التدوين الموسيقي/2/
التدوين الموسيقي/2/
التدوين الموسيقي العربي
اهتم العلماء والفلاسفة العرب منذ البداية بعلم الموسيقى وكتبوا فيه الكثير بالنسبة للآلات والأجناس والسلالم وعلم الإيقاع وعلم اللحن, ولكنهم لم يتركوا لنا ألحانا مدونه كاملة. وذلك رغم معرفتهم وقدرتهم على ذلك. فنجد أن الفيلسوف العربي الكندي المتوفى عام 874م كان يستخدم في شرحه للموسيقى وأبعادها أسلوب التدوين الأبجدي. كذلك الفارابي المتوفى 950م وقد استخدم العلماء الحروف الأبجدية ( أ ب ج د هـ و ز ح ط ي ... ) للتعبير عن الحروف الموسيقية لعفق أوتار العود التي كانت تسمى - بداية من أغلظها حدة - (بم, مثلث, مثنى, زير, حاد. وبواسطة تسمية أصابع العفق: السبابة, الوسطى, البنصر, والخنصر استطاع العلماء تحديد كل نغمة معينة بواسطة ربط إصبع العفق بالوتر والحرف الأبجدي.
واهم الأمثلة الموسيقية التي وصلتنا من العلماء العرب هما مثالان من صفي الدين الارموي المتوفى عام 1294م وقد استطاع من خلال إعطاء أرقام تحت الحروف الأبجدية أن يدل على الزمن الإيقاعي المقصود لكل حرف أو بمعنى آخر لكل نغمة.
ومن ناحية الموسيقى التقليدية العربية فما زال الحال كذلك حتى اليوم فتوارث الموسيقى التقليدية يعتمد على التوارث الشفهي والممارسة الحية وذلك رغم وجود بعض التركيبات الإيقاعية والتداخل الذي ليس بالسهل استيعابه لمن ليس له صلة مسبقة بالقالب الموسيقي والغريب على منطقة ممارسة هذا الفن.
مزايا التدوين الموسيقي
لا شك أن وجود التدوين الموسيقي كوسيلة لنقل الأفكار الموسيقية يساعدنا على التعرف على جوانب كثيرة من الموسيقى. فإذا نظرنا للتدوين من الناحية التاريخية نجد انه وسيلة معرفة للقوالب الموسيقية القديمة. وهو أيضا يمكننا من التعرف على التكوينات الموسيقية للبناء اللحني والإيقاعي عبر العصور. وفي الموسيقى الغربية مثلا, يمكننا تمييز عصر من عصر بواسطة التدوين. ويمكننا أيضا معرفة أسلوب التوافق النغمي وهو ما يسمى باصطلاح (Harmony) وذلك عبر العصور المختلفة لان ما كان مصرح به في بداية عصر التأليف الموسيقي ( القرن الثاني عشر الميلادي ) لم يصرح به في القرن الرابع عشر.
وقبل اختراع أساليب التسجيلات الصوتية والمرئية كان التدوين هو الوسيلة الوحيدة للتعرف على كل هذه الجوانب الموسيقية لموسيقى الأجيال السابقة.
ومن مزايا التدوين الموسيقي أيضا أن له القدرة على حفظ القطع الموسيقية بغض النظر عن قبولها أو رفضها في المجتمع, وهذا عنصر لم يكن موجود قبل اختراع التدوين الموسيقي, فكانت الأغنية تعيش كلما رددها المجتمع وتندثر عند عدم ممارسة المجتمع لها.
والتدوين الموسيقي يمكن الاستفادة منه أيضا في الموسيقى التي لم تعتمد على التدوين الموسيقي لا في نشأتها ولا في أسلوب ممارستها ولا حتى في أسلوب توارثها ذلك مثل معظم موسيقى الشعوب التقليدية (الشعبية). وهنا يمارس التدوين الموسيقي دورا آخر وهو المساعدة في البحث أو التحليل العلمي أو المقارنة.
ووظيفة التدوين هنا هي وظيفة شرح هدف قد تم فعلا. والتدوين هو " تقرير مكتوب " عن هذا الحدث والعكس في التليف الموسيقي. فالتدوين هو أساس وجود هذا الحدث الموسيقي.
|