محمد عبد الوهاب رحمه الله كان متواضعا جدا فقد قال مقولتين مشهورتين:
الأولى: "لو ملكت يد فريد وحنجرة وديع الصافي لملكت العالم".
الثانية : "لو جمعوا أصوات وحناجر المطربين في الشرق بصوت واحد لما وصل إلى صوت الصافي".
طبعا صوت وديع الصافي وصل بسهولة في عز شبابه الى ثلاثة دواوين. ومثل بسيط على ذلك هو موال صرخة بطل (التي يمكننا وزنه - والموسيقي المحترف يعرف بسهولة كيف يزنه). في هذا الموال يصل وديع الصافي إلى جواب جواب الدو (أرجو من الذي طرح الموضوع أن يكون فاهما ما أعنيه هنا) وبكل راحة ومن دون أي صعوبة. وهنا أريد أن أنوه للذين لا يعلمون الفرق بين مساحة الصوت في قوة جواباته فقط ومدى قدرته على الصعود الى الطبقات العالية و المساحة الصوتية الكبيرة التي هي حجم مساحة الصوت من القرار الى الجواب.
يجب علينا أن لا نخلط بين الأثنين. مثلا لو كان عندنا ديوانين أي أربعة عشر درجة موسيقية، الصوت القوي هو الذي يستطيع أن ينط من الدرجة واحد الى الدرجة الرابعة عشر بتمكن. أما الصوت الذي يستطيع فقط الانتقال من الدرجة الثامنة، مثلا، الى الدرجة الرابعة عشر فهو يعتبر صوت محدود قياسا بالاول ويستطيع التعامل مع الطبقات المرتفعة فقط. كما ان هناك اصوات تستطيع التعامل مع الطبقات المنخفضة فقط وهي محدودة ايضا
هناك من وصل صوته الى ثلاثة دواوين وهو الشيخ محمود صبح رحمه الله ولكن ليس بالسهولة فقد كان هناك حشرجة في الصوت عند جواب الجواب. وأيضا أسمهان وصل صوتها بصعوبة الى ثلاثة دواوين. الشيخ كامل يوسف البهتيمي وصل صوته الى ديوانين ونصف تقريبا ولم يطرق الثلاثة. في وقتنا الحالي ماجدة الرومي يصل صوتها الى دوانين ونصف ايضا. على كل حال نحن استثنينا الكثير من المقرئين العظام الذين بدون اي شك نطحت أصواتهم الثلاثة دواين أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ مصطفى اسماعيل (في شبابه) الخ الخ. عداكم عن صوت ناظم الغزالي و زكية حمدان وأخيرا وليس آخرا حبيبة الكل أم كلثوم.
فإذا - وهذا ليس تنقيصا من عظمة ومساحة صوت عبد الوهاب - ولكن عبد الوهاب نفسه وبتواضعه أعطى شهادة لوديع الصافي بانه أقوى صوت في تاريخ أمتنا العربية، فعبد الوهاب حقا يستحق لقب موسيقار الأجيال وبكل جدارة لتواضعه ولإعترافه بالأصوات العظيمة.
بالنسبة لموضوع فكتور سحاب فقد اجتمعت به وأخيه الياس ايضا منذ يومين وتكلمنا كثيرا عن عبد الوهاب و ناقشنا الأصوات ولم يتطرق أحد منهما الى مساحة صوته فلا أدري من أين أتيتم بهذه المعلومة التي لن أقول بانها خاطئة ولكن عندما يطرح موضوع كهذا يجب أن يناقش عن علم وليس اعتباطيا لأننا نحب عبد الوهاب فقط. ولا أظن بأن عبد الوهاب اذا كان على قيد الحياة سوف يكون مسرورا لو علم بأن بعضهم يناقش تحزبا و تحمسا وتعصبا فقد كان رحمه الله علميا وموضوعيا ويجامل من يستحق المجاملة ويقول رايه بدبلوماسيته المعهودة عن أي شيء لا يعجبه.
النتيجة هي بأنه يجب القياس من القرار الى الجواب وليس غير ذلك لنعرف المساحة. والمقارنة هنا تتم بين أصوات الرجال للرجال وأصوات النساء للنساء وليس قوة صوت عبد الوهاب مقارنة بقوة صوت أسمهان أو أم كلثوم أو حتى فتحية أحمد.
الله يديم السميعة ونصيحتي بان تسمعوا كثيرا فالذي يسمع صح هو أهم من اي موسيقى عادي. طبعا لم أتطرق الى جماليات الصوت فالموضوع يناقش القوة وليس الجمالية، وهذا بالتأكيد موضوع آخر فليس من كل من كان صوته قويا بالضرورة أن يكون جميلا و قريبا الى القلب.