الموضوع: سيد درويش
عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 10/06/2010, 23h33
drhussein drhussein غير متصل  
عضو سماعي
رقم العضوية:333445
 
تاريخ التسجيل: novembre 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: الولايات المتحدة
المشاركات: 14
افتراضي ألحـــان سـيد درويش

ألحـــان سـيد درويش
ألحان مسرحية أدوار موشحات أناشـيد أغــانى
ســـر أسماء الروايات - حول أعمال سيد درويش
أوبريتــات سيد درويش 30 أوبريت مسرحى - 256 لحن

الفـــــــــــــرقة الروايـــــة / الأوبــــريت

جورج أبيض1 فيـــروز شاه

الريحــــانى 12 الهـوارى خد بالك يا أســـتاذ كلـه من ده فشـــــر
ولـــــــــو الطاحونة الحمراء إش رن
شــهرزاد العشــــــرة الطيبة الباروكة قولوا له

علي الكسار 11 فلفـــــــل راحـــــــت عليـك مرحـــــب قلنــا له
ولســــــه أم أربعة وأربعيــن الانتخابات الهــلال
أحـــلاهم البربرى في الجيش اللى فيــهم

منيرة المهدية 2 كلها يومين كليوباتـــــــــــــرا
أولاد عكاشـة 3 هـــــــــدى الدرة اليتيــــــــمة عبد الرحمن الناصــــر
سـيد درويش 4 شــــهرزاد العشرة الطيــــــبة البــاروكة العبــرة

ســـر أسماء الروايات
وقد يتساءل بعضنا لماذا تلك الأسماء الغريبة للمسرحيات ، والواقع أن أسماء الروايات كانت كأنها تعكس مسرحا كبيرا تعمل عليه الفرق فى تنافس وانسجام فى آن واحد ، وكلما نجحت رواية لإحدى الفرق جاءتها رسالة من فرقة أخرى بعنوان قد لا يمت لموضوع المسرحية بصلة لكن مغزاه فى النكتة أو القفشة المصرية التقليدية ، وتعبر الرواية الناجحة عن نجاحها بكلمة موجهة للفرق الأخرى قائلة "اللى فيهم " على سبيل المثال أى أنها الأفضل ، فتقدم فرقة أخرى رواية بعنوان "ولـــو" تعنى نحن هنا ، ثم يجئ رد من فرقة ثالثة تقول "إش" فى تنبيه لأنها قدمت مفاجأة جذبت الجمهور ، فترد الأخرى بعنوان "رن" أى ابق على حالك يا مسرح فلان فنحن على القمة ، ثم يأتى من يقدم "أحلاهم" أى أحلى الفرق وأحلى المسرحيات ، ثم تتباهى إحدى الفرق بنجاح أحد عروضها وتعد بالمزيد فيكون العنوان التالى " ولســه" أى ما زال هناك المزيد ، وهكذا فهى رسائل موجهة للحمهور أيضا الذى كان يتابع ساحة التنافس بين العروض فى شغف وربما لا يدرى إلى أيها يذهب!
وقد يتذكر بعضنا فؤاد المهندس فى أواخر القرن العشرين عندما أطلق مسرحية باسم " روحية اتخطفت" فردت عليه فرقة أخرى فى نفس الشهر بمسرحية عنوانها " احنا اللى خطفناها"! وكلا الفرقتين يذكر بالطبع تلك المباريات بين فرق الريحانى والكسار وغيرها فى أوائل القرن ، المهم أن الجمهور يصبح طرفا

ولعل أطرف تلك العناوين والردود عنوان " قولوا له" لفرقة الريحانى ويأتيه الرد بقفشة مضحكة فعلا من فرقة الكسار " قلنا له" فى تورية غاية فى الذكاء ، فهى تنفى أن الخطاب كان موجها لها وأيضا تقول لصاحب الخطاب عن طريق إشراك الجمهور فى اللعبة بالرد " قلنا له " وهو فى اصطلاح فى اللهجة المصرية يعنى أبلغناه مرارا بأنه لن يفلح وأننا مستمرون فى التفوق عليه وكسب الجمهور! وبالطبع فإن لتلك الروايات أسماؤها الأصلية التى وضعها مؤلفها ولكن قد يضحى بها صاحب الفرقة وهو المنتج فى سبيل تغذية تلك الحرب التجارية بشيء من الدعاية فنجد مسرحية بنت الحاوى مثلا يتغير اسمها إلى " راحت عليك " وليس المقصود هنا هو خلاصة موقف داخل المسرحية يقدر ما هو رسالة موجهة لفرقة منافسة بالدرجة الأولى!

هل رأيت فى أى من بلاد العالم شيئا مثل هذا يحدث؟! إنها خفة الدم المصرية وولع المصريين بالقفشات والنكات ، وهى تأخذ قالب القافية الفكاهى الشائع بين عامة الشعب المصرى حيث يتبارى اثنان أو أكثر فى اللعب بالألفاظ وابتكار صور من التورية غاية فى البراعة فى مختلف المناسبات

ويهمنا هنا أن نسجل هذه الصورة لبيان عدة مؤشرات
أولها كيف كان حال المسرح وكم كان نشطا وغزير الإنتاج ، وكيف كان الجمهور يقبل على المسارح ويغذى الحركة الفنية بتواجده المستمر وانفعاله بما يقدم ، وتجاوب الجمهور لا يأتى من فراغ
ثانيها أن ألحان تلك المسرحيات ولو أنها لفرق مختلفة ومتنافسة كانت كلها لسيد درويش ، ويقال لذلك أن سيد درويش قد عاصر العصر الذهبى للمسرح فرقا وجمهورا ، ولكن فى رأينا أن العكس هو الصحيح ، أى أن سيد درويش هو الذى خلق العصر الذهبى للمسرح وجعل كل الفرق وكل الناس تتمتع بفنه الرائع ، فالمسرح كان موجودا قبله وظل موجودا بعده ، ولكن لم يكتب له مثل ذلك الازدهار
ثالثها أن سيد درويش قد تمكن بقدرة عجيبة على إمداد تلك الفرق الكبيرة بألحان متنوعة كانت العنصر الأساسى فى نجاح عروضها حيث كان الجمهور يخرج منتشيا أو متحمسا من الصالة بعد انتهاء العرض مرددا ما سمعه من ألحان جذابة يجدها معبرة عنه ومصورة آماله وآلامه أيضا
رابعا أن سيد درويش كان المنبع الذى أخذ منه المتنافسون مواردهم الحقيقية لتقديمها للجمهور ، وفى الوقت الذى كانت تتنافس فيه الفرق وهو يمدها جميعا وحده بألحانه كان يبدو وكأنه ينافس نفسه ، فلم يكن هناك على الساحة لا من يستطيع ولا من يجرؤ على لمس آفاقه الفنية ، والحقيقة أن ألحان سيد درويش كانت هدف المسرحيين الأول ، كل فرقة تريد أن تتفرد به لضمان نجاحها وزيادة جمهورها ، لكن سيد درويش لم يحتكره أحد وظل يعمل للجميع دون تفرقة ، ولذا فإن سيد درويش يستحق عن جدارة لقب أبو المسرح الغنائى العربى

أشهر الألحان المسرحية
أوبريت العشرة الطيبة

واحــــــــــــــــــدة أوه آن الأوان يا حلــــــــــوة آن يحميكى يا شابه لشــبابك
على قد الليل ما يطول ياللى تصلى ع النبى تكسب يا مرحبــــــــــــــــــا بك
يقطع فلان على علان يا حلالك يا بلالك بيــــــــها اتمخطـــــرى يا عروسـة
الأمــر أمر الأغاباشى عشـــان ما نعــــلا ونعــــلا احنا الغجر وانتوا الحكام
يا زمــــــان الخلطبيط هــــــــــــــوه بعـيـــــــــــنه الليلة ياما اكتر عرسـانها

أعيد تقديم العشرة الطيبة بعد وفاة سيد درويش بسنوات فقدمته الإذاعة المصرية فى الخمسينات موزعا توزيعا أوركستراليا حديثا بقيادة للموسيقار محمد حسن الشجاعى ثم قدمت بالإسكندرية فى السبعينات بإشراف محمد البحر نجل سيد درويش والموسيقار محمد عفيفى

أوبريت شـــــــــهرزاد
أنا المصرى أحسن جيوش اليوم يومك يا جنود دقت طبول الحــــــرب
الجيش رجع م الحرب

أعيد تقديم أوبريت شــــهر زاد بعد وفاة سيد درويش وقدمته إذاعة القاهرة فى الستينات بقيادة الموسيقار محمد حسن الشجاعى وعلى مسرح سيد درويش بالإسكندرية فى السبعينات بقيادة الموسيقار محمد عفيفى وفى دار الأوبرا عام 1992 بقيادة الموسيقار مصطفى ناجى فى الاحتفال بالمئوية الميلادية لسيد درويش

أوبريت البــــــــاروكة

الشــــــيطان

أعيد تقديم أوبريت الباروكة بعد وفاة سيد درويش فقدمت فى القاهرة بإخراج زكى طليمات وإشراف محمد البحر نجل سيد درويش عام 1959 والفرقة الاستعراضية الغنائية على مسرح محمد عبد الوهاب بالإسكندرية عام 1997

أوبريت راحـت عليك
مين زيى والله تستاهل يا قلبى آدى سـت الكل

أوبريت رن
عين الحسود فيها عـــود يا حلاوة ام اسماعيل إشــــمعنى يا نخ
الحشاشين ( ياما شاء الله ع التحفجية) العمــال ( ما قلتلــــكش ان الكتـــــرة)

أوبريت ولو
الــــوارثين (ع النسوان يا سلام) الصنايعية ( الحلوة دى قامت تعجن) الســـقايين

أوبريت إش
بنت مصر (دا بس مين اللى يقلس) اقرأ يا شيخ قفاعة تجـــار العجم
يا ورد على فل وياسمين السياس ( إوعى يمينك)

أوبريت قولوا له
إوعـــــــاك تصـــدقى الشيالين ( شد الحزام) خفيف الروح القلل القنـــاوى
طلعت يا محلا نورها يا ولــــد عمى يا كيكى كيكو قوم يا مصرى
ســــالمة يا ســـــلامة البحر بيضحك

أوبريت كله من ده
الموظـــــــــفين (هز الهلال يا سيد) يا ابو عبدة قول لابو حمدة

أوبريت كلها يومين
نـــم يا خـوفو يحيا العدل جانا الفرح جانا صابحة الزبدة ســــــــبيرتو
رأيت روحى ف بستان

أوبريت أم اربعة واربعين أوبريت الهـــلال
هادى يا هادى احنا الجنود زى الأسود


أوبريت ولســــــــه أوبريت فشـــر
يا نواعم يا تفــــاح الجرســـونات يا ابو الكشـــاكش

أوبريت الطاحونة الحمراء أوبريت قــلنا له
يا امه ليه تبكى علىّ إيه العبـــــارة

أوبريت اللى فيهم أوبرا كليوباترا
أشــنجر دام ( سودانى ) يا فرحتى بجواب محبوبى كم روعتنى السيوف

موشحات سيد درويش 12 موشح

الموشـــــــــــــــح المقــام لموشــــــــــــــح المقـــــام

يا شادي الألـــحان راست حبي دعـــــــــاني شـــورى
يا عذيب المرشـف راستيا صاحب الســحر حجاز كار
يا ترى بعد البعــاد راست يا بهجة الــــروح حجاز كار كورد
يا حمــــــــام الأيك نوا أثر صــــحت وجـــدا بيــــــاتى
العذارى المائسـات راست اجمعوا بالقرب شــملى عجــــــم
يا غصين البــــان حجــاز منيتى عـز اصطبارى نهــــاوند

أدوار سيد درويش 10 أدوار

الــــــدور المقــــــام الــــــدور المقــــــام

يا فـــؤادى ليه بتعشـق عجـــــــم عشـــــقت حســـنك بسـتة نكار
يا للى قـوامـك يعجبنى نكـــــريز يــــوم تركت الحب هـــــــزام
فى شــــــــــرع ميـــن زنجــران أنا عشــــــــــــــقت حجاز كار
الحبيب للهجـر مـــايل ســــازكار عـواطـفــــــــــــــك نوا أثـــــر
ضيعتمستقبل حياتي شــــورى أنا هـــــــــــــــويت كــــــورد

أناشيد سيد درويش 12 نشــــــــيد

النشــــــــــيد المؤلف النشــــــــــيد المؤلف
بلادى بلادى ســيد درويش نشيد العروبة- أباة الضيم بديع خيــرى
بني مصر مكانكم تهيأ أحمد شـــوقى احنا الجنود زى الأسود بديع خيــرى
اليوم يومك يا جنود بيرم التونسى قوم يا مصرى بديع خيــرى
أنا المصرى بيرم التونسى الجيش رجع م الحرب بيرم التونسى
دقت طبول الحرب بيرم التونسى يا مصر يحميكى لأهلك بديع خيــرى
أحسن جيوش فى الأمم بيرم التونسى مصــــرنا وطننـــــــــا سـيد درويش

أغانى سيد درويش طقاطيق ومونولوج 66

الأغنيــــــة المقـــام المقـــام

زورونى كل سنة مرة عجــــم ياللى تحب الورد بيــــاتى
ياناس انا مت ف حبى حجاز كار حرج على بابـــا راســت
بصــــارة بـــــــراجة عجــــم يا ورد على فــل عجـــــم
خفيـــــــف الــــــروح بيـــاتى أهو دا اللى صار حجاز كار كرد
طلعت يا محـلا نورها جهاركاه يا عزيـز عيــنى بيـــــاتى
والله تســـتاهل يا قلبى عجــــم يا بلــح زغلــول جهاركاه

حـــول أعمـــال سيد درويش
معظم هذه الألحان سجلت على اسطوانات بصوت سيد درويش أو بأصوات مطربين ومطربات آخرين أو بصوت المجموعة ، ومع اندثار تلك الاسطوانات بمرور الزمن أصبح المتوفر منها قليل وقد طبع بعضها على شرائط كاسيت فى الثمانينات ولكن ظل أهم مرجع لألحان سيد درويش هو حفظة ألحانه ممن عاصروه وأبناءه وهواة موسيقاه بعد ذلك إلى جانب الفنانين الكبار مثل محمد عبد الوهاب وزملائه من الرواد اللاحقين
وفى موطنه الإسكندرية أنشئ فريق كورال باسم سيد درويش ظل يقدم ألحانه فى الحفلات العامة على مدى 25 عاما منذ 1967 حتى 1992 بقيادة الموسيقار السكندرى محمد عفيفى والذى يعد أهم مرجع فنى فى ألحان سيد درويش ثم تولت فرقة الإسكندرية للفنون الشعبية مهمة تقديم تلك الألحان من عام 1992 حتى 1997 بقيادته أيضا ، وقد احتفظ بمكتبته الخاصة بالنوت الموسيقية كما كتبها سيد درويش ، كما تحتفظ بعض المراكز الثقافية المصرية كدار الأوبرا وأرشيف الإذاعة وبعض المكتبات وقصور الثقافة بتسجيلات ونوت وكتب ودراسات عن فن سيد درويش

لكن اللافت للنظر أن المعاهد الموسيقية العربية وكليات التربية الموسيقية (!) ما زالت لا تهتم كثيرا بفن هذا الرائد العظيم وتعتمد فى مناهجها على التراث الشرقى القديم ذى الأصول التركية وعلى مناهج الموسيقى الغربية فى تدريس الموسيقى ، وهى تخرج ألوفا من الخريجين كل عام والنتيجة صفر ! لا شيء يستحق الذكر
ورغم أن سيد درويش قد نال من الشهرة ما نال سواء فى حياته أو بعد مماته لم يصل إلا القدر اليسير من فنه إلى غالبية الناس ، ولا يمكن بأى حال اعتبار ما قدم من أعمال بعد رحيله كافيا أو موازيا لما ناله من تقدير الشعب والفنانين والنقاد على السواء
ونحن لا نطالب بعودة فن سيد درويش للحياة فهو فن حى رغم أنوف كثيرة ، ولا نطالب الناس بالاستماع إلى فن قديم ، فهو قد سبق عصره بمراحل ، بل سبق عصرنا هذا الهزيل ، وإنما نطالب بعودة سيادة القيم الفنية الراقية والفن الرفيع على الساحة الفنية والاجتماعية والسياسية أيضا ، فإن أهم أهم ما قدمه سيد درويش هو قيمة افتقدت قبله وافتقدت بعده وهى حرية التعبير ، أليس هذا هو مطلب الجماهير الآن فى كل مكان ، بل أليس هذا بعينه هو السمة الأساسية لكل المجتمعات المتحضرة؟!

إن فن سيد درويش ليس موسيقى وألحانا وغناء فقط ، لقد كان إنسانا شابا متفاعلا مع كل شيء فى الحياة بإيجابية تامة لا يرضى لنفسه ولا لغيره ووطنه إلا الكرامة والعزة وحريته المطلقة فى النقد والتعبير ، وقد اتخذ موقعه الصلب إلى جانب أبناء شعبه بكل قوة وصبر فى سبيل ذلك كثيرا ، لم يغن للسلطة يوما ، ولم يهلل لشعارات كاذبة ، ولم يكتف بالطبل والزمر مثل آلاتية العوالم والكباريهات وفنانى الفيديو كليب ، قال عنه سعد زغلول أن سيد درويش كان زعيما وطنيا لأنه عبر عن آمال الناس وطموحاتها ، وقال فيه صفوة مفكرى مصر الرواد مرثيات تهتز لها الأبدان ، لقد كتبوا فيه شعرا ، بما فيهم أمير الشعراء أحمد شوقى ، وكتب شعرا فيه بيرم التونسى وأحمد رامى والعـقاد والمحدثين مثل صلاح جاهين وغيره ، قال عنه محمد عبد الوهاب أنه الأستاذ الأكبر ، وقال عنه السنباطى أن كل ما نحن فيه من فن أثر من آثار سيد درويش ، ولم يكن كل ذلك إلا لأن الرجل كان صاحب رسالة ، لقد نشأ وسط الشعب وأفنى حياته من أجل البسطاء والرقى بحياتهم ، لم يعين فى منصب حكومى ، ولم يأخذ بيده صاحب سلطة ، ولم بكن بيده سلاح غير موهبته وإيمانه بالله وحبه لوطنه ولأمته

وأيا كانت الجهة التى قد تتولى مهمة تقديم تراث سيد درويش وإعادة إنتاج ما قدمه فى سنواته الست على مسارح القاهرة فإنها ستكسب كثيرا من وراء ذلك ، نعم تكسب ماديا وكثيرا ، سواء كانت حكومية أم خاصة ، ونضرب فى ذلك مثلا أمامنا وهو عندما بدأ الفنان إيمان درويش حفيد سيد درويش مسيرته الفنية غنى ألحان الشيخ سيد من جديد ، وانطلق بها مسجلا اسمه بين الفنانين النجوم وانتشرت ألبوماته بألحان سيد درويش ، ووجد من يمول له ألبومات الكاسيت بل وفيلما سينمائيا يغنى فيه أيضا أعمال الشيخ سيد ، وحققت تلك الحركة الشجاعة منه ومن المنتج كسبا ماديا هائلا ، وكان لها فضل إعلام الجيل الجديد بفن سيد درويش وقد سمعنا ما أداه من أغنيات مطعمة بأداء موسيقى حديث من فرقة حديثة وتوزيع موسيقى جميل أضاف شكلا حديثا لتلك الأغانى جذب إليها الشباب ، وقد أظهرت تلك الألبومات تلك الخاصية العجيبة فى موسيقى سيد درويش وهى أنها جذبت الناس فى وقتها وما زالت تجذبهم للآن ، وقد يقال هذا فى الموشحات القديمة وألوان الفولكلور ، إلا أن هناك فرقين أساسيين
أولهمـا أن الأغانى التى غناها إيمان احتوى بعضها على ألحان طوائف منقرضة من المجتمع ، لم يعد لها وجود على الإطلاق ، مثال ذلك الأروام ، الجرسونات اليونانيين وغيرهم ، وقد ألف هذه الصور بديع خيرى وصاغها لحنا سيد درويش استمدت من واقع المجتمع آنذاك أى أنها كانت صورا واقعية لفئات موجودة تشكى وتئن كغيرها ، وتماما كما استقبلها كافة الناس فى وقتها وليس أصحاب تلك الفئات دون غيرهم فقد استقبلها الجيل الحالى بشغف وأقبل عليها ، ولا يوجد تفسير لذلك إلا أنها صور صادقة تعبر عن النفس البشرية بصرف النظر عن انتماءاتها ، ولأن موسيقى سيد درويش كما قال ناقدنا العظيم الدكتور حسين فوزى لا تكتفى بتعقب الكلمات عن كثب بل تلبسها لبسا .. فيجد المستمع نفسه أمام صورة حية وكأنه يراها ولكن بأذنيه!
ثانيهما أن القديم من الموشحات وغيرها يحب سماعه هواة الموسيقى فقط ، أما عامة الشعب فليس بنفس القدر مطلقا ، ومع ألحان سيد درويش تنتتفى هذه الحالة الخاصة فهى تجذب إليها كل الآذان إلا الصماء
والمطلوب ليس إذاعة ما سمعه الناس وعرفوه ، الحلوة دى قامت تعجن ، وطلعت يا محلا نورها ، وزورونى كل سنة مرة .. المطلوب هو إعادة إنتاج ما لم يسمعه الناس .. كيف من بين مئات الألحان الذاخرة بذاكرة وطن وشعب يعرف الجيل الجديد منها بضعة أعمال لا غير؟ هل هذا ما استسغناه أم أن هذا ما سمح لنا بسماعه؟
المطلوب هو المسرح أبو الفنون جميعا
كان سيد درويش عندما يطلب منه غناء أحد ألحانه فى الجلسات الخاصة مع الأصدقاء والفنانين يغنى أحد أدواره ، أنا عشقت ، أنا هويت ، أو غيرها ، فإذا طلب الحاضرون أحد ألحانه المسرحية رد قائلا: " هذه الألحان لى ، أما من يريد المسرح فليذهب إلى المسرح " .. ما معنى هذا الكلام؟ معناه ببساطة أنه لم يكن يضع ألحانه المسرحية للتطريب والمزاج الشخصى ، ولكنه يضعها فى إطارها العام ، فى التعبير عن النص والفكر المسرحى ، فى الشخصيات المتنوعة فى الرواية ، فى المواقف المتباينة ، فى الحوار بين الأشخاص ، فى حركتهم ، وفى التعبير عن الجماعات وعن صراع الطبقات وعن سلوك البشر فى الحياة العامة فى كل مداراتها .. هذا هو المسرح ، وهذا ما عناه سيد درويش ، وما كان ليقتطع جزءا من نسيج متكامل ليتغنى به فى جلسة خاصة ، فالرجل يعى رسالته تماما وما كان ليعبث بها بنفسه

والقول بأن العصر قد تغير هو قول مغلوط لا ينم إلا عن الجهل التام والعمى المطلق ، ذلك بأن مجتمعاتنا العربية ما زالت تعانى من نفس الأمراض الاجتماعية التى حاربها سيد درويش ، الفقر والجهل والمرض ثالوث مزمن أصاب الناس فى مقـتل ، وحريات مفقودة يتنافـس على سـلبها الحكام وهواة التعصب والهيمنة ، وأفكار هدامة تدعو للتخلف وتصيب الناس بالعـته ، وتسيب أخلاقى ينتشر بين الشباب ، وفساد اقتصادى وسياسى ، والقائمة طويلة .. ، وهكذا ليست الدعوة لفن سيد درويش هى دعوة لشخص نريد أن نمجده ، فالمجد لله وحده ، ولا للنغم لأنه نغم ، لكنه رمز لما يجب أن يكون عليه فـننا ، يجب أن يحمل رسالته السامية من جديد وينفض عنه تراب الركود ويزيل وحل التلهى ، وينطلق بالتعبير الصادق إلى آفاق مستقبل أفضل ، فليت المدارس والمعاهد تعلم شيئا وليت المسارح تكف عن هز الوسط وليت السينما تمتنع عن الأفلام المشينة والتليفزيون والفضائيات العربية تتوقف عن بث الرذيلة ، إن استمرار هذه الاتجاهات سيقضى على الفنون حتما ، وأمة بلا فن هى أمة عمياء لا ترى نفسها إلا أحسن الأمم مهما بلغت من تخلف!

ونتساءل ألم يحن الوقت لفك أسـر موسيقى هذا الفنان؟! أم أن القيود التى فرضت على نشر فنه أيام الملكية والاحتلال لا تزال تتمتع بأسباب وجيهة للبقاء!
رد مع اقتباس