تاريخ صناعة العود في العراق و صناعه

[قصي الفرضي]

الاخوة الاعزاء
السلام عليكم

اقدم لكم اليوم بعض من اسرار وتفاصيل صناعة الة العود العراقي وهذه القياسات والابعاد المعتمدة في صناعته طبقا لقياسات عود عراقي قديم من صنع احد صناع العود الارمن في الموصل قبل حوالي 60 عاما وكان موجودا لدى والد احد الاصدقاء القدامى ومع الاسف لم اتذكر اسم الصانع وحتى هذا الصديق لااعرف عنوانه ولامكانه اليوم .

قمت حينها عام 1976 يتدوين ورسم الابعاد بدقة و قمت بعمل قالب بابعاد هذا العود ( استعاره ابن حلال ولم يرده الى حد الان ) .

وقد ساعدني المرحوم والدي بالامور الفنية وانواع الاخشاب وطريقة قصها وتعويجها وطريقة اللصق لان والدي كان هاوي نجارة وكان جارا وصديقا حميما لصانع الاعواد المشهور المرحوم نجم العواد ( خال محمد فاضل صانع الاعواد العراقي المشهور واستاذه ) وورشته في محلة جديد حسن باشا في الفرع المقابل لكعك السيد والذي شغله ابن اخيه محمد فاضل لسنوات بعد ان ترك نجم العواد العمل لكبر سنه وكان محله مجاورا لبيت جدي وكان يضع الاعواد المكتملة الصنع في سرداب بيت جدي لحين بيعها للحفاظ عليها من الحر وتقلبات الطقس .


ومن خلال تردد والدي على الورشه والجلوس معه لفترات طويلة لاحظ وحفظ خطوات وتفاصيل صنع العود ومن ثم نقلها الي بدوره .

في الزيارة الاخيرة للمرحوم نجم العواد عام 1981لوالدي قبل وفاتهما شاهد المرحوم نجم العود المصنع من قبلي وابدى اعجابه به كثيرا لانني مبتديء في الصنعة ولم اتعلمها حرفيا من معلم وابدى ملاحظاته وبعض الاخطاء الفنية البسيطه فيه ومع الاسف لم احضر هذه الزيارة ولم اره بعد ذلك .

هذه المعلومات والتفاصيل سمعتها وتعلمتها من والدي ومن بعض صناع العود وبعض الكتب الموسيقية ومن بعض العازفين وقد يكون بعضها غير دقيقا 100% كون الامر هواية وليس احترافا ولاتوجد مصادر علمية دقيقة معتمدة لهذا الموضوع وقسم من الصناع قد لايعطي المعلومة الكاملة او الصحيحة خوفا على اسرار مهنته من تسربها للغير . الا اني اثرت ان ادون قدر الامكان ماتعلمته لتوثيق الموضوع حفظا على هذه المهنة الجميلة من الانقراض برحيل جيل الصناع الحالي .



التفاصيل الفنية :

يتكون العود من مجموعة انواع من الاخشاب ولايقتصر على نوع واحد جسم العود او كما يطلق عليه محليا الطاسه تتكون من نوعين من الخشب الزان الروماني وهو اجود انواع الزان ذو اللون البيجي الفاتح وخشب السيسم او الجوز او الماهكوني ذي الالوان الغامقة وممكن ان يصنع جسم العود من نوع واحد الا ان الجمالية والتفنن والامكانية الفنية جرت ان يكون العود بلونين ( اي نوعين من الخشب) .

تصنع مفاتيح العود من خشب صلد مثل الابنوس الاسود او الجوز
ويصنع بيت المفاتيح او الملاوي كما تسمى من الزان او السيسم .

ورقبة العود او الزند يصنع من الجوز او السيسم ويثبت علي نهايته لبلاب لتثبيته مع حسم العود لااعطاء تقوية للزند وزيادة تحمله للانحناء وعلو الاوتار على الدوسة فيما بعد .

وتلصق قطعة خشبية صغيرة صلدة من الابنوس او الجوز تسمى المخدة في اعلى الزند قرب المفاتيح لتمر الاوتار عليها وتكون اعلى مستوى من الزند بقليل حوالي 2ملم حتى لاتنطبق الاوتار على الزند .

