نعم قد فعلها ساحر القصائد و مروضها
ما هذا الفكر و ما هذه الروعة
و قبل أن أشرع في ذكر فعلته
إلى حضراتكم أولا الكلمات و هى أبيات متفرقة من قصيدة للأستاذ : إبراهيم ناجي
أجل إن ذا يوم لمن يفتدي مصرا
فمصر هي المحراب والجنة الكبرى
حلفنا نولي وجهنا شطر حبها
و نبذل فيه الصبر و الجهد و العمرا
سلاماً شباب النيل في كل موقف
على الدهر يجني المجد للنيل و الفخرا
تعالوا فقد حانت أمور عظيمة
فلا كان منا غافل يصم العصرا
تعالوا نقل للصعب أهلاً فإننا
شباب ألفنا الصعب و المطلب الوعرا
شباب إذا نامت عيون فإننا
بكرنا بكور الطير نستقبل الفجرا
شباب نزلنا حومة المجد كلنا
و من يغتدي للنصر ينتزع النصرا
البداية بصوت سيمبال و هذه الآلة البسيطة من آلات البركشن لها فعل السحر على الأذن إذا ما وظفت بذكاء و دون إفراط .
لتبدأ بعدها الوتريات تنساب نهاوندياً تاركة بين جملها دقات في منتهى الرقة و القوة من التيمباني الذي ضبط على نغمتين بعينهما و قل من يفطن من الملحنين لضبط نغمات هذه الآلة المظلومة دوزاناً .
و هنا يجب القول أن الأستاذ لم يطيل في مقدمته كما عهدنا في الكثير من الأغاني الوطنية و ظني أنه أراد الدخول السريع في موضوعه الهام .
أجل .. كلمة ما أجمل وقعها على الأذن حتى دون نغم و كي يعطيها حقها و إن كانت هى وحدها أخذته من عَروضها الموسيقي تركها على نغمة أساس المقام و لم يبرحها إلا عند لمن .
لينساب لحنه في حرية منفلت من الإيقاع في تصاعد كله ملهم من سحر الكلمات و ما أجمل تكراره للوقوف على نغمة واحدة مما يزيد من بهاء النص آخذك إلى خمسة خطته اللحنية و بحجازية سريعة توصلك إلى الكبرى .
يعود إلى تكرار النغمة الواحدة في القسم حتى جائت حلفنا نولي وجهنا على نغمة واحدة ثم شطر حبها على ماتليها متصرفاً بعد ذلك و ببساطة ليرتكز و مؤقتاً على رابعة سلمه ليحضر لدخول ما أروعه نغماً و توفيقاً في بداية دخول الإيقاع الذي جاء في وقار من آلتي تيمباني و فقط تحريك صنوج الرق و بدعم من دقات الكونتراباص
سلاماً شباب النيل في كل موقف
ينقلك نغماً و بدخول الإيقاع إلى طريق آخر راستياً يفاجئ مشاعرك فلا تدري من الحلو هل تحويله أم سلاماً شباب النيل و كلاهما قادران على إفلات دموعك بسحر المعنى و النغم ليكمل هذا الثناء على الشباب لحناً مروراً بـ على الدهر يجني المجد للنيل و الفخرا مكررها لثبات وقعها و تحضيرا لما بعد لزمته الذكية التي ذهبت إلى جواب مقامه الأصلي بل تجاوزته إلى جواب الدرجة الثالثة ليرتكز بها على الدرجة الخامسة محافظا على وقار الإيقاع رغم تغيره .
تعالوا فقد حانت أمور عظيمة
فلا كان منا غافل يصم العصرا
و سحر الحجاز في النداء و يا له من سحر حتى في الترحاب بالصعب و لا يفوتني قدرة السيدة في نطق أهلا ليذهب بصوتها راكزاً على الخامسة في الوعرا بينما لزمته تحضر لما بعد ذلك من وصف لشبابنا و لله درك يا ناجي
شباب إذا نامت عيون فإننا
بكرنا بكور الطير نستقبل الفجرا
لا يجد حيال هذا السيل العارم من قوة المعنى إلا الرجوع إلى تكرار النغمات تاركاً وقع سحر ناجي يأخذك حتى تخيلت أنه سوف يترك البيت رستاتيفياً و رغم بساطة نغم البيت إلا أنه يكرره محضرا لقفلته الطليعية
نعم طليعية
شباب نزلنا حومة المجد كلنا
و من يغتدي للنصر ينتزع النصرا
و دون تكرار و لمرة واحدة فعلها و ذهب
يرتكز بصوتها على خامسة المقام في النصرا مستغلاً مدد مد ناجي إلى النهاية
تاركاً الآلات تلمس الحساس و أساس المقام لترتكز هى الأخرى على خامسة المقام صانعين كلهم
قفلة غير تامة
تاركين أساس المقام حائراً و تاركين المستمع يذهب بمشاعره إلى ديمومة النصر رغم القهر
قصيدة مصر
شعر : إبراهيم ناجي
لحن : رياض السنباطي
غناء : أم كلثوم
__________________
دَعْ عَنكَ تَعنيفي و ذقْ طعمَ الهوَى
فــإذا عَشِـقـتَ فبَـعـدَ ذلــكَ عَـنـِّـفِ