* : سمير صبرى (الكاتـب : د.حسن - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 21h09 - التاريخ: 28/03/2024)           »          ليلى مراد- 17 فبراير 1918 - 21 نوفمبر 1995 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 19h08 - التاريخ: 28/03/2024)           »          تترات المسلسلات التلفزيونية (الكاتـب : راضى - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 16h16 - التاريخ: 28/03/2024)           »          غادة سالم (الكاتـب : ماهر العطار - آخر مشاركة : الكرملي - - الوقت: 15h31 - التاريخ: 28/03/2024)           »          عبد الحليم حافظ- 21 يونيه 1929 - 30 مارس 1977 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : fahedassouad - - الوقت: 12h28 - التاريخ: 28/03/2024)           »          محمد شريف (الكاتـب : loaie al-sayem - آخر مشاركة : اسامة عبد الحميد - - الوقت: 23h50 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سعاد محاسن (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 19h25 - التاريخ: 27/03/2024)           »          الشيخ محمد صلاح الدين كباره (الكاتـب : احمد البنهاوي - آخر مشاركة : kabh01 - - الوقت: 09h52 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سلمى (الكاتـب : حماد مزيد - آخر مشاركة : عطية لزهر - - الوقت: 09h18 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سمير غانم- 15 يناير 1937 - 20 مايو 2021 (الكاتـب : محمد البتيتى - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 01h14 - التاريخ: 27/03/2024)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > الموروث الشعبي والتراث الغنائي العربي > العراق > المواضيع العامة

المواضيع العامة المواضيع الفنية العامة والمواضيع الفولكلورية والثقافية ذات العلاقة بالفنون العراقية

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #71  
قديم 17/12/2009, 15h23
الصورة الرمزية محمد العمر
محمد العمر محمد العمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:372343
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: كندا
المشاركات: 905
افتراضي رد: بغداديــــــات

بغداديـــــات
الكسلات

ملاحظة:هذا الموضوع كان يفترض ان يرفع بعد موضوع العيد الكبير والصغير فسامحوني ياجماعة الخير على هذا السهو الذي بدر مني.

بعد انتهاء العيدين (عيــد الصغير وعيـــد الجبير ) ولاسيما في موسم الربيع يخرج البغداديون من بيوتهم صباح كل يوم ولمدة اسبوع وفق الروزنامة التي يحفضها كل منهم عن ظهر قلب فتأخذ النساء اطفالهن وهم بملابس العيد الزاهية ومعهن السماورات (وهي جمع سماور وهو جهاز لاعداد الماء الحار المستعمل في تخدير الشاي واصل الكلمة من الروسيه samovar ) وعدة الشاي والقدور التي تحوي غالبا الدولمــة او كبة الحلب او عروك وغيرها من الاكلات البغدادية مع بعض الافرشة الخفيفة كالزوالي الصغيرة او البسط والمنادر وعلاليك الفاكهة للتمتع بمباهج الطبيعة الزاهية التي تنعش النفس ولزيارة الاضرحة والمقامات حيث يتخذن مجالسهن في ظلال الاشجار قرب السواقي او في ساحات المزار المقصود وفق تقويم الكسلات البغدادية
وينتشر حيث الكسلة باعة الحلوى والكرزات والطرشي والمرطبات (كالشربت واللبن والسيفون وغيرها ) والمأكولات (كالجرك والبقصم والسميط وغيرها ) وهم ينادون على بضائعم ترويجا لها
ويشير تقويم الكسلات الى اختصاص يوم السبت بزيارة مرقد الامام الكاظم (ع) في الكاظمية والاحد بزيارة مريم بنت عمران في كرادة مريم في جانب الكرخ والاثنين بزيارة مرقدي الشيخ عمر السهروردي والسيد ابراهيم والثلاثاء بزيارة مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني في محلة باب الشيخ في الرصافة والاربعاء بزيارة مرقد ابو رابعة في الاعظمية والشيخ جنيد في جانب الكرخ والخميس بزيارة مرقد السيد ادريس في الكرادة الشرقية في جانب الرصافة والجمعة بزيارة مرقد الامام الاعظم ابي حنيفة بالاعظمية
ولابد للبغادة من استيفاء الكسلات جميعا بعد العيد في اسبوع موصول .
ويذهب الاستاذ هادي العلوي الى ان اصل الكسلة مجهول وكذلك المعنى الذي ينطوى عليه واغلب الظن انها وجدت بدافع الرغبة في مداومة المرح والتعطل الذي يستروحه الناس طوال ايام الاسبوع .وفي مجتمع ضيق يخفيه الحرمان كالذي زاملته بغداد في القرن الماضي مثل هذه النزعات تأثيرها القوى على الافراد
ان حاجة الناس الى التفسح والخروج من اسر القيود الاجتماعية التي تكبلهم تؤلف على الدوام حافزا يدفع بهم نحو البحث عن منافذ يتنفسون من خلالها .وهكذا كانت لايام العيد في بغداد بما تحمله للناس من مسرات اهميتها البالغة واصداؤها البعيدة في النفوس وكانت الكسلات مناسبة فرعها البغداديون من اعيادهم تطمينا لهذه النزعة .ولعل اطلاقهم اسم (الكسلة )على هذه الايام ما يؤيد هذا الظن او يقربه من الصواب واتماما للفائدة توفرت على تخليد الكسلات البغدادية التي ادراكها الانطفاء بعد ان زحف العمران الى ضواحي بغداد وأزال بساتينها الكثيفة التي كان يومها البغادة في كسلاتهم مسلطا الاضواء على ما يكتنفها من جذور تضرب بعيدا في اعماق تاريخنا الاجتماعي

مريم بنت عمران

ان الضريح الموجود في وسط ناحية الكرادة في الركن المقابل للسفارة الكويتية حاليا في بغداد ينسب الى السيدة مريم بنت عمران والدة السيد المسيح التي اطلق اسمها على الكرادة
والمرجح ان هذا القبر مثوى امرأة صالحة من نساء العهد العثماني اسمها مريم وقد التبس الامر على الناس فشاع بينهم انها السيدة العذراء بينما العذراء لم تزر العراق ولا عهد لها بالكرادة
وقد شاهدت هذا القبر بتاريخ 1-9-1967 فوجدت امامه ساحة تبلغ مساحتها حوالى الف متر مربع يحيط بها سور مشيد بالطابوق والاسمنت ارتفاعه متر ونصف له باب حديد عرضه حوالي عشرة اقدام وارتفاعه ارتفاع السور , وقد شيدته وزارة الاوقاف سنة 1958 كما علمت من المرأة التي لديها مفاتيح الباب وقد اخبرتني _حفظها الله _ ان هذه الارض قد اشتراها (الحاج حسن الخزعلي ) وحسبها وقفا للسيدة مريم وان المتولي الحالي لهذا الوقف هو (مجيد بن نعمة ) وفي ارض الساحة ثماني عشرة نخلة وثلاث اشجار كالبتوس وينتشر في ارجائها العاقول وبعض الاشجار البرية وفي الجهة اليسرى منها غرفة متداعية بلا سقف مساحتها 4×5 م (20 مترا مربعا ) وقد تصدعت جدرانها الاربعة وظهر جليا للعيان ان بتاءها من الشكنك والطين مملوجة بالجص وفي وسط هذه الغرفة قبر مريم وهو عبارة عن مجموعة من المرمر تراكم بعضها على البعض بلا تناسق وقد احيطت بيقايا سياج خشبي اكلته الارضة بعد ان غطيت بقماش اخضر لماع حديث الصنع .
وعند خروجي من هذا المزار صادفتني احدى الكراديات وبادرتني بقولها ...انخيها تــره هيه أم النطيات

ابــو رابعــــة

ومنهم من يسميه أم رابعة او رابعة بنت جميل ومذهب الدكتور مصطفى جواد ان بالقرب من جامع الرصافة مان قبر عبدالله العلوي وموضع هذا القبر يعرف اليوم بأسم (ابي رابعة )و(أم رابعة ) وهو يقع على مسافة قليلة من شرق شارع الامام الاعظم بازاء منعطف الضريح الملكي
والسبب في نسبته الى أم رابعة ان السيدة شمس الضحى شاهلبني الايوبية بنت عبد الخالق بن ملكشاه بن صلاح الدين زوجة الامير ابي العباس احمد بن المعتصم بالله العباسي ثم زوجة علاء الدين عطا ملك الجويني والى العراق والاحواز وكانت قد انشأت عند هذا المشهد رباطا للصوفية ومدرسة سميت بالمدرسة العصمتية ويفهم من اسم المدرسة ان هذه السيدة كانت تلقب بعصمة الدين اى ذات العصمة ولما توفيت سنة 678 هــ دفنت في التربة التي بنتها بجوار مدرستها عند مشهد عبدالله المذكور .وفي سنة 685 هــ توفيت ابنتها رابعة العباسية بنت الاميلا احمد ودفنت في تربة والدتها فرابعة وأم رابعة مدفونتان هناك
وقد زرت قبر ابو رابعة بتاريخ 15-3-1968 ويقع في الاعظمية محلة النصة على بعد 500 متر تقريبا من الطريق الذي يلي عمارة فاروق الجدة في داخل البيت المرقم 63 وهو بيت بسيط مشيد بالطابوق والجص ذو طابق واحد وبابه خشبي يتألف من فردتين .
ويفتح باب الدار على ممر مكشوف طوله حوالي عشرة امتار ويؤدي الى باب حديد حديث الصنع مصبوغ بلون اخضر وفتحه لي صاحب الدار (نعمان مسعود) الذي ورث قيمومة رابعة بنت جميل عن اجداده وقد ابرز الي ورقة مسجل عليها اسماءهم هذا نصها (مهدي ونعمان اولاد مسعود بن محمود بن احمد بن حبيب بن فياض بن نافع بن عميرة بن ابراهيم بن على بن بطرس بن احمد بن شهيد العبيدي ).
ويفضي الباب الحديدي الى ممر (طوله حوالى ستة أمتار وعرضه حوالى مترين ) مبنى بالطابوق والجص وقد عقد سقفه على شكل اقواس وفي منتصف الجدار الايسر من الممر باب خشبي واحد في وسطه صفان من مسامير نحاسية دائرية الشكل قطر الواحد حوالى اربعة انجات وفي كل صف خمسة مسامير ثبت الناب بالجدار بأطار خشبي وفي الجهة البعيدة من الجدار حلقة قطرها خمسة انجات تقربيا فوقها سلسلة حديد طولها حوالى قدم واحد وتتألف من ثلاثة زردات (حلقات ) والغرفة مربعة الشكل طول ضلعها حوالي اربعة امتار وسقفها معقود على شكل (عرقجين ) نصف كرة بالطابوق والجص وفي كل جدار شباك مربع الشكل مغطى بأطار خشبي (قيم ) مربعات صغيرة وارض الغرفة مبلطة بالطابوق ومفروشة بحصير الخوص والكمبار وفي وسط الغرفة صندوق من الخشب الجاولي ارتفاعه عن الارض حوالى متر وهو مغطى بقماش اخضر لماع (كريم ستن ) وفيه يرقد الشيخ حماد الدباس بن مسلم الذي يعتقد السيد نعمان انه زوج رابعة بنت جميل .
اما قبر رابعة فهو في داخل الجدار المقابل لمدخل الغرفة وقد اثبت على الجدار شباك خشبي مربع الشكل طول ضلعه حوالى قدمين وهو مقسم الى مربعات صغيرة وفوقه توجد
رازونه صغيرة فيها صخرة على هيئة شبه منحرف وحجمها يملأ الكفين وقد اخبرني السيد نعمان انها مكتوبة بحروف صغيرة ولكني لم اتمكن من رؤيتها . كما اخبرني بأن عددا من الزائرين الاجانب رغبوا في شرائها ,الا انه رفض بيعها لاعتقاده لقابليتها على شفاء (وجع البطن )اذا وضعت على مكان الالم .هذا وقد انيرت الغرفة مؤخرا بمصباح كهربائي

الســـيد ادريس

لم أجد مصدرا او جذرا تأريخيا لمزار السيد ادريس الذى يقع في الكرادة الشرقية .
وانني قد زرته صباح يوم 31-3-1968 فوجدته بناء جديدا يقع في شلرع فرعي يبعد عن الشارع العام (الذي يربط الجسر المعلق بمفرق الكرادة داخل ) بحوالي 500م في وسط مقبرة اسلامية عامة يحتضنها سياج حديث ارتفاعه حوالى متر ونصف في وسطه باب عرضه حوالى ثلاثة امتار كتب على مدخله في لوحة بيضاء مساحتها قدمان مربعان وهذا نصه
(بسم الله الرحمن الرحيم ,ان الله لايضيع أجر من احسن عملا قام بتشيد السياج الخارجي لمقبرة الامام السيد ادريس في الشهر التاسع سنة 1963 ألسيد احمد جفال البجري ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ) ويؤدي الباب الخارجي بعد قطع عشرين مترا تقريبا على ارض مبلطة بالكونكريت عرضها حوالي ثلاثة امتار الى بناء عال مربع الشكل طول جبهته حوالي ثلاثين مترا وفي وسطه مدخل المزار وفي كل من جانبي (ليوانان ) لجلوس الزائرين وتفتح الباب على مصلي يحيط بغرفة القبر من جميع الجوانب .
اما غرفة القبر فعليها قبة عالية مكسوة بالقاشان الازرق وفي وسطها صندوق خشبي ارتفاعه حوالي مترين وعرضه ثلاثة امتار مصبوغ باللون الجوزي وارضه مبلطة بالمزائيك وقد قام بتجديد مقام السيد ادريس علوان عيسى الكوزل (وهو من اهالي الكاظمية )على نفقته .ورأيت قيم المزار وهو (عبدالامير عيسى ) فوجدته في السبعين من عمره يرتدي دشداشة وسترة وعلى رأسه (غترة يشماغ )ويتوكأعلى عصا والجدير بالتنويه ان في ساحة المقبرة وخلف ضريح السيد ادريس غرفة مشيدة بالطابوق والجص اتخذت مغسلا للموتى ....وفي تلك الساحة ايضا عدد من الاشجار وثماني عشرة نخلة .وقدقيل لي او (السيد ادريس )كان سيدا شريفا بلغ من تدينه وتقواه حدا جعل الناس يتهافتون على كسب وده والتبرك به ويقول الاستاذ يونس سعيد ان احد المؤلفين تنسم اخبار سير المتصوفة فأخبرني ان ادريسا هذا كان رئيسا للخياطين فلما توفي اعتزم الخياطون الاستمرار على موالاته بزيارة قبره في كل سنه .فكانوا يحجون اليه وهم بكامل ملابسهم الجديدة المزركشة بما كانت تجري عليه سنن الازياء في ذلك الوقت فتعقبهم الجمهور الى هذه الزيارة معجبين بوفائهم لامامهم وبزينة ملابسهم المتميزة عن سائر الازياء هذا وعسى ان يوفق غيري للوقوف على جذر تأريخي للسيد ادريس رحمه الله .
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
رد مع اقتباس
  #72  
قديم 20/12/2009, 16h20
الصورة الرمزية اسامة عبد الحميد
اسامة عبد الحميد اسامة عبد الحميد غير متصل  
مشرف قسم العراق
رقم العضوية:48357
 
تاريخ التسجيل: juillet 2007
الجنسية: عربية
الإقامة: سماعي
المشاركات: 2,396
افتراضي رد: بغداديــــــات

الغالي (محمد العمر) لقد قمت بارشفة مكثفة وممتعه للكثير من البغداديات التي اضحت طي النسيان فكان بحق مرجع مهم لمن يريد ان يتعرف على هذه المدينة التي كانت تتآرجح بين السمو تارة والهفوت والانقباض تارة اخرى سلمت اناملك التي ارتقت وطبعت وسلمت افكارك التي نسقت ودونت تلك الملحمة اخي الغالي ان سمحت لي ان اشارك ببعض المداخلات التي تكمل الموضوع كي تكتمل الصورة عند القارئ والمتصفح للموضوع فسأبدأ هذه المشاركة بتلك المساهمة

انارة وانتخابات المختارين للمحلات
في ايام الوالي (علي رضا باشا اللاز) جرى انتخاب المختارين فصار لكل محلة مختار اول ومختار ثاني مع امام يقوم بشؤون الزواج متفقا مع المختارين

ولضيق طرق محلات بغداد وقلة المصابيح ومنعا لوقوع الجرائم فيها امر الوالي عبد الرحمن باشا 1296هجري_1879ميلادي
انارة بعض المحلات بجانب الرصافة فوضعت المصابيح (فوانيس) من قبل بلدية بغداد وفي عصر كل يوم يجتازمستخدموا البلدية الطرق ومعهم سلالم خشبية يرتقون عليها لاشعال الضوء بالفوانيس العالقة بالجدران وبذلك انكشف عن بغداد بعض الديجور المخيم على ارجائها
وحينها كانت بغداد موحدة وتشمل
1-محلة الفضل وبضمنها (محلات العزة وخان لاوند =النائبية= ومحلة السيد عبدالله ومحلة حمام المالح والقرغول) وكان رئيس هذه المحلات العلامة الشيخ عبد الوهاب النائب.
2-محلة الحيدرخانه وماجاورها ترأسها الشيخ داوود النقشبندي
3-محلة القشل وماجاورها ويترأسها (آل كبة)
4-محلة قنبر علي ومجاورها ويترأسها (آل الجميل)
5-محلة راس القرية وماجاورها ويترأسها (آل الباجه جي)
6-محلة باب الشيخ وماجاورها ويترأسها (آل النقيب)
7-صوب او جانب الكرخ ويترأسه (آل السويدي)
وكان هؤلاء الرؤساء يرعون مصالح اهالي محلاتهم ويسهرون على تلبية مطالبهم كما يفعل رب الاسرة لاسرته وكما على اهل المحلات احترام هؤلاء الرؤساء والالتزام بتوجيهاتهم.


رد مع اقتباس
  #73  
قديم 20/12/2009, 17h40
الصورة الرمزية محمد العمر
محمد العمر محمد العمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:372343
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: كندا
المشاركات: 905
افتراضي رد: بغداديــــــات

الاخ الحبيب اسامة عبد الحميد
تحية عبقة
لك حرية التصرف بما تجود به اناملك
وكذالك بقية الاخوة
تحياتي للجميع
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
رد مع اقتباس
  #74  
قديم 16/01/2010, 21h44
الصورة الرمزية محمد العمر
محمد العمر محمد العمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:372343
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: كندا
المشاركات: 905
افتراضي رد: بغداديــــــات

مقاهي بغداد الأدبية

حسين مردان
فجأة قررت هجر المدرسة والمجيء الى بغداد.. كنت حينذاك في العشرين من عمري، كتلة نار وسيوف.
وتلقفني شارع الرشيد..الفساتين الملونة والزجاج.. وقلت لنفسي من هذا الرصيف الرمادي ستبدأ مسيرتي الصعبة نحو قمة الجبل. وكانت الدهشة تشدني من كل جانب حتى وصلت الى (مقهى الزهاوي) حيث يجلس محمد هادي الدفتري وخضر الطائي وعبدالرحمن البناء.


وكانت حماستي الجهنمية وولعي الشديد بالمناقشة والجدل، وافكاري المتطرفة في الشعر والادب قد وضعتني تدريجيا في المكان اللائق بين اصدقائي الجدد.
وفي تلك الايام الرهيبة التقيت بوجه الجوع الاصفر،، فكنت لا اتناول في اليوم اكثر من وجبة واحدة.
صمونة نصف سمراء مع كأس من الشربت.
اما النوم فهو المشكلة الرئيسية التي كانت تشغل اكبر مساحة من ذهني،، وقد وجدت الحل اخيرا في عدم النوم، فكنت اذرع المدينة عرضا وطولا الى ان يبزغ الفجر، وعندما كان يهيمن النعاس على عيني كنت الجأ الى اقرب بستان للحصول على غفوة صغيرة. وكان عدوي الوحيد في تلك الفنادق الهوائية هو البعوض.. ولم ازل امقت هذه المخلوقات اللئيمة حتى هذه اللحظة.
وكانت الزيارات بين ادباء وشعراء المقاهي عادة طريفة تشكل نواة متفجرة للحوار والمصادمات الادبية.. وكانت جماعة مقهى (حسن العجمي) تضم البراك والجواهري وجلال الحنفي وكمال الجبوري وغيرهم.. وكنا نحن ادباء الشباب نعامل كل هؤلاء بتقدير فائق، وكانوا بدورهم يشيدون بنتاجاتنا فيساهمون بدفعنا للتجديد والابتكار، وشيئا فشيئا بدأت اصبح نقطة لتجمع ادبي جديد، فانتقلنا ومعي كل من رشيد ياسين وبلند الحيدري وزهير احمد القيسي الى (مقهى البلدية) وكان شعراء وادباء الكليات يهرعون الينا بمجرد الانتهاء من دروسهم، ومن هؤلاء بدر شاكر السياب وعبدالرزاق عبدالواحد واكرم الوتري.. فقد كانت تلك المقاهي جامعات حقيقية للادب والشعر، وكنا نعيش في جو من الصداقة الصميمية.. ومع اننا لم نكن نمارس التفكير السياسي بصورة جدية فقد كانت حياتنا سلسلة من العذابات والحرمان.. الا اننا كنا نمثل اسلوبا فريدا من ناحية تطبيق الاشتراكية.. فعلبة الدخان التي كان يملكها احدنا تطرح على الطاولة لتكون مشاعة للجميع.. وكان اكثرنا مالا هو الذي يدفع ثمن اكواب الشاي.. واحيانا كنا نفرض على ادباء دار المعلمين العالية دعوتنا الى تناول الطعام في مطعم الكلية.. وفي الواقع كنا نحسدهم كثيرا، ولطالما طلبنا منهم ان يصفوا لنا الاكلات الشهية والفواكه ليأتى بها الينا.. كذلك كنا نشترك في نظم القصائد وكتابة المقالات النقدية. ولعل الاخ زهير احمد القيسي هو الوحيد الذي لم يزل يحتفظ بتلك المنظومات التاريخية.. وكان رشيد ياسين من عناصر الازعاج بيننا فقد كان يستغل معرفته بالنحو لاثارة بعضنا، فكنا نتهمه بالجمود وقد نذهب الى ابعد من ذلك فنسخر من سيبويه وكل فلاسفة اللغة.. وهكذا نضطره الى السكوت ثم الضحك. وبعدها تحولنا الى (مقهى الدفاع) وهنا التحق بمجموعتنا عدد من المثقفين والكتاب وعلى رأسهم المسرحي صفاء مصطفى وكمال القيسي والممثل يحيى فائق وغائب طعمة فرمان، ومصطفى الفكيكي – صاحب مجلة الراصد الان- وفي هذا المقهى بدأت محبتنا للشطرنج، حيث كان يلتقي اباطرة هذه اللعبة كالسيد عبدالرزاق المدرس والشيخ عبدالكريم الطحان الذي يعتبر مؤسس المدرسة العراقية في هذا الفن، ومن هذه الاجواء بالذات ولدت الشخصيات الحقيقية لرواية (خمسة اصوات): وفي تلك الفترة وصل جبرا ابراهيم جبرا الى العراق وانضم الى جماعة (كافيه سويس) والتي كانت ترتبط بنا ايضا ولكننا لم نكن لنهتم بهم كثيرا لما يبدو عليهم من مظاهر الترف البرجوازي ومن هؤلاء الرسام جواد سليم ونجيب المانع وعبدالملك نوري ونزار سليم،، وكان ساطع عبدالرزاق هو حلقة الوصل بين الجماعتين، وقد استطاع بمساعدة بلند الحيدري سحبي الى ذلك المقهى الانيق، ولكن وفائي الطبقي كان يدفعني الى العودة الى اصدقائي القدماء، واخيرا قررت الانتقال الى المقر الجديد في (مقهى الصباح) في باب المعظم. فقد كان السأم من وجوه الزبائن المدمنة وتكرار المنظر الواحد من الاسباب التي تدفعنا الى الانتقال من مكان الى آخر، ولكننا قد نتحمل كل شيء اذا كانت علاقتنا بصاحب المقهى مرنة وودية، ولكل كلمة من هاتين الكلمتين اكثر من معنى واحد.. فالمرونة تعني الاستجابة لطلباتنا الكثيرة وعدم الالحاح باسترجاع الديون المتراكمة! اما بالنسبة للمودة، فنحن نريد من صاحب المقهى ان يستقبلنا ويودعنا بالترحيب والابتسام. كانت جلساتنا الطويلة تبدأ من شروق الشمس ولا تنتهي قبل الساعة الثامنة مساء حيث نتسرب الى الحانات المجاورة لمنطقة الميدان، والذي كان قلب بغداد النابض حينذاك، والحقيقة ان المقهى كان يعتبر البيت الدائم لكل منا، وحتى الاعضاء الذين كانوا يقيمون في بغداد كانوا يتناولون الغداء معنا في اكثر الاحيان وكنا نقدر مثل هذه التضحية العظيمة، لانهم يحرمون انفسهم من اطايب الطعام من اجل البقاء بقربنا، واذا حدث وذهب احدهم لرؤية اهله فانه سرعان ما يعود لكي لاتفوته زيارة بعض الادباء لنا، فقد كان عدد الزوار يزداد يوما بعد آخر، ومن هؤلاء الدكتور محمد جواد رضا الملقب بـ(دعبل) والشاعر كاظم التميمي والناصري وصفاء الحيدري والكاتب عبدالرزاق الشيخ علي وعبدالصاحب الملائكة والناقد طالب السامرائي، ولم يكن هذا الزائر او ذاك ليأتي لمجرد رؤيتنا فقط، بل ليقرأ علينا قصيدته او قصته الجديدة، وكانت مثل هذه الاعمال الادبية تطرح من قبل صاحبها للنقد والمناقشة بكل تواضع للحصول على تزكيتها او الحكم باعدامها وقد يستمر الجدل حول قصيدة واحدة ساعات طويلة، وغالبا ما كنا نحن الذين نقرر صلاحها للنشر،، فقد كنا نسيطر عن طريق غير مباشر على الصفحات الادبية التي كانت تخصص في بعض الجرائد، حيث كان معظم المشرفين على تحرير تلك الزوايا الادبية من حاشيتنا، وكان باستطاعتنا ان نثلم شهرة اي شاعر او اديب يحاول الخروج او التمرد على مفاهيمنا الادبية والفنية، اما المجلات الادبية العالية فقد كانت هي الحلم الاوحد الذي يقوم ويقعد معنا، فعندما كان يحصل انسان ما على امتياز مجلة ادبية، كنا نركض اليه من المقاهي كافة لكي نضع مجلته ضمن نفوذنا الادبي، واذكر بهذه المناسبة ان واحدا من هؤلاء قد طلب من عبدالملك نوري قصة لاتحمل اي طابع سياسي وطلب مني قصيدة خالية من الصور الجنسية وقصيدة من عبدالوهاب البياتي بعيدة عن الاشارات الثورية، وعندما قلنا لماذا؟ اجاب وهو يتلفت حوله: لانني اخاف من الحكومة! وعندئذ صحنا بصوت واحد.. ولذا نقترح عليك ان تطبع الغلاف وحده وتكتب عليه.. بما انني اخشى السجن فقد قررت اصدار مجلتي بهذا الشكل الفريد.. وهنا كان لابد لنا من ان نمنح هذا المتأدب المسكين احد الالقاب البهلوانية التي كنا نطلقها على امثاله، وقد فاز بقلب (الطائر الخرافي).. وبقدر ما كنا منسجمين من ناحية اتجاهاتنا الفكرية العامة كنا نختلف احيانا من حيث اساليبنا وطموحاتنا الفردية، ولعلي الوحيد الذي لم يدخل في صميم المشاحنات الادبية، التي كانت تحدث دائما بين الادباء والتي غالبا ماكانت تؤدي الى الخصام وقطع العلاقات، واشهر تلك الخصومات هي التي كانت تحدث بين السياب من جهة وعبدالوهاب البياتي وكاظم جواد من جهة اخرى، وكان كاظم هو مركز الثقل في هذه المعارك فان انضمامه الى احد الطرفين كان يعني فوز ذلك الطرف.. وكان كل من الفريقين يحاول الاستعانة بي، الاّ انني كنت ارفض مثل هذه المواقف واعمل على ازالة الجفاء وتقريب وجهات النظر بين الجبهتين فقد كان الصراع في حقيقته يدور حول الزعامة الشعرية! وهو عمل كنت انظر اليه من جانبي باستخفاف وبامتعاض، لاني لم اكن مؤمنا بمثل هذه السخافة، سخافة الامارة والامتياز الادبي، ومع اني كنت اعتقد ان هذه المنازعات تخلق رجة لا غنى عنها للحركة الادبية، ولكنني لم اكن اسمح بتطورها الى درجة العنف ولذلك كنت اقف ضدها باستمرار. كان انتقالنا الى (مقهى الصباح) في بداية عام 1948 وهو العام الذي صدر فيه ديوان بدر شاكر السياب (ازهار ذابلة) وديوان عبدالوهاب البياتي (ملائكة الشيطان) وفي نفس السنة طبع بلند الحيدري مجموعته (خفقة الطين) واصدرت نازك الملائكة كذلك ديوانها (شظايا ورماد).. وهكذا بدأت حياة المقاهي الكئيبة ترصع سماء الشعر القديمة بنجوم ذات بريق جديد، وقد قوبلت هذه المجموعات الشعرية بشيء من الحماسة من قبل القراء الشباب ومن المثقفين بصورة خاصة،، الا انها استقبلت بنوع شديد من الحذر من جانب المتزمتين من عباد الثالوث الشعري المتكون من الزهاوي والرصافي والجواهري.. في الوقت الذي كانت فيه شهرة الزهاوي قد اخذت تميل الى الاصفرار وخمدت السنة اللهب على حافة بركان الرصافي.. وبرز الجواهري مرتديا بردة الزعامة.. ولم يكن هناك من يرفض الاعتراف بقيادة الجواهري للحركة الشعرية.. فقد كانت قصائده ترن في كل مكان.. وعندما صدر ديواني (قصائد عارية) في مطلع عام 1949 وأمرت الحكومة بمصادرته وتقديمي الى المحاكم بتهمة افساد افكار الشباب.. جاءني القاص عبدالرزاق الشيخ علي واخبرني ان الجواهري يريد رؤيتي ويدعوني الى زيارته.. ولكني رفضت الذهاب وقلت له: ليأتي الجواهري اليّ في المقهى.. ويبدو ان ابا فرات كان يفهم مدى الغرور الذي يحمله الشعراء الشباب!! فاستعان بديموقراطيته وحضر الى مقهى الرشيد حيث كان مقري الدائم حيذاك،، وقد نهضنا لاستقباله بما يليق به باعتباره الوريث الشرعي لكل ابداعات التراث الشعري منذ العصر الجاهلي الى يومنا ذاك.. وبعد حديث قصير اظهر الجواهري اسفه لمصادرة ديواني ومحاكمتي وعرض عليّ مساعدته، واظن انه تحدث مع الحاكم الذي احيلت اوراق الدعوى اليه.. وعلى الرغم من عدم ايماني بعبقرية الجواهري بصورة مطلقة فقد ظل يعاملني بمودة خاصة،، وحتى عندما هاجمته بسلسلة من المقالات النقدية حول قصيدته (اللاجئة في العيد) لم اسمع منه كلمة واحدة تنم عن الكره، ولكني لمست موقفه المتحفظ مني خلال نشاطنا داخل اتحاد الادباء العراقيين،، وقد استطاع ان يبعد اسمي من قائمة المرشحين للهيئة الادارية، مما اضطرني الى خلق عدة تكتلات ادبية لمجابهة جبهة الجواهري- صلاح خالص.. وقد كان الاديب خالص عزمي هو ساعدي الايمن في حومة ذلك الصراع الخفي.. ولم ازل اذكر لخالص دوره الفعال ومواقفه الجريئة.. وعندما عقدت المفاوضات بين الجانبين كان القاص عبدالملك نوري هو ممثلنا فيها،، ولكنهم لم يحترموا ما وعدوا به من حرية الانتخاب.. فعمدت الى مهاجمتهم في اثناء المؤتمر، وقد حملتني اصوات اصدقائي القدماء من ادباء وشعراء المقاهي الى كرسي الهيئة الادارية.. لقد سقت هذه الحادثة كدليل على قوة ونفوذ الادباء الشباب الذين كانوا يحلمون في الثورة على كل مظاهر الادب القديم وخاصة في ميدان الشعر، ولقد ظلت تلك الذكريات المشتركة تشد بعضنا الى بعض فترة طويلة، فعلى الرغم من الطبيعة السياسية لاتحاد الادباء العراقيين فقد بذلت المستحيل من اجل انضمام الشاعر بلند الحيدري وقد ساعدني في ذلك كل من عبدالوهاب البياتي وعبدالملك نوري،، اما بالنسبة لبدر شاكر السياب فقد كان هناك تيار شبه عام ضد قبوله.. ومع ذلك فقد حاولت الا انني لم استطع ان اقنع حتى الذين كانوا يؤمنون بشاعرية بدر وقابلياته الادبية. ان الصور التي تجمعت في ذاكرتنا عن ايام مقهى الصباح كانت كثيرة ومتعددة، فقد كان صاحب المقهى واسمه صبيح اكثر رقة من اي صاحب مقهى آخر.. ومع ذلك فقد اقترح احدنا التحول الى (مقهى الرشيد) في الحيدرخانة.. وبعد ان نوقش الاقتراح مدة شهر كامل تقرر الاخذ به.. وهكذا تحركت القافلة الى هناك.. وفي هذا المقهى التقينا الشاعر صالح بحر العلوم وعباس شايجه وانضم الينا كذلك كل من الاخوين موسى ومحمد النقدي، وهنا بدأت حدة المناقشات الادبية تهفت تدريجيا!. ثم حصل الانتقال الكبير الى (مقهى البرازيلية).. لقد كان عهد (مقهى البرازيلية) هو العهد الذهبي في حياتنا الادبية، فقد اصبح لكل منا شخصيته الادبية الخاصة، واذا كانت بعض الوجوه قد اختفت نهائيا لعدم قدرتها على المواصلة فقد ظهرت وجوه اخرى جديدة ذات سمات ملائمة كالشاعر رشدي العامل والقاص نزار عباس ومحمد روزنامجي والصحفي الكبير عبدالمجيد الونداوي، فهناك وخلف الواجهة الزجاجية العريضة وحول منضدة من اعواد الخيزران كان يجلس الفرسان الاربعة انا وعبدالوهاب البياتي وكاظم جواد وعبدالملك نوري حيث قد اصبحنا نقطة الارتكاز لكافة اطراف الحركة الادبية في العراق ومع اننا كنا نختلف من ناحية اتجاهنا الادبي، الا اننا كنا نشكل وحدة متراصة ضد كل بوادر الشعوذة ومحاولات الارتداد، غير ان حدة النقاش قد اخذت تهفت باستمرار حتى خيل اليّ اننا سنتحول الى نوع من الدمى، لذا كنت انتظر مجيء الليل بشوق لايوصف حيث التقي اصدقائي من الادباء الذين فضلوا البقاء في مقاهينا القديمة، فقد كان معظمهم يأتون اليّ بعد الساعة الثامنة مساء في حانة (بلقيس) لنستعيد ذكريات ايامنا السابقة، وفي تلك الفترة انضم الينا كل من سعدي يوسف ومحمود الخطيب وماجد العامل، وكان يحضر للبرازيلية احيانا بعض المفكرين المعروفين كالدكتور فيصل السامر والاستاذ ابراهيم كبة والدكتور علي الوردي، وغيرهم، وفي مقهى البرازيلية بالذات نشأت كافة التيارات والافكار التجديدية في الشعر والادب، وفيها ايضا ولدت فكرة تأسيس اتحاد الادباء العراقيين، ولقد كان لنشاطي الشخصي اثره الفعال في اتخاذ بعض الخطوات المهمة من اجل انجاح هذا المشروع الكبير الذي كان مجرد التفكير فيه يعتبر تحديا مباشرا للسلطة القائمة حينذاك، وكانت اهم الاجتماعات شبه السرية التي وضعت فيها القرارات الحاسمة بالنسبة للهيأة التأسيسية الاجتماع الذي عقد في دار الاستاذ خالد الشواف، ولكن الحكومة التي كانت تتعقب خطوات كل شاعر واديب قد شعرت بخطورة مثل هذا التجمع الادبي فأوعزت لعدد من مرتزقة الادب بتقديم طلب مشابه، وقد اجيز الطلب فعلا.. وهنا كان لابد من معاقبة ذلك الشاعر المجنون والانتقام منه، ففي سنة 1952 القي علي القبض من قبل البوليس السري، وبعد توقيف طويل في معتقل ابي غريب قدمت الى المجلس العرفي العسكري وحكم علي بالسجن لمدة سنة، وفي سجن الكوت الرهيب بدأ التحول الكبير في مجرى حياته الادبية فقد اقسمت مع نفسي على السير في خدمة الشعب والعمل على قلب ذلك النظام الذي يستل شوق الانسان للحرية بالسجن والحراب ولما عدت الى البرازيلية كان الفرسان الثلاثة كعهدي بهم يجلسون خلف الواجهة الزجاجية ويتحدثون عن نفس الحلم المشترك، وكانوا قد فصلوا من وظائفهم فصاروا يفكرون بالهرب بصورة جدية وقد حقق ذلك كل من عبدالوهاب البياتي، وكاظم جواد ولم يبق معي غير عبدالملك نوري، ولم اكن املك من الوقت مايكفي لعبادة مقهى البرازيلية لانني كنت اعمل كمحرر في جريدة الاهالي، ولكني كنت كثيرا ما افر من الجريدة الى المقهى، فقد كان الجلوس وراء الزجاج خلف منضدة الخيزران قد وصل الى درجة الادمان.
مجلة الف باء اذار 1969
منقول للفائدة عن
صحيفة المدى
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
رد مع اقتباس
  #75  
قديم 16/01/2010, 22h35
الصورة الرمزية محمد العمر
محمد العمر محمد العمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:372343
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: كندا
المشاركات: 905
افتراضي رد: بغداديــــــات

غريزة المقهى
وامبراطورية المقاهي الست


مالك المطلبي
يحمل شريط الارض، المتخذ تسمية تاريخية (شارع الرشيد) يحمل على طول ظهره ظاهرة المقاهي. البلدية، الزهاوي، فحسن عجمي، فالبرلمان، فالبرازيلية، فالبيضاء، (تقبع البيضاء في حجر ابي نواس وشارع ابي نواس ليس سوى التسمية الليلية لشارع الرشيد).. *ارجو ان يتنبه القارئ، الى انني ربطت مقاهي النص، بالفاء، وان مغزى ذلك ان الترتيب يعني ان نصعد من البلدية الى البيضاء، ولايمكن عكس الامر، وهذا ما سيتضح في مستقبل هذه الكتابة.

(1) قبل عقدين كانت العلاقة بين (دجلة) و(المقاهي) ذات طابع اجتماعي (تبادلي)، بين حشدين من سكان البر وسكان الماء كانت العلاقة اشبه بحوار تتخلله أبنية، اما الان فقد ادار دجلة ظهره احتجاجا على مجازر الحيوان النقدية (المطاعم) ومخازن الرطوبة (موبيليات سوق هرج) التي استبدلت بالمقاهي هذه. ويا للاسف! فنحن نتحدث عن كائنات اكثرها مات، او شاخ، او اختفى (مات البلدية عجوزا، والزهاوي حي، لكنه اقرب شبها الى مومياء، منه الى مقهى، وحسن عجمي كشف رأسه! والبرلمان انتحر، والبرازيلية تقاعد، اما مقهى البيضاء فكان موته عبارة عن اختفاء غامض ).. حشد من الحيوات بأمكنتها زال من البسيطة! ولم يبق منه سوى آثار مطمورة تحت جلودنا.
(2) على الرغم من ان تاريخ المقاهي قريب، فانه يبدو، عبر قانون الزوال، تاريخا كهفيا، هكذا تبدو المقاهي الان: في طبقة من طبقات الذاكرة! محشورة مع جمع من الاموات والاحياء (واصغرهم كهل) وكأنهم صور شارع الرشيد التي تجمدت بالابيض والاسود، وهي تعطينا احساسا بأننا احياء، اكثر مما تعطينا احساسا بأن سكان الصور، اموات!.. فما اقوم به الان لاينتمي الا لعلم الاثار الذهني، الذي يحاول تفكيك (دال) المقهى القديم، المكون من الاف الخطى القصيرة، التي امحت في فراغ الكنبات، متحدة بملايين ضربات خرز السبحات، بملايين الكلمات التي تكون، دائما، ارباع جمل! بالزجاج الخارجي الممسوح، ابدا، بالفضول المتبادل بين الجالس والسائر، بالمشاريع الادبية التي لاتنمو! بغريزة الشرب، نعم للمقهى غريزة، شأنه شأن الحيوان، لكنها غريزة وحيدة، وليست منظومة غرائز انها غريزة الشرب.
بعض الاحيان، لاسيما في مقهى الظلام المختلف (البلدية)، في حدة الظهيرة، نحس، نحن الذين لانظهر الا جالسين، او نائمين (الوقوف هو الممنوع الوحيد في المقهى) نحس بفوران غريزة الشرب، وهي تصفر كقطار موشك، على الاصطدام من فوهات غلايات الماء الابيض، والشاي، والحامض والدارسين، وسحبها فوق الرؤوس لتكون ما يشبه مطرا لاينزل!.
(3) كان شارع الرشيد عبارة عن امبراطورية للمقاهي (قبل ان يتحول الى مجازر الحيوان النقدية، ومخازن الرطوبة) تشكل البلدية قدمي الامبراطورية، وحسن عجمي والزهاوي حوضها، والبرلمان سرتها والبرازيلية صدرها، والبيضاء وجهها! ولايمكن ان نبدأ بوصف قدمي جسد الامبراطورية من البيضاء، لان الوصف سيصاب بالكساح! فالبيضاء منطقة رخوة، كأنها خلية نقاط على وشك ان تطير، اما البلدية فعبارة عن جدار سجن، يمكن الاتكاء عليه بثقة.
(4) يربط المقاهي الستة (تابو) مركزي: هو التحريم الانثوي، ان ذكورية مقاهي شارع الرشيد، ماكانت الا ان تمارس، على وفق قوانين التوازن الجنسي، الانحراف، لكن سلطة الادب في المقاهي، تلك السلطة التي تراود رواد المقاهي من غير الادباء، كانت تحد من الانحراف. وفي عقدنا (من 1959 إلى 1969) لم تنتهك المرحلة الذكورية (دخول الانثى) الا مرتين! وقد حصل، في حينها، ما يكون عصرين جيولوجيين في تاريخ هذه المقاهي، وسنعرض لهذا، في مستقبل هذه الكتابة.
البلدية: مكان الظلام المختلف يبدأ الظلام من الخلف، في مقهى البلدية، كثيفا، ثم يفتر في الوسط، اما حلق المقهى، فمضاء اضاءة باهتة بخطوط شمسية تائهة!. عادل كاظم، واحمد المفرجي، وسركون بولص، وحكمت الدراجي، وشريف الربيعي، وعمران القيسي وخالد يوسف وعلى مرمى منهم عميان وقراء مقام، كنا نعقد الحلقة في المنطقة المضيئة، وكنا اشخاصا مترسبين من انشطار العصر الجمهوري توا، نحاول اختبار الصلات من جديد!. لا امتلك ذاكرة عن البلدية ولهذا سأسير بمحاذاة الذاكرة: كان عادل كاظم (الكاتب المسرحي الاوفر حظا من الشهرة الان) وهو يشرب الناركيلة، يعدنا بعظمة قادمة! وكان سركون بولص كله اشارة الى حرب تحرير في الضلع العمودي للشعر! وحكمت الدراجي على وشك ان يؤسس حزبا! واحمد فياض المفرجي ينظر من شرفة. ويالنظراته! حين طبع كتابه (الحركة المسرحية في العراق) آنذاك! والسيد الوحيد الذي انشق علينا، وانتقل من المنطقة المضيئة الى المنطقة الفاترة! هو غازي الاحمدي، حين كتب الوجودية مذهب انساني! والتعليق الوحيد الذي كنا نسمعه، ينتهك سلطة الاقتحام الفلسفي، للاحمدي الذي تركنا مدة نشك في معنى الادب، كان يطلقه نزار عباس! وبتعليقات نزار عباس، وظهور الادب الوجودي اعيدت (الفلسفة) وغازي الاحمدي الى الوراء! وهذا هو مكانهما الطبيعي. كان عمران القيسي وشريف الربيعي، يملآن الحلقة بالاهتزاز! اما الوجود الاعظم (الحصيري) فلم يكن قد تشكل بعد أن كان عبارة عن سلسلة من الغارات غير المنتظمة، التي لم تكن في حينها، تثير الانتباه لكن تلك الغارات، ادخلت، بعد ذلك في سجل افعاله الغليظة، لتكوّن منه: (حيوان المقاهي) بلا منازع: ذلك الذي يصرخ في البرازيليلة، ويغير على البلدية، وينام في حسن عجمي، ويستيقظ في البرلمان، ويهدأ في الزهاوي، ويخطب في البيضاء ويقايض في التجار!. الزهاوي لم تطأ قدماي مقهى الزهاوي قط، وانما كان، بالنسبة لي، فضاءا بصريا، ولا ادري لمَ كان يذكرني كلما رمقته، بسيارة نقل ركاب صغيرة، يجري الحوار فيها ظهرا لوجه وليس وجها لوجه. مقهى حسن عجمي: مقهى الفن الفطري في مقهى حسن، يوجد، كان! مايشعرك بأنك تنتمي الى الشعب! البسط المزركشة وسماور الذهب الكاذب وسجادات الف ليلة وليلة، وناركيلات الباشوات، والمرايا الصافية المذهبة، والغلايات المصفرة، والاعلانات التي توشك على الخروج من اطرها، وراديو القارات، وبطاريته السوداء، التي تفوقه حجما، وما تبقى من الشمس! ونظام الجرائد المؤقت (اقرأ وادفع واعد الجريدة).. في مقهى حسن، اعترف بركن الحصيري، بعد سلسلة من الحروب الصغيرة التي دارت بينه وبين اصحاب المقهى، امس كان الركن مشمسا، وسجادته كانت حمراء، تكوم نقشها في الوسط، والارضية تلمع وتدهن. كنا نتحلق حوله، وهو يمص دخان الناركيلة، كأعتى (معلّم) مصري! بوجهه الاملس، وياقته السائلة، ويديه الغضتين، وكنا، وهو يخرج (لفائف) اوراقه ويقرأ، لنا وصديقي البانتومايم موسى كريدي، قد صرنا، في الطريق القويم، بين كلية الاداب في راغبة خاتون، وحلقة الادب في حسن عجمي، اننا في الطريق الى مشروعنا، الشعري، والقصصي. بدأت ملامح الحصيري الداخلية بالبروز، كانت الكتب التي تعرف من عنواناتها، الكتب النادرة وكتب الاجزاء، وما خلع من كتب الموسوعات! تباع في هذه الزاوية بثمن نادر، لم يكن هناك قانون سعري (عرض وطلب) بل سعر اخوي، يحدد على وفق مبدأ معادل (العرق) الاني، لا اكثر ولا اقل! (اشتريت كتاب الكامل للمبرد بـ250 فلسا، واللامنتمي بـ150 فلسا).. من اين يحصل الحصيري على هذه الكتب؟. سؤال سيشيخ ويموت، من غير ان يظفر بجواب!. ومع تقدم الزمن، نمت في القسم الغربي من المقهى دائرة قمار الدومينو (بفروعها المتعددة (العدلة) والازنيف، والطيرة الخ).. ثم اخذت الدائرة تتسع حتى لم يعد للادباء الان سوى مترين × مترين، وعلا الصدأ التراث الهائل، ورفعت، المرايا، وبيعت الناركيلات، وانتهكت عادة الدخول الى المقهى، بدخول عابرين، وكذا بدأ الماء يسيل من تحت اقدام اروع مقهى في بغداد، والان لم يعد سوى ارض، تجثم عليها قناني الغاز، وتنتشر فيها حلقات قمار منهكة! وادباء لاينتمون الى الادب، ثم حل فيه شيء يشبه الكارثة، ازيل السقف، لترميم الفندق الذي يعلوه، وهكذا كشف حسن عجمي رأسه: عن حبال ينشر عليها نزلاء الفندق غسيلهم!. الانقلاب الجيولوجي الاول حصل في مقهى حسن عجمي حين دخلت امرأتان اجنبيتان، تعتمران قبعتين! وترتديان سراويل عارية! دخلتا بصحبة اديب (لا اذكره الان) لقد اصيب المقهى بالذهول وعمى الالوان، وممارسة اخلاق الصمت، كنا جميعا مقيدين: كأننا نتصافح ابدا!! حتى غادرتا.
لم يفلت من هذا الوضع البشري، الا الحصيري، وجبار نادل المقهى، كان الحصيري يختلس النظرات، لالكي ينظر الى المرأتين بل لكي تراه المرأتان!. اما جبار فبحكم تاريخه في التنقل الموضعي، افلت من الحصار، كان وهو يشير برأسه، ويقدم لهما (الحامض) كأنه يعرض التفوق الازلي للشرق على الغرب!. البرلمان: كان مقهى البرلمان يشبه فراغا، كأننا نجلس فيه، وسط شارع الرشيد! الجدران من زجاج! والسقف بعيد! وعدد غريزة الشرب مخفية عن الانظار. في هذا المقهى حفظت التقاليد الادبية حتى صبيحة انتحاره! كانت الكنبات العشر التي تحتل الشريط الملاصق لشارع الرشيد، محرمة الا على الادباء، الاسماء كلها كانت هناك! سامي مهدي وخالد علي مصطفى، وعبدالامير الحصيري ويوسف الحيدري وعبدالرحمن مجيد الربيعي، وطراد الكبيسي، وموسى كريدي، وجليل العطية ومالك المطلبي وجليل حيدر، ورزاق ابراهيم حسن، وفي عصر البرلمان دخلت الكلمة! اعني حميد المطبعي، وعلى يديّ المطبعي ولدت ثلاثيات الادباء الشهيرة التي تقوم بتصنيف الادباء ثلاثة ثلاثة، على وفق معيار الصفات: اطول ثلاثة ادباء واقصر ثلاثة واحمق ثلاثة، واعور ثلاثة.. الخ!. وفي البرلمان حل العصر الجيولوجي الثاني في تاريخ المقاهي حين دخلت السيدة القاصة بثينة الناصري، على الحلقة الادبية لقضية تتعلق بزوجها –آنذاك- القاص عبدالستار ناصر! وكانت بثينة تعي قانون التحريم (ذكورية المقاهي) لكنها برباط جأش اخترقت التابو، ولو كان بالامكان ضبط التلبس بالبصر! لضبطت الخمسمائة عين (سعة المقهى 250 ذكرا) تزدحم على جسم بثينة!. ولما خرجت بعد حوار قصير، تركت آثارا لايمكن تصنيفها!. على الرغم من ان بيت الحصيري كان مقهى حسن عجمي، كان البرلمان مكانه الاثير، وكان هو علامة البرلمان! باختصار البرلمان لايكون الا اذا كان الحصيري والعكس صحيح، وهكذا تلازما، ليس تلازم وجود فحسب، بل تلازم عدم، فما ان مات الحصيري حتى انتحر مقهى البرلمان: صار مطعما!. كل الادب الذي يسمى بالتسمية اللانقدية: (الستيني) ولد في البرلمان اهم المشروعات الثقافية خطط لها هناك: ادباء ناشئون وكهول متأدبون!
وقارئو جرائد، كلهم يؤمون البرلمان لمشاهدتنا! نحن اشهر اسماء مكان، حدوده 10× 20 م لكن شهرتنا تبدأ بالتناقص كلما تقدمنا خطوة وراء هذا المكان، حتى تصل بعد اقل من كيلو متر واحد، درجة الصفر. في البرلمان كتبت اجمل قصيدة لي (الشارع والنهر) سرنا النهر والشارع كتفا الى كتف.. حتى خرجنا من بغداد، ثم عاد احدنا ومات الاخر. البرلمان سيرتنا الذاتية جميعا!. والان.. في المكان الذي كنا نصطبغ فيه بحمرة الشعر، يوجد دجاج محمر راكع على ركبتيه!. كلما مررت على جامع الحيدرخانة، وجدته ينظر باتجاه رفيق كفاحه السياسي، (البرلمان) يا الهي! مقهى البرلمان لم يعد الا اتجاها!. البرازيلية: مقهى الترانزيت! كان يجلس فيه حسين مردان، وعبدالملك نوري، وفؤاد التكرلي، ورشدي العامل (ثم انتقل اليه نزار عباس وتوأمه، انذاك، غازي الاحمدي).. في عصر المقاهي لم تكن البرازيلية الاّ مقهى مستوردا! في المرور به نرى غريزة الشرب، وقد روضتها التقنية، مكائن بأزرار تصنع الـ(قهوة) وبرادات ماء تدور على لوالب، واسطوانات دائرية، تنزل الـ(آيس كريم) وعمال خافتون ينحنون، وعلى شفاههم، (البزنس سمايل)! باختصار كان مقهى البرازيلية كل شيء الاّ مقهى!. البيضاء: مقهى البيضاء استمرار ليلي للبرلمان، وكنا في البيضاء نحاول ان نوقظ زمن التمرد فينا: الخروج على العقل، واللجوء الى الحواس لكن حواسنا، وهذا مالم نكن نعيه، اصبحت حواسا معقلنة.
كنا وسط الحانة الطويلة (ابي نواس) المتعففين الوحيدين (لا نشرب سوى الغازيات) لكن بوجودنا في الليل، وسط ابي نواس وسط الحانات السافرة، وعلى طريق الروائح المندفعة من السمك المحترق والحي، نمت عندنا عادة القمار البري، الشطرنج والنرد والدومينو! ومع تقدم الزمن اخذت البراءة تنحرف! بدأت الرهانات المالية، بيننا على نحو حذر (من عشاء! من بارد، من ربع دينار) ثم اخذت بالتصاعد (وهذا هو جوهر القمار: يبدأ باخذك على السلم ثم يقذف بك في فضائه: الذي تشع فيه نجمة الامل السرابية).. لكن التصاعد بقي ادبيا: (جليل العطية واحمد خلف وفاضل العزاوي، وفوزي كريم ونبيل ياسين وسامي مهدي، وحسب الشيخ جعفر وغازي العبادي) وكان (سامي مهدي) هو الذي بقي ينشط الحلقة الادبية في البيضاء ويبث فيها زمن الديمومة حضورا وحوارا، وشهدت البيضاء مرحلة (البيانات الادبية) ومولد شعر (69) والذهاب الى مقر (اتحاد الادباء العراقيين) الذي بدأ بالظهور من جديد وكان هذا الذهاب بدون عودة! الامر الذي ادى الى موت البيضاء. مقهى التجار ومقهى المعقدين: هناك مقهيان آخران هما: مقهى (المعقدين) في الفخ الواقع بين شارع السعدون، وابي نواس، ومقهى (التجار) مقابل حلق سوق السراي، سوق التجارة بالادب. كان المقهيان، المذكوران آنفاً اشبه باشاعتين في امبراطورية المقاهي!. شكل مقهى المعقدين حلقتنا في المساء مدة سنة! واهم رواده مؤيد الراوي ورياض قاسم، وعبدالرحمن طهمازي، وحسين عجة وقتيبة عبدالله.. كانت تسمية المعقدين العلامة الملائمة على الصراع الادبي المفتوح، وبناء الشخصية التي تقترح الحداثة لا كنتاج نصي، بل كمناخ، للحياة.
في مقهى التجار الذي كنا ندلف اليه بين الحين والاخر كمحطة مؤقتة قبل الدخول الى عوالم سوق السراي، تتم صفقات بيع الشعر. وقد شهدت واقعة، باع فيها (الحصيري) عشرة ابيات بدينار لمتشاعر ومن حينه عرفت، ان الرغبة في الشعر او التشاعر مرض متأصل في الانسان!. لكن! لم نأخذ المقهيين! في يوم من الايام على محمل الجد، وما السبب الا بكونهما يقعان خارج الخط، الذي تسلكه امبراطورية المقاهي الستة: البلدية فالزهاوي فحسن فالبرلمان فالبرازيلية فالبيضاء!. هل تكوّن عندنا ما اسميه بـ غريزة المقهى؟.
نعم! والدليل على ذلك وجودنا الادبي في حسن عجمي حتى الان، وسط قناني الغاز، التي تشير الى الانفجار، اكثر مما تشير الى الطبخ.
منقول للفائدة عن
صحيفة المدى
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
رد مع اقتباس
  #76  
قديم 16/01/2010, 23h35
الصورة الرمزية محمد العمر
محمد العمر محمد العمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:372343
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: كندا
المشاركات: 905
افتراضي رد: بغداديــــــات

البلدية
مقهى من ايام الزمن الجميل

صاحب الشاهر
ماذا يهمنا من بناية متداعية تلم اعطاف ماضيها في احدى زوايا ساحة الميدان.. وقد مسح الغبار ذيله على زجاج شبابيكها المتعبة.. ورسمت امانة العاصمة على بابها شارة (التفليش).. ما الذي يهمنا حين نرسل ابصارنا داخل فراغها الموحش وقد طردت رياح اليوم كل معالم امسها ولم تبق لنا غير نضارة الذكريات..


مقهى البلدية.. ليست بناية قديمة كالاخريات.. نفرح لتهديمها كي تنهض مكانها معالم جديدة.. لبغداد جديدة.. هذه المساحة التي تنفست هواءها طوال نصف قرن صور طيبة ولحظات رائعة مازالت تعيش في ذاكرة مثقفيها الذين ادركو ايامها الملونة ابان فترات الاختناق.. وضيق النفس.. اولئك الذين راحوا عرفوها كأول مسرح تحركت عليه اكثر من ظاهرة فنية واكثر من نشاط جميل.. عرفوها مع اول مطربات العراق.. منيرة الهوزوز ثم سميرة دجلة.. سليمة مراد.. جميلة دنكر وبدرية بنت السواس باسم (ملهى الف ليلة وليلة).. كما عرفوها مع فرق بغداد المسرحية وهي تقدم فنانيها عناية الله الخيالي.. عبدالله العزاوي.. هادي علي والصحافي محمود شوكت صاحب جريدة الثبات.. ثم شاهدها وهي تتآكل في حريق لفها في الثلاثينيات ليصار الى ترميمها من جديد باسم (ملهى الاوبرا العراقية) وتظل حتى منتصف الاربعينيات حيث تتغير خارطة ساحة الميدان تلغى ملاهيها.. وتبدأ قصة مقهى البلدية.. الوليد الجديد الذي تربع على هذا المكان منذ ذلك الوقت.. يتذكرون المقهى.. يتذكرون شبابهم هؤلاء المثقفون الذين يعيشون بيننا الان.. يتذكرون المقهى فيتذكرون شبابهم منهم من جاءها في اواخر الخمسينيات،، ومنهم من جاءها في الستينيات كملاذ متسع شهد فورة نشاطهم.. القراءة.. الكتابة.. الانطلاق بالتظاهرات الوطنية.. والخصومة احيانا الى حد استعمال الكراسي كسلاح ابيض.. لقد منت البلدية بدفئها على اكثر من اديب او فنان هرع اليها بعد ان قذفت به قسوة الجو السياسي الى الشارع.. وهنا تعاقبت مجاميع طيبة من جيل عبدالقادر رشيد الناصري.. عبدالخالق فريد.. محمود العبطة.. الى الجيل الذي جاء بعدهم.. وآخرون ممن احتفظوا في رؤوسهم بأكثر من طريفة واكثر من موضوع كانت فريسة (دسمة) للنقاش.. وهم يتأملون قاسم صاحب المقهى بسدارته التي اوحت للقاص عبدالرحمن الربيعي بموضوع قصصي جميل.. ويتأملون صانعه المزمن خضير.. وما بينهما من مسافة.. يموت الديك وعينه على.. السيد محمود العبطة تنطلق ذاكرته بأجزاء حية من هذا الشريط الملون والطويل.. حين يقول: قبل ايام جلست في مقهى البلدية مع احد اصدقائي.. وفي اثناء ذلك امتد بصري مسافة نصف كيلو متر حيث المكان القديم للمقهى.. ولمح صديقي ما يساور ذهني.. فقال المثل المشهور (يموت الديك وعينه على..) في سبيل اثارتي.
فقلت له كانت ايامنا في المقهى رائعة داخل جوها الهادئ الذي كان يثير حماسنا للمطالعة والابداع.. لم يكن هنالك راديو.. ولا تلفزيون.. لاباعة يانصيب ولا صباغو احذية.. اذ حررت فيها فصولا من كتبي عن السياب ومحمود السيد والفلكلور البغدادي.. كما حررت مسودات تلك الكتب قبل دفعها للمطبعة القريبة..
فكيف لاتبقى عيوني مشدودة لها..؟ من رقص الهوائم.. الى عمامة الطيار ويقول العبطة: بعيدا عن الضوضاء كنا نتحدث عما نشرنا او قرأنا ونحن نصغي الى اغنية الجندول او الى موسيقى رقص الهوائم حيث كان المقهى يملك ثروة هائلة من الاسطوانات ولها موظف خاص يذيع على الفنوغراف بعد تقديم اسم الاغنية والقطعة الموسيقية من على ورقة خاصة لذلك..
اذكر ان في الجانب الاخر من مجموعتنا انا والسياب وحازم سعيد ومحمد روزنامجي وحقي الشبلي وغيرهم.. كان يجلس المرحوم الحافظ مهدي مع بطانته واشهرهم احمد شعبان بجراويته البغدادية البديعة.. وعلى بعد منهم يجلس ارباب الموسيقى الشعبية وقد علقوا الابواق والطبول فوق رؤوسهم بشكل مضحك.. وبعد ان انتقل المقهى الى مكان (ملهى الاوبرا) لم تنقطع ارجلنا عنه حيث اجتاحه في هذه الفترة الشباب الجديد.. ولم يبق من علامات البلدية القديمة الا السيد عبدالستار الطيار بعمامته ونرجيلته المعهودة.. من هنا.. انطلقت التظاهرات احمد فياض المفرجي يتحدث عن مشاهد من ايامه مع المقهى.. تلك الايام المليئة بالطرافة والجد.. الخصومة والاصدقاء.. يقول:انني لا يمكن ان انسى ذلك اليوم الذي اصطخبت فيه المقهى وضجت بمثقفيها.. وشبابها الذين اندفعوا للالتحام بالتظاهرة الوطنية التي خرجت تأييدا لثورة مصر عام 1952.. كما كانت احتجاجا متحمسا ضد النظام الملكي المستبد.. كما لايمكن ان انسى الشرطة الملكية الذين عودونا على احتلال المقاعد الامامية من المقهى وهم يحدقون في اوجه حلقات الشباب المثقف تصيدا لاجتماعات القوى الوطنية في المقهى.. والتظاهرة كانت لهم رزقا رائعا وجدوه في قمع الشباب المتظاهرين.. احسن مكان للتأليف.. والصفعة الودية الاستاذ المفرجي له ذكريات طريفة في (البلدية) ذكر لنا بعضا منها حين قال: كنا نتمتع بجو رائع في المقهى..
وفي عام 1957 دفعت بكتابي (المرأة في الشعر العراقي) للطبع.. وبعد اتمام مسوداته اقترح عليّ صاحب المطبعة ان اضيف فصلا عن المرأة في شعر حسين مردان فأسرعت الى (البلدية) وهناك حررت الفصل كاملا في جلسة واحدة، والحقته بالكتاب في نفس اليوم.. وبعد صدور الكتاب اطرى معظم من قرأوه على هذا الفصل الذي حررته بفضل اجواء المقهى.. وفي عام 1965 اصدرت كتابي عن الحركة المسرحية وبعد صدوره باسبوع تخاصمت مع احد الادباء في المقهى.. فلم يجد هذا ما يصفعني به سوى نسخة من كتابي اشتراها لهذا الغرض من بائع مجاور.. وتقبلت انا هذه الصفعة بارتياح لانها ساعدت على تصريف نسخة من كتابي.. حلقات الادب.. ذكريات عزيزة خالد الحلي هو الاخر له ايامه الحبيبة التي يقول عنها: تتداعى في ذهني بعض الاشياء.. الجديد لا بد ان يحل محل القديم.. ولابد لهذه البناية العتيقة المعتقة ان تطمر!! لكن.. عندما عرفت انها توشك على الزوال النهائي كمقهى تذكرت بالحاح تلك الايام الحبيبة.. حيث فيها بدأت علاقتي ببغداد عام 1964.. وهنا تعرفت الى الكثير من الادباء والفنانين يوم كان جو البلد مختنقا تحت وطأة النظام العارفي وكنت جديدا على حياة بغداد.. اتذكر وجه الشاعر الراحل عبدالامير الموسوي وهو يتردد على المقهى خلال ايامه المرهقة.. ان حلقات الادب ذكرياتي العزيزة عن (البلدية).. هكذا يتحدث هؤلاء عن متنفسهم الذي تركوه ليشغلوا مواقع حيوية تسهم في بناء مستقبل ثقافتنا. بعد انفراج واقعنا ورحيل سحبه الداكنة.. ولكن المقهى يبقى في خواطرهم طيفا عزيزا من ذكريات حميمة.. يمكن ان يهدم مقهى البلدية.. لكن لايمكن ان تنسى جلساته التي تحتفظ بطراوتها وهي تنمو داخل جو من الدخان بدأ من العهد الملكي وانتهى بانتهاء النظام العارفي.. يمكن لامانة العاصمة ان تتصور مقهى البلدية وهي تتهدم.. لكن هؤلاء يظلون مثل غرسات تنفست هواءها قديما.. وهي الآن تهتز بجمال كلما حركتها رياح الذكريات..
مجلة الاذاعة والتلفزيون 1975
منقول للفائدة عن
صحيفة المدى
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
رد مع اقتباس
  #77  
قديم 16/01/2010, 23h59
الصورة الرمزية محمد العمر
محمد العمر محمد العمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:372343
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: كندا
المشاركات: 905
افتراضي رد: بغداديــــــات

مقهى حسن عجمي
كبرياؤه من كبرياء رواده وزمانه من زمانهم

بدر السالم
يرتبط مقهى حسن عجمي اسما ومكانا، بعلاقة تماس معروفة مع الادباء والمثقفين لا بوصفه تاريخا مجردا او مكانا وحسب، انما بوصفه علاقة متينة الخصوصية بما هو عليه من تبدلات وانتقالات خارجية وداخلية لانه مركز اثير يدور الكثيرون فيه وحوله من اجل اشياء منظورة وربما غير منظورة وليس اقلها الوقوف في اللقطة اليومية المتكررة كأدباء..

وهو هاجس لابد من الاقرار بسطوته وهو يشد ادباء الخطوات الاولى بخجل اول الامر ومن ثم بثقة تظل مرهونة بالزمن والتجربة والموهبة فقد تبارك هذا المقهى حصرا، دون غيره من مقاهي العاصمة تلك الخطوات القلقة ويمنحها (اجازة) العبور الى احلام اليقظة المعلنة وغير المعلنة.
هذه الروابط المعروفة، بين المقهى وادبائها صارت مع الزمن والاحداث المتتالية رابطة منسوجة بحضور مستمر، معلن بين الطرفين، وقد لاتنفصل ذات يوم الا بانفصال المكان عن مرتاديه لسبب ضاغط، وفي الارجح، ربما سيكون سببا تجاريا، وبالتالي علينا ان نتصور شكل الطلاق القسري بين المقهى والادباء والتشتت الناجم حالة واقعة ومن ثم البحث المجهد عن مكان بديل ولابد من ان يكون مقهى كأرض بكر تتقبل زراعة تاريخ آخر على انقاض تاريخ سابق، قد لايكتب له النجاح، وهذا مؤكد الى حد ما، بسبب الاغتراب، المزدوج الذي سيحل بالطرفين المقهى والادباء.. على ان هذا الافتراض سيظل متوقعا وقد لايحدث تماما لتبقى متوالية التعاقب الجيلي قائمة هي الاخرى وليبقى المكان- المقهى محورا حاسما بمركزيته في الشد والجذب والاقصاء فيما بعد.. شكل الصراع سوف يكون مستترا.. وقد كان ذلك بين المكان وشاغليه.. وهو صراع متبادل تحركه نزوات آنية فرضها ظرف طارئ، لكن سرعان ما تعود الاشياء الى سابق وضعها مصممة على أسس تبادل المنفعة، وفرة المكان / ووفرة المكين؟/ وتبادل الخطابات والشفرات حرصا على سلامة التواصل والحضور/ اعانة شاغلي المكان لديمومة اللحظات الغامضة/ وتعويق الزمن في ايقاف المكان – المقهى من قبل مستغلي المكان ورواده الذين انقذفوا من التاريخ القريب او الذين ولدوا تحت اضواء النيونات الملبدة بالغبار الى ما شاء الزمن ان تتلبد؟.
هكذا هي (القيمة) القديمة بين الاثنين في لعبة الشد النفسي والتاريخي، فبعد ان أغلق مقهى (البرازيلية) لسبب ما وترك مقهى (البرلمان) وظيفته ليتحول الى مطعم للكباب! اضطر (الجميع) الى الهجرة الى مقهى حسن عجمي وهي هجرة مؤقتة نفسيا الا انها باتت اقامة دائمة لا تعتورها الشكوك ولكن تفترعها الظروف القاسية منذ عشرين سنة على وجه التحديد.
أجيال أدبية الاتساع المقصود هو في القيمة الزمانية – المكانية للمقهى نتيجة ولادات اجيال جديدة وظهورها على مسرح المقهى بشكل يدعو الى الاعجاب والتأمل والاستفهام ايضا، مما يعزز المكان – المقهى لاحلام اليقظة المشروعة لدى الكثيرين الذين يتزودون هنا وعلى مر الايام، باحلام اكثر واقعية وصراحة، ولكن بعد زمن لايطول هذه المرة وما الانتكاسات او الانكسارات (كذا) التي تصيب بعضهم وبخاصة القادمين من المحافظات العراقية القريبة من حزام العاصمة او حتى البعيدة عنها، ماهي الا جزء صغير من الواقع او احلام الواقع سريعة الزوال امام صراحة المقهى وهي تتحول من مكان الى زمان بوصفها مركزا جاذبا واردا ايضا (المقهى عاصمة اذن)! على ان الكثيرين ايضا قادرون على التضحيات بشكل مستمر ويتآزرون بالحاح، لكسر شوكة المقهى، متناسين شؤونا مهمة في الحياة واقفين بعناد، منشغلين بحضورهم المزدوج او الحقيقي او الهامشي لغرض توسيع قاعدة المشاركة ولو كره الاخرون؟ وبذلك انشغلت تخوت جديدة باسماء جديدة في المقهى وقد تكرر هذا الامر دائما وسيتكرر ما دام هذا المركز له خاصية الجذب المستمر ومادام هناك آخرون يتعاقبون على وفق النظام الوراثي المعروف، ولكن على طريقة الوصول الى ماهو مشاع، فالمقهى هو (ام) الجميع من حيث هي (رحم) له امكانية ضم الجميع بلا استثناء، دون ان تصبح ابا يوزع اهتماماته بين الابناء العاقين والمشاكسين والعقلاء بصورة متساوية ودون تفضيل هذا الابن على ذاك، فهذا لن يحصل ابدا، لان المقهى غير قادر على تبني نظام الابوة الصارمة فذلك من شأنه ان يخلق فوضى ليس من اليسير كبحها، بل يحولها الى مقهى دون امتيازات اخذت تسعى اليها عبر التجربة الطويلة، وانشأت لها طقسا لا واعيا في الارجح في مكوناتها السرية – المادية.
اما الانغلاق المشار اليه عرضا فهو يقتضي النظر الى طبيعة الرواد المواظبين منهم او الطارئين الذين قد يكتسبون حضورا اكثر من الرواد (التاريخيين) المتوالدين عبر الظروف والحقب والاجيال فهنا ستكون الدورة معكوسة، اذا تحقق ذلك الاكتساب ولن يحقق المقهى في رواده المتعاقبين عبر المواهب واستنساخها اي اكتفاء ذاتي بل سوف يحتاج دائما الى عابري سبيل او ممتقعين وربما الى اصناف اخرى من البشر افرزهم الواقع الرازح تحت ثقل الحصار؟.
حضور عابر ان طرفي الاتساع والانغلاق مرهونان ليس بالزمن وحده وتغير الظروف فقد يكون هذا تحصيل حاصل لكنهما مرهونان بالالتصاق القصدي في جلدة المقهى او الانسلاخ عن رحمها والاكتفاء بالحضور العابر على طريقة تزجية الوقت او احصاء الهموم البيتية، وهذا ما تستوعبه المقاهي كلها، وهذا ايضا سوف يسلب مقهانا فضيلة الزمان والمكان وفضائل اخرى لان الهدف الكامن هو الا يتحول مقهى حسن عجمي الى مكان مجرد والا فالامكنة مرمية في كل مكان؟؟ وان لقاءات التحية يمكن ان تتم عبر الهاتف بشكل مستمر دون انقطاع والولادات الادبية ستبحث عن (رحم آخر) وتجمل له سماته واركانه وتخلق له مزايا نادرة وتزور له تاريخا فاضلا؟.
وجد المقهى (حسن عجمي) بوجود شارع الرشيد، فهل نستطيع ان نتصور العكس؟ لا اعتقد ذلك فالمقهى ليس له علامة فارقة في شارع الرشيد وليس له علامة فارقة في ذاكرة مسافر او عابر او طالب جامعي قاده الواجب الدراسي للبحث عن مصادره في شارع المتنبي.
وجد المقهى بوجود شارع الرشيد ولايجوز افتراض العكس.. ان ذاكرة (حسن عجمي) من ذاكرة (شارع الرشيد) وارجو الا يكون هذا فرضا متعسفا ان ميزة هذا المقهى هي في انفصالنا التدريجي عن شارع الرشيد الذي فقد جزءا كبيرا من ملامحه وذاكرته، وهو انفصال قررته ظروف متعاقبة، لتستقل باطارها وتجتذب اليها ذاكرة اجيال اضيفت مكتنزة بما هي حياتي وحيوي، تلك الاجيال التي قدمت مكتنفة بالمشاريع والهواجي واحلام اليقظة المستمرة، ولعلنا سنقرر ان الانفصال من ذاكرة شارع الرشيد ليس مقصودا بذاته، كما ليس مخططا له من قبيل اي طرف يعنيه هذا المكان اولا يعنيه.. على افتراض ان كل ذاكرة تؤسس علاقاتها الجدية بما هو مضاف اليه من معرفة مقرونة بالخبرة والتجربة بعيدا عن (استعمار) الماضي ومحدداته وذاكرته.
تطلق تسمية (مقهى الادباء جوازا على مقهى حسن عجمي) وهي تسمية محلية اتفق عليها دون اتفاق علني، ولكنه اتفاق قائم، ولم تطلق هذه التسمية بشروط يمكن قراءتها ولن تكون ثمة شروط لمستقبل هذا المقهى على اساس هذه التسمية او غيرها مما ينتجه ظرف قادم، ويتضح من التسمية في حقيقة الحال اطراد متحصل من الرواد كان وراء ذاك العنوان العريض، فتعاقب الظروف القاسية وتخاطف السنوات وولادات اجيال قذفها الواقع المحتدم الى واجهة الحياة بشكل قيصري في بعض الاحيان، تم التركيز على التسمية المذكورة لا من قبل (المسمى) هذه المرة انما من المقيمين على شؤون المقهى، حصرا فهل هذا وعي مكتسب؟ ان تتم المسميات عن معرفة ضرورية لما هو مسمى؟. لا اظن ذلك ولا استطيع قبول هذا الاحتمال بشكل نهائي لان معرفتي بـ(ادارة) هذا المقهى لايصل اليها الشك في ان الوعي المستنتج من هذه التسمية هو وعي (عفوي) وليس (اميا) كما يتبادر الى الاذهان اول الامر فهو وعي متحصل لنمط من الرواد صيروا للمقهى علامة مميزة وجعلوا له دالة خصوصية عليهم وعليها، فقد يكون هذا من قبيل الاحتراس الضمني في تبادل الادوار بين المقهى ورواده من الادباء، وهي ادوار ذات لعبة مفضوحة الاسرار يلجأ اليها الطرف الاول –المقهى عادة.. تبعا لحالتي الاتساع والانغلاق المشار اليهما في توطيد او تشتيت العلاقة ذات المنفعة المشتركة. التسمية المتفق عليها بلا شروط معلنة (مقهى الادباء) لم يخضع لاشاعة قديمة او حديثة، بل الى حقيقة يومية ملموسة ترسخت عبر معاناة اجيال وانصراف حقب، وترسخت في اوقات مضت ثم اضمحلت في اوقات اخرى، ثم عاودت الظهور حقيقة لا مفر من اقرارها واعتدادها/ من وجهة نظر المقهى/ مكسبا قادما من ظروف متفجرة حملت معها ظواهر بشرية وادبية تناوبت في الجلوس على تخوت المقهى وما تزال متشبثة بها عنوة.. ثم ان غياب وجوه متعددة لهذا السبب او ذاك وانحسارها وظهور بدائل شرعية وغير شرعية اخذت تتسيد المكان- المقهى بوصفها وريثة للوجوه الغائبة او امتدادا لواقع الحال الادبي في مشهده الواسع.. كان هذا اعطى (ادارة) المقهى وهي ادارة لم تتبدل خلال عقد من الزمان ونصف زخما معنويا ظاهريا وباطنيا في مغازلة تلك التسمية او اخراجها الى الوجود وعدها واجهة اجتماعية منيرة تبز بها مقاهي القمار والريسز والصفات التجارية التي تتم عبر دخان الناركيلات ذات الرائحة التي لم ولن تتغير الى وقت ليس قريبا؟ لماذا هذا التحول البطيء في النظر الى الرواد المزمنين والجدد ممن وضعوا ثقتهم في القدر على امل الايغال في احلام اليقظة؟. ما يفكر به المقهى لا استطيع الجزم بما (يفكر) به المقهى؟ ولكن لدي تخمينات اولية معززة بالشواهد الدالة على مثل هذا التحول، ولعلها شواهد مستقاة من صميم العلاقة اليومية النافذة، وهي شواهد قام بها بعض المسرحيين اول الامر ثم اتسع الامر الى آخرين من الشعراء وكتاب القصة/ فالفسحة العارية القريبة من نافذة الشارع كانت محرمة على الجميع قطعا/ وظل الشك يراود (ادارة) المقهى في ان اية حركة يقوم بها بعضهم سوف تكون مرصودة من عيون غريبة مبثوثة هنا وهناك وهذا شك له اساس تطبيقي في واقع العلاقة بين المكان ورواده لانه من ذاكرة قديمة دهمتها الفوضى ردحا طويلا من الزمن وربما ظرف الحرب اسبغ طاقة غريبة على وعي عفوي/ شبه امي/ كبرت امامه الفجيعة فتصور ان الاعلان عن مسرحية او امسية شعرية هو بالضرورة سوف يكون احالة لا واعية الى (ملصق) ناشز قد يسبب الخراب؟؟.. لكن التمرد ظل قائما، فظهرت/ عنوة، ملصقات اخرى صغيرة اخذت تتكاثر وتنمو بعناد معلنة عن امسية شعرية او ندوة قصصية او عرض مسرحي، يسار الجالس قريبا من نافذة الشارع.. وهي موجهات انية لمشروعات حقيقية او متخيلة او مجهضة او تحمل قدرا لا بأس به من الاماني واحلام اليقظة التي تتحفز، عبر الشاشة المجانية، آملة ان تكون حقيقة يجب الاعتراف بها لاحقا.
ان (استباحة) الشاشة الامامية قصد وزوال الخطر المحتمل جعل تحولا آخر/ وان كان بطيئا/ يتردد في (رأس) المقهى؟ وهو تحول مشهود في ستراتيجيتها؟ وأظن ان لهذا اسبابه التي لا اجيد الافصاح عنها كمحايد.. وكان ذلك التحول السلحفاتي هو عبارة عن اشارات مصالحة ضمنية لتبني التسمية، للاعلان الصريح عن انتماء خجول لهذا الواقع المتوثب دائما.. فاخذت التحولات البطيئة تظهر بوصول الرسائل الواردة الى الاخرين، من داخل العراق وخارجه، وهي تجد طريقها سالكا للمرسل اليهم، بل كان تارة المقهى اكثر حرصا على ايصالها بالسرعة الممكنة، تنفيذا لا واعيا لقرار التسمية غير المعلن صراحة باقامة جسر جديد عن العلاقة (المتكافئة) بين الاثنين ظاهره ايماءة للتميز والتفرد، وباطنه مرتهن لظروف قادمة. وما دامت التخمينات الممكنة لها طاقة لاستخلاص شيء من النتائج الدالة فمن الضروري ان نتذكر اللافتة السوداء التي وضعها المقهى بعد وفاة القاص موسى كريدي ينعى مقهى الادباء الاديب موسى كريدي، باشارة صريحة ومباشرة لهيمنة التسمية الجديدة والاعلان عن (هوية) اجتماعية 0 ادبية لاسيما ان اللافتة ظلت وقتا اكثر مما يجب ملصقة على حائط المقهى وفي مكان لا يجلس فيه الادباء عادة!!. وهذه هي اول مرة في تاريخ المقهى توضع فيه مثل هذه اللافتة باسم يحمل مقهى الادباء، منحيا اسمه القديم مؤقتا ومعلنا انتماءها الواضح الى فصائل الادباء في تحول استراتيجي سريع وحاسم وربما وجد بعض الادباء ان الاسم الجديد، على وفق اللافتة ليس مشروعا على هذا النحو المباغت برغم الممهدات الاولية التي حاول بعضهم تكريسها عبر شاشة الحائط المتسخ الى الابد برغم ان تلك التسمية ترضي غرور الكثيرين منا ساعدهم الحظ او الموهبة على الوصول الى تخوت (مقهى حسن عجمي) والجلوس الطويل بأمل قطع التذكرة الثانية في القطار الصاعد الى .. الاحلام!!. سيكون من الواضح انه يجب تخطي التسمية وعدها (حالة) ما، فأية حالة لاتوصف هي عرضة للقلق والارتكاز واي وصف كهذا هو حالة توجب الاخذ بها سلفا والارتكاز الى (مضمونه) فهذا المكان – المقهى بتحولاته الطريفة البطيئة ينبغي ان لايوصف بحالة لانه يوصف ويفلسف على اساس ارتباطاته بالتاريخ والزمان والحيوات المتناوبة عليه، كما يرجى الا يفهم ان لنا موقفا من التسمية، على بساطتها، التسميات زائفة ولكن موقفنا يتوزع في القراءة المكانية للمقهى وتكوناته وتبدلاته الظرفية وغير ذلك مما يتيح المجال للاخرين في قراءته مرات ومرات على وفق طبيعة كل قارئ وارتباطاته القسرية او العفوية بهذا المكان. موازنة ممكنة ان خلق موازنة بين طرفي العلاقة سيبدو امرا ممكنا على صعد شتى، فأي مكان اليف نواظب على ارتياده سوف يخلق فينا متنفسا ويطلق في دواخلنا امكانات مختلفة النيات على الفهم والافهام واستقطاب التجارب المحررة والمكبوتة وسوف نتمكن من تفسيرها والتعامل معها بحرية مثالية، لذلك فاقامة التوازن بيننا وبين المقهى- مكانا ثابتا- نحن الذين نتحرك- هو امر بديهي اذا ما توفرت خصال مشتركة في القدرة على الاستيعاب والتحليل والاستنتاج وان ترددنا الى هذا المكان هو غاية لتحقيق ما هو متخف في دواخلنا اولا او الاعلان عن اشياء بعينها، وهذا منطق متحرر قياسا الى الضغوط الهائلة التي نحملها وتحملنا، لاسيما ان عصر القراءات الصامتة- الودية التي تحمل قدرا من الالفة والطمأنينة قد ولى وحل محله عصر النظريات والشكاوى والبحث عن طرق سريعة للوصول الى اي شيء وكل شيء، ولكن ماذا يحصل لو ان المكان اخذ يتحرك ونحن نبقى في وضع الثبوت؟. ان سؤالا كهذا سيبدو مفترضا لكن هذه الفرضية قابلة للتحقيق، فعلا، لان الاسئلة عادة لاتولد من فراغ ولابد لها ان تكون محررة من عقد واشكالات وسوء فهم اكيد وربما سوء نية ايضا؟. وعلى هذا الاساس يكون السؤال مغايرا لواقع التطابق المطلوب بين المكان وشاغليه الدائميين وهو سر لايبحث عن جواب قاطع عن مكان ينبغي ان تكون له فرادة قصوى سواء في ثبوته واقعا وفي تحركه رمزا يحتمل شتى التوصيفات.. اما بقاؤنا في وضع الثبوت فهو احتمالية مرجحة لكننا لا نحل محل المكان – المقهى ولانكون بديلا لوعاء قابل ان يحتوي احلام اليقظة. ان الثبات حالة لاتتطابق مع مكنوناتنا الداخلية، ما كان منها معلنا وما كان سريا،، واعتقد انه ليس بوسع احد تقبل هذه الاحتمالية او مجرد التفكير بالوصول اليها، والا استحال الى كائن من اثاث؟. اي جزء من مكان، بل حالة طارئة غير اصيلة، على مكونات المكان ذات. ذاكرة المعاني يشكل المقهى من وعي (داخلي) وآخر (خارجي) يحددها (شكل) داخلي و(شكل) خارجي، وبنتيجة رياضية سيكون ثمة (شكل داخلي) و(شكل خارجي) وهذا الاخير ينسب الى تخطيط عمراني سابق يقع في التخطيط العمراني العام لشارع الرشيد ذاته، وليس لاحد فضل تأشيره فهو واقع محالة، فيما ينسب الاول الى الرواد المتعاقبين وهم يحملون (هوية) محددة ذات ملامح واحدة تقترب وتتباعد بحسب ظرفها، الشخصي وهي في الحالات كلها خارجة عن السياقات التقليدية لهويات الرواد التقليديين وبذلك تكون الشكل الداخلي وتمنح المكان (هيبة) جديدة وتوفره وتبعده عن سطحية الامكنة – المقاهي اي ان الحالة الثانية وعي – خارجي- شكل خارجي،، ستظل تابعة الى الحالة الاولى وعي – داخلي – شكل داخلي،، مستثمرة التغير والتبادل والولادات التي تقذفها اليقظة في التكونات الجيلية المستمرة والتي شغلت الفراغات وتركت وجوها بديلا لتكرار الوجوه الغائبة وارثة ملامحها الادبية وهويتها التي لاينقطع نسلها ذات يوم.. وكل ذلك لايجري مصادفة، كما انه لايجري بتخطيط قبلي.. انما عبر (لغة) موروثة فرضت على المقهى حقيقة مقررة،، هي في كل حالاتها قادرة على بث تقاليد مدنية مثقفة داخل هيمنة المقهى التي تحاول الموازنة بين شروطها الاستهلاكية وبين (انتمائها) الذي سيبقى معلقا الى اشعار آخر!. ان الادباء- الرواد، بوصفهم الحالة الاكثر تماسا مع (لغة المقهى) و(لغة) المجتمع سوف تكون لديهم الفرصة تلو الفرصة لان يقوموا (شكل) المقهى داخليا مبتعدين عما هو عارض وآني ومستهلك.. باحثين عن كنه (المعاني) المتوافرة بافراط وصولا الى تحقيق غرض متعدد الاضاءات سيدخل العملية الابداعية.. قصة وشعرا ورواية ومسرحا.. وهذا ليس شائكا اذا اخذ بنظر الاعتبار ان خطورة (المكان) هي في تحوله التدريجي الى (زمان) اي (لامكان).. ان هذا الانقلاب المتوقع سيحول طبيعة المقهى من حالة متحركة الى حالة من الفراغ والثرثرة واليأس.. فيتحول (الشكل الداخلي) الى حلبة من الصراعات النفسية والاشاعات وتثبيط الهمم.. اي يتحول المقهى الى (لامقهى).. ان الفرصة متوافرة حتما الى اقامة محددات جمالية صارمة في اعادة تنظيم الشكلين/ الداخلي والخارجي/ الى (معنى) اكثر شمولية وفائدة وتأثيرا على اساس ان المكان جزء لا ينفصم من الواقع المتحرك.. بل هو جزء واسع من ذاكرة (المعاني) التي قد لاتتكرر في شرائح المجتمع الكثيرة/ التي تتردد على المقاهي هاربة من اسى او ضجر او حالة او لحظة او يأس او أمل او وهم او حلم او تأمل.. اخيرا: ان كبرياء المقهى من كبرياء رواده.. اما زمانه فهو من زمانهم..
منقول للفائدة عن
صحيفة المدى
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
رد مع اقتباس
  #78  
قديم 17/01/2010, 00h14
الصورة الرمزية محمد العمر
محمد العمر محمد العمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:372343
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: كندا
المشاركات: 905
افتراضي رد: بغداديــــــات

مقهى البيروتي
والملا عبود الكرخي

عبد الكريم الوائلي

يقعُ مقهى البيروتي.. على الضفة اليمنى من نهر دجلة في جانب الكرخ، جنوبي جسر الشهداء، وقد نسب هذا المقهى الى صاحبه الحاج محمد البيروتي. الذي نزح من بيروت ابان العهد العثماني واتخذ الحاج جانب الكرخ مستقرا ومقاما له منذ سنة 1897م وظل يدير هذا المقهى والذي صار منتدى لوجوه بغداد وعلمائها وشعرائها من كل حدب وصوب وقد توفي الحاج محمد البيروتي سنة 1916.

مخلفا ابنه ابراهيم وعبد الفتاح وقد احترفا حرفة ابيهم.
وكان يزور هذا المقهى الشاعر الفقيه محمد سعيد الحبوبي، كان مقهى البيروتي من اكبر مقاهي بغداد.
حيث يرتاد هذا المقهى كبار التجار ورؤساء العشائر والاعيان ورجال الدين.
وكان الشاعر المعروف الملا عبود الكرخي من الرواد الدائميين لهذا المقهى.
وخلال الاجتماعات التي شهدها المقهى.
حيث كانت تبحث القضايا العامة، وكم من وقفة سياسية قد اتخذت ضد سلطات ذلك العهد صدرت من روادها التي لم يكن زوارها من الكرخيين وحدهم ، بل ان الكثير من اعلام الرصافة كانوا يترددون عليها يوميا.
فضلا عن زوار بغداد من المحافظات التي كانت تنطلق وسائل النقل اليها من جانب الكرخ.
حيث وصف المرحوم جعفر الخليلي وصفا طريفا في كتابه “هكذا عرفتهم” قائلاً “اكبر مقاهي بغداد على الاطلاق، وكان يقوم على الجسر من جانب الكرخ ويمتد بموازاة نهر دجلة، وخلفه يمتد سوق هو الطريق الوحيد الذي يسلك منه السالك الى القصور القائمة على نهر دجلة حتى السفارة البريطانية، ولم يبق اليوم اثر لمقهى البيروتي ولا للسوق وانما تقوم عليها بنايات وساحة لوقوف السيارات.
وكان مقهى البيروتي يعتبر بمثابة نادِ عام,وملتقى لجميع التجار ومضرب موعد لجميع الذين يقدمون من خارج بغداد ومن جنوب العراق خاصة وكانوا يحملون معهم الكثير من الرسائل ويسلمونها الى ابراهيم البيروتي وهو بدوره يوزعها بين اصحابها من رواد المقهى.
اما ما يتبقى من الرسائل فيصفها فوق “رف خاص بالرسائل” اوفوق صندوق الرسائل ليتسلمها صاحبها حين يمر بمدخل المقهى. كان التختان المتقابلان في مدخل المقهى مخصصين للشعراء والادباء امثال الملا عبود الكرخي والحاج مجيد مكية، ومحمد سعيد التكريتي وكاظم الفهداوي وشكر الملا حسين وتوفيق الخانجي عم الاستاذ يوسف العاني ومحمود الحاج جواد الشكرجي وفائق التكريتي وداود الوتار. ولم تكن في عهد محمد البيروتي العاب الورق والدومينو والنرد والزار الصينية داخل المقهى وقد دخلت بعد وفاته . وتولى ابراهيم ادارته فانقلب جو المقهى من الهدوء والراحة الى صخب وضجيج مما اضطر عدد من روادها الى تركها والجلوس في مقهى اخر، وكان اول التاركين الى هذه المقهى هو المرحوم فائق التكريتي حيث جاء في قصيدة الشاعر الملا عبود الكرخي المنظومة عام 1924م: ترك “كهوة البيروتي” الشهم “فايق التكريتي” تركها، حق معاه قمار بيها لعب ليل نهار كال “الصاي” كال “الزار” كال انطيني “صينيتي” معاك الحق اخي “فايق” على اقرانكم “فايق” انا مثلك اخي ذايق مرار، وانهزم نيتي تسمع فقط حس صايات تترادم على الميزات وهرجه وضجه وللفوات الاحسن اكعد بيتي.
ولابد لنا ونحن نؤرخ لهذا المقهى الشهيرة ان نقول انها كانت في الفترة التي سبقت انتشار الصحف سوقا ادبية ينتابها كل من لديه الرغبة في القاء كلمة او قصيدة في المناسبات الدينية والوطنية وغيرها. وفي تلك الايام ذر قرن المهاجاة العنيفة بين الشاعر الكرخي واعوانه وشاعر من جانب الكرخ وشلته.
وكان لكل منهما رواية يتولى قراءة ما يستجد من شعره ضد الشاعر الخصم فكان فاضل الحاج عباس وهو شاعر شاب من “فحامة الكرخ” رواية الكرخي وهو البادئ بالتحرش بقصيدة من وزن “البند” اولها “الا يالعنة الله على الكرخي عبودفاجابه الشاعر الكرخي بعشر قصائد اخزته الى يوم الدين حيث يقول فيها: راوية عنده ها لمخنث “اسد” اصفهاني عجمي طرطرلي هدد كل نهاره يكوم يكعد بالبلد صاحبه ينطيه شتمي بتسكره.
ومما يجدر ذكره انه ممن هجاه الكرخي مع اسد العجمي في قصيدة تعد من روائع منظوماته الهجائية حيث يقول: لاكتب اعلانات وانشر بالبلد عن عمل “سلمان” واللوتي “اسد” (اسد) لوتي من حثالة اصفهان وصاحبه “سلمان ابن البهلوان” كلا وجيه وحرامية من زمان مثلهم بالبشر ما يوجد ابد!؟
الحديث يطول ويطول على هذا المقهى ولكننا بما اسلفناه من لمحات وذكريات تراثية بغدادية .
منقول للفائدة عن
صحيفة المدى
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
رد مع اقتباس
  #79  
قديم 17/01/2010, 23h53
الصورة الرمزية محمد العمر
محمد العمر محمد العمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:372343
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: كندا
المشاركات: 905
افتراضي رد: بغداديــــــات



مقهى الرشيد (البرلمان ) كما عرفته

ابراهيم الوائلي
مقهى الرشيد في بغداد والكاظمية مقاه كثيرة لم يبق منها الان الا القليل وكان بعض تلك المقاهي مثابة للشعراء والادباء والصحافيين، اذكر منها المقهى الصيفي الذي يقع عند الجسر القديم من جهة الكاظمية وكان من ابرز رواده الشاعر الكبير معروف الرصافي حين كان يجمع اوراق شيخوخته ليعلن الرحيل، فقد كنا نشاهده في سنة 1944م عند الغروب وهو يعبر الجسر مشيا من الاعظمية حتى يصل فيستقر على تخت وحده وقد ارتدى العباءة الصيفية واعتمر الكوفية البيضاء والعقال،



وقد نجلس اليه بعد الاستئذان- ونسأله عن شؤون الادب والشعر فيجيب بايجاز ولقد كان في جلسته وحديثه وضخامة تاريخه الادبي يفرض علينا ان نهابه ونحترمه.
ومن رواد ذلك المقهى الكاتب الصحافي الراحل يوسف رجيب، واخرون ومازلت اذكر لحظة اهتزاز الشجر من حولنا والكراسي تحتنا بسبب هزة حدثت للارض في صيف سنة 1946 م وكنا جالسين في ذلك المقهى نستمتع بشاطئ دجلة.
وفي الكرخ مقهى البيروتي وهو يطل على دجلة عند الجسر وقد انتهى وهدم ودخل في الساحة الكبيرة وكان من رواده بعض الادباء والمحامين اذكر منهم الشاعر محمد الهاشمي والشاعر الصديق عبدالحسين الملا احمد والمحامي الكاتب توفيق الفكيكي وكلهم ودعوا الحياة ومقهى الحاج خليل القيسي وهو يطل على شارع الرشيد قبالة شارع المتنبي وكان من رواد هذا المقهى الشاعر الراحل جميل احمد الكاظمي والشاعر كمال نصرة وغيرهما من الادباء وكان صاحبه الحاج خليل يرحب بالقادمين ويعنى بهم. ونترك مقهى الزهاوي ومقهى حسن عجمي ومقهى البلدية ومقهى الدفاع وغيرها في الرصافة، ومقاهي الكرخ والصالحية فالحديث عن هذه يطول ولكننا نقتصر الحديث على مقهى (البرلمان) او (مقهى الرشيد) كما سمي بعد ذلك، وهذا المقهى يقع في شارع الرشيد قبالة جامع الحيدرخانة وقد عمر اكثر من اربعة عقود فقد افتتح في اوائل الحرب العالمية الثانية واغلق قبل سنوات وقد انشأه الحاج حسين فخر الدين وهيأ له من اسباب الراحة والتسلية ما ينبغي ان يكون وفرش تخوته بالسجاد ليدرأ به برد الشتاء وجمع فيه النرد والشطرنج والدومنة الى جانب الشاي والقهوة والبوارد، واذكر اني دخلت هذا المقهى اول مرة في خريف سنة 1940م وكنت ازور بغداد ثالث زيارة فرأيته على سعته مزدحما بالرواد وبخاصة يوم الجمعة، وقد اعتاد القادمون من النجف ومدن الفرات الاوسط ان يلتقوا فيه ولاسيما الشيوخ والنواب والتجار والادباء وكان صاحبه الحاج حسين فخر الدين، وهو من اسرة نجفية معروفة- على صلة بهؤلاء القادمين فقد كان ينظر اليه بوصفه من الوجهاء لا بوصفه صاحب مقهى.
وكنت ارى في هذا المقهى وجوها كثيرة من انحاء العراق فهذا احد ابناء الشيخ شعلان ابو الجون وذاك السيد كامل ابو طبيخ بوجهه الصبوح وثيابه الجميلة، وبالقرب منا صديقنا الراحل عزيز الظالمي بعباءته وكوفيته البيضاء، وذاك صديقنا الراحل جعفر الاعسم جاء لبعض اشغاله وقد يبتسم حين نستعيد الى الذاكرة نبأ اعتقالنا في النجف وقد وجهت الينا تهمة تحريض العشائر على الثورة وفي مقدمتنا الشاعر محمد صالح بحر العلوم، وهذا الصحافي الاديب جعفر الخليلي- يعتمر السدارة- وقد جاء من النجف يبحث عن ورق لجريدة (الهاتف).. وذاك (نائب) جاء ليعلن عن فوزه في كرسي النيابة، وصوت النرد والدومنة يملأ الاذن قبل صوت المتحدث القريب الا حين تذاع اخبار الحرب وقد تلوح البهجة على الوجوه حين يذاع نبأ عن انتصار دول المحور فقد كان العراقيون يكرهون الانكليز ويتمنون هزيمتهم في الحرب ماعدا الظالعين معهم.. والصديق الراحل الشيخ عبدالباقي العاني امام جامع العاقولية بعمته وجبته جاء يريد قصيدة لمجلة (الناشئة الاسلامية) ولابأس من التسلية بلعبة النرد فقد كان يتجدر فيها.. وكذلك الكاتب الاديب سليم طه التكريتي وهو يبتسم بعد ان تكون مواد جريدة (الرأي العام) قد صارت الى المطبعة والشاعر محمد صالح بحر العلوم يجلس الى نفر من الشباب وعيناه تتحديان القادمين والذاهبين وكان يكره الانكليز والالمان على السواء وربما كان له عذر في ذلك فالانكليز يحتلون العراق والالمان اعلنوا الحرب على الاتحاد السوفيتي.
وقد يكون من الرواد صديقنا المؤرخ الراحل السيد محمد علي كمال الدين وقد اعتمر الصدارة التي كانت شائعة انذاك ويده تداعب خرز السبحة، وقد نرى الشاعر الراحل عبدالرزاق محيي الدين يجلس بالقرب من صاحب المقهى ومعه الاديب الراحل عبدالكريم الدجيلي. وفي مكان قريب يجلس الكاتب يوسف رجيب ودخان (النرجيلة) يملأ رئتيه ولعبة النرد تستبد بوقته. ويتكئ الى النافذة الاديب عبدالحميد الدجيلي ولعله يفكر في اللغة والنحو، وكانت على الجدار صورتان وفي اول مايس من سنة 1941 تغيرت احداهما وانتهى شهر مايس فعادت القديمة الى مكانها وطويت الصورة الطارئة، وقلت للحاج حسين: احتفظ بالاطار فقد تتغير الصورة مرة اخرى، فقال: وما يدريك فقد تتغير الصورتان معا.
نحن في اوائل العقد السادس من هذا القرن والمقهى مازال مزدحما بالمرتادين والحاج حسين يجلس الى صندوقه عند الباب والكهل الطيب (وهل) يفترش الرصيف قرب باب المقهى وقد نشر الصحف والمجلات وهو في كل صباح ومساء يطوف داخل المقهى ويوزع الصحف على الراغبين في قراءتها ويأخذ من كل واحد اجرا لايتجاوز عشرة فلوس. انتقل بعضهم الى مقاه اخر، وبقي رواد الشطرنج والنرد والنرجيلة واصدقاء مازالوا يبتردون صيفا او يستدفئون شتاء في اوقات الراحة ومنهم خاشع الراوي وفؤاد عباس والمحامي محمد نجيب الجبوري وعبدالقادر رشيد الناصري وهؤلاء الادباء الشعراء ودعوا الدنيا الى ظلام القبور. ولكنني مازلت ارى الشاعر شفيق القيماقجي يأخذ مكانه الى جانب خضر العباسي، وقد يرتاد المقهى الصحافي المتنوع عبدالقادر البراك فينتحي جانبا مع عشيقته (النرجيلة) وهو يحيي عارفيه بابتسام وتواضع. والشاعر بلند الحيدري يسلم ويجلس وهو يمزج الضحكة الخفيفة بالانفعال والتذمر من فراغ الجيب ولكنه لاينسى الحديث في الشعر واللغة ولعله كان يوافقني في الرأي ان الشاعر بلا لغة كالجندي بلا سلاح وكثيرا ما يدخل الشاب النحيل بدر شاكر السياب وهو يتهادى في مشيته ويتأبط كتابا فيجلس ويشارك في الحديث. وفي مقعد قريب يجلس الشاعر حسين مردان والسيجارة لاتفارق شفتيه واحاديثه في الشعر والنقد. والشيخ علي البازي شاعر المؤرخين جاء من الكوفة ليجدد العهد ببغداد وقد جلس و(النارجيلة) الى جواره. والشاب المسكين الذي وعده المرشح ان يجد له عملا بعد الفوز بكرسي النيابة ولكن ذلك المرشح لم يوف بوعده، قلت للشاب: لابأس فهذه رسالة الى صديق وجاء الشاب بعد اكثر من ساعة وهو مستبشر فقد وجد له الصديق عملا مناسبا.
نحن في سنة 1959م وهذا بدر شاكر السياب يخرج من المقهى وكنت قادما اليه فيسلم وقد امتص المرض دمه وزاده شحوبا على شحوب، قلت: الى اين بدر؟ فقال: لست ادري، ولعله كان يعاني ازمة تصطرع في اعماقه فلا يدري الى اية جهة يصير، وسألته ما رأيك في اتحاد الادباء الجديد؟ فقال: لا ادري فقلت له: اتشارك فيه؟ فقال: ها.. لا ادري.. كان السياب يحب ان اتحدث اليه ويتحدث الي وفي تلك الاثناء طلبت منه ان يرافقني الى زيارة الصديق الاستاذ ذنون ايوب فاجاب طلبي بلا تردد وكنت اسعى الى ان يكون لبدر شأن في اتحاد الادباء وذهبنا الى مكتب الاستاذ ذنون في (السراي) وكان اذ ذاك مديرا للرعاية وقبل ان يستقر بنا المكان قلت: يا ابا ثائر ها هو ذا بدر بجسمه النحيل وشاعريته الضخمة ورحب بنا الاستاذ ذنون وتمنى ان يحتل بدر مكانه في الاتحاد.
ولكن السياب كان ساكتا لايدري مايقول سوى ابتسامة تعبر عن حيرة وشرود فكر، وافترقنا على غير ما اتفاق، ثم غاب بدر وهو يصارع ازمته ومرضه واغتاله الموت بعيدا عن محبيه.
وفي السنين القريبة جاء شاب من النجف كان من المأمول ان يكون له شأن في دنيا الشعر وكنت استمع اليه وهو ينشدني قصائده الرقيقة ويسمع مني الاطراء والثناء ولكنه اخذ يرتاد مقهى الرشيد وقد لعبت به الشمول، ولم ينفع معه النصح فمات وهو شاب، انه عبدالامير الحصيري، وثقلت رجلاي عن ارتياد مقهى الرشيد فصرت لا ازوره الا لماما بل لقد اثرت البعد عنه فكنت امر ولا اتلفت واذا تلفت فالمقاعد خالية من الاصدقاء الا القليل فقد انطفأت شموع وغابت كواكب واستبد التراب بالكثيرين.
وفي يوم من نهاية المطاف مررت مجتازا بباب المقهى فاذا شخص يسرع الى الخارج ويدعوني الى الجلوس انه الصديق الراحل المحامي محمود العبطة فلم يكن بد من الاستجابة لدعوته ولقد كانت الزيارة هي زيارة الوداع للصديق العبطة وللمقهى الذي كان يصارع القدر في ساعة احتضاره.
جريدة الجمهورية حزيران 1982
منقول للفائدة عن
صحيفة المدى
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
رد مع اقتباس
  #80  
قديم 18/01/2010, 00h22
الصورة الرمزية محمد العمر
محمد العمر محمد العمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:372343
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: كندا
المشاركات: 905
افتراضي رد: بغداديــــــات



مقهى المعقدين
وليالي الأُنس

فيصل ابراهيم المقدادي
ان الاحتفاء بموضوع (مقهى المعقدين) و(ليالي الأُنس) تعتريه احيانا احاديث مجتزأة تتقارب وتتفاعل وتتمدد وتتقلص حسب المعلومة وتفسير صاحبها وفهمه لمنطق معاني الاشياء في اشاراتها وتميزها في التضمينات الابداعية وما بدا انذاك اشد جرأة واكثـرها مغامرة في البوح، لذا اصبح من الاهمية بمكان الحديث عن بعض المكنونات في افئدة (المعقدين) بشكل رؤى ومعاناة لادباء ما كانوا يطمحون الى النشر او الادلاء بابداعاتهم من على المنابر الرسمية.


لذا بقيت نتاجاتهم تدور وسط مرتادي ورواد واصدقاء مقهى: (المعقدين) وكازينو: (ليالي الأُنس) واكثـرها ضاع وسط مشادات وسجالات حادة تركت بعضها ممزقة على الطاولات او تلفت بعد رمي الحقائب اليدوية بدجلة... وما تبقى منها وبمحض المصادفات انما لاهتمام: (سلمان الاسود) بتلحين وغناء بعضها.. للمعقدين حينذاك.. واذا ما تركنا جانبا المعقد الاول: (الشاعر عبدالامير الحصيري) لدراسة اعمق من قبل اقرب اصدقائه.. سيكون حديثنا عن الشاعر: (وليد جمعة المشهداني) وهو الابرز في الاثارة بطريقة تعامله مع اللغة الشعرية وصورها بابلغ الدلالات متموجة بحيوية نهر قصيدة.. وحتى حين تتشتت فهي تشد الى تشكيل فعال محسوس ومثير في آن واحد وقد يكون لبعض قصائده وقع اخر.. يدعونا لفهم ظاهرة: (التعقيد والمعقدين) انذاك بما تكتنزه من انفعال يعالج صور افكاره المختلفة المستوحاة من تعقيد الحياة نفسها.. ومن حضور (للغة التفجير) التي ميزت الموجة الادونيسية.. (خذ هذا الكف واستمطر شجر الدنا وتحزب للطلقة حين يكون القذف وجها محجوب الرؤى فيا وطنا في القلب اعطيتك روحي فاعطني الدرب لكي تهدأ جروحي للحب وللغبطة شجر وسكوت فارسم في الطلقة وطنا سيموت) وبعض صور القصائد تنقلنا الى اجواء المواقف السياسية والفلسفية.. لتخلق متعة الموقف والدهشة والحضور الفكري بتعابير مكثفة مختصرة وقوية ففي قصيدة: (جلد السلحفاة) يكون الايقاع بحضور الرؤية الخاصة نثرياً في شكلها تحمل دفقات شحن شعرية دون التقيد بوزن او قافية فهي شعر حر قد تختلف في طول اسطر صورها بما يتوافق والمضمون او الصورة: (يحمل الحب مراسيم غوايا والتماسات قبول عندما يصبح وضعا قائما.. تعتاده انت يا ضدا على كل اللوائح * انه يسقط في القلب حكاية عن نهارات يصب التوق فيها لوعة التوق الرضية وجسور اللغط الموتور تمتد الى المعشوق ليلا وتمد الشارع المكتظ بالاشياء حيث الذاكرة ثم لا تقدر ان تدعس غير الكبرياء العابرة * انت ما زلت غرير الخطو يا قلبي في هذي الدروب فابتعد ليس لك الحب.. وجرب لعبة اخرى صغيرة واندلق من دورق الصد وغامر ثم عد ومتى ما شئت التمّ على نفسي وامسي صدفة واداري عتعتات الشجن الناغر بالسخرية الحمقاء مرة وباسفار الصماخ الفذ في الحجرة مرات اخر عابرا درب الزمان الكهل منفيا الى بقعة شمس مظلمة حيث لا يقدر هذا الوجد ان يسرق مني سلحفاتي الهرمة) ان التعبير الحر هو النموذج الحي لما كان يعانيه جيل كامل ويبدعه (المعقدون) في مقاهيهم البغدادية باشكال نفسية لا واعية متمردة بالرغم من قساوة الغربة الممتلئة بالوجد الحار والشاعر لا يكتفي بممارسة لعبة الصياغة البنيوية بل بمضمونها التحريضي معبرا بذلك على وطأة الحياة وثقل ما كان سائدا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.. كما ان محاولة تأسيس ما يميز وحدات وعناصر القصيدة الشبيهة بالبيان الثوري للتمرد على ما كان سائدا: (اخذ جرح الوطن مرة وتعال هنا وارسم جنح عصفورة علينا وكول الدنيا مشمورة جناح هنا وريش هنا وخريطة مسودنة بحبنا اللي ما شفناه ولك كون الوطن ورده لشتلها على جتافي اخذ مني جفافي وروح.. لا اني ولا انت اخذني وروح بالسكته بلكي تسكت السكتة ونصرخ.. والوطن رده..!) وحين يحاول: (وليد جمعة) ان يغمس صورته الشعرية بعامية (الشوغات) و(العشك).. (بتشمير الجراح).. و(ضياع السلاح) انما يجاهر بوعي حلمه خاصة (قبل وبعد) نكسة حزيران عام 1966-1967م ثم وصول حزب البعث ثانية لسلطة العراق عام 1968م وما اثخنه من جراح الادباء والفنانين انما يشكلها بمهارة مؤسسا عوالم قصيدته الشعبية بديناميكية فعالة لتكون في النهاية: (خيمه بليل متغرب..): (حبيبي شال لي جنحاته وشمرلي بليل شوغاته وكال العشك شال وشاب وطلعت اله شيباته وبعد كل الحجي الساكت لكيته مشمر اجراحه فاتل وضايع اسلاحه ولجن الكلب يحبيب طفل اشكر على اجتافي وتعال وصير يحبيب خيمة بليل متغرب واكعد واجرع الدمعة على جرح الوطن متكلي منو مثلك طك ونسى شوغاته) ان اكثر الابداعات الادبية للمعقدين في مقهاهم انما كانت تهدف بالدرجة الرئيسة الى محاولة الحوار الحر والمستفيض حول علاقة الادب (الشعر بالذات) مع الفسلفة واللاوعي في اسسه الايديولوجية والفنية يذكر ان تلك الابداعات قد جسدت وبشكل طبيعي مختلف المسارات متمثلة باشخاصها: عبدالقادر الجنابي باتجاه: (السريالية) وعبدالامير الحصيري.. (اللازوردية) في ذاكرة عزيز السيد جاسم وفاضل العزاوي ووليد جمعة وعبدالرحمن طهمازي وخالد الشطري ومنقذ شريدة وشريف الربيعي ونبيل ياسين وعلي الجبوري وفيصل لعيبي وجليل حيدر وحسين الحسيني ومظهر المفرجي واخرين..! لابداع المنافي ذلك المصير المحتوم الذي ادركه الشاعر وافصح عنه: (محمد سعيد الصحاف)* كقرار: (عقائدي من القيادة.. الخ)! لذا كانت المواجهة صريحة: (في الطرقات الخلفية تتجول افعى ولاني لن اشرب سما ما او قل: ان اللحظة مثل الصابئة الموتورة لا لن اتطامن بالكرسي او اصمت.. كي يتجاوزني المتحذلق فحين يصير الحب فراشة ساكون الضوء وحين يكون الحب الضوء فلن اكون حتى النفس الممقوت فراشة) ومنتدى (المعقدين) او (ليالي الانس) لم يشترطا بعد ذلك على (معقديهم) مذهبا معينا او اتجاها بالذات لذا اختلفوا: (... تشاتموا وتباصقوا.. الخ) وتدخلت الشرطة مرة.. لكنهم سرعان ما عادوا للمعقدين كاسرى مصير.. مطربين على حكايات: (عباس البدري وحسين الحسيني وعادل كامل) متلذذين بروايات: (القلعة الخامسة ومخلوقات فاضل العزاوي) و(شقة في ابي نواس لبرهان الخطيب) و(لعبة) يوسف الصائغ ففي الوقت الذي كان: كان نبيل ياسين يقرأ من ديوانه البكر: (البكاء على مسلة الاحزان) وليس بعيدا عنه كان طهمازي عبدالرحمن (يجلد الوشم) لعبدالرحمن مجيد الربيعي في صحيفة التآخي وعلي الجبوري في زاويته المهيبة يتمتم لمقربيه ترجمة (لغوته): (انا امضي عكس اتجاه الريح والعواصف والمطر متلذذا عظيم الالم دائما دائما دائما..!) ثم يلحق بها قراءة لـ: (كفافي): (اذا كنت قد خربت نفسك في هذا الجزء القصي من العالم فستبقى خرابا اينما حللت..) ودون استئذان يرتفع تدريجيا صوت: (سلمان الاسود) مغنيا لحنا له لقصيدة غنائية كتبها: (محمد الخفاجي) للاذاعة لقد فاجأ (الاسود) الشاعر الخفاجي بلحن اخر اعترف المؤلف بافضليته وتنوع ايقاعه الغجري لذا حين انساب اللحن بـ: (نونة تدكَـ بنونة ومكحلات عيونة آه حلوة حلوة عيونة ومكحلات عيونة واكفة بمشراق السلف تنثر شعرهه مكتوم حضانة يدك جوبي لخصرهه العين سودة يابابة والكحل موده ويا شلايل الكهرب يتعبه ظفرهه.. الخ) تجاوبت معه ايقاعات الاكف وترديد اللازمة، ولا غرابة بعد ذلك ان تزداد الطلبات كي تطول قصيدة لرامبو فيغنيها: (الاسود) بمزاج تحويل الامسية الشعرية الى غنائية: (شبابي الخامل كم انت مستعبد برقة الحس ضيعت ايامي عهد الصبا بادا يا ليته عادا ليحرق القلبا قد قلت: يا نفسي ازهدي لا تتركي احدا يراك لا تحزني لا تحلمي بصبابة علياهناك...الخ!) ووسط هذه الحيوية من القراءات المتنوعة يجري ايضا الثناء على بائع بسطة الكتب الجديدة... (بناي) قرب (مكتبة المثنى).. ويجري التطرق لجايجي المعقدين (ابراهيم.. ابو خليل الورد) وخياط المجموعة (توفيق) وراعي خوار: (الواقع والبديل في المسرح العراقي) احمد فياض المفرجي تمكنت ظروف تبلور الحداثة الادبية الجديدة بمفهومها العصري في وحداتها والنوع والعموم والمنطق والمعقول مما كان غير معروف في الادب الرسمي السائد صفة في مفهومها العراقي بان تكون اناشيد ثورية لبعض اولئك الشباب الاشداء الذين اندفعوا لاكثر بقاع الصراع الملتهبة: (لبنان وكردستان العراق) لاستلهام دروس الكفاح المسلح ومن ثم استشهادهم في خضم المعارك هناك امثال: (رياض البكري ومعين النهر وعبدالجبار عبد الله وابراهيم زاير وزهير علاوي ومحسن طليعة وشعبان كريم) مستفيدين مما اشاعته الموجه: (الجيفارية والكاستروية والدوبروية والقيادة المركزية بقيادة صالح العسكري واحمد الحلاق ونوري العاني وخالد احمد زكي واخرين) من فكر ثوري متمرد وصار البعض الاخر في الضد منهم حين تمكنت الخيبة منهم فانكفأوا اما على دوائر المخابرات والامن او على انفسهم متمتمين تعويذة (رامبو) من على ظهر (مركبه السكران) كملاذ تعقيدي لهم.. وقليل جدا استوعبتهم (الحاوية) الرسمية فاستقاموا في مستنقعات الاذاعة والصحف والمراكز الثقافية بالخارج او مخبرين.. انبثوا في مختلف المجالات وعديدون هاجروا: (فوزي كريم الشاعر والشاعر) واكثرهم درامية اولئك الذين ماتوا كمدا في فنادق الدرجة العاشرة.. او فقدوا نهائيا فهل يعرف احد الى اين انتهى المطاف بالشاعر: (ابو سرحان)؟؟ وماذا كتب قبل ان يودع اسرار هذا العالم (البديع)؟! ففي الوقت الذي بقي اخرون مرددين: (كلشي صح) التهكمية وبقي صدى صوت (سلمان الاسود) مرددا كلمات (وليد جمعة) بين رواد (المعقدين وليالي الانس): (كلشي صح.. كلشي زين منهو اليكَول اكو بطالة بهذا الوطن الا بنذالة لو تحكمون بعدالة ما بقى اي شيء شين كلشي.. كلشي.. كلشي.. زين..!) واذا ما صادف ان مر بعض (المريشون): (عبدالرحمن الربيعي وسامي مهدي وطه البصري..) يصبح الصمت لزاما وان كانت من باب المصادفات و... الاستعراضات.. وفي المساء اعتاد رواد (المعقدين) ان ينتقلوا لمقهى (ليالي الانس).. او لمقاهي ابي نواس (قرب الجسر) مباشرة حيث يلقون حفاوة خالهم: (موسى العظيم) بترحاب: (هله.. هله عيني.. هله بولد اختي.. هله.. ربع العرق اليوم بـ 120 فلسا.. يا بلاش عرق ام كاترينا.. خلاصة تمر زهدي.. صناعة بيت مسيحي..!).. وبعد الساعة الحادية عشرة.. بعد ان تخف وطأة هستيريا الشعر والاغاني والمعارك الكلامية.. يصبح لزاما على ولد الاخت اكمال طقوس اليوم على اكمل وجه (بطلة) على (ملهى ليالي الافراح) حيث (يرخي) حراس شباك التذاكر انضباطهم لامتلاء القاعة.. حيث يختار (المعقدون) الزوايا المعتمة وقوفا او جلوسا للارض مهللين.. مبدين اقصى درجات التشجيع والاعجاب (بالتصفيق والصفير) بفن خالتهم.. (لميعة توفيق) على اغنيتها: (نيشان الخطوبة اليوم جابولي محبس من ذهب وكلادة قدمولي حبيبي اللي اوده خطبني ووفه بوعده ....الخ) وما بين هذه الاغنية وغيرها كانت (لميعة) تلهب حماسهم بترحيبها: (هله.. هله.. هله بولد اختي..!) وهذه... كانت لهم افضل هوية ودعوة مجانية يحاججون بها حراس الملهى وشباك التذاكر عن اهمية حضور: (ولد الاخت) وقربهم من (مصادر صنع الفن) في الملهى نفسها...! وفي نفس الفترة كان عديد من الفنانين المسرحيين يحاولون بعروض مسرحياتهم حل رموز المعادلة الاجتماعية والفكرية الصعبة وتحقيق ذاتهم فمثلا: برز الفنان عوني كرومي بعرضه (كاليغولا) وعلي ماجد وعبد المطلب السنيد وحميد الحساني ومحاولات الفنان (جعفر علي) في احتواء حركة الشباب في مسرحية: (فيتروك) والتي جاءت مميزة ورائعة.. صاغت تطلعات الشباب..! الى جانب ابداعات المخرج الفنان: (عبدالوهاب الدايني) في تمثيله: (عبود يغني) وفي مسرحية: (العطش والقضية) لنور الدين فارس.. انها حقا فترة قلقة وربما كانت مسحة الحزن المرتسم على محيا اعمالهم.. تحلم.. ايضا.. ولكن بألم..! (في لجة الاعصار وفي اصطخاب المدن المسببة مذهول اجوب عوالم المسرح علني ألقى عرضا جديدا اسقي به هيام روحي وازواج به وحدة آلامي اموت عشقا وأهيم موتا واجوب يا روحي طرقات الكرخ عل جثة المسرح المشنوق بالكرادة يدلني درب الوطن علني افرش دربه المحزون وردا وارسم جدرانه المسخ اشعارا وافجر صمته الحجري ثورة تحكي نشيد الفقراء هيا قديني يا رياح انا عاشق ولهان متعب دنياك الزيف قديني السبت.. الاثنين.. جمعة الشؤم ضياء المسرح القومي عرض الساعة الثامنة موسيقى.. ستار الليلة السكرى وعمر الزمن الضائع في الذاكرة اواه ياليلي ثلاثة سبعة ثلاثة عشر.. تزاوج وخمر وعرش الملك المخلوع سلالة ابدية لكم ولتصمتوا موسيقى - ستار- اواه يا روحي لكم جبتي بحار الموت جوبي.. جوبي.. جوبي..! ولعل (ذروة دراما المعقدين) بعد شهرتها هو ما حصل للبعض منهم في صيف عام 1973م حين داهمها: محافظ بغداد حينذاك: (خير الله طلفاح) وزبانية الاخلاق المرافقة حيث امر بتمزيق سراويلهم وصبغ ملابسهم وتشويه تسريحات شعرهم (بحلاقة سريالية).. ثم دارت بهم سيارة الشرطة المكشوفة اكثر شوارع بغداد وازقتها ازدحاما سعيا (لفضح الخارجين) عن الزمن العربي البديع.. ولتطهيره من (المخانيث) و... (رسل الثقافة المستوردة..!)... ولم (يفك منهم الياخة).
الا بعد ان اصلى شرف امهاتهم واخواتهم ورجولتهم بأقسى الشتائم والاوصاف.. وبعد ان دفع له كل واحد منهم (15) دينارا هذه وغيرها كانت الحاضنة لقصائد من نوع مباشر اخر فقصيدته: (أنا).. ثورة بصورها ومنهجها المتخيل يدعونا فيها لتبنيها.. كي تنتصر: (أنا في آخر الانباء كالثورة اجيء على السهرة وازعج نومك الوسنان تعال اليوم يا انسان تعال الان ومزق صدفة الموت انا.. صوتي وكل حرارة الموت نجمع اخر الانباء عن الاجداد والابناء لكي نحتضن الثورة لكي تنتصر الثورة لكي لا تعذر الثورة) غير ان حساسية الشاعر لا تدعه ان يصمت او ان يصرفها بعيدا عن التطهير المعرفي الابداعي او يقصيها، لذا جاءت قصيدة: (15 واحدا و: من وزير الدخلية لرئيس الوزراء) حادة تنسجم والاوصاف العامة للشاعر وبكل ما تجنح اليه لغته لفضح كل ما اخفاه النظام الاجتماعي من رياء: (للذي يسكب ماء الوجه فوق الصحف المستهلكة للذي يسكت في وقت الظهيرة للذي يصنع للاطفال حلوى للذي قال لنا: لن ينتكس!! للذي عانقها قبلي وبعدي للذي يكرهني للذي يعشق ظله للذي يخجل ان يلثم في المرآة ظله للذي يرسم لوحات عن النسوة في الرأس ويشتمني سياسة للذي يرعبه صوت رصاص في الجوار للذي ينبض في الصدر وقد يخذلني بعد ثلاثين دقيقة للذي خان المناشير العتيقة للذي يدلف مرحاض الرصانة للذي علمنا حب الكتب للذي ينشر هذه الكلمات عفطة قبل صباح الخير حتى...) ان الصور الشعرية المتدفقة في مختلف قصائد الشاعر: (جرح الوطن) (.. كال العشق شال وشاب وطلعت اله شيباته..) و (خذ هذا الكف واستمطر شجر الدنا..) و (.. حين يكون القذف وجها محجوب الرؤى) و (مزق صدفة الموت) و (حين يكون الحب فراشة ساكون الضوء.. وحين يكون الحب الضوء فلن اكون حتى النفس الممقوت فراشة..!) و (درب الزمان الكهل) و(بقعة شمس مظلمة) و (سلحفاتي الهرمة)...الخ!! انما يقدمها في اغراض مختلفة محكمة الصياغة غزيرة الدلالات والمعاني.. غير محدودة بابعاد.. نسجت جراء ضغوط نفسية لا شعورية شديدة الوطأة.. تفجرت بشكل صدمات.. شتائم.. (عفطة) ليست نشازا على الشروط الفنية اللازمة لبناء الصورة في تناقضاتها وتضادها غير الطبيعية بل تكاملا ضروريا.. لانه لم يكتف بانتقاء: (اجمل الكلمات) والتعابير واستخدام ابشعها في التداول الشعبي.. في الكلام العادي.. عفطة كمفردة تسخيف وتهكم بذيئة.. ينسجها في القبول كواحدة من ضروب الاحتجاج والتسخيف الذي يميز قاموس:
(وليد جمعة) الشعري
منقول للفائدة عن
صحيفة المدى
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
رد مع اقتباس
رد

Tags
بغداديات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 22h57.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd