تعلم إدارة سماعي، الأعضاء أن كل الملفات والمواد المنقولة من مواقع خارجية أو مواقع تخزين للكتب أو المتواجدة بكثرة على شبكة الإنترنت ... سيتم حذفها دون إعلام لصاحب الموضوع ... نرجو الإلتزام ... وشكرا
ولد الشيخ أحمد الوافي بتونس العاصمة سنة 1850 من ‘ائلة اندلسية وكان أول إتصاله بالفن الموسيقي عن طريق والده الشيخ حميدة الذي كان من أبرز منشدي المدائح النبوية وخاصة بردة البوصري التي لها ألحان خاصة بتونس تتغنى بها القادرية ويقال لها " البردة بالصنائع " ثم تعلم المالوف والموسيقى على مجموعة من الفنانين في مقدمتهم الرباب " بريهم تبسي " و " وساقسلي " رئيس فرقة موسيقى الجيش الى ان أصبح من ابرز رواة المالوف وعازفا بارعا على " الفحل " فجلبه البارون ديرلنجي كمرجع من مراجع تأليفه في الموسيقى العربية . ساعد اتساع دائرة محفوظات احمد الوافي في المالوف أولا ثم من الموشحات والأدوار الشرقية ثانيا ويلي التي وصلت تونس سواء بواسطة الفرق مثل فرقة " طائرة " أو التساجيل مثل " لعبدة الحمولي " أو " للشيخ يوسف المنيلاوي " و " عبد الحي حلمي " وغيرهم ، على أن تتوفر له امكانية الارتجال او الانتاج الفني . وحكى بعض تلاميذه المقربين امثال المرحوم علي بنواس ومحمد الدرويش انه كلما اجريت مباراة بينه وبين زملائه وذلك بأخذ كلمات بعض " البطايحي " المعروفة ويرتجل عليها لحنا جديدا لم يسمعه أحد من قبل وينسب نقلها إلى أحد الشيوخ المتوفين . أما إنتاجه فقد إمتاز بطابع خاص امكننا تمييزه من بين التراث الموسيقي وذلك بالعناصر اللآتية : أبراز مقام الشاهناز الشرقي الذي تبرز فيه الروح التركية وقد أعطاه اسم " انقلاب الاصبعين " وذلك في البطايحي " هجرتني يا أخي " وموشح "يال قومي ضيعوني " ثم الى ادخال مقام النوى في طوالع قطع الشاهناز أو الاصبعين مثل طالع المثالين السابقين . وطالع موشح " بدري بدا في حلل " . هذا وقد طبق الشيخ الوافي طريقة التصرف المعروفة في الأدوار المصرية وهي تتمثل في ترديد المجموعة الصوتية لكلمة من القطعة أو المجرد " آه " على لحن مخصوص ويقوم المغني بإعادة نفس الكلمة أو الآه بين الترديد على لحن جديد يعتمد التصرف والتنويع في اللحن وقد قدم لنا من هذا النوع مثالا في مقام الإصبعين لم يترك فيه عادته في ادخال جمل من مقام النوى كما قدمنا وقد كانت هذه القطعة رغم بساطة كلماتها من أبرز الألحان الكلاسكية وهي موشح " قاضي العشق ". وادخل الوافي أيضا هذا النوع من التجديد على قطع النوبة ومن أبرز انتاجه في ذلك " خفيف المزموم " إلى " حبيبي نترك أوطاني " وقد أبرز لنا الوافي شجاعة كبرى في تناوله مقام المزموم لأن أغلب أترابه كانوا يتشاءمون من غنائه فضلا عن التلحين عليه . وتناول أيضا مقاما لم يقع تناوله قبل الوافي إلا في الارتجال أي الاستخبارات أو القصائد أو في الأغنيتين الشعبيتين " ازداد النبي وأفرحنا به " و " قابلة يا سوسية " وهو مقام الحسين صبا ، فقد قدم لنا فيه موشحا أخذ كلماته من سفينة الملك للشهاب التي تتناول التراث الشرقي وطبعت في أواخر القرن الماضي وعنوانه " يا لسمر يا سكر " . وللمرحوم الوافي تجديد آخر تناول به الإيقاع فقد لحن على وزن كاد ينفرد به وهو المربع التونسي الذي يشبه المصمودي القرقي إلى حد كبير ، وموشح " قاضي العشق " السابق ذكره ولحن على وزن النوخت عدة موشحات منها " يال قومي ضيعوني " وعل ميزان السماعي ومنه موشحه بدري بدا الذي بداه من الزمن الرابع مجاريا في ذلك الموشح الشرقي " ملا الكاسات وسقاني " لمحمد عصمان الذي بدا من الزمن الثالث للإيقاع . ان فضل أحمد الوافي على الانتاج الموسيقي واسع جدا . لقد كان من ابرز الملحنين الذين تفتحوا للشرق سواء كان عربيا مثل الموسيقى المصرية والسورية أو غيره مثل التركية مع المحافظة على الطابع التونسي الأصيل . وله فضل آخر اذ احدث مدرسة فنية اخرجت أغلب الشيوخ الذين وصلوا لنا الموسيقى القومية سواء منها القديمة أو التي انتجت في عصر أستاذهم أحمد الوافي . ومنهم المرحومون علي بنواس ، محمد الدرويش ، الطاهر المهيري . وتوفى أحمد الوافي سنة 1921 بعد أن خلد مكانته في تاريخ الموسيقى العربية بإنتاجه مثل زميله الملا عثمان المواصل بالعراق والسيد درويش بمصر وترك تراثا تتداوله الأجيال وتتغذى به الارواح .