أخي الاستاذ الفاضل بشيرعياد
اولا أنا لست شاعرا ولا بناقد ادبي ولكنني أعشق هذا العالم المثالي و جوه الميتافيزيقي و ثانيا نقطة الاختلاف بيننا ليست بالجوهرية وأنما هي زاوية رؤية مختلفة لكل واحد فينا و في موضوع الالهام وبلقيس كانت وحي القباني طوال حياته وفي القصيدة أعلاه والتي اعرف مناسبتها كما أعرف تاريخي بما فيها من رثاء و عزاء وهجاء وغضب وقراءة للماضي والحاضر والمستقبل وبكاء ونحيب فلقد تغزل القباني برثاء زوجته وكفر بالواقع العربي وهجاه بقصيدة غزل وهل عرف القباني غيرشعر الغزل ؟تغزل في حب الحبيبة و تغزل في حب الوطن الذي نعاه مع حبيبته ودفنه معها والى الابد في جحور الارض المظلمة.
أما موضوع احمد شوقي والمتنبي فانا لا أختلف كثيرا مع حضرتك في الرائي مع تحفظي لشعر أحمد شوقي وكلا منا يرى العالم من منظور وعيون و ابعاد مختلفة ولكن اتخوف وأتحذر من ان هناك تجاوز على كلا الشاعرين وساتحفظ قليلا وعلى كل حال يجب ان لا نعمم حالتهما الاستثنائية ونشذ عن قواعد وأصول الالهام.
و بما ان السؤال طرح نفسه مرتين وكمن حكم على شوقي والمتنبي
بالحكم الالهي الذي لا تعلوا كلمة على كلمته لانه هو الحق
والشعراء يتبعهم الغاوون * ألم تر أنهم في كل واد يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون
و هل صدر الحكم على شوقي من قبلك بقوله
خَـدَعوهــــــــا بـقـولـهم حَــسْـنــاءُ ... والغَواني يَغُـرٌهُــــــــنَّ الــثَّــــــــنـاءُ
أَتـراهــا تـنـاسـت اسـمي لمــــــا ... كثرت في غـرامـها الاسْمــــــــــاءُ
إن رَأْتْنِي تميـلُ عـنـي ، كـــأن لم ... تك بـيــني وبيـنهـا اشْــــــــــيـــاءُ
نـظـرة ، فابـتـسامـة ، فـســــلامُ ... فكلام ، فموعــد ، فـَلـِـــــــــــقــاءَ
يـــوم كنا ولا تســـــل كيف كـنـــا ... نـتهادى من الـهـوى مـا نشــــــاءُ
وعلينــا من العفـــــــــاف رقـيــــبُ ... تــعـبـت في مـراسه الاهْــــــــواءُ
جَاذَبَتْني ثَوبي العَصـيِّ وقــالَـــتْ ... أنتــم النــاس أيهــا الشـــــــعـراء
فَاتّقوا اللـه في قُلـــوبِ اَلْـعَـــذَارَى ... فالعـذارى قـُلوبـُهـُن هَـــــــــــــــواءُ
انا ارى ان شوقي قد شيد برجه في الغزل الصوفي والروحي لحد التدروش بقوله
ريم على القــــــاع بين البان والعلم ... أحل سفك دمى في الأشــهر الحرم
جحدتها و كتمت الســــــهم في كبدي ... جرح الأحبـــــه عندي غير ذي ألم
وهل خلا الغزل الصوفي وهل عرف الغزل والحب العذري في الشعر القديم وحديثه من لغة الحرب والرمح و السيف والقتل والكبت
ســــــلبت ليلى منّيَ العقلا ... قلت يا ليلى ارحمي الــــقتلى
حبّها مكنون في الحشا مخزون ... أيّها المفتون قم بنا ذُلاّ
إنّني هائم ولها خــــادم أيّـــــــها ... اللائم خلّني مهلا
لزمت الأعتاب وطرقت الباب ... قلت للبوّاب هل ترى وصلا ؟
قال لي يا صاح مهرها الأرواح ... كم محبّ راح يعشق القتلى
أيّها العاشق إن تكن صادق ... للســـــــوى فارق تغتنم وصلا
والمتنبي تغزل في أكثر من 60 قصيدة من قصائده كما هو مدون في ديوانه و تغزل في أغلب المناسبات التي قال فيها قصائده وحتى في قصائد الحرب ومدح سيف الدولة الحمداني الا انه لم يتغزل في قصائد الرثاء و لكن فلسفته في الغزل مختلفة لان للغزل رجاله وأحكامه وقواعده. وللغزل شروطه ومقاييسه التي لا يستطيع التحكم بها إلا فحول الشعراء ممن أُوتوا الحس العالي سواء بالجمال أو القدرة على التعبير عن لوعة المحب وعمق معاناته ثم الصدق في هذا التعبير. وتغزله بسيف الدولة الحمداني كثيرا ممكن هو السبب الرئيسي الذي افقده هيبته في الغزل العذري.
ونقطة خلافي الوحيدة معك تبقى في مسألة الاسلوبو الانشاء والتعبير عما كتبت فانا لست بكاتب او اديب لاعبر عما يدور بخلدي وأن أحترام أسلوب الاخرين في التعبير عما يرونه بأعينهم ويدور بخلدهم لا يعطي الحق لاحد بسلبه او التقليل من اهميته كما انه في مجال عملي العلمي كنت قد اخذت باراء بسيطة طورتها الى افعال واقعة و ملموسة من الصعب جدا على الاديب فهمها من غير ترجمة عملية على واقع حقيقي وليس العالم الأفتراضي و يشبه عالم الخيال في لغة الشعر.
خالص الود و التقدير
__________________
القلب يعـشق كـل جميل ... وياما شفت جمال يا عين