لا يختلف اثنان على ان الفنان يحيى حمدي هو أحد عمالقة الأغنية البغدادية. وعندما أذكر يحيى حمدي يخطر فوراً على بالي اسمين لامعين آخرين هما محمد كريم و محمد عبد المحسن. و لا ادري لماذا تذكرني هذه الأسماء الثلاثة بعضها بالبعض الاخر . عندما جئت الى فرنسا بحثت عن أغاني هؤلاء العمالقة الثلاثة دون ان اجدها ، وكم تألمت عندما يجيبني البعض بأنه لم يسمع بهذه الأسماء من قبل. قبل 8 سنوات حصلت على كاسيت من سوريا فيه منوعات عراقيه كان من ضمنها أغنية " زعلانه و انتِ المنى" . و تمكنت حديثاً الحصول على قسم من أغاني يحيى حمدي بفضل الأعضاء الأحباء الذين رفعوا ما لديهم من نوادر الى منتدانا الحبيب سماعي و في مقدمتهم الأستاذ العزيز نور عسكر.
أغنية "زعلانة وانتِ المنى" هي من اجمل أغاني الفنان و من اقرب الأغاني الى قلبي و أعتدت أن أدندن بها باستمرار. . في البيت ..في الشارع و في العمل. و هناك شيئ لا أدرك سره يحدث لي كلما تُقَدَمْ لي للتعريف بنت أو امرأءة تدعى "منى" اذ ابادربغناء المقطع الأول من الأغنية و مهما كانت الظروف. اتذكر في احدا المرات جاءت احدا زميلات العمل و هي فرنسية و قدمت لي طالبة دكتوراة عربية تدعى "منى" و سألتني ان كان و قتي يسمح في ان استقبلها للتدرب في مختبري لمدة اسبوع و أبلغتني أنها تعلم بأن وقتي محدود و انني نادراً ما أوافق على مثل هذه الطلبات و انها مضطرة لذلك لأن الطالبة على وشك انهاء دراستها و ثم العودة الى بلدها لفتح مختبر صغير مشابه لمختبرنا. فأجبتها سأغني في البدءأغنية عراقية مشهورة تحمل اسم "منى" . و وسط تعجب زميلتي اخذت أغني المقطع الأول من الأغنية. فسألتني عن معنى الكلمات فشرحتها. العجيب ان الناس هنا يصابون بالعجب و الإعجاب عندما اشرح لهم كلمات الأغاني العراقية العميقة.
الحب في الأغنية العربية و خاصة العراقية ليس له مثيل. فالمفردات التي تدخل في الأغنية قوية و عميقة و دقيقة و لها مدلولات ومعاني مباشرة او غير مباشرة تغوص في قعر القلب و تاموره. أغنية عن الحاجب او الرمش و حركاتهما أو اشاراتهما وغمزاتهما و اغنية اخرى عن العين و لونها و وميضها وما حدث لها من حزن و الم و دمع و بكاء و جفاف الغدة الدمعية بسبب عذاب الحب بكلمات و أوصاف رائعة جداً ، وأغنية تتكلم عن حبيبة اسمها "منى" و هذه الحبيبة هي الحياة فان زعلت فان السعادة و الهناء غائبتين و ان رضيت فان ابواب البهجة و الخير تتفتح..وهكذا. الناس هنا يتعجبون للمعاني العميقة لمثل هذه الأغاني البغدادية خاصة و انهم يعلمون ان المجتمعات العربية هي على العموم محافظة ، ولكنهم لا يعلمون ان هذا لا يمنع الأبداع في الشعر أو الأغنية العراقية التي هي في نظري المتنفس الأفضل و ربما الوحيد في هذا المضمار.
اعود الان الى مطربنا الكبير يحيى حمدي لأقدم لكم تسعة أغاني منها ثلاثة مكررة . الأغاني الثلاثة المكررة مرفوعة سابقاً من قبل أخي العزيز نور عسكر ولكن بصوت واطئ جداً. انا اعلم أن جهاز تحويل الكاسيتات لدى الأخ نور عسكر مثله مثل جهازي غير قادرعلى التحكم بالصوت ان كان الصوت بالاساس منخفضاً. أترك للأستاذ وسام الشالجي القرار في ابقاء ملفاتي الثلاثه المذكورة او حذفها.
اتمنى لكم سماعاً طيباً.