* : اغاني ليبيه باصوات عربيه (الكاتـب : abuaseem - - الوقت: 19h20 - التاريخ: 06/05/2024)           »          إسماعيل شبانة- 6 ديسمبر 1919 - 28 فبراير 1985 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : abuaseem - - الوقت: 19h20 - التاريخ: 06/05/2024)           »          سعاد هاشم (الكاتـب : Talab - آخر مشاركة : abuaseem - - الوقت: 19h13 - التاريخ: 06/05/2024)           »          عواطف فاضل (الكاتـب : امحمد شعبان - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 17h13 - التاريخ: 06/05/2024)           »          الشيخ محمد صلاح الدين كباره (الكاتـب : احمد البنهاوي - آخر مشاركة : riad assoum - - الوقت: 15h39 - التاريخ: 06/05/2024)           »          فريدة الاسكندرانية (الكاتـب : auditt05 - آخر مشاركة : الكرملي - - الوقت: 13h48 - التاريخ: 06/05/2024)           »          مجموعة الاذاعة التونسية (الكاتـب : امحمد شعبان - آخر مشاركة : سماعي - - الوقت: 12h36 - التاريخ: 06/05/2024)           »          نوت الأستاذ طارق ( tarak766 ) (الكاتـب : tarak766 - آخر مشاركة : mehdijaaf - - الوقت: 23h45 - التاريخ: 05/05/2024)           »          احمد الشافي (الكاتـب : اسامة عبد الحميد - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 23h28 - التاريخ: 05/05/2024)           »          وديع عبدو (الكاتـب : امحمد شعبان - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 22h29 - التاريخ: 05/05/2024)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > مجلس العلوم > المكتبة > مقالات في الموسيقى

تنبيه يرجى مراعاته

تعلم إدارة سماعي، الأعضاء أن كل الملفات والمواد المنقولة من مواقع خارجية أو مواقع تخزين للكتب أو المتواجدة بكثرة على شبكة الإنترنت ... سيتم حذفها دون إعلام لصاحب الموضوع ... نرجو الإلتزام ... وشكرا


رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #1  
قديم 20/12/2008, 19h11
samer mahmoud samer mahmoud غير متصل  
ضيف سماعي
رقم العضوية:328572
 
تاريخ التسجيل: novembre 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 1
افتراضي هذا المقال نشرته صحيفة العرب اللندنية وهو للشاعر والباحث المصري "وسام الدويك"

منير مراد.. سبق عصره فتناسته مصر

مصر- العرب أونلاين- وسام الدويك*:

1- "منير مراد" ونظرية المؤامرة
الحكاية بدأت منذ سنين، ذلك أننى وجدتنى أحب وبشدة هذا الخليط العجيب من الإبداعات التى برع فيها - وبشدة أيضا - "منير مراد"، فمن التقليد إلى التمثيل إلى التلحين إلى الغناء إلى الرقص إلى كتابة القصة والسيناريو إلى العمل كمساعد مخرج، ويبدو أن "منير مراد" لم يترك عملا فى الفن إلا وأبدعه، حتى أنه ومنذ بداياته الأولى كان يلحن عناوين الصحف!

و"منير مراد" ولد فى أبريل 1922 وتوفى فى أكتوبر1981، مثل دور البطولة فى فيلمين هما "أنا وحبيبي" أمام "شادية"1953، و"نهارك سعيد" 1955، وفى العام نفسه قام بدور صغير فى فيلم "موعد مع إبليس" أمام "زكى رستم" و"محمود المليجي"، ثم مرت تسع سنوات كاملة إلى أن طلب منه صديقه "حسن الصيفي"أن يقدم استعراضا فى فيلمه الذى أخرجه عام 1964 وكان بعنوان"بنت الحتة".

و"لمنير مراد" 3000 لحن كما أنه كان مساعد مخرج فى 150 فيلما، وهو ابن"زكى مراد"، أشهر مطربى مصر بين أواخر القرن19 وثلاثينيات القرن العشرين، له ثلاث أخَوات هن ليلى "حبيبة الروح" وسميحة وملك المغتربتان، وأخ واحد، هو إبراهيم "منتج فيلميه الأولين".

ولأننى مهتم بما يسمى فى أوربا"Bio-biography" أو"تأريخ السيرة"، فقد قررت أن أبدأ فى الكتابة عنه....ومع استبعاد نظرية المؤامرة لم أجد تفسيرا لما حدث لى منذ بدأت بحثي، وكأن "منير مراد" هذا تم "الردم" عليه، لماذا؟ لمصلحة من؟ هذان السؤالان هما ما لم أستطيع الإجابة عنهما حتى الآن.

