عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 05/11/2006, 16h17
الصورة الرمزية تقى المرسي
تقى المرسي تقى المرسي غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:3120
 
تاريخ التسجيل: juillet 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 55
المشاركات: 56
افتراضي

مجرد تقديم

بقلم : محمود الهندي

في أوائل عام 1963م و انا اتجول بين فتارين ورفوف باعة الكتب في سور الأزبكية صادفتني مجموعة هائلة من الكتب القديمة ، صادرة عن هيئة الآثار المصرية منذ أوائل القرن فبادرت بشرائها على الفور ونفد مالدي من نقود ؛ فعدت مترجلا من العتبة إلى الجيزة و ظللت أقلب أوراق تلك الكتب بين الفينة والفينة ، ولم اكن أدرك أهميتها و إنما ادركت ندرتها ذلك أن عيني لم تقع على مثيلتها لدى قدامى " الكتبية " الذين أرتاد محالهم .
من بين هذه الكتب تعرفت على كتاب شائق وهام هو كتاب الأغاني الشعبية في صعيد مصر ، للمسيو جاستون ماسبيرو.
ولكن حال بيني وبين متعة التعرف عبى الكتاب بشكل جيد أن أغلب صفحاته كتبت باللغة الفرنسية التي لا اجيدها، كتب ماسبيرو تعليقاته وشروحه و مقدماته و مداخلاته باللغة الفرنسية ، أما نصوص الأغاني فقد كتبها بالحروف العربية ، و باللهجة الصعيدية.
و قدم لها ترجمة بالفرنسية بالإضافة لكاتبتها باللاتينية ..مكث الكتاب فوق رفوف المكتبة و كنت أقرا النصوص فأجد بها بعض الفجوات والثغرات و أيقنت أنه لا سبيل لسد النقص والعجز سوى ترجمة الأجزاء الفرنسية.
بعد سنوات قرات مقالا للصديق الناقد ( سيد خميسي ) في مجلة الهلال ، تلتها دراسة للصديق الدكتور ( أحمد مرسي )يتحدثان عن أهمية الكتاب و ضرورة الإستفادة من نشره وتعميمه ؛ ساعتها أدركت أنني على حق و أعدت قراءته قراءة متأنية فشعرت - مثلما قرر صاحبا المقالين - أن المكتبة المصرية والعربية في أمس الحاجة إلى هذه النوعية الجادة من الكتب ؛ إنه غاية في الندرة ، يتحدث عن المنبع الرئيسي لتشكيل وجدان الأمة ؛ هو ( الأغنيـــة )، و الأغنية الشعبية على وجه الخصوص : تسايردورة الحياة منذ مولد الإنسان حتى وفاته ، تصور فرحة الحياة باستقبال المولود الجديد وتبتهج بالمحافظة على النوع البشري عند الفرح في الأعراس و تحزن لافتقاد الأهل والأصدقاء والخلان ، وتقدم الإعانة على مواجهة العمل في التسميد والغرس والحصاد و في التشييد والبناء وتصاحب العواطف الدينية في الحج و الموالد و حلقات الذكر الصوفية ، تزاوج بين ميراث التراثين القبطي و الإسلامي دون حدود أو فواصل ، يتم كل ذلك في توازن نفسي واجتماعي قلما تجود به القرائح .
تقدم الفلاح المصري موضحة ارتباطه بأرضه و التصاقه بها ؛ فهو يرى في الأرض ( الحبيبة ) التي تتأوه تحت ضربات الفأس فينحني عليها بحنو المحبوب ..إلخ .
وهكذا تمثل الأغنية سيرة حياة الإنسان على مدار التاريخ الشعبي .

** وهنا أكتفي بهذا الجزء من المقدمة التي كتبها الفنان محمود الهندي .
رد مع اقتباس