* : الفنان الراحل صالح الحريبي 1945-2016 (الكاتـب : بو بشار - آخر مشاركة : shokri - - الوقت: 17h28 - التاريخ: 27/04/2024)           »          20 يونيو 1963م دار سينما قصر النيل (( حسيبك للزمن _ حيرت قلبي معاك )) (الكاتـب : مروان ٱشنيوال - آخر مشاركة : ابوملاك - - الوقت: 17h22 - التاريخ: 27/04/2024)           »          الفنان عبدالمجيد حقيق (الكاتـب : abuaseem - - الوقت: 14h29 - التاريخ: 27/04/2024)           »          عبدالمجيد حقيق ملحن و مطرب من ليبيا (الكاتـب : abuaseem - - الوقت: 14h29 - التاريخ: 27/04/2024)           »          فى يوم .. فى شهر .. فى سنة (الكاتـب : د.حسن - آخر مشاركة : حازم فودة - - الوقت: 03h52 - التاريخ: 27/04/2024)           »          جوزيف عازار (الكاتـب : اسامة عبد الحميد - آخر مشاركة : نور عسكر - - الوقت: 00h03 - التاريخ: 27/04/2024)           »          عبد اللطيف حويل (الكاتـب : abuaseem - آخر مشاركة : محمود نديم فتحي - - الوقت: 23h09 - التاريخ: 26/04/2024)           »          مُحيي الدين بعيون (الكاتـب : sol - آخر مشاركة : الكرملي - - الوقت: 21h45 - التاريخ: 26/04/2024)           »          نوت الأستاذ الهائف (الكاتـب : الهائف - - الوقت: 21h36 - التاريخ: 26/04/2024)           »          هدى سلطان- 15 أغسطس 1925 - 5 مايو 2006 (الكاتـب : Talab - آخر مشاركة : ديمتري ميشال مل - - الوقت: 17h36 - التاريخ: 26/04/2024)


العودة   منتدى سماعي للطرب العربي الأصيل > الموروث الشعبي والتراث الغنائي العربي > العراق > الدراسات و البحوث و المقالات

الدراسات و البحوث و المقالات المتعلقة بالغناء و الموسيقى العراقية و خصائصها

رد
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
  #101  
قديم 07/02/2010, 16h45
الصورة الرمزية قصي الفرضي
قصي الفرضي قصي الفرضي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380271
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: العراق
المشاركات: 648
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الاخ العزيز نور عسكر
السلام عليكم

شكرا على كلماتك الرقيقة ومداخلتك المؤثرة حول الموضوع . اخي العزيز لاشكر على واجب مانقدمه لوطننا الجريح هذا الوطن الذي عانى ما لم يعانيه اي وطن في الدنيا ونحن عاجزون الان على الاقل عن اصلاح مافسد فيه ونبتهل من الله عز وجل والغيارى من ابنائه البرره ان تنصلح الاحوال وتنصلح النفوس ويرجع العراق لما كان عليه من عز وازدهار وامان .

ساحاول ان شاء الله الكتابة من المجلات والنشرات الطلابية بعد جمع المصادر اللازمة لذلك .
وشكرا على موضوع الفنان الراحل منعم فرات وسأحاول اضافة المزيد بعد البحث عن مصادر لذلك .

تحياتي وشكرا مرة ثانية على اهتمامك بالموضوع .

قصي الفرضي / العراق بغداد
رد مع اقتباس
  #102  
قديم 07/02/2010, 17h33
الصورة الرمزية محمد العمر
محمد العمر محمد العمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:372343
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: كندا
المشاركات: 905
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصي الفرضي مشاهدة المشاركة
ويرجع العراق لما كان عليه من عز وازدهار وامان .


قصي الفرضي / العراق بغداد


صعب يا ابو فيصل والله العظيم صعب
فقط بمعجزة من الله عز وجل
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
رد مع اقتباس
  #103  
قديم 07/02/2010, 18h05
الصورة الرمزية قصي الفرضي
قصي الفرضي قصي الفرضي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380271
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: العراق
المشاركات: 648
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الاخوه الاحبة
السلام عليكم



بلبل الريف والاذاعة



حضيري ابو عزيز







من يتصدى للكتابة عن الفنان القدير حضيري ابو عزيز لابد من ان يتناول مرحلة مهمة وطويلة من مراحل الاغنية الريفية في العراق لما تركه هذا الفنان من اثر بليغ في منح هذه الاغنية السمات الاساسية والخصوصية المتفردة بحيث مازلنا نجد اثره موجوداً لدى جميع مطربي الغناء الريفي سواء الذين عاصروه او من الذين جاءوا بعده.. وحضيري هو ثاني اثنين من أهم فناني العراق في مجال الغناء فهو ومحمد القبانجي يعدان من اهم الاسس الفنية للحركة الغنائية العراقية.. القبانجي في المقام العراقي وحضيري ابو عزيز في الغناء الريفي..

من هو حضيري ابو عزيز

هو حضيري بن حسن بن رهيف بن غاني بن شلول بن ديوان الصرجني من عشيرة الصبورة الموجودة في مدينة الشطرة وضواحيها في محافظة ذي قار وهو من مواليد 1904، قتل والده بسبب تصديه لاحدى سفن العثمانين التي كانت تسير في نهر الفرات فتبنته عمته نوره ورعته خير رعاية وتأثر كثيراً بنعيها لأخيها (والده) على الطريقة الريفية فراح حضيري يطلق الغناء لصوته الجميل وهو يجوب ريف الشطرة مما زاد من قوة صوته واثر في حلاوته وجماله.. وقد عرف أهل الشطرة كلهم بجمال صوت هذا الفتى بعد ان كان يغني وهو يسرح بالماشية او عندما يختلى بنفسه على حافة النهر وهو يردد الاغاني المعروفة ويضيف اليها نكهة صوته.. مما دعا الكثير من الفلاحين الى اطلاق لقب (بلبل الريف) على حضيري.. وكان في تلك الفترة صوت قوي اخر في المنطقة هو صوت داخل حسن الذي كان يعمل في نفس مجال حضيري (رعي الماشيه) فنشأت علاقة متينة بينهما وراحا يغنيان معاً اغاني مشتركة وذلك قبل عدة سنوات من ادائهما للاغاني المشتركة في الاسطوانات لدى شركات التسجيل.

بعد بروز صيته في الشطرة وانتقال ذلك الى الناصرية جاء خاله (حسين محمد) الخياط لاخذه الى هناك وكان عمره (16 عاماً) اي في عام 1920 وهناك اخذ يعمل معه في الخياطة ويمارس نشاطه الغنائي في محل الخياطة مما يجعل الناس تتجمع امام المحل لسماع صوته الجميل فازدادت شعبيته وعرف على صعيد المحافظة كلها.

حضيري وشركات الاسطوانات

حين نشأت شركات تسجيل الاسطوانات في بداية القرن الماضي راحت تبحث في الوطن العربي عن الاصوات الجميلة والمؤثرة لتقدمها في اسطوانات تسمعها الناس وتستمع بها.. فكانت البداية في العراق مع مطربي المقام العراقي.. فسجلت لاحمد زيدان وملا عثمان الموصلي ومحمود الخياط ومحمد القبانجي .. وبعد بروز صوت حضيري سجلت له شركة بيضافون الالمانية عشر اسطوانات كل واحدة فيها (أبو ذية وبستة) من اهمها كما يذكر ثامر العامري في كتابه الموسوم (حضيري ابو عزيز) هي ابو ذية وأغنية (احا يلبس المودة) وابو ذية واغنية (فتحية) وابو ذية واغنية (شريفة الواجفة) وابو ذية واغنية (الناصرية) وغيرها.

بعد سنوات سجلت له شركة نعيم اسطوانات اخرى منها (هلي ياظلام) و(عنيد يايابه) و(شلك على ابن الناس) و (بس بعد) و (دكعد وحاجيني).. ثم جاء دور شركة سودا الوطنية التي مقرها حلب وهناك تعرف حضيري على ابرز نجوم الطرب العرب مثل محمد عبدالوهاب ووديع الصافي.. وقد كانت اهم تجربة في حياته اذ من خلالها عرفه الناس في ارجاء الوطن العربي.. ومن خلال هذه الشركة قدم حضيري مع داخل حسن اغنيات الثنائي وسجلا معاً ثلاث اغان هي (يحضيري بطل النوح) و(انه غريب ابهل البلد) و(حميد)..
وسجل مجموعة كبيرة من الاسطوانات لشركة (بيضافون ) 1926 (هزماسترفويس) عام 1933 وشركة (نعيم) 1935 ولشركة (سودا ) 1937 ولشركة (كولومبيا) 1947 ولشركة (جقماقجي ) عام 1956 المتطورة فنياً قياساً بشركات التسجيل التي سبقتها حيث استطاعت خلال فترة من استقطاب جميع الاصوات العراقية المهمة رجالاً ونساءً ، ورصيد حضيري من الاغاني يزيد على 200 اغنية، ويجيد اداء جميع اطوار الابوذيه بدون استثناء .


حضيري والاذاعة
بعد تطوعه في الناصرية بصفة شرطي وانتشار اسمه كمطرب ريفي مرموق تم نقله الى دار الاذاعة العراقية (كانت تابعة لوزارة المعارف )بعد تأسيسها بقليل ليكون اول مطرب ريفي يغني فيها وقد تحقق الامر بمساعدة ابن ولايته الشاعر ووزير المعارف انذاك محمد رضا الشبيبي الذي يعد صاحب الفضل الاول في ذيوع وتطور الغناء الريفي في العراق .. وعندما دخل حضيري الى الاذاعة خصص له برنامج اسبوعي في البث الحي يذاع كل يوم جمعة العاشرة صباحاً مما زاد من شعبيته وتعلق الجمهور به حتى صار من اشهر مطربي الريف الاخرين مثل داخل حسن وناصر حكيم وغيرهما.