وقد بدأت بحثى بالتوجه إلى المركز القومى للسينما، وهناك سألت أحدهم عن وجود أية مادة من أى نوع عن "منير مراد"، فأرشدنى إلى الدور الثاني، وتكرر سؤالى مع سيدة كانت تهبط السلالم فأرشدتنى إلى السيدة فلانة فى الغرفة رقم كذا على اليمين، ودخلت لأسألها طلبي، فأجابتنى بكل ذوق:
"والله يا أستاذ لو لقيت حضرتك أى مادة هات لنا، الأرشيف هنا يبدأ من سنة 1981".

وفى يوم آخر اتجهت إلى مركز الثقافة السينمائية، وهناك جدّ الموظفون فى البحث عن ملف "منير مراد"، وفى النهاية وجدوه، فأخذته لتصوير "كل" محتوياته بعد أن تركت لهم بطاقتى العائلية، والمفاجأة أن أرشيف المركز القومى للثقافة السينمائية - بجلالة قدره - لا يحتوى سوى على أربع موضوعات فقط عن الرجل"!!!

أما أرشيف دار الهلال، فقد وجدت فيه الأوراق المهترئة والأخرى الغامقة إلى حد السواد، والكتابة غير المقروءة لأسماء الموضوعات، هذا إلى جانب أن سعر تصوير القصاصة الواحدة هو خمسة جنيهات فى حين أن أعلى سعر فى أى مكان وحتى فى المكتبات المنتشرة فى الشوارع هو خمسون قرشا أى عشر الثمن!!

ومن مؤسسة لمؤسسة يا قلبى لا تحزن، ففى يوم اتصلت بصديق يعمل فى صحيفة "كبرى" وطلبت منه التوسط لى فى الدخول إلى أرشيفها لأن هذا أمر ممنوع على غير العاملين بها، ولا أدرى لماذا؟ أما عن نظام التعامل فهو كالتالي:
أولا – لا يوجد تصوير ورق بالمرة– ثانيا – الملف الخاص "بمنير مراد" أقل بكثير من ملفه بالهلال ثالثا – أحد الموضوعات تم نزعه بالكامل، ولما نبهت الموظفة إلى الأمر أجابت بإيماءة من رأسها و"طيب طيب".

وعندما ذهبت إلى هيئة الكتاب، وطلبت مجلد مجلة الكواكب 1955، قال الموظف – بعد أكثر من نصف ساعة – إنه فى الترميم، فطلبت مجلد 1954، وبعد أكثر من ربع ساعة، حضر المجلد فبدأت فى فتحه لأصعق بأنه للفترة بين يناير وأبريل 1957 قلت لنفسي: "فلأبحث فيه بدلا من الانتظار مرة أخرى"، وبدأت التصفح، وإذا بى أجد المصيبة الكبرى متكررة كل عدة صفحات حيث تجد صفحة أو أكثر "مقصوصة"، فما كان منى إلا أن نهضت حتى لا أجد أى موضوع عن "منير مراد" غير مكتمل أو مقصوصا و هو ما كان سيسبب لى ما لا أعرفه.

ومما لا يعرفه الكثيرون أن العديد من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات المصرية قام "منير مراد" بوضع موسيقاها وتلحين أغانيها، مثل "مسرحية حواء الساعة 12 لفؤاد المهندس وشويكار" ومسلسل "برج الحظ أو شرارة لمحمد عوض" وكذلك فيلم "الزوجة 13 لرشدى أباظة وشادية" التى لحن لها وحدها سبعين لحنا، هذا إلى جانب أنه لحن لكل من "عبد الحليم حافظ" صديق عمره الذى لازمه طيلة الأعوام الاثنتى عشرة الأخيرة من حياته"وعلى الرغم من ذلك فإنه لم يرد ذكره فى أى عمل عن حليم" ، كما لحن "لوردة" و"هانى شاكر" و"محمد عبد المطلب" وقبلهم لحن أغنية واحدة "لليلى مراد" هى "أنا زى ما انا"، وعليه فقد ذهبت إلى كل من معهد الموسيقى العربية برمسيس والمكتبة الموسيقية بالأوبرا وفى كل منهما لم أجد أية مادة موسيقية له أو عنه..... هكذا ببساطة!!

وعن طريق صديقين يعملان فى التليفزيون تركت للإعلامى "محمود سعد"مظروفا به نسخ من كتبى وورقة بها مختصر فكرتى وطلبت منه أية معلومة ممكنة حول "منير مراد"، كما تركت رقم تليفونى واسمى وشكرى وامتناني، ومرت الشهور.... وأنتم تعرفون البقية.......
لماذا لم يتصل؟ أو لماذا لم يوصل الصديقان المظروف؟لماذا نسى شخص ما أى شيء؟خمسون ألف لماذا ولا إجابة واحدة؟

لقد قام "منير مراد" بأعمال لو وزعت على20 فنانا لكفتهم، وقد كتب المؤرخ الكبير "كمال النجمي" ذات يوم عن زملاء "منير مراد" قائلا إنهم بدوا – بعد وفاته – وكأنهم اتفقوا على نسيانه، ولعلنى أستطيع أن أؤكد ذلك حيث إنني– وفى خضم بحثى عن ناقد موسيقي– اتصلت بمكتب الموسيقار"عمار الشريعي" والذى يعده البعض من تلامذة "منير" وإن لم يكن بشكل مباشر، ولم أجد أدنى اهتمام حتى بعد أن تركت كل التفاصيل على المجيب الآلى فى تليفونه، لقد كنت أريد مقابلة "الأستاذ" ليشرح لى ببساطة موقع موسيقى "منير مراد" فى تاريخ الموسيقى المصرية، فهل كان هذا كثيرا على أم على وقته أم على "منير مراد"؟!!!

بل إن الأمر امتد إلى أهل الرجل، فعلى سبيل المثال اتصلت "بزكى فطين عبد الوهاب" مرارا ولم يرد، فأرسلت له "sms" ثم أعدت الاتصال عدة مرات ولم يرد، ولا أدرى ما السبب، إن "منير مراد" خاله فهل هذا المخرج العبقرى يستطيع أن يخرج فيلما عن حياته وليس لديه الوقت كى يتحدث عن خاله؟فكيف يمكن لباحث مثلى إذن أن يتجرأ و يدعو مثلا إلى إقامة متحف للفنان الراحل، خاصة عندما نعلم أن شقته – على سبيل المثال - قد بيعت بعد وفاته وأنها الآن مغلقة فما بالنا بأعماله وصوره ومتعلقاته؟!!

كما أننى اتصلت بنقابة المهن الموسيقية وتم توصيلى بمكتب النقيب "منير الوسيمي" ورد عليّ مدير مكتبه وسألنى عن كل شيء بداية من الاسم إلى الوظيفة إلى الغرض من المقابلة إلى رقم هاتفى وقال لى إنهم سيطلبوننى بعد تحديد موعد وهذا بالطبع ما لم يحدث، وهذا الأسلوب معروف فى مصر المحروسة فحين يريد أحدهم أن "يوزعك" فإنه يقول لك بكل احترام : "دى نمرتك؟طيب هاتصل بيك" وطبعا ولا بيتصل ولا حاجة.

وأثناء بحثى فى المادة المنشورة عرفت أن آخر زوجات "منير مراد" تعمل الآن بإحدى المجلات المهتمة بالسينما فاتصلت بها فردت السكرتيرة فشرحت لها الموضوع فقالت إن مدام "م" هى الآن زوجة دكتور "فلان" المشهور وهى سيدة محجبة وأنها – أى السكرتيرة– لا تعتقد أنها سوف تتحدث معى فى هذا الأمر، تركت لها رقم المحمول قائلا إذا وجدت لديها استعدادا فالرجاء الاتصال، وبالطبع لم أتلق أى اتصال حتى الآن.

أما عن رحلة البحث عن أفلام "منير مراد" – وهى بالمناسبة أربعة فقط – فحدث ولا حرج، فقد بدأت من أشهر المكتبات إلى باعة الأسطوانات على الأرصفة فى رمسيس والإسعاف ووسط البلد، وكنت فى كل مرة أشرح للبائع محتوى الأفلام وأذكر بعض أبطالها مثل "شادية"و"النابلسي"، حيث لا يعرف إلا القليلون من هو"منير مراد"، وفى كل مرة ينتهى الأمر إلى لا شيء، كما ذهبت إلى مكتب أفلام "جمال الليثي" بشارع "شريف" فوجدته مغلقا بالشمع الأحمر، ثم اتصلت بمكتب "روتانا" ورد أحدهم قائلا إن هناك حوالى 2000 فيلم فى مكتبتهم "وهذا بالمناسبة معظم تراثنا السينمائي"، لكنهم لم يطبعوا سوى 200 فيلم على أسطوانات والمسألة أنهم فى الشركة ينظرون إلى الأرباح، وبالتالى فإننى إذا لم أجد هذه الأفلام فإنها بالتأكيد غير مطبوعة.

وعلى الرغم من أننى اكتشفت أن مصر ليس بها نقاد موسيقيون بالمعنى العلمى ولا يوجد بها أرشيف سواء سينمائى أو موسيقى أو ورقي، وإن وجد فهو قليل أو مهمل أو مسروق، كما أن أهل الحقل الواحد – على أفضل التقديرات– غير متعاونين، إن لم يكونوا متصارعين، على الرغم من كل هذا إلا أننى استطعت أن أحصل على معلومات نادرة، وأحاديث إذاعية ومقالات وأخبارا هذا إلى جانب أفلام "منير مراد" "وإن كانت رديئة الصورة"، فعلى الرغم من كل هذه المعوقات وكل هؤلاء المعوقين إلا أن هناك أشخاصا يحترمون كلمتهم ويساعدون الباحثين لا لشيء إلا لأن هذه شيمهم .

لقد بدأ الحديث عن "منير مراد" فى الصحف والمجلات عام 1957 وذلك فى مجلة "الكواكب" التى كانت أكثر المجلات حديثا عنه وعن مواهبه المتعددة، وامتد الحديث عنه حتى وفاته 1981، ثم صمتت كل الأقلام "تقريبا" حتى تذكره المؤرخ الكبير "حسن إمام عمر" عام 1994 من خلال مقال فى مجلة"الكواكب"، وظلت الكتابة عنه بشكل متقطع حتى عام 2002، ومنذ ذلك التاريخ لم يذكر شيء عن منير مراد".
1 – "منير مراد "... والظلم المقصود

كعادة أغلب المبدعين فى كل الدنيا وفى كل الأزمان عاش "منير مراد" فقيرا ومات صغير السن، لكنه امتاز عن غيره من هؤلاء المبدعين بسوء حظ لا يوازيه فيه فنان آخر، هذا إلى جانب الظلم الشديد الذى تعرض له سواء فى حياته أو بعد مماته .
ولعل أهم الأسباب التى جعلت الظلم يطرق باب “منير مراد “باستمرار هى كونه فنانا شاملا جمع بين عناصر عدة من عناصر الفن السابع حيث لم يستوعب الوسط الفنى ولا المتلقى المصرى هذا الأمر، قد كان”منير” – كما هو معلوم – يرقص ويمثل ويغنى ويقلد ويؤلف الأفلام ويلحن ويعزف، ولعل أبسط ما يمكن أن يعرض الإنسان وبخاصة الفنان للظلم هو إحساسه بأنه غير مفهوم وأنه لا يقدر حق تقديره .
وقد كان صاحبنا ربيب أسرة فنية عريقة كما ذكرنا، كما أنه كان أخا لثلاث بنات كن جميعا أصحاب أصوات عذبة هاجرت اثنتان منهما إلى الخارج وبقيت واحدة هى "ليلى" التى طبقت شهرتها الآفاق، وقد ذكرنا فى مقال سابق أن بعض المبدعين قد يتعرض لظلم مقصود أو غير مقصود لمجرد أنه أخ لفنان آخر كان حظه أو أمور أخرى السبب أو الأسباب وراء نجاح طاغ لا يستطيع المظلوم منهما اللهاث خلفه والأمثلة على ذلك كثيرة.

أما عن مظاهر ظلم هذا الفنان فهى عديدة يمكن أن تبدأ منذ أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، فقد قدم “منير مراد “على سبيل المثال كافة فنون الاستعراض والمحاكاة فى أفلامه الثلاث فى تلك الفترة والتى قدمت خلالها أعمال تتسم بالرتابة والشجن من قبل مطربين كبار أمثال "عبد الحليم حافظ" و"فريد الأطرش"، ولم يكن يقترب من منطقة”منير” على استحياء سوى "محمد فوزي" ، وبالتالى لم يستوعب الجمهور ولا حتى القائمون على صناعة السينما هذا المبدع المتفجر الذى يملأ الشاشة أمامهم بكل شيء من خفة الدم إلى خفة الحركة ومن التمثيل إلى الرقص إلى الاستعراض إلى الغناء إلى التأليف السينمائي، وهو الأمر الذى دعا البعض إلى القول إن أفلامه لم تكن ناجحة فكيف لمشاهد تربت ذائقته البصرية على سينما الشجن والرتابة لسنوات أن يلتفت إلى هذا العفريت الجميل !!!!!

أما فى الموسيقى فقد سار "منير" على نهج "محمد عبد الوهاب" الذى تخلص من التخت الشرقى وقبله "سيد درويش" الذى تخلص من الموسيقى التركية فقد حاول”منير” التخلص من الموسيقى ذات الإيقاع البطيء والأغنية الطويلة زمنيا إلى الموسيقى السريعة والأغنية القصيرة فى محاولة لمواكبة العصر وكان هذا أيضا أمرا غير مقبول فى ذلك الزمان ، فلم يستوعبه لا المتلقى ولا أهل الفن أنفسهم أيضا وكان هذا مما وقع فى نفس”منير” حيث شعر بأنه يقدم الأحدث والأفضل من وجهة نظره والأنسب لعصره ومقاييسه ويقابل بكل هذا القدر من الإهمال والتجاهل .

ليست النوعية وحدها السبب فيما أشعره بالظلم بل العدد أيضا فقد ذكر “منير مراد “فى حديث إذاعى له أنه لحن 3000 لحنا وهو الأمر الذى جعل هناك حالة من عدم التصديق لهذه الموهبة المتفردة فى الغزارة والنوعية الموسيقية الجديدة والمختلفة ، لقد لحن”منير” ضوضاء القاهرة وعناوين الصحف وموضوعات بعض المقررات الدراسية كما لحن من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار من "أنا زى ما أنا " "لليلى مراد" إلى "قرب قرب خش اتفرج" التى ملأ بها الشاشة الفضية رقصا ومرحا.

وكما عانى "منير مراد" بشدة من عدم تفهم الوسط الفنى والمتلقى معا لإبداعاته عانى أيضا من البيروقراطية والتعامل الحكومى الفج مع الفنون ، فعندما ظهر التليفزيون فى مصر تصور"منير" أنه سيصبح شباكه الواسع على الدنيا إلا أن الأمر كان عكس ذلك تماما فيذكر المبدع أنه كان حين يطلب "طفاية سجائر" من التليفزيون أثناء العمل فى البروفات كانوا يجيبونه قائلين "أكتب طلب عشان نجيبها من المخازن" تخيلوا مبدعا يريد أن يقدم ما أسماه "أصغر استعراض فى العالم" ، وكان يريد عمل فيلم يجمع فيه كل فنانى مصر فى ذلك الوقت من "عبد الوهاب" إلى الثلاثس المرح يعامل بهذه الطريقة، وبالطبع فإن هذا كان مثالا ولنا أن نتخيل الباقي.

وفى الوقت الذى كان يعامل فيه فناننا بهذا الشكل كان التليفزيون المكسيكى يمنحه ساعة أسبوعية يقدم خلالها إبداعاته المختلفة وكان اسم البرنامج هو"ساعة مع “منير مراد “"، وأرجو أن تتذكروا أن الفنان "سمير غانم" كان قد قدم عام 2007 برنامجا اسمه "ساعة مع "سمير غانم"" على إحدى القنوات الخاصة التى يمتلكها رجل أعمال.

ولم يسلم “منير مراد “من هذا الظلم الذى كان غير مقصود غالبا ومقصودا أحيانا، حتى بعد مماته، فبداية من توقيت وفاته حتى عام 2002 تعرض تاريخه إلى الطمس الإعلامى والتشويه والسرقة بشكل يوحى بالفعل بأنه لا يسود فى مصر سوى كل سفيه، فقد توفي”منير” يوم 17 أكتوبر 1981 وكان ذلك بعد وفاة الرئيس الراحل "أنور السادات" بأيام قلائل وبالطبع لم يلتفت إلى موته أحد، إنهم لم يلتفتوا إلى وجوده فهل سيلتفتون إلى موته ؟!

لقد ظلت الصحف تنعى السادات لسنين فكيف كان نعى “منير مراد “ فى تصوركم؟ لقد كتبت الأهرام يوم 18 أكتوبر خبرا فى عدة سطور مفاده أن “منير مراد “توفى أمس إثر سكتة قلبية وذكرت بعض معلومات عن حياته وأعماله، وبالطبع فإن "أهم" معلومة تذكر- بالنسبة لذاكريها الذين يظنون ولهم الحق أن الناس لن تعرفه - هى أنه أخو"ليلى مراد" .

كوارث الإنترنت
أما عن الانترنت، ذلك الاختراع المهم جدا والذى يسهل حياة الناس ويستخدمه البشر فى كل الدنيا لهذا الغرض أولا، فقد كان لدينا نحن سكان هذه المنطقة العبقرية من العالم مصدرا للكوارث بحق.

فبعيدا عن استخدام الانترنت فى تفريغ الكبت بكافة أشكاله والجنسى منه بخاصة، فإن هناك طامة كبرى تتمثل فى التعامل العربى والمصرى مع الشبكة باستخفاف شديد لا يمكن أن نجده فى أى مكان فى العالم ، فباستطاعة أى شخص أن يكتب أى شيء وينشره على المواقع والمنتديات والمدونات، وهو أمر مهم ويحقق حرية ولو جزئية فى التعبير ، لكن استخدام الانترنت لتقديم معلومة مشوهة لا لشيء إلا لأن ذلك قد عنّ فعله للمراهق أو الشاب الذى كتبها من أجل جذب أكبر عدد ممكن من الرواد، أو نقلها مزيفة دون تدقيق أو مراجعة، فإن هذه هى الطامة الكبرى، وقد كان من الفجاجة فى الاستسهال والادعاء على خلق الله وهم أموات أن ذكر أحدهم أن "منير مراد" مات "حزنا على السادات" !!!!!! يا سلام !!!!!! أى منطق هذا؟

وما علاقة”منير” بالرئيس الراحل "أنور السادات"؟ وهل هذا يعلى من شأن "السادات" أم من شأن "منير" ؟

ومن الاستسهال أو"الاستهبال" قول البعض إن "منير" مات "شريدا خارج مصر" وهو أمر غير مفهوم بالمرة، فإذا كنت يا من تدعى ذلك لا تعلم شيئا عن "منير مراد" فلماذا تتصدى للحديث عنه ولماذا هذا التشويه؟ لقد ذكرت هذه المعلومة المغلوطة على منتدى وما أدراك ما المنتديات التى يشرف عليها أطفال ومراهقون وشباب سطحى لا معلومة لديهم ولا توثيق.

المهم أن المنتدى كان ينشر موضوعا عن الفنانين "اليهود" فى مصر، وبالطبع فإن هذا أمر مشوق سوف يجذب "الزبائن" وبالتالى فلا مانع من إظهار أن هذا الفنان كان يهوديا وأسلم أولم يسلم فصار معاقبا بالتشرد والموت خارج الوطن.

ومن الظلم الشديد الذى يتعرض له “منير مراد “هو أسلوب الإشارة إليه وإلى عائلته، فقد كتبت صحيفة إليكترونية مجهولة اسمها "الجماهير" اسمه هكذا "موريس زاكاى موردخاي" فكأنك حين تقرأ الاسم تتخيل أنهم يتحدثون عن إسرائيلى لا يهودى مصرى إن عائلة "منير مراد" ذات الأصل اليهودى هى عائلة مصرية تماما كما هو معروف وقد كانوا يسمون أبناءهم بأسماء مصرية فكان اسم الأخ الأكبر هو"إبراهيم" إلى جانب "سميحة"و"ملك" و"ليلى" التى يدعى بعض كتاب هذه المنتديات المشبوهة أن اسمها الأصلى "ليلي" "بلامين وياءين" وأنها عراقية الأصل وأخت "سليمة مراد"المطربة اليهودية العراقية الشهيرة زوجة المطرب العراقى الشهير "ناظم الغزالي"وبالطبع فإن هذا أيضا من الكوارث لأن هاتين المطربتين لم تلتقيا على الإطلاق وليست بينهما أية صلة قرابة إنه فقط تشابه فى الأسماء.

ولوجه الحقيقة فقط فإن"منير" كان فى بداية حياته يدعى "موريس" وغيره إلى”منير محمد مراد"، ثم اختصره إلى "منير مراد" وليس هناك من "موردخاى ولا ليلى ولا زاكاي" ولا أى شيء من هذه الخزعبلات.

