ملحوظة هامة قبل القراءة : القصة خيالية و بطل القصة لا يمت لى بأي صلة
أسيبكم مع القصة ......
قعدة على النيل
زهقت .. زهقت ..
مشاكل .. مشاكل ..
فى كل حتة مشاكل ..
حتى فى البيت مشاكل
الساعة 11 بالليل
قال ايه أبوى عايز ملوخية !!
و زى ما انتوا عارفين الملوخية عايزة تقلية .. و كمان محتاجة شوربة .. يعنى فرخة .. يعنى انفلونزا الطيور .. يعنى مش وقته خالص
قلت أقف فى البلكونة لقيت الجيران بيتخانقوا .. قال ايه ! راحت ترد ع التليفون و تنيم ابنها فنسيت اللبن على النار و بالتالى اللبن فار
و الراجل قاعد يزعّق .. قلت لك ميت مرة ما تسيبيش اللبن و تمشى .. هتحرقينا !
و الست هى كمان بترد " و انت كنت فين وقت كل ده ؟ ما انت جايبنى هنا خدامة " ..
إلى آخره من الحوارات الزوجية اللذيذة !!
و فى الشارع لقيت واحد تانى أبوه طارده بره البيت و مش راضى يدخله ..
قال ايه ! ظبطه و هو بيشرب سجاير .. يا راجل احمد ربنا انه ما بيشربش حاجة تانية !
اتخنقت و قفلت البلكونة و اتصلت بواحد صاحبى لقيته بيعيّط !!! و ده ايه حكايته راخر ؟ قال ايه البت الى بيحبها جالها عريس و شكلها كده هتوافق ! طب و دى فيها ايه ؟
المهم هدّيته شوية و قلت له البنات كتير .. شوف غيرها
لقيته هيطوّل فى الكلام قلت له تعالالى .. أحسن الواد ده عبيط ممكن يعمل فى نفسه حاجة
شوية و قلت أفتح النت .. أعمل شات أو حتى أدور لى على نكتة أقراها .. لقيت النت فاصل !
قلت خلاص أنزل الشارع .. لقيت أصدقاء السوء _ اصحابى _كلهم مكتئبين ..
و كل أما اسأل واحد ايه اللى مزعله يفضل يحكيلى بالنص ساعة و ف الأخر تطلع حكاية و لا ليها لازمة فى الحياة !
شوية و لقيت الواد اللى كنت بكلمه فى التليفون وصل .. و قال لى يلا تعالى نطلع فوق عشان نتكلم براحتنا
قلت له لا يا عم .. تعالى نتنيّل شوية , يعنى نتمشى ع النيل
و رحنا هناك ..
المنظر بديع و القمر طالع .. لكن مين فاضى يبص للقمر ؟
الكل مشغول ..
يا بتاع اللب هات لنا بجنيه لب ..
قزقز يا واد و لا يهمك ..
و قعدت اقنع فيه ان دى مش آخر بنات العالم .. و انه مسيره هيلاقى أحسن منها .. و كل الكلام اللى ربنا كرمنى بيه ساعتها
و قلت له بص على كل البيوت اللى قدامك دى ..
فيها بنات كتير أحسن من اللى انت كنت بتحبها
و اللى خلقها خلق غيرها كتير .. و أحسن منها بكتير .. و يا ريتك المرة الجاية تبقى تستنضف شوية
بدأ يضحك .. قلت الحمد لله
و بعد نقاش طويل ..
اقتنع انه ما يفكرش فيها تانى ..
و قعدنا .. قلت له بص فى كل البيوت اللى قدامك دى ..
قال لى : تانى ؟
قلت له بص بس انت
فى كل بين من دول مشاكل كتيرة .. 90 % منها تافه لكن تلاقى الناس بتقف قدام كل مشكلة و كإنها حاجة و لا لها حل
يعنى مثلاً هيحصل ايه لو أمى عملت ملوخية ؟
- ملوخية ايه يا ابنى ؟
- أنا قلت ملوخية ؟ طب ما لكش دعوة بالحكاية دى .. هيحصل ايه لو كبّرنا مخنا شوية
يعنى اليوم لازم بيعدى .. و ياما الواحد هيقابل فى حياته من مشاكل .. مش عارف ليه بنضيّع وقتنا و تفكيرنا فى المشاكل الصغيرة و ننسى المشاكل الأهم
- زى ايه يعنى ؟
- هقوللك يا سيدى .. انت مثلاً صليت النهاردة ؟
- ايه ؟ و ايه اللى جاب ده لموضوعنا دلوقتى ؟
- آدى أكبر دليل على إنها فعلاً مشكلة كبيرة ..
- يعنى عاوز ايه ؟
- يعنى صليت النهاردة ؟
الواد ساكت
- طب امبارح ؟
برضه ساكت
- طب أول امبارح ؟
ساكت برضه
- طب الأسبوع اللى فات ؟
ساكت أيضاً
- ازاى تهتم بعلاقتك بواحدة و انت ناسى علاقتك بربنا اللى خلقك ؟
الواد ساكت سكوتاً رهيباً
بلاش دى ..
- عملت ايه النهاردة أصلاً ؟
- ما انت عارف ان لما البت اتصلت بيا و قالت لى الخبر الهباب ده مقدرتش اعمل حاجة
- و كنت يعنى هتعمل ايه ؟
- بعد تفكير عميق ...... قال : تصدق ؟ و لا حاجة
كنت هروح النادى أقعد مع الشلة بتاعنا لآخر الليل و بعد ما اروّح أدخل ع النت و هاتك يا شات مع البنات
- و دى حياة أصلاً ؟
- طب و بعدين ؟
- أقول لك حاجة تعالى نروّح .. لإن الدنيا بدأت تسقّع
المهم الواد روح
و انا ..
لقيت الواد اللى كان أبوه طارده واقف فى البلكونة بتاعهم بسأله أبوك رضى عنك و لا ايه ؟ قال لى لأ أمى اللى فتحت لى
قلت له : عاوزك بكره
قال لى هنعمل ايه ؟ قلت له هنتمشى على النيل
قال لى : أوكي ماشى
و أنا طالع شقتنا شميت ريحة ملوخية .. الحمد لله باين أمى كبّرت مخها أخيراً
دخلت لقيت أبوي هو اللى بيعملها ..
قلت له : ايه ده ؟ هو انت اللى كبرتها ؟
- كبرت ايه يا واد ؟
- قلت له ماغك ..
قال لى آه ..
و بقول له : أمال فين ماما ؟
قال لى : نايمة فى السرير تعبانة
..
شوية و قعد ياكل و أنا كمان طبعاً
بنبص لقيت أمى جت
- أبوى : انتى يا ولية مش كنتى تعبانة
أمى : لأ ما انا خفيت .. بس انت شاطر أهُه بتعرف تطبخ
أبوى : بقى بتعملى نفسك عيانة ! و كمان بتتريقى عليا ....
و بدأوا يتخانقوا .. فضلت أهدّى فيهم لكن مفيش فايدة
قمت سايبهم و رايح نايم
عايش مع توم و جيرى يا جدعان !!!
تانى يوم .....
لقيت صاحبى اللى كان هيموّت نفسه ده بيتصل بيا بيقول لى انه بيفكر يقف مع واحد قريبه _ كبير فى السن _
فى المحل بتاعه منها يساعده ومنها انه هيصرف له مرتب شهرى ..
قلت له : كويس و الله .. حتى تبقى لقيت حاجة تضيع فيها وقتك
قال لى : دا كمان الراجل بيصلى الفرض بفرضه .. يعنى بيقفل المحل وقت الصلاة
قلت له : خلاص يلا على بركة الله .. دوس
و بالليل لقيت جارى بينده لى .. اللى كان أبوه طارده عشان السجاير
و خدته و رحنا قعدنا شوية ع النيل .. مع ان الواد ده ما كانش ليا علاقة بيه قوى لكن اكتشفت انه لذيذ و ينفع يكون صاحب كويس
المهم قعدت أكرّهه فى السجاير مفيش فايدة .. أقول له يا بنى دى بتجيب سرطان .. يقول لى عادى أحسن ما يجيلى من الأكل
عموماً قعدت اناقشه لحد ما انا اللى اقتنعت
اقتنعت إنى أشرب !
قلت له هات سيجارة
و بمجرد أن وضعت السيجارة فى فمى لقيت_خير اللهم اجعله خير _ هوا سخن طعمه مقرف
كإنى بالظبط ماشى جنب زبالة متولع فيها و قطعت منها حتة و حطيتها فى بقى
و قعدت أكح أكح .. قلت له يا ابنى انتوا بتشربوا الزبالة دى ازاى ؟
و قمت راميها فى النيل .. و اتأكدت ان السجاير دى حاجة غبية أساساً
قلت له : اشرب سجاير زى ما انت عاوز ان شاالله حتى تشرب جاز .. بس المهم ما تزعلش أمك و أبوك منك ..
يعنى عيب لما تشتم أبوك , و قعدت أقنع فيه و أقول له " و بالوالدين إحساناً " و الحاجات العظيمة دى ..
و هو أصلاً زهق .. قال لى ما انا عارف كل الحاجات دى
بس انا اللى بحب أضايقهم عشان الحياة يبقى لها طعم .. شطة و فلفل كده .. خليها تولّع
قلت له : و فيها ايه لما يبقى طعم حلو .. لازم تبقى حاجة حراقة ؟
قال لى خلاص ماشى يا سيدى .. يلا نروح بقى لإن الدنيا بقت برد
برضه !
روّحت لقيت أمى و أبوى _ الله يـخـ .... ليهم لبعض _ زي النار و الكبريت
أول حاجة خبيت كل الجزم اللى فى البيت و بعدين قعدت أهدّى فيهم لحد ما الأمور هديت و الحمد لله
رحت أقفل البلكونة لقيت جيران الهنا بيتخانقوا مع بعض .. رحت رنيت على تليفونهم على أساس الخناقة تهدى شوية و فعلاً نفعت الحكاية دى
قمت رنيت تاني من غير ما ارد
لقيت جوزها بيقول لها : و كمان بيجيلك تليفونك فى نصاص الليالي ؟ .. دا أنا هموتك
قالت له : هى وصلت لحد كده ؟ .... و قامت داخلة أودتها و قفلت على نفسها
و هو راح وقف فى البلكونة ..
قمت وقفت أنا كمان فى البلكونة و ناديت عليه .. قلت له : أستاذ سيد أنا عاوزك بكرة فى موضوع
رد و هو كاظم _ مش كاظم الساهر _ لأ كاظم غيظه : فى ايه ؟
كنت عاوزك فى موضوع مهم بس مش هنا ؟
قال لى : فين ؟
قلت له : ع النيل
قال لى : فين بالظبط ؟ ما النيل طويل
قلت له : دا من رحمة ربنا علينا
و بعد أيام .......
ظلت منطقتنا فى هدوء ..
فها هو الأستاذ سيد يجلس مع زوجته يشربون الشاى و هم يشاهدون التليفزيون سعداء
و صاحبى اللى راح اشتغل مع قريبه بقى ملتزم و قال ايه هيربى دقنه .. دا انا اللى كنت بنصحه مش مربيها !!
_ ربما فى يوم من الأيام أتمشى مع حد ع النيل و يقنعنى بالحكاية دى !_
و ها هو جارى اللى بقى صاحبى قوى داخل لأمه و ابوه بعلبة بسبوسة .. باين عليه بقى مؤدب أكتر من اللزوم
المهم ان الليل أصبح موعداً للتأمل و تذكر قدرة الله على خلق الكون ..
و للنظر لهذا القمر الذى كان بالأمس يرانا من بعيد نتشاجر و نتشاجر
و يرانى و أنا أتمشى مع كل من وجدت فى نفسى كلمة أقولها له
و الحمد لله طريقة القعدة ع النيل نفعت مع معظم الناس فى منتطقتنا إلا اتنين ..
طبعاً عرفتوهم ..
أمى و أبوى
لا نافع معاهم نيل و لا فرات ..
ايه ده أنا قلت فرات ؟
فرات ايه يا عم .. خليه فى اللى هو فيه !!!!!
بقول لكم ايه : خلوا بالكم من النيــــــل
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخى العزيز
...:::* محمد السلامونى *:::...
مساء النيل والورد والياسمين
كم هي دقيقة تلك اللحظات التي إقتنصتها بحرفية عالية
رغم أن القصة القصيرة لا تنبني في سردها على الحوار
إلا نادراً فقد فعلتها وبجمال
فقط يعيب التجربة أمران
الأول تكرار وقعدنا كثيراً فقد كان إختيارك لتكرار الكلمة غير موفق ولو كنت قد أجهدت قاموسك اللغوي لكُنت ملأت الفراغات بجديد وتجنبت التكرار ،وأيضاً الإسهاب بالسرد لا يكون فى صالح العمل فحتماً سيشعر القارئ بما يقصده الكاتب دون التنويه عن ذلكَ، بإختزال بعض الجمل والكلمات لتترك مساحة للقارئ أن يلهثُ وراء الآحداث.
الثانى بعض الكلمات التى تضعف من مقومات نجاح العمل والسرد بطريقة خاصة وقد أشرت إليها فى العمل بتلوينها حتى يتيسر معرفتها
باللنسبة للعمل قد إحتوى على جُمل رائعة تؤكد خيالكَ الخصب وإمساككَ باللحظة بإحتراف وعلى سبيل المثال
المنظر بديع و القمر طالع .. لكن مين فاضى يبص للقمر ؟
الكل مشغول ..
المميزات عديدة ولكن ما يهمني هو التوقف عند الهفوات التي نمر بها عند الكتابة حتى يصبح العمل أكثر روعة وأكثر تماسُكاً
واقعية قصتك تجعل المُتلقى يشّعرالأحداث للعلم فقط بأنه حقيقة وليس خيال ما كتبته
فاالواقع قاسي جداً على شريحة من المجتمع لا يعمل بحالهم ولا يرق لحالهم سوى القلوب القليلة
أراني داخل قصتك في حلم مُكتمل ، تنتقل فيه من المعقول للامعقول بخفة ورشاقة وهي فنية يملكها القليلون بالتالي فأراكَ متميزفيما نسميه بالواقعية السحرية والساخرة وأعتقد أن قلمكَ سيكون من الأقلام المتميزة في هذا الأسلوب
القصة تؤكد سردكَ العفوى وقلمِكَ المُطلق العنان وخيالكَ الجميل وتصويركَ الرائع
كما تؤكد موهبة الحكي بالحدس وهي جميعاً من سمات القاص الجميل
ولكن تحتاج الثقل
وختاماً سأنوه عن شئ قد نغفل عنه بأن القصة القصيرة يجب أن تُلامس كل فرد على حسب رؤيته لها ..والا يفرض الكاتب رؤيته
بل يترك الحروف لتُلامس جميع من يقرآها ..
أشكركَ على القصة الرائعة وتمنياتى لكَ بمزيد من التقدم والرقى
ودى وعبير وردى