في بعض الاعواد تعمل قطعة خشبية رقيقة من الزان امتدادا للزند تغطي جزء من وجه العود وتسمى اللسان او المراية حتى لايتأثر وجه العود الرقيق من انامل العازف بمرور الوقت حين عزف الطبقات العليا .

وجه العود يتكون من خشب الجام الابيض ويجب ان يكون خاليا من العقد والمسامير الخشبية وعروقه يجب ان تكون متقاربة وكلما زاد عدد العروق كان الوجه اجود وتحمل الخشب للجهد افضل .

ووجه العود هو الذي يعطي العود الصوت باهتزازه وفقا لصوت ضربات الاوتار المهتزة واهميته بجودة الصوت تفوق اهمية الطاسه التي تعكس الصوت وتخرجه عبر فتحات العود الثلاثة في الوجه .

كلما يكون الوجه اخف بكون اكثر اهتزازا وارق صوتا ولكن لحد معين من السماكة لاعلى حساب المتانة والتحمل ويكون سمكه حوالي 2 ملم وعادة يتكون من قطعتين او ثلاث قطع (والافضل قطعتين) ويجب ان يتماثل الجانب الايسر والايمن لضمان الاهتزاز وصدور الاصوات يشكل طبيعي وجميل . كلما زادت العروق في خشب الوجه كان الوجه اكثر تحملا واجود صوتا ويبلغ عدد العروق في الانج من 5 الى 20 عرق .
يثبت الوجه على 7 جسور خشبية من نفس نوع خشب الوجه (الجام) وتلصق وتثبت اعلى الطاسة ويراعى ان الجسر لايمر تحت الغزالة التي تشد بها الاوتار منعا لكتم صوت العود وتكون عادة بمنتصف المسافة بين الجسرين الاخيرين .

تصنع الغزالة من خشب الزان وتثقب ب12 او 10 ثقب حسب عدد اوتار العود وتلصق على الوجه بعناية لتتحمل سحب الاوتار فيما بعد وقبل تثبيت الوجه .

توجد قطعة خشبية تسمى الطره تصنع من خشب الزان او الجوز بسمك 1ملم تلصق في الوسط بين الغزالة والشمسية ( فتحة العود الوسطى الكبيرة لمنع تاثر وجه العود الرقيق بضربات الريشة اثناء العزف ولااعطاء جمالية لوجه العود .

توجد ثلاث فتحات الكبيرة تسمى الشمسية والصغيرة تسمى القمرية لاخراج الصوت المهتز من داخل العود وعادة تلصق عليها قطع دائرية من المعاكس الخفيف المخرم بالرسوم او اسم الصانع او مالك العود للجمالية .

الصعوبة والابداع والفن يتمثل بالدرجة الاولى في صنع جسم العود (الطاسة) كلما زادت القطع المتكون نها كان العود اكثر تماسكا وجودة .
من الممكن ان تكون اعداد القطع ( الترايش) فرديا او زوجيا حسب رغبة الصانع ومهارته .

تقطع الترايش بطول 75 سم وعرض 3.5 سم وسمك 2 ملم ( كل من الزان والسيسم) .
تثنى هذه الشرائط او الترايش الخشبية على شكل انحناء ظهر العود على النار الهادئة وبدون التعريض الكثير للنار مباشرة خوفا على تيبس واتشقاق الخشب مستقبلا لتشكيل الاتحناء الازم لجسم العود وتحتفظ التريشة بهذا الانحناء حتى بعد رفعها من النار .

يجلب ريبون كبير (فارة او رنده كبيرة) ويقلب ويثبت وشفرته الى الاعلى وتقشط نهايات التريشة من اليمين واليسار ومن الاعلى والاسفل بواسطته وهي بوضع الانحناء بعد رفعها عن النار وتوضع على زجاجة مسطحة كبير ة من حين لااخر اثناء القشط لضبط استقامتها الجانبية ( من اليمن واليسار ) براحتها وبدون شد لضمان انطباقها وتلاصقها بصورة محكمة ودقيقة مع مثيلاتها في جسم العود .

تثبت التريشة الاولى منتصف القالب وتلصق تريشتين واحدة من اليسار والاخرى على اليمين في كل مرحلة وتثبت بمسامير تدق في القالب الخشبي وتعوج عليها او بملزمات صعيرة ( فخه) الى ان يجف الغراء .
وتكمل بقية الترايش بهذه الطريقة حتى يتم اكمال جسم العود

الغراء المستخدم في عمل الاعواد الان هو الغراء البلاستيكي الابيض الاعتيادي المستخدم في الاعمال النجارية الاعتيادية .
واستخدمت الغراء الحار القديم في صنع العود حينها لانه الشائع في ذلك الوقت ولم يكن الغراء الابيض قد انتشر كثيرا واثبت جدارته .

وهذا الغراء ذو رائحة كريهه واسود اللون ويجب ان يسخن على نار هادئة او بخار لااستعماله ويجب ان يبقى على النار طول فترة الاستعمال ان ميزاته وسرعة جفافه ومتانته تغطي على عيوبه وقد انقرض الان ولم يعد له وجود لصعوبة استعماله بعد شيوع الغراء الابيض السهل الاستعمال .

توجد قطعتين من خشب الجام في مقدمة العود ومؤخرته لتثبيت ولصق الترايش عليها وتبقى من ضمن جسم العود وتتبت مبدئيا في القالب بواسطة براغي معدنية ثم ترفع بعد اكمال العود وتبقى القطع مع جسم العود .

حين الانتهاء من صنع طاسةالعود وتثبيت الوجة عليها يثبت الزند على جسم العود ويكون امتداده بموازاة سطح العود يترك العود بعد الانتهاء ليجف تماما ثم تبدء عمليات الحك والتنعيم بورق الزجاج ( كاغد الجام )تمهيدا لصبغه ويصبغ العود بالدملوك .
وبعض الصناع لا يميلون لصبغ وجه العود لااعتقادهم انه يؤثر على صوت العود ويكتمه .


يترك العود عدة ايام ليجف تماما ثم تثبت الاوتار وتحتاج الاوتار الى الشد والضبط عدة مرات الى ان يستقر العود ويأخذ قراره ويثبت الدوزان .

يتحسن صوت العود بمرور الوقت وكلما قدم العود وقدمت اخشابه كان صوته اكثر جوده وحنينا ويجب ان يعزف بصورة مستمرة عليه لتسريع هذه العملية وقد لوحظ بالتجربة ان العود المستخدم دائما يكون صوته افضل من العود المتروك بدون عزف .

ويراعى عند ترك العود لفترات طويلة ان تدوزن الاوتار بدرجة اوطأ بتون واحد على الاقل حتى لايتأثر جسم وزند العود بسحبها وترتفع الاوتار كثيرا عن الدوسة في الزند ويصبح العزف مزعجا ويحتاج الى ضغط كبير على الاوتار .

الاوتار المستخدمة لها اثر كبير على نوعية صوت العود ومن الانواع المشهورة والجيدة اوتار شركة توماستك النمساوية وفي بعض الاعواد يثبت وتر واحد ( وتر صول الغليظ ) لمنع حدوث جزه في الصوت وخصوصا من هذا الوتر بسبب تردده المنخفظ وغلاظته ورخاوته فيصطدم الواحد بالاخر عند العزف عليه وتحدث الجزه .

التفاصيل الفنية والقياسات موجودة في الرسم الهندسي المرفق مع الموضوع وانا حاضر لااي توضيح او استفسار قدر معلوماتي المتواضعة .

تحياتي .....
قصي الفرضي / العراق بغداد
يتبع
________________________________
@ تم تغيير عنوان الموضوع من ( العود صناعة وأسرار) الى ( تاريخ صناعة العود في العراق و صناعه ) حسب مقترح الأستاذ الغالي عثمان دلباني مشكوراً في عام 2010 ( هنــــــــاااااااا ) و ( هنـــااا)