يلحن ويكتب اغانيه
بالرغم من ان حضيري لم يكمل تعليمه اكاديمياً فقد تعلم القراءة والكتابة واستطاع ان يكتب كلمات اغانيه ويلحنها بفطرته العالية واحاسيسه الفنية الى جانب تعامله مع العديد من الشعراء مثل جبوري النجار وعدنان السوداني وجودت التميمي وعبدالمجيد معروف.. كذلك كان حضيري يحضر مجالس الشعراء والادباء في بغداد والمحافظات مثل مجلس آل القزويني في الحلة ومجلس عبدالصاحب عبيد الحلي كما تعرف على الشعراء رضا الهنداوي وقاسم خطيب والشيخ علي البري وملا حميد السداوي والحاج زاير دويج وغيرهم.

فيلم يتيم في السينما
على غرار الافلام المصرية التي ضمت مجموعة من المطربين مثل فريد الاطرش ومحمد عبدالوهاب ومحمد فوزي وغيرهم.. قامت شركة الرشيد بأنتاج فيلم عراقي مصري مشترك يجمع مابين الغناء والتمثيل وكان ذلك في عام 1946 اسمه (ابن الشرق) سيناريو واخراج ابراهيم حلمي وبطولة شاب عراقي يدرس في مصر هو عادل عبدالوهاب وشاركت معه مديحة يسري وبشارة واكيم الى جانب الفنانة المطربة والممثلة نورهان والمطرب حضيري ابو عزيز الذي غنى في الفيلم اغنيته المشهورة (عمي يا بياع الورد).. ولم يشارك حضيري في فيلم اخر غير هذا.. يذكر ان الفيلم عرض في بغداد وبتاريخ 20/11/1946 بسينما الملك غازي واعتبره البعض اول فيلم عراقي وظلت السينما العراقية تحتفل به لعدة سنوات حيث اطلقوا يوم السينما العراقية على تاريخ عرض هذا الفيلم ثم تغير بعد عدة سنوات حين اختاروا فيلماً اخر كان انتاجه عراقياً صرفاً..


فن الغناء لدى حضيري

يعد حضيري من اهم مطربي الاغنية الريفية لما يتمتع به من ميزات قلما تجدها لدى غيره بحيث كان يشكل مدرسة غنائية متكاملة ويجيد الاطوار الغنائية كافة الى جانب اضافته لها.. ويتمتع بصوت جميل واخاذ واجادته لجميع الانغام الموسيقية والتلوين الادائي..





ولهذا الفنان الخالد حكاية طريفة مع الوصي على العرش عبد الاله، يتحدث عنها الباحث التراثي رياض العزاوي، فقال: اعتاد حضيري أبو عزيز ركوب سيارة فارهة عند الذهاب الى دار الاذاعة اللاسلكية العراقية، وكان فناننا الكبير يعيش في ذلك الوقت عيشاً رغيداً، وكان من المطربين العراقيين القلائل الذين يتمتعون بشهرة وصيت واسع ويحاط بالأضواء والنجاح على مستوى البلاد والوطن العربي، حتى ان أغانيه كانت معروفة وتتمتع بقاعدة جماهيرية واسعة بين أبناء أمة العرب وكانت أغنية (عمي يباع الورد) التي حققت رقماً قياسياً في النجاح والانتشار وغنتها أكثر من مطربة عربية وقدمت في عدد من الأفلام السينمائية، واضاف: هذه الشهرة لم يحققها مطرب عراقي من جيل حضيري ما أهلته أن يحتل مكانة ومنزلة رفيعة بين المطربين العراقيين والعرب، وأصبح أشهر مطرب عراقي في الخارج، فضلاً عن الداخل، وفي احدى المرات التي كان يستقل فيها حضيري سيارته الخاصة متوجهاً لدار الاذاعة لتقديم وصلة غنائية أو تسلم أجور عن أغانيه المذاعة، فالراحل حضيري مشهور ومعروف عنه السخاء والكرم اذ كثيراً ما ينفع المحتاجين والمساكين، وكان دائماً يمنح حرس الاذاعة مبالغ من المال يسيل لها اللعاب، وكان معتاداً على أن يمنح الشرطي الواقف بباب الاذاعة مبلغ خمسة دنانير، ويرد الشرطي الجميل بفرح وسرور وهو يرفع يده ألى أعلى بسلام تعظيم لعطاء مطربنا الكبير حضيري أبو عزيز السخي الذي يفوق كثيراً في ذلك الوقت عطاء المسؤولين وصادف ان كانت الوصي عبد الاله داخل الى مبنى الاذاعة لم يرفع الشرطي يده تحية للوصي، ما جعل الوصي يغضب ويمتعض من تصرف الشرطي بعد ان رأى سيارة حضيري يجرى لها استقبال وتعظيم، فأرسل الوصي في طلب الشرطي مستفسراً منه عن السبب وراء عدم أداء التحية له عكس سيارة حضيري، فأجابه الشرطي بأن حضيري سخي ونفسه طيبه وكرمني بخمسة دنانير (وهو مبلغ كبير ولايستهان به في ذلك الوقت) ، فما كان من الوصي الى ان أمر للشرطي بمبلغ (5) دنانير، حينها رفع الشرطي يده بسلام وتعظيم للوصي عبد الاله على قدر المبلغ ....

وبدأت شهرته من خلال الحفلات التي كانت تقام في الاذاعة والمسارح وغنى الالوان الغنائية المعروفه بصعوبتها النايل , الآبوذية , الركباني , السويحلي وغيرها ... وكذلك قام بغناء بعض من الاغاني السياسية اللاذعة ومن أشهرها روحي الوطن , ياعرب , وحميد ياحميد التي اذيعت من أذاعة بغداد وأذاعة الشرق في الخمسينات وكذلك له مواقف سياسية حيث قام اثناء احداث عام 1952 بمهاجمة رئيس الوزراء وكذلك له اغاني جميلة وخفيفة تخص المدن العراقية منها أغنية الموصل حلوة وجنة , وأغنية أحيا وأموت على البصرة وكذلك معروف عنه شاعراً وملحنا ويعتبر المطرب الريفي الآول الذي جعل من الآغنية الريفية محببة الى أبناء المدينة وكان له محبيه ومعجبيه وأصبح سيد الغناء الريفي في زمنه لعذوبة صوته الذي يجمع بين الحزن والطرب .

اشتهر حضيري ابو عزيز بطيبة قلبه واخلاقه العالية وبساطته وكرمه اللامحدود واناقته المفرطة وكان يقص شواربه على شكل شوارب الممثل الامريكي كلارك كيبل في الثلاثينيات والاربعينيات من القرن الماضي وكان معجبا به ايما اعجاب .





لقد اشتهر المغنون الريفيون بترديد الأبوذية على نغمات الإيقاعات لدنابك الطين وصحون التنك والجينكوات والخزف , واشتهر حضيري أبو عزيز بحبه لدق الأصابع بين وصلات أغانيه فأعتاد أن يقف أمام الميكروفون في أستوديو الإذاعة, كما يروي لنا الأستاذ ألبير من أفراد فرقة إذاعة بغداد آنذاك , ويدق أصابع يداه بين وصلات الأغنية كما في بستة هاي وين جانتلي , ولفي يدور جتلي , وهي من نغم الحجاز , وسلم عليه .

حضور حي مع حضيري أبو عزيز في ليلة قمراء صيف عام 1959
الحديث للدكتور صالح جواد الطعمة ،

ذهبت بصحبة شقيقي إلى الحفلة عند جاري في منطقة الوزيرية ابا رعد صاحب محل موبليات في الحيدرخانة بمناسبة ختان ابنه رعد في الموعد المحدد التي ابتدأت من الساعةالثامنة مساءا وانتهت بعد منتصف الليل ، حيث تناولنا العشاء مع الضيوف وبدأ المطربون و المطربات بالغناء ، وكنا جالسين بحديقة الدار الواسعة بالقرب من منصة أو مسرح الغناء على بعد مترين أو ثلاثة . و بعد التقديم الرائع صعد حضيري أبوعزيز إلى المنصة و بدأ بغناء أبيات الأبوذية قبل كل أغنية و شاهدت دموع حضيري أبوعزيز تسيل على خديه عندما غنى الأغاني...
عاين يادكتور إلحالي يادكتور والروحما تحمل بعد لا سگم لا جور .
ظنيت ما أحبك ؟ لا والنبي لا لا .
أرد اشتكي لاهل الهوى حالتي واحچيلهم بما جرت قصتي .
منيالولف راح و شلون أرتاح سد باب گلبي بيده او ضيّع المفتاح
تگـرب واسمع الدگةأو أنطي للـگـلب حگـه ،
ضاع التعب ضاع ويّاهم إبساع .

ثم أنشد أغانيه الواحدةبعد الأخرى مثل

عمي يا بياع الورد گلی الورد بيش گلي ،
جاني إلي مكتوبجاني جاني إمن المحبوب جاني ،
سلم عليّ بطرف عينه او حاجبه أدى التحية او زين يعرف واجبه وغيرها.

كانت تلك الأمسية من أجمل الأمسيات الخالدة التي عشتها حية قريبة من المطربين و المطربات في حياتي .

وفي ألمانيا ، حيث زرت معالي السفير الأسبق للمملكة العربية السعودية السيد عباس فائق غزاوي ( الكلام لايزال للطعمة) الذي رحب بنا ترحيبا حارا و أهديت لسعادته بعض مؤلفاتي و من ضمنها كان كتابي : نبض الوجدان , أغاني عراقية لأشهر المطربين والمطربات . تصفح السيد السفير هذا الكتاب و بعد أن قرأ إسم المطرب حضيري أبو عزيز إبتسم و قال لي : " كان البدو في الاربعينيات والخمسينيات عندما يذهبون إلى المدن السعودية لبيع و شراء البضائع يشترون أجهزة الراديو مع البطارية . وكنت جالسا في أحد المحلات التجارية جاء رجل بدوي وطلب شراء راديو ، وقال للبائع : أريد جهاز راديو يذيع فقط أغاني حضيري أبو عزيز ،وإلا فلن أشتريه .

يتضح لنا كيف كان جمهور العربي طيب القلب بسيطا وعلى سجيته يتابع أغاني حضيري أبو عزيز في الصحارى و الوديان و الأرياف و المدن صاحب الصوت العراقي الأصيل الرنان، الذي دخل قلوبنا بلا استئذان، وعبر الحدود العراقية إلى الوطن العربي باسلوبه الريفي الجميل..

والجدير بالذكر أن حضيري أبو عزيز كان يعالج القضاياالإجتماعية و التوعية و الإرشاد في أغانيه فمثلا أغنية : " عمي يابو التموين مشي العريضه " كانت تشير إلى الأزمة الإقتصادية التي مر بها العراق لنقص الموادالغذائية الرئيسية كالسكر و الشاي و الرز و الطحين و الزيت الأمر الذي أدى إلى قيامالحكومة العراقية بتوزيع بطاقات تأمين الغذاء لكل عائلة . أن أغنية " فوق فوق عالرصيف إصعد فوگ عالرصيف " كانت موجهة إلى الأطفال و الصبيان بعدم السير في وسط الشارع بل على الرصيف تجنبا لوقوع حوادث المرور و الدهس.

كان المطرب حضيري ابو عزيز والحق يقال أول من حبب الاغنية الريفية الى ابناء المدينة وجعل منها جسراً يربط بين ضفافي الريف والمدينة وكان قبل ادخالة اجهزة التسجيل الى الاذاعة يؤدي وصلتة الغنائية صبيحة كل يوم جمعة ولمدة نصف ساعة من الوقت وعلى الهواء مباشرة .
وحين يخرج من دار الاذاعة تكون بانتظاره تظاهرة من المعجبين تستقبله في الشارع المقابل للاذاعة تلوح له وتحييه وتبارك صوته الساحر الجميل .


وكان حضيري ابو عزيز يستخدم اصابعة اثناء الغناء اي ( دق الاصبعتين ) متزامنة مع الموسيقى ، وكان عندما يحين وقت وصلته الغنائية من دار الاذاعة يخلو الشارع من المارة تقريبا وتتوقف سيارات الاجرة ويزدحم الناس في المقاهي والبيوت ولم تدب الحركة الا بعد ان ينتهي من الغناء ليستقبل بعاصفة من التصفيق وعبارات الاعجاب ولقب حينها ببلبل الاذاعة وبلبل الريف .
حتى اصبح حضيري ولوقت طويل من الزمن سيد الشارع والغناء معاً . واستطاع حضيري ان يهيمن على قلوب عشاق الغناء لعذوبة صوته الجامع بين الحزن والطرب وعرض المساحة الصوتية قراراً وجواباً وكان بحق اول صوت ريفي يشق طريقة الى كل مدن العراق وبسرعة مدهشة ، ولقد اجاد غناء كافة الاطوار الريفية بطريقة مذهلة انتزع فيها اعجاب اوسع الجماهير الا ان المرض كان له بالمرصاد وهو لم يزل في قمة الغناء الريفي الاصيل وصاحب الحنجرة الذهبية التي تسيل نبراتها حلاوة ورقة وعذوبة ، فرحل وترك بصماته على حناجر الكثيرين من المطربين الذين تأثروا بصوتة الجميل ويجاول كل واحد منهم ان يسد فراغه ولكن دون جدوى فالفراغ ما زال فراغاً وسيبقى الا ان يشاء الله .

قصة و أغنية حضيري أبو عزيز .. وملهمته هدية

احب الفنان الراحل حضيري أبو عزيز فتاة عراقية من مدينته (الناصرية) اسمها (هدية ) ولكن أهلها رحلوا من المدينة عندما علمو بأن لها علاقة بالفنان حضيري وعندما علم الفنان حضيري أبو عزيز برحيل عائلة هدية ،جنّ جنونه وهاجر الى مدينة بغداد العاصمة وانظم الى دار الاذاعة العراقية وغنى لحبيبته (هدية) هذا البيت من الأبوذية ..‏

يروحي إشفاد لجيج من لحيتي ..‏
إجمْ ماسنح بما سخ ملحيتي ..‏
كل إللي جرى لي من لحيتي ...‏
مستاهلْ يروحي وحيل بيَّ

أما الأغنية التي غناها الفنان حضيري أبو عزيز في وداع
حبيبته (هدية) فكانت مزيجا من الحزن والعتاب لأنها رحلت وتركته مهاجراً الى بغداد التي عاش فيها مدى حياته حتى توفي عام 1972 رحمه الله ..علماً أن هذه الأغنية تقرأ من اليمين الى اليسار ومن اليسار الى اليمين بنفس المعنى

بحضيري بطل النوحْ وهجع شوية نوحك بعد شيفيد شالت هدية ..‏

والله مابطل النوح علْ فاركوني وبسل لذبه الروح وعمي عيوني..‏

آني الهويت الضيم ماجاني كوه ويكلي إنت إمنين وأنكر الخوة ...‏

مو دخت مومليت موشيبتني ماخفت ربك ليش رحت وعفتني


هذه القصة التي تحكي مفردات الفن العراقي مابين الفرات
ودجلة هي واحدة من قصص التراث الشعبي العراقي التي بقيت درساً لكل الفنانين العرب توارثها من يحب الأدب الشعبي والطرب العربي ،رحم الله الفنان حضيري أبو عزيز


ومن المهم التطرق الى عدد من الاغاني التي ظهرت بين ثنايا ارشيفه الغنائي لكنها لم تأخذ حصتها او مساحتها من الذيوع على الرغم من حلاوتها ورقة كلماتها وبساطتها عندما كانت (تناغي) الواقع الاجتماعي انذاك..
فهناك مثلا اغنية (احنه بنات البلد) التي كان يصور فيها غنائيا اعجوبة شيوع الكهرباء في ذلك الزمن البعيد بعد ان غادرت المدن تلك (الفوانيس) المعلقة على ابواب الازقة والتي كان يقوم بملئها شخص يطلق عليه بـ(النفطجي) .
فيغني مطربنا الراحل حضيري ابو عزيز على لسان بنات المدينة وبفخر ليشدو:

احنه بنات البلد والكهربا عدنه
ياريفي لا تبتلي ولا توصل لحدنه

هذه الاغنية التي تصور واقع حال المدينة حين وصلت الكهرباء وتم الاستغناء عن الفوانيس النفطية واعتقد كما وصل الى سمعي انها من تلحين صالح الكويتي الفنان الذي كان يعيش في البصرة واعد ولحن العديد من الاغاني لعدد من المطربين والاغنية المذكورة متوفرة عند باعة او مقتني الاسطوانات وقد سمعتها شخصيا في مقهى ( ابو سعد) في منطقة الميدان في نهاية السبعينات .
وللتأكيد على ان الفنان صالح الكويتي (كما اظن ) هو من لحن هذه الاغنية وسواها هي اغنية اخرى يناشد فيها حضيري ابو عزيز صاحبه الكويتي باغنيته التي تقول كلماتها:

دموع عيني تهل مثل النهر جاري
ياصالح كويتي جر الكمنجة عدل
شو ياروحي ونيتي

وليس عجيبا في اغاني اولئك الرواد ان كلماتها كانت تحمل امثالا وحكما عراقية شعبية تؤخذ حين تقال للربط بين الحدث وصاحبه وتعطي للسامع نكهة عراقية , فان خلاصة كل اغنية ريفية كانت بمثابة (المجس) الذي يرصد الظواهر ان كان منها السلبية او تلك الايجابية.

حضيري أبو عزيز .. بلبل الريف العراقي

مطربان ريفيان ذاع صيتهما خارج العراق مبكرا على الرغم من أن أغاني الريف تكون محدودة الانتشار لصعوبة اللهجة من جهة، ولكون ألحانها بسيطة وخاصة بها من جهة أخرى.. والمطربان هما حضيري أبو عزيز وداخل حسن من الناصرية.
وتتألف أغاني الريف العراقي من 36 طورا غنائيا كان لحضيري أبو عزيز الحصة الأكبر في تأليفها ابتداء من أواخر العشرينيات.

ويعد حضيري من أهم مطربي الأغنية الريفية لما يتمتع به من ميزات قلما تجدها لدى غيره، حيث كان يشكل مدرسة غنائية متكاملة ويجيد الأطوار الغنائية كافة الى جانب إضافته لها.. ويتمتع بصوت جميل أخاذ إضافة إلى إجادته لجميع الأنغام الموسيقية والتلوين الادائي.. من أبرز الاطوار التي كان يجيدها طور «الحياوي» الذي يقرأ بستّة ألوان في حين يقرؤه حضيري بلون سابع أضافه إليه. واصبح يسمى (طور حضيري-حياوي) وسجله في الاذاعة العراقية وطور «الشطراوي» الذي يقرأ بلونين قديم وجديد في حين يقرؤه حضيري بطريقة جميلة وجديدة، ما زاد من حلاوته وجماليته وقام بتسجيله لشركة جقماقجي. وطور «الغافلي» الذي ابتكر له حضيري أبو عزيز لوناً خاصاً خلصته من شوائب الحزن وسجله لشركة بيضافون. وطور «المجراوي» الذي غناه حضيري بطريقة تختلف عن الطريقتين المعروفتين، ما يعد إضافة نوعية للغناء الريفي، وسجله لشركة بيضافون.. وكذلك قرأ وطور بقية الاطوار مثل العنيبي والشجي والعياش والمنصوري والشطيت واللامي الذي أدخل عليه نغم الدشت فزاده حلاوة رغم تأثره بطريقة القبانجي.



رحيل حضيري

رحل الفنان حضيري ابو عزيز في 25/1/1972 تاركاً وراءه مكتبة ثرية من الاغاني الريفية الجميلة التي تشكل زاداً كبيراً للاذاعات العراقية والعربية ولمحبي فن الغناء الريفي.. وقد اقيم له حفل تأبيني ضخم تقدمه الفنان الكبير محمد القبانجي الذي القى كلمة بليغة بحق الفنان حضيري كما رثاه العديد من الشعراء وتم تخصيص راتب تقاعدي له .

رحم الله الفنان حضيري ابو عزيز فقد كان فنانا عراقيا اصيلا .

منقول للفائدة بتصرف
قصي الفرضي / العراق بغداد
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg حضيري 1.JPG‏ (22.8 كيلوبايت, المشاهدات 213)
نوع الملف: jpg حضيري 2.JPG‏ (20.3 كيلوبايت, المشاهدات 213)
نوع الملف: jpg حضيري ابو عزيز 3.JPG‏ (23.9 كيلوبايت, المشاهدات 213)
نوع الملف: jpg حضيري 4.JPG‏ (18.8 كيلوبايت, المشاهدات 214)

التعديل الأخير تم بواسطة : قصي الفرضي بتاريخ 07/02/2010 الساعة 18h21
رد مع اقتباس
  #104  
قديم 07/02/2010, 19h01
الصورة الرمزية فاضل الخالد
فاضل الخالد فاضل الخالد غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:457466
 
تاريخ التسجيل: août 2009
الجنسية: عراقية-سويدية
الإقامة: السويد
المشاركات: 592
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

عزيزي الاستاذ قصي الفرضي المحترم
وهكذا كل ما تكتبه او تدونه هنا على صفحات منتدانا الكبير هذا يشع اشراقا وبهجة ويعلن ان مايدونه (الاستاذ قصي )هو نسيج متماسك لا يترك لنا اية ثغرة او نافذة لندخل في عرضه الكبير هذا لنزيد مانسجه غرزات جديدة فكل ما نضيفه لن يستطيع مطاولة او منافسة المادة المسبوكة سبكا فنردد مع انفسنا هكذا العبقرية في الكتابة والا فلا ايها (الداني) الى قلوب قرائك ومتابعي نشاطك لا( القاصي) بعيدا عنهم
الذي اتذكره عن مطربنا الكبير انه كان سيحيي وصلة غنائية في احدى الحفلات الفنية التي اعتاد طلبة اقسام كلية التربية ان يتناوبوا على اقامتها كحفلات للترفيه
من آن لآخر وكان تاريخ ذلك الحفل احدى الامسيات من ربيع عام 1957وهي المرة الوحيدة التي اتيح لي فيها مشاهدته وهويغني امام الجمهور وفي الوقت المحدد ارتقى مطربنا الكبير مع الفرقة الموسيقية مسرح القاعة وبدأ صوته يملأ ارجاءها بغناءه الشجي وتجاوب الحضور من الطلبة والطالبات خاصة مع اغنية( سلم علي بطرف عينه وحاجبه ادى التحية وزين يعرف واجبه )ونتيجة للتشجيع الكبير الذي قوبلت به الاغنية الجديدة كما يبدو على الاسماع من قبل الطلبةفقد اعادة غناء تلك الاغنية مرة ثانية

و متجاوزاًعلى الوقت المقرلفقرته
فتحية لبلبل الريف الصداح المطرب( حضيري ابو عزيز) وتحية وتقدير لك وانت تكتب عن هذه المآثر الفنية الخالدةفي سفر العراق العظيم
رد مع اقتباس
  #105  
قديم 09/02/2010, 18h33
الصورة الرمزية قصي الفرضي
قصي الفرضي قصي الفرضي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380271
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: العراق
المشاركات: 648
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الاخوة الاحبه
محمد العمر
فاضل الخالد
السلام عليكم

الاخ محمد العمر انها فعلا صعبة جدا لكنها ليست صعبة على صاحب الامر رب السموات والارض والذي بيده ملكوت كل شيء .

الاستاذ فاضل اخجلتم تواضعنا بهذه الكلمات الرقيقة والبليغة وانا والله عاجز عن الرد او الاجابة عليها واقدم شكري وتقديري واحترامي لشخصكم الكريم على هذا التقييم وهذه المشاعر الاخوية الفياضة .

تحياتي للجميع .
قصي الفرضي / العراق بغداد
رد مع اقتباس
  #106  
قديم 09/02/2010, 20h35
د.نعمان د.نعمان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380958
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: فرنسية
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 1,127
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الاستاذ العزيز قصي الفرضي
مقالك عن المطرب حضيري ابو عزيز جلب انتباهي لأنه اولاً رائعاً وكما عودتنا في جميع مقالاتك المفيدة والبناءة وثانياً لأنه نشر بعد اربعة ايام من تقديمي ل20 ملفاً من ملفات المطرب النادرة ومنها حلقة من برنامج أصوات لا تنسى مكرسة للفنان. ان تعدد وتنوع شركات التسجيل التي سجلت كثير من أغاني حضيري أبو عزيز كما يستدل من مقالك القيم هو الذي ساهم في الحفاظ على معظم أغاني المطرب الكبير وبنوعية جيدة نسبياً.
مع التقدير
نعمان
رد مع اقتباس
  #107  
قديم 22/02/2010, 12h41
الصورة الرمزية محمد العمر
محمد العمر محمد العمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:372343
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: كندا
المشاركات: 905
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصي الفرضي مشاهدة المشاركة
الاخوة الاعزاء
السلام عليكم

البرنامج التلفزيوني المتميز عدسة الفن


الاعلاميةخيرية حبيب:المصادفة وحدها قادتني للعمل في الاذاعة والتلفزيون



خيرية حبيب هي مذيعة ومقدمة برامج عراقية.ولدت عام 1950 وعملت في الاذاعة والتلفزيون العراقي من عام 1968 في اذاعة صوت الجماهير وقد كانت تقدم برنامج عدسة الفن من عام 1969 لعدة سنوات اسبوعيا وقد شاركها هذا النجاح المرحوم معدالبرنامج خالد ناجي وقد كان برنامج ناجحا في التلفزيون العراقي انذاك وكان من البرامج الشعبية الكبيرة التي تنتظرها العائلة العراقية كل يوم خميس , حتى أن موسيقى المقدمة أصبحت معروفة بموسيقى عدسة الفن.وقداعتذرت عن تقدبم البرنامج عام 1989 واستمرت في الاذاعة لعام 1992 بعد ان اصيبة بمرض عضال ولازالت تعمل في مجال الاعلام .

ذكريات عن بدايات خيرية حبيب الفنية
عزت الاعلامية والمذيعة العراقية خيرية حبيب دخولها الى الاذاعة والتلفزيون العراقي نهاية ستينيات القرن الماضي الى المصادفة المحضة، لتتربع على عرش تقديم برنامجها الناجح "عدسة الفن " ستة عشر عاماً ،ثم لتعمل من بعد ذلك مذيعة في اذاعة صوت الجماهير .
وترى خيرية حبيب ان غياب الرقابة المهنية العالية في الاعلام العراقي الجديد ،جعل البعض يستسهل العمل في هذا المجال المهم في حياة المجتمع ، لتعيد الى ذاكرتها زميلات وزملاء مهنتها ايام زمان ، خيرية حبيب التي كرمتها الثقافة العراقية مؤخرأ،عادت من مغتربها راغبة في توظيف خبرتها الاعلامية في مجال الاعلام العراقي ،لكن ذلك تحول الى حلم ظل يراودها الى اليوم .

تروي خيرية حبيب دخولها في مجال العمل الاذاعي والتلفزيوني وكيف تم قبولها في العمل .
دخلت مجال الاذاعة والتلفزيون في شباط من العام 1968 وبمحض المصادفة حيث كان لدي اخت تصغرني بسنة مولعة بالعمل كمذيعة في الاذاعة والتلفزيون، ومن باب روح المنافسة تقدمنا نحن الاثنين بعد ان اعلن عن الحاجة الى مذيعات ، فنجحت انا وفشلت اختي وكنت حينها طالبة في المرحلة المنتهية من الاعدادية.

في زماننا، حيث كانت هناك اختبارات للغة وفن الالقاء والصوت والحركة وكل ذلك يتم من قبل لجنة من لغويين وفنانيين واذكر منهم الراحل الدكتور عناد عزوان باللغة العربية وكبار الفنانيين في مجال الالقاء والتعبير والحركة.

كنا ندخل دورة اذاعية شاملة في اللغة كما تحدثت سلفا وايضا دورة في التعرف على الاجهزة الاذاعية ويستمر التدريب لمدة شهرين متتاليين من قبل استاذة معروفين في مجال الاذاعة آنذاك.وبعد ان نقضي الدورة نخضع لامتحان عملي،وأمضيت في الاذاعة بين اقسامها مدة على هذا المنوال قبل أن اخرج بالجو .



وتروي قصة برنامج عدسة الفن .
حكاية هذا البرنامج الخصها بالقول: انني كنت لا احب الظهور في التلفزيون، ولكن امتعاض الزميلة سهاد حسن بسبب تاخير البرنامج الذي كانت تقدمه آنذاك( البرنامج الثاني) وكان مخرجه زوجي الراحل رشيد شاكر ياسين وكان رئيس المؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون آنذاك محمد سعيد الصحاف، حيث وضعت الادارة في موقف محرج وتعصب الصحاف واصر على تقديم البرنامج من قبل اي مذيعة فطلب مني المخرج رشيد (زوجي) ان اقدم البرنامج لتلافي الاحراج، وهذه الحكاية كانت وراء ظهوري في التلفزيون وتقديم عدسة الفن، حيث نال حضوري في هذا البرنامج رضى المسؤولين والمتابعين، طبعاً كان برنامج عدسة الفن يعرض اصلا منذ عام 1964 وهو من اعداد المرحوم خالد ناجي واخراج الفنان طارق الحمداني وتقديم الفنان الراحل سامي السراج آنذاك، لكن المعد اوقفه بسبب عدم وجود مقدم او مقدمة يقتنع بها الراحل خالد.الا ان طلب مني الراحل ناجي ان اقدم البرنامج وشجعني زوجي رشيد شاكر ياسين. وفعلا قدمت البرنامج لمدة ستة عشر عاما متتالية منذ عام 1970 وحتى عام 1986. وبعدها واصلت عملي بصفة مذيعة في اذاعة صوت الجماهير.





اسرة برنامج عدسة الفن في السبعينيات


تذكر خيرية ان بعض المذيعات حاولن تقديم برنامج "عدسة الفن" فأخفقن في ذلك
وتقول هذا شيء طبيعي ، حيث ان 16 عاما مدة لا يستهان بها وبالتالي حتى وان تم تقديمه من قبل مذيعات هن اكفأ مني فسوف لن يلاقي النجاح الذي لاقاه بسبب ان الجمهور تعود على مشاهدة نمط ثابت لبرنامج ثابت، وانا قلت في حينها لو اردوا ان ينجحوا في تقديم برنامج فني عليهم ان يبحثوا عن اسم غير عدسة الفن حاله حال الرياضة في اسبوع الذي كان يقدمه الاستاذ مؤيد البدري عندما تم تقديمه من قبل مذيعين كثر لكنهم فشلوا في اقناع المشاهد لكون البرنامج استمر لثلائة عقود من السنين. وايضا العلم للجميع رغم قدرة المرحوم قدامة الملاح على تقديمه لكنه لم يلاق النجاح الذي لاقاه في زمن الراحل كامل الدباغ.

في اواخر الثمانينات عادت خيرية حبيب لتقديم برنامج (دقائق) في التلفزيون مرة اخرى وهذا كان باصرار من قبل الاعلامي سعد البزاز الذي كان يشغل منصب المدير العام في الاذاعة والتلفزيون وطلب مني اعادة تقديم برنامج عدسة الفن لكني رفضت باصرار،لكنه عرض على ان اقدم برنامج فاقترح علي برنامج (دقائق) الذي يلي نشرة الاخبار الرئيسة في تلفزيون العراق، فوافقت لكن بشرط ان اتفرغ للبرنامج فقط وفعلا تم نقلي الى قسم اخبار التلفزيون وقدمت البرنامج لمدة اكثر عام ومن ثم توقف بسبب الاحداث السياسية التي حدثت آنذاك.

معاناة خيرية حبيب من المرض
في تسعينيات القرن الماضي وتحديدا عام بداية عام 1992 ومع المعاناة العامة للبلاد على خلفية الحروب والاحداث وفرض الحصار اصابني المرض المفاجيء حيث اصبحت لا استطيع قراءة سطرين في الاستوديو واصبت بحالة الاختناق وبقيت لسنين بين البيت والاطباء الا ان اكتشف ان مرضي فريد من نوعه آنذاك ويسمى بمرض (ساركويت) الذي يسبب تليف الرئة،وبسبب ذلك تقدمت بطلب الاحالة على التقاعد وفعلا تم احالتي بسبب الحالة الصحية.






تذكر خيرية اوقاتا مؤلمة وذكريات مريرة وتقول
سافرت الى عمان وعملك مراسلة اذاعية هناك و كانت لدي تحف نحاسية ومع حالة العوز المادي ،سفرت تلك التحف الى عمان حيث بعتها من اجل توفير مبلغ جواز السفر الذي كان يكلف اكثر من اربعمائة الف دينار ،ومن هناك اتصلت بزملاء في اذاعة المستقبل من اجل ان اعمل معهم لكن لم يعطوني فرصة العمل. وللتاريخ اذكر ان دور الفنانة غزوة الخالدي كان كبيررا بموقفها معي حيث جعلتني اعمل مراسلة لاذاعة العراقي التي كانت تبث من احدى دول الخليج العربي وفعلا استمر العمل مع الاذاعة حتى ارسلوا بطلبي الى تلك الدولة وعملت مذيعة اخبار في مقر الاذاعة هناك الى عدت الى العراق عام 2004.
وتوسطت لي زميلتي وصديقتي هدى رمضان وعملت في اذاعة المستقبل لمدة عام ومن ثم انتقلت الى العمل في اذاعة نوا الراديو العربي حتى عام 2006 اغلق القسم من قبل ادارة الاذاعة.

هنا يجب ان اذكر المواقف الانسانية للزملاء من اصحاب المهنة واذكر بالخصوص الفنان ناصر حسن الذي كان مديراً لاذاعة بابا كركر التابعة لشبكة الاعلام العراقي فقلت له بالحرف الواحد استاذ ناصر انا اريد ان استأجر داراً ،ولايمكن ذلك بغير حصولي على فرصة عمل ، فما كان منه الا ان وفر لي عملاً كمذيعة في شبكة الاعلام منذ اليوم في اذاعة بابا كركر وفعلا عملت في الاذاعة واسست قسم الاخبار انا والزميل الشاب سعد شكر ووتواصلت مع العمل حتى طلبني راديو نوا للعمل بعد ان وفر لي سكناً خاصاً.

في الاول من كانون الثاني من العام 2008 عملت في القسم العربي لاذاعة نوا بصفة مديرة للقسم وكانت تلك الفترة من احسن الفترات التي قضيتها حتى تموز عام2008، حيث استطعنا مع عدد من الشباب والشابات الاذاعيين الواعدين ،حيث وصلت ساعات العمل الى 12 ساعة يوميا ،ما ادى الى حصول الاذاعة على المرتبة الاولى فلي مجال العمل الاذاعي في استفتاء اجرته كبريات المؤسسات المهتمة بشأن الاعلام العراقي. ولاسباب فنية وتقنية اضطررت الى تقديم الاستقالة والعودة الى بغداد وبقيت بدون عمل حتى جاءني تكريم وزارة الثقافة العراقية بمنحي شهادة الابداع الثقافي من قبل وزير الثقافة الدكتور ماهر الحديثي،وهذا ما لم أحض به خلال عملي منذ اكثر من اربعين عاما. وقرر وزير الثقافة تعيين رائدة الإعلام العراقي خيرية حبيب بصفة مستشار إعلامي في قناة "الحضارة" الفضائية التي ستتفتح قريبا .




د. ماهر الحديثي (وزير الثقافة )في حفل تكريم خيرية حبيب

تمنيات خيرية حبيب
اتمنى ان احصل على حقوقي كانسانة عراقية قدمت ما استطاعت للمتلقي العراقي وما بقي من عمري اريد ان اشعر ان لدي سقفاً اعيش تحته لاني ضحيت كثيرا واعطيت عصارة عمري من اجل ترسيخ برنامج بعيد عن اقبية السياسة وهو برنامج (عدسة الفن) وحتى السنوات الست الاخيرة التي عملت بها كنت ابتعد كل البعد عن التماس بالانحياز الا لعراقيتي واقترب جدا من الاستقلالية والحيادية في عملي الاذاعي والاعلامي .

نتمنى موفور الصحة والعافية والعمر المديد لمذيعتنا الفنانة المتميزة خيرية حبيب .....
منقول بتصرف

تحياتي
قصي الفرضي / العراق بغداد



تعزيزاً لمقالة اخي الفاضل قصي الفرضي

ارفق لكم هذا المقطع الصوتي المقتضب لمقدمة ونهاية برنامج عدسة الفن
الملفات المرفقة
نوع الملف: mp3 برنامج_عدسة الفن.mp3‏ (481.6 كيلوبايت, المشاهدات 36)
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
رد مع اقتباس
  #108  
قديم 22/02/2010, 15h45
الصورة الرمزية فاضل الخالد
فاضل الخالد فاضل الخالد غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:457466
 
تاريخ التسجيل: août 2009
الجنسية: عراقية-سويدية
الإقامة: السويد
المشاركات: 592
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الاستاذان العزيزان قصي الفرضي ومحمد العمر

وهكذا عشنت وقتا ممتعا خلال قراءتي لمقالكما هذاعن برنامج عدسة الفن ومقدمته السيدة (خيرية حبيب)
فلقد اعادني الى مساءات الخميس يوم ان كنا نشاهد هذا البرنامج فنطوف مع عدسته في دنيا الفنون يشد افراد عوائلنا الدفء والحنان والوجوه مسمرة الى شاشة التلفاز تتابع مذيعته الحسنة المظهر والهندام والمتمكنةمن اللغة ومخارج حروفهاوهي تنقل معلومة فنية او تعقد مقابلة مع شخصية من اهل الفن فتبهرنا السيدة المذيعة بكفاءتها الفنية واللغوية .
فشكرنا الجزيل لكما لانكما ارجعتمونا الى حلو الذكريات واغرقتمونا في دافئات المنى وتحية الى السيدة مذيعة برنامج عدسة الفن
رد مع اقتباس
  #109  
قديم 22/02/2010, 16h58
الصورة الرمزية قصي الفرضي
قصي الفرضي قصي الفرضي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380271
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: العراق
المشاركات: 648
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الاخوه الاحبه

د.نعمان
محمد العمر
فاضل الخالد
السلام عليكم

شكرا لكلماتكم الرقيقة ومروركم الكريم واهتمامكم بالموضوع .
الاخ ابو فيصل شكرا جزيلا على هذا المقطع الرائع الذي ذكرنا بالايام الجميلة من زمن لن يعود على رأي الاستاذ فاضل وتحية الى مقدمته الست خيرية حبيب .
وتحياتي لكم جميعا ....

قصي الفرضي / العراق بغداد
رد مع اقتباس
  #110  
قديم 22/02/2010, 17h50
الصورة الرمزية قصي الفرضي
قصي الفرضي قصي الفرضي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380271
 
تاريخ التسجيل: janvier 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: العراق
المشاركات: 648
افتراضي رد: حكايات قديمة عن التراث الفني العراقي

الاخوة الاعزاء
السلام عليكم


نخلة العراق الشامخة


لميعة عباس عمارة






تعد الشاعرة المحدثة المبدعة (لميعة عباس عمارة) محطة مهمة من محطات الشعر فيالعراق,ولدت الشاعرة لعائلةصابئية مندائيةعراقية في بغداد قرب الشواكة في الكرخ سنة 1929م ونشأت في مدينة العمارة. وأخذت الثانوية العامة في بغداد، وحصلت على إجازة دار المعلمين العالية سنة1950م، وعينت مدرسة في دار المعلمات. تخرجت في دار المعلمين العالية سنة 1955. وكانت عضوة الهيئة الإدارية لاتحاد الأدباء العراقيين في بغداد[ 1958 – 1963]. كذلك عضوة الهيئة الإدارية للمجمع السرياني في بغداد. وهي أيضا نائب الممثل الدائم للعراق في منظمة اليونسكو في باريس [ 1973-1975]. مدير الثقافة والفنون / الجامعة التكنولوجية / بغداد. وفي العام [ 1974] منحت درجة فارس من دولة لبنان. وتقيم حاليا في مدينة سان دييغو في ولاية كاليفورنيا / الولايات المتحدة الامريكية .

هذه المراة التي يسكنها الشعر حتى شاخت وهرمت ولم تنطفئ جذوة الشعر بداخلها فقد هربت من ارض الشعر والبترول بعد ان تفشت الاوبئة والامراض السياسية فيه كي تستنشق هواء الحرية وتكتب قصائد الحب الممزوجة بالوجع والحنين لدجلة وليالي بغداد والناس الطيبين .

لا احد يتذكر طبيعة تلك المرأة التي عشقها السياب والهمته في كتابة العديد من القصائد وكانت من اخلص صديقاته حين بدأت علاقته بها في دار المعلمين العالية التي تخرجت منه عام 1950 . و قال فيها قصائد كثيرة ودعاها لزيارة قريته جيكور وبقيت في ضيافته ثلاثة ايام كانا يخرجان سوية الى بساتين قريته ويقرأ لها من شعره وهما في زورق صغير .

بدأت الشاعرة لميعة عباس عمارة كتابة الشعر في سن مبكرة وبالتحديد عندما كان عمرها 14 سنة ارسلت بواكير شعرها الى الشاعر ايليا ابو ماضي (1889-1958) صديق والدها الرسام المغترب في المهجر والذي لم تره سوى شهرين وتوفي بعدها فاعجب الشاعر ابو ماضي بشعرها وشجعها وكان يلقبها بالشاعرة الصغيرة. ، ونشرت لها مجلة السمير اول قصيدة وهي في الرابعة عشر من عمرها وقد عززها ايليا أبو ماضي بنقد وتعليق مع احتلالها الصفحة الأولى من المجلة إذ قال : (اذا كان في العراق مثل هذا المستوى الشعري من هؤلاء الاطفال فعلى اية نهضة شعرية عظيمة سيكون العراق..)

قبل ايام سمعت لها مقابلة اذاعية اجراها معها الشاعر فالح حسون الدراجي وسألها عن شعورها بعدم ادراج شعرها ضمن المنهاج التعليمي في العراق فقالت لميعة انا مسرورة بذلك فلا اريد ان يفرض على الطلاب حفظ شعري , للشاعرة لميعة عباس عمارة سبعة دواوين شعرية مع ديوان بالعامية .
الذي يتصفح اشعار لميعة يجدها تنبض بالحياة وانثيالات الوجد شعور يصل الى نخاع المرارة مليء بالشكوى والعتب والفراق القسري فتجد ذاكرتها الشعرية منفتحة دوما تجوب الامكنة التي غادرتها تحاورها وترثي تلك الليالي التي لم تستطع الحياة الغربية التي عاشتها بما فيها من جمال وسحر ان ترتفع الى افياء ذاكرتها . ومن المغرب جرّت حقيبة سفرها الى فرنسا وهناك في عاصمة النور باريس فاجأها الحنين الى بغداد فأنشدت شعرا إلا إنه في هذه المرة كان شعرا شعبيا :


بغداد عشر الملايين إلا هواهم ولا لي عوض
بالرضى فرض علي انفرض
وما صاحبي بعدهم ..غير التعب والمرض
والدمعتين التنام بشعري تالي الليل
اكول خلصن واتاري الخلص بس الحيل
أدري جبيرة الارض..بس مالي بيها غرض

بدأت الشاعرة كتابة الشعر في وقت مبكر من حياتها منذ أن كانت في الثانية عشرة، ودرست ة في دار المعلمين العالية – كلية الآداب – وقد صادف أن اجتمع عدد من الشعراء في تلك السنوات في ذلك المعهد، السياب والبياتي والعيسى وعبد الرزاق عبد الواحد ( ابن عمتها ) وغيرهم، وكان التنافس الفني بينهم شديداً، وتمخض عنه ولادة الشعر الحر. لميعة عباس عماره شاعرة الرقة والجمال والانوثة والذكاء والفطنة وسرعة البديهة وصاحبة مواقف تذكر، فحين كرمتها الحكومة اللبنانية عام 1974 بوسام الإرز تقديراً لمكانتها الادبية- لم تتسلم الوسام (لان الحرب الاهلية قائمة) وكتبت تقول:- على أي صدر احط الوسام ولبنان جرح بقلبي ينام .

كتبت الشعر الفصيح فأجادت فيه كما كتبت الشعر العامي وأجادته كذلك، مثلها مثل الكثير من شعراء العراق الذين يكتبون الشعر الفصيح والعامي أو يضمنون قصائدهم الفصيحة بشعر عامي .

أحبت الشاعرة لغتها العربية وتخصصت بها ومارست تدريسها فتعصبت لها أكثر دون أن تتنكر للهجتها الدارجة فوجدت نفسها في الأثنين معاً. إن لميعة ترى في اللغة العربية الفصيحة وسيلتها للتواصل مع الآخرين الأوسع، لكنها تجد في لهجتها العراقية (العامية) ما يقربها من جمهورها المحلي الذي استعذب قصائدها فتحول بعضها إلى أغنيات يرددها الناس.

ذكرت في موسوعة WHO IS WHO ضمن النساء المشهورات في العالم وترأس حاليا تحرير مجلة (مندائي ) التي تصدر في امريكا

دواوينها الشعرية : - الزاوية الخالية 1960 - عودة الربيع 1963 - أغانى عشتار 1969 - يسمونه الحب 1972 - لو أنبائى العراف 1980 - البعد الأخير 1988 .





ولا ادري لماذا عنونت مجموعتها هذه بهذا العنوان المحدد … اعني ( عراقية ) . تريد أن تقول لنا , إن حال المرأة العراقية هو بهذا الشكل الذي قدمتة لنا الشاعرة . ومتى تعرف معالم هذه الصورة . دعونا نقرأ القصيدة التي تحمل هذا العنوان . تقول الشاعرة لميعة عباس عمارة….


تدخنين؟؟
لا...
أتشربين؟؟
لا..
أترقصين؟؟
لا..
ما أنت ؟ جمع لا ....
أنا التي تراني... كل هموم الشرق أرداني
فما الذي يشد رجليك الى مكاني
يا سيدي الخبير ...بالنسوان
إن عطائي اليوم شيئ ثاني
حلق..فأن طأطأت..لا تراني!!!


تلك هي القصيدة المعنونة عراقية والتي وضعتها في مقدمة المجموعة , يعني أن إنها تريد أن تقدم صورة المرأة العراقية للأخر لا يهمنا من يكون هذا الآخر قدر اهتمامنا بمعالم الصورة التي قدمتها لنا الشاعرة . ويبدو من فحوى الحوار الذي نقلته لنا الشاعرة والذي دار بينها وبين الشاعر ( عمر ابو ريشة ) , أن المرأة العراقية … بل الشرقية على العموم , هي امرأة سلبية في أدق تفاصيل الحياة . وهذه السلبية تتمثل بالانسحاب من عالم الرجل الشرقي المتسلط , هكذا هي صورة المرأة الشرقية و الشاعرة , واحدة منهن , إلى عالم الرجال في الشرق . انه شعور بالدونية , ولكنه شعور لا يمكن إزالته , لأنه مرتبط بها لأنها مجرد امرأة . فحسب هذا الشعور , قادها إلى الانسحاب إلى زاوية من زوايا ذاكرتها المفعمة بالأحزان .و هي بذلك تنقل لنا أحزان وهموم المرأة في البيئة التي تنتمي إليها الشاعرة .

تلك البيئة التي يعشعش التخلف في كل ركن من أركانها. الشاعرة (لميعة عباس عمارة )ليست هي الوحيدة من الشاعرات التي تعيش تحت وطأة هذا الحساس , فهي مثل نوال السعداوي وغادة السمان …. وكل اللواتي اتخذن من الشعر أو الرواية متنفسا لهن للتعبير عما يجول في خواطرهن .

وها هي ( لميعة ) تتمنى أن تعود الى بواكير طفولتها الأولى والى حديقتها التي ألهمت تلك المخيلة وفتقت شاعريتها . وأن يكون أباها يتمايل ... يتبختر مثل الطاووس الملون ، وهي تدور من حوله راقصة متباهية بألوان فساتينها. ومن الممكن انها لم تجد رجلا من النوع الذي يضاهي الأب ، ولهذا فأن في لغة ( لميعة ) التأكيد على الرجل الغائب ... المفقود ... النادر . لأنها لا تستطيع أن تتصور امكان زواجها من آخر سوى أبيها . وقد احست الشاعره بغيرة بعض زوجات زملائها من الشعراء والنقاد منها وقد تعبر هذه القصيدة عن هذه الفكرة ، حيث تقول :


سيدتي
من أنا اطمئني
فزوجك المصون في أمان
لي رجل أحبه
ولا أحب غيره
ولا أحب معه
ولا أحب بعده
إنسان .


وطالما تعترف ( لميعة ) في أكثر من قصيدة .. أن حبيبها لم يظهر ولن يظهر لأنها لم ولن تجد من يوازي ذلك الطاووس الذي كانت تتباهى هي وفساتينها أمامه في حديقة طفولتها ( والدها ). وهكذا نرى أن الشاعرة الكبيرة قد تدرجت من العام الى الخاص . من المرأة العربية والشرقية .. الى لميعة . من مشاعر الدونية لتلك المرأة الى مشاعر وتصورات لدنيا الرجال وعالمهم .

كان من النادر على المرأة العراقية آنذاك وفي خمسينيات القرن الماضي أن تتفرغ للدراسة سيما وأن العادات الاجتماعية كانت تحد من تعليم المرأة إلا في حالات كحالة لميعة فقد كان محيطها يسمح لها ويشجعها على إتمام تعليمها وهذا ما جعلها تجتاز الدراسة بدار المعلمين العالية بنجاح ،كان ذلك عام 1955 وتتقدم للتعيين كمدرسة على الملاك الدائم فى الاعدادية المركزية للبنات وكان موقعها في شارع الجمهورية وسط بغداد.

وعن تلك المرحلة المهمة من حياتها العملية تحدثنا تلميذتها الكاتبة والشاعرة هدية حسين قائلة:
في صباح ذات يوم ساد بيننا وجوم وحزن ، وبعد دقائق أطلت المدرسة الجديدة ...إمرأة فارعة الطول ،واسعة العينين،أنيقة بشكل مفرط ،ألقت تحية الصباح وراحت تتحدث الينا...كان لها صوت ساحر ،تتحرك برقة وتتكلم بعذوبة،لم تحدث طوال وقت الدرس أية جلبة ،بل كنا منصتات بشكل عجيب ومأخوذات بهذه المرأة..طرحت علينا طريقتها في التدريس التي لا تشبه أية طريقة عرفناها،فأخبرتنا إن درس الانشاء سيكون كتابة بحوث عن الادباء والمفكرين طيلة النصف الاول من العام الدراسي لكي يتسنى لنا تقوية ملكتنا اللغوية ..وحينما أعلن الجرس نهاية الدرس قالت:اسمي لميعة عباس عمارة وما إن خرجت حتى رحنا ننظر الى بعضنا بعضا إعجابا بهذه الشخصية التي سحرتنا،والتي أصبحت فيما بعد مثلنا الاعلى في كل شيئ ، بل بتنا نقلد طريقتها في الكلام لابراز أفضل ما لدينا.

وتستطرد الكاتبة في تحليلها لأهم المؤشرات التعليمية في حياة الشاعرة لميعة فتقول: هذه المرأة العراقية هي التي جعلتنا نبحث عن الجمل المفيدة ونستخرجها من القرأن الكريم ،وليس على طريقة ذهب فلان وجاء فلان ،واشتريت كذا وكذا ...كانت تقول وهي الصابئية أقرأوا قرأنكم وتعلموا منه كيف تكتب الجملة وكيف تقرأ .

ولها ديوان شعبي (بالعامية) وقصته كما ترويها الشاعرة في باريس... ان الغريب عندما أتحدث عن بغداد يأتي الشعر عامياً.. ولماذا لا اكتب بالفرنسية دون العامية فيتبين لي أني قريبة من الشعب بالعامية لذا كنت أهتم بالشعر العامي.. وقد استمرتلميعةحتى في حياتها الجامعية ومازالت تنظم بالعامية وقد تسربت الكثير من قصائدها الى الإذاعة وغناها عدد من المطربين. ولميعة عباسعماره تمثل نرجسية الأنثى التي تتلذذ برؤية عشاقها فهي شخصية قاطعة.. مرهفة في قطعها مثل حد الموس اذ إحساسها بتفوقها وانجذاب الآخرين أليها جعل ذلك التمرد اعتداداً مفعماً بالانوثه والكبرياء كما يقول (ابن عمتها) الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد…
فالحب عندها لا ينحصر ضمن دائرة ذاتية وإنما يمتدا الى أفق عام لا يعرف الحدود..

يول اشلون الك رگبه ولك طول
ولك هيبة التيسرني ولك طول
اگل الليل المسامر ولك طول
مثل ليل القطب چلچل علي

ولها:-

القصيده أصعب امن امعسر ولادة
أو عند الشاعر أبعزة أولاده
بلعبه أتحصلت رينو ولاده
وأنا المر سيدس انعزت عليه


و عن الجسر المعلق وذكرياتها الجميلة فيه


يا جسر المعلق ... أويا أحله جسر
يحزام دجلة ايلالي حدره الماي ويوج العصر
يمصافح الصوبين مامل الرصافة الكرخ
من وكت الزغر
ظلعي احسه المنكسر … موش الجسر
ياجسر المعلق ... ويا أحلى جسر


وها هي تخترق الافاق منذ البداية الاولى حتى منبر دار المعلمين العاليه وانتهاءً بالمرابد الشعرية وديار الغربة.. فعنصر التحدي يكمن في داخلها لذا رفضت العباءة وخلعتها بعد ان عايشتها لسنين حتى المرحلة الجامعية.. انها ثورة ضد المألوف تمثلت في اختراق باب الغزل وكتابه (شهرزاد) ونشرها في مجلة (البيان) النجفية لصاحبها (علي الخافاني) الذي عانى ما عانى بسببها..

لميعة والذكريات ....

تقول الشاعرة في إحدى ذكرياتها ...
في إمتحان البكلوريا للصف الثالث المتوسط سنة 1943 ، توقفت في حل بعض المسائل الرياضية : وخطر لي وأنا في هذا المأزق أن أحول الرياضيات الى شعر ، وليكن مايكون فكتبت تحت مسألة في الجبر طويلة مايلي :


أين سين ناقص صادا ونــــــــون
من قصيــد بالـــــغ المعنى حنون
أين رفـــع القوس أو تربيعـــــــه
من تراتيل لهـــــا تندى العيـــــون
أيـــن ياهـــــذا رياضياتكــــــــــــم
في سماء الشعر من سحر الفنون
أمن الحكمــه أن يمضـــي الصبـــا
ويضيــع العمــر والعمــر ثميــــن



في لقاء مع الاعلامية سعدية مفرح بثت الشاعرة همومها ولواعجها وقالت :

ان التجديد من داخل القصيدة ولهذا السبب ارتبطت كليا بالشعر الكلاسيكي الذي يحتفي بالموسيقى والايقاع على الرغم من اني عاصرت ورافقت مجموعة من شعراء كلية المعلمين في بغداد والأربعينات الذين هم أول من دعوا الى الشعر الحر وكرسوه مثل بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وعبدالوهاب البياتي.

وأنا شاعرة عربية ارتبط بجذوري التاريخية التراثية وأقر، وأصر ان التجديد يجب ان يكون في داخل القصيدة لا في خارجها، أي ان يكون في المضمون لا في الشكل، وليس من التجديد أن أقول نثرا وأدعي انه شعرِ في بادئ الأمر احترمت تجربة بدر شاكر السياب، وتصورت ان هذا هو اختراعه واكتشافه، ولا يحق لي ان أقلده، وكنت طبعا مخطئة، لأن هناك غيري من قلده، وبكثرة، وأكثر من النشرِِ أكثر من بدر شاكر السياب، على الرغم من انه مقلد لبدر وتابع ومتأخر عنه، وكان يسمعه فينسج على هذا المنوال الجديد، أما أنا فلم أفطن الى هذه اللعبة، ولست آسفة على ذلكِ.




السياب

بمناسبة الحديث عن السياب لن أسألك السؤال التقليدي عن علاقتك بهِِ ولكن اسألك :ألا يضايقك ذلك السؤال التقليدي الذي يرد في كل مقابلاتك تقريبا حتى بدا الأمر وكأن لا يوجد في تجربة لميعة ما يهم سوى علاقتها ببدر شاكر السياب؟

طبعا يضايقنيِِ انهم يحاولون، خصوصا الشعراء الكبار منهم يحاولون تحجيمي، وإبعادي عن دائرة الضوء، على الرغم من انني متواضعة جدا ولا أزاحمهم ولا أرد عليهم، ولا أتكلم عن نجاحاتي كما يتكلمون، وأنا اعترف انني مقصرة في حق نفسي، ومساهمة في التعتيم على نفسي، انهم يريدون القول انني مجرد امرأة جميلة، أو أن أهميتها تعود الى حب بدر شاكر السياب لي ذات يومِِ ولكنهم فشلواِِ لأنني وأنا في هذا العمر المتقدم الآن، لم أعد أملك ذلك الجمال وقد تزاحمني فيه الكثيراتِ .وأنا مبتعدة عن هذا الميدان، كما انني ابتعدت كثيرا الى ان شاب شعري، وعدت أخيرا لأجد من الحفاوة أكثر، وهذا يعني ان كل اتهاماتهم باطلة، وحضوري لا يعود الى علاقتي ببدر شاكر السيابِ,
واعترف بقيمة هذه العلاقة وبقيمة بدر شاكر السياب واذكره بكل خير .ولقد كان بدر انسانا عظيما، وأنا آسفة لأنني لم استطع ان ألبي طلبه بالارتباط لأنني كنت حريصة لأن أبقى شخصية مستقلة، فارتباط شاعر بشاعرة يلغيهاِ ورفضت طلب السياب بالارتباط بي لأنني حريصة على شخصيتي المستقلة .

وهناك أسباب أخرى ، منها حياتنا الاجتماعية التي وقفت حائلا بيننا، فهو كان إنسانا ينتمي إلى بيئة يحتاجه فيها أهله، وهذا أيضا ينطبق علي، أي ان كلا منا كان مكلفا برعاية عائلة ولسنا أحرارا لاتخاذ قرارنا بالزواج في مثل ذلك العمرِِ وأنا لست نادمة على ذلكِ لقد قطعنا ما بيننا من علاقة عاطفية ونحن في الذروة، فبقيت الأماني جميلة والصورة طرية لم يهزمها الملل والتكرار والروتينِ لقد بقيت الأشياء بجمالها وهذا هو موقف الفنان من الحياة، فهو يجب ان يحتفظ بالأشياء وهو في الذروةِ.


في لقاء قديم في برنامج (خليك في البيت) الذي تقدمه إحدى القنوات الفضائية المصرية عام 2002ظهرت الشاعرة لميعة صحبة الشاعر الراحل نزار قباني(1923-1998) والذي عرض عليها في ذلك البرنامج أن تسجل تجربتها مع بدر في كتاب حتى تنال الشهرة التي خطفها منها محمود البريكان ورشيد مجيد وعبد القادر الناصري وهم من كبار الشعراء العراقيين وظهروا في نفس الفترة الزمنية التي ظهرت فيها الشاعرة لكنها رفضت ذلك وبينت انها لن تبني مجدها على حساب شاعر كالسياب وقالت :ليس صحيحا ما أشيع أن بدرا أحبني دون أن أحبه بل إني كتبت عدة قصائد له منها (وحدك) و(الحب المقتول) و(لعنة التمييز) و(مكانك الخالي) و(تحياتي الى البصرة) وجميعها كانت موجهة الى بدر...


العزوف النقدي من النقاد
ان من أسباب ذلك العزوف النقدي الشديد عن شعري يعود الى عدم انضوائي تحت لواء أي حزب سياسي من تلك الأحزاب التي كانت آنذاك 'تلمع 'وتكرس المنتمين إليها من الشعراء وغيرهم و لقد كان هذا هو الذي يبني شخصيات مثل هؤلاء الشعراء، وان شخصيات فارغة وكاذبة، لقد عاصرت بعض الشعراء، ارتفع قدرهم وعينوا في مناصب مهمة، وترجمت أشعارهم وكتب عنها كثيرِ .


اما أنا فقد كنت أنال الاضطهاد بسبب السياسة من دون الكسب، ففي بداية الستينات مثلا هددنا بحياتنا وحياة أطفالنا، فأخذت أطفالي ولجأت الى ألمانيا الشرقية فحكيت لهم عن ظروفي والتهديدات التي وصلتني بالقتل في بلدي وطلبت منهم ان أعمل بالتدريس، وعلى الرغم من ان الصديق عزيز شريف قد مدحني عندهم كثيرا، الا انهم سألوني ان كنت منتمية الى الحزب الشيوعي أم لا؟ فقلت لا، عندها قرروا ان يضعوني في مخيم بائس وكريه للاقامة فيه، مما دفعني للهرب الى ألمانيا الغربية في الليلة نفسها، لأنني لم أحتمل المكان، وأنا متأكدة انهم كانوا سيضعونني على رأسهم لو كنت شيوعيةِ ودعيني أخبرك أكثر من هذا، فأنا أتذكر ان هناك بعض الأسماء التي فرضت على اتحاد الكتاب لدينا آنذاك على الرغم من تواضع موهبتهمِِ فقط لأنهم شيوعيون، وهذا ينطبق على الأحزاب الأخرى أيضاِ وأنا لم أدخل في لعبة الأحزاب، ولا في لعبة أخرى حدثني عنها الشاعر الراحل بلند الحيدري عندما قال لي ان الأمر يتطلب ان أكتب عن شاعر معين، وهذا الشاعر يكتب بالمقابل عني، والنتيجة أننا نصبح كلنا شعراء كبارا .






لميعة و نازك الملائكة:

شاعرة الشاعرات لكنها تعقدت لأن الرجال احترموا عبقريتها ولم يحبوها كأنثى .لم احاول التقليل من شأن الشاعرة نازك الملائكة في كتاباتي و هناك نقطة يجب ان تدرس في شعر نازك الملائكة، لقد اشرت اليها ، ولكن على الباحثين ان يبحثوا فيها، وتتلخص هذه النقطة في أن المرأة عندما تشعر بأنها غير مرغوب بها من الرجال، او انها غير محبوبة لن يكفي احترام كل العالم لها لأن يملأ فراغ قلبهاِ .


نازك عبقرية وانسانة عظيمة وشاعرة كبيرة، بل هي عندي اكبر الشاعرات، ولكن نظرة الرجل إليها سببت لها هذه العقدة النفسية التي ما زالت تعانيها، شعور المرأة انها فقط محترمةِِ وفقط مقدرة لموهبتها لا لأنها امرأة، شعور تتعرض له المرأة فتصاب بعدة امراض نفسيةِ.


ولو درسنا شعر نازك، لاستخرجنا الكثير من كلمات الكآبة والظلام والتشاؤم من قصائدها وكل ذلك مبعثه شيء واحد وهو ان المرأة التي تشعر أنها موضوع إعجاب كأنثى تختلف عن المرأة التي تشعر انها موضع اعجاب لعبقريتها فقطِ .
ِ لم تكن نازك صديقتي، فهي اكبر من تكون صديقتي، ولكني من المعجبات بها، لقد تعرفت علي في الجلسات التي كانت تعقد في بيت الراحل محمد شرارة، ثم زاملتها في العمل في مدرسة واحدة، ولكني لم اكن صديقتها لان نازك لم تسمح لي بصداقتهاِ وهي تقول هذا ِِو لقد قالت لي ذات يوم إننا معرفة ولسنا صديقتين، لانني أمثل النقيض لنازك، في الشخصية والجرأة وفي نظرتي للحب، وفي الاضواء التي كانت مسلطة علي في الجامعةِِ .


لميعة والجواهري
في أوراق نشرت في جريدة الشرق الأوسط قبل سنوات قليلة أشارت الى مناوشات قديمة مع الشاعر محمد مهدي الجواهريِِ .
أنا أحب الجواهري، ولكنه كان يستفزني لأنه كان يعتقد أنني لا أقرأ الكتب الجادة، لذلك استغللت فرصة قراءتي لأحد دواوينه الصادرة في ذلك الوقت لأخبره بأنني وجدت فيه بعض الملاحظات النقدية، وعندما قرأ هذه الملاحظات التي كنت قد دونتها في ورقة أعجب بها والتفت الى من حوله من أصدقائه النقاد مثل محمد مهدي المخزومي وعلي جواد الطاهر وقال لهم :كيف فاتتكم هذه الأشياء من ديواني؟ وقد كتبت كل هذه الملاحظات والمناوشات حولها في جريدة الشرق الأوسط قبل سنوات، عندما كان الجواهري على قيد الحياة، ولكنه لم يعلق عليها لأنه بالتأكيد نسي كل هذه الأشياء، وأنا أيضا قد نسيتها لولا أنني لحسن الحظ وجدتها مكتوبة في أوراقي القديمة التي ما زلت محتفظة بكثير منهاِ .


الشاعرةِِ والنقاد
اتسمت علاقة لميعة عباس عمارة مع النقاد بالبرود وعدم الاستلطاف المتبادلين، وإذا كانوا قد تجاهلوا تجربتها الشعرية بعدم الكتابة عنها، فإنها قابلت ذلك بالسخرية منهم والتندر عليهم،.


من هذه الحكايات التي وردت على لسانها :


لست شاعرة !
منذ سنوات قليلة كنت في إحدى المؤتمرات وقد صدف ان جلس بجانبي ناقد كبير كان قد حصل لتوه عل 'جائزة نقدية محترمة، فعلم ان اسمي لميعة دون ان يعرف انني الشاعرة لميعة عباس عمارة، فقال لي هل تعلمين ان بدر شاكر السياب قد أحب سميتك؟ فقلت له :اعرف ذلك، فقال :'ولكنها لم تكن شاعرة 'فقلت له فعلاِِ قال اين هي الآن؟ 'قلت له 'ماتت سنة 1977 '، وبعدها التفتت الى الشاعر سعدي يوسف وكان يجلس الى جانبي الاخر وقلت له :لا تتفاجأ يا سعدي اذا قرأت تاريخي مغلوطا ما دام سيكتبه ناقد مثل هذا الفائز بجائزة في النقد الحديث من دون ان يعلم انني مازلت على قيد الحياة !


انت لميعة؟ !
وجاءني آخر عام 1974، وكنت ابدو اصغر من عمري فسألني إن كنت أنا لميعة التي احبها السياب أو لا، فقلت له :وهل تصدق انني انا المعنية بهذه القصة القديمة؟ فنظر الي معتقدا ان الفارق الزمني بين عمر السياب والعمر الذي كنت ابدو عليه آنذاك لا يمكن ان يجعل مني محبوبة للسياب، فقال :لاِِلا اصدق انك انت المعنيةِ .



وصفة جمالية
تميزت لميعة عباس عمارة باهتمامها الشديد بأناقتها ومحافظتها على مظهرها الشاب دائماِوهي تفضل استخدام الملابس الشرقية من دراعات وعباءات في كل امسياتها الشعرية ولقاءاتها التلفزيونيةِ وقد بدت عمارة التي يربو عمرها على السبعين عاما بسنوات قليلة، دائما اصغر من سنها الحقيقيِ ....


للوصول الى هذه النتيجة توصي الشاعرة كل النساء قائلة :
تستطيع المرأة الذكية ان تحافظ على شبابها الدائم وعلى جمالها بالثقافة المستمرة، فلا شيء يعكس الجمال على العيون والفم والصوت مثل الثقافةِِ تبعثين ايتها المرأة جميلة لانك تتوهجين من الداخل، وكل هذا ينعكس على شكلك الخارجيِِ وهذا هو السرِ....

نتمنى العمر المديد والصحة والعافية ومزيدا من العطاء لشاعرتنا الرائعة ....
منقول للفائدة بتصرف

تحياتي
قصي الفرضي / العراق بغداد
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg 1.jpg‏ (18.4 كيلوبايت, المشاهدات 255)
نوع الملف: jpg 2.jpg‏ (55.9 كيلوبايت, المشاهدات 253)
نوع الملف: jpg 3.jpg‏ (24.3 كيلوبايت, المشاهدات 253)
نوع الملف: jpg 4.JPG‏ (13.3 كيلوبايت, المشاهدات 255)

التعديل الأخير تم بواسطة : قصي الفرضي بتاريخ 22/02/2010 الساعة 18h05
رد مع اقتباس
رد

Tags
الفني العراقي , حكايات قديمة عن التراث


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT. الساعة الآن 17h45.


 
Powered by vBulletin - Copyright © 2000 - 2010, Jelsoft Enterprises Ltd