عرض مشاركة واحدة
  #37  
قديم 09/05/2009, 18h03
MOHAMED ALY MOHAMED ALY غير متصل  
قـناديلى ـ رحمة الله عليه
رقم العضوية:700
 
تاريخ التسجيل: mars 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
العمر: 69
المشاركات: 839
افتراضي رد: تاريخ ومقامات ومؤلفين وملحنين اغانى ام كلثوم

23 -- صلاح جاهين

شاعر الوطنية والثورة!
أثبتت الوقائع والأحداث.. أن شاعرنا صلاح جاهين و الذي اشتهر بكونه رسام كاريكاتير و ممثلاً أكثر من كونه شاعراً، يعتبر من شعراء المناسبات الوطنية.. سواء بالنسبة لأم كلثوم أو بالنسبة لزميلها عبدالحليم حافظ..
و لقد تأثر صلاح جاهين كثيراً بفترة يوليو عام , 1952.و كذلك ما تلتها من أحداث سياسية و عسكرية ساخنة امتدت حتى عام 1956 .
كما أن صلاح جاهين و كلماته الوطنية الحماسية، قد صادفت هوى في نفس سيدة القصيدة العربية التي كانت تبحث في فترة الخمسينيات خاصة بعد يوليو!، عن طوق نجاة يسعفها من الغرق في بحر النسيان، خاصة بعدما ظهرت من نوايا بعض رموز العهد السياسي الجديد باعتبارها من مخلفات العصر الملكي الواجب التخلص منه، و بذلك انضم صلاح جاهين إلى زميله بيرم التونسي في حمل لواء الدعوة و الدعاية لنظام الثورة، و تأكيد ذاتية و وجود أم كلثوم داخل الأحداث الجديدة .
و هذا ليس معناه انتقاص من شاعرية صلاح جاهين.. بل بالعكس فقد ظهرت تلك المقدرة على صياغة كلمات شعبية خفيفة.. عبرت في حينها عما كان يعانيه الناس في الشوارع.. خاصة عن الطبقات الفقيرة و المتواضعة .
و إذا كان بيرم التونسي قد ابتكر فكرة الاحتفال بأسماء الرؤساء و الزعماء في أغنيات المطربين.. و أولهم أم كلثوم.. فإن الفضل في استمرارية هذا النهج يرجع أساساً إلى عبقرية صلاح جاهين، و امتلاكه ناصية الكلمات الوطنية و الحماسية شديدة التأثير على الجماهير .
و لسوف يتأكد هذا المعنى في النفوس و في العقول المتابعة لنا عبر هذه الأوراق، عندما نتوقف سوياً أمام هذه المحطات الوطنية التي الهبت خيال صلاح جاهين و أخرجت من داخله هذه المعاني الوطنية و الحماسية غير المسبوقة .
و كما هو واضح من خلال كلمات صلاح جاهين.. فإنه كان يتقن دغدغة المشاعر و الأحاسيس.. خاصة في المناسبات الوطنية و الحاسمة.. و قد برز دورة فنياً و أدبياً في مرحلة من أخطر مراحل ثورة يوليو.. بل و مصر كلها عندما تعرضت البلاد لغزو عسكري ثلاثي في عام ,
1956.و لم يتوقف كفاحه بالكلمات عند حدود حنجرة أم كلثوم.. بل شارك هو و زميله الملحن كمال الطويل في بعث صوت وطني جديد هو المطرب عبدالحليم حافظ الذي كان هو الآخر و في الفترة نفسها يبحث عن مكان أو مكانة فنية تساهم في تثبيت وجوده داخل دائرة الفن .
و جاء موعد أول تعامل فني لأم كلثوم مع صلاح جاهين.. حين طلبت أن تغنى له نشيد "والله زمان يا سلاحي" و الذي وضع ألحانه كمال الطويل، و هو النشيد الذي غنته سيدة القصيدة العربية في يوليو عام , 1956.ثم سجلته على اسطوانة صوت القاهرة كما اتخذت منه الثورة نشيداً وطنياً لمصر خلال الفترة نفسها، و لقد ظل هذا النشيد قابعاً فوق شفاة كل المصريين سواء في المناسبات أو في غير المناسبات حتى مشارف عام , 1971.حين تم تغييره بنشيد وطني آخر هو "بلادي.. بلادي" .
و في نفس توقيت اختيار أم كلثوم لكلمات النشيد الأول لصلاح جاهين كلفت الموسيقار رياض السنباطي لكي يلحن لها نشيد "الله معك" من تأليف صلاح جاهين أيضا، و كان مواكبا تقريبا لنفس أحداث عام 1956و صاحبها من اعتداءات على مصر في ذلك الوقت، هذا النشيد غنته أم كلثوم في عام 1956و كذلك سجلته على اسطوانة صوت القاهرة في التوقيت نفسه.
و تقول كلمات هذا النشيد:
راجعين بقوة السلاح
راجعين نحرر الحمى
راجعين لما رجع الصباح
من بعد ليلة مظلمة
حبيس العروبة يا بطل الله معك
ما أعظمك ما أروعك ما أشجعك
مأساة فلسطين تدفعك نحو الحدود
حول لها الآلام بارود في مدفعك
و تأثراً بأحداث تأميم قناة السويس و نجاح المصريين في إدارة القناة بعد انسحاب الموظفين الأجانب.. انفعل صلاح جاهين بهذا الحدث الهام فكتب أغنية أسمها "زفة" وغنتها أم كلثوم في عام 1957تحت عنوان "محلاك يا مصري" ..
و عن انفعال صلاح جاهين بهذا الحدث الوطني كتب الأديب أحمد زيادة يقول: " و بعد هذا التغني بعظمة المصريين، و مباهاة الأجانب بهم، يتحول الغناء للرجال السمر الشاربين من النيل الذين جاهدوا حتى ظفروا بالنصر، و فرضوا صورة مصر على أحداث الدنيا و أجبروا كل البشر على تحيتهم في أي ميناء، و تستلهم الفرحة أحداث الماضي و ما يحمله من جراح لم يمسحها إلا النصر، و يمكن المصريين من حقهم في إدارة شريان الحياة بين السويس و بور سعيد، و استقبالهم لكل العابرين من شرق الدنيا وغربها.، هذه الزفة و عندما عزمت سيدة القصيدة العربية على التغني بهذه الأغنية كلفت الموسيقار محمد الموجي لكي يضع لحنا مناسباً لها.. و خرجت الأغنية معبرة في وقتها، عن فرحة شعبية غامرة.. بسبب رحيل الأجانب ونجاح المصريين في إدارة قناة السويس.
وتقول كلمات هذه الأغنية:
محلاك يا مصري و أنت ع الدفة
و النصرة عاملة لي القنال زفة
يا أهل مصر تعالوا ع الضفة
شاوروا لهم و غنوا لهم و قولوا لهم
ريسنا قال ما فيش محال
راح الدخيل و ابن البلد كفى
حيوا الرجال السمر فوق السفينة
حيوا اللي جاهدوا عشان يفرح وادينا
يا أهل مصر تعالوا ع الضفة
شاوروا لهم و غنوا لهم و قولوا لهم
ريسنا قال ما فيش محال
راح الدخيل وابن البلد كفى
أنا قلبي فاكر لسه مين اللي جرحه
و لولا يوم النصر ما أتلم جرحه
شفت القنال في أيدين رجال من بلادي
رفرف عليهم قلبي من كتر فرحة
يا أهل مصر تعالوا ع الضفة
شاوروا لهم و غنوا لهم و قولوا لهم
ريسنا قال ما فيش محال
راح الدخيل وابن البلد كفى
حبايبنا شرق و غرب جايين بلادنا
و الورد والياسمين هدية ولادنا
و نسيمنا بالأحضان مقابل راياتهم
و قنالنا تحكي لهم حكاية جهادنا
يا أهل مصر تعالوا ع الضفة
شاوروا لهم و غنوا لهم و قولوا لهم
ريسنا قال ما فيش محال
راح الدخيل وابن البلد كفى
و بالرجوع إلى ديوان صلاح جاهين الذي نشر به هذه الأغنية تبين وجود عدة تغيرات أدخلتها أم كلثوم و الملحن محمد الموجي على كلمات هذه الأغنية و من أهم التغيرات.. أن أم كلثوم اختارت كلمة يا أهل مصر" - في البيت الذي قالت فيه:
يا أهل مصر تعالوا على الضفة
شاوروا لهم و غنوا لهم و قولوا لهم
و ذلك بدلاً من كلمتي "يا ولاد بلدنا" ..التي كان قد كتبها صلاح جاهين في الأغنية نفسها. كما أسقطت أم كلثوم من هذه الأغنية بيت قال فيه صلاح جاهين:
نظرت لنا الدنيا و شافت عملهم
مدحت بكل لسان على كل مينا

و في البيت الذي قالت فيه أم كلثوم:
حبايبنا شرق و غرب جايين بلادنا
و الورد و الياسمين هدية ولادنا
غيرت فيه كلمة "هدية ولادنا" بدلاً من كلمة "هدية بلادنا" .
و الشاعر صلاح جاهين وكما سبق القول.. هو مجموعة مواهب كانت تتحرك فوق الأرض.. و تسير حيث كان يمشي.. و يكفينا هنا أن نسوق للتدليل على ذلك ما قاله الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب حين عرف برحيل صلاح جاهين - حيث قال : "لم نفقد صلاح جاهين، بل فقدنا بموته.، فناناً، و منهم الرسام و الشاعر و الساخر و الزجال و القصاص و الممثل و السينارست" .
ولد صلاح جاهين في 25ديسمبر من عام 1930في محافظة سوهاج، و تلقى علوم الابتدائية في مدرسة أسيوط ثم درس في قنا، قبل أن يتوجه بشكل نهائي إلى الرسم و الشعر، و صلاح جاهين اسمه محمد صلاح الدين حلمي الشهير بصلاح جاهين، و قد اختار اسم جاهين لأنه اسم جد من أجداده، و هو حفيد الصحفي الثائر أحمد حلمي.
و عندما انتهى صلاح جاهين من دراسته الثانوية ألحقه والده بكلية الحقوق لكي يتخرج ليعمل في سلك القضاء مثل والده المستشار بمحكمة الاستئناف، إلا أن صلاح جاهين لم يطق دراسة القانون فالتحق بالقسم الحر بكلية الفنون الجميلة، و مع ضغط الأسرة عاد صلاح من جديد إلى كلية الحقوق ليرضي رغبة والده، و فيها وصل إلى السنة الثالثة، و مع ذلك تركها ليعود من جديد إلى كلية الفنون الجميلة.
و اشتغل بالرسم في الصحف و المجلات ثم سافر إلى السعودية و عمل هناك في جريدة الرياض ثم عاد إلى القاهرة ليعمل رساماً للكاريكاتير في مجلة القاهرة، و كانت هذه الخطوة بداية تعامله مع الصحافة سواء على مستوى فن الكاريكاتير أو فن الشعر و الزجل. بدأ مشوار صلاح جاهين مع الشعر في عام 1955بقصيدة نشرها بعنوان "الشاي واللبن" . ثم واصل رحلته الشعرية التي أثمرت عن ستة دواوين، كان أخرها الرباعيات، و شارك صلاح جاهين إلى جانب ذلك في كتابة عشرات الأغنيات خاصة الوطنية لكبار المطربين المصريين بخلاف أم كلثوم.
كما ساهم في كتابة سيناريوهات أربعة أفلام سينمائية و كذلك عدة مسرحيات و أوبريتات غنائية من أشهرها أوبريت "الليلة الكبيرة" .
و هو أول رسام يحصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في عام 1965، و قد ارتبط صلاح جاهين سواء في مجال الرسوم أو الأشعار بأحداث ثورة يوليو عام 1952، و ظل مرتبطاً بها و بزعيمها حتى وقوع نكسة عام 1967، هذه النكسةالتي أثرت على حياته و أصابته بنوع من الاكتئاب الذي جر عليه هموم الأمراض و التي كان أخرها انسداد في شرايين القلب تفى في عام , 1986. عن عمر يناهز السادسة والخمسين.
رد مع اقتباس