الاخت العزيزة كريمة عطار
اثار بي ما نقلتيه عن المؤتمر الذي عقد في لندن لبحث اوضاع الجالية اليهودية العراقية بعد هجرتها الى اسرائيل في نفسي بعض الشجون والحزن لما أل اليه وضع شخصيات كانت بارزة في سماء الفن العراقي .
هناك نقطتان اود التطرق اليهما في تعقيبي هذا , الاولى هي ان علينا ان نعترف وبشجاعة بان الدين الاسلامي لا يشجع الفن بكل اشكاله , وان هناط طروحات دينية عديدة في هذا المجال يثبتها واقع اليوم وما يحصل في العراق بالذات . بعض هذه الطروحات تقول بان الفن حرام وممتهنيه اناس خارجون عن الدين , وبعض الطروحات الاخرى تعتبره على اقل تقدير من المكروهات . بل ان الامر يزداد سوءا في بعض الاحيان حتى يعتبر البعض احتراف الفن هو من المهن والوضيعة والمبتذلة وحتى الساقطة , لذلك فأن معظم العوائل لا تحبذ ان يسلك ابنائها هذا المسلك ابدا . لقد جعل هذا الحال احتراف هذا المسلك في العراق مقصورة تقريبا على من يدينون بديانات اخرى . اما في مصر فقد كان الحال اقل وطأة لان مصر كانت تجتاز العراق في مقاييس التقدم بمسافات شاسعة منذ ان دخلها نابليون وجعلها على تماس بالحضارة الاوربية , لذلك فقد كان هناك الكثير من الفنانين المسلمين جنبا الى جنب مع غيرهم من الديانات الاخرى . لذلك علينا ان لا نستغرب بان يكون معظم الفنانين العراقيين في النصف الاول من القرن الماضي هم من اليهود او المسيحيون . كما اني اوافق تماما ما ذهب اليه الاستاذ حسقيل قوجمان في ان الفن الذي نتج عن الجالية اليهودية العراقية كان فنا عراقيا بحتا بدليل استمراره في العراق بعد هجرة هؤلاء واضمحلاله في اسرائيل بعد هجرتهم اليها . لذلك نحن نعتبر هنا في قسم العراق في منتدى سماعي كل نتاجات الفنانين اليهود قبل هجرتهم هي نتاجات فنية عراقية ونوثقها ونحافظ عليها كفن عراقي اصيل . الامر الثاني الذي اريد ان اتطرق اليه هو ان ما حدث للجالية اليهودية العراقية بعد هجرتها الى اسرائيل يشابه كثيرا ما حدث للعراقيين ككل في العقود الاخيرة بعد تشتتهم في شتى بقاع الارض . لقد فقد البلد خيرة ابنائه ما بين فنانين ومثقفين وعلماء بسبب هجرتهم الى الخارج نتيجة لسياسات القمع والترهيب والتصفية , حتى يكاد العراق يعتبر اليوم هو البلد رقم واحد في العالم في تشريد ابنائه خصوصا الشرائح المنتجة والمفيدة . لقد اضطر هؤلاء لامتهان شتى انواع المهن البعيدة عن حرفهم لمجرد كسبهم لقمة العيش في البلدان التي هاجروا اليها , وقد كتبت انا مقالين بهذا الشأن منشورة بجريدة الزمان العراقية . الا يشبه هذا حال اليهود العراقيين الذين هاجروا الى اسرائيل ؟ الا يجعل هذا الالم والحسرة تأخذنا على ماحل بابناء العراق من كل الاديان ؟ الا يجعلنا هذا نقول .... وا حسرتاه عليك يا بلاد الرافدين , ووا حسرتاه على ما حل بابنائك ؟