب حتى صاروا ينظمونه ملحونا).ويضيف الجراري: أكثر من هذا أن المغاربة استعملوا الملحون في مقابل المعرب على حد ما نقرأ عند التادلي في فتح الأنوار حيث يقولالملحون يطلق على النظم غير المعرب)(6)،ويذهب باحث مغربي اخر وهو العربي بنتركة قائلاولعل هذا التراث سمي بالملحون لعدم تغير ألحانه والتزامه باللحن الواحد)(7). أما الباحث الجزائري عبد المالك مرتاض فيقرر أن مادة( لحن) في اللغة العربية تدل على ثلاثة معان أساسية:
1-اللحن بمعنى ارتكاب الخطأ أثناء الحديث، واصله الميل عن جانب النحو
أي الطريق؛أي العدول عن الصواب.
2-الفطانة والفهم.
3-ترديد الصوت وتمديده وقطعه وتفخيمه وترقيقه وتلوينه على ضروب نبرية مختلفة،أي التغني به على نحو معلوم، يقاللحن في قراءته تلحينا:
طرب فيها وقرأ بألحان ولحون). ثم تطور المدلول الثالث وأصبح خاصا يطلق على صوت معين يختاره الملحن لقصيدة شعرية يتغنى بها على نحو خاص.( ويتساءل الباحث عبد المالك مرتاض عن ما يمكن استخلاصه من هذا البحث اللغوي ؛أي لماذا سمي الشعر الشعبي ملحونا عندنا، والجواب كما يقولإما أنه سمي بذلك لارتكاب الشعراء الشعبيين أخطاء نحويةأي أنهم ابتعدوا عن الفصيح للغة العربية وأصولها، وإما أنه سمي

بذلك لتغني الشعراء الشعبيين به)(9) ويتساءل كذلكفأي المدلولين أحق
أن يؤول أو يتبع?يقولإنه من العسير الجزم في مثل هذه القضية بصورة قاطعة ، فكلا الامرين جائز ومحتمل،وإذن فقد يكون الملحون قصيدة شعرية ذات لحن خاص بها تغنى في مجالس اللهو والطرب واللذة وتردد في الحفلات والولائم والأعراس، كما قد يكون قصيدة شعرية عامية،نابعة من روح الشعب معبرة عن عقليته بصرف النظر عن كونها تغنى في صوت، او تبقى خرساء بدون تلحين ولا ترديد).(10)
ونحن يمكن أن نطمئن إلى الرأي الأخير والذي يبدو أكثر إصابة واكثر إجابة عن إشكال التسمية هذه..ويبقى النقاش حول هذه القضية مطروحا..

المصادر والمراجع

1- معلمة الملحون.محمد الفاسي.القسم الأول من الجزء الأول.مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية.أبريل 1986.ص.100
2 – الأدب الشعبي المغربي- الملحون –محمد الفاسي (مجلة البحث العلمي. السنة 1/1964.ص: 43/44.
3- نفس المرجع.ص:44 ونحن هنا نسجل المصدر الذي أخذ عنه الاستاذ محمد الفاسي هذه المقولة:
- المقدمة.ابن خلدون .بيروت 1961.ص 582
4- الأدب الشعبي المغربي. الملحون.محمد الفاسي ص 44
5- الزجل في المغرب (القصيدة).الدكتور عباس الجراري.مطبعة الأمنية
1969.الرباط. الطبعة الأولى.ص 56
6- نفس المرجع ص 56/57.ونحن نسجل المصادر التي أخذ عنها الجراري وهي كالتالي:
- المغرب في حلى المغرب لابن سعيد.تحقيق الدكتور شوقي ضيف.
طبعة دار المعارف.القاهرة.الجزء الثاني.ص 222.
-العاطل الحالي والمرخص الغالي.صفي الدين الحلي.مكتبة بايزيد
اسطنبول(5542) الورقة 18.
- فتح الأنوار في بيان ما يعين على مدح المختار.ابراهيم التادلي.
خزانة الرباط العامة 3285 د.ص 5
7 –في الفلكلورالمغربي .الأدب الشعبي (الملحون).العربي بنتركة.
(التراث الشعبي) عدد 1/2.السنة 10-1979.ص 158/159


8- في الشعر الشعبي الجزائري.دكتور عبد المالك مرتاض.(التراث الشعبي).العدد 2.السنة 9-1978.ص13 والاستشهاد الذي بين قوسين هو للزمخشري.أساس البلاغة.دار صادر .بيروت 1965.
9- في الشعر الشعبي الجزائري.ص13
10- نفس المرجع.ص14.
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 14h04.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd