رد: تاريخ ومسيرة الأغنية الليبية المعاصرة
رابعا ً : وفي مطلع عام 1936 تكونت " فرقة مكتب الفنون والصنائع للتمثيل والموسيقى " من شباب خريجي هذه المدرسة ، وكانت تضم تختا موسيقيا ً إلى جانب فرقة التمثيل المسرحي من الفنانين : عثمان نجيم ومحمد حسن بي عازفي عود ، كامل القاضي ومصطفى الفلاح عازفي قانون ومطربين ، أحمد عاشور عازف كمان ، إبراهيم برناز عازف غيطة ، محمد الكشيك عازف رق ، وأحمد البيزنطي عازفا ً للطبلة . وقامت هذه الفرقة بإحياء عديد السهرات الغنائية في مدينة طرابلس وبعض مدن الدواخل .
خامسا ً : في منتصف الثلاثينيات تم افتتاح الإذاعة العسكرة الإيطالية بمدينة طرابلس ، وقد خصصت أوقاتا ً معينة يومية لبث الأغاني الطرابلسية والأدوار والقصائد والأغاني المصرية على الهواء مباشرة من أداء عدد من الفنانين الليبيين المشهورين آنذاك ، وهذا دليل آخر على أن مدينة طرابلس كانت مركزا ً للفنون الغنائية المتنوعة في ذلك الوقت . وقد تكرر هذا الموضوع أيضا ً في منتصف الأربعينيات بافتتاح إذاعة الإدارة العسكرية البريطانية .
سادسا ً : من المعروف أن الفنان المرحوم " علي الشعالية " يعتبر من رواد الفن الغنائي في مدينة بنغازي ، والدليل على ذلك أنه تسلم رئاسة أول قسم للموسيقى في هذه المدينة بعد افتتاح الإذاعة الليبية بها في منتصف الخمسينيات ، ولو تتبعنا المسيرة الفنية لهذا الفنان المبدع كما وردت في مقالة للأستاذ رمضان أبو خيط في مجلة المؤتمر لوجدنا أنه أقام وهو صغير في السن مدة ثلاث سنوات بمدينة الإسكندرية امتدت من 1928 إلى 1931 تعرف خلالها على الإنتاج الغنائي للفنانين المصريين الرواد كسيد درويش وصالح عبد الحي ومنيرة المهدية – وقد يكون خلال تلك الفترة تعلم مبادئ العزف على آلة القانون – ورجع بعدها إلى أرض الوطن وسافر إلى طرابلس وعمل بمحطة الإذاعة التي افتتحتها السلطات الإيطالية كعازف للقانون ومطربا ً يقدم بعض أغانيه الشعبية التي اشتهر بها مثل أغنية " نور عيون " وأغنية " ودك غير تمشي " وأغنية " لي قلب يا ناس " في بعض الحفلات الساهرة التي كان يشارك فيها بمدينة طرابلس ، وتضح في هذه الفترة أن الشعالية لم يكن قد بدأ التلحين فعليا ً بدليل أنه اشتهر بغناء الأغاني المصرية والأغاني الشعبية فقط ؛ وفي عام 1939 رجع إلى بنغازي وقام مع مجموعة من زملائه الفنانين بتكوين فرقة للتمثيل والغناء متأثرا ً بما شاهده من نشاط فني بمدينة طرابلس في ذلك الوقت ؛ وقد انضم إلى هذه الفرقة في فترة الأربعينيات عدد من الموسيقيين والمطربين نذكر منهم محمود الزردومي ، علي أقدوره ، عبد السيد الصابري " الذي واصل مسيرته الفنية في وقت لاحق بمدينة طرابلس " والسيد أبو مدين شادي الجبل " الذي انتقل أيضا ً للعمل بمصلحة المطبوعات بطرابلس لمدة طويلة " ومصطفى المستيري "الذي كان من الملحنين الأوائل في مدينة بنغازي وكان أول من افتتح بها مدرسة خاصة لتعليم العزف على التي العود والكمان في أواخر الخمسينيات ، وكان لي شرف التتلمذ على يديه عام 1961 عند بداية دراستي بكلية الآداب والتربية بالجامعة الليبية" ، وفي عام 1952 سافر المرحوم الشعالية مرة أخرى إلى طرابلس ومكث بها مدة ست سنوات تعرف خلالها بعدد من الفنانين المحليين وقام بتلحين بعض الأغاني لمطربات من تونس " قد يكون جئن في رحلة فنية للبلاد في تلك الفترة " وتدل هذه المعلومة بكل وضوح على أن الشعالية بدأ يلحن بالفعل في بداية الخمسينيات .
سابعا ً: ويأتي الحديث الآن عن الفن في مدينة درنة باعتبارها المدينة الثالثة في البلاد ، بعد طرابلس وبنغازي التي قامت بها حركة فنية مسرحية رائدة إلا أنها لم يكن بها إبداع موسيقي أو غنائي متميز في وقت متقدم بالرغم من قربها الشديد من الفن المصري ، فقد ظهر في هذه المدينة حسب علمنا فنانون عازفون مبدعون في فترة الأربعينيات مثل سالم سرقيه " كريمش " عازفا ً للعود وحسن بو خشيم عازفا ً للكمان ، وقد تتلمذ عليهما فيما بعد عبد العزيز سريقوه الذي كانت له محاولات تلحينية في أوقات متأخرة نسبيا ً قام بتسجيلها بقسم الموسيقى بفرع الإذاعة في بنغازي. وهكذا ، ومما تقدم من أدلة فنية ملموسة يتضح لنا أن الأغنية الليبية المعاصرة بشخصيتها المتميزة قد ولدت بمدينة طرابلس في بدايات القرن الماضي وازدهرت وتطورت بفضل جهود الفنانين الرواد وبفضل تشجيع محبي هذا الفن الراقي الذين ساهموا في نشأة هذه الأغنية وفي تطورها وازدهارها طوال العقود الماضية .
بقلم الدكتور عبدالله السباعي
المصدر جليانة
التعديل الأخير تم بواسطة : abuaseem بتاريخ 08/06/2023 الساعة 20h52
|