عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 12/02/2007, 04h35
MOHAMED ALY MOHAMED ALY غير متصل  
قـناديلى ـ رحمة الله عليه
رقم العضوية:700
 
تاريخ التسجيل: mars 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 69
المشاركات: 839
افتراضي 13 -- كامل الشناوى

13 - كامل الشناوى

في عام 1964غنت سيدة القصيدة العربية رائعة كامل الشناوي "على باب مصر".. والتي تعد من القصائد الوطنية الجميلة.. التي تحمل في كلماتها معاني عظيمة وسامية.. تستحق التأمل والدراسة.. وتقول كلمات هذه القصيدة:
على باب مصر تدق الأكف

ويعلو الضجيج
رياح تثور جبال تدور

بحار تهيج
وكل تساؤل في دهشة

وكل تساؤل في لهفة
أين.. ومن.. وكيف.. إذن
أمعجزة مالها من أنبياء
أدورة أرض بغير فضاء
وتمض المواكب بالقادمين

من كل لون وكل مجال
فمن عصر مينا إلى عصر عمرو
ومن عصر عمرو لعصر جمال
وكيف تحقق ما كان وهما
ومن ذا الذي يا ترى حققه
وكيف تحرر من أسره
سجين الزمان من أطلقه
لقد شاد بالأمس أهرام
بأيد مسخرة موثقة
هاهو يبني بحرية
دعائم آماله المشرقة
بسد منيع عجيب البناء
يبث الرخاء ويوحي الثقة
فأرزاق أبنائه حرة
وحرية آرائه المطلقة
وليس لهم سيد أو مسود
فكل سواء بلا تفرقة
أمعجزة مالها من أنبياء
أدورة أرض بغير فضاء
وصاح من الشعب صوت طليق
قوى أبي عميق عريق
يقول أنا الشعب والمعجزة
أنا الشعب لا شيء قد أعجزه
وكل الذي قاله أنجزه
فمن أرضي الحرة الصامدة
صنعت حضارتنا الخالدة
أنا الشعب لا أعرف المستحيل
ولا أرتضي بالخلود بديلا
بلادي مفتوحة كالسماء
تضم العديد وتمحو الدخيلا
أنا الشعب.. شعب العلا والنضال
أحب السلام أخوض القتال
ومني الحقيقة ومني الخيال
وعندي الجمال وعندي جمال

وواضح من خلال قراءة متأنية لهذه القصيدة أن كامل الشناوي قد كتبها في ظروف سياسية معينة .
و قد تغنت أم كلثوم تغنت بهذه القصيدة قبل رحيل شاعرنا بأقل من عام واحد .
وبالرجوع إلى الديوان الوحيد الذي نشر به كامل الشناوي كل قصائده العاطفية وغير العاطفية والذي صدر تحت عنوان "لا تكذبى".. عثرنا على هذه القصيدة بعنوان "أنا الشعب".. وليس بالعنوان الذي اختارته أم كلثوم وهو "على باب مصر".. كذلك لاحظنا وجود تغييرات جوهرية كثيرة أدخلتها أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب على هذه القصيدة.. سواء من حيث الحذف أو التعديل والتبديل.. ويتضح ذلك مما يأتي:
فقد بدلت أم كلثوم مكان كلمتي "جبال تدور" حيث وضعتها في مكان كلمتي "رياح تثور" . إذ اختار الشاعر الكلمتين الأولى حيث افتتح بهما شطر بيته الأول.. بينما عكستهما أم كلثوم حين غنت القصيدة . بل استغنت أم كلثوم عن بعض الأبيات التي قال فيها كامل الشناوي بعد البيتين الأول والثاني:
وتصغى وتصغى
فتسمع بين الضجيج سؤالاً وأي سؤال
وتسمع همهمة كالجواب وتسمع هممة كالسؤال

كذلك غيرت في البيت الذي قالت فيه:
وكل تساؤل في دهشة وكل تساؤل في لهفة
أين ومن وكيف إذن

كما حذفت أم كلثوم أبيات أخرى من هذه القصيدة - وهي التي قال فيها الشاعر:
نعم.. كيف أصبح هذا الجلال
بأقصى مداه
حقيقة شعب
غزاة الطغاة وأي طغاه
هذا عن المقطع الأول مما غنته أم كلثوم.. سواء بعد الحذف أو قبله - أما بالنسبة للمقطع الثاني.. فقد استغنت فيه أم كلثوم كذلك عن أبيات بعينها.. كتبها كامل الشناوي وهي التي يقول فيها:
وجاء الغزاة - جميع الغزاة
فأبدوا خشوعاً وأحنوا الجباه
وتلمع بين الجموع وجوها
يرف عليها حنان الإله
ففيها المفكر والعبقري
وفيها التقاة وفيها الهداة
فموسى تشق عصاه الزحام
وذلك عيسى عليه السلام
وهذا محمد خير الأنام

أمعجزة مالها أنبياء
أدورة أرض بغير فضاء

ثم عادت أم كلثوم لتصل ما انقطع من كلمات كامل الشناوي فيما شدت به.. عندما بدأت هذا المقطع بقولها :
وكيف تحقق ما كان وهماً
ومن ذا الذي يا ترى حققه
مع أنها أغفلت من وسط هذه الأبيات وفق التسلسل الذي اختاره الشاعر بيت قال فيه :
على ظهره بصمات السياط
وأحشاؤه بالطوى مرهقة

كما استبدلت كلمة "بنيت".. في البيت الذي تقول فيه:
فمن أرضي الحرة الصامدة
صنعت حضارتنا الخالدة
واختارت بدلا من هذه الكلمة ...كلمة " صنعت" . كما هو مبين في البيت السابق وحتى في هذا المقطع استغنت عن بيتي هما اللذات قال فيها كامل الشناوي:
أنا الشعب، شعب الذرى والقمم
زرعت النخيل، صنعت الهرم
رفعت المآذن فوق القباب
بنيت المداخن تعلو السحاب

وكامل الشناوي صاحب هذه القصيدة.. هو بالفعل حدوته مصرية بانت ملامحها واضحة في عدة مجالات سواء أدبية أو صحفية أو فكرية وكانت نشأته الدينية الأولى لا شك وراء كل ذلك. إذ أراد والده بعدما ألحقه بالأزهر أن يسير على دربه حتى يصبح مثله قاضيا شرعياً.. ولكن خاب ظن ذلك الوالد.. فقد تحول كامل الشناوي من الزي الأزهري إلى زي آخر تماماً.. قذف به في قلب شارع عماد الدين ومن بعده إلى شارع الصحافة ولكن لمحات سريعة عن حياة هذا الشاعر العبقري.. وقد حفلت بها كتب كثيرة.
ومما كتب في هذا الشأن قول المؤرخ لمعي المطيعي في سلسلة مقالاته الرائعة "هذا الرجل من مصر".. هو مصطفى كامل الشناوي بن سيد سيد أحمد الشناوي. ولد في يوم الأثنين 7ديسمبر عام 1908في قرية "نوسة البحر" مركز آجا بالدقهلية.. جاء مولده عقب رحيل الزعيم مصطفى كامل فأسماه والده مصطفى كامل. كان بدينا ولم تكن بدانته مصدر تعاسة له وإنما استطاع أن يجعلها مصدراً للمرح. ولما كان والده قاضيا شرعياً لمحكمة مركز "اجا" أدخل ابنه كامل الأزهر، لكنه لم يستمر فيه سوى خمس سنوات، اتجه بعدها إلى دار الكتب يجعل منها جامعة له يطالع فيها مختلف فروع المعرفة. ولما كان يجيد اللغة العربية عمل مصححاً في عدة جرائد بدءاً من عام
1930.ثم عمل محرراً بجريدة الأهرام في عام , 1935.وكان آنذاك يكتب في صحف الاثنين والمصدر وآخر ساعة إلى أن رأس تحريرها في عام ,
1943.كذلك انتخب عضوا في مجلس النواب عام , 1945.وانتقل إلى أخبار اليوم في عام 1945ومنها إلى الجريدة المسائية في عام , 1949.ثم عاد إلى جريدة الأهرام رئيسا لقسم الأخبار في عام 1950.كما تولى رئاسة تحرير جريدتي الجمهورية والأخبار.
وتوفى في يوم الثلاثاء 30نوفمبر في عام 1965.اشتهر بين زملائه بأنه كان آخر ظرفاء عصره لتميزه بالنكتة الضاحكة والقفشات والمقالب الصحفية.
رد مع اقتباس