وعلى ذكر الدين وتغييره ولو أننى لا أحب الحديث فى هذا الشأن لأن الدين لله وحده ولأنه لا دخل لنوع الدين فى الفنون ولا العكس فى رأيى إلا أننى وجدت أنه من الواجب على - مادمت اضطلعت بمهمة تأريخ السيرة - أن أذكر التفاصيل لوجه الحقيقة ليس إلا، فمن المعروف أن البعض – بغرض الفرقعة الإعلامية وجذب "الزبائن" – يقوم بالدعاية لأكذوبة ليس لها أساس من الصحة وهى أن "منير مراد" أسلم ليتزوج من حبيبة عمره الفنانة المعروفة المعتزلة حاليا "سهير البابلي" وهو أمر عار تماما من الحقيقة فمن المعروف أن”منير” أشهر إسلامه عام 1948 وأنه من دعا "ليلى" أخته إلى الإسلام وقد غير اسمه فى تلك الفترة التى عمل خلالها كمساعد مخرج فى 150 فيلما.

وعلى الرغم من قرب المسافة الزمنية إلا أن الكثيرين لا يهتمون بالتدقيق فى تاريخ ميلاد أو حتى تاريخ وفاة “منير مراد “، وعلى الرغم من قرب المسافة أيضا إلا أن أفلامه لم تطبع حتى تاريخ كتابة هذا المقال على "سى دي" أو"فيديو كاسيت" عدا فيلم واحد ظهر فيه لمدة خمس دقائق هى مدة الاستعراض الذى قدمه مع "سامية جمال"، وهو فيلم "بنت الحتة" لصديقه المخرج "حسن الصيفي".

كل هذه الأمور وغيرها تجعلنى أشعر بالأسى تجاه مبدع مصرى صميم قام بتطوير فنه وإبداعاته وقدم ما لم يستطع أن يقدمه غيره على مدار عمره القصير الذى لم يتجاوز تسعة وخمسين عاما.

2 – مستويات المحاكاة لدى "منير مراد"
يعد "منير مراد" "1922 – 1981" أهم من قدم فن المحاكاة أو"التقليد" على أسس واضحة خاصة "تقليد الفنانين" والمطربين منهم على وجه الدقة، فهو لم يقم بمحاكاة نبرة الصوت أو حتى حركات الفنان فقط، ، بل إنه كان حين يحاكى يجعل المتلقى يعيش فى "جو كامل" خاص بمن يقوم بتقليده، فعلى سبيل المثال فى الاستعراض الشهير "هنا القاهرة" كان يقدم لكل مطرب بمقدمة لحنها هو بأسلوب ألحان هذا المطرب، خاصة وأنهم كانوا جميعا ملحنين عدا أخته "ليلى مراد"، هذا إلى جانب محاكاته للحركات وأسلوب المشى وملامح الوجه، حتى يهيئ المتلقى نفسيا لاستقبال "حالة محاكاة فنان" لا محاكاة سطحية لا دلالة لها.

"منير مراد" فى محاكاته أيضا لم يقم باستدعاء أحد الفنانين المتوفين فى "اسكتش" ما مثلا ليقدم المحاكاة من أجل المحاكاة كما يفعل كل من يحاول أن يقدم هذا اللون من الفنون كأن يمسك أحدهم الميكروفون فى حفل ما ليقوم "بتقليد الفنانين" حتى يجعل "محمد هنيدي" يقوم باستدعاء "يوسف وهبي"، وهذا أمر آخر يختلف فيه "منير مراد" عن غيره، فهولا يقدم المحاكاة لانتزاع ضحكة أو ابتسامة، إنه يقدم فنا مهما، بل لا يقل أهمية عن التمثيل ذاته، بدليل أن فيلميه الشهيرين "أنا وحبيبى – 1953" و"نهارك سعيد – 1955" لم يخل أى منهما من الاستعراض والغناء والتقليد على حد سواء، بل إن كلا منهما كان يدور حول شاب موهوب فى كافة أشكال الفنون التمثيلية، وصف "بالتياترجي" نسبة إلى "التياترو" الذى كان يقدم فيه كل ألوان الفنون المرئية المذكورة .

وهناك مستوى آخر يجدر بنا الحديث عنه هو"خلق الشخصية عن طريق المحاكاة"، أنظر إلى مشهد اتصاله بوالدته "ميمى شكيب" بعد أن طرده أبوه "سراج منير" فى فيلم "نهارك سعيد"، لقد قالت الأم للأب إن عمته هى التى تتحدث فتناول الأب السماعة منها فجأة، وهنا شاهدنا شخصية لا وجود لها فى الفيلم من خلال طبقة صوت وملامح "منير مراد" الذى صار فجأة "عمة الأب على الهاتف"، إذن فالمحاكاة لدى هذا الفنان ليست تلك الوجبة الخفيفة أو مجموعة التوابل التى توضع فى الفيلم ليكتسب طعما كوميديا، إنها فن قائم بذاته.

كما أن "لمنير مراد" مستوى خفيا من المحاكاة، وهو مستوى محاكاته لفنانى هوليوود الضالعين فى فن الاستعراض، وهم على وجه الحصر "دانى كاي"، "دين مارتن"، "جين كيللي"، "فريد أستير"، وهم جميعا فنانون شاملون فكل منهم يمثل ويغنى ويرقص وكانوا فى تلك الفترة وهى من أواخر الأربعينيات وحتى أواخر الخمسينيات من القرن العشرين أشهر نجوم السينما الأمريكية.

ولكن ما أعنيه من محاكاة "منير مراد" لأى منهم هو استخدامه مجموعة مهمة من عناصر الفن السابع، برع هو فيها بشدة، وأعنى الغناء والرقص وتقديم الاستعراضات، إضافة إلى ما كان يقوم به من محاكاة وتأليف سينمائى وتلحين وعزف، لكن محاولته استجلاب هذا الأسلوب "العصرى جدا وقتها" أتى بنتيجة عكسية تماما مما أدى ببعض النقاد إلى القول بفشل فيلميه المشار إليهما فى هذا المقال، فقد كانت الناس معتادة آنذاك على الأفلام ذات النكهة التراجيدية، كما أن أشهر ممثلى السينما من المطربين وقتها كانا "فريد الأطرش" و"عبد الحليم حافظ" اللذين حاولا تقديم شيء من الكوميديا فى بعض أفلامهما، لكنهما – مع شديد التقدير – لا يمكن مقارنة أى منهما بخفة روح"منير مراد".

أضف إلى ذلك أن المطرب فى الأفلام الاستعراضية فى تلك الفترة كان يظهر شبه ثابت داخل الاستعراضات بينما تتحرك الراقصات من حوله، وكان أقصى ما يفعله هو أن يميل بضع سنتيمترات إلى اليمين أو اليسار برأسه، بنما كان "منير مراد" يملأ الشاشة بالحركة والجرى والرقص و"التنطيط"، حتى إنك – كمشاهد – لا تبحث عن فرقة أو راقصة فهو يقدم لك كل شيء ...كل شيء.

ولعل كون "منير مراد" سابقا لعصره هو أحد أهم أسباب "فشله السينمائي"، أضف إلى ذلك أن كل شيء فى بلادنا له سقف، وعلى الرغم من أننا نلوك كل يوم مقولة "الفنون جنون" إلا أن هذا الجنون محدود للغاية، ومن يحاول أن يكون متجاوزا يحترق "أو يحرق"، والنماذج على هذا ليست قليلة.

تخيلوا معى لو أن "منير مراد" كان قد وصل فى بداية الخمسينيات إلى هوليوود، أنا شخصيا أرى أن كل الفنانين السابق ذكرهم كانوا سيسعون للاستفادة من مواهبه المتعددة التى كان يفوقهم بها أضعافا مضاعفة، خاصة وأنه لم تكن تنقصه لغة أو ثقافة.
لقد آن الأوان أن نميط اللثام عن كل الحقائق "قدر الإمكان" حول الموهبة الفذة لهذا المبدع من خلال بحث جاد لا يبغى سد خانة أو فرقعة إعلامية ولكنه يبتغى وجه الحقيقة .

كما أننى أطالب بإقامة "جمعية محبي"منير مراد"" وأدعو كل المؤسسات ومواقع الإنترنت المهتمة بالتراث الموسيقى وكذلك الجمعيات الفنية المستقلة، بل وأدعو الدولة إلى توثيق حياة وأعمال مبدعينا فى كل المجالات من خلال مشروع قومى للحفاظ على الذاكرة والهوية الوطنيتين، فليس من المعقول أن ننسى أو نتناسى من أعطى ومازال يعطى لحياتنا طعما بموسيقاه وإبداعاته المتعددة المتفردة مثل "منير مراد".

رحم الله "منير مراد" الفنان الشامل المصرى الأصيل المجدد الذى كان كل هدفه فى الحياة تقديم فن مصرى صميم قوى يعيش حتى لو لم يفهم فى عصره.

__________________
* صحافى من مصر
رد مع اقتباس
رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 20h54.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd