* : الملحن كاظم نديم (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : محمود نديم فتحي - - الوقت: 00h34 - التاريخ: 29/03/2024)           »          فتحيه أحمد- 1898 - 5 ديسمبر 1975 (الكاتـب : Talab - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 00h23 - التاريخ: 29/03/2024)           »          سمير صبرى (الكاتـب : د.حسن - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 21h09 - التاريخ: 28/03/2024)           »          ليلى مراد- 17 فبراير 1918 - 21 نوفمبر 1995 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 19h08 - التاريخ: 28/03/2024)           »          تترات المسلسلات التلفزيونية (الكاتـب : راضى - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 16h16 - التاريخ: 28/03/2024)           »          غادة سالم (الكاتـب : ماهر العطار - آخر مشاركة : الكرملي - - الوقت: 15h31 - التاريخ: 28/03/2024)           »          عبد الحليم حافظ- 21 يونيه 1929 - 30 مارس 1977 (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : fahedassouad - - الوقت: 12h28 - التاريخ: 28/03/2024)           »          محمد شريف (الكاتـب : loaie al-sayem - آخر مشاركة : اسامة عبد الحميد - - الوقت: 23h50 - التاريخ: 27/03/2024)           »          سعاد محاسن (الكاتـب : سماعي - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 19h25 - التاريخ: 27/03/2024)           »          الشيخ محمد صلاح الدين كباره (الكاتـب : احمد البنهاوي - آخر مشاركة : kabh01 - - الوقت: 09h52 - التاريخ: 27/03/2024)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > الموروث الشعبي والتراث الغنائي العربي > العراق > الدراسات و البحوث و المقالات

الدراسات و البحوث و المقالات المتعلقة بالغناء و الموسيقى العراقية و خصائصها

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #71  
قديم 15/11/2009, 23h09
د.نعمان د.نعمان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380958
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: فرنسية
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 1,127
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الأخ العزيز قصي
لدي تعقيب على مقالكم الرائع عن ألأستاذ مؤيد البدري حاولت ان ارفعه حال ظهور المقال ولكن لم اتمكن من رفعه لسبب فني لا اعرفه.
لقد كان الأستاذ مؤيد البدري يتمتع بميزات و قدرات مهنية وشخصية عالية مكنته من ان يحتل الموقع الذي حصل عليه.فقد كان ملماً بمهنته كرياضي اضافة الى صوته الذي كان يجمع ما بين الحماسة والنبرة الرياضية الصادقة وحتى شكله كان يؤهله لأن يكون نجماً تلفزيونياً لامعاً .فطارت شهرته ولا اكاد اتجاوز الواقع ان قلت ان شهرته قد فاقت شهرة -رئيس جمهورية-
ولولا تلك الشهرة الشعبية لكان قد اصابه ضرر اكبر بسبب موقفه من المصارع عدنان القيسي. كان موقف البدري من المصارعة الحرة وما يرافقها من ترتيبات مسبقة موقفاً واضحاً...حاسماً...شجاعاً...ومبدئياً.
كلنا كنا نعلم اسباب نقل الأستاذ مؤيد البدري الى البصرة وكل المثقفين كان يتعاطف مع موقفه الشجاع.اتذكر ان احد الأساتذه-رئيس احدا الجامعات العراقية حالياً- قال لي في حينها ما معناه: الم اقل لك ان نتائج مباراة المصارعة الحرة محسومة سلفاً...هاهو مؤيد البدري بصفته خبيراً قد فضحهم و كشف كل شيء.
تحياتنا وتقديرنا الى الأستاذ الكبير مؤيد البدري و شكراً للاخ قصي الذي اتحفنا بهذا المقال القيم.
رد مع اقتباس
  #72  
قديم 16/11/2009, 06h30
الصورة الرمزية قصي الفرضي
قصي الفرضي قصي الفرضي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380271
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: العراق
المشاركات: 648
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الاخ العزيز د.نعمان
السلام عليكم

شكرا على مداخلتك اللطيفة وكلماتك الرقيقة حول الموضوع ان هؤلاء رجال عظام تركو بصمة واضحة في تاريخ العراق واصبحو جزء من تاريخة المعاصر , وستذكرهم الاجيال بخير لما قدموه للوطن طوال سنين حياتهم .

بالنسبة لتنزيل موضوع مؤيد البدري او اي موضوع تحاول حفظه في الحاسبة ضلل الجرء او كل الموضوع الذي ترغب بحفظة من اخر الموضوع الى الاعلى مع الصور(بدون عناوين المنتدى او غير ذلك) بالماوس ولاتتستعمل طريقة Ctrl+A وتجنب تضليل المواضيع الجانبية يسار ويمين الكلام واعمل copy ثم افتح صفحة لل word واعمل peast في اعلى الصفحة وسترى ان الموضوع سيخزن مع الصور .
وانا جربت موضوع مؤيد وخزن بسهولة وبدون مشاكل بالطريقة التي ذكرتها .
تحياتي لك ....

قصي الفرضي / العراق بغداد
رد مع اقتباس
  #73  
قديم 16/11/2009, 20h21
الصورة الرمزية سمهر بغداد
سمهر بغداد سمهر بغداد غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:429810
 
تاريخ التسجيل: mai 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: العراق
المشاركات: 67
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

مُبدعٌ كما هو ألعهد بك يا أخ قصي ألفرضي ....
موضوع رائع ومجهودكَ ألأروع ....
لقد تم بناء تمثال للعلامة مصطفى جواد في بداية قضاء ألخالص او
مايسمونها أهالي ألمنطقة بلهجتهم ألمتعارف عليها ( ألفلكة ) ألمقابلة لمعمل كحول ألخالص
وكان ألبناء في أواخر ألسبعينات وبعهد ألرئيس صدام حسين ....
فقام بعض ضعاف ألنفوس بتشويه ألتمثال بين ألحين وألآخر إلى أن جزع أهل ألعلامة مصطفى جواد
وأقاربه فتقدموا بشكوى للرئيس وقتها مطالبين بأزالة ألنصب من ( ألفلكة ) لتلافي مايلحقه
من أذى معنوي على أيدي بعض ألجُهّال فتم لهم ما أرادوا وفعآ أُزيل ألتمثال ألذي لم يعمّر طويلآ
ربما لأنه يُذكّر ألجهلةَ بجهلهم ولكن بقيَت هناك مدرسة إبتئدائية لاتزال تحمل إسمه....
تقبل تقديري واحترامي يا أخ قصي ....
رد مع اقتباس
  #74  
قديم 23/11/2009, 21h15
الصورة الرمزية قصي الفرضي
قصي الفرضي قصي الفرضي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380271
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: العراق
المشاركات: 648
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الفنانة القديرة مائدة نزهت









لقد استطاعت هذه المغنية اللامعه أن تكون محوراً لنشاط كل الملحنين في كامل اللحنية العراقيه، ومنذ عام 1954 والى يومنا هذا لم تظهر مطربه عراقيه واحده نافست مائدة نزهت في قليل او كثير، ولعل صوتها هو الوحيد بين الاصوات العراقية الذي كان له هذا الحضور وهذا الأقتران بمعايير القيمة والانجاز، بل ان مائدة نزهت ارتبطت باغنى مرحلة من الغناء العراقي ونعني بها مرحلة – الاغنية البغدادية- فقد توهجت نبراتها الغنائية من تجسيد الكثير من الاعمال الفنية لاوسع دائرة من الملحنين .

ولدت الفنانة مائدة جاسم محمد عزاوي في الكرخ من بغداد عام 1937.. وهي واحدة من اربع بنات وولد واحد.. لامهم وابيهم.. حسنية – بدرية – سامية – مائدة – وخلف.. كان والدها ضابطا في الجيش العراقي ..
وفي مقتبل عمرها حفظت الاجزاء الاولى من القرآن الكريم عند الملا في (الكتاتيب) ، ثم دخلت مدرسة الرصافة الابتدائية حيث شاركت لاول مرة في اداء الاناشيد المدرسية منتصف الاربعينات.. وبسبب القيود الاجتماعية الصارمة.. فقد كانت ترفه عن نفسها وتمارس هوايتها الادائية بمشاركتها الاداءات الدينية مع النساء من الاقارب والمعارف. وبسبب هذه القيود ايضا.. لم تستطع ان تدرس الموسيقى وفي عام 1954 اعجب بها منير بشير وخزعل مهدي, فشجعاها على التقديم للاذاعة فخضعت للاختبار فنجحت نجاحا باهرا .


لحّن لها ناظم نعيم اول اغنية ( الروح محتاره والدمع يجاره ) التي كانت تجربتها الاولى ، فلم ينتبه اليها جمهور كاف .. ولكن تجربتها الاخرى مع الملحن احمد الخليل في اغنية ( اصيحن آه والتوبة ) تعتبر منعطفا جديدا لها رفعها الى مصاف المطربات المعروفات , الامر الذي عمـَّق بداياتها , فقد اشتهرت هذه الاغنية واشتهر معها الملحن احمد الخليل والمطربة الواعدة مائدة نزهت ايضا.

لفترة قصيرة ابتعدت فيها مائدة نزهت عن الاذاعة والوسط الفني برمته بسبب بعض المشاكل التي جابهتها من قبل بعض الفنيين والادرايين في اعتراضها لعدم اذاعة اغانيها وكان ذلك عام 1955 وهي لم تزل في بداياتها.. واستمرت الحالة حتى عام 1957 بعد ان عاد الفنان وديع خوندة من غربته وعمله في اذاعة الشرق الادنى الناطقة باللغة العربية في قبرص وبيروت، وهو الفنان الذي اصبح اول رئيس لقسم الموسيقى في الاذاعة عند تاسيسه منتصف الاربعينيات بجهود منه وقرار من مدير الاذاعة زمنذاك المرحوم حسين الرحال.. وعن طريق الملحن احمد الخليل تعرف على مائدة نزهت حيث ذهبا معا الى اهلها لاقناعها واقناعهم بالعودة الى الغناء بعد ان اقتنع الفنان وديع خوندة بصوتها فقد اسمعه احمد الخليل اغنية (اصيحن اه والتوبة) باستوديو الاذاعة.. وفي هذه الزيارة تمت تسوية الامر وعادت مائدة الى الوسط الفني والاذاعة لتواصل نشاطها الغنائي.. لتبدا مرحلة جديدة من مسيرتها الفنية .

وعن هذه الحقبة يقول الملحن المرحوم عباس جميل في لقاء له قمت بتلحين اول اغنية لمائدة نزهت قبل ان تغني للاذاعة هي ( جاني من حسن مكتوب ) ضمن فلم دكتور حسن ربما كانت طريقها للاذاعة , بعدها غنت من الحاني يا كاتم الاسرارباستوديو الاذاعة ...




لقد جلب وديع خوندة معه الى بغداد عام 1957 خبرة لرؤية فكريه وجمالية عاشها في قبرص مذيعا في اذاعة الشرق الادنى الناطقة بالعربية. وكان بفطرته ذا رؤية ثاقبة في كل موهبة فنية بما في ذلك موهبته.. فمضى يكتشف ما تنطوي عليه تلك الموهبة بالنسبة اليه في جد وانتظام.. وبدأ عطاؤه الجديد الى الاجيال الجديدة بالحانة وملاحظاته وادارته لقسم الموسيقى وفسح المجال للقابليات الموهوبة الاخرى لتبدو النتاجات واضحة..
اما الانسة مائدة نزهت وهي المطربة الجديدة فقد كان حظها اوفر من الجميع في مسيرتها الفنية حيث كان الثامن عشر من اذار عام 1958 موعدا لزواجها بهذا الفنان الموهوب وديع خوندة بعد قصة حب جميلة، وبذلك بدات مائدة نزهت مرحلة جديدة وجدية في مسيرتها الفنية. ومن هذا التاريخ ايضا نلاحظ ان نشاط مائدة نزهت الفني قد بدا يستقر بصورة تدريجية. واصبح اقل من السابق، ولكنه اصبح نتاجا اكثر اتزانا ورصانة فحفلاتها الخاصة قد انعدمت او شبه ذلك ونشاطها الانتاجي امسى اكثر دقة وانتظاما.

تعتبر الالحان التي لحنها الفنان وديع خوندة لمائدة نزهت قبل وبعد زواجه منها بقليل انعطاف جديد في مسار الاغنية الحديثة في بنائها اللحني من حيث تنوع الكوبليهات مع المذهب، وهو يبين لنا ايضا خلجات كتّاب الاغاني هذه، وهكذا كانت مائدة نزهت سيدة الموقف في حصيلة النتائج التي استطاعت ان تعبر عن مشاعر الملحن والكاتب معا، وهكذا كان الاتفاق التعبيري لمجموعهم.. ومن هذه الاغاني مثلا اغنية يم الفستان الاحمر التي كتب كلماتها الشاعر عبد المجيد الملا واغنية - احبك لا - التي كتبها اسماعيل الخطيب واغنية تجونة لو نجيكم من كلمات رشيد حميد واغنية تاليها وياك التي كتبتها امل سامي واغنية نسمات رومبا وسامبا بغداد التي كتبها حسن نعمة العبيدي واغنية وينك التي كتبها وديع خوندة نفسه

يروي الفنان حسين الاعظمي
وفي صدد اغنية – تاليهه وياك – اذكر اني كنت مرة خلال الدوام الوظيفي اليومي لفرقتنا ونحن نتمرن على بعض الاعمال الغنائية المقامية وابداء بعض الملاحظات المقامية للفنانة مائدة نزهت وقد كنا في حضرة مقام الحكيمي وهو من سلم مقـام الهـزام .. وفي هذه الاثناء مال حديثنا الى اغنية – تاليهه وياك- وهي من نفس السلم حتى اخذت تغني ببعض مقاطعها التي ابديت اعجابي ببنائها الموسيقي وادائها المتقن الجميل فسألتها عن ظروف هذه الاغنية ... فكانت ان اجابت بصراحة وجراءة فقالت (في هذه الفترة كنت على علاقة حب طاهر نقي مع الفنان وديع خونده عام 1957 )، وكان ذلك قبل زواجنا طبعاً ، كنت كمراهقة غرة ، لا يهمها كتمان مشاعرها وكان قد لحن لي هذه الاغنية فعند تسجيلها في ستوديو الاذاعة كان وديع موجود في كونترول الاستوديو جالساً مع المخرج وكنت انا في ذروة مزاجي الغنائي ومشاعري الجياشة مما جعلني اغني بكل الصدق والجودة فكان ان نجحت هذه الاغنية نجاحاً كبيراً ليس فقط لجمالها بل لمستواها الراقي في الكلمات والبناء اللحني والاداء الغنائي . وبذلك يمكننا ان نقول من جانب اخر ان هذه الاغنية سجلت قبل عام 1958 وهو عام زواجهما .

في خضم الاحداث التي كان يعج بها العراق اواخر العقد الخمسيني وبداية العقد الستيني وبسبب مضايقات معينة, سافرت مائدة نزهت مع زوجها وديع خوندة عام 1962 الى بيروت , وهي المرة الاولى التي تسافر فيها خارج العراق , وفي بيروت بدات مرحلة جديدة من مسيرتها الفنية فقد كان زوجها على علاقة ببعض الصداقات مع الفنانين اللبنانيين والعرب منذ ان عمل في اذاعة الشرق الادنى . مثل عبد الحليم حافظ بواسطة محمد عبد المطلب الذي كان صديق وديع خوندة في بغداد وتعرفت على اعضاء الفرقة الماسية وهدى سلطان ولبلبة ونجاح سلام وصباح ووديع الصافي ونصري شمس الدين وغيرهم . وفي هذه الفترة من اقامتهم في بيروت لحن لها زوجها اغنية يا خوية ويا احلى خي التي كتب كلماتها زين شعبي
.
في هذه الاثناء وبعد تحسن وضعهما واستقرارهما , قاما بسفرة سياحية الى اوربا عادا بعدها الى ارض الوطن عام 1963 ثم اضطرا للعودة الى بيروت ثانية وبقيا هناك , وفي عام 1964 انجبت مائدة ابنها البكر اياد وبعد ذلك باشرا مرة اخرى نشاطهما الفني وقد ذهبا الى سوريا التي فتحت ابوابها لهما , ولكنهما بقيا في دوامة من الذهاب والاياب بين سوريا ولبنان , ونشاطهما الفني مستمر وقد ساعدهما الفنان الكبير الفلسطيني الاصل حليم الرومي حيث كان مسؤولا عن الموسيقى في الاذاعة اللبنانية , وقد لحن لها بعض الفنانين العرب منهم حسن غندور وعفيف رضوان وخالد ابو النصر وسعدون الراشد والكويتيان عوض دوخي وحميد الرجب بعد ان سافرت الى الكويت لفترة معينة .

في سوريا سجلت مائدة نزهت بعض الاغاني للاذاعة وكذلك شاركت في احتفالات الوحدة الثلاثية بين العراق ومصر وسوريا. . وكانت اغنية اسألوه لا تسالوني اسألوه من بين الاغاني التي شاعت واخذت شهرة واسعة هي و اغنية يا خوية ويااحلى خي.



مائدة نزهت وحسين الاعظمي امام قبر ام كلثوم 1976


المطربة نرجس شوقي تغار منها ...
يروي الشاعر اسماعيل الخطيب .
من المصادفات الحلوة التي أدت الى ميلاد أغنية جديدة أن حدث ذات مرة وبعد مرور شهر تقريباً على بث أغنية مائدة نزهت الجديدة الأولى في حياتها الفنية من إذاعة بغداد التي كتبها ولحنها أحمد الخليل سنة 1954 التي كان مطلعها (يللي تريدون الهوه صبروا على أحو) أن التقينا أثناء خروجنا أنا والفنان احمد الخليل من دار الإذاعة في الصالحية ببغداد. وفي الممر الأمامي لها التقينا بالفنانة المصرية المعروفة(نرجس شوقي) وهي داخلة الى الإذاعة لتقديم حفلتها الاسبوعية التي كانت تبث على الهواء مباشرة.
وبعد تبادل عبارات التحية المعتادة بيننا، قالت نرجس لأحمد ليش يا احمد إشبدلك .. ما كنت حلو معايا .. مين الست مائدة دي حتى تاخذك منا.. يظهر أن الوقت هذه الأيام للشابات الصغيرات وليس للعواجيز أمثالنا أنا وعفيفة .. فقال أحمد الخليل على الفور أستغفر الله يا ست مين اللي تقدر توصل مكانتك وفنك بالمناسبة أنا محضر لك أغنية جديدة حلوة كنت سأخبرك عنها ولكنك سبقتيني .


فارتاحت نرجس لهذه الإجابة وقالت ما دام كده.. أنا مستنياكم بكره .. بس أيه هو الكلام . فقال أحمد إسألي الأستاذ اسماعيل أهو أمامك يخبرك .. فقلت لها: سيعجبك إن شاء الله إطمئني

وافترقنا..
وفي الطريق سألت أحمد عن الموضوع فقال ضاحكاً لم أجد طريقة أخرى للتخلص من الموقف غير هذه الكذبة فقلت له يا حلو كلي اشبدلك روحي أضحيها الك . فأمسك أحمد بيدي وقال فرحاً هذه هي الأغنية وأخرج علبة سكائر وسجل هذا الكلام عليها وقال أريد منك بقية كلام الأغنية. ولما تلاقينا في اليوم التالي سلمتهُ الأغنية وكانت كما يلي:
يا حلو كلي اشبدلك ـ كلي دكلي؟
روحي أضحيها الك ـ كلي دكلي؟
كلما ردت.. كلما طلبت
ضحيته لأجلك بس إلك
يا حلو كلي اشبدلك ـ كلي دكلي؟

إلى آخر كلمات الاغنية التي لحنها أحمد الخليل خلال ذلك الاسبوع وكانت من مقام الاوشار وهو من المقامات القوية الفرحة وقد أبدعت نرجس في أدائها جداً وحققت الأغنية نجاحاً منقطع النظير وانتشرت في حينها بسرعة بحيث أصبح الناس يرددونها في أفراحهم ومناسباتهم سنوات عديدة حتى أن الفنان روحي الخماش رحمه الله سجلها مع فرقة معهد الفنون الجميلة التلفزيون بعد أكثر من خمس وعشرين سنة على أنها من الأغاني العراقية التراثية القديمة دون الإشارة الى مؤلفها اسماعيل ابراهيم الخطيب أو ملحنها المرحوم أحمد الخليل ..

مائدة نزهت والمقام العراقي

كان التقليد المهيب في الغناء المقامي يمنع ان يؤدى مقاماً معيناً الا وقد انطلق من التقليد التام .. واول واهم مراكز التقليد هي ان تكون القصيدة المغناة ذاتها التي سبق ان غناها احد المغنين المشاهير وفي نفس المقام المعين . فمقام الحويزاوي الذي غناه المغني التاريخي محمد القبنجي , وبما لهذا المغني الكبير من سطوة هائلة على الجماهير فقد كان مقامه الحويزاوي له سطوه اخرى على مسامع واذواق المغنين والجماهير منذ ان سجله اذاعياً عام 1956 واعاد غنائه عام 1964 في مؤتمر ومهرجان الموسيقى العربية الثاني الذي انعقد في بغداد ، وهذه المرة سجل تلفزيونياً بحيث لم يجرأ اي من المغنين الاخرين ان يغنوا مقام الحويزاوي بعد هذا التاريخ الا بنفس القصيدة و نفس الاداء الذي اداه استاذنا محمد القبنجي , والقصيدة مأخوذة من كتاب الف ليلة و ليلة. ففي هذا المقام كمقاماته الاخرى كان القبنجي كطائر تاريخي من العصور القديمة يبسط جناحيه الهائلين صوب المشرق و المغرب , والكل تحت خيمته.. فمن يجرؤ على مجرد طرح رأي ولو كان بسيطاً ...
غنى القبنجي مقام الحويزاوي , فغزى القلوب والافكار والهب المشاعر في قصيدة لو كان قائلها حي يرزق لقدم الولاء والشكر والعرفان لهذا الفنان لانه خلدها بالفعل , اذ نفض غبار الزمن عنها واظهر بريقها الوهاج .

اما تجربة المطربة مائدة نزهت , حيث غنت هي الاخرى مقام الحويزاوي باسلوب فني مغاير تماماً لاسلوب مطرب الاجيال محمد القبنجي و مغاير ايضاً لاسلوب فنان القرن العشرين ناظم الغزالي, ولم يكن ذلك لمرة واحدة بل كررت ذلك مرتين و بقصيدتين جديدتين مختلفتين ففي المرة الاولى غنت الفنانة مائدة نزهت مقام الحويزاوي بقصيدة عبد المجيد الملا

يا من هواه اعزه و أذلنــــي كيف السبيل الى وصالك دلنــي
واصلتني حتى ملكت حشاشــتيورجعت من بعد الوصال هجرتني

وفي المرة الثانية اثبتت الفنانة مائدة نزهت امكانياتها الابداعية وغنته بقصيدة الشاعر المخضرم حافظ جميل بأجمل ما يمكن ان يكون.

وا عظم بلواك من هم تعانيــه ومن جوى ألم في النفس تخفيــه
لله آهتك الحرى اذا انبـــعثت عن لاعج في سواد اللــيل تذكيه



مؤتمر فني في الجزائر 1979


وابدعت مائدة ايما ابداع في المقام العراقي لما تمتلكهمن حس فني رائع وقدرات صوتية واسعة ....

اعتزلت مائدة الغناء في اواسط الثمانينات وتحجبت وحجت الى بيت الله الحرام مع ولدها البكر اياد وابتعدت عن الفن الى غير رجعة .

نتمنى لفنانتنا الحاجة ام اياد موفور الصحة والعافية والايمان والعمر المديد ...

منقول وبتصرف .

تحياتي
قصي الفرضي / العراق بغداد
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg 1.jpg‏ (21.3 كيلوبايت, المشاهدات 241)
نوع الملف: jpg 2.jpg‏ (14.4 كيلوبايت, المشاهدات 240)
نوع الملف: jpg 3.jpg‏ (24.5 كيلوبايت, المشاهدات 238)
نوع الملف: jpg 4.jpg‏ (29.0 كيلوبايت, المشاهدات 238)

التعديل الأخير تم بواسطة : قصي الفرضي بتاريخ 24/11/2009 الساعة 05h37
رد مع اقتباس
  #75  
قديم 23/11/2009, 22h53
د.نعمان د.نعمان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380958
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: فرنسية
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 1,127
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

ألأخ العزيز قصي المحترم
لدي تعقيب بسيط. في الصورة الأخيرة المعنونة بمؤتمر في الجزائر 1979 يظهر الفنان الكبير عباس جميل على يمين المطربة مائدة نزهت. ان اغنية: تجونه لو نجيكم...لو احنا نجيكم ...تعالو يا حبايب هلة بيكم هي من اجمل اغاني الفنانة وكان يرددها الناس في المناسبات وللتعبير عن الأشتياق لتبادل الزيارات. هذه الأغنية بحثت عنها كثيراً ولم اجدها.عسى ان يتكرم احد الأخوان بتزويد المنتدى بها.
ان للمطربة مائدة نزهت صوت جميل جداً, ولها اغاني -خفيفة - صباحية مثل اغنية بغداد و اخرى مسائية مثل مر يا اسمر.
شكراً على هذا الجهد الكبير.
رد مع اقتباس
  #76  
قديم 23/11/2009, 23h09
الصورة الرمزية فاضل الخالد
فاضل الخالد فاضل الخالد غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:457466
 
تاريخ التسجيل: août 2009
الجنسية: عراقية-سويدية
الإقامة: السويد
المشاركات: 592
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الاستاذ قصي الفرضي المحترم
شكرا على هذا العرض الشيق والمتسلسل عن السيرة الذاتية للمطربة المتألقة مائدة نزهت واسجل اعجابي بجميع ما كتبته عن التراث الفني العراقي
وبالنسبة الى موضوع الفنانة مائدة نزهت لي الملاحظات التالية
1- رغم ان التقرير قد ركز على بدايات نشاطها الفني وقد اوفى حقه ولكني لاحظت عدم الاهتمام باغاني السبعينات التي غنتها فنانتنا الكبيرة لاسيما الحان رضا علي وآخرين فالملاحظ ان التقرير مال باتجاه غنائها للمقام العراقي بينما هي ابدعت في اغاني السبعينات مثل حمد ياحميد يغالي واغنية حاصودة وكذلك همة ثلاثة للمدارس يروحون وغير ذلك الكثير
2-بالنسبة الى الاذاعة التي عمل فيها الفنان وديع خوندة هي اذاعة الشرق الادنى وليس الشرق الاوسط فالاولى كانت تبث من قبرص وانتهت بعد احداث العدوان الثلاثي على مصر في 29 اكتوبر عام 1956 اما الاذاعة الثانية فهي من الاذاعات المصرية التي بدات العمل في تهاية الستينات
3- قام وديع خوندة بتلحين بعض الاغاني لفنانين عرب اذكر منهم المطربة صباح لحن لها اغنية
ليش بتزعل ليش بتغار ومن كلمة بتحتار

قلنالك الفين مرة انت الجنة وانت النار

وهي غير موجودة ضمن اغنياتها في موقع سماعي
وكذلك لحن لوديع الصافي اغنية مع غياب الشمس جابولي الخبر
انو حبيب القلب ناوي عالسفر
ولا ادري هل هي موجودة هنا في الموقع ام لا

وشكرا على جهدك الكبير في كتابة امواضيع التراثية الفنية للعراق الحبيب
رد مع اقتباس
  #77  
قديم 24/11/2009, 19h55
الصورة الرمزية قصي الفرضي
قصي الفرضي قصي الفرضي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380271
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: العراق
المشاركات: 648
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الاخوان الاعزاء د.نعمان وفاضل الخالد
السلام عليكم

شكرا لكلماتكم الرقيقة ومروركم الكريم وتشجيعكم المستمر لما ينشر من مواضيع فنية .

د.نعمان اغنية تجونة لونجيكم من اغاني مائدة نزهت الرائعة ومع الاسف لاتتوفر لدي حاليا .

الاستاذ فاضل اوافقك الرأي حول عدم شمولية الموضوع لفترة السبعينات وهنالك سببين لذلك اولهما ان الموضوع مقتبس من عدة مقالات وهي تفتقر جميعها الى هذه الفترة ولم اشأ الكتابة اعتمادا على الذاكرة فقد تكون بعض الفقرات غير صحيحة واثرت ان تكون المعلومات من اناس مختصين وعلى علم ودرايه ومعايشه لهذه الفترات الزمنية .
الامر الثاني وهي التركيز على القديم ثم الاحدث والتركيز على الجوانب الابداعية للفنان وموضوع المقام هو حالة ابداعية فريدة للنساء وقارئات المقام العراقي يعدن على الاصابع فعلى ما اعتقد ان تناول هذه الفترة مهمة لتعريف ذلك للقراء .

احاول دوما عدم الاطالة والتركيز على الجيد والمهم , واللطيف من الذكريات حتى يكون الموضوع مقبولا ومشوقا وغير ممل.

اما بالنسبة لاذاعة الشرق الادنى فملاحظتك صحيحة وتم تصحيحها باللون الاحمر .
وتقبل تقديري واحترامي .
تحياتي ....

قصي الفرضي / العراق بغداد
رد مع اقتباس
  #78  
قديم 25/11/2009, 00h06
د.نعمان د.نعمان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380958
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: فرنسية
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 1,127
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الأخوان الأفاضل قصي الفرضي وفاضل الخالد
تحية طيبة
شكراً يا أخ فاضل على هذه المعلومة عن اغنية صباح الشهيرة ليش بتزعل ليش بتغار.اذ لم اكن اعلم سابقاً بان ملحنها هو سمير بغدادي.
الأخ قصي اتفق معك فيما يخص ندرة اداء النساء للمقام العراقي.
انقل هنا فقرة من نسخة من مقالة مكتوبة بخط يد السيد سعد المسعودي حصلت عليها قبل حوالي 20 عاماً من مكتبة عراقية في باريس. النص يقول: واذ لم يفتح هذا الفن-المقصود المقام العراقي- امام المرأة لاعتبارات فنية وليس دينية اذ ان الصوت النسائي كما معروف سوبرانو فيما تتطلب المقامات غالباً قرارات لا يمكن للصوت النسائي ان يبلغها, ورغم ذلك فقد برزت بعض الاصوات النسائية التي أدت المقام رغم صعوبة أداءه نذكر منهَن سلطانة يوسف و مائدة نزهت وفريدة..ولم يستطع قراء المقام من صد الأصوات النسائية رغم الحملة الشديدة التي شنوها, ولكنهم اكتفوا بحكم الجمهور الواسع للمقام حيث منحوهم لقب-قراء المقام-فيما تحولت النساء مع الزمن الى مطربات.
وشكرا.
رد مع اقتباس
  #79  
قديم 03/12/2009, 21h54
الصورة الرمزية قصي الفرضي
قصي الفرضي قصي الفرضي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380271
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: العراق
المشاركات: 648
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الاخوه الاعزاء
السلام عليكم


المطرب ستار جبار


اغتراب حتى الموت









ستار جبار علي ، هذا هو اسمهُ الحقيقي وليس الفني ويكنى احياناً بستار ونيسة كما كان يسمى ابوه الفنان الكبيرالراحل (جبار ونيسة)..و ونيسه هذه جدته لابيهِ اي والدة جبار وكانت (كوالة) ذات صوت قوي ومؤثر ولها حضوٌر كبير في المناسباتِ الدينية والمآتم والافراح ، ولان جبار تيتم مبكرًا اصبحَ اسمهُ جبار بن ونيسه ومن ثم جبار ونيسه وقد حمل ستار نفس الاسم في مدينتهِ العريقة الناصرية .


ولد ستار عام 1946 من ابٍ مسلم وام صابئية ولهذه الزيجة التي قلما تحصلُ في المجتمع العراقي حكاية ٌظريفة لابد من الوقوف عندها لما لها لاحقاً من تأثيراتٍ بليغة على شخصية الراحل ستارفي بداية حياتة.
كان الوالد جبار صيادًا للسمك ومن ثم سائق لنقل السمك من الاهوار والمناطق المحاذية لمركز الناصرية ، ولان (سكلة السمك) كانت تقع على مقربة من محلة الصابئة تصادف ان التقى ذلك الشاب الوسيم صاحب الصوت الاخاذ بفتاة مندائية بارعة الجمال تدعى سلمى كانت كافية لبداية قصةِ حبٍ عارمة ترتب عليها الكثير في السنين القادمة.
بعدها وعصر كل يوم كان لابد للعاشق جبار ان يتمشى على ضفة الفرات التي لم تكن بعيده عن سكن الحبيبة وهو يشدو بصوته الصداح القوي اجمل الانغام وبأعذب كلمات الحب والاشتياق.

من هنا ولِدَ (طور الصبي) لكن بلون خاص تميز به جبار ونيسه وكان افضل من اي مطرب اخر في ادائه لهذا الطور لانهٌ عشقهٌ بشكل عفوي ولانه كان وسيلته الرائعة لايصال احاسيسه ورسائله الى بيت الحبيبة عبر الغناء .







المطرب جبار ونيسه والد ستار جبار



وقد سبق ان تغنى بهذا الطور فنانين معروفين في مدينة الناصرية مثل المرحوم خضير حسن ناصرية والمرحوم محيي يوسف والراحل الفنان حسن داود ثم جبار ونيسه وستار ونيسه ومن بعدهم محمد قاسم الاسمر ومن جيل السبعينات كان الفنان فاضل عواد من المقتدرين على اداء هذا الطور الصعب جدا والجميل جداً.

ستار والبدايات
منذ سنواته الاولى كان ستار يستمع للوالد يغني والوالدة تغني والجدة تغني مثلما اغلب ابناء المدينة كذلك وكأن الناصرية ورشة متخصصة لانتاج المطربين والفنانين وكذلك السياسيين لذلك اصبح دماغ ستار الصغير ديوان متنوع للكثير من الاشعار والاطوار الغنائية مما حفزه للغناء وهو في الصف الاول الابتدائي بعدما احسَ انه يمتلك حنجرة واداء رائع منذ اعوامه الصغيرة
ولكنه ولسوءِ حظهِ َلم يحظِ بالعناية الكافية لتطوير موهبتهِ لا في المدرسةِ حيث تعثر كثيراً ولا من قبل اسرتهِ بسبب انفصال ابويه بالطلاق .. ومن هنا من هذا العمر المبكر ذاق ستار التشرد والضياع وخصوصاً بعد زواج والده مجدداً وكذلك امه فلم يبقى لهٌ سوى العودة الى حضنِِ ونيسة التي سرعان ما توفت وهو مازال صبياً .

وبالرغم من تشرده وحرمانه من المحيط الاسري كان ستار مشهوراً في مدينتهِ الناصرية منذ صغر سنه كوالدهِ جبار، حيث كان مطلوباً في مناسبات ابناء المدينة كالاعراس والختان والاعياد والسفرات وحتى في مجالس العزاء التي تقام ايام عاشوراء.

لم يكمل تعليمهٌ المتوسط وقد ترسبت بداخلهِ وهو في هذا العمر الحرج عمر المراهقة كل احزان العالم واصبح بلا مؤى شبه متشرد تحنٌ روحهٌ الشفافة المعذبة للحنان ودفئ الحياة الاسرية، لذالك تنامت بداخلهِ مشاعر متضاربة تجاه الاخرين تتسم بالخوف والقلق والعنف والميل للقتال والعراك لاتفه الاسباب كما لجأ لتعاطي الخمر بوقت مبكر جداً كوالدهِ للهروب من واقعهِ وعذاباتهِ المستمرة.
وكما هو متبع حينذاك أقتيد للعسكرية لانه فشل في اكمال الدراسة وامضى القسم الكبير من خدمته العسكرية في الصحراء الغربية على الحدود مع الاردن.
وكان ما ان يعود في اجازته التي تمتد ( 21 ) يوما) فقط بعد اشهرٍ ثقال من الحرمانات والتعب والواجبات الثقيلة حتى يغرق فورا بالشراب، وكان المسكين يقضي اغلب ايام اجازته اما في الحبس او المستشفى أو يعتكف في المنزل يخجل ان يواجه الاخرين ووجهه وجسمه يحمل اثار العراك. بعد كل جلسة او سهرة للخمر.

حياته في بغداد
بعد تسريحهِ من الجيش اواخر الستينات توجه الى بغداد كبقية اغلب فناني مدينته الناصرية من المطربين والملحنين والشعراء الذين كانوا في بداية المشوار، ليلتقي بمن صاروا في زمن قياسي اشهر فرسان ورواد الفن العراقي الغنائي والمسرحي والروائي الاصيل الملتزم ، كالملحن طالب القرغولي والملحن كمال السيد والمطرب حسين نعمه والشاعر زامل سعيد فتاح وحسن الشكرجي عازف القانون الشهير والشاعر عريان السيد خلف والشاعر كاظم الركابي والمطرب فتاح حمدان وغيرهم.

تقدم للاختبار كمطرب وكانت لجنة القبول تضم خيرة فناني العراق كروحي الخماش وسمير بغدادي ومنير بشير ثم الملحن المبدع كوكب حمزه وغيرهم ، ولم ينجح بالاختبار لتدني ثقافته الشخصية والموسيقية رغم إن صوته كان اجمل واقوى من اصوات زملائه الذين تقدموا للاختبار ايضاً كحسين نعمه ورياض احمد وفؤاد سالم وحميد منصور وسعدون جابر واخرين غيرهم.
لذلك انضم لفرقة الانشاد كبقية زملاءه للتعرف بشكل علمي وبالممارسة على عالم الموسيقى من انغام ومقامات وعلى الوسائل العلمية الصحيحة في الاداء والنطق السليم لتهذيب ادائه وتخليصه من الغناء بالطريقة الفطرية التي اعتاد عليها بحكم نشأته شبه الريفية.

خلال هذه الفترة لمعت اسماء البعض من زملاءه من خلال برنامج ركن الهواة الذي كان يقدمه المرحوم كمال عاكف كالفنان فاضل عواد في اغنيتة الشهيرة (لاخبر) التي حققت انعطافة جديدة في طراز الاغنية البغدادية التقليدية لا من حيث كونها مستكملة المستلزمات الاساسية للاغنية الناجحة بل لانها جاءت بشئ جديد مختلف عن غناء العمالقة كحضيري ابو عزيز وداخل حسن وزهور حسين ووحيدة خليل الذين كانوا يستظلون بالمتبقي من امجادهم.

الاغنية الاولى
اول اغنية اذاعية للفنان ستار كانت (افز بالليل) من كلمات الشاعر عريان سيد خلف والحان الملحن المبدع محمد جواد اموري.. ولهذه الاغنية حكاية مؤثرة ستكون هي السبب في كل ما حصل في محطات ستار الحياتية اللاحقة من خسائر وكبوات متواصلة حتى نهايتة الفاجعة.


لقاءه بالملحن كوكب حمزه
في تلك الايام سطع علي الساحة الغنائية الشاب الوسيم كوكب حمزة كملحن ومغني في بعض المناسبات السياسية والخاصة..استمع كوكب لصوت ستار وقدراتة الهائلة بالاداء فأعجب به جدا وقال له بالحرف الواحد ( صوتك اسطوري لم ولن يتكرر). اتفقا بعد حين على ان يلحن له اغنية(افيش بروج الحنية أٌفيش أٌفيش) .
وتواصلت لقاءآتهم للتدريب والحفظ رغم ان ستار لم يكن معجباً ولامقتنعاً لابكلمات الاغنية ولا باللحن لكنه قبل بها وقام بتسجيلها في الاذاعة لانه كان يريد ان ينال فرصته للاطلالة من الاذاعة والتلفزيون بأي وسيلة بعد ان سبقه لعالم الشهرة البعض من زملاءه في فرقة الانشاد.
في فرقة الانشاد كانت وقتها الفنانة (غادة سالم) التي لم تنل فرصتها بالانتشار تتمرن على حفظ اغنية ( أفز بالليل )وكان ستار من ضمن الكورس الذي يردد خلفها، وخلال متابعته للبروفات استهوته الاغنية وملكت احاسيسه ووجدها تتوافق مع قدراته الصوتيه في حين عجزت غادة سالم عن ادائها كما يبغي اموري لضعف قدراتها الصوتيه .. وفي احدى فترات الاستراحة تجرأ ستار وطلب من اموري ان يستمع له مرة واحدة كي يؤدي الاغنية ذاتها وقد حصل ذلك فعلاً وكان ان اقتنع اموري بصوت ستار وقام فوراً بتحويل الاغنية من غادة الى ستار لكن هذا الامر سبب له قطيعة تامة مع الفنان كوكب الذي استاء من تصرفه المفاجئ مما حدى بكوكب ان يعطي اغنية افيش للفنان سعدون جابر وتبعها باغنية ياطيورالطايرة التي صارت السبب لشهرته وا انتشاره على الساحة العراقية والعربية .

يروي الاستاذ فائز السهيلي
بعد فترة وجيزة تم تسجيل اغنية افز بالليل في ستديو اذاعة بغداد وكانت رائعة فعلا كلحنٍ وكلمات وغناء ولكن ستار ضل يتأمل ظهوره من على شاشة التلفزيون كي يتعرف عليه الناس ، وفي احدى المناسبات الوطنية كما كانت تسمى حينذاك تم ابلاغ ستار على انه سيكون ضمن برنامج الحفل الذي سوف ينقله التلفزيون على الهواء مباشرة من قاعة الخلد في بغداد، وبقدر فرحة ستار بفرصة العمر التي طالما انتظرها اصيب بالرعب والقلق من مواجهة الكاميرا ت رغم انه اعتاد الغناء منذ طفولته.
في اليوم الموعود كان ستار جبار ما زال فقيراً معدماً تتقاذفهٌ الفنادق الرخيصة ومطاعم الأرصفة يعيش على مساعدات ودعم اصدقائه واقربائه ومحبيه ولذلك لم يكن بمقدوره شراء بدلة (قاط) تلائم هذا اليوم العظيم المنتظر يوم ان يواجه الناس وان يتعرف عليه الجمهور بعد ان استهواهم صوته من خلال الاذاعة .
لذلك حاولنا جميعاً ان نجد له بدلة في اسواق اللنكات ولم نفلح بذلك لان جسم ستار شبيه باجسام المصارعين او الرباعين متوسط القامة باكتاف عريضة جداً وذراعين مفتولين ورقبة ثخينة تحمل وجه وسيم بملامح طفولية .
وبعد ان فشلنا في تدبير البدلة وكانت الساعات تقترب من موعد بدء الحفل لم يكن امامنا سوى الاستعانة بصديقي (سالم) الذي كان يشتغل كعامل في محلِ ٍلكوي الملابس في محلتنا الشعبية الطيبة ببغداد القديمة (قنبر علي) لمساعدتنا باستعارة واحدة من بدلات الزبائن تلائم جسم ستار لساعات قليلة فقط والتعهد باعادتها سالمة ً حال انتهاء الحفل.
رفض سالم بشدة واعتذر باصرار ٍ ولكنه وافق اخيراً أمام الحاحنا وتوسلاتنا شريطة ان نرجعها لبيتهِ حتى لو اخر الليل، انتقى ستار بدلة فاخرة وجديدة ظهر فيها رائعاً مع القميص والرباط والساعة ومحبس الذهب التي كانت كلها اعارة من اصدقائه .
كل شيء تمام وفي الوقت الملائم ودعنا ستار وانطلق الى مكان الحفل في كرادة مريم.
تجمعنا امام شاشة التلفزيون معارف ستار من اصدقاءه و والدته واقربائه واهله ومحبيه والكل كان قلقاً يدعو له النجاح لانه جدير بذلك.

بعد تقديم الفقرات الاولى من الحفل التي لااتذكرها جاء دور ستار كي يغني اغنية أفز بالليل.. بدأت الفرقة الموسيقية بعزف المقدمة ستار يبدو رائعاً انيقاً امام المايكريفون وبعد انتهاء الكورس المصاحب له بدأ ستار الغناء لكنه كان مرتبكاً يلاقي صعوبة في المحافظة على الايقاع الموسيقي.. المهم انتهى من المقطع الاول وحين جاء دوره لتسلم المقطع الثاني حلت بهِ المصيبة ، اذ نسيهٌ تماماً وعاد لترديد المقطع الاول وهو ضائع حائرلايعرف ماذا ممكن ان يصنع وهو امام الملايين
لذلك كان غناءهُ سيئاً بائساً مرتبكاً وامضى الوقت المخصص له يمسح العرق ويرفس الارض دون جدوى .
هذه الكارثة سببت له الانكسار والاحباط والفشل الذي ظل ملازماً له في مراحله القادمة وحتى مماته .
المهم غادر ستار مكان الحفل وهو مٌحطمُ منسحق وتوجه لاقرب حانة شرب حتى الجنون ثم التحم مع رواد البار في معركة ضارية خرج منها بجسم نازف وروح ممزقة ..
ولكم ان تتصورا ما حلَ ببدلة صديقي سالم بعد ذلك !!!

وفي الوقت الذي اخذ زملائه المطربين التحليق والانتشارعالياً في عوالم الشهرة والغناء والمال بقيَ ستار يعاني العوز والاهمال، بيدَ انه رغم ذلك تمكن من تسجيل القليل من الاغاني مثل ( ماجنك هذاك انتَ وأغنية مهظومة شدات الورد والعديد من اغاني الفنان الراحل حضيري ابو عزيز) وغيرها .

في منتصف السبعينات تمكن من الزواج وسكن في بيت متواضع في محلة الفحامة في كرخ بغداد ورزق بولد ٍ لكنه توفي وهو رضيع نتيجة الحرمان والعوز بعدها جائته بنت ثم وسام.
كان كريماً و صادقاً و شجاعاً وشهماً ، عفيف النفس نظيف اليد والقلب مُحب للمزاح والنكات وغالباً ما كان يمتعنا بتقليد حركات ومشاهد الممثل المصري الكوميدي ( اسماعيل ياسين).

مواقف واحداث ومفارقات
مع الملحن كمال السيد: حاولت مراراً أن ارتب له علاقة فنية مثمرة مع الملحن المبدع الراحل ( كمال السيد) الذي كان بالتأكيد على دراية كافية بقدرات ستار المميزة لانه ابن مدينته وكنتٌ متيقن ان هكذا لقاء بين أهم عملاقين في مجال التلحين والغناء سيمنح العراق الفن الراقي الملتزم في مجال اللحن او الغناء .
لكن السيد لما يتصف به من اتزان والتزام وخلق رفيع واحترام للفن والفنانين كان يرفض التعاون مع ستار، وكان يؤكد باستمرار امام ستار( إذا ستار ما يصير آدمي ويتصرف كفنان ويخفف من الشرب والطلايب، ماكو فايدة منه) و ( صوتك ياستار مثل المازه بيد ابو الفحم ).

مع حضيري ابو عزيز
كان ستار يعتبر حضيري مَثَلَهُ ونموذجه الاعلى في الحياة والغناء ، والوحيد الذي يستمع له بطربٍ واهتمام وصوت حضيري فقط الذي يجعل ستار ينفعل ويطرب حتى البكاء والنشيج الشديد وكان ستار من القلائل الذين ظل يزور حضيري ويتفقد احواله بعدما تلاشت شهرته حينما كان ملك العراق غير المتوج طوال اكثر من نصف قرن من تاريخ العراق الفني .
في يوم ما بشارع الرشيد حينما كان يزهو بالخير والاناقة والنظافة والجمال ومقابل سينما روكسي بأتجاه ابو نؤاس التقيتٌ ستار وهو يحوط بذراعيه رجل كهلاً يرتدي روب منزلي رث على بجامة بالية ويحتذي نعال عتيق ويضع على راسه شئ ما يمشي بصعوبة كبيرة وهو يرتعش مسنوداً الى جسم ستار وكان يردد بصوت واهن ( إي خالي انه حضيري ابو عزيز). .كان ذلك فعلا المتبقي من ذلك الفنان العظيم الذي منح العراق الفرح والجمال ولم يحضِ ِمن بلده كغالبية مبدعي هذا العراق الواهب والخالق للفن الراقي المتميز سوى الجحود والنسيان ولاحقاً النحر والتهجير على يدي الغربان الجدد.
كان حضيري يصر على الوصول ماشياً الى ابو نؤاس وحينما عجز عن المواصلة بعد خطوات قليلة احتضنه ستار بين ذراعيه وحمله الى صدره كالطفل وسار به نحو ابو نؤاس وهو يبكي ويهمس في اذن حضيري (لاتًعب نفسك .. اروحلك فدوه) .

مع الأستاذ الموسيقاروديع خوندة
من الصدف الجميلة ان استأجر ( الحديث للاستاذ فائز ) للسكن بالمنصور بيت الفنانة الرائعة ( مائدة نزهت)وسرعان ما تحولت هذه الصدفة الى علاقة عائلية محترمة وممتعة ، وقررتٌ أن أٌوجد لقاء في بيتي يضم الاستاذ وديع خوندة وزوجته الفنانة مائدة بغية التعرف لمواهب وامكانات ستار عن قرب بعيداً عن الاجواء الرسمية ، وفعلاً حصل ذلك لكن الاستاذ وديع باناقته المفرطة وملامحه الحديدية ونظاراته الداكنة أصابت ستار بالهلع والهيبة والخوف ولم يتمكن من الغناء بطرب وارتياح ولم يحظي ستار من هذا اللقاء سوى بمحاضرة عن الخلق الفني والغناء الرأسي او الصدري!!

ستار في رأي الفنانين والملحنين
(صوت ستار رهيب اسطوري لم ولن يخلق له مثيل).. الفنان كوكب حمزه .
صوت ستار جامع لكل الاصوات العراقية والعربية (وسيكون له شأن كبير وخطير في مستقبل الغناء العربي).. الفنان محمد جواد اموري.!! اما الملحن الشفاف محسن فرحان فقد( قال عن صوت ستار انه ما كان يعتقد بأمكانية وجود هكذا مقدرة صوتية تزحف كالنسيم من القرار الدافئ العذب وتصعد بتألق واقتدار وتتجاوز جواب الجواب بمد عجيب ومتمكن) .

عانى ستار كثيرا في حياته و كانت تضيق به الدنيا ويعجز حتى عن توفير الطعام لاسرته.
توفي في بيته المتهالك القديم نفسه ,كان يحتفظ ببرميل بانزين في غرفة صغيرة في سطح داره .واثناء الهجوم الجوي والصاروخي الامريكي على بغداد الحبيبة عام 1991 صعد ستار ليلاً لإحضار البنزين لتشغيل المولدة الكهربائية الصغيرة وكان يحمل بيده ( لاله) وفور ان رفع غطاء البرميل اشتعلت الغرفة بسبب تشبعها ببخار البنزين ، واغلق الانفجار الباب دونه ولم يتمكن من انقاذ نفسه ، التهمته النيران قبل ان يشعر به الاخرين .. مكثَ ايام قليلة في مستشفى الكرامة بالكرخ وهو يصرخ من الألم والعذاب ومات بالكنكرينا لنقص الكهرباء والدواء وحيداً معدماً وبلا عزاء!!

رحمك الله ياستار ففد كنت فنانا حقيقيا ومتمكنا ومخلصا لفنه .
منقول للفائدة بتصرف

تحياتي
قصي الفرضي / العراق بغداد
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg ستار جبار.jpg‏ (10.9 كيلوبايت, المشاهدات 221)
نوع الملف: jpg جبار ونيسة.jpg‏ (22.3 كيلوبايت, المشاهدات 219)

التعديل الأخير تم بواسطة : قصي الفرضي بتاريخ 04/12/2009 الساعة 07h44
رد مع اقتباس
  #80  
قديم 04/12/2009, 00h23
الصورة الرمزية AboAhmed
AboAhmed AboAhmed غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:25915
 
تاريخ التسجيل: avril 2007
الجنسية: عراقية
الإقامة: في هذه الدنيا
المشاركات: 48
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

شكرا لك استاذ قصي
على هذه المواضع الجميله اللتي تذكرنا
بتراث العراق العظيم
لقد شوقني هذا المقال عن الفنان المرحوم ستار جبار
لسماع اغنيته الرائعه افز بالليل
وللذي يريد الاستماع لها هذ هو رابط الاغنيه
http://www.sama3y.net/forum/showthread.php?t=68951

شكرا لك مره اخرى اخي العزيز قصي وبارك الله بجهودك

تحياتي
رد مع اقتباس
رد

Tags
الفني العراقي , حكايات قديمة عن التراث


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
طرق مشاهدة الموضوع

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 05h32